‹ صفحه 278 ›

624 - مطرف بن عبد الله بن الشخير : صليت أنا وعمران بن حصين بالكوفة خلف علي ابن أبي طالب ، فكبر بنا هذا التكبير حين يركع وحين يسجد ، فكبره كله ، فلما انصرفنا قال لي عمران : ما صليت منذ حين - أو قال : منذ كذا وكذا - أشبه بصلاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من هذه الصلاة ، يعني صلاة علي ( عليه السلام ) ( 1 ) .

625 - الإمام علي ( عليه السلام ) - إنه كان في حرب صفين مشتغلا بالحرب والقتال وهو مع ذلك بين الصفين يرقب الشمس ، فقال له ابن عباس : يا أمير المؤمنين ما هذا الفعل ؟ - : أنظر إلى الزوال حتى نصلي ، فقال له ابن عباس : وهل هذا وقت صلاة ؟ ! إن عندنا لشغلا بالقتال عن الصلاة ! فقال ( عليه السلام ) : على ما نقاتلهم ؟ ! إنما نقاتلهم على الصلاة ( 2 ) .

626 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان علي ( عليه السلام ) يركع فيسيل عرقه حتى يطأ في عرقه من طول قيامه ( 3 ) .

627 - روي أنه كان علي ( عليه السلام ) إذا حضره وقت الصلاة تلون وتزلزل ، فقيل له : ما لك ؟ فيقول : جاء وقت أمانة عرضها الله تعالى على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الانسان ، في ضعفي ، فلا أدري أحسن إذا ما حملت أم لا ( 4 ) .

628 - رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أما ابنتي فاطمة . . . قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله ، ظهر نورها لملائكة السماء كما يظهر نور الكواكب لأهل الأرض ، ويقول الله

----------
( 1 ) مسند ابن حنبل : 7 / 200 / 19881 .
( 2 ) إرشاد القلوب : 217 .
( 3 ) فلاح السائل : 109 عن أبي الصباح .
( 4 ) المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 124 ، وراجع عوالي اللآلي : 1 / 324 / 63 ، إحقاق الحق : 18 / 4 نقلا عن تنبيه الغافلين .
‹ صفحه 279 ›

عز وجل لملائكته : يا ملائكتي ، انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ( 1 ) .

 629 - ابن فهد الحلي : كانت فاطمة ( عليها السلام ) تنهج في الصلاة من خيفة الله تعالى ( 2 ) .

630 - الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : إن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم ، وكان إذا حج حج ماشيا وربما مشى حافيا ، وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها ، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل ، وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، ويسأل الله الجنة ويعوذ به من النار ، وكان ( عليه السلام ) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل : * ( يا أيها الذين آمنوا ) * إلا قال : لبيك اللهم لبيك . ولم ير في شئ من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه ( 3 ) .

631 - عنه ( عليه السلام ) : كان الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) يصلي ، فمر بين يديه رجل فنهاه بعض جلسائه ، فلما انصرف من صلاته قال له : لم نهيت الرجل ؟ قال : يا بن رسول الله ، حظر ( 4 ) فيما بينك وبين المحراب ، فقال : ويحك ! إن الله عز وجل أقرب إلي من أن يحظر فيما بيني وبينه أحد ( 5 ) .

632 - السبزواري : كان الحسين بن علي ( عليهما السلام ) إذا توضأ تغير لونه وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك ، فقال : حق لمن وقف بين يدي الله الملك الجبار أن يصفر لونه

----------
( 1 ) أمالي الصدوق : 100 / 2 ، الفضائل لشاذان بن جبرئيل : 8 كلاهما عن ابن عباس .
( 2 ) عدة الداعي : 139 .
( 3 ) أمالي الصدوق : 150 / 8 ، فلاح السائل : 268 ، عدة الداعي : 123 إلى قوله " من النار " كلها عن المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) .
( 4 ) الحظر : المنع ( مجمع البحرين : 1 / 424 ) .
( 5 ) التوحيد : 184 / 22 عن منيف عن الإمام الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) .
‹ صفحه 280 ›

وترتعد مفاصله ( 1 ) .

633 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : كان أبي علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إذا حضرت الصلاة يقشعر جلده ، ويصفر لونه ، وترتعد فرائصه ( 2 ) ، ويقف شعره ، ويقول ودموعه تجري على خديه : لو علم العبد من يناجي ما انفتل ( 3 ) ( 4 ) .

634 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إذا توضأ اصفر لونه ، فقيل له : ما هذا الذي يغشاك ؟ فقال : أتدري لمن أتأهب للقيام بين يديه ؟ ( 5 ) .

635 - عنه ( عليه السلام ) : كان أبي ( عليه السلام ) يقول : كان علي بن الحسين صلوات الله عليهما إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة ، لا يتحرك منه شئ إلا ما حركه الريح منه ( 6 ) .

636 - أبان بن تغلب : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إني رأيت علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إذا قام في الصلاة غشي لونه لون آخر ، فقال لي : والله إن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) كان يعرف الذي يقوم بين يديه ( 7 ) .

637 - أبو أيوب : كان أبو جعفر وأبو عبد الله ( عليهما السلام ) إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما حمرة

----------
  ( 1 ) جامع الأخبار : 166 / 397 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 14 نحوه عن الفتال وفيه " الحسن بن علي كان إذا توضأ . . . " .
( 2 ) الفريصة : لحمة عند نغض الكتف في وسط الجنب عند منبض القلب ، وهما فريصتان ترتعدان عند الفزع . ( لسان العرب : 7 / 64 ) .
( 3 ) انفتل فلان عن صلاته أي انصرف ، ولفت فلانا عن رأيه وفتله أي صرفه ولواه ، وفتله عن وجهه فانفتل أي صرفه فانصرف . ( لسان العرب : 11 / 514 ) .
( 4 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي : 2 / 124 عن حنان بن سدير عن أبيه .
( 5 ) إعلام الورى : 255 عن سعيد بن كلثوم ، الإرشاد : 2 / 143 ، كشف الغمة : 2 / 298 كلاهما عن عبد الله بن محمد القرشي ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 148 ، مكارم الأخلاق : 2 / 97 / 2277 .
( 6 ) الكافي : 3 / 300 / 4 ، فلاح السائل : 161 كلاهما عن جهم بن حميد .
( 7 ) علل الشرائع : 231 / 7 ، وراجع الخصال : 517 / 4 .
ومرة صفرة ، وكأنما يناجيان شيئا يريانه ( 1 ) .

638 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : لقد صلى أبو جعفر ( عليه السلام ) ذات يوم فوقع على رأسه شئ ، فلم ينزعه من رأسه حتى قام إليه جعفر فنزعه من رأسه ، تعظيما لله وإقبالا على صلاته ، وهو قول الله : * ( أقم وجهك للدين حنيفا ) * ( 2 ) ( 3 ) .

 639 - السيد ابن طاووس : روي أن مولانا جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) - كان يتلو القرآن في صلاته فغشي عليه فلما أفاق - سئل : ما الذي أوجب ما انتهت حالك إليه ؟ فقال ما معناه : ما زلت أكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال كأنني سمعت مشافهة ممن أنزلها على المكاشفة والعيان ، فلم تقم القوة البشرية بمكاشفة الجلالة الإلهية ( 4 ) .

 ( 4 / 4 )

 صلاتهم بالليل

 640 - الإمام الباقر والإمام الصادق ( عليهما السلام ) - في قوله تعالى : * ( ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) * ( 5 ) - : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يقوم من الليل ثلاث مرات ، فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس من آل عمران ، التي آخرها : * ( إنك لا تخلف الميعاد ) * ( 6 ) ، ثم يفتتح صلاة الليل ( 7 ) .

