back page fehrest page next page

[110]

فلما انتهى إليه دعا بقدح فتمضض فيه ثم صب في الماء فشربوا و ملئوا إداواتهم و مياضيهم و توضئوا فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لئن بقيتم أو بقي منكم ليسمعن بسقي ما بين يديه من كثرة مائه .

فوجدوا من ذلك ما قال .

و منها : أن أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري مرت به أيام حفرهم الخندق فقال لها أين تريدين قالت آتي عبد الله بهذه التمرات .

فقال هاتيهن فنثرت في كفه ثم دعا بالأنطاع ثم نادى هلموا فكلوا .

فأكلوا فشبعوا و حملوا ما أرادوا معهم و دفع ما بقي إليها .

و منها : أنه كان في سفر فأجهد الناس جوعا فقال من كان معه زاد فليأتنا فأتاه نفر منهم بمقدار صاع فدعا بالأزر و الأنطاع ثم صفف التمر عليها و دعا ربه فأكثر الله ذلك التمر حتى كان أزوادهم إلى المدينة .

و منها أن أعرابيا أتاه (عليه السلام) فقال : إني أريد أن أسألك عن أشياء فلا تغضب قال سل عما شئت فإن كان عندي أجبتك و إلا سألت جبرئيل فقال أخبرنا عن الصليعاء و القريعاء و عن أول دم وقع على وجه الأرض و عن

[111]

خير بقاع الأرض و عن شرها فقال يا أعرابي هذا ما سمعت به و لكنني يأتيني جبرئيل فأسال منه فهبط فسأله فقال هذه أسماء ما سمعت بها قط فعرج إلى السماء ثم هبط فقال أخبر الأعرابي أن الصليعاء هي السباخ التي يزرعها أهلها فلا تنبت شيئا و أما القريعاء فالأرض التي يزرعها أهلها فتنبت هاهنا طاقة و هاهنا طاقة فلا ترجع إلى أهلها نفقاتهم و خير بقاع الأرض المساجد و شرها الأسواق و هي ميادين إبليس إليها يغدو و إن أول دم وقع على الأرض مشيمة حواء حين ولدت قابيل بن آدم .

و منها أن قوما من اليهود قالوا للصادق (عليه السلام) : أي معجز يدل على نبوة محمد قال كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين مع ما أعطي من الحلال و الحرام و غيرهما مما لو ذكرناه لطالت فقال اليهود و كيف لنا بأن نعلم أن هذا كما وصفت فقال لهم موسى بن جعفر (عليه السلام) و هو صبي و كان حاضرا و كيف لنا بأن نعلم ما تذكرون من آيات موسى أنها على ما تصفون قالوا علمنا ذلك بنقل الصادقين قال لهم موسى بن جعفر (عليه السلام) فاعلموا صدق ما أنبأكم به بخبر طفل لقنه الله من غير تعليم و لا معرفة عن الناقلين فقالوا نشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنكم الأئمة الهادية و الحجج من عند الله على خلقه فوثب أبو عبد الله (عليه السلام) فقبل بين عيني موسى بن جعفر (عليه السلام) ثم قال أنت القائم من بعدي فلهذا قالت الواقفية إن موسى بن جعفر (عليه السلام) حي و إنه القائم

[112]

ثم كساهم أبو عبد الله (عليه السلام) و وهب لهم و انصرفوا مسلمين و لا شبهة في ذلك لأن كل إمام يكون قائما بعد أبيه فأما القائم الذي يملأ الأرض عدلا فهو المهدي بن الحسن العسكري (عليه السلام)

نحلة فدك :

و منها أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج في غزاة فلما انصرف راجعا نزل في بعض الطريق فبينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يطعم و الناس معه إذ أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال يا محمد قم فاركب فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فركب و جبرئيل معه فطويت له الأرض كطي الثوب حتى انتهى إلى فدك فلما سمع أهل فدك وقع الخيل ظنوا أن عدوهم قد جاءهم فغلقوا أبواب المدينة و دفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لهم خارج المدينة و لحقوا برءوس الجبال فأتى جبرئيل العجوز حتى أخذ المفاتيح ثم فتح أبواب المدينة و دار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيوتها و قرأها فقال جبرئيل يا محمد هذا ما خصك الله به و أعطاك دون الناس و هو قوله ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى و ذلك في قوله فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ

