و منها أن الصادق (عليه السلام) قال : كان قوم من بني مخزوم لهم خئولة مع علي (عليه السلام) فأتاه شاب منهم يوما فقال يا خال مات ترب لي فحزنت عليه حزنا شديدا قال فتحب أن تراه قال نعم قال فانطلق بنا إلى قبره فدعا الله و قال قم يا فلان بإذن الله فإذا الميت جالس على رأس القبر و هو يقول ونيه ونيه شالا معناه لبيك لبيك سيدنا فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) ما هذا اللسان أ لم تمت و أنت رجل من العرب قال نعم و لكني مت على ولاية فلان و فلان فانقلب لساني إلى ألسنة أهل النار
[174]
و منها ما روي عن الباقر (عليه السلام) : أن عليا مر يوما في أزقة الكوفة فانتهى إلى رجل قد حمل جريثا فقال انظروا إلى هذا قد حمل إسرائيليا فأنكر الرجل و قال متى صار الجريث إسرائيليا فقال علي (عليه السلام) أما إنه إذا كان اليوم الخامس ارتفع لهذا الرجل من صدغه دخان فيموت مكانه فأصابه في اليوم الخامس ذلك فمات فحمل إلى قبره فلما دفن جاء أمير المؤمنين (عليه السلام) مع جماعة إلى قبره فدعا الله ثم رفسه برجله فإذا الرجل قائم بين يديه و هو يقول الراد على علي كالراد على الله و على رسوله و قال له عد في قبرك فعاد فيه فانطبق القبر عليه .
و منها ما روي عن رميلة : أن عليا (عليه السلام) مر برجل يخيط و هو يغني فقال له يا شاب لو قرأت القرآن لكان خيرا لك فقال إني لا أحسنه و لوددت أني أحسن منه شيئا
[175]
فقال ادن مني فدنا منه فتكلم في أذنه بشيء خفي فصور الله القرآن كله في قلبه يحفظه كله .
و منها ما روي عن علي بن أبي حمزة عن علي بن الحسين عن أبيه (عليه السلام) قال : كان علي (عليه السلام) ينادي من كان له عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عدة أو دين فليأتني فكان كل من أتاه يطلب دينا أو عدة يرفع مصلاه فيجد ذلك كذلك تحته فيدفعه إليه فقال الثاني للأول ذهب هذا بشرف الدنيا في هذا دوننا فما الحيلة فقال لعلك لو ناديت كما نادى هو كنت تجد ذلك كما يجد هو إذ كان إنما يقضي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فنادى أبو بكر كذلك فعرف أمير المؤمنين (عليه السلام) الحال فقال أما إنه سيندم على ما فعل فلما كان من الغد أتاه أعرابي و هو جالس في جماعة من المهاجرين و الأنصار فقال أيكم وصي رسول الله فأشير إلى أبي بكر فقال أنت وصي رسول الله و خليفته قال نعم فما تشاء قال فهلم الثمانين الناقة التي ضمن لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال و ما هذه النوق قال ضمن لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمانين ناقة حمراء كحل العيون فقال لعمر كيف نصنع الآن قال إن الأعراب جهال فاسأله أ لك شهود بما تقوله فتطلبهم منه فقال أبو بكر للأعرابي أ لك شهود بما تقول قال و مثلي يطلب منه الشهود على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما يضمن لي و الله ما أنت بوصي رسول الله و لا خليفته فقام إليه سلمان فقال يا أعرابي اتبعني حتى أدلك على وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
[176]
فتبعه الأعرابي حتى انتهى إلى علي (عليه السلام) فقال أنت وصي رسول الله قال نعم فما تشاء قال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ضمن لي ثمانين ناقة حمراء كحل العيون فهلمها فقال له علي (عليه السلام) أسلمت أنت و أهل بيتك فانكب الأعرابي على يديه يقبلهما و هو يقول أشهد أنك وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و خليفته فبهذا وقع الشرط بيني و بينه و قد أسلمنا جميعا فقال علي (عليه السلام) يا حسن انطلق أنت و سلمان مع هذا الأعرابي إلى وادي فلان فناد يا صالح يا صالح فإذا أجابك فقل إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام و يقول لك هلم الثمانين الناقة التي ضمنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا الأعرابي قال سلمان فمضينا إلى الوادي فنادى الحسن فأجابه لبيك يا ابن رسول الله فأدى إليه رسالة أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال السمع و الطاعة فلم يلبث أن خرج إلينا زمام ناقة من الأرض فأخذ الحسن (عليه السلام) الزمام فناوله الأعرابي و قال خذ فجعلت النوق تخرج حتى كملت الثمانون على الصفة .