----------
( 1 ) فلاح السائل : 161 ، دعائم الاسلام : 1 / 159 .
( 2 ) يونس : 105 .
( 3 ) الأصول الستة عشر " أصل جعفر بن محمد الحضرمي " : 70 عن جابر .
( 4 ) فلاح السائل : 107 .
( 5 ) الطور : 49 .
( 6 ) آل عمران : 194 .
( 7 ) مجمع البيان : 9 / 257 عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عوالي اللآلي : 2 / 26 / 62 .
‹ صفحه 282 ›

641 - عائشة : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان ينام أول الليل ويحيي آخره ( 1 ) .

642 - عائشة : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان لا يدع قيام الليل ، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا ( 2 ) .

643 - ابن عباس : ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله ) قيام الليل وفاضت عيناه ، فقرأ : * ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) * ( 3 ) ( 4 ) .

644 - عبد الله بن عباس : بت ليلة عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) فلما استيقظ من منامه أتى طهوره فأخذ سواكه فاستاك ، ثم تلا هذه الآيات : * ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) * ( 5 ) حتى قارب أن يختم السورة أو ختمها ، ثم توضأ فأتى مصلاه فصلى ركعتين ، ثم رجع إلى فراشه فنام ما شاء الله ، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك ، ثم رجع إلى فراشه فنام ، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك ، ثم رجع إلى فراشه فنام ، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك ، كل ذلك يستاك ويصلي ركعتين ، ثم أوتر ( 6 ) .

645 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) - وذكر صلاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) - : كان يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه ، ويوضع سواكه تحت فراشه ثم ينام ما شاء الله ، فإذا استيقظ جلس ، ثم قلب بصره في السماء ، ثم تلا الآيات من آل عمران : * ( إن في خلق السماوات

----------
( 1 ) صحيح مسلم : 1 / 510 / 739 ، سنن النسائي : 3 / 218 ، سنن ابن ماجة : 1 / 434 / 1365 .
( 2 ) سنن أبي داود : 2 / 32 / 1307 ، مسند ابن حنبل : 10 / 98 / 26174 ، السنن الكبرى : 3 / 21 / 4722 عن عبد الله بن أبي موسى النصري .
( 3 ) السجدة : 16 .
( 4 ) حلية الأولياء : 5 / 87 ، تفسير الطبري : 11 / الجزء 21 / 103 وزاد فيه " ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه " عن مجاهد مرسلا .
( 5 ) آل عمران : 190 .
( 6 ) سنن أبي داود : 1 / 15 / 58 ، وراجع مسند ابن حنبل : 1 / 798 / 3541 .
‹ صفحه 283 ›

والأرض واختلاف الليل والنهار . . . ) * ، ثم يستن ويتطهر ، ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءته ركوعه ، وسجوده على قدر ركوعه .

 يركع حتى يقال متى يرفع رأسه ؟ ! ويسجد حتى يقال متى يرفع رأسه ؟ ! ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ، ثم يستيقظ فيجلس ، فيتلو الآيات من آل عمران ، ويقلب بصره في السماء ، ثم يستن ويتطهر ، ويقوم إلى المسجد فيصلي أربع ركعات كما ركع قبل ذلك ، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء ، ثم يستن ويتطهر ، ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلي الركعتين ثم يخرج إلى الصلاة ( 1 ) .

646 - الإمام علي ( عليه السلام ) : ما تركت صلاة الليل منذ سمعت قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : صلاة الليل نور . فقال ابن الكواء : ولا ليلة الهرير ؟ قال : ولا ليلة الهرير ( 2 ) .

647 - كان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) سيد العابدين يقول : " العفو العفو " ثلاثمائة مرة في الوتر في السحر ( 3 ) .

648 - إبراهيم بن العباس : كان [ الرضا ] ( عليه السلام ) قليل النوم بالليل ، كثير السهر ( 4 ) .

649 - روي أن الإمام الهادي ( عليه السلام ) كان بالليل مقبلا على القبلة لا يفتر ساعة ، عليه جبة صوف ، وسجادته على حصير ( 5 ) .

( 4 / 5 )

 صومهم

 650 - حماد بن عثمان عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : سمعته يقول : صام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى قيل ما

----------
( 1 ) التهذيب : 2 / 334 / 1377 عن معاوية بن وهب .
( 2 ) المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 123 .
( 3 ) الفقيه : 1 / 489 / 1408 .
( 4 ) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 184 / 7 ، إعلام الورى : 314 .
( 5 ) الخرائج والجرائح : 2 / 901 .
‹ صفحه 284 ›

يفطر ، ثم أفطر حتى قيل ما يصوم ، ثم صام صوم داود ( عليه السلام ) يوما ويوما لا ( 1 ) ، ثم قبض على صيام ثلاثة أيام في الشهر ، قال : إنهن يعدلن صوم الشهر ويذهبن بوحر الصدر - والوحر : الوسوسة - .

قال حماد : فقلت : وأي الأيام هي ؟ قال ( عليه السلام ) : أول خميس في الشهر ، وأول أربعاء بعد العشر منه ، وآخر خميس فيه . فقلت : كيف صارت هذه الأيام التي تصام ؟ فقال ( عليه السلام ) : إن من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيام ، فصام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) هذه الأيام المخوفة ( 2 ) .

651 - أبو سلمة : سألت عائشة كيف كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يصوم ؟ فقالت : كان يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم . ولم أره في شهر أكثر صياما منه في شعبان ، كان يصوم شعبان كله إلا قليلا ، بل كان يصوم شعبان كله ( 3 ) .

652 - الإمام علي ( عليه السلام ) : حبب إلي الصوم بالصيف ( 4 ) .

653 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يدخل إلى أهله ويقول : عندكم شئ ؟ وإلا صمت ، فإن كان عندهم شئ أتوه به وإلا صام ( 5 ) .

654 - عنه ( عليه السلام ) : كان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاء وتطبخ ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح

----------
( 1 ) أي يوما يصوم ويوما لا يصوم ( مرآة العقول : 16 / 252 ) .
( 2 ) الكافي : 4 / 89 / 1 ، الفقيه : 2 / 82 / 1786 وليس فيه بعد " يوما " الثانية " لا " ولعله سقط ، التهذيب : 4 / 302 / 913 ، الاستبصار : 2 / 136 / 444 وفيهما " قال حماد : فقلت : ما الوحر ؟ قال : الوحر : الوسوسة " ، ثواب الأعمال : 105 / 6 ، الدروع الواقية : 55 .
( 3 ) مسند ابن حنبل : 9 / 474 / 25155 و : 515 / 25373 ، وراجع صحيح مسلم : 2 / 810 / 1156 ، مسند أبي يعلى : 4 / 339 / 4613 .
( 4 ) مستدرك الوسائل : 7 / 505 / 8758 نقلا عن لب اللباب للراوندي .
( 5 ) التهذيب : 4 / 188 / 531 ، عوالي اللآلي : 3 / 135 / 15 كلاهما عن هشام بن سالم .
‹ صفحه 285 ›

المرق وهو صائم ، ثم يقول : هاتوا القصاع ، أغرفوا لآل فلان وأغرفوا لآل فلان ، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاءه ، صلى الله عليه وعلى آبائه ( 1 ) .

655 - إبراهيم بن العباس : وكان [ الرضا ( عليه السلام ) ] كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر ، ويقول : ذلك صوم الدهر ( 2 ) .

656 - علي بن أبي حمزة : سألت مولاة لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) بعد موته فقلت : صفي لي أمور علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، فقالت : أطنب أو أختصر ؟ فقلت : بل اختصري ، قالت : ما أتيته بطعام نهارا قط ، ولا فرشت له فراشا بليل قط ( 3 ) .

 ( 4 / 6 )

 حجهم

657 - عبد الله بن عبيد بن عمير : لقد حج الحسن بن علي ( عليهما السلام ) خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وإن النجائب لتقاد معه ( 4 ) .

 658 - مصعب بن عبد الله : حج الحسين ( عليه السلام ) خمسا وعشرين حجة ماشيا ( 5 ) .

