back page fehrest page next page

[281]

و منها ما روي عن الحسن بن راشد قال : ذكرت زيد بن علي فتنقصته عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لا تفعل رحم الله عمي إن عمي أتى أبي فقال إني أريد الخروج على هذا الطاغية فقال لا تفعل يا زيد فإني أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة أ ما علمت يا زيد أنه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبل خروج السفياني إلا قتل ثم قال لي يا حسن إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار و فيهم نزلت ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ فالظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام و المقتصد العارف بحق الإمام و السابق بالخيرات هو الإمام ثم قال يا حسن إنا أهل بيت لا يخرج أحدنا من الدنيا حتى يقر لكل ذي فضل بفضله

[282]

و منها ما قال سدير الصيرفي : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول إني لأعرف رجلا من أهل المدينة أخذ قبل المشرق قبل ظلام الليل إلى البقية الذين قال الله وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ لمشاجرة فيما بينهم فأصلح بينهم و رجع و لم يقعