[56]
و منها أن أبيض بن حمال قال : كان بوجهي حزاز يعني القوباء قد التمعت فدعاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فمسح وجهه فذهب في الحال و لم يبق له أثر على وجهه .
و منها أن الفضل بن عباس قال إن رجلا قال : يا رسول الله إني بخيل جبان نئوم فادع لي فدعا الله أن يذهب جبنه و أن يسخي نفسه و أن يذهب كثرة نومه فلم ير أسخى نفسا و لا أشد بأسا و لا أقل نوما منه .
و منها أن عبد الله بن عباس قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال اللهم أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرهم نوالا
فوجد كذلك .
و منها : أن أبا ثروان كان راعيا في إبل عمرو بن تميم فخاف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قريش فنظر إلى سواد الإبل فقصد له و جلس بينها فقال يا محمد اخرج لا تصلح إبل أنت فيها فدعا عليه فعاش شقيا يتمنى الموت .
و منها أن عتبة بن أبي لهب قال : كفرت برب النجم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أ ما تخاف أن يأكلك كلب الله فخرج في تجارة إلى اليمن فبينا هم قد عرسوا إذ سمع صوت الأسد فقال لأصحابه إني مأكول بدعاء محمد و أحدقوا به فضرب على آذانهم فناموا فجاء الأسد حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته .
و في خبر آخر : أنه لما قال كفرت بالذي دنا فتدلى ثم تفل في وجه محمد قال (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهم سلط عليه كلبا من كلابك
[57]
فخرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا فقال لهم راهب من الدير هذه أرض مسبعة فقال أبو لهب يا معشر قريش أعينونا هذه الليلة إني أخاف عليه دعوة محمد فجمعوا جمالهم و فرشوا لعتبة في أعلاها و ناموا حوله فجاء الأسد يتشمم وجوههم ثم ثنى ذنبه فوثب فضربه بيده ضربة واحدة فخدشه قال قتلني و مات مكانه .
و منها : أن عليا (عليه السلام) كان رمد العين يوم خيبر فتفل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عينه و دعا له و قال اللهم أذهب عنه الحر و البرد فما وجد حرا و لا بردا بعده و كان يخرج في الشتاء في قميص واحد .
و منها : أن أبا هريرة قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إني أسمع منك الحديث الكثير أنساه قال ابسط رداك كله قال فبسطته فوضع يده فيه ثم قال ضمه فضممته فما نسيت حديثا بعده .
و منها : أنه قال لابن عباس و هو غلام اللهم فقهه في الدين و علمه
[58]
التأويل فكان فقيها عالما بالتأويل .
و منها : أن نفرا من قريش اجتمعوا و فيهم عتبة و شيبة و أبو جهل و أمية بن خلف فقال أبو جهل زعم محمد أنكم إن ابتعتموني كنتم ملوكا فخرج إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقام على رءوسهم و قد ضرب الله على أبصارهم دونه فقبض قبضة من تراب فذرها على رءوسهم و قرأ يس حتى بلغ العشر منها ثم قال إن أبا جهل هذا يزعم أني أقول إن خالفتموني فإن لي فيكم ريحا و صدق و أنا أقول ذلك ثم انصرف فقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم و لم يشعروا به و لا كانوا رأوه .
و منها أن أياس بن سلمة روى عن أبيه قال : خرجت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أنا غلام حدث و تركت أهلي و مالي إلى الله و رسوله فقدمنا الحديبية مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى قعد على مياهها و هي قليلة قال فإما بصق فيها و إما دعا فما نزفت بعد .
و منها : أن أعرابيا قام فقال يا رسول الله هلك المال و جاع العيال فادع لنا فرفع يده و ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر عن لحيته فمطرنا إلى الجمعة ثم قام أعرابي فقال تهدم البناء فادع فقال حوالينا و لا علينا .
قال الراوي فما كان يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت حتى
[59]
صارت المدينة مثل الجوبة و سال الوادي شهرا فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه .
و منها : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نادى بالمشركين و استعانوا عليه دعا الله أن يجدب بلادهم فقال اللهم سنين كسني يوسف اللهم اشدد وطأتك على مضر فأمسك المطر عنهم حتى مات الشجر و ذهب الثمر و فني المواشي و عند ذلك وفد حاجب بن زرارة على كسرى فشكا إليه و استأذنه في رعي السواد فأرهنه قوسه فلما أصاب مضر الجهد الشديد عاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بفضله عليهم فدعا الله بالمطر لهم .
