معنى قولهم آل الرسول و أهل البيت و العترة و تبيين من هم
فمن ذلك تفسير معنى
قولهم آل الرسول و أهل البيت و العترة و تبيين من هم و ما ورد في ذلك من الأخبار و
أقوال أرباب اللغة .
قال أبو عبد الله الحسين بن خالويه : الآل ينقسم في اللغة خمسة و
عشرين قسما آل الله قريش قال الشاعر هو عبد المطلب شعر :
نحن آل الله في كعبته لم *** يزل ذاك على عهد إبرهم
و قال آخرون أراد نحن آل بيت الله أي قطان مكة و سكان حرم الله و
العرب تقول في الاستغاثة يال الله يريدون قريشا و آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بنو هاشم من آل إليه
بحسب أو قرابة و قيل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كل تقي و قيل آل محمد من حرمت عليه الصدقة فأما
قوله تعالى يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ قيل يرث نبوتهم و علمهم عن الحسن
البصري و قوله تعالى وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ و قال ابن عباس ورثه الحبورة
يعني العلم و الحكمة و لذلك سمي العالم حبرا من الحبار و هو الحسن و الجمال و آل
الله أهل القرآن .
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن لله أهلين قيل من هم قال أهل القرآن .
و في حديث آخر : أهل
القرآن عرفاء أهل الجنة .
و إذا فضل الله شيئا نسبه
[41]
إليه كما قيل للكعبة
بيت الله و لرجب شهر الله و جمع الأهل في السلامة أهلون و أهلين في المذكر و
المؤنث أهلات فيكون جمعا لأهلة و لأهل قال الشاعر :
شعر :
و هم أهلات حول قيس بن عاصم *** إذا أدلجوا بالليل يدعون كوثرا
و الكوثر الكثير العطاء و هو فوعل من الكثرة فإن قيل ما الفرق بين
الآل و الأهل قلت هما سؤالان الهمزة في آل مبدلة من الهاء في أهل ثم لينت كما قيل
هياك و إياك و هيهات و أيهات و دليل ذلك إجماع النحويين على أن تصغير آل أهيل برده
إلى أصله لا خلاف فيه إلا أن الكسائي أجاز أويلا و أهيلا تارة على اللفظ و تارة
على الأصل كما قيل في جمع قيل و هو الملك أقيال على لفظ قيل و أقوال على الأصل و
قال آخرون الاختيار أن تقول في الجماد و الأسماء المجهولة أهل و في الحيوان و
الأسماء المعروفة آل يقال أهل بغداد و آل القوم و آل محمد و الآل السراب الذي تراه
في الصحراء و عند الهاجرة كأنه قال الشاعر يهجو بخيلا .
شعر :
إني لأعلم أن خبزك دونه *** نكد البخيل و دونه الأقفال
و إذا انتجعت لحاجة لم يقضها *** و إذا وعدت فإن وعدك آل
و قد فرقوا بين الآل و السراب فقالوا السراب قبل الظهر و الآل بعده و الآل أعواد الخيمة و الآل اسم جبل بعينه و الآل
الشخص تقول رأيت آل زيد و شخصه و سواده بمعنى رأيت شخصه و الآل الإنسان نفسه يقال
جاءني آل أحمد أي جاءني أحمد و رأيت آل الرجال أي الرجال و هذا حرف غريب نادر ذكره
الفضل بن سلمة في ضياء
[42]
القلوب و احتج بقوله تعالى وَ
بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ أي مما ترك موسى و هارون و بقول
جميل شعر :
بثينة من آل النساء و إنما *** يكن لأدنى لا وصال لغائب
أي هي من النساء في غدرهن و تلونهن و يقال فلان من آل النساء أي خلق
منهن و فلان من آل النساء أي يتبعهن و يحب مجالستهن و العزهاة ضد ذلك و آل فرعون
من كان على دينه و مذهبه قال تعالى وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ و الذين غرقوا
ثلاثة آلاف ألف أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ * وَ لَقَدْ أَخَذْنا
آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ أي بالجدب و القحط.
فإن قال قائل : فما حقيقة الآل في
اللغة عندك دون المجاز هل هو خاص لأقوام بأعيانهم أم عام في جميعهم متى سمعناه
مطلقا غير مقيد.
