next page

fehrest page

back page

فمن أحكامه

أنه رفع إليه (عليه السلام) أن شريحا القاضي قد قضى في امرأة ماتت و خلفت زوجا و ابني عم أحدهما أخ لأم و قد أعطى الزوج النصف من تركتها و أعطى الباقي لابن عمها الذي هو أخوها من أمها و حرم الآخر فأحضره علي (عليه السلام) قال له ما أمر بلغني عن قضائك في قضية الامرأة المتوفاة قال يا أمير المؤمنين قضيت بكتاب الله تعالى و أجريت ابن العم بكونه أخا من أم مجرى أخوين أحدهما من أب و الآخر من أم فأنكر عليه علي (عليه السلام) و قال أ في كتاب الله تعالى أن الباقي بعد الزوج لابن العم الذي هو أخ من أم قال لا قال فقد قال الله تعالى وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ

[135]

واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ
فجعل للزوج النصف و أعطى الأخ من الأم السدس ثم قسم الباقي بين ابني العم فحصل لابن العم الذي هو أخ من الأم ثلث و لابن العم الذي ليس بأخ سدس و للزوج نصف فتكملت الفريضة و رد قضاء شريح و استدركه .

و منها : أنه (عليه السلام) حيث كان بالكوفة حاكم يهوديا في درع إلى شريح و ادعى أن الدرع بيد اليهودي فأنكر اليهودي دعواه فطالبه شريح بمن يشهد بها فشهد الحسن بن علي (عليه السلام) بالدرع فرد شريح شهادته و قال يا أمير المؤمنين كيف أقبل شهادة ابنك لك و الولد لا تقبل شهادته لوالده فقال له علي (عليه السلام) في أي كتاب و في أي سنة وجدت أن هذه الشهادة لا تقبل ثم عزله عن القضاء و أخرجه إلى قرية تركه بها نيفا و عشرين يوما ثم أعاده إلى مكانه و ولايته و كشف سر هذه الواقعة .

و ما صدر من أمير المؤمنين (عليه السلام) في حق شريح أنه لم يدع الدرع لنفسه و إنما ادعاها لبيت المال فإنه نائب المسلمين و الإمام القائم بمصالحهم فادعى الدرع لهم و شهادة الحسن (عليه السلام) بها لهم فتسرع شريح و ظن أنها لعلي و أن الحسن يشهد بها له فأدبه لتركه الفحص و تدقيق النظر فإن ذلك موجب لتعطيل الحقوق و إيصالها إلى غير مستحقيها .

قال ابن طلحة : و من العجائب و الغرائب أن جماعة من العلماء منهم إسحاق بن راهويه و أبو ثور و ابن المنذر و المزني و أحمد بن حنبل في إحدى الروايات عنه لما بلغهم هذه القصة و ما اعتمده أمير المؤمنين مع شريح استدلوا بذلك على جواز شهادة الولد لوالده و جعلوا ذلك مذهبا لهم و أجروه مجرى شهادة الأخ لأخيه استنادا إلى هذه الواقعة و استدلالا بفعله (عليه السلام) و غفلوا عن سرها و حقيقة أمرها .

أقول : إن هذه القسمة في هذه المسائل و قسمة الفرائض أوردها ابن طلحة و غيره من علماء الجمهور و ليست مذهب أمير المؤمنين (عليه السلام) و لكنه لشرفه

[136]

و محله من العلم و مكانه من هذا الدين يحب أهل كل طائفة أن ينسبوا إليه دقائق فتاويهم و محاسن ما يجدونه في مذاهبهم و يجعلونه مرجعا يستندون إليه في ترويج مسائلهم و يأتمون به في مصالح أديانهم .