----------
( 1 ) الكافي : 4 / 68 / 3 ، المحاسن : 2 / 158 / 1432 كلاهما عن حمزة بن حمران .
( 2 ) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 184 / 7 ، إعلام الورى : 314 .
( 3 ) علل الشرائع : 232 / 9 ، الخصال : 518 / 4 عن حمران بن أعين عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 155 .
( 4 ) المستدرك على الصحيحين : 3 / 185 / 4788 ، تاريخ دمشق " ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) " : 142 / 236 ، السنن الكبرى : 4 / 542 / 8645 كلاهما عن عبد الله بن عباس ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 14 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) وليس فيه " وإن النجائب . . . " ، وراجع التهذيب : 5 / 11 / 29 و : 12 / 33 ، الاستبصار : 2 / 141 / 461 و : 142 / 465 ، علل الشرائع : 447 / 6 ، قرب الإسناد : 170 / 624 .
( 5 ) المعجم الكبير : 3 / 115 / 2844 .
659 - الزمخشري : رئي الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يطوف بالبيت ، ثم صار إلى المقام فصلى ، ثم وضع خده على المقام فجعل يبكي ويقول : عبيدك ببابك . . . سائلك ببابك مسكينك ببابك . يردد ذلك مرارا ( 1 ) .

660 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : كانت لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) ناقة حج عليها اثنتين وعشرين حجة ما قرعها قرعة قط . قال : فجاءت بعد موته وما شعرنا بها إلا وقد جاءني بعض خدمنا أو بعض الموالي ، فقال : إن الناقة قد خرجت فأتت قبر علي بن الحسين ( عليهما السلام ) فانبركت عليه فدلكت بجرانها القبر وهي ترغو فقلت : أدركوها وجيئوني بها قبل أن يعلموا بها أو يروها ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : وما كانت رأت القبر قط ( 2 ) .

661 - سفيان بن عيينة : حج علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، فلما أحرم واستوت به راحلته اصفر لونه وانتفض [ ووقع ] عليه الرعدة ولم يستطع أن يلبي ، فقيل له : ما لك لا تلبي ؟ فقال : أخشى أن أقول : لبيك فيقول : لا لبيك . فقيل له : لا بد من هذا . قال : فلما لبى غشي عليه وسقط من راحلته ، فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه ( 3 ) .

662 - أفلح مولى الإمام الباقر ( عليه السلام ) : خرجت مع مولاي حاجا ، فلما دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته ، فقلت : بأبي وأمي ، إن الناس ينظرون إليك فلو رفعت بصوتك قليلا ، فبكى وقال : ويحك ! لم لا أبكي ؟ ! لعل الله أن ينظر إلي برحمة منه ، فأفوز بها عنده . ثم طاف بالبيت وركع عند المقام ورفع رأسه

----------
( 1 ) ربيع الأبرار : 2 / 149 .
( 2 ) الكافي : 1 / 467 / 2 ، بصائر الدرجات : 353 / 15 ، الاختصاص : 300 كلها عن زرارة .
( 3 ) تاريخ دمشق " ترجمة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) " : 40 / 63 ، كفاية الطالب : 450 ، سير أعلام النبلاء : 4 / 392 ، تهذيب الكمال : 20 / 390 ، عوالي اللآلي : 4 / 35 / 121 .
‹ صفحه 287 ›

من سجوده ، فإذا موضعه مبتل من دموعه ( 1 ) .

663 - القاسم بن حسين النيسابوري : رأيت أبا جعفر ( عليه السلام ) عند ما وقف بالموقف مد يديه جميعا ، فما زالتا ممدودتين إلى أن أفاض ، فما رأيت أحدا أقدر على ذلك منه ( 2 ) .

664 - مالك بن أنس : كنت أدخل على الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) فيقدم لي مخدة ويعرف لي قدرا ويقول : يا مالك ، إني أحبك ، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه . وكان ( عليه السلام ) لا يخلو من إحدى ثلاث خصال : إما صائما وإما قائما وإما ذاكرا ، وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل ، وكان كثير الحديث ، طيب المجالسة ، كثير الفوائد ، فإذا قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اخضر مرة واصفر أخرى حتى ينكره من يعرفه .

ولقد حججت معه سنة ، فلما استوت به راحلته عند الإحرام كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد يخر من راحلته ، فقلت : قل يا بن رسول الله ، فلا بد لك من أن تقول . فقال ( عليه السلام ) : يا ابن أبي عامر ، كيف أجسر أن أقول : لبيك اللهم لبيك ، وأخشى أن يقول عز وجل [ لي ] : لا لبيك ولا سعديك ( 3 ) .

665 - علي بن مهزيار : رأيت أبا جعفر الثاني ( عليه السلام ) في سنة مائتين وخمس وعشرين ( 4 ) ودع البيت بعد ارتفاع الشمس ، وطاف بالبيت يستلم الركن اليماني في كل شوط ،

----------
( 1 ) تذكرة الخواص : 339 ، صفة الصفوة : 2 / 64 ، الفصول المهمة : 209 ، مطالب السؤول : 80 ، كشف الغمة : 2 / 360 ، نور الأبصار : 158 .
( 2 ) إقبال الأعمال : 2 / 73 .
( 3 ) الخصال : 167 / 219 ، علل الشرائع : 235 ، أمالي الصدوق : 143 / 3 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 275 من قوله " حججت مع الصادق ( عليه السلام ) " .
( 4 ) روى الشيخ في التهذيب هذا الخبر من الكافي وفي أكثر نسخه سنة خمس عشرة ومأتين وفي بعضها كما هنا وفي تلك النسخ زيادة بعد نقل الخبر ، وهي هذه : قال محمد بن الحسن مصنف هذا الكتاب : هذا غلط لأن أبا جعفر ( عليه السلام ) مات سنة عشرين ومأتين والصحيح أن يقول : خمس عشرة إنتهى ( مرآة العقول : 18 / 229 ) .
‹ صفحه 288 ›

فلما كان في الشوط السابع استلمه واستلم الحجر ومسح بيده ثم مسح وجهه بيده ، ثم أتى المقام فصلى خلفه ركعتين ، ثم خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم فالتزم البيت وكشف الثوب عن بطنه ثم وقف عليه طويلا يدعو ، ثم خرج من باب الحناطين وتوجه .

 قال : فرأيته في سنة سبع عشرة ومائتين ودع البيت ليلا ، يستلم الركن اليماني والحجر الأسود في كل شوط ، فلما كان في الشوط السابع التزم البيت في دبر الكعبة قريبا من الركن اليماني وفوق الحجر المستطيل وكشف الثوب عن بطنه ، ثم أتى الحجر فقبله ومسحه وخرج إلى المقام فصلى خلفه ، ثم مضى ولم يعد إلى البيت ، وكان وقوفه على الملتزم بقدر ما طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط وبعضهم ثمانية ( 1 ) .

666 - محمد بن عثمان العمري ( رضي الله عنه ) : والله إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كل سنة ، فيرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه ( 2 ) .

----------
( 1 ) الكافي : 4 / 532 / 3 ، التهذيب : 5 / 281 / 959 وفيه " تسع عشرة " بدل " سبع عشرة " .
( 2 ) الفقيه : 2 / 520 / 3115 ، كمال الدين : 440 / 8 ، الغيبة للطوسي : 363 / 329 ، إثبات الهداة : 3 / 452 / 68 .
‹ صفحه 289 ›

الفصل الخامس  سيرتهم في الصبر والرضا

 667 - الإمام الحسين ( عليه السلام ) - من خطبته لما عزم على الخروج إلى العراق - : الحمد لله وما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، صلى الله على رسوله وسلم ، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني إلى أسلافي ! اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخير لي مصرع أنا لاقيه ، كأني بأوصال يتقطعها ( 1 ) عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأن مني أكراشا جوفي وأجربة سغبى لا محيص عن يوم خط بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين ، لن تشذ عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه ، ويتنجز لهم وعده . من كان فينا باذلا مهجته وموطنا على لقائنا ( لقاء الله - خ ل ) نفسه فليرحل ، فإني راحل مصبحا إن شاء الله ( 2 ) .