[60]
و منها أن عليا (عليه السلام) قال : بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الزبير و المقداد معي فقال انطلقوا حتى تبلغوا روضة خاخ فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فانطلقنا و أدركناها و قلنا أين الكتاب قالت ما معي كتاب ففتشها الزبير و المقداد و قالا ما نرى معها كتابا فقلت حدث به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و تقولان ليس معها كتاب لتخرجنه أو لأجردنك فأخرجت من حجزتها فلما عادوا إلى النبي قال (صلى الله عليه وآله وسلم) يا حاطب ما حملك على هذا قال أردت أن يكون لي يد عند القوم و ما ارتددت فقال صدق حاطب فلا تقولوا له إلا خيرا
و في هذا إعلام بمعجزات منها إخباره عن الكتاب و إخباره عن بلوغ المرأة روضة خاخ و شهادته لحاطب بالصدق و قد وجد كل ذلك كما أخبر و منها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنفذ عمارا في سفر ليستقي الماء فعرض له شيطان في صورة عبد أسود فصرعه ثلاث مرات .
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الشيطان قد حال بين عمار و بين الماء في صورة عبد أسود و إن الله أظفر عمارا فدخل فأخبر بمثله .
و منها أن وائل بن حجر قال : جاءنا ظهور محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و أنا في ملك عظيم فرفضت ذلك و آثرت الله و رسوله و قدمت عليه فأخبرني أصحابه أنه بشرهم بي قبل قدومي بثلاث فقال هذا وائل بن حجر قد أتاكم من أرض بعيدة .
فلما قدمت عليه أدناني و بسط لي رداه فجلست عليه فصعد المنبر فقال هذا وائل بن حجر أتانا راغبا في الإسلام طائعا بقية أبناء الملوك اللهم بارك في وائل و ولده و ولد ولده .
[61]
و منها أن أبا سعيد الخدري قال : كنا نخرج في الغزوات مترافقين تسعة و عشرة فنقسم العمل فيقعد بعضنا في الرحل و بعضنا يعمل لأصحابه يصنع طعامهم و يسقي ركابهم و طائفة تذهب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاتفق في رفقتنا رجل يعمل عمل ثلاثة نفر يحتطب و يستقي و يصنع طعامنا فذكر ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ذلك رجل من أهل النار فلقينا العدو فقاتلناهم فجرح فأخذ الرجل سهما فقتل به نفسه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أشهد أني رسول الله و عبده .
و منها أن ابن عباس قال : كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جالسا في ظل حجر كاد أن ينصرف عنه الظل فقال إنه سيأتيكم رجل ينظر إليكم بعين شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق فدعاه (صلى الله عليه وآله وسلم) و قال على ما تشتمني أنت و أصحابك فقال لا نفعل قال دعني آتك بهم فدعاهم فجعلوا يحلفون بالله ما قالوا و ما فعلوا فأنزل الله يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ .
و منها : أنه لما قدم العباس المدينة سهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك الليلة فقيل له في ذلك فقال سمعت حس العباس في وثاقه فأطلق فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا عباس افد نفسك و ابني أخيك عقيلا و نوفل بن الحارث فإنك ذو مال فقال
[62]
إني كنت مسلما و لكن قومي استكرهوا علي فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) الله أعلم بشأنك أما ظاهر أمرك كنت علينا فقال يا رسول الله قد أخذ مني عشرون أوقية من ذهب فاحسبها لي من فدائي قال لا ذاك شيء أعطانا الله منك .
قال فإنه ليس لي مال قال فأين المال الذي دفعت بمكة إلى أم الفضل حين خرجت فقلت إن أصابني في سفري هذا شيء فللفضل كذا و لقثم كذا و لعبد الله كذا و لعبيد الله كذا قال فو الذي بعثك بالحق نبيا ما علم بذلك أحد غيري و غيرها فأنا أعلم أنك رسول الله .
و منها : أنه كان جالسا إذ أطلق حبوته فتنحى قليلا ثم مد يده كأنه يصافح مسلما ثم أتانا فقعد فقلنا كنا نسمع رجع الكلام و لا نبصر أحدا .
قال ذلك إسماعيل ملك المطر استأذن ربه أن يلقاني فسلم علي فقلت له اسقنا قال ميعادكم يوم كذا في شهر كذا فلما جاء ميعاده صلينا الصبح فكنا لا نرى شيئا و صلينا الظهر فلم نر شيئا حتى إذا صلينا العصر نشأت سحابة فمطرنا فضحكنا فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لكم قلنا الذي قال الملك .
