[90]
أي لا يحل له أن يأخذها و هو يقدر أن يكف نفسه عنها .
و منها أن أبا جعفر (عليه السلام) قال : بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما جالسا إذ قام متغير اللون فتوسط المسجد ثم أقبل يناجي فمكث طويلا ثم رجع إليهم فقالوا يا رسول الله رأينا منك منظرا ما رأيناه فيما مضى قال إني نظرت إلى ملك السحاب إسماعيل و لم يهبط إلى الأرض إلا بعذاب فوثبت مخافة أن يكون قد نزل في أمتي بشيء فسألته ما أهبطه فقال استأذنت ربي في السلام عليك فأذن لي قلت فهل أمرت فيها بشيء قال نعم في يوم كذا في شهر كذا في ساعة كذا فقام المنافقون و ظنوا أنهم على شيء فكتبوا ذلك اليوم و كان أشد يوم حرا فأقبل القوم يتغامزون فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) انظر هل ترى في السماء شيئا فخرج ثم قال أرى في مكان كذا كهيئة الترس غمامة فما لبثوا أن جللتهم سحابة سوداء ثم هطلت عليهم حتى ضج الناس .
و منها أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال : من الناس من لا يؤمن إلا بالمعاينة و منهم من يؤمن بغيرها إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أرني آية فقال بيده إلى النخلة فذهبت يمنة ثم قال هكذا فذهبت يسرة فآمن الرجل .
و منها أن عليا (عليه السلام) بكى يوما و قال : ماتت أمي فنهض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال هي و الله أمي حقا ما رأيت من عمي شيئا إلا و قد رأيت منها أكثر منه ثم صاح يا أم سلمة هذه بردتي فأزريها فيها و هذه قميصي فدرعيها فيها و هذا ردائي فأدرجيها فيه فإذا فرغت من غسلها فأعلميني
[91]
فأعلمته أم سلمة فحملها على سريرها ثم صلى عليها ثم نزل لحدها فلبث ما شاء الله لا يسمع له إلا همهمة ثم صاح يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله قال هل رأيت ما ضمنت لك قالت نعم فجزاك الله عني في المحيا و الممات أفضل الجزاء فلما سوى عليها و خرج سئل عنها فقال قرأت عليها يوما وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فقالت يا رسول الله و ما فرادى قلت عراة قالت وا سوأتاه فسألت الله ألا تبدى عورتها ثم سألتني عن منكر و نكير فأخبرتها بحالهما بأنهما كيف يجيئان قالت وا غوثاه بالله منهما فسألت الله أن لا يريهما إياها و أن يفسح لها في قبرها و أن يحشرها في أكفانها .
و منها : أن رجلا مات و إذا الحفارون لم يحفروا شيئا فشكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قالوا ما يعمل حديدنا في الأرض كما نضرب في الصفا .
قال و لم إن كان صاحبكم لحسن الخلق ائتوني بقدح من ماء فأدخل يده فيه ثم رشه على الأرض رشا فحفر الحفارون فكأنما رمل يتهايل عليهم .
و منها أن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) الرجل يكون في المسجد فتكون الصفوف مختلفة فيها الناقصة فأميل إليه أسعى حتى أتمه قال لا بأس إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ألا أيها الناس إني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي فلتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم
[92]
و منها أن ابن الكواء قال لعلي (عليه السلام) : بما كنت وصي محمد من بين بني عبد المطلب قال ادن ما الخير تريد لما نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمعنا رسول الله و نحن أربعون رجلا فأمرني فأنضجت له رجل شاة و صاعا من طعام أمرني فطحنته و خبزته و أمرني فأدنيته ثم قال فقال تقدم علي عشرة عشرة من أجلتهم فأكلوا حتى صدروا و بقي الطعام كما كان و إن منهم لمن يأكل الجذعة و يشرب الفرق فأكلوا منها كلهم أجمعون فقال أبو لهب سحركم صاحبكم فتفرقوا عنه و دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثانية ثم قال أيكم يكون أخي و وصيي و وارثي
[93]
فعرض عليهم كلهم و كلهم يأبى حتى انتهى إلي و أنا أصغرهم سنا و أعمشهم عينا و أحمشهم ساقا فقلت أنا فرمى إلي بنعله فلذلك كنت وصيه من بينهم .