تشبه الخفرات الآنسات بها في *** مشيها فينلن الحسن بالحيل

و قد رواها أصحابنا عنه (عليه السلام) و على هذا يكون قد أفتى بها على مذهبهم فإنه كان (عليه السلام) ممنوعا في أيام خلافته عن كثير من إرادته الدينية حتى إنه أراد عزل شريح و قال عزب ذهنك و علت سنك و ارتشى ابنك فلم يمكن من عزله و الاستبدال به و كم مثلها مما منع عنه (عليه السلام) أن يجريه على الحق الذي لا لبس فيه حتى قيل له رأيك مع رأي عمر أحب إلينا من رأيك على انفرادك و الخطب جليل و بالله المستعان و لما قيل له ع رأيك مع رأي عمر أحب إلينا قال لعبيدة السلماني اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الخلاف و كان عبيدة هذا قاضيا و ذكر علومه (عليه السلام) بحر لا يدرك ساحله و هو (عليه السلام) الماجد الذي لا يظفر بالغلب مساجله فأما ما أعده الله لمحبيهم من الثواب الجزيل و الأجر العريض الطويل و ارتفاع المنزلة و علو المكان و ما وعدهم الله به من درجات الجنان فإني أورد من ذلك ما يلتزم به العقلاء و يكون بلاغا لمن أراد الحق و موجبا لمودتهم و حبهم .

فمن ذلك ما نقلته من مسند أحمد بن حنبل من المجلد الأول من مسند علي (عليه السلام) عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بيد حسن و حسين و قال من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة .

هذا الحديث نقله أحمد في مواضع من مسنده و هو حديث خطره عظيم و مجده كريم و وجده وسيم و شرفه قديم فإنه جعل درجة محبيهم مع درجته و هذا محل يقف دونه الخليل و الكليم و هاهنا ينقاد إلى المنقول و المعقول و هو (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم بما يقول .

[137]

و نقلت من الجزء الذي جمعه صديقنا العز المحدث الحنبلي عن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي أما إنك يا ابن أبي طالب و شيعتك في الجنة .

و من كتاب الفردوس عن معاذ بن جبل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : حب علي بن أبي طالب حسنة لا يضر معها سيئة و بغضه سيئة لا ينفع معها حسنة .

و منه عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : حب آل محمد يوما خير من عبادة سنة و من مات عليه دخل الجنة .

و منه عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : خيركم خيركم لأهلي .

و منه عن أم سلمة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : علي و شيعته الفائزون يوم القيامة .

و قد تقدم هذا و أمثاله .

و من بشائر المصطفى عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الأولين و الآخرين عراة حفاة فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا و تشتد أنفاسهم فيمكثون كذلك ما شاء الله و ذلك قوله تعالى فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً قال ثم ينادي مناد من قبل العرش أين النبي الأمي قال فيقول الناس قد أسمعت فسمه باسمه فينادي أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله قال فيقوم رسول الله ص فيتقدم أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة و صنعاء فيقف عليه ثم ينادي بصاحبكم فيقوم أمام الناس فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون قال أبو جعفر ع فبين وارد و بين منصرف فإذا رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى فقال يا رب شيعة علي بن أبي طالب قال فيقول الله عز و جل يا محمد قد وهبتهم لك و صفحت لك عن ذنوبهم

[138]

و ألحقتهم بك و بمن كانوا يتولونه من ذريتك و جعلتهم في زمرتك و أوردتهم حوضك و قبلت شفاعتك فيهم و أكرمتك بذلك ثم قال أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) فكم من باك يومئذ و باكية ينادون وا محمداه إذا رأوا ذلك فلا يبقى أحد يومئذ كان يتولانا و يحبنا إلا كان في حزبنا و معنا و ورد حوضنا .

و منه عن عبد الرحمن بن قيس قال : كنت جالسا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) على باب القصر حتى ألجأته الشمس إلى حائط القصر فوثب ليدخل فقام إليه رجل من همدان فتعلق بثوبه و قال يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به قال له حدثني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أني أرد أنا و شيعتي الحوض رواء مرويين مبيضة وجوههم و يرد عدونا ظماء مظمئين مسودة وجوههم خذها إليك قصيرة من طويلة أنت مع من أحببت و لك ما اكتسبت أرسلني يا أخا همدان .