قال أجل مثل هذا احفظوا .
و منها : أن أبي بن خلف قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة إني أعلف العوراء
[63]
يعني فرسا له أقتلك عليه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل أنا أقتلك إن شاء الله .
فلقي يوم أحد فلما دنا تناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة فمشى إليه فطعنه و انصرف فرجع إلى قريش و هو يقول قتلني محمد قالوا و ما بك بأس قال إنه قال لي بمكة إني أقتلك لو بصق علي لقتلني فمات بسرف .
و منها : أنه لما نزل فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ يعني خمسة نفر فبشر النبي أصحابه أن الله كفاه أمرهم فأتى الرسول البيت و القوم في الطواف و جبرئيل عن يمينه فمر الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فأعمى الله بصره و أثكله ولده .
و مر به الأسود بن عبد يغوث فأومى إلى بطنه , فسقي ماء فمات حبنا .
و مر به الوليد بن المغيرة فأومأ إلى جرح كان في أسفل رجله , فانتقض بذلك فقتله .
و مر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله فخرج على حمار له يريد الطائف فدخلت فيه شوكة فقتلته .
و مر به الحارث فأومأ إليه و تفقأ قيحا فمات .
[64]
و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوما توفي أصحمة رجل صالح من الحبشة فقوموا فصلوا عليه فصلى عليه فكان كذلك .
و منها : أن كسرى كتب إلى فيروز الديلمي و هو من بقية أصحاب سيف بن ذي يزن أن احمل إلي هذا العبد الذي يبدأ باسمه قبل اسمي فاجترى علي و دعاني إلى غير ديني فأتاه فيروز و قال له إن ربي أمرني أن آتيه بك فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن ربي أخبرني أن ربك قتل البارحة فجاء الخبر أن ابنه شيرويه وثب عليه فقتله في تلك الليلة .
فأسلم فيروز و من معه فلما خرج الكذاب العبسي أنفذه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليقتله فتسلق سطحا فلوى عنقه فقتله .
و منها : أن أبا الدرداء كان يعبد صنما في الجاهلية و أن عبد الله بن رواحة و محمد بن مسلمة ينتظران خلوة أبي الدرداء فغاب فدخلا على بيته فكسرا صنمه .
فلما رجع إلى أهله قال من فعل هذا قالت لا أدري سمعت صوتا فجئت و قد خرجوا ثم قالت لو كان يدفع الصنم لدفع عن نفسه فقال أعطيني حلتي فلبسها فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا أبو الدرداء يجيء و يسلم فإذا هو جاء فأسلم .
[65]
و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر أبا ذر بما جرى عليه بعد وفاته فقال كيف بك إذا أخرجت من مكانك قال أذهب إلى المسجد الحرام .
فقال كيف بك إذا أخرجت منه قال أذهب إلى الشام .
قال كيف بك إذا أخرجت منها قال أعمد إلى سيفي فأضرب حتى أقتل قال لا تفعل و لكن اسمع و أطع و كان ما كان حتى أخرج إلى الربذة . و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة (عليها السلام) إنك أول أهل بيتي لحوقا بي
و كانت أول من مات بعده . و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأزواجه أطولكن يدا أسرعكن بي لحوقا
قالت عائشة كنا نتطاول بالأيدي حتى ماتت زينب بنت جحش .
[66]
و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر زيد بن صوحان فقال زيد و ما زيد يسبق منه عضو إلى الجنة فقطعت يده يوم نهاوند في سبيل الله .
و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لا كسرى بعد كسرى و لا قيصر بعد قيصر لتنفقن كنوزهما في سبيل الله فكان كما قال . و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يوم الخندق لأصحابه لئن أمسيتم قليلا لتكثرن و إن أمسيتم ضعفاء لتشرقن حتى تصيروا نجوما يهتدى بكم و بواحد منكم
فكان كما قال .
و منها : ما أخبر عن أم ورقة الأنصارية فكان يقول انطلقوا بنا إلى الشهيدة نزورها فقتلها غلام و جارية لها بعد وفاته . و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في محمد بن الحنفية يا علي سيولد لك ولد قد نحلته اسمي و كنيتي .
و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال رأيت في يدي سوارين من ذهب فنفختهما فطارا فأولتهما هذين الكذابين مسيلمة كذاب اليمامة و كذاب صنعاء العنسي
[67]
و منها أن عبد الله بن الزبير قال : احتجم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذت الدم لأهريقه فلما برزت حسوته فلما رجعت قال ما صنعت قلت جعلته في أخفى مكان .