----------
( 1 ) كذا في المصدر ، والأصح " بأوصالي تقطعها " كما في الملهوف .
( 2 ) كشف الغمة : 2 / 241 ، الملهوف : 126 ، نثر الدر : 1 / 333 .
‹ صفحه 290 ›

668 - الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : لما اشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم ، لأنهم كلما اشتد الأمر تغيرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجبت ( 1 ) قلوبهم .

وكان الحسين ( عليه السلام ) وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم وتهدأ جوارحهم وتسكن نفوسهم ، فقال بعضهم لبعض : انظروا ، لا يبالي بالموت ! فقال لهم الحسين ( عليه السلام ) : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر ؟ ! وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب .

إن أبي حدثني عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جناتهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، ما كذبت ولا كذبت ( 2 ) .

 669 - أبو مخنف : بقي الحسين ( عليه السلام ) ثلاث ساعات من النهار ملطخا بدمه رامقا بطرفه إلى السماء وينادي : يا إلهي ، صبرا على قضائك ، ولا معبود سواك يا غياث المستغيثين . فتبادر إليه أربعون فارسا يريدون حز رأسه الشريف المكرم المبارك المقدس المنور ، ويقول عمر بن سعد : ويلكم ! عجلوا بقتله ( 3 ) .

670 - حاجب عبيد الله بن زياد : إن ابن زياد دعا بعلي بن الحسين ( عليه السلام ) والنسوة وأحضر رأس الحسين ( عليه السلام ) ، وكانت زينب ابنة علي ( عليهما السلام ) فيهم ، فقال ابن زياد : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحاديثكم ! فقالت زينب ( عليها السلام ) : الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وطهرنا تطهيرا ، إنما يفضح الله الفاسق ويكذب الفاجر . قال : كيف رأيت صنع الله بكم أهل البيت ؟ ! قالت : كتب عليهم القتل فبرزوا إلى

----------
( 1 ) وجب القلب وجيبا : إذا خفق ( النهاية : 5 / 154 ) .
( 2 ) معاني الأخبار : 288 / 3 .
( 3 ) ينابيع المودة : 3 / 82 .
مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتتحاكمون عنده ( 1 ) .

671 - الإمام الحسين ( عليه السلام ) - وقد مات ابن له ، فلم ير كآبة ( 2 ) عليه ، فعوتب على ذلك - : إنا أهل بيت نسأل الله عز وجل فيعطينا ، فإذا أراد ما نكره فيما يحب رضينا ( 3 ) .

672 - إبراهيم بن سعد : سمع علي بن الحسين ناعية في بيته وعنده جماعة ، فنهض إلى منزله ثم رجع إلى مجلسه ، فقيل له : أمن حدث كانت الناعية ؟ قال : نعم ، فعزوه وتعجبوا من صبره ، فقال : إنا أهل بيت نطيع الله فيما نحب ، ونحمده فيما نكره ( 4 ) .

673 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ندعو الله فيما نحب ، فإذا وقع الذي نكره لم نخالف الله عز وجل فيما أحب ( 5 ) .

674 - علاء بن كامل : كنت جالسا عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) فصرخت صارخة من الدار ، فقام أبو عبد الله ( عليه السلام ) ثم جلس فاسترجع وعاد في حديثه حتى فرغ منه ، ثم قال : إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا ، فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا ( 6 ) .

675 - قتيبة الأعشى : أتيت أبا عبد الله ( عليه السلام ) أعود ابنا له ، فوجدته على الباب فإذا هو مهتم حزين ، فقلت : جعلت فداك ، كيف الصبي ؟ فقال : والله إنه لما به ، ثم دخل فمكث ساعة ، ثم خرج إلينا وقد أسفر ( 7 ) وجهه وذهب التغير والحزن . قال :

----------
( 1 ) أمالي الصدوق : 140 / 3 ، روضة الواعظين : 210 ، الملهوف : 200 ، إعلام الورى : 247 كلاهما نحوه .
( 2 ) الكآبة : سوء الحال والانكسار من الحزن ( لسان العرب : 1 / 694 ) .
( 3 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي : 1 / 147 نقلا عن الشافعي .
( 4 ) حلية الأولياء : 3 / 138 ، تاريخ دمشق " ترجمة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) " : 57 / 88 ، كشف الغمة : 2 / 314 عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) .
( 5 ) حلية الأولياء : 3 / 187 عن عمرو بن دينار ، كشف الغمة : 2 / 363 عن أحمد بن حمدون .
( 6 ) الكافي : 3 / 226 / 13 .
( 7 ) أي أضاء وأشرق ( لسان العرب : 4 / 369 ) .
‹ صفحه 292 ›

فطمعت أن يكون قد صلح الصبي ، فقلت : كيف الصبي جعلت فداك ؟ فقال : وقد مضى لسبيله ، فقلت : جعلت فداك ، لقد كنت وهو حي مهتما حزينا ، وقد رأيت حالك الساعة وقد مات ، غير تلك الحال ، فكيف هذا ؟ فقال : إنا أهل البيت إنما نجزع قبل المصيبة ، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلمنا لأمره ( 1 ) .

----------
( 1 ) الكافي : 3 / 225 / 11 .
‹ صفحه 293 ›

الفصل السادس  سيرتهم في طلب المعاش

676 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : لا تكسلوا في طلب معايشكم ، فإن آباءنا كانوا يركضون فيها ويطلبونها ( 1 ) .

677 - جابر بن عبد الله : كنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمر الظهران ( 2 ) نجني الكباث ( 3 ) ، فقال : عليكم بالأسود منه فإنه أيطب ( 4 ) ، فقيل : أكنت ترعى الغنم ؟ قال : نعم ، وهل من نبي إلا رعاها ؟ ( 5 ) .

 678 - عبدة بن حزم : تفاخر أهل الإبل وأصحاب الشاء . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : بعث موسى

----------
( 1 ) الفقيه : 3 / 157 / 3576 عن حماد اللحام .
( 2 ) الظهران : واد قرب مكة وعنده قرية يقال لها : " مر " تضاف إلى هذا الوادي ، فيقال : مر الظهران . ( معجم البلدان : 4 / 63 ) .
( 3 ) الكباث : هو النضيج من ثمر الأراك . ( النهاية : 4 / 139 ) .
( 4 ) مقلوب " أطيب " ، وهو في معناه .
( 5 ) صحيح البخاري : 5 / 2077 / 5138 ، صحيح مسلم : 3 / 1621 / 2050 وليس فيه " فإنه أيطب " ، مسند ابن حنبل : 5 / 75 / 14504 ، مسند أبي يعلى : 2 / 404 / 3058 .
‹ صفحه 294 ›

وهو راعي غنم ، وبعث داود وهو راعي غنم ، وبعثت أنا وأنا أرعى غنما لأهلي بأجياد ( 1 ) .

679 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : قسم نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) الفئ ، فأصاب عليا ( عليه السلام ) أرضا ، فاحتفر فيها عينا فخرج ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير فسماها ينبع ، فجاء البشير يبشر فقال ( عليه السلام ) : بشر الوارث هي صدقة بتة بتلا في حجيج بيت الله وعابري سبيل الله ، لا تباع ولا توهب ولا تورث ، فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ( 2 ) .

680 - الإمام علي ( عليه السلام ) : جعت مرة بالمدينة جوعا شديدا ، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا ، فظننتها تريد بله ، فأتيتها فقاطعتها كل ذنوب ( 3 ) على تمرة ، فمددت ستة عشر ذنوبا ، حتى مجلت يداي ( 4 ) ، ثم أتيت الماء فأصبت منه ، ثم أتيتها فقلت بكفي هكذا بين يديها - وبسط إسماعيل ( 5 ) يديه وجمعهما - فعدت لي ست عشرة تمرة ، فأتيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأخبرته ، فأكل معي منها ( 6 ) .