و في هذا الحديث لذكرى لمن كان له قلب .

و نقل الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار عن علي (عليه السلام) رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : لما أسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي و أقعدني على درنوك من درانيك الجنة ثم ناولني سفرجلة فأنا أقلبها إذ انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر أحسن منها فقالت السلام عليك يا محمد قلت من أنت قالت أنا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة أصناف أسفلي من مسك و وسطي من كافور و أعلائي من عنبر عجنني من ماء الحيوان قال الجبار كوني فكنت خلقني لأخيك و ابن عمك علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

و من مناقب ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : أقبلت ذات يوم قاصدا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لي يا أبا سعيد فقلت لبيك يا رسول الله قال إن لله عمودا تحت العرش يضي‏ء لأهل الجنة كما تضي‏ء الشمس لأهل الدنيا لا يناله إلا علي و محبوه .

و من مناقب ابن المغازلي عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة الفجر ثم قال أ تدرون بما هبط بي جبرئيل (عليه السلام) قلنا الله و رسوله أعلم ثم

[139]

قال هبط جبرئيل (عليه السلام) فقال يا محمد إن الله غرس قضيبا في الجنة ثلثه من ياقوتة حمراء و ثلثه من زبرجدة خضراء و ثلثه من لؤلؤة رطبة ضرب عليها طاقات جعل بين الطاقات غرفا و جعل في كل غرفة شجرة و جعل حملها الحور العين و أجرى عليه عين السلم ثم أمسك فوثب رجل من القوم فقال يا رسول الله لمن ذلك القضيب فقال من أحب أن يتمسك بذلك القضيب فليتمسك بحب علي بن أبي طالب .

و نقلت من كتاب كفاية الطالب المقدم ذكره يرفعه إلى أبي ذر الغفاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترد على الحوض راية علي أمير المؤمنين و إمام الغر المحجلين فأقوم و آخذ بيده فيبيض وجهه و وجوه أصحابه فأقول ما خلفتموني في الثقلين بعدي فيقولون تبعنا الأكبر و صدقناه و وازرنا الأصغر و نصرناه و قاتلنا معه فأقول ردوا رواء مرويين فيشربون شربة لا يظمئون بعدها أبدا وجه إمامهم كالشمس الطالعة و وجوههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوإ نجم في السماء .

و منه عن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مررت ليلة أسري بي إلى السماء فإذا أنا بملك جالس على منبر من نور و الملائكة تحدق به فقلت يا جبرئيل من هذا الملك قال ادن منه و سلم عليه فدنوت منه و سلمت عليه فإذا أخي و ابن عمي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقلت يا جبرئيل سبقني علي إلى السماء الرابعة فقال لي يا محمد لا و لكن الملائكة شكت حبها لعلي فخلق الله هذا الملك من نور على صورة علي فالملائكة تزوره في كل ليلة جمعة و يوم جمعة سبعين ألف مرة و يسبحون الله و يقدسونه و يهدون ثوابه لمحب علي (عليه السلام) .

قال هذا حديث حسن عال لم نكتبه إلا من هذا الوجه تفرد به يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس و هو ثقة .

و عن أبي إسحاق السبيعي قال : دخلنا على مسروق الأجدع فإذا عنده ضيف لا نعرفه و هما يطعمان من طعام لهما فقال الضيف كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بخيبر فلما قالها عرفنا أنه كانت له صحبة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال جاءت صفية بنت حي بن

[140]

أخطب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت يا رسول الله إني لست كأحد نسائك قتلت الأب و الأخ و العم فإن حدث بك حدث فإلى من فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى هذا و أشار بيده إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم قال أ لا أحدثكم بما حدثني به الحارث الأعور قال قلت بلى قال دخلت على علي بن أبي طالب ع فقال ما جاءك يا أعور قال قلت حبك يا أمير المؤمنين قال الله قلت الله فناشدني ثلاثا ثم قال أما إنه ليس عبد من عباد الله ممن امتحن الله قلبه بالإيمان إلا و هو يجد مودتنا على قلبه فيحبنا و ليس عبد من عباد الله ممن سخط الله عليه إلا و هو يجد بغضنا على قلبه فهو يبغضنا فأصبح محبنا ينتظر الرحمة فكان أبواب الرحمة قد فتحت له و أصبح مبغضنا على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم فهنيئا لأهل الجنة رحمتهم و تعسا لأهل النار مثواهم .