و منها أن زاذان و جماعة من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) قالوا : كنا معه (عليه السلام) بصفين فلما أن صاف معاوية أتاه رجل من ميمنته فقال يا أمير المؤمنين في ميمنتك خلل قال ارجع إلى مقامك فرجع .
[177]
ثم أتاه ثانية فقال يا أمير المؤمنين في ميمنتك خلل قال ارجع إلى مقامك فرجع ثم أتاه ثالثة كأن الأرض لا تحمله فقال يا أمير المؤمنين في ميمنتك خلل .
فقال (عليه السلام) قف فوقف فقال أمير المؤمنين علي بمالك الأشتر فقال (عليه السلام) يا مالك قال لبيك يا أمير المؤمنين قال ترى ميسرة معاوية قال نعم قال ترى صاحب الفرس المعلم قال نعم قال الذي عليه الأحمر قال نعم .
قال انطلق فأتني برأسه .
فخرج مالك فدنا منه و ضربه فسقط رأسه ثم تناوله فأقبل به إلى أمير المؤمنين فألقاه بين يديه فأقبل علي (عليه السلام) على الرجل فقال نشدتك الله هل كنت نظرت إلى هذا فرأيته و حليته و هو ملأ قلبك فرأيت الخلل في أصحابك قال اللهم نعم فأقبل علي علينا و نحن حوله فقال أخبرني بهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أ فترونه بقي بعد هذا شيء ثم قال للرجل ارجع إلى مقامك .
و منها ما روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قرئ عند أمير المؤمنين (عليه السلام) إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها إلى أن بلغ قوله وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها قال أنا الإنسان و إياي تحدث أخبارها فقال له ابن الكواء يا أمير المؤمنين وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ قال نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم و نحن أصحاب الأعراف نوقف بين الجنة و النار فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا و عرفناه و لا يدخل النار إلا من أنكرنا و أنكرناه و كان علي (عليه السلام) يخاطبه بويحك و كان يتشيع فلما كان يوم النهروان
[178]
قاتل عليا (عليه السلام) ابن الكواء و جاءه (عليه السلام) رجل فقال إني لأحبك فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) كذبت فقال الرجل سبحان الله كأنك تعلم ما في قلبي و جاءه آخر فقال إني أحبكم أهل البيت و كان فيه لين فأثنى عليه عنده فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) كذبتم لا يحبنا مخنث و لا ديوث و لا ولد زنا و لا من حملت به أمه في حيضها فذهب الرجل فلما كان يوم صفين قتل مع معاوية .
و منها ما روي عن أبي حمزة عن أبي إسحاق السبيعي عمرو بن الحمق قال : دخلت على علي (عليه السلام) حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت ليس عليك بأس إنما هو خدش قال لعمري إني لمفارقكم ثم قال لي إلى السبعين بلاء قالها ثلاثا قلت فهل بعد البلاء رخاء فلم يجبني و أغمي عليه فبكت أم كلثوم فلما أفاق قال لا تؤذيني يا أم كلثوم فإنك لو ترين ما أرى لم تبك إن الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض و النبيين يقولون لي انطلق يا علي فما أمامك خير لك مما أنت فيه فقلت يا أمير المؤمنين إنك قلت إلى السبعين بلاء فهل بعد السبعين رخاء قال نعم و إن بعد البلاء رخاء يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ
قال أبو حمزة قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إن عليا (عليه السلام) قال إلى السبعين بلاء و كان يقول بعد السبعين رخاء و قد مضت السبعون و لم نر رخاء فقال أبو جعفر (عليه السلام) يا ثابت إن الله قد كان وقت هذا الأمر في السبعين فلما
[179]
قتل الحسين (عليه السلام) اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره الله إلى الأربعين و مائة سنة فحدثناكم فأذعتم الحديث و كشفتم القناع قناع السر فأخره الله و لم يجعل له بعد ذلك وقتا يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال أبو حمزة قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) ذلك فقال قد كان ذلك و كذلك قال أحدهم (عليه السلام) كذب الوقاتون .