681 - كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يخرج في الهاجرة في الحاجة قد كفيها ، يريد أن يراه الله يتعب نفسه في طلب الحلال ( 7 ) .

----------
( 1 ) الأدب المفرد : 175 / 577 .
( 2 ) الكافي : 7 / 54 / 9 ، التهذيب : 9 / 148 / 609 وفيه " عابر سبيله " بدل " عابري سبيل الله " وكلاهما عن أيوب بن عطية الحذاء .
( 3 ) الذنوب : الدلو الملأى ماء . ( الصحاح : 1 / 129 ) .
( 4 ) مجلت يده : إذا ثخن جلدها ، وظهر فيها ما يشبه البثر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة . ( النهاية : 4 / 300 ) .
( 5 ) إسماعيل هو راوي الخبر ( يراجع المصدر ) .
( 6 ) مسند ابن حنبل : 1 / 286 / 1135 ، فضائل الصحابة لابن حنبل : 2 / 717 / 1229 ، صفة الصفوة : 1 / 135 كلها عن مجاهد ، وراجع فضائل الصحابة لابن حنبل : 1 / 537 / 896 .
( 7 ) الفقيه : 3 / 163 / 3596 ، عوالي اللآلي : 3 / 200 / 24 .
‹ صفحه 295 ›

682 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) - عند ذكر علي ( عليه السلام ) - : والله ، لقد أعتق ألف مملوك لوجه الله عز وجل دبرت فيهم يداه ( 1 ) .

 683 - عبد الله بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب : أعتق علي ( عليه السلام ) ألف أهل بيت بما مجلت يداه وعرق جبينه ( 2 ) .

 684 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إن محمد بن المنكدر كان يقول : ما كنت أرى أن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) يدع خلفا أفضل منه حتى رأيت ابنه محمد بن علي ( عليهما السلام ) ، فأردت أن أعظه فوعظني ، فقال له أصحابه : بأي شئ وعظك ؟ قال : خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة ، فلقيني أبو جعفر محمد بن علي - وكان رجلا بادنا ثقيلا - وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين ، فقلت في نفسي : سبحان الله ! شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ! أما لأعظنه ، فدنوت منه فسلمت عليه ، فرد علي السلام بنهر ( 3 ) وهو يتصاب عرقا ، فقلت : أصلحك الله ، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ! أرأيت لو جاء أجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع ؟ فقال : لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال ، جاءني وأنا في [ طاعة من ] طاعة الله ، أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس ، وإنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله ، فقلت : صدقت

----------
( 1 ) الكافي : 8 / 165 / 175 عن معاوية بن وهب ، وذكره أيضا في : 5 / 74 / 2 عن الفضل بن أبي قرة وفيه " إن أمير المؤمنين أعتق . . . من ماله وكد يده " ، الغارات : 1 / 92 وفيه " أعتق علي ( عليه السلام ) . . . مما عملت يداه " ، ودبرت يداه : أصابتهما الدبرة ، وهي القرحة . ( لسان العرب : 4 / 273 ) .
( 2 ) الغارات : 1 / 91 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 2 / 202 عن عبد الله بن الحسين بن الحسن وفيه " أعتق علي ( عليه السلام ) في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . . . " .
( 3 ) النهر : الزجر ، يقال : نهره وانتهره . ( المصباح المنير : 628 ) .
يرحمك الله ، أردت أن أعظك فوعظتني ( 1 ) .

 685 - أبو عمرو الشيباني : رأيت أبا عبد الله ( عليه السلام ) وبيده مسحاة وعليه إزار غليظ يعمل في حائط له والعرق يتصاب عن ظهره ، فقلت : جعلت فداك ، أعطني أكفك . فقال لي : إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة ( 2 ) .

 686 - عبد الأعلى مولى آل سام : استقبلت أبا عبد الله ( عليه السلام ) في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحر ، فقلت : جعلت فداك ، حالك عند الله عز وجل وقرابتك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنت تجهد لنفسك في مثل هذا اليوم ؟ ! فقال : يا عبد الأعلى ، خرجت في طلب الرزق لاستغني عن مثلك ( 3 ) .

 687 - علي بن أبي حمزة : رأيت أبا الحسن ( عليه السلام ) يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت له : جعلت فداك ، أين الرجال ؟ فقال : يا علي ، قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي ، فقلت له : ومن هو ؟ فقال : رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ، وآبائي ( عليهم السلام ) كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم ، وهو من عمل النبيين والمرسلين والأوصياء والصالحين ( 4 ) .

----------
( 1 ) الكافي : 5 / 73 / 1 ، التهذيب : 6 / 325 / 894 ، الإرشاد : 2 / 161 كلها عن عبد الرحمن بن الحجاج .
( 2 ) الكافي : 5 / 76 / 13 .
( 3 ) الكافي : 5 / 74 / 3 .
( 4 ) الكافي : 5 / 75 / 10 ، الفقيه : 3 / 162 / 3593 ، عوالي اللآلي : 3 / 200 .
‹ صفحه 297 ›

الفصل السابع  سيرتهم في العطاء والصلة

688 - رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنا لنعطي غير المستحق حذرا من رد المستحق ( 1 ) .

689 - محمد بن الحنفية : كان أبي يدعو قنبرا بالليل فيحمل دقيقا وتمرا فيمضي به إلى أبيات قد عرفها فيصلهم ولا يطلع عليه أحد ، فقلت له : يا أبه ، ما يمنعك أن تدفعه إليهم نهارا ؟ قال : يا بني ، إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل ( 2 ) .

690 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : إن الحسن بن علي ( عليهما السلام ) قاسم ربه ثلاث مرات ، نعلا ونعلا ، وثوبا وثوبا ، ودينارا ودينارا ( 3 ) .

691 - الحسن البصري : كان الحسين بن علي سيدا زاهدا ورعا صالحا ناصحا حسن الخلق ، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستانه ، وكان في ذلك البستان غلام له

----------
( 1 ) عدة الداعي : 91 .
( 2 ) مناقب الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للكوفي : 2 / 69 / 552 ، ربيع الأبرار : 2 / 148 .
( 3 ) التهذيب : 5 / 11 / 29 ، الاستبصار : 2 / 141 / 461 ، حلية الأبرار : 3 / 56 / 5 كلها عن الحلبي ، وراجع تاريخ دمشق " ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) " : 142 / 236 - 241 ، السنن الكبرى : 4 / 542 / 8645 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 14 .
‹ صفحه 298 ›

اسمه صافي ، فلما قرب من البستان رأى الغلام قاعدا يأكل خبزا ، فنظر الحسين إليه وجلس عند نخلة مستترا لا يراه ، فكان يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ويأكل نصفه الآخر . فتعجب الحسين من فعل الغلام ، فلما فرغ من أكله قال : الحمد لله رب العالمين ، اللهم اغفر لي ، واغفر لسيدي ، وبارك له كما باركت على أبويه ، برحمتك يا أرحم الراحمين . فقام الحسين وقال : يا صافي ، فقام الغلام فزعا وقال : يا سيدي وسيد المؤمنين ، إني ما رأيتك ، فاعف عني .

فقال الحسين : اجعلني في حل يا صافي ، لأني دخلت بستانك بغير إذنك . فقال صافي : بفضلك يا سيدي وكرمك وسؤددك تقول هذا . فقال الحسين : رأيتك ترمي بنصف الرغيف للكلب وتأكل النصف الآخر ، فما معنى ذلك ؟ فقال الغلام : إن هذا الكلب ينظر إلي حين آكل ، فأستحي منه يا سيدي لنظره إلي ، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء ، فأنا عبدك ، وهذا كلبك ، فأكلنا رزقك معا .