و منها أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال : قال عبد الله بن أمية لرسول الله إنا لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله و الملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من ذهب أو ترقى في السماء و لن نؤمن لرقيك و الله لو فعلت ذلك ما كنت أدري أصدقك أم لا فانصرف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم نظروا في أمورهم فقال أبو جهل
[94]
لئن أصبحت و هو قد دخل المسجد لأطرحن على رأسه أعظم حجر أقدر عليه فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المسجد فصلى و أخذ أبو جهل الحجر و قريش تنظر فلما دنا رمى بالحجر من يده و أخذته الرعدة فقالوا ما لك قال رأيت أمثال الجبال مقنعين في الحديد لو تحركت أخذوني .
و منها أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأتي مراضع فاطمة (عليها السلام) فيتفل في أفواههم ثم يقول لفاطمة لا ترضعيهم .
و منها أن محمد بن عبد الحميد روى عن عاصم بن حميد عن يزيد بن خليفة قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) قاعدا فسأله رجل من القميين قال أ تصلي النساء على الجنائز فقال إن المغيرة بن أبي العاص ادعى أنه رمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكسر رباعيته و شق شفتيه و كذب و ادعى أنه قتل حمزة و كذب فلما كان يوم الخندق ضرب على أذنيه فنام فلم يستيقظ حتى أصبح فخشي أن يجيء الطلب فيأخذوه فتنكر و تقنع بثوبه و جاء إلى منزل عثمان يطلبه و تسمى
[95]
باسم رجل من بني سليم كان يجلب إلى عثمان الخيل و الغنم و السمن فجاء عثمان فأدخله منزله و قال ويحك ما صنعت ادعيت أنك رميت رسول الله و ادعيت أنك شققت شفتيه و كسرت رباعيته و ادعيت أنك قتلت حمزة و أخبره بما لقي و أنه ضرب على أذنه فلما سمعت ابنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بما صنع بأبيها و عمها صاحت فأسكتها عثمان ثم خرج عثمان إلى رسول الله و هو جالس في المسجد فاستقبله بوجهه و قال يا رسول الله إنك آمنت عمي المغيرة و كذب فصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهه عنه ثم استقبله من الجانب الآخر فقال يا رسول الله إنك آمنت عمي المغيرة و كذب فصرف عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجهه ثلاثا ثم قال قد آمناه و أجلناه ثلاثا فلعن الله من أعطاه راحلة أو رحلا أو قتبا أو سقى أو قربة أو إداوة أو خفا أو نعلا أو زادا أو ماء قال عاصم هذه عشرة أشياء فأعطاها كلها إياه عثمان فخرج فسار على ناقته فنقبت ثم مشى في خفيه فنقبا ثم مشى في نعليه فنقبتا ثم مشى على رجليه فنقبتا ثم جثا على ركبتيه فنقبتا فأتى شجرة فجلس تحتها فجاء الملك فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكانه فبعث إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) زيدا و الزبير فقال لهما ائتياه فهو في مكان كذا و كذا فاقتلاه فلما انتهيا إليه قال زيد للزبير إنه ادعى أنه قتل أخي و قد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آخى بين حمزة و زيد فاتركني أقتله فتركه الزبير فقتله
[96]
فرجع عثمان من عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لامرأته إنك أرسلتي إلى أبيك فاعلمتيه بمكان عمي فحلفت له بالله ما فعلت فلم يصدقها فأخذ خشبة القتب فضربها ضربا مبرحا فأرسلت إلى أبيها تشكو ذلك و تخبره بما صنع فأرسل إليها إني لأستحيي للمرأة أن لا تزال تجر ذيولها تشكو زوجها فأرسلت إليه أنه قد قتلني فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) خذ السيف ثم ائت بنت عمك فخذ بيدها فمن حال بينك و بينها فاضربه بالسيف فدخل عليها علي (عليه السلام) فأخذ بيدها فجاء بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرته ظهرها فقال أبوها قتلها قتله الله فمكثت يوما و ماتت في الثاني و اجتمع الناس للصلاة عليها فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بيته و عثمان جالس مع القوم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ألم بجاريته الليلة فلا يشهد جنازتها قالها مرتين و هو ساكت فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليقومن أو لأسمينه باسمه و اسم أبيه فقام يتوكأ على مهين قال فخرجت فاطمة (عليها السلام) في نسائها فصلت على أختها
[97]
و منها ما رواه جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما على علي (عليه السلام) و الزبير قائم معه يكلمه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما تقول له فو الله لتكونن أول العرب تنكث بيعته .
