next page

fehrest page

back page

ذكر آياته و معجزاته الخارقة للعوائد

منها ما ظهر قبل مولده و منها ما ظهر بعد ذلك فمن ذلك ما روي أن أمه لما حملت به سمعت قائلا يقول إنك قد حملت بسيد هذه الأمة و علامة ذلك أنك ترين عند وضعه نورا تضي‏ء له قصور الشام و قيل قصور بصرى فإذا سقط إلى الأرض فقولي أعيذك بالواحد من شر كل حاسد و سميه محمدا فإن اسمه في التوراة أحمد يحمده أهل السماوات و الأرض و اسمه في القرآن محمد قال فسمته بذلك .

و روى ابن خالويه في كتاب الآل : أن آمنة بنت وهب أم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رأت في منامها أنه يقال لها إنك قد حملت بخير البرية و سيد العالمين فإذا ولدته فسميه محمدا فإن اسمه في التوراة حامد و في الإنجيل أحمد و علقي عليه هذه التميمة التميمة التعويذ قالت فانتبهت و عند رأسي صحيفة من ذهب مكتوب فيها أعيذه بالواحد من شر كل حاسد و كل خلق مارد من قائم و قاعد عن القبيل [السبيل] عاند على الفساد جاهد يأخذ بالمراصد من طرق الموارد أنهاهم عنه بالله

[21]

الأعلى و أحوطه باليد العليا و الكف التي لا ترى يد الله فوق أيديهم و حجاب الله دون عاديتهم لا يطوره و لا يضره في مقعد و لا مقام و لا مسير و لا منام أول الليل و آخر الأيام.

و ارتجس إيوان كسرى يوم ولادته , الرجس بالفتح : الصوت الشديد من الرعد و من هدير البعير و رجت السماء بالفتح ترج إذا رعدت و تمخضت و ارتجت مثله و سقطت منه أربع عشرة شرفة و خمدت نيران فارس و لم تخمد قبل ذلك منذ ألف سنة و غاضت بحيرة ساوة و رؤيا المؤبذان و إنفاذ عمرو بن بقيلة إلى شق و سطيح الكاهنين و إخبارهما بقرب أيامه له و ظهوره قصة مشهورة قد نقلها الرواة و تداولها الأخباريون و رأى بعض اليهود في ليلة ولادته (صلى الله عليه وآله وسلم) النجوم و انقضاضها فقال في هذه الليلة ولد نبي فإنا نجد في كتبنا أن الشياطين تمنع من استراق السمع و ترجم بالنجوم لذلك و سأل هل ولد في هذه الليلة لأحد فقيل نعم لعبد الله بن عبد المطلب فقال أرونيه فأخرج إليه في قماطه فرأى عينيه و كشف عن كتفيه فرأى شامة سوداء و عليها شعرات فوقع إلى الأرض مغشيا عليه فتعجبت منه قريش و ضحكوا فقال أ تضحكون هذا نبي السيف و ليبيرنكم بار فلان إذا هلك و أباره الله أهلكه و قد ذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى الأبد فتفرقوا يتحدثون بما قال.

و في التوراة ما حكاه لي بعض اليهود و رأيته أنا في توراة معربة و قد نقله الرواة أيضا إسماعيل قبلت صلاته و باركت فيه و أنميته و كثرت عدده بمادماد معناه بمحمد و عدد حروفه اثنان و تسعون حرفا سأخرج اثني عشر إماما ملكا من نسله و أعطيه قوما كثير العدد و أول هذا الفصل بالعبري لإشموعيل شمعيثوخو.