[113]

و لم يغزوا المسلمون و لم يطئوها و لكن الله أفاءها على رسوله و طوف به جبرئيل في دورها و حيطانها و غلق الباب و دفع المفاتيح إليه فجعلها رسول الله في غلاف سيفه و هو معلق بالرحل ثم ركب و طويت له الأرض كطي الثوب فأتاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هم على مجالسهم لم يتفرقوا و لم يبرحوا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس قد انتهيت إلى فدك و إني قد أفاءها الله علي فغمز المنافقون بعضهم بعضا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه مفاتيح فدك ثم أخرجها من غلاف سيفه ثم ركب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و ركب معه الناس فلما دخل على فاطمة (عليها السلام) فقال يا بنية إن الله قد أفاء على أبيك بفدك و اختصه بها فهي لي خاصة دون المسلمين أفعل بها ما أشاء و إنه قد كان لأمك خديجة على أبيك مهر و إن أباك قد جعلها لك بذلك و نحلتكها تكون لك و لولدك بعدك قال فدعا بأديم عكاظي و دعا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال اكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و شهد على ذلك علي بن أبي طالب و مولى لرسول الله و أم أيمن فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن أم أيمن امرأة من أهل الجنة و جاء أهل فدك إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقاطعهم على أربعة و عشرين ألف دينار في كل سنة

[114]

و منها : أن قريشا أرسلت النضر بن الحرث و عقبة بن أبي معيط إلى اليهود بيثرب فقالوا لهما إذا قدمتما عليهم فاسألوهم عنه .

فلما قدما سألوهم عنه فقالوا صفوا لنا صفته فقالوا و من تبعه قالوا سفلتنا فصاح حبر منهم ثم قال هذا النبي الذي نجد نعته في التوراة و نجد قومه أشد الناس عداوة له .

و منها : أن أبرهة بن يكسوم قاد الفيلة إلى بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعثه فقال عبد المطلب لأبرهة و قد حقره بعد أن عظم شأنه لسؤاله بعيره إن لهذا البيت ربا يمنعه .

ثم رجع أهل مكة فدعا عبد المطلب على أبي قبيس و أهل مكة قد صعدوا و قد تركوا مكة ثم قال لأبي طالب اخرج و انظر ما ذا ترى في السماء .

فرجع و قال أرى طيورا لم تكن في ولايتنا و قد أخبره سيف بن ذي يزن و غيره به فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل و دفعهم عن مكة و أهلها فأهلكهم ببركة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) .

و منها : أن سيف بن ذي يزن حين ظفر بالحبشة وفد عليه قريش و فيهم عبد المطلب فسأله عن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) سرا فأخبره به .

ثم بعد مدة طويلة دخلوا عليه فسألهم عنه و وصف لهم صفته فأقروا جميعا

[115]

أن هذه الصفة في محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال هذا أوان مبعثه و مستقره بيثرب و موته بها .

و منها ما روى معمر بن خلاد عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر (عليهم السلام) قال : كنت عند أبي يوما و أنا طفل خماسي إذ دخل عليه نفر من اليهود فقالوا أنت ابن محمد نبي هذه الأمة و الحجة على أهل الأرض قال لهم نعم قالوا فإنا نجد في التوراة أن الله آتى إبراهيم و ولده الكتاب و الحكم و النبوة و جعل لهم الملك و الإمامة هكذا وجدنا ذرية الأنبياء لا تتعداهم النبوة و الخلافة و الوصية فما بالكم قد تعداكم ذلك و ثبت في غيركم و نلقاكم مستضعفين مقهورين لا ترقب فيكم ذمة نبيكم فدمعت عينا أبي عبد الله (عليه السلام) ثم قال نعم لم تزل أنبياء الله مضطهدة مقهورة مقتولة بغير حق و الظلمة غالبة و قليل من عباد الله الشكور قالوا فإن الأنبياء و أولادهم علموا من غير تعليم و أوتوا العلم تلقينا و كذلك ينبغي لأئمتهم و خلفائهم و أوصيائهم فهل أوتيتم ذلك قال أبو عبد الله (عليه السلام) ادن يا موسى فدنوت فمسح يده على صدري ثم قال اللهم أيده بنصرك بحق محمد و آله ثم قال سلوه عما بدا لكم قالوا كيف نسأل طفلا لا يفقه فقلت سلوني تفقها و دعوا العنت فقالوا أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران قلت العصا و إخراجه يده من جيبه بيضاء و الجراد و القمل و الضفادع و الدم