فبكى الحسين وقال : أنت عتيق لله ، وقد وهبت لك ألفي دينار بطيبة من قلبي . فقال الغلام : إن أعتقتني فأنا أريد القيام ببستانك . فقال الحسين : إن الرجل إذا تكلم بكلام فينبغي أن يصدقه بالفعل ، فأنا قد قلت : دخلت بستانك بغير إذنك ، فصدقت قولي ، ووهبت البستان وما فيه لك ، غير أن أصحابي هؤلاء جاؤوا لأكل الثمار والرطب فاجعلهم أضيافا لك وأكرمهم من أجلي ، أكرمك الله يوم القيامة وبارك لك في حسن خلقك وأدبك .

فقال الغلام : إن وهبت لي بستانك فأنا قد سبلته لأصحابك وشيعتك . قال الحسن [ البصري ] : فينبغي للمؤمن أن يكون كنافلة رسول الله ( 1 ) .

692 - أبو حمزة الثمالي : سمعت علي بن الحسين ( عليه السلام ) يقول لمولاة له : لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه ، فإن اليوم يوم الجمعة . قلت له : ليس كل من يسأل

----------
( 1 ) مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي : 1 / 153 .
‹ صفحه 299 ›

مستحقا ، فقال ( عليه السلام ) : أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه ونرده ، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب ( 1 ) .

 693 - الإمام الباقر ( عليه السلام ) : إنا أهل البيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا ، فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة ( 2 ) .

 694 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : كان أبي ( عليه السلام ) أقل أهل بيته مالا وأعظمهم مؤونة ، وكان يتصدق كل جمعة بدينار ، وكان يقول : الصدقة يوم الجمعة تضاعف ، لفضل يوم الجمعة على غيره من الأيام ( 3 ) .

 695 - سلمى مولاة أبي جعفر ( عليه السلام ) : كان يدخل عليه إخوانه فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب ويكسوهم الثياب الحسنة ويهب لهم الدراهم ، فأقول له في ذلك ليقل منه ، فيقول : يا سلمى ، ما حسنة الدنيا إلا صلة الإخوان والمعارف ( 4 ) .

 696 - الحسن بن كثير : شكوت إلى أبي جعفر محمد بن علي 8 الحاجة وجفاء الإخوان ، فقال : بئس الأخ أخ يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا . ثم أمر غلامه فأخرج كيسا فيه سبعمائة درهم ، وقال : استنفق هذه فإذا نفدت فأعلمني ( 5 ) .

 697 - هشام بن سالم : كان أبو عبد الله ( عليه السلام ) إذا أعتم ( 6 ) وذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز ولحم والدراهم فحمله على عنقه ، ثم ذهب به إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم ولا يعرفونه ، فلما مضى أبو عبد الله ( عليه السلام ) فقدوا ذلك

----------
( 1 ) علل الشرائع : 45 / 1 .
( 2 ) الكافي : 2 / 488 / 1 عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) .
( 3 ) ثواب الأعمال : 220 / 1 عن عبد الله بن بكير وغيره .
( 4 ) كشف الغمة : 2 / 330 ، الفصول المهمة : 212 .
( 5 ) الإرشاد : 2 / 166 ، روضة الواعظين : 225 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 207 .
( 6 ) عتم الليل وأعتم : إذا مر قطعة من الليل ، والعتمة : ثلث الليل الأول بعد غيبوبة الشفق ، وقيل : وقت صلاة العشاء الأخيرة ، وأعتم الرجل : صار في ذلك الوقت ( راجع لسان العرب : 12 / 381 ) .
‹ صفحه 300 ›

فعلموا أنه كان أبا عبد الله ( عليه السلام ) ( 1 ) .

698 - معلى بن خنيس : خرج أبو عبد الله ( عليه السلام ) في ليلة قد رشت وهو يريد ظلة بني ساعدة ، فأتبعته فإذا هو قد سقط منه شئ ، فقال : بسم الله ، اللهم رد علينا ، فأتيته فسلمت عليه ، فقال : معلى ؟ قلت : نعم جعلت فداك ، فقال لي : التمس بيدك ، فما وجدت من شئ فادفعه إلي .

قال : فإذا أنا بخبز منتشر كثير ، فجعلت أدفع إليه ما وجدت ، فإذا أنا بجراب أعجز عن حمله من خبز ، فقلت : جعلت فداك ، أحمله على رأسي ؟ فقال : لا ، أنا أولى به منك ولكن امض معي . قال : فأتينا ظلة بني ساعدة ، فإذا نحن بقوم نيام فجعل يدس الرغيف والرغيفين حتى أتى على آخرهم ثم انصرفنا ، فقلت : جعلت فداك ، يعرف هؤلاء الحق ؟ فقال : لو عرفوا لواسيناهم بالدقة ( 2 ) .

699 - أبو جعفر الخثعمي : أعطاني أبو عبد الله ( عليه السلام ) خمسين دينارا في صرة ، فقال لي : أدفعها إلى رجل من بني هاشم ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا . فأتيته فقال : من أين هذه ؟ جزاه الله خيرا ، فما يزال كل حين يبعث بها فنكون مما نعيش فيه إلى قابل ، ولكن لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله ! ( 3 )

700 - الهياج بن بسطام : كان جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ ( 4 ) .

701 - الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : نحن في العلم والشجاعة سواء ، وفي العطايا على قدر ما نؤمر ( 5 ) .

702 - اليسع بن حمزة : كنت في مجلس أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أحدثه ، وقد اجتمع إليه

----------
( 1 ) الكافي : 4 / 8 / 1 .
( 2 ) الكافي : 4 / 8 / 3 ، ثواب الأعمال : 173 / 2 ، وراجع المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 75 .
( 3 ) أمالي الطوسي : 677 / 1433 ، وراجع المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 273 .
( 4 ) حلية الأولياء : 3 / 194 ، تذكرة الخواص : 342 ، سير أعلام النبلاء : 6 / 262 ، كشف الغمة : 2 / 369 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 273 ، إحقاق الحق : 19 / 510 نقلا عن الأنوار القدسية ، وفيه " يطعم المساكين " ، وأيضا : 12 / 230 نقلا عن مطالب السؤول .
( 5 ) الكافي : 1 / 275 / 2 ، بصائر الدرجات : 480 / 3 كلاهما عن علي بن جعفر .
خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام ، إذ دخل عليه رجل طوال آدم ( 1 ) فقال : السلام عليك يا بن رسول الله ، رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك ، مصدري من الحج ، وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة ، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله علي نعمة ، فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذي توليني عنك فلست موضع صدقة ، فقال له : اجلس رحمك الله . وأقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا ، وبقي هو وسليمان الجعفري وخيثمة وأنا ، فقال : أتأذنون لي في الدخول ؟ فقال له سليمان : قدم الله أمرك .

 فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ، ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلى الباب وقال : أين الخراساني ؟ فقال : ها أنا ذا ، فقال : خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤونتك ونفقتك ، وتبرك بها ولا تصدق بها عني ، واخرج فلا أراك ولا تراني . ثم خرج ، فقال له سليمان : جعلت فداك ، لقد أجزلت ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه ؟ فقال : مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته ، أما سمعت حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجة ، والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له ؟ أما سمعت قول الأول ( 2 ) : متى آته يوما لأطلب حاجة * رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه ( 3 )

703 - محمد بن عيسى بن زياد : كنت في ديوان ابن عباد فرأيت كتابا ينسخ ، سألت ( 4 ) عنه فقالوا : كتاب الرضا إلى ابنه ( عليهما السلام ) من خراسان ، فسألتهم أن يدفعوه إلي فدفعوه إلي ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أبقاك الله طويلا وأعاذك من عدوك يا ولدي فداك أبوك ، قد فسرت لك ما لي وأنا حي سوي رجاء أن

----------
( 1 ) آدم : السمرة الشديدة ( النهاية : 1 / 32 ) .
( 2 ) أي القدماء الذين تقدم عهدهم ( كما في الوافي ) .
( 3 ) الكافي : 4 / 23 / 3 .
( 4 ) كذا في المصدر ، وفي البرهان " فسألت " وهو الأصح .
‹ صفحه 302 ›

يمنك [ الله ] بالصلة لقرابتك ولموالي موسى وجعفر رضي الله عنهما . . . ، قال الله : * ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) * ( 1 ) وقال : * ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) * ( 2 ) وقد أوسع الله عليك كثيرا ، يا بني فداك أبوك ، لا يستر في الأمور بحسبها فتحظى حظك ( 3 ) ، والسلام ( 4 ) .