و عن الحارث الهمداني قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال ما جاء بك فقلت حبي لك يا أمير المؤمنين فقال يا حارث أ تحبني فقلت نعم و الله يا أمير المؤمنين فقال أما لو بلغت نفسك الحلقوم لرأيتني حيث تحب و لو رأيتني و أنا أذود الرجال عن الحوض ذود غريبة الإبل لرأيتني حيث تحب و لو رأيتني و أنا مار على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لرأيتني حيث تحب .

و قيل إن آخر شعر قاله السيد بن محمد قبل وفاته

[141]

بساعة قوله :

أحب الذي من مات من أهل وده *** تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك‏

و من مات يهوى غيره من عدوه *** فليس له إلا إلى النار مسلك

‏أبا حسن تفديك نفسي و أسرتي *** و مالي و ما أصبحت في الأرض أملك

‏أبا حسن إني بفضلك عارف *** و إني بحبل من هواك لممسك‏

و أنت وصي المصطفى و ابن عمه *** و إنا نعادي مبغضيك و نترك

‏مواليك ناج مؤمن بين الهدى و *** قاليك معروف الضلالة مشرك‏

و لاح لحاني في علي و حزبه *** فقلت لحاك الله إنك أعفك

الأعفك الأحمق .

و عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش أين خليفة الله في أرضه فيقوم داود النبي (عليه السلام) فيأتي النداء من عند الله عز و جل لسنا إياك أردنا و إن كنت لله تعالى خليفة ثم ينادي مناد أين خليفة الله في أرضه فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيأتي النداء من قبل الله عز و جل يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه و حجته على عباده فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم يستضي‏ء بنوره و ليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان قال فيقوم أناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله ألا من ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به فحينئذ يتبرءوا الذين اتبعوا من الذين اتبعوا و رأوا

[142]

العذاب و تقطعت بهم الأسباب .

و عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال : إذا كان يوم القيامة و جمع الناس في صعيد واحد حفاة عراة يقفون على طريق المحشر فيعرقون عرقا شديدا و تشتد أنفاسهم فيمكثون ما شاء الله كما قال فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً فينادي مناد من تلقاء العرش أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله فيتقدم (صلى الله عليه وآله وسلم) أمام الناس حتى ينتهي إلى الحوض فينادي بصاحبكم فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون قال أبو جعفر (عليه السلام) فبين وارد يومئذ و مصروف فإذا رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) من يصرف من محبينا أهل البيت بكى و قال يا رب شيعة علي يا رب شيعة علي فيبعث الله إليه ملكا فيقول ما يبكيك فيقول كيف لا أبكي لأناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار و منعوا من ورود حوضي قال فيقول الله قد وهبتهم لك و صفحت عن ذنوبهم و ألحقتهم بك و بمن كانوا يتولون من ذريتك و جعلتهم في زمرتك و أوردتهم حوضك و قبلت شفاعتك و أكرمتك بذلك قال أبو جعفر (عليه السلام) فكم من باك يومئذ و باكية ينادون وا محمداه فلا يبقى أحد كان يتولانا و يحبنا إلا كان في حزبنا و معنا و ورد حوضنا .

و عن جابر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) أ لا أبشرك أ لا أمنحك قال بلى يا رسول الله قال فإني خلقت أنا و أنت من طينة واحدة ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بآبائهم لطيب مولدهم .