و منها ما روي عن مقرن قال : دخلنا جماعة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأم سلمة إذا جاء أخي فمريه أن يملأ هذه الشكوة من الماء و يلحقني بها بين الجبلين و معه سيفه فلما جاء علي (عليه السلام) قالت له قال أخوك املأ هذه الشكوة من الماء و الحقني بها بين الجبلين قالت فملأها و انطلق حتى إذا دخل بين الجبلين استقبله طريقان فلم يدر في أيهما يأخذ فرأى راعيا على الجبل فقال يا راعي هل مر بك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال الراعي ما لله من رسول فأخذ علي (عليه السلام) جندلة فصرخ الراعي فإذا
[180]
الجبل قد امتلأ بالخيل و الرجل فما زالوا يرمونه بالجندل و اكتنفه طائران أبيضان فما زال يمضي و يرمونه حتى لقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا علي ما لك منبهرا فقال يا رسول الله كان كذا و كذا فقال و هل تدري من الراعي و ما الطائران قال لا قال أما الراعي فإبليس و أما الطائران فجبرئيل و ميكائيل ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا علي خذ سيفي هذا و امض بين هذين الجبلين فلا تلق أحدا إلا قتلته و لا تهابنه فأخذ سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و دخل بين الجبلين فرأى رجلا عيناه كالبرق الخاطف و أسنانه كالمنجل يمشي في شعره فشد عليه فضربه ضربة فلم يبلغ شيئا ثم ضربه أخرى فقطعه اثنين ثم أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال قتلته فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الله أكبر ثلاثا هذا يغوث و لا يدخل في صنم يعبد من دون الله حتى تقوم الساعة .
و منها : أن أعرابيا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو في المسجد فقال مظلوم قال ادن مني فدنا فقال يا أمير المؤمنين مظلوم قال ادن فدنا حتى وضع يديه على ركبتيه قال ما ظلامتك فشكا ظلامته فقال يا أعرابي أنا أعظم ظلامة منك ظلمني المدر و الوبر و لم يبق بيت
[181]
من العرب إلا و قد دخلت مظلمتي عليهم و ما زلت مظلوما حتى قعدت مقعدي هذا إن كان عقيل بن أبي طالب ليرمد فما يدعهم يذرونه حتى يأتوني فأذر و ما بعيني رمد ثم كتب له بظلامته و رحل فهاج الناس و قالوا قد طعن على الرجلين فدخل عليه الحسن (عليه السلام) فقال قد علمت ما شرب قلوب الناس من حب هذين فخرج (عليه السلام) فقال الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه و قال أيها الناس إن الحرب خدعة فإذا سمعتموني أقول قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فو الله لئن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله كذبة و إذا حدثتكم عن نفسي أن الحرب خدعة ثم ذكر غير ذلك فقام رجل يساوي برأسه رمانة المنبر فقال أنا أبرأ من الاثنين و الثلاثة فالتفت إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال بقرت العلم في غير أوانه لتبقرن كما بقرته فلما قدم ابن سمية أخذه و شق بطنه و حشا جوفه حجارة و صلبه .
و منها ما روى حنان بن سدير عن رجل من مزينة قال : كنت جالسا عند علي (عليه السلام) فأقبل إليه قوم من مراد و معهم ابن ملجم فقالوا يا أمير المؤمنين طرأ علينا و لا و الله ما جاءنا زائرا و لا منتجعا و إنا لنخافه عليك فاشدد يدك به فقال له علي (عليه السلام) اجلس فنظر في وجهه طويلا ثم قال له أ رأيتك إن سألتك عن شيء و عندك منه علم هل أنت مخبري به قال نعم و حلف عليه فقال أ كنت تراضع الغلمان و تقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا قد جاءنا ابن راعية الكلاب قال اللهم نعم
[182]
فقال له علي فمررت برجل و قد أيفعت فنظر إليك فأحد النظر فقال لك يا أشقى من عاقر ناقة ثمود قال نعم قال فأخبرتك أمك أنها حملت بك في بعض حيضها فتعتع هنيئة ثم قال نعم قد حدثتني بذلك و لو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة فقال له علي (عليه السلام) قم فقام ثم قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إن قاتلك شبه اليهودي بل هو يهودي
و عن رجاء بن زياد جاء ابن ملجم يستحمل عليا فقال احملني يا أمير المؤمنين قال يا غزوان احمله على الأشقر فجاء بفرس أشقر و أخذ بعنانه ثم قال علي (عليه السلام)
أريد حباءه و يريد قتلي *** عذيرك من خليلك من مراد
و عن أبي الطفيل جاء ابن ملجم ليبايعه فرده ثم جاءه فرده ثم جاءه فرده ثم جاء فبايعه ثم قال ليخضبن هذه من هذه يعني لحيته من رأسه ثم تمثل لما تولى :
اشدد حيازيمك للموت *** فإن الموت لاقيكا
و لا تجزع من الموت *** إذا حل بواديكا
و منها : أن يهوديا قال لعلي (عليه السلام) إن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) قال إن في كل
[183]
رمانة حبة من الجنة و أنا كسرت واحدة و أكلتها كلها فقال (عليه السلام) صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و ضرب يده على لحيته فوقعت حبة رمان منها و تناولها (عليه السلام) و أكلها و قال لم يأكلها الكافر و الحمد لله .