[22]

و لما سافر أبو طالب إلى الشام قال يا عم إلى من تكلني و لا أب لي و لا أم فرق له فقال و الله لأخرجنك معي و لا تفارقني أبدا و لما وصل معه إلى بصرى رآه بحيراء الراهب عن بعد و الغمامة تظله فصنع لقريش طعاما و دعاهم و لم يكن له عادة بذلك فحضروه و تأخر (صلى الله عليه وآله وسلم) لصغر سنه فقال هل بقي منكم أحد فقالوا نعم صبي صغير فقال أريده فلما أكلوا و انصرفوا خلا به و بعمه و قال يا غلام أسألك باللات و العزى لأنه سمعهم يحلفون بها فقال لا تسألني بها فو الله ما أبغضت شيئا كبغضي لهما فسأله عن أشياء من حاله و يقظته و منامه و أموره فأخبره بما وافق ما عنده من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الصفة التي يعرفها فقال لأبي طالب ما هذا الغلام منك قال ابني قال ليس ابنك و ما يكون أبوه حيا قال ابن أخي قال و ما فعل أبوه قال مات و أمه حبلى به قال صدقت ارجع بابن أخيك و احفظه من اليهود فو الله لئن رأوه و عرفوا منه ما عرفت منه ليبغينه شرا فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كائن له شأن و لما عاد به عمه تبعه جماعة من أهل الكتاب يبغون قتله فردهم بحيراء و ذكرهم الله و ما يجدون في الكتاب من ذكره و قال أبو طالب رضي الله عنه في ذلك شعر .

إن ابن آمنة النبي محمدا *** عندي بمثل منازل الأولاد

يذكر فيها حال بحيراء و رد من رده من يهود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و بشارة سيف بن ذي يزن جده عبد المطلب به و تعريفه إياه حاله حين قدم عليه يهنئه بعود الملك إليه و هي معروفة منقولة و هذا باب لو أوغلت فيه أطلت و لم أبلغ مدى

[23]

عشيره و لا أتيت مع الإسهاب بيسيره :

شعر :
و أين الثريا من يد المتناول *** و كيف لي بعد الرمال و الجنادل

و أما ما ظهر من معجزاته و آياته (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد بعثته .

فالقرآن الذي أخرس الفصحاء عن مجاراته و قيد البلغاء بالعي عن مباراته فعاد سحبان بيانهم باقلا و تناصروا لمعارضته فلم يجدوا إلا خاذلا و تعاهدوا و تعاقدوا فعدموا معينا و نصيرا و عادوا بالخيبة و الخذلان فلا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا فأذعنوا منقادين بخزائم الذل و الصغار و عنوا خاضعين في ربق الذل و الإسار .

الخزامة : حلقة من شعر تجعل في وترة أنف البعير يجعل فيها الزمام و جمعها خزائم ; و الربق بالكسر حبل فيه عدة عرى تشد به البهم و هي أولاد الضأن و واحدها بهمة يقع على المذكر و المؤنث ; و السخال أولاد المعزى فإذا اجتمعت البهام و السخال قيل لهم أبهام و بهم و الواحدة من العرى ربقة و الجمع ربق و أرباق و رباق .

و منها مجي‏ء الشجرة إليه : و قد ذكرها علي (عليه السلام) في خطبته القاصعة .

يقال قصعت الرجل قصعا صغرته و حقرته و قصعت هامته إذا ضربتها ببسط كفك و غلام مقصوع إذا بقي قميئا [قميا صغيرا] لا يشب و لا يزداد فتكون هذه الخطبة قد فعلت في الكفار و المنافقين شيئا من هذه الأفعال .

قال له الكفار : إن دعوتها فجاءت آمنا .

فقال : أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله و اليوم الآخر و تعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله .

فجاءت و لها دوي شديد ... الحديث بتمامه .

فقالوا : ساحر كذاب .

و منها خروج الماء من بين أصابعه : و ذلك حين كان في سفر

[24]

و شكا أصحابه العطش و كانوا بمعرض التلف فقال كلا إن معي ربي عليه توكلت ثم دعا بركوة فصب فيها ماء ما كان يروي إنسانا واحدا و جعل يده فيها فنبع الماء من بين أصابعه و صيح في الناس اشربوا فشربوا و سقوا حتى نهلوا و علوا - النهل : الشرب الأول ; و قد نهل بالكسر و أنهلته أنا لأن الإبل تسقى في أول الورد فترد إلى العطن ثم تسقى الثانية و هي العلل فترد إلى المرعى و العطن و المعطن واحد الأعطان و المعاطن و هي مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل -و هم ألوف و هو يقول أشهد أني رسول الله حقا .