[116]

و رفع الطور و المن و السلوى آية واحدة و فلق البحر قالوا صدقت فما أعطي نبيكم من الآيات التي نفت الشك عن قلوب من أرسل إليه قلت آيات كثيرة أعدها إن شاء الله فاسمعوا و عوا و افقهوا أما أول ذلك فأنتم تدرون بأن الجن كانت تسترق السمع قبل مبعثه فمنعت في أوان رسالته بالرجوم و انقضاض النجوم و بطلان السحرة و الكهنة و من ذلك كلام الذئب بخبر نبوته و إجماع العدو و الصديق على صدق لهجته و صدق أمانته و عدم جهله أيام طفوليته و حين أيفع و فتى و كهلا لا يعرف له شكل و لا يوازنه مثل و من ذلك أنه كان دعا على مضر فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر و اجعلها عليهم كسنين يوسف فأصابهم سنون و عد معجزات كثيرة .

و منها ما روى عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال : لما كان يوم القضية حين رد المشركون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و من معه و دافعوه عن المسجد أن يدخلوه فهادنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكتبوا بينهم كتابا قال علي فكنت أنا الذي كتبت فكتبت باسمك اللهم هذا كتاب بين محمد رسول الله و بين قريش فقال سهيل بن عمرو لو أقررنا أنك رسول الله لم ينازعك أحد فقلت بل هو رسول الله و أنفك راغم فقال لي رسول الله اكتب له ما أراد ستعطى يا علي بعدي مثلها قال (عليه السلام) فلما كتبت الصلح بيني و بين أهل الشام فكتبت بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب بين علي أمير المؤمنين و بين معاوية بن أبي سفيان

[117]

فقال معاوية و عمرو بن العاص لو علمنا أنك أمير المؤمنين لم ننازعك فقلت اكتبوا ما رأيتم فعلمت أن قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جاء حقا .

و منها : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما تلا وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى قال رجل من قريش كفرت برب النجم فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سلط الله عليك كلبا من كلابه يعني أسدا فخرج مع أصحابه في كثرة إلى الشام حتى إذا كانوا بها رأى أسدا فجعلت فرائصه ترعد فقيل له من أي شي‏ء ترعد و ما نحن و أنت إلا سواء فقال إن محمدا دعا علي لا و الله ما أظلت هذه السماء من ذي لهجة أصدق من محمد ثم وضعوا العشاء فلم يدخل يده فيه ثم جاء القوم فحاطوه بأنفسهم و بمتاعهم و وسطوه بينهم و ناموا جميعا حوله فجاءهم الأسد فهمس يستنشق رجلا رجلا حتى انتهى إليه فضغمه ضغمة كانت إياها و كان بآخر رمق و هو يقول أ لم أقل لكم إن محمدا أصدق الناس و مات .

و منها أن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة قال : ما كان أحد أبغض إلي من محمد و كيف لا يكون ذلك و قد قتل منا ثمانية كل منهم يحمل اللواء .

فلما فتح مكة آيست مما كنت أتمناه من قتله و قلت في نفسي قد دخلت العرب في دينه فمتى أدرك ثاري منه .

فلما اجتمعت هوازن بحنين قصدتهم لآخذ منه غرة فأقتله و دبرت في نفسي

[118]

كيف أصنع فلما انهزم الناس و بقي محمد وحده و النفر الذين بقوا معه جئت من ورائه و رفعت السيف حتى إذا كدت أحطه غشي فؤادي فلم أطق ذلك فعلمت أنه ممنوع .

و روي أنه قال : رفع إلي شواظ من نار حتى كاد أن يحمشني ثم التفت إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لي ادن يا شيبة و قاتل و وضع يده في صدري فصار أحب الناس إلي و تقدمت و قاتلت بين يديه فلو عرض لي أبي لقتلته في نصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

فلما انقضى القتال دخلنا على رسول الله فقال لي الذي أراد الله بك خيرا مما أردته لنفسك و حدثني بجميع ما زورته في نفسي .