و منها ما روي عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) قال : مر علي (عليه السلام) بكربلاء فقال لما مر به أصحابه و قد اغرورقت عيناه يبكي هذا مناخ ركابهم هذا ملقى رحالهم هاهنا مراق دمائهم طوبى لك من تربة عليها تراق دماء الأحبة
و قال الباقر (عليه السلام) : خرج علي (عليه السلام) يسير بالناس حتى إذا كان من كربلاء على ميلين أو ميل تقدم بين أيديهم حتى طاف بمكان يقال له المقذفان فقال قتل فيها مائتا نبي و مائتا سبط كلهم شهداء مناخ ركاب و مصارع شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم و لا يلحقهم من بعدهم .
و منها ما روي عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : جمع أمير المؤمنين (عليه السلام) بنيه و هم اثنا عشر ذكرا فقال لهم إن الله أحب أن يجعل في سنة من يعقوب إذ جمع بنيه و هم اثنا عشر ذكرا فقال لهم إني أوصي إلى يوسف فاسمعوا له و أطيعوا و أنا أوصي إلى الحسن و الحسين فاسمعوا لهما و أطيعوا فقال له عبد الله ابنه أ دون محمد بن علي يعني محمد بن الحنفية
[184]
فقال له أ جرأة علي في حياتي كأني بك قد وجدت مذبوحا في فسطاطك لا يدرى من قتلك فلما كان في زمان المختار أتاه فقال لست هناك فغضب فذهب إلى مصعب بن الزبير و هو بالبصرة فقال ولني قتال أهل الكوفة فكان على مقدمة مصعب فالتقوا بحروراء فلما حجر الليل بينهم أصبحوا و قد وجدوه مذبوحا في فسطاطه لا يدرى من قتله .
و منها أن عيسى النهريري روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن فلانا و فلانا و ابن عوف أتوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليعنتوه فقال الأول اتخذ الله إبراهيم خليلا فما ذا صنع بك ربك و قال الثاني كلم الله موسى تكليما فما ذا صنع بك ربك و قال ابن عوف عيسى ابن مريم يحيي الموتى بإذن الله فما ذا صنع بك ربك فقال للأول اتخذ الله إبراهيم خليلا و اتخذني حبيبا و قال للثاني كلم الله موسى تكليما من وراء حجاب و قد رأيت عرش ربي و كلمني و قال للثالث عيسى ابن مريم يحيي الموتى بإذن الله و أنا إن شئتم أحييت لكم
[185]
موتاكم قالوا قد شئنا و على ذلك داروا فأرسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي (عليه السلام) فدعاه ثم قال له أقدمهم إلى القبور ثم قال لهم اتبعوه فلما توسط الجبانة تكلم بكلمة فاضطربت الأرض و ارتجت و دخلهم من الذعر ما شاء الله و التمعت ألوانهم و لم تقل ذلك قلوبهم فقالوا يا أبا الحسن أقلنا عثراتنا أقالك الله عثرتك قال إنما رددتم على الله ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث إلى علي (عليه السلام) فدعاه .