و منها حنين الجذع إليه : حين كان يخطب عليه و فارقه حين اتخذوا له منبرا فلما صعده حن الجذع حنين الناقة التي فقدت ولدها .

و منها حديث شاة أم معبد : لما هاجر إلى المدينة فطلبوا ما يشربون فلم يجدوه و قالت إنا مرملون فرأى شاة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد فقالت خلفها الجهد عن الغنم قال هل بها من لبن فقالت هي أجهد من ذلك قال أ تأذنين في أن أحلبها قالت نعم بأبي أنت و أمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها و مسح على ضرعها و قال اللهم بارك لها في شاتها فتفاجت و درت و دعا بإناء لها فسقاها فشربت حتى رويت ثم سقى أصحابه فشربوا حتى رووا و شرب هو آخرهم و قال ساقي القوم آخرهم شربا و شربوا جميعا عللا بعد نهل ثم حلب ثانيا عودا على بدء فغادره عندها فجاء زوجها أبو معبد و معه أعنز عجاف فرأى اللبن فقال من أين لكم هذا و لا حلوبة لكم و الشاة عازب فقالت إنه مر بنا رجل مبارك من حديثه كيت و كيت و حدثته .

الحلب بالتحريك : اللبن المحلوب و مصدر حلب الناقة يحلبها حلبا و الحلوب و الحلوبة ما يحلب و جاء بالهاء لأنك تريد الشي‏ء الذي يحلب أي اتخذوه ليحلبوه و ليس لتكثير الفعل و تفاجت فرجت ما بين رجليها و وسعته و تقول فعلت ذلك عودا بعد بدء و رجع عودة على بدأة إذا رجع في الطريق الذي جاء منه و العجف بالتحريك الهزال و الأعجف المهزول و قد عجف و الأنثى عجفاء و الجمع عجاف و العازب البعيد و كيت و كيت يقال بالفتح و الكسر و التاء فيها هاء في الأصل فصارت تاء في الوصل .

[25]

و نقل الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار عن هند بنت الجون قالت : نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خيمة خالتها أم معبد فقام من رقدته فدعا بماء فغسل يديه ثم تمضمض و مج في عوسجة إلى جانب الخيمة فأصبحنا و هي كأعظم دوحة و جاءت بثمر كأعظم ما يكون في لون الورس و رائحة العنبر و طعم الشهد ما أكل منها جائع إلا و شبع و لا ظمآن إلا روي و لا سقيم إلا برئ و ما أكل من ورقها بعير و لا شاة إلا در لبنها و كنا نسميها المباركة و ينتابنا من البوادي من يستشفي بورقها و يتزود منها حتى أصبحنا ذات يوم و قد تساقط ثمرها و صغر ورقها ففزعنا فما راعنا إلا نعي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

ثم إنها بعد ثلاثين سنة أصبحت ذات شوك من أسفلها إلى أعلاها و تساقط ثمرها فذهب فما شعرنا إلا بمقتل أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله وسلم) فما أثمرت بعد ذلك و كنا ننتفع بورقها .

ثم أصبحنا و إذا بها قد نبع من ساقها دم عبيط و قد ذبل ورقها فبينا نحن فزعون مهمومون إذ أتانا مقتل الحسين (عليه السلام) و يبست الشجرة على أثر ذلك و ذهبت .

و العجب كيف لم يشهر أمر هذه الشجرة كما اشتهر أمر الشاة في قصة هي من أعلام القصص ... آخر كلامه.