فقلت ما اطلع على هذا إلا الله فأسلمت .

و منها : لما حاصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أهل الطائف قال عيينة بن حصين ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلمهم فأذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاءهم فقال أدنو منكم و أنا آمن قالوا نعم و عرفه أبو محجن فقال ادن فدخل عليهم فقال فداكم أبي و أمي و الله لقد سرني ما رأيت منكم و ما في العرب

[119]

أحد غيركم و و الله ما في محمد مثلكم و لقد قل المقام و طعامكم كثير و ماؤكم وافر لا تخافون قطعه .

فلما خرج قال ثقيف لأبي محجن فإنا قد كرهنا دخوله و خشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه فينا أو في حصننا فقال أبو محجن أنا كنت أعرف به ليس منا أحد أشد على محمد منه و إن كان معه .

فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال قلت لهم ادخلوا في الإسلام فو الله لا يبرح محمد عقر داركم حتى تنزلوا فخذوا لأنفسكم أمانا فخذلتهم ما استطعت .

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذبت لقد قلت لهم كذا و كذا .

و عاتبه جماعة من الصحابة قال أستغفر الله و أتوب إليه و لا أعود أبدا .

و منها : أن المشركين لما رجعوا من بدر إلى مكة أقبل عمير بن وهب الجمحي حتى جلس إلى صفوان بن أمية بن خالد الجمحي فقال صفوان قبح الله العيش بعد قتلى بدر قال عمير أجل و الله ما في العيش بعدهم خير و لو لا دين علي لا أجد له قضاء و عيال لا أدع لهم شيئا لرحلت إلى محمد حتى أقتله إن ملئت عيني منه فإنه بلغني أنه يطوف في الأسواق و أن لي عندهم علة أقول قدمت على ابني هذا الأسير .

ففرح صفوان بقوله و قال يا أبا أمية هل نراك فاعلا قال إي و رب هذه البنية .

قال صفوان فعلي دينك و عيالك أسوة عيالي و أنت تعلم أن ليس بمكة رجل أشد توسعا على عياله مني .

فقال عمير قد عرفت بذلك يا أبا وهب .

قال صفوان فإن عيالك مع عيالي لن يسعني شي‏ء و يعجز عنهم و دينك علي .

[120]

فحمله صفوان على بعيره و جهزه و أجرى على عياله ما يجري على عيال نفسه و أمر عمير بسيفه فشحذ و سم ثم خرج إلى المدينة و قال لصفوان اكتم علي أياما حتى أقدمها فلم يذكرها صفوان .

فقدم عمير فنزل على باب المسجد و عقل راحلته و أخذ السيف فتقلده ثم عمد نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما رآه النبي قال له ما أقدمك يا عمير .

قال قدمت في أسيري عندكم تفادوننا و تحسنون إلينا فيه فإنكم العشيرة .

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فما بال السيف قال قبحها الله من سيوف و هل أغنت من شي‏ء إنما نسيته حين نزلت و هو في رقبتي .

فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فما شرطت لصفوان في الحجر .

ففزع عمير و قال ما ذا شرطت له .

قال تحملت له بقتلي على أن يقضي دينك و يعول عيالك و الله حائل بيني و بين ذلك .

قال عمير أشهد أنك رسول الله و أنك صادق و أن لا إله إلا الله كنا يا رسول الله نكذبك بالوحي و بما يأتيك من السماء و إن هذا الحديث كان شيئا بيني و بين صفوان كما قلت لم يطلع عليه غيري و غيره و قد أمرته أن يكتم على أياما فأطلعك الله عليه فآمنت بالله و برسوله و شهدت أن ما جئت به صدق و حق .

قال (صلى الله عليه وآله وسلم) علموا أخاكم القرآن و أطلقوا له أسيره .

فقال عمير إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله و قد هداني الله فله الحمد .

فأذن لي لألحق قريشا فأدعوهم إلى الله و إلى الإسلام فأذن له فلحق بمكة .

و كان صفوان يسأل عن عمير فقيل له إنه أسلم فطرح عياله .