و منها أن عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن جبير الخابور كان صاحب بيت مال معاوية و كانت له أم عجوز بالكوفة كبيرة فقال لمعاوية إن لي أما بالكوفة عجوزا اشتقت إليها فأذن لي حتى آتيها فأقضي من حقها ما يجب علي فقال معاوية ما تصنع بالكوفة فإن فيها رجلا ساحرا كاهنا يقال له علي بن
[186]
أبي طالب و ما آمن أن يفتنك فقال جبير ما لي و لعلي إنما آتي أمي فأزورها و أقضي حقها فأذن له فقدم جبير إلى عين التمر و معه مال فدفن بعضه في عين التمر و قد كان لعلي مناظر فأخذوا جبيرا بظاهر الكوفة و أتوا به عليا فلما نظر إليه قال له يا جبير الخابور أما إنك كنز من كنوز الله زعم لك معاوية أني كاهن ساحر قال إي و الله قال ذلك معاوية ثم قال و معك مال قد دفنت بعضه في عين التمر قال صدقت يا أمير المؤمنين لقد كان ذلك قال علي (عليه السلام) يا حسن ضمه إليك فأنزله و أحسن إليه فلما كان من الغد دعاه ثم قال لأصحابه إن هذا يكون في جبل الأهواز في أربعة آلاف مدججين في السلاح فيكونون معه حتى يقوم قائمنا أهل البيت فيقاتل معه .
و منها ما قال أبو ظبية : جمع علي (عليه السلام) العرفاء ثم أشرف عليهم فقال افعلوا كذا قالوا لا نفعل قال (عليه السلام) أما و الله ليستعملن عليكم اليهود و المجوس ثم لا تمتنعون فكان ذلك كذلك .
و منها ما روي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال : لما رجع الأمر إليه أمر أبا الهيثم بن التيهان و عمار بن ياسر و عبد الله بن أبي رافع فقال اجمعوا الناس ثم انظروا إلى ما في بيت مالهم فاقسموه بينهم بالسوية فحسبوا فوجدوا نصيب كل واحد منهم ثلاثة دنانير
[187]
فأمرهم يقعدون للناس و يعطوهم قال و أخذ مكتله و مسحاته ثم انطلق إلى بئر الملك فعمل فيها فأخذ الناس ذلك القسم حتى بلغوا الزبير و طلحة و عبد الله بن عمر أمسكوا بأيديهم و قالوا هذا منكم أو من صاحبكم قالوا بل هذا أمره لا نعمل إلا بأمره قالوا فاستأذنوا لنا عليه قالوا ما عليه إذن هو ذا ببئر الملك يعمل فركبوا دوابهم حتى جاءوا إليه فوجدوه في الشمس و معه أجير له يعينه فقالوا له إن الشمس قد آذتنا فارتفع معنا إلى الظل فارتفع معهم إليه فقالوا له لنا قرابة من نبي الله و سابقة و جهاد و أنك أعطيتنا بالسوية و لم يكن عمر و لا عثمان يعطوننا بالسوية كانوا يفضلونا على غيرنا فقال علي (عليه السلام) أيهما عندكم أفضل عمر أو أبو بكر قالوا أبو بكر قال فهذا قسم أبي بكر و إلا فدعوا أبا بكر و غيره هذا كتاب الله فانظروا ما لكم من حق فخذوه قالا فسابقتنا قال أنتما أسبق مني بسابقتي قالوا لا قالوا قرابتنا بالنبي قال أقرب من قرابتي قالوا لا فقالوا فجهادنا قال أعظم من جهادي قالوا لا قال فو الله ما أنا في هذا المال و أجيري هذا إلا بمنزلة سواء قالا فتأذن لنا في العمرة قال ما العمرة تريدان و إني لأعلم أمركم و شأنكم فاذهبا حيث شئتما فلما وليا قال فمن نكث فإنما ينكث على نفسه
[188]
و منها ما روي عن جعفر بن عبد الحميد قال : اجتمعنا يوما فقال نفر إن عليا (عليه السلام) كان وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قال آخرون لم يكن وصيا لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقمنا فأتينا أبا حمزة الثمالي فقلنا جرى بيننا الكلام على كذا و كذا فغضب أبو حمزة فقال لقد شهدت الجن فضلا على الإنس بأن عليا كان وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرني أبو خيثمة التميمي لما كان بين الحكمين ما كان قلت لا أكون مع علي و لا عليه فخرجت أريد أرض الروم فبينا أنا مار على شاطئ نهر بميافارقين إذا أنا بصوت من ورائي و هو يقول :
يا أيها الساري بشط فارق *** مفارق للحق دين الخالق
متبع به رئيس مارق *** ارجع إلى وصي النبي الصادق
فالتفت فلم أر أحدا فقلت :
أنا أبو خيثمة التميمي *** لما رأيت القوم في الخصوم
تركت أهلي غازيا للروم *** حتى يكون الأمر في الصميم
فإذا بصوت و هو يقول :
اسمع مقالي و ارع قولي ترشدا *** ارجع إلى علي الخضم الأصيدا
إن عليا هو وصي أحمدا
قال أبو خيثمة : فرجعت إلى علي (عليه السلام) .