[143]

في بيان أنه مع الحق و الحق معه و أنه مع القرآن و القرآن معه .

نقلت من المناقب للإمام أبي المؤيد الخوارزمي عن أبي ليلى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) : ستكون من بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه الفاروق بين الحق و الباطل .

و منه عن ابن عمرقال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من فارق عليا فارقني و من فارقني فارق الله عز و جل .

و منه عن أبي أيوب الأنصاري قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية و أنت مع الحق و الحق معك يا عمار إذا رأيت عليا سلك واديا و سلك الناس واديا غيره فاسلك مع علي و دع الناس إنه لن يدليك في ردى و لن يخرجك من الهدى يا عمار إنه من تقلد سيفا أعان به عليا على عدوه قلده الله تعالى يوم القيامة وشاحا من در و من تقلد سيفا أعان به عدو علي (عليه السلام) قلده الله يوم القيامة وشاحا من نار .

و من مناقب ابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي سعيد قال : كنا جلوسا عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفر من المهاجرين و مر علي بن أبي طالب فقال الحق مع ذا .

و منه عن عائشة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : الحق مع علي يزول معه حيث ما زال .

و منه عن أبي ذر عن أم سلمة رضي الله عنهما قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إن عليا مع الحق و الحق معه لن يزولا حتى يردا علي الحوض .

و منه عن أم سلمة قالت : كان علي على الحق من اتبعه اتبع الحق و من تركه

[144]

ترك الحق عهدا معهودا قبل يومه هذا .

و منه عن عبيد الله بن عبد الله الكندي قال : حج معاوية فأتى المدينة و أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) متوافرون فجلس في حلقة بين عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر فضرب بيده على فخذ ابن عباس ثم قال أ ما كنت أحق و أولى بالأمر من ابن عمك قال ابن عباس و بم قال لأني ابن عم الخليفة المقتول ظلما قال هذا إذا يعني ابن عمر أولى بالأمر منك لأن أبا هذا قتل قبل ابن عمك قال فانصاع عن ابن عباس أي انفتل أو كلمة نحو هذا و أقبل على سعد قال و أنت يا سعد الذي لم تعرف حقنا من باطل غيرنا فتكون معنا أو علينا قال سعد إني لما رأيت الظلمة قد غشيت الأرض قلت لبعيري هخ فأنخته حتى إذا استقرت مضيت قال و الله لقد قرأت المصحف يوما بين الدفتين ما وجدت فيه هخ فقال أما إذ أبيت فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي أنت مع الحق و الحق معك قال لتجيئني بمن سمعه معك أو لأفعلن قال أم سلمة قال فقام و قاموا معه حتى دخلوا على أم سلمة قال فبدأ معاوية فتكلم فقال يا أم المؤمنين إن الكذابة قد كثرت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعده فلا يزال قائل يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لم يقل فإن سعدا روى حديثا زعم أنك سمعته معه قالت ما هو قال زعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي أنت مع الحق و الحق معك قالت صدق في بيتي قاله فأقبل على سعد فقال الآن ألزم ما كنت عندي و الله لو سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما زلت خادما لعلي حتى أموت .

قلت : فانظر هداك الله إلى سلوك طريقه و أيدك بمعرفة توضح لك بطل كل أمر من حقه إلى معاوية و استمراره على بغيه و عنقه في سبل غيه و مكابرته الحق اللائح و تنكبه الجدد الواضح و عدوله عن السنن و بقائه على غمط حق أبي الحسن و كيف تستر الشمس بالنقاب أو يقاس الشراب بالسراب فإنه قد

[145]

أبان في هذا الحديث عن عدة أمور تدل على بهتانه و تنبئ أنه ثنى عن الهدى فضل عنانه و ركب هواه جامحا في باطله تابعا لشيطانه و ملك حب الدنيا قلبه فقاده في أشطانه و صدفه عن الآخرة فما تخطر على قلبه و لا تجري على لسانه.

