next page

fehrest page

back page

فصل : في ذكر ما ورد فيما قدمناه من الآثار

عن علي بن موسى عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة و أمرنا بإسباغ الوضوء و لا ننزي حمارا على عتيقة .

و عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أبغضنا أهل البيت فهو منافق .

حدث العوام بن حوشب قال حدثني ابن عمي مجمع قال : دخلت على عائشة فسألتها عن مسيرها يوم الجمل فقالت كان قدرا من الله فسألتها عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقالت تسألني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و زوج أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه و آله أجمعين لقد رأيت عليا و حسنا و حسينا و جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم ثوبه فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فقلت يا رسول الله أنا من أهلك فقال تنحي و إنك على خير .

ففي هذا الحديث و حديث أم سلمة بيان الآل و الأهل

[48]

و أنه لو كان عاما لأمكن عائشة و أم سلمة أن تقولا نحن من أهله و لما قالتا ذلك لم يرد عليهما و لكان لا يرد أبا بكر لما توجه ببراءة و لما رجع و قال له لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني أو من أهلي أمكنه أن يقول أنا منك أو من أهلك فظهر بهذه الأمور أن لآل علي (عليه السلام) خصوصية ليست لغيرهم و هذا بين واضح .

و حدث زيد بن أرقم قال : أقبل نبي الله من حجة الوداع حتى إذا نزل بغدير الجحفة بين مكة و المدينة قام بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك و نادى الصلاة جامعة .

قال : فخرجنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم شديد الحر و إن منا من يضع بعض ردائه تحت قدميه من شدة الرمضاء حتى انتهينا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلى بنا ; ثم انصرف فقال :

الحمد لله نحمده و نستعينه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن أضل و لا مضل لمن هدى و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أما بعد أيها الناس إنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف عمر الذي كان قبله فإن عيسى لبث في قومه أربعين سنة ألا و إني قد أشرعت في العشرين ألا و إني أوشك أن أفارقكم و إني مسئول و إنكم مسئولون هل بلغت فيما أنتم قائلون ?

فقام من كل ناحية مجيب يقولون :

نشهد أنك عبد الله و رسوله و أنك قد بلغت رسالاته و جاهدت في سبيله و صدعت

[49]

بأمره و عبدته حتى أتاك اليقين فجزاك الله خير ما جازى نبيا عن أمته .

قال : أ لستم تشهدون أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق و البعث بعد الموت حق و تؤمنون بالكتاب كله ?

قالوا : بلى .

قال : فإني أشهد أن قد صدقتم ثم صدقتم , ألا و إني فرطكم على الحوض و أنتم معي توشكون أن تردوا علي الحوض فأسألكم حين تلقوني عن ثقلي كيف خلفتموني فيهما ?

قال : فعيل علينا فلم ندر ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين فقال : بأبي أنت و أمي ما الثقلان ?

قال : الأكبر منهما كتاب الله سبب طرف بيد الله عز و جل و طرف بأيديكم فتمسكوا به لا تزلوا و لا تضلوا ; و الأصغر منهما عترتي لا تقتلوهم و لا تقهروهم فإني سألت اللطيف الخبير أن يردوا علي الحوض فأعطاني فقاهرهما قاهري و خاذلهما خاذلي و وليهما وليي ; و عدوهما عدوي , ثم أعاد ألا و إنه لم تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها و تظاهر على نبيها و تقتل من قام بالقسط فيهما ; ثم أخذ بيد علي فرفعها ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه .

و قد روى الزهري قال : لما حج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حجة الوداع قام بغدير خم عند الهاجرة ; و قال :

أيها الناس إني مسئول و إنكم مسئولون ; هل بلغت ?

قالوا : نشهد أنك قد بلغت و نصحت .

قال : و أنا أشهد أني قد بلغت و نصحت لكم ; ثم قال : أيها الناس أ ليس تشهدون أن لا إله إلا الله و أني رسول الله ?