قال ألفاك شربت الدم فقال ويل للناس منك و ويل لك من الناس . و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فتنبحها كلاب الحوأب
و روي : لما أقبلت عائشة مياه بني عامر ليلا نبحتها كلاب الحوأب قالت ما هذا قالوا الحوأب قالت ما أظنني إلا راجعة ردوني
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لنا ذات يوم كيف بإحداكن إذا نبح عليها كلاب الحوأب
[68]
و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف و جاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه .
و منها أن أم سلمة قالت : كان عمار ينقل اللبن لمسجد الرسول و كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يمسح التراب عن صدره و يقول تقتلك الفئة الباغية .
و منها ما روى أبو سعيد الخدري : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قسم يوما قسما فقال رجل من تميم اعدل فقال ويحك و من يعدل إذا لم أعدل .
قيل نضرب عنقه قال لا إن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته و صيامه مع صلاتهم و صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية آيتهم رجل أدعج أحد ثدييه مثل ثدي المرأة .
قال أبو سعيد : و إني كنت مع علي (عليه السلام) حين قتلهم فالتمس في القتلى بالنهروان فأتي به على النعت الذي نعته رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
[69]
و منها أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : تبنى مدينة بين دجلة و دجيل و قطربل و الصراة تجبى إليها خزائن الأرض يخسف بها يعني بغداد .
و ذكر أرضا يقال لها البصرة إلى جنبها نهر يقال له دجلة ذو نخل ينزل بها بنو قنطورا يتفرق الناس فيه ثلاث فرق .
ففرقة تلحق بأهلها فيهلكون و فرقة تأخذ على أنفسها فيكفرون و فرقة تجعل ذراريهم خلف ظهورهم يقاتلون قتلاهم شهداء يفتح الله على بقيتهم .
و منها أنه روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال : لما ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال إبليس لأبلسة قد أنكرت الليلة الأرض فصاح في الأبالسة فاجتمعوا إليه فقال اخرجوا فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث فذهبوا ثم رجعوا و قالوا ما وجدنا شيئا قال أنا لها
[70]
ثم ضرب بذنبه على الأرض على قذاله ثم اغتمس في الدنيا حتى انتهى إلى الحرم فوجده منطبقا بالملائكة فذهب ليدخل فصاح به جبرئيل (عليه السلام) فقال ما وراءك فقال حرف أسألك عنه أ لي فيه نصيب قال لا قال أ لي في أمته قال نعم فلما أصبحوا أقبل رجل من أهل الكتاب إلى الملأ من قريش فقال أ ولد فيكم الليلة مولود قالوا لا قال فولد إذا بفلسطين غلام اسمه أحمد له شامة كلون الخز الأدكن فتفرق القوم فبلغهم أنه ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام قالوا فطلبناه و قلنا له إنه ولد فينا غلام قال قبل أن قلت لكم أو بعده قالوا قبل قال فانطلقوا بنا ننظر إليه فانطلقوا فقالوا لأمه أخرجي ابنك حتى ننظر إليه قالت إن ابني و الله لقد سقط فما سقط كما يسقط الصبيان لقد اتقى الأرض بيديه و رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ثم خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بصرى و سمعت هاتفا يقول قد ولدتيه سيد هذه الأمة فإذا وضعتيه فقولي :
أعيذه بالواحد *** من شر كل حاسد
و كل خلق مارد *** يأخذ بالمراصد
في طرق الموارد *** من قائم و قاعد
و سميه محمدا
فأخرجته فنظر إليه و إلى الشامة التي بين كتفيه فخر مغشيا عليه فأخذوا الغلام و ردوه إلى أمه و قالوا بارك الله لك فيه فلما أفاق قالوا له ما لك قال ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة هذا و الله الغلام الذي يبيرهم ثم قال لقريش فرحتم أما و الله ليسطون بكم سطوة يتحدث
[71]
بها أهل المشرق و المغرب و كان أبو سفيان يقول إنما يسطو بمضر و أتي به عبد المطلب فأخذه و وضعه في حجره فقال
الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردانقد ساد في المهد على الغلمان