و منها حديث سراقة : حين أدركه عند توجهه مهاجرا إلى المدينة ليتقرب إلى قريش بأخذه و قتله فلما ظن أنه نال غرضه دعا عليه فساخت قوائم فرسه في الأرض حتى تغيبت بأجمعها و هو بموضع جدب و قاع صفصف فقال يا محمد ادع ربك يطلق قوائم فرسي و لك ذمة الله على أن لا أدل عليك أحدا فدعا له فوثب كأنما أفلت من أنشوطة و كان رجلا ذا هيئة علم أنه سيكون له شأن فطلب منه أمانا و قال لأبي بكر أجب الذين

[26]

يسألونك عنا في الطريق فإنه لا يجوز لي أن أكذب فكان إذا سأل أبو بكر ما أنت قال أنا باغ فإذا قيل من الذي معك قال هاد يهديني الجدب ضد الخصب و القاع المستوي من الأرض و كذلك الصفصف و الجمع أقوع و أقواع قيعان صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها و الأنشوطة عقدة يسهل انحلالها يقال نشطت الحبل أنشطها أنشطه نشطا عقدته أنشوطة و أنشطته أحللته يقال كأنما نشط من عقال و الباغي الذي ينشد الضالة أي يطلبها و هو (صلى الله عليه وآله وسلم) الهادي يهدي إلى طرق الرشاد و سبل الخيرات .

و منها : حديث الغار و كان قريبا من مكة كان يعتوره الناس و يأوي إليه الرعاء فخرجوا في طلبه فأعماهم الله عنه و حمى نبيه من كيدهم و مكرهم و هم دهاة العرب و أصحاب تلك الأرض و العارفون بسبلها و مخارمها كما قيل أهل مكة أعرف بشعابها و في ذلك يقول السيد الحميري رحمه الله .

حتى إذا قصدوا لباب مغارة *** ألفوا عليه مثل نسج العنكب

‏صنع الإله لهم فقال فريقهم *** ما في المغار لطالب من مطلب

‏ميلوا و صدهم المليك و من *** يرد عنه الدفاع مليكه لم يعطب

يعتوره الناس يقصدونه و يتداولونه و الرعاء جمع راع و السبل الطرق و المخارم جمع مخرم بكسر الراء فهو منقطع أنف الجبل و هي أفواه الفجاج و الفج الطريق الواسع بين الجبلين و الشعاب جمع شعب و هو الطريق في الجبل و العنكب العنكبوت.

و بعث الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار و أقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم و سيوفهم حتى إذا كانوا منه بمقدار أربعين ذراعا تعجل رجل لينظر في الغار فرجع فقالوا ما لك لا تنظر في الغار فقال رأيت بفمه حمامتين و سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما قال فدعا لهن.

[27]

و منها كلام الذئب : و ذلك أن رجلا كان في غنمه فأخذ منه الذئب شاة فأقبل يعدو خلفه فطرحها و قال بلسان فصيح تمنعني رزقا ساقه الله إلي فقال الرجل يا عجبا للذئب يتكلم قال أنتم أعجب و في شأنكم عبرة للمعتبرين هذا محمد ص يدعو إلى الحق ببطن مكة و أنتم عنه لاهون فأبصر الرجل رشده و هداه الله و أقبل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أبقى لعقبه شرفا و كانوا يعرفون ببني مكلم الذئب .

و منها : أنه كلمه الذراع و قال إني مسموم و ذلك حين أهدته إليه اليهودية و قصته معروفة .

و منها : أنه أطعم من القليل الجم الغفير في غير موضع .

و منها : أنه شكا إليه قوم ملوحة بئرهم و قلة مائها و أنهم يجدون من الظماء شدة فتفل فيها فغزر ماؤها و طاب و عذب و أهلها يفخرون بها و يتوارثونها الجم الغفير و الجماء الغفير أي جماعتهم الشريف و الوضيع الذين لا يعلم عددهم لكثرتهم .