و بيان ذلك أنه قد يغلب على الإنسان هواه عند ميل نفسه إلى أمر ما فيعمى عن الحق و يضل عن الصواب و يترك الهدى كما قيل حبك الشي‏ء يعمي و يصم فلا يزال خابطا في جهالته راكبا لهواه متبعا ميل نفسه حتى إذا بلغ غرضه و نال منيته و سكنت دواعيه الهائجة و قرت نفسه التواقة الثائرة راجع الحق و عرفه و لام هواه و عنفه و استرجع و ندم و أضرب عن ذلك الأمر و نسيه أو تناساه و أحب أن لا يذكر و لا تجري به الألسنة و سكت من عساه يفيض فيه و بكته و عادى من أعاده و ردده و نكبه و عرف أنه كان مخطئا غير مصيب و تعلل بأنه جرى القضاء و فات الأمر و نفد السهم و هذا معاوية كان أعرف الناس بفضل علي (عليه السلام) و شرفه و استحقاقه هذا الأمر و مكانه و قرابته من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فغلب حب الدنيا معرفته و ترك حظه من الآخرة و فعل ما فعل من حرب علي (عليه السلام) و مناصبته و خسر الدنيا و الآخرة بما أقدم عليه ثم هو بعد بلوغه ما أراد و انتقال أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى جوار الله تعالى مستمر على ما كان عليه لا يراقب الله و لا رسوله و لا يستحيي من الصحابة ناطقا بملإ فيه أ ما كنت أحق و أولى بهذا الأمر من ابن عمك ثم جعله الدليل على استحقاقه كونه ابن عم عثمان و هل هذا إلا جهل محض أو تغاب عن الحق و قوله لسعد لم تعرف حقنا من باطل غيرنا استهانة بالله و رسوله و استخفافا بجلة الصحابة و جرأة على قول المحال ثم إنكاره ما أورده سعد حتى سأل عنه أم سلمة و هذا القول و أمثاله من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق علي (عليه السلام) أشهر من فلق الصباح ثم حلفه أني لو سمعت هذا لكنت خادما لعلي حتى أموت و بداية العقول تقتضي كذبه و فجوره فإنه عرف من فضل علي أكثر من هذا و نبهه علي (عليه السلام) فيما كاتبه به و عرفه ما يلزمه فما ارعوى ثم على تقدير صدقه و تصديقه أن الحق مع علي بما شهد به عنده سعد و أم سلمة فعلي (عليه السلام) قد سلم هذا الأمر

[146]

إلى ابنه الحسن (عليه السلام) بذلك الحق الذي هو معه فهلا سلم الأمر إليه عملا بما قد استثبته و هيهات أن يميل ذلك الإنسان إلى حق أو يرغب في هدى و قد طبع الله على قلبه و جعل على بصره غشاوة و نعوذ بالله تعالى .

و منه عن عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : الحق مع علي و علي مع الحق و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .

و منه عن أم سلمة قالت : علي مع الحق من اتبعه اتبع الحق و من تركه ترك الحق عهد معهود قبل موته و منه عنها و قد تقدم مثله قالت و الله إن علي بن أبي طالب لعلى الحق قبل اليوم عهدا معهودا و قضاء مقضيا .

و منه عن أبي اليسر عن أبيه قال : كنا عند عائشة فقالت من قتل الخوارج فقلت قتلهم علي بن أبي طالب فقالت كذبت فقلت ما كان أغناني يا أم المؤمنين أن تكذبيني قال فدخل مسروق فقالت من قتل الخوارج فقال قتلهم علي بن أبي طالب و ذكروا ذا الثدية فقالت ما يمنعني أن أقول الذي سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سمعته يقول علي مع الحق و الحق معه .

و منه عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا علي إن الحق معك و الحق على لسانك و في قلبك و بين عينيك .