فقل : حقيقة الآل في اللغة القرابة خاصة دون سائر الأمة و كذلك
العترة ولد فاطمة (عليها السلام) خاصة و قد يتجوز فيه بأن يجعل لغيرهم كما تقول جاءنا في أخي
فهذا يدل على أخوة النسب و تقول أخي تريد في الإسلام و أخي في الصداقة و أخي في
القبيل و الحي قال تعالى وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً و لم يكن أخاهم في دين
و لا صداقة و لا نسب و إنما أراد الحي و القبيل و الإخوة الأصفياء و الخلصان و هو
قول
[43]
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) إنه أخوه .
قال علي (عليه السلام) : أنا عبد الله و أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يقولها بعدي إلا مفتر .
فلو لا أن لهذه الأخوة مزية على غيرها ما خصه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك و في
رواية أخرى لا يقولهما بعدي إلا كذاب.
و من ذلك قوله تعالى حكاية عن لوط هؤُلاءِ
بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ و لم يكن بناته لصلبه و لكن بنات أمته فأضافهن إلى
نفسه رحمة و تعطفا و تحننا و .
قد بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث سئل فقال إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي
أهل بيتي فانظروا كيف تخلفونني فيهما قلنا فمن أهل بيتك قال آل علي و آل جعفر و آل
عقيل و آل العباس .
و سئل ثعلب : لم سميا الثقلين قال لأن الأخذ بهما ثقيل قيل و لم سميت
العترة قال العترة القطعة من المسك و العترة أصل الشجرة .
قال أبو حاتم السجستاني
روى عبد العزيز بن الخطاب عن عمرو بن شمر عن جابر قال : أجمع آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على
الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ; و على أن لا يمسحوا على الخفين .
قال ابن خالويه : هذا
مذهب الشيعة و مذهب أهل البيت .
و قد تخصص ذلك العموم ; قال الله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ
تَطْهِيراً .
قالت أم سلمة رضي الله عنها : نزلت في : النبي و علي و فاطمة و الحسن و
الحسين (صلى الله عليهم وآله وسلم) .
عن أنس قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يمر ببيت فاطمة بعد أن بنى عليها علي (عليه السلام) ستة
أشهر و يقول : الصلاة أهل البيت إِنَّما يُرِيدُ
[44]
اللَّهُ
لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ قال :
و كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول في دعائه : اللهم إن استغفاري لك مع مخالفتي
للؤم و إن تركي الاستغفار مع سعة رحمتك لعجز فيا سيدي إلى كم تتقرب إلي و تتحبب و
أنت عني غني و إلى كم أتبعد منك و أنا إليك محتاج فقير اللهم صل على محمد و على
أهل بيته .
و يدعو بما شاء فمتى قلنا آل فلان مطلقا فإنما نريد : من آل إليه بحسب
أو قرابة و متى تجوزنا وقع على جميع الأمة.
و تحقيق هذا أنه لو أوصى بماله لآل
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تدفعه الفقهاء إلا إلى الذين حرمت عليهم الصدقة و كان بعض من يدعي
الخلافة يخطب فلا يصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقيل له في ذلك فقال إن له أهيل سوء إذا ذكرته
اشرأبوا فمن المعلوم أنه لم يرد نفسه لأنه كان من قريش و لما قصد العباس الحقيقة .
قال لأبي بكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : شجرة نحن أغصانها و أنتم جيرانها .
و آل أعوج و آل ذي العقال نسل أفراس من عتاق الخيل يقال هذا الفرس من
آل أعوج إذا كان من نسلهم لأن البهائم بطل بينهما القرابة و الدين كذلك آل محمد من
تناسله فاعرفه قال تعالى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ
إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ أي عالمي زمانهم فأخبر أن الآل
بالتناسل لقوله تعالى ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ .
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سألت
ربي أن لا يدخل أحدا من أهل .
و أما قولهم قرأت آل حم فهي السور السبعة التي أولهن حم و لا تقل
الحواميم و قال أبو عبيدة الحواميم سور في القرآن على غير القياس و آل يس آل محمد
و آل يس خربيل و حبيب النجار و قد قال ابن دريد مخصصا لذلك
[45]
العموم و إن لم يكن بنا حاجة إلى الاحتجاج بقوله لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ذكره في عدة
مواضع كآية المباهلة و خص عليا و فاطمة و حسنا و حسينا (عليهم السلام) بقوله اللهم هؤلاء أهلي .