قال : نشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسوله .

قال : و أنا أشهد مثل ما شهدتم .

[50]

فقال : أيها الناس إني قد خلفت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله و أهل بيتي ألا و إن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ; حوض ما بين بصرى و صنعاء فيه من الآنية كعدد نجوم السماء إن الله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه و في أهل بيتي .

ثم قال : أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين ?

قالوا : الله و رسوله أولى بالمؤمنين ; يقول ذلك ثلاث مرات .

ثم قام في الرابعة , و أخذ بيد علي (عليه السلام) فقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه - ثلاث مرات -ألا فليبلغ الشاهد الغائب .

أقول : لو تدبر متدبر هذا الكلام و مقاصده و أطرح الهواء جانبا و قدم الإنصاف أمامه لاتضح له أن هذا نص جلي على علي بالإمامة و إقامة للحجة على من نابذه و نازعه الأمر و كم له (صلى الله عليه وآله وسلم) من الحجج الدالة و البراهين الظاهرة أذكر ما يتفق منها عند ذكر ترجمته فأما هنا فقصدي مصروف إلى إيراد ما جاء في الآل و الأهل و العترة على سبيل الإجمال و قال في ذلك الكميت :

شعر :
و يوم الدوح يوم غدير خم *** أبان له الولاية لو أطيعا

و لكن الرجال تبايعوها فلم *** أر مثلها خطرا أضيعا

فلم أبلغ بهم لعنا و لكن *** أساء بذاك أولهم صنيعا

فصار لذاك أقربهم لعدل *** إلى جور و أحفظهم مضيعا

أضاعوا أمر قائدهم فضلوا *** و أقومهم لدى الحدثان ريعا

تناسوا حقه و بغوا عليه *** بلا ترة و كان لهم قريعا

[51]

فقل لبني أمية حيث حلوا *** و إن خفت المهند و القطيعا

أجاع الله من أشبعتموه و *** أشبع من بجودكم أجيعا

بمرضي السياسة هاشمي *** يكون حيا لأمته ربيعا

و ليثا في المشاهد غير نكس *** لتقويم البرية مستطيعا

يقوم أمرها و يذب عنها *** و يترك جدبها أبدا مريعا

و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها زخ في النار .

و روي : أن علي بن الحسين (عليه السلام) قال ذات يوم معاشر الناس إن كل صمت ليس فيه فكر فهو عي و كل كلام ليس فيه ذكر الله فهو هباء الهباء الذي تراه منبثا في ضوء الشمس إذا دخل في البيت و دقاق التراب أيضا هباء يقال له إذا ارتفع هبا يهبو هبوا ألا إن الله ذكر أقواما بآبائهم فحفظ الأبناء بالآباء قال الله تعالى وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً و لقد خبرني أبي عن آبائه (عليهم السلام) كان العاشر من ولده ; و نحن عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاحفظونا لرسول الله .

قال : فرأيت الناس يبكون من كل جانب .

و عن ابن عباس قال .

و روي : سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول بأذني و إلا صمتا أنا شجرة و فاطمة حملها و علي لقاحها و الحسن و الحسين ثمرها و محبونا أهل البيت

[52]

ورقها في الجنة حقا حقا و قد أورده أيضا صاحب كتاب الفردوس .

و عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الجنة تشتاق إلى أربعة من أهلي قد أحبهم الله و أمرني بحبهم : علي بن أبي طالب ; و الحسن ; و الحسين ; و المهدي ; صلى الله عليهم , الذي يصلي خلفه عيسى ابن مريم (عليه السلام) .

قال عمر بن ساكن سمعت ثابتا البناني يقول في قوله تعالى وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال : إلى ولاية أهل البيت (عليهم السلام) .

و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة : المكرم لذريتي ; و القاضي حوائجهم ; و الساعي لهم في أمورهم عند ما اضطروا إليه ; و المحب لهم بقلبه و لسانه .