و قدم عمير فدعاهم إلى الله و أخبرهم بصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلم معه نفر كثير .

[121]

و منها : أنه لما توجه إلى تبوك ضلت ناقته القصوى و عنده عمارة بن حزم قال كالمستهزئ يخبرنا محمد بخبر السماء و لا يدري أين ناقته فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) إني لا أعلم إلا ما علمني الله و قد أخبرني الآن أنها بشعب كذا و زمامها ملتف بشجرة فكان كما قال .

و منها : أنه لما قتل زيد بن حارثة بمؤتة قال (صلى الله عليه وآله وسلم) بالمدينة قتل زيد و أخذ الراية جعفر ثم قال قتل جعفر و توقف وقفة ثم قال و أخذ الراية عبد الله بن رواحة و ذلك أن عبد الله لم يسارع إلى أخذ الراية كمسارعة جعفر ثم قال و قتل عبد الله .

ثم قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت جعفر إلى أهله ثم جاءت الأخبار بأنهم قد قتلوا في ذلك اليوم على تلك الهيئة .

و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر الناس بمكة بمعراجه و قال آية ذلك أنه ند لبني فلان في طريقي بعير فدللتهم عليه و هي الآن تطلع عليكم من ثنية كذا

[122]

يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء و الأخرى برقاء .

فوجدوا الأمر على ما قال .

و منها : أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) رأى عليا (عليه السلام) نائما في بعض الغزوات في التراب فقال يا أبا تراب أ لا أحدثك بأشقى الناس أخي ثمود و الذي يضربك على هذا و وضع يده على قرنه حتى تبل هذه من هذا و أشار إلى لحيته

[123]

و منها أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي (عليه السلام) : تقاتل بعدي الناكثين و القاسطين و المارقين و كان كذلك .

و منها : أن عام الخندق أصابتهم مجاعة لما حاصرهم المشركون فدعا بكف من تمر و أمر بثوب فبسط و ألقى ذلك التمر عليه و أمر مناديا ينادي في الناس هلموا إلى الغذاء .

فاجتمع أهل المدينة فأكلوا و صدروا و التمر ينض من أطراف الثوب .

و منها : أنه لما صده المشركون بالحديبية شكا إليه الناس قلة الماء فدعا بدلو من ماء البئر فتوضأ منه ثم تمضمض و مج في الدلو و أخرج من كنانته سهما ثم أمر بأن يصب في البئر تلك الدلو و أن يغرز ذلك السهم في أسفل البئر فعمل ففارت البئر بالماء إلى شفيرها و اغترف الناس .

فعند ذلك قال أوس بن خولي لعبد الله بن أبي سلول أ بعد هذا شي‏ء أ ما آن لك أن تبصر .

و منها : أنه لما أصاب الناس بالحديبية جوع شديد و قلت أزوادهم لأنهم أقاموا بها بضعة عشر يوما .

[124]

فشكوا إليه ذلك و أمر بالنطع أن يبسط و أمرهم أن يأتوا ببقية أزوادهم فيطرحوا فأتوا بكف من دقيق و تميرات .

فقام و دعا بالبركة فيها و أمرهم بأن يأتوا بأوعيتهم فملئوها حتى لم يجدوا له محلا .

و منها : أن الناس في غزاة تبوك لما ساروا يوما نالهم عطش كادت تنقطع أعناق الرجال و الخيل و الركاب عطشا فدعا بركوة فصب فيها ماء قليلا من إداوة كانت معه و وضع أصابعه عليها فنبع الماء من تحت أصابعه فاستقوا و ارتووا و العسكر ثلاثون ألف رجل سوى الخيل و الإبل .

و منها : أنه أخذ الحصى في كفه فقالت كل واحدة سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر .

و منها : قوله لعمار ستقتلك الفئة الباغية و آخر زادك ضياح من لبن فأتي عمار بصفين بلبن فشربه فبارز فقتل فكان كذلك .

و منها : أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود روى عن أبيه قال إن الله

[125]

أمر نبيه أن يدخل الكنيسة ليدخل رجلا الجنة .

فلما دخلها و معه جماعة فإذا هو بيهود يقرءون التوراة و قد وصلوا إلى صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما رأوه أمسكوا و في ناحية الكنيسة رجل مريض .