و منه عن أبي رافع : أنه دخل على أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبرها بيوم الجمل فقالت إلى أين طار قلبك إذ طارت القلوب مطائرها قال كنت يا أم المؤمنين مع علي بن أبي طالب قالت أحسنت و أصبت أما إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول يرد علي الحوض و أشياعه و الحق معهم لا يفارقونه .

و منه عن أبي رافع : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يا أبا رافع كيف أنت و قوم يقاتلون عليا و هو على الحق و هم على الباطل يكون حقا في الله جهادهم فمن لم يستطع جهادهم بيده فيجاهدهم بلسانه فمن لم يستطع بلسانه فيجاهدهم بقلبه و ليس وراء ذلك شي‏ء قال قلت ادع الله لي إن أدركتهم أن يعينني و يقويني على قتالهم فلما بايع الناس علي بن أبي طالب و خالفه معاوية و سار طلحة و الزبير إلى

[147]

البصرة قلت هؤلاء القوم الذين قال فيهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما قال فباع أرضه بخيبر و داره بالمدينة و يقوى بها هو و ولده ثم خرج مع علي بجميع أهله و ولده و كان معه حتى استشهد علي (عليه السلام) فرجع إلى المدينة مع الحسن و لا أرض له بالمدينة و لا دارا فأقطعه الحسن (عليه السلام) أرضا بينبع من صدقة علي (عليه السلام) و أعطاه دارا .

و منه عن أبي موسى الأشعري قال أ: شهد أن الحق مع علي و لكن مالت الدنيا بأهلها و لقد سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول له يا علي أنت مع الحق و الحق بعدي معك .

و منه عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال رحم الله عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار .

و منه : أن عائشة لما عقر جملها و دخلت دارا بالبصرة فقال لها أخوها محمد أنشدك بالله أ تذكرين يوم حدثتني عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال الحق لن يزال مع علي و علي مع الحق لن يختلفا و لن يفترقا فقالت نعم .

و منه عن مسروق قال : سألتني عائشة عن أصحاب النهروان عن ذي الثدية فأخبرتها فقالت يا مسروق أ تستطيع أن تأتيني بأناس ممن شهدوا فأتيتها من كل سبع برجل فشهدوا أنهم رأوه و شهدوه فقالت رحم الله عليا إنه كان على الحق و لكنني كنت امرأة من الأحماء .

و منه : لما أصيب زيد بن صوحان يوم الجمل أتاه علي (عليه السلام) و به رمق فوقف عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو لما به فقال رحمك الله يا زيد فو الله ما عرفتك إلا خفيف المئونة كثير المعونة قال فرفع إليه رأسه فقال و أنت فرحمك الله فو الله ما

[148]

عرفتك إلا بالله عالما و بآياته عارفا و الله ما قاتلت معك من جهل و لكني سمعت حذيفة بن اليمان يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول علي أمير البررة و قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله ألا و إن الحق معه يتبعه ألا فميلوا معه .

و منه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول علي مع القرآن و القرآن معه لا يفترقا حتى يردا علي الحوض .

و منه عنها قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول علي مع القرآن و القرآن مع علي و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .

و بالإسناد : لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة .

و منه قال شهر بن حوشب: كنت عند أم سلمة رضي الله عنها فسلم رجل فقيل من أنت قال أنا أبو ثابت مولى أبي ذر قالت مرحبا بأبي ثابت ادخل فدخل فرحبت به و قالت أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها قال مع علي بن أبي طالب قالت وفقت و الذي نفس أم سلمة بيده لسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول علي مع القرآن و القرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض و لقد بعثت ابني عمر و ابن أخي عبد الله بن أبي أمية و أمرتهما أن يقاتلا مع علي من قاتله و لو لا أن رسول الله أمرنا أن نقر في حجالنا و في بيوتنا لخرجت حتى أقف في صف علي (عليه السلام) .

الحجلة : بالتحريك واحدة حجال ; العروس و هي بيت يزين بالثياب و الأسرة و الستور .

next page

fehrest page

back page