و نقلت من كتاب الفردوس تأليف شيرويه الديلمي عن عبد الله بن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) : أول من أشفع له يوم القيامة من أمتي أهل بيتي ثم الأقرب فالأقرب ... الحديث بتمامه .

و عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنا و علي من شجرة واحدة و الناس من أشجار شتى .

و إنما ذكرت هذا الحديث هنا لأنه بمعنى ما تقدم من تخصيص الأهل و الآل لقرابته الأدنين (صلى الله عليه وآله وسلم) .

و عن أنس بن مالك عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنا معشر بني عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا و حمزة و جعفر و علي و الحسن و الحسين و المهدي .

و رأيت في رواية أخرى : إنا بني عبد المطلب سادات الناس .

و بني : منصوب على المدح كما قال إنا بني نهشل و نحن بني ضبة في أمثال ذلك كثير ; و إنما خصهم بالذكر دون باقي الأئمة لأنه هو (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يحتاج في إثبات سيادته إلى دليل لأنه سيد ولد آدم.

و أما الباقون عدا المهدي فإنهم رزقوا الشهادة فلهم مزية على غيرهم و أما المهدي (عليه السلام) فصاحب دولة جديدة و سعادة مستأنفة يعيد الله به دينه و يعز

[53]

بإقامة دعوته سلطانه و يشيد بعز نصره برهانه و يرفع بإيالته مناره فلا عجب إذا ساد الناس و خص بالذكر و نبه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على فضله و كانوا أحق بها و أهلها .

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنا أهل بيت قد أذهب الله عنا الرجس و الفواحش ما ظهر منها و ما بطن .

ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنا أهل بيت اختار الله عز و جل لنا الآخرة على الدنيا .

ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) : حب آل محمد يوما خير من عبادة سنة و من مات عليه دخل الجنة .

زيد بن أرقم : خمس من أوتيهن لم يعذر عن ترك عمل الآخرة زوجة صالحة و بنون أبرار و حسن مخالطة الناس و معيشة في بلده و حب آل محمد (عليهم السلام) .

أم سلمة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) : علي و شيعته هم الفائزون يوم القيامة .

و قيل في العترة : زيادة على ما ذكرنا ما نقلته من مطالب السئوال في مناقب آل الرسول تصنيف الشيخ العالم كمال الدين محمد بن طلحة و كان شيخا مشهورا و فاضلا مذكورا أظنه مات (رهـ) في سنة أربع و خمسين و ستمائة و حاله في ترفعه و زهده و تركه وزارة الشام و انقطاعه و رفضه الدنيا حال معلومة قرب العهد بها و في انقطاعه عمل هذا الكتاب و كتاب الدائرة و كان شافعي المذهب من أعيانهم و رؤسائهم قال : العترة هي العشيرة و قيل هي الذرية و قد وجد الأمران فيهم (عليه السلام) فإنهم عشيرته و ذريته أما العترة فهم الأهل الأدنون و هم كذلك و أما الذرية فإن أولاد بنت الرجل ذريته و يدل عليه قوله تعالى عن إبراهيم وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ فجعل عيسى من ذرية إبراهيم (عليه السلام) و لم يتصل به إلا من جهة مريم (عليها السلام) .

أقول مشيدا لما قاله الشيخ كمال الدين و ذلك :

بما أورده صاحب كتاب الفردوس عن جابر بن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أن الله عز و جل جعل ذرية كل نبي في صلبه و أن الله عز و جل جعل ذريتي في صلب علي .

و نقلت مما خرجه العز المحدث عن

[54]

عمر قال :
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول كل قوم فعصبتهم لأبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا عصبتهم و أنا أبوهم .

نرجع إلى كلام كمال الدين و أما ذوو القربى فمستنده :

ما رواه الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس رض قال : لما نزل قوله تعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم قال علي و فاطمة و ابناهما .

next page

fehrest page

back page