و منها أن أبا بصير روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) : أنه كان في المسجد الحرام ثلاثمائة و ستون صنما و أن بعضها فيما يزعمون مشدود ببعضها بالرصاص فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفا من حصى فرماها في عام الفتح ثم قال جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً فما بقي منها صنم إلا خر لوجهه فأمر بها فأخرجت من المسجد فطرحت و كسرت فلما دخل وقت صلاة الظهر أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلالا فصعد على الكعبة فقال عكرمة أكره أن أسمع صوت ابن رباح ينهق على الكعبة
[98]
و حمد الله خالد بن أسيد أن أباه أبا عتاب توفي و لم ير ذلك و قال أبو سفيان لا أقول شيئا لو نطقت لظننت أن هذه الجدر ستخبر به محمدا فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتي بهم فقال عتاب نستغفر الله و نتوب إليه قد و الله يا رسول الله قلنا فأسلم و حسن إسلامه فولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة .
و منها أن الصادق (عليه السلام) قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقبل إلى الجعرانة فقسم فيها الأموال و جعل الناس يسألونه و يعطيهم حتى ألجئوه إلى شجرة فأخذت برده و خدشت ظهره حتى رحلوه عنها و هم يسألونه فقال أيها الناس ردوا علي بردي و الله لو كان عندي عدد شجر تهامة نعما لقسمته بينكم ثم ما ألفيتموني جبانا و لا بخيلا ثم خرج من الجعرانة في ذي القعدة قال فما رأيت تلك الشجرة إلا خضراء كأنما يرش عليها الماء و في رواية أخرى حتى انتزعت الشجرة رداءه و خدشت ظهره .
و منها : أنه في وقعة تبوك أصاب الناس عطش فقالوا يا رسول الله لو دعوت الله
[99]
لسقانا فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لو دعوت الله لسقيت قالوا يا رسول الله ادع الله ليسقينا فدعا فسالت الأودية و إذا قوم على شفير الوادي يقولون مطرنا بنوء الذراع و بنوء كذا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أ لا ترون فقال خالد أ لا أضرب أعناقهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا هم يقولون هكذا و هم يعلمون أن الله أنزله .
و منها أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال : قال الناس في غزوة تبوك تخلف أبو ذر فنزل بسحر طويل فلم يبرح مكانه حتى أصبح ثم جعل يرمق الطريق حتى طلع أبو ذر يحمل كساه على عاتقه قال و قد تخلف عنه بعيره فتلوم عليه فلما أبطأ عليه أخذ متاعه و مضى قال هذا أبو ذر فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبو ذر يمشي وحده و يجيء وحده و يموت وحده و يبعث وحده اسقوه فإنه عطشان فقلنا يا رسول الله هذه إداوة معلقة معه بعصاة مملوءة ماء
[100]
قال فالتفت و قال فإياكم أن تقتلوه اسقوه فإنه عطشان قال أبو قتادة فأخذت قدحي فملأته ثم سعيت به نحوه حتى لقيته فبرك على ركبتيه ثم شرب حتى أتى عليه فقلت رحمك الله أ بلغ منك العطش ما أرى و هذه إداوة معك مملوءة ماء قال إني مررت على نضحة من السماء على صخرة فأوعيتها إداوتي و قلت أسقيها رسول الله .