704 - أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي : قرأت كتاب أبي الحسن الرضا إلى أبي جعفر ( عليهما السلام ) : يا أبا جعفر ، بلغني أن الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير ، فإنما ذلك من بخل منهم لئلا ينال منك أحد خيرا ، وأسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلا من الباب الكبير ، فإذا ركبت فليكن معك ذهب وفضة ، ثم لا يسألك أحد إلا أعطيته ، ومن سألك من عمومتك أن تبره فلا تعطه أقل من خمسين دينارا والكثير إليك ، ومن سألك من عماتك فلا تعطها أقل من خمسة وعشرين دينارا والكثير إليك ، إني إنما أريد بذلك أن يرفعك الله ، فأنفق ولا تخش من ذي العرش إقتارا ( 4 ) .

 705 - علي بن عيسى : أتاه - أي الإمام الجواد ( عليه السلام ) - رجل فقال له : أعطني على قدر مروتك ، فقال : لا يسعني . فقال : على قدري ، قال : أما ذا فنعم ، يا غلام أعطه مائة دينار ( 5 ) .

----------
( 1 ) البقرة : 245 .
( 2 ) الطلاق : 7 .
( 3 ) كذا المصدر ، وفي البرهان ( ط . مؤسسة البعثة - قم ) 1 / 505 / لا تستر دوني الأمور لحبها فتخطئ حظك " .
( 4 ) تفسير العياشي : 1 / 131 / 436 ، البرهان : 1 / 234 / 25 .
( 5 ) الكافي : 4 / 43 / 5 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 8 / 20 ، مشكاة الأنوار : 233 .
( 5 ) كشف الغمة : 3 / 158 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 360 ذكره في أحوال الإمام الرضا ( عليه السلام ) نقلا عن يعقوب بن إسحاق النوبختي .
‹ صفحه 303 ›

الفصل الثامن  سيرتهم مع الخدم

 706 - أنس : قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المدينة ليس له خادم ، فأخذ أبو طلحة بيدي ، فانطلق بي إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله ، إن أنسا غلام كيس فليخدمك . قال : فخدمته في السفر والحضر ، ما قال لي لشئ صنعته : لم صنعت هذا هكذا ؟ ولا لشئ لم أصنعه : لم لم تصنع هذا هكذا ؟ ( 1 ) .

707 - بكير : سمعت مهاجرا مولى أم سلمة يقول : خدمت النبي ( صلى الله عليه وآله ) عشر سنين - أو خمس سنين - فلم يقل لشئ صنعته : لم صنعته ؟ ولا لشئ تركته : لم تركته ؟ ( 2 ) .

708 - إسحاق : قال أنس : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من أحسن الناس خلقا ، فأرسلني يوما لحاجة ، فقلت : والله لا أذهب ، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق ، فإذا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد

----------
( 1 ) صحيح البخاري : 3 / 1018 / 2616 ، وذكره أيضا في : 5 / 2245 / 5691 وفيه " خدمت النبي ( صلى الله عليه وآله ) عشر سنين ، فما قال لي : أف ، ولا : لم صنعت ؟ ولا : ألا صنعت " ، صحيح مسلم : 4 / 1805 / 2309 نحوه وفيه " خدمته تسع سنين " ، مسند ابن حنبل : 4 / 203 / 11988 ، الطبقات الكبرى : 7 / 19 .
( 2 ) أسد الغابة : 5 / 266 / 5137 .
‹ صفحه 304 ›

قد قبض بقفاي من ورائي . قال : فنظرت إليه وهو يضحك ، فقال : يا أنيس ، أذهبت حيث أمرتك ؟ قال : قلت : نعم ، أنا أذهب يا رسول الله ( 1 ) .

709 - زياد بن أبي زياد عن خادم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : كان [ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ] مما يقول للخادم : ألك حاجة ؟ ( 2 )

710 - أبو النوار بياع الكرابيس : أتاني علي بن أبي طالب ومعه غلام له ، فاشترى مني قميص كرابيس ، قال لغلامه : اختر أيهما شئت ، فأخذ أحدهما وأخذ علي الآخر فلبسه ، ثم مد يده فقال : اقطع الذي يفضل من قدر يدي ، فقطعه وكفه ( 3 ) فلبسه وذهب ( 4 ) .

711 - أبو مطر البصري : أتى [ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ] سوق الكرابيس فإذا هو برجل وسيم ، فقال : يا هذا ، عندك ثوبان بخمسة دراهم ؟ فوثب الرجل فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، فلما عرفه مضى عنه وتركه ، فوقف على غلام فقال له : يا غلام ، عندك ثوبان بخمسة دراهم ؟ قال : نعم عندي ثوبان ، أحدهما أخير من الآخر ، واحد بثلاثة والآخر بدرهمين .

قال : هلمهما ، فقال : يا قنبر ، خذ الذي بثلاثة ، قال : أنت أولى به يا أمير المؤمنين ، تصعد المنبر وتخطب الناس . فقال : يا قنبر ، أنت شاب ولك شره الشباب وأنا أستحيي من ربي أن أتفضل عليك ، لأني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ألبسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تأكلون ، ثم لبس القميص ومد يده في ردنه فإذا هو يفضل عن أصابعه ، فقال : يا غلام ،

----------
( 1 ) صحيح مسلم : 4 / 1805 / 2310 .
( 2 ) مسند ابن حنبل : 5 / 439 / 16076 ، مجمع الزوائد : 2 / 515 / 3503 .
( 3 ) كف الثوب : تركه بلا هدب ، كففت الثوب أي خطت حاشيته ، وهي الخياطة الثانية بعد الشل ، كفاف الثوب : نواحيه . ( لسان العرب : 9 / 304 ) .
( 4 ) فضائل الصحابة لابن حنبل : 1 / 544 / 911 ، أسد الغابة : 4 / 97 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 9 / 235 نحوه .
‹ صفحه 305 ›

اقطع هذا الفضل فقطعه ، فقال الغلام : هلمه أكفه يا شيخ ، فقال : دعه كما هو فإن الأمر أسرع من ذلك ( 1 ) .

712 - أبو مطر البصري : دعا - علي ( عليه السلام ) - غلاما له مرارا فلم يجبه ، فخرج فوجده على باب البيت ، فقال : ما حملك على ترك إجابتي ؟ قال : كسلت عن إجابتك وأمنت عقوبتك ، فقال : الحمد لله الذي جعلني ممن تأمنه خلقه ، امض فأنت حر لوجه الله ( 2 ) .

713 - أنس : كنت عند الحسين ( عليه السلام ) فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان ، فحيته بها فقال لها : أنت حرة لوجه الله تعالى . فقلت : تحييك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها ؟ ! قال : كذا أدبنا الله تعالى ، قال : * ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) * ( 3 ) فكان أحسن منها عتقها ( 4 ) .

714 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : في كتاب رسول الله : إذا استعملتم ما ملكت أيمانكم في شئ يشق عليهم فاعملوا معهم فيه ، وإن كان أبي ليأمرهم فيقول : كما أنتم ، فيأتي فينظر فإن كان ثقيلا قال : بسم الله ، ثم عمل معهم ، وإن كان خفيفا تنحى عنهم ( 5 ) .

715 - حفص بن أبي عائشة : بعث أبو عبد الله ( عليه السلام ) غلاما له في حاجة فأبطأ ، فخرج أبو عبد الله ( عليه السلام ) على أثره لما أبطأ عليه فوجده نائما ، فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه ، فلما انتبه قال له أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يا فلان ، والله ما ذاك لك تنام الليل والنهار ، لك الليل ولنا منك النهار ( 6 ) .