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لكم أمسكتم فقال المريض إنهم أتوا على صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمسكوا ثم جاء المريض يجثو حتى أخذ التوراة فقرأها حتى أتى على آخر صفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أمته فقال هذه صفتك و صفة أمتك و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله ثم مات فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلوا على أخيكم .

و منها ما قال بعضهم : حضرت سوق بصرى فإذا راهب في صومعة يقول سلوا أهل هذا الموسم هل فيكم أحد من أهل الحرم قالوا نعم .

فقال سلوه هل ظهر أحمد بن عبد المطلب فهذا هو الشهر الذي يخرج فيه و هو آخر الأنبياء و مخرجه من الحرم و مهاجرته إلى نخل و حرة و سباخ .

[126]

قال الراوي فلما رجعت إلى مكة قلت هل هنا من حدث قالوا تنبأ محمد بن عبد الله الأمين .

و منها أن زيد بن سلام قال إن جده أبا سلام حدثه : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بينما هو في البطحاء قبل النبوة فإذا هو برجلين عليهما ثياب سفر .

فقالا السلام عليك فقال لهما النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و عليكما السلام فقال أحدهما لصاحبه لا إله إلا الله ما لقيت أحدا منذ ولدتني أمي يرد السلام قبله .

و قال الآخر سبحان الله ما لقيت رجلا يسلم منذ ولدتني أمي .

فقال له الراكب هل في القرية رجل يدعى أحمد فقال ما فيها أحمد و لا محمد غيري قال من أهلها أنت قال نعم من أهلها و ولدت فيها فضرب ذراع راحلته و أناخها ثم كشف عن كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نظر إلى الخاتم الذي بين كتفيه .

فقال أشهد أنك رسول الله و تبعث بضرب رقاب قومك فهل من زاد تزودني فأتاه بخبز و تميرات فجعلهن في ثوبه حتى أتى صاحبه و قال الحمد لله الذي لم يمتني حتى حمل لي نبي الله الزاد في ثوبه .

ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هل من حاجة سوى هذا قال تدعو الله أن يعرف بيني و بينك يوم القيامة فدعا له ثم انطلق .

و في كتب الله المتقدمة لما خلق الله آدم و نفخ فيه من روحه عطس فقال له ربه قل الحمد لله فلما قالها قال له ربه يرحمك الله ائت أولئك الملأ من

[127]

الملائكة و قل لهم السلام عليكم فقالوا و عليك السلام و رحمة الله و بركاته ثم قال له ربه هذه تحيتك و تحية ذريتك .

و منها : أنه سئل ابن عباس بلغنا أنك تذكر سطيحا الغساني و تزعم أن الله خلقه و لم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه قال نعم إن الله خلق سطيحا الغساني لحما على وضم و الوضم شرائح من جرائد النخل أو كان يحمل على وضم و يؤتى به حيث يشاء و لم يكن فيه عظم و لا عصب إلا الجمجمة و العنق .

و كان يطوى من رجليه إلى ترقوته كما يطوى الثوب و لم يكن يتحرك منه شي‏ء إلا لسانه .

فلما أراد الخروج إلى مكة حمل على وضمة فأتي به إلى مكة .

فخرج إليه أربعة من قريش فقالوا أتيناك لنزورك لما بلغنا من علمك فأخبرنا عما

[128]

يكون في زماننا و ما يكون من بعد .

قال يا معشر العرب لا علم عندكم و لا فهم ينشأ من عقبكم دهم يطلبون أنواع العلم يكسرون الصنم و يقتلون العجم و يطلبون المغنم .

قالوا يا سطيح من يكونون أولئك قال و البيت ذي الأركان لينشأن من عقبكم ولدان يوحدون الرحمن و يتركون عبادة الشيطان .

قالوا فمن نسل من يكونون أولئك قال أشرف الأشراف من عبد مناف .

قالوا من أي بلدة يخرج قال و الباقي إلى الأبد ليخرجن من ذي البلد يهدي إلى الرشد يعبد ربا انفرد .

و منها : أن عبد المطلب قدم اليمن فقال له حبر من أهل الزبور أ تأذن لي أن أنظر إلى بعضك قال نعم إلا إلى عورة .

back page fehrest page next page