و كما روي عن أم سلمة
رضي الله عنها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أدخل عليا و فاطمة و حسنا و حسينا (عليهم السلام) في كسائه و قال اللهم إن
هؤلاء أهلي أو أهل بيتي فقالت أم سلمة و أنا منكم قال أنت بخير أو على خير .
كما يأتي في موضعه و إنما ذكرنا ما قاله ابن دريد من قبل [و من شعر
ابن دريد] .
شعر :
إن النبي محمدا و وصيه و ابنيه *** و ابنته البتول الطاهرة
أهل العباء فإنني بولائهم أرجو *** السلامة و النجا في الآخرة
و أرى محبة من يقول بفضلهم *** سببا يجير من السبيل الجابرة
أرجو بذاك رضا المهيمن وحده *** يوم الوقوف على ظهور الساهرة
قال ; الساهرة :أرض القيامة , و آل مرامر أول من وضع الكتابة بالعربية و
أصلهم من الأنبار و الحيرة فقد أمللت آل الله و آل محمد و آل القرآن و آل السراب و
الآل الشخص و آل أعوج فرسا و آل جبلا و آل يس و آل حم و آل زيد نفسه و آل فرعون آل
دينه و آل مرامر و الآل الروح و الآل الحزانة و الخاصة و الآل قرابة و الآل كل تقي
و الأل جمع ألة و هي خشبة و الأل حربة يصاد بها السمك فأما الأهل فأهل الله أهل
القرآن و أهل البيت و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) على ما فسرته أم سلمة و ذلك :
أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بينا هو ذات يوم جالسا إذ أتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة فيها عصيدة فقال
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أين علي و ابناه قالت في البيت قال ادعيهم لي فأقبل علي و الحسن و الحسين
بين يديه و فاطمة أمامه فلما بصر بهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تناول كساء كان على المنامة
[46]
خيبريا فجلل به نفسه و عليا و الحسن و الحسين و فاطمة ثم
قال اللهم إن هؤلاء أهل بيتي و أحب الخلق إلي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا
فأنزل الله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ ... الآية .
و في رواية أخرى قالت
: فقلت يا رسول الله ; أ لست من أهل بيتك ?
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنك على خير أو إلى خير .
و من مسند أحمد بن حنبل رض عن أم سلمة رض قالت : بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيتي
يوما إذ قالت الخادم إن عليا و فاطمة و الحسن و الحسين بالسدة قالت فقال لي قومي
فتنحي لي عن أهل بيتي قالت فقمت فتنحيت من البيت قريبا فدخل علي و فاطمة و الحسن و
الحسين (عليه السلام) و هما صبيان صغيران فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما قالت و اعتنق
عليا بإحدى يديه و فاطمة باليد الأخرى فقبل فاطمة و قبل عليا فأعذف عليهم خميصة
سوداء فقال اللهم إليك لا إلى النار أنا و أهل بيتي قالت و قلت و أنا يا رسول الله
فقال و أنت .
فإن سأل سائل فقال إنما أنزلت هذه في أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن قبلها يا
نساء النبي.
فقل ذلك غلط رواية و دراية أما الرواية فحديث أم سلمة و في بيتها نزلت
هذه الآية و أما الدراية فلو كان في نساء النبي لقيل ليذهب عنكن الرجس و يطهركن
فلما نزلت في أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء على التذكير لأنهما متى اجتمعا غلب التذكير و
أهل الكتاب اليهود و النصارى و أما قوله تعالى اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ
قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ فشكرا ينتصب على المصدر تقديره اشكروني بطاعتكم
شكرا فصلاة العبد و صومه و صدقته شكر لله و أفضل الشكر الحمد لله فإنه
[47]
يعني ما وهب لهم من النبوة و الملك العظيم فقد كان يحرس داود في كل ليلة
ثلاثون ألفا و ألان الله له الحديد و رزقه حسن الصوت بالقراءة و آتاه الحكمة و فصل
الخطاب قيل فصل الخطاب كلمة أما بعد و الجبال يسبحن معه و الطير و أعطى سليمان
ملكا لا ينبغي لأحد من بعده و سخرت له الريح و الجن و علم منطق الطير .