و منها : حديث الاستسقاء و ذلك حين شكا إليه أهل المدينة فدعا الله فمطروا حتى أشفقوا من خراب دورها فسألوه في كشفه فقال اللهم حوالينا و لا علينا فاستدار حتى صار كالإكليل و الشمس طالعة في المدينة و المطر يجي‏ء على ما حولها يرى ذلك مؤمنهم و كافرهم فضحك (صلى الله عليه وآله وسلم) و قال لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه فقام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) و قال يا رسول الله كأنك تريد قوله شعر .

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى عصمة للأرامل

[28]

يطوف به الهلاك من آل هاشم *** فهم عنده في نعمة و فواضل

الثمال بالكسر الغياث يقال فلان ثمال قومه أي غياث لهم يقوم بأمرهم .

و منها : انشقاق القمر و قصته معروفة و غير ذلك من إخباره بالمغيبات و الكائنات مما هو مشهور في الكتب و السير و التواريخ لو تتبع و جمع لجاء في عدة مجاليد و لتعذر جمعه لكثرته و سعة أقطاره و من أين و كيف يصف اللسان فضله و شرفه و هو خلاصة الوجود أنكره من أنكره و عرفه من عرفه.

فأما أخلاقه و كرمه و شجاعته و فصاحته و أمانته و ذكره و شكره و عبادته و كرم عترته و شفقته و أدبه و رفقه و أناته و تجاوزه و بأسه و نجدته و عزمه و همته و علمه و حكمته و زهده و ورعه و رضاه و صبره و فكره و اعتباره و تبصره و خوفه من ربه و خشوعه و تواضعه و خضوعه و كرم آبائه و جدوده و سخاؤه و جوده و صمته و بيانه و صدق لهجته و رعايته للعهد و وفاؤه بالوعد و عدم تلونه و استمرار طريقته و إنصافه في معاملته و حسن خلقه و خلقه و جده و وقاره و ضياؤه و أنواره و حياؤه و لينه و ثقته و يقينه و عفوه و رحمته و صفحه و قناعته و صدق توكله و مكانته من الله تعالى التي يدل عليها .

ما نقلته من مسند أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن عوف قال : خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) فاتبعته حتى دخل نخلا فسجد و أطال السجود حتى خفت أو خشيت أن يكون الله عز و جل قد توفاه و قبضه فجئت أنظر فرفع رأسه فقال ما لك يا عبد الرحمن قال فذكرت ذلك له قال فقال لي إن جبرئيل (عليه السلام) قال لي أ لا أبشرك أن الله عز و جل يقول لك من صلى عليك صليت عليه و من سلم عليك سلمت عليه فسجدت لله شكرا .

و من ذلك ما نقلته من كتاب اليواقيت لأبي عمرو الزاهد قال أخبرني العطافي عن رجاله عن جعفر بن محمد (عليه السلام) عن آبائه الطاهرين عن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا ليقم من اسمه محمد فليدخل الجنة لكرامة سميه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .

فانظر إلى شرفه الذي فاق به الأوائل و الأواخر مفخرا و تدبر معا في كماله التي بلغت السماء و إنا لنرجو فوق ذلك مظهرا و هذه صفات بلغ فيها النهاية التي أعجزت البشر و استولى

[29]

على الأمد فيها و من أبى فقد كفر و توقل من تحصيل كمالاتها إلى الذروة التي فاقت الشمس و القمر و سبق الأوائل و الأواخر إلى قنن الشرف فنهى فيها و أمر و شهد الله سبحانه ببلوغه هذه الكمالات فيما ضمن الآيات و السور و لو أراد مريد أن يجمع في كل صفة من هذه الصفات كتابا مطولا أمكنه لما جمعه الله فيه من محاسنها و خصه به من صفاياها فأما ذكر باقي أحواله و مغازيه و تسمية أعمامه و عماته و ذكر أزواجه و ذكر عبيده و خيله و سياقة سنته و غير ذلك من أحاديثه و خطبه و مواعظه فليس ذلك من غرض هذا الكتاب فلنقتصر على ما ذكرناه .

next page

fehrest page

back page