[189]
و منها : أن عليا (عليه السلام) بينا هو قائم على المنبر إذ أقبلت حية من باب الفيل مثل البختي العظيم فناداهم علي أفرجوا لها فإن هذا رسول قوم من الجن فجاءت حتى وضعت فاها على أذنه و إنها لتنق كما ينق الضفدع و كلمها بكلام شبيه نقيقها ثم ولت الحية فقال الناس ما حالها قال هو رسول قوم من الجن أخبرني أنه وقع بين بني عامر و بني عنزة شر و قتال فبعثوه لآتيهم أصلح بينهم فوعدتهم أن آتيهم الليلة فقالوا أ تأذن لنا أن نخرج معك قال ما أكره ذلك فلما صلى بهم عشاء الآخرة انطلق بهم حتى أتى ظهر الكوفة قبل الغري فخط حولهم خطة ثم قال لهم إياكم أن تخرجوا من هذه الخطة فإنه إن يخرج أحد منكم من الخطة اختطف .
فقعدوا في الخطة ينظرون إليه و قد نصب له منبر فصعد عليه فخطب بخطبة لم يسمع الأولون و الآخرون مثلها ثم لم يبرح حتى أصلح ذات بينهم و قد برئ بعضهم من بعض و كان الجن أشبه شيء بالزط .
و منها ما روي عن شريك بن عبد الله و هو يومئذ قاض : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث عليا (عليه السلام) و أبا بكر و عمر إلى أصحاب الكهف فقال ائتوهم فأبلغوهم مني السلام فلما خرجوا من عنده قالوا لعلي تدري أين هم فقال ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبعثنا إلى مكان إلا هدانا الله له
[190]
فلما أوقفهم على باب الكهف قال يا أبا بكر سلم فإنك أسننا فسلم فلم يجب ثم قال يا أبا حفص سلم فإنك أسن مني فسلم فلم يجب قال فسلم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فردوا السلام و حيوه و أبلغهم سلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فردوا عليه فقال أبو بكر سلهم ما لهم سلمنا عليهم فلم يسلموا علينا قال سلهم أنت فسألهم فلم يتكلموا ثم سألهم عمر فلم يكلموه فقالا يا أبا الحسن سلهم أنت .
قال علي (عليه السلام) إن صاحبي هذين سألاني أن أسألكم لم رددتم علي و لم تردوا عليهما قالوا لأنا لا نكلم إلا نبيا أو وصي نبي .
و منها ما روى أبو بصير عن أحدهما (عليهما السلام) قال : أراد قوم بناء مسجد بساحل عدن فلما بنوه سقط فأتوا أبا بكر فقال استوثقوا من البناء و افعلوا ففعلوا و أحكموا فسقط فعادوا إليه فسألوه فخطب الناس و ناشدهم إن كان لواحد منكم به علم فليقل فقال علي (عليه السلام) احتفروا في ميمنة القبلة و ميسرتها فإنه يظهر لكم قبران عليهما كوبة مكتوب عليها أنا رضوى و أختي حيا ابنتا تبع متنا لا نشرك بالله شيئا فاغسلوهما و كفنوهما و صلوا عليهما و ادفنوهما ثم ابنوا مسجدكم فإنه يقوم بناؤه ففعلوا فكان كذا فقام البناء .
[191]
و منها ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) : أن حبابة الوالبية مرت بعلي (عليه السلام) و معها سمك فيه جرية قال ما هذا الذي معك قالت سمك ابتعته للعيال فقال نعم زاد العيال السمك ثم قال فما هذا الذي معك قالت أخي اعتل من ظهره فوصف له أكل جري فقال يا حبابة إن الله لم يجعل الشفاء فيما حرم و الذي نصب الكعبة لو أشاء أن أخبرك باسمها و اسم أبيها لأخبرتك فضربت بها الأرض و قالت أستغفر الله من حملي لها .