و منها ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : فنشأ رسول الله في حجر أبي طالب فبينا هو غلام يجيء بين الصفا و المروة إذ نظر إليه رجل من أهل الكتاب فقال ما اسمك قال اسمي محمد قال ابن من قال ابن عبد الله قال ابن من قال ابن عبد المطلب قال فما اسم هذه و أشار إلى السماء قال السماء قال فما اسم هذه و أشار إلى الأرض قال الأرض قال فمن ربهما قال الله قال فهل لهما رب غير الله قال لا ثم إن أبا طالب خرج به معه إلى الشام في تجارة قريش فلما انتهى به إلى بصرى و فيها راهب لم يكلم أهل مكة إذا مروا به و رأى علامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الركب فإنه رأى غمامة تظله في مسيره و نزل تحت شجرة قريبة من صومعته فتثنت أغصان الشجرة عليه و الغمامة على رأسه بحالها فصنع لهم طعاما فاجتمعوا عليه و تخلف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما نظر بحيرا إليهم و لم ير الصفة التي يعرف قال فهل تخلف منكم أحد قالوا لا و اللات و العزى إلا صبي فاستحضره فلما لحظ إليه نظر إلى أشياء من جسده قد كان يعرفها من صفته فلما تفرقوا قال يا غلام أ تخبرني عن أشياء أسألك عنها قال سل قال أنشدك باللات و العزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه و إنما أراد أن
[72]
يعرف لأنه سمعهم يحلفون بهما فذكروا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له لا تسألني باللات و العزى فإني و الله لم أبغض بغضهما شيئا قط قال فبالله إلا أخبرتني عما أسألك عنه قال فجعل يسأله عن حاله في نومه و هيئته و أموره فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبره فكان يجدها موافقة لما عنده فقال له اكشف عن ظهرك فكشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على الموضع الذي يجده عنده فأخذه الأفكل و هو الرعدة و اهتز الديراني فقال من أبو هذا الغلام قال أبو طالب هو ابني قال لا و الله لا يكون أبوه حيا قال أبو طالب إنه ابن أخي قال فما فعل أبوه قال مات و هو ابن شهرين قال صدقت قال فارجع بابن أخيك إلى بلادك و احذر عليه اليهود فو الله لئن رأته و عرفوا منه الذي عرفت ليبغينه شرا فخرج أبو طالب فرده إلى مكة .
و منها : أن زبيرا و تماما و إدريسا كانوا نفرا من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من علامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل ما رأى بحيرا فذكرهم بالله ما يجدون من ذكره و صفته و أنهم اجتمعوا على ما أرادوا فعرفوا ما قال و صدقوه و انصرفوا فذكرهم أبو طالب في قصيدة
[73]
فصل :
ذكر نبينا في الكتب المتقدمة:
و نذكر هاهنا شيئا مما في الكتب المتقدمة من ذكر نبينا و كيف بشرت الأنبياء به قبله بألفاظهم .
منها ألفاظ التوراة في هذا الباب :
في السفر الأول منه : إن الملك نزل على إبراهيم فقال له إنه يولد في هذا العالم لك غلام اسمه إسحاق فقال إبراهيم ليت إسماعيل يعيش بين أيديك بخدمتك فقال الله لإبراهيم لك ذلك قد استجبت في إسماعيل و إني أبركه و آمنه و أعظمه بما استجبت فيه .
و تفسير هذا الحرف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .
و فيه أيضا مكتوب : و أما ابن الأمة فقد باركت عليه جدا جدا و يلد اثني عشر عظيما و أصيره لأمة كثيرة .
و قال في التوراة : إن الملك نزل على هاجر أم إسماعيل و قد كانت خرجت مغاضبة لسارة و هي تبكي فقال لها ارجعي و اخدمي مولاتك و اعلمي أنك تلدين غلاما يسمى إسماعيل و هو يكون معظما في الأمم و يده على كل يد .
و لم يكن ذلك لإسماعيل و لا لأحد من ولده غير نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) .
و قال في التوراة : إن إبراهيم لما خرج بإسماعيل و أمه هاجر أصابهما عطش فنزل عليهما ملك و قال لها لا تهاوني بالغلام و شدي يديك به فإني أريد أن أصيره لأمر عظيم .
فإن قيل هذا تبشير بملك و ليس فيه ذكر نبوة .
قلنا : الملك ملكان ملك كفر و ملك هدى و لا يجوز أن يبشر الله إبراهيم (عليه السلام) و هاجر بظهور الكفر في ولدهما و يصفه بالعظم .
[74]
و قال في التوراة : أقبل من سيناء و تجلى من ساعير و ظهر من جبل فاران .
فسيناء جبل كلم الله عليه موسى .
و ساعير هو الجبل الذي بالشام كان فيه عيسى و جبل فاران مكة .
و في التوراة : إن إسماعيل سكن برية فاران و نشأ فيها و تعلم الرمي .