و منها أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال : ما زال القرآن ينزل بكلام المنافقين حتى تركوا الكلام و اقتصروا بالحواجب يغمزون فقال بعضهم ما تأمنون أن تسموا في القرآن فتفتضحوا أنتم و عقبكم هذه عقبة بين أيدينا لو رمينا به منها يتقطع فقعدوا على العقبة و يقال لها عقبة ذي فيق قال حذيفة كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد النوم على ناقته اقتصدت في السير فقال حذيفة قلت ليلة من الليالي لا و الله لا أفارق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال فجعلت أحبس ناقتي عليه فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال هذا فلان و فلان و فلان حتى عدهم قد قعدوا ينفرون بك
[101]
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا فلان يا فلان يا فلان يا أعداء الله حتى سماهم بأسمائهم كلهم ثم نظر فإذا حذيفة فقال عرفتهم قلت نعم برواحلهم و هم متلثمون فقال لا تخبر بهم أحدا فقلت يا رسول الله أ فلا تقتلهم قال إني أكره أن يقول الناس قاتل بهم حتى إذا ظفر قتلهم و كانوا من قريش .
و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لجيش بعثهم إلى أكيدر دومة الجندل أما إنكم تأتونه فتجدونه يصيد البقر فوجدوه كذلك .
[102]
و منها : أنه لما نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ قال نعيت إلي نفسي و إني مقبوض فمات في تلك السنة و قال لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن إنك لا تلقاني بعد هذا .
و منها أن الصادق (عليه السلام) قال : أصابت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة المصطلق ريح شديدة فتت الرحال و كادت تدفنها فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أما إنها موت منافق قالوا فقدمنا المدينة فوجدنا رفاعة بن زيد مات في ذلك اليوم و كان عظيم النفاق و كان أصله من اليهود فضلت ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تلك الريح فزعم يزيد بن الأصيب و كان في منزل عمارة بن حزم كيف يقول إنه يعلم الغيب و لا يدري أين ناقته فقالوا بئس ما قلت و الله ما يقول هو إنه يعلم الغيب و هو صادق فأخبر النبي بذلك فقال لا يعلم الغيب إلا الله و إن الله أخبرني أن ناقتي في هذا الشعب تعلق زمامها بشجرة فوجدوها كذلك و لم يبرح أحد من ذلك الموضع فأخرج عمارة بن الأصيب من منزله .
و منها أن سلمان قال : كنت صائما فلم أقدر إلا على الماء ثلاثا فأخبرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك فقال اذهب بنا .
[103]
قال فمررنا فلم نصب شيئا إلا عنزة فقال رسول الله لصاحبها قربها قال حائل قال قربها فقربها فمسح موضع ضرعها فأسدلت قال لصاحبها قرب قعبك فجاء فملأه لبنا فأعطاه صاحب العنز فقال اشرب فشرب ثم ملأ القدح و ناولني فشربته ثم أخذ القدح فملأه فشرب .
و منها أن أنسا قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدخل عليكم من هذا الباب خير الأوصياء و أدنى الناس منزلة من الأنبياء فدخل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال لعلي اللهم أذهب عنه الحر و البرد فلم يجدهما حتى مات فإنه كان يخرج في قميص في الشتوة .
و منها : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب إلى قيس بن عرنة البجلي يأمره بالقدوم عليه فأقبل و معه خويلد بن الحارث الكلبي حتى إذا دنا من المدينة هاب الرجل أن يدخل .
فقال له قيس أما إذا أبيت أن تدخل فكن في هذا الجبل حتى آتيه فإن رأيت الذي تحب أدعوك فاتبعني .
فأقام و مضى قيس حتى إذا دخل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسجد فقال يا رسول الله أنا آمن قال نعم و صاحبك الذي تخلف في الجبل قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله .
[104]
فبايعه و أرسل إلى صاحبه فأتاه فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا قيس إن قومك قومي و إن لهم في الله و في رسوله خلفا .