----------
( 1 ) الغارات : 1 / 106 .
( 2 ) المناقب لابن شهرآشوب : 2 / 133 ، وراجع الفخري : 19 .
( 3 ) النساء : 86 . ( 4 ) نثر الدر : 1 / 335 ، نزهة الناظر : 83 / 8 ، كشف الغمة : 2 / 243 ، إحقاق الحق : 11 / 444 .
( 5 ) الزهد للحسين بن سعيد : 44 / 117 عن داود بن فرقد .
( 6 ) الكافي : 8 / 87 / 50 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 274 .
716 - دخل سفيان الثوري على الصادق ( عليه السلام ) فرآه متغير اللون ، فسأله عن ذلك ، فقال : كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت ، فدخلت فإذا جارية من جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها ، فلما بصرت بي ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الأرض فمات ، فما تغير لوني لموت الصبي وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب . وكان ( عليه السلام ) قال لها : أنت حرة لوجه الله ، لا بأس عليك - مرتين - ( 1 ) .

 717 - ياسر الخادم : كان الرضا ( عليه السلام ) إذا كان خلا جمع حشمه عنده ، الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم . وكان ( عليه السلام ) إذا جلس على المائدة لا يدع صغيرا ولا كبيرا - حتى السائس ( 2 ) والحجام - إلا أقعده معه على مائدته ( 3 ) .

 718 - نادر الخادم : كان أبو الحسن ( عليه السلام ) إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتى يفرغ من طعامه ( 4 ) .

719 - ياسر الخادم ونادر جميعا قالا : قال لنا أبو الحسن ( عليه السلام ) : إن قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون فلا تقوموا حتى تفرغوا ، ولربما دعا بعضنا فيقال له : هم يأكلون ، فيقول : دعهم حتى يفرغوا ( 5 ) .

720 - عبد الله بن الصلت عن رجل من أهل بلخ : كنت مع الرضا ( عليه السلام ) في سفره إلى خراسان ، فدعا يوما بمائدة له ، فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم ، فقلت : جعلت فداك ، لو عزلت لهؤلاء مائدة ، فقال : مه ! إن الرب تبارك وتعالى واحد والأم واحدة والأب واحد ، والجزاء بالأعمال ( 6 ) .

----------
( 1 ) المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 274 .
( 2 ) يقال : هو يسوس الدواب إذا قام عليها وراضها . ( لسان العرب : 6 / 108 ) .
( 3 ) عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 159 ، حلية الأبرار : 2 / 366 .
( 4 ) الكافي : 6 / 298 / 11 .
( 5 ) الكافي : 6 / 298 / 10 ، المحاسن : 2 / 199 / 1583 .
( 6 ) الكافي : 8 / 230 / 296 .
‹ صفحه 307 ›

الفصل التاسع جوامع مكارم أخلاقهم

721 - الإمام علي ( عليه السلام ) - في صفة النبي ( صلى الله عليه وآله ) - : أجود الناس كفا ، وأشرحهم صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة . من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبه ( 1 ) .

722 - الإمام الحسن ( عليه السلام ) : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي - وكان وصافا - عن حلية النبي ( صلى الله عليه وآله ) : صف لي منطقه . قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، ليست له راحة ، لا يتكلم في غير حاجة ، طويل السكتة ، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ( 2 ) ، ويتكلم بجوامع الكلم ، فصل لا فضول ولا تقصير ، دمث ( 3 ) ليس بالجافي ولا المهين ، يعظم النعمة وإن دقت ، لا يذم منها شيئا ، ولا يذم ذواقا ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تعوطي ( 4 ) الحق لم يعرفه

----------
(1 ) سنن الترمذي : 5 / 599 / 3638 عن إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
( 2 ) الأشداق : جوانب الفم ( لسان العرب : 2 / 149 ) ، والمراد أنه لا يفتح فاه كله .
( 3 ) الدماثة : سهولة الخلق ( لسان العرب : 2 / 149 ) .
( 4 ) أي إذا تنول الحق غضب لله تبارك وتعالى . ( معاني الأخبار : 88 ) .
‹ صفحه 308 ›

أحد ، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له ، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها . إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها ، يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ( 1 ) ، وإذا فرح غض طرفه . جل ضحكه التبسم ، ويفتر عن مثل حب الغمام ( 2 ) ( 3 ) .

 723 - الإمام الحسين ( عليه السلام ) : سألت أبي ( عليه السلام ) عن . . . مجلسه [ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ] فقال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ، ولا يوطن الأماكن ، وينهى من إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث انتهى به المجلس ويأمر بذلك ، يعطي كل جلسائه نصيبه ، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ، من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ، قد وسع الناس منه بسطه وخلقه ، فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة ، لا ترفع فيه الأصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم ( 4 ) ، ولا تنثى فلتاته ( 5 ) ، متعادلين يتفاضلون فيه بالتقوى ، متواضعين ، يوقرون فيه الكبير ، ويرحمون فيه الصغير ، ويؤثرون ذا الحاجة ، ويحفظون الغريب .

----------
( 1 ) أشاح : جد في الإعراض . ( لسان العرب : 2 / 501 ) .
( 2 ) الغمام : السحاب ، وحب الغمام : البرد ، شبه به ثغره ( صلى الله عليه وآله ) في بياضه وصفائه وبرده . ( لسان العرب : 1 / 293 ) .
( 3 ) دلائل النبوة للبيهقي : 1 / 286 ، شعب الإيمان : 2 / 154 / 1430 ، الطبقات الكبرى : 1 / 422 ، تهذيب الكمال : 1 / 214 كلها عن ابن أبي هالة التميمي ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 317 / 1 ، معاني الأخبار : 81 / 1 كلاهما عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق عن الإمام الرضا عن آبائه عن الإمام زين العابدين ( عليهم السلام ) ، مكارم الأخلاق : 1 / 43 / 1 عن كتاب محمد بن إبراهيم بن إسحاق عن ثقاته ، حلية الأبرار : 1 / 171 .
( 4 ) أي يذكرن بقبيح ، كان يصان مجلسه عن رفث القول . ( النهاية : 1 / 17 ) .
( 5 ) أي لا تشاع ولا تذاع ، ولا يتحدث بتلك الفلتات . ( لسان العرب : 15 / 304 ) .
‹ صفحه 309 ›

قلت : كيف كانت سيرته في جلسائه ؟ قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح ، يتغافل عما لا يشتهي ، ولا يؤيس منه ولا يحبب فيه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والإكثار ، وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه .

 إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده ، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ .

 حديثهم عنده حديث أولهم ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى إذا كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ( 1 ) ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام ( 2 ) .

724 - الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ما أكل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) متكئا منذ بعثه الله عز وجل إلى أن قبضه تواضعا لله عز وجل ، وما أرى ركبتيه أمام جليسه في مجلس قط ، ولا صافح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) رجلا قط فنزع يديه من يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده ، ولا كافأ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بسيئة قط ، قال الله تعالى له : * ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) * ( 3 ) ففعل ، وما منع سائلا قط ، إن كان عنده أعطى وإلا قال : يأتي الله به . ولا أعطى على الله عز وجل شيئا قط إلا أجازه الله ، إن كان ليعطي الجنة فيجيز الله عز وجل له ذلك ( 4 ) .

----------
( 1 ) معناه : من صح عنده إسلامه حسن موقع ثنائه عليه عنده ، ومن استشعر منه نفاقا وضعفا في ديانته ألقى ثناءه عليه ولم يحفل به . ( معاني الأخبار : 89 ) .
( 2 ) دلائل النبوة للبيهقي : 1 / 290 ، وراجع نفس المصادر في الحديث السابق .
( 3 ) المؤمنون : 96 .
( 4 ) الكافي : 8 / 164 / 175 عن معاوية بن وهب .