و منها : أن هرقل بعث رجلا من غسان و أمره أن يأتيه بخبر محمد و قال له احفظ لي من أمره ثلاثا انظر على أي شيء تجده جالسا و من على يمينه و إن استطعت أن تنظر إلى خاتم النبوة فافعل .
فخرج الغساني حتى أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فوجده جالسا على الأرض و وجد علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن يمينه و جعل رجليه في ماء يفور فقال من هذا على يمينه قيل ابن عمه فكتب ذلك و نسي الغساني الثالثة .
فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تعال فانظر إلى ما أمرك به صاحبك .
فنظر إلى خاتم النبوة فانصرف الرسول إلى هرقل .
قال ما صنعت قال وجدته جالسا على الأرض و الماء يفور تحت قدميه .
و وجدت عليا ابن عمه عن يمينه و أنسيت ما قلت لي في الخاتم فدعاني فقال هلم إلى ما أمرك به صاحبك فنظرت إلى خاتم النبوة .
فقال هرقل هو هذا الذي بشر به عيسى ابن مريم أنه يركب البعير فاتبعوه و صدقوه ثم قال للرسول اخرج إلى أخي فأعرض عليه فإنه شريكي في الملك فقلت له فما طاب نفسه عن ذهاب ملكه .
و منها : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقي في غزوة ذات الرقاع رجلا من محارب يقال له عاصم فقال له يا محمد أ تعلم الغيب قال لا يعلم الغيب إلا الله قال و الله لجملي هذا أحب إلي من إلهك .
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لكن الله قد أخبرني من علم غيبه أنه تعالى سيبعث عليك قرحة في
[105]
مسبل لحيتك حتى تصل إلى دماغك فتموت و الله إلى النار فرجع فبعث الله قرحة فأخذت في لحيته حتى وصلت إلى دماغه فجعل يقول لله در القرشي إن قال بعلم أو زجر فأصاب .
و منها أن أبا ذر قال : يا رسول الله إني قد اجتويت المدينة أ فتأذن لي أن أخرج أنا و ابن أخي إلى الغابة فنكون بها قال إني أخشى أن تغير حي من العرب فيقتل ابن أخيك فتأتي تسعى فتقوم بين يدي متكئا على عصاك فتقول قتل ابن أخي و أخذ السرح فقال يا رسول الله بل لا يكون إلا خيرا فأذن له فأغارت خيل بني فزارة فأخذوا السرح و قتلوا ابن أخيه فجاء أبو ذر معتمدا على عصاه و وقف عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و به طعنة قد جافته فقال صدق الله و رسوله .
[106]
و منها : أن أبا ذر أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و كان نائما في حائط فكره أن ينبهه فأراد أن يستبرئ نومه من يقظته فتناول عسيبا يابسا فكسره فسمعه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا أبا ذر أ ما تعلم أني أرى أعمالكم في منامي كما أرى في يقظتي إن عيني تنامان و لا ينام قلبي . و منها : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال للعباس ويل لذريتي من ذريتك فقال يا رسول الله فأختصي فقال إنه أمر قد قضي أي لا ينفع الخصاء فعبد الله قد ولد و صار له ولد .
و منها : أن وابصة بن معبد الأسدي أتاه و قال في نفسه لا أدع من البر و الإثم شيئا إلا سألته فلما أتاه قال له بعض أصحابه إليك يا وابصة عن سؤال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دعوا وابصة ادن فدنوت فقال تسأل عما جئت له أم أخبرك قال أخبرني قال جئت تسأل عن البر و الإثم قال نعم فضرب يده على صدره ثم قال البر ما اطمأنت إليه النفس و البر ما اطمأن إليه الصدر
[107]
و الإثم ما تردد في الصدر و جال في القلب و إن أفتاك الناس و إن أفتوك .
و منها : أنه أتاه وفد عبد القيس فدخلوا عليه فلما أدركوا حاجتهم قال ائتوني بتمر أرضكم مما معكم فأتاه كل واحد منهم بنوع منه فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا يسمى كذا و هذا يسمى كذا قالوا أنت أعلم بتمر أرضنا منا .
فوصف لهم أرضهم فقالوا دخلتها قال لا و لكن فسح لي فنظرت إليها .
فقام رجل منهم فقال يا رسول الله هذا خالي و به خبل .
فأخذ بردائه و قال اخرج يا عبد الله ثلاثا ثم أرسله فبرأ .
فأتوه بشاة هرمة فأخذ إحدى أذنيها بين إصبعيه فصار لها ميسما ثم قال خذوها فإن هذا ميسم في آذان ما تلد إلى يوم القيامة فهي تتوالد كذلك .
و منها : أنه كان في سفر فمر على بعير قد أعيا و أقام على أصحابه فدعا بماء فتمضمض منه في إناء و توضأ و قال افتح فاه و صب في فيه من ذلك الماء و على رأسه ثم قال اللهم احمل خلادا و عامرا و رفيقهما و هما صاحبا الجمل .
فركبوه و إنه ليهتز بهم أمام الخيل .
و منها : أنه مر على بعير ساقط فبصبص له فقال إنه يشكو ولاية أهله و سأله أن يخرج عنهم فسأل عن أصحابه فأتاه صاحبه فقال له
[108]
بعه و أخرجه عنك فأبى و البعير يرغو ثم نهض و تبع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يسألني أن أتولى أمره فباعه من علي (عليه السلام) فلم يزل عنده إلى أيام صفين .
و منها : أن ناقة ضلت لبعض أصحابه في سفر كان فيه فقال صاحبها لو كان نبيا لعلم أين الناقة فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) الغيب لا يعلمه إلا الله انطلق يا فلان فإن ناقتك بمكان كذا قد تعلق زمامها بشجرة فوجدها كما قال .
و منها أن عليا (عليه السلام) قال : دخلت السوق فابتعت لحما بدرهم و ذرة بدرهم فأتيت بهما فاطمة (عليها السلام) حتى إذا فرغت من الخبز و الطبخ قالت لو أتيت أبي فدعوته فخرجت و هو مضطجع و هو يقول أعوذ بالله من الجوع ضجيعا فقلت يا رسول الله عندنا طعام فاتكأ علي و مضينا نحو فاطمة فلما دخلنا قال هلم طعامك يا فاطمة فقدمت إليه البرمة و القرص فغطى القرص و قال اللهم بارك لنا في طعامنا ثم قال اغرفي لعائشة فغرفت ثم قال اغرفي لأم سلمة فما زالت تغرف حتى وجهت إلى نسائه التسع بقرصة قرصة و مرق ثم قال اغرفي لأبيك و بعلك ثم قال اغرفي و كلي و أهدي لجيرانك ففعلت و بقي عندهم ما يأكلون أياما .
و منها : أن امرأة عبد الله بن مسلم أتته بشاة مسمومة و مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بشر
[109]
بن البراء بن معرور فتناول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذراع و تناول بشر الكراع .
فأما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلاكها و لفظها و قال إنها لتخبرني أنها مسمومة .
و أما بشر فلاك المضغة فابتلعها فمات فأرسل إليها فأقرت .
فقال ما حملك على ما فعلت قالت قتلت زوجي و أشراف قومي فقلت إن كان ملكا قتلته و إن كان نبيا فسيطلعه الله عليه .
و منها : أن سعد بن عبادة أتاه عشية و هو صائم فدعاه إلى طعامه و دعا معه عليا (عليه السلام) فلما أكلوا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نبي و وصي أفطرا عندك و أكل طعامك الأبرار و أفطر عندك الصائمون و صلت عليك الملائكة فحمله سعد على حمار قطوف و ألقى عليه قطيفة و إنه لهملاج لا يساير .
و منها : أنه أقبل إلى الحديبية و في الطريق يوم خرج وشل بقدر ما يروي الراكب و الراكبين فقال من سبقنا إلى الماء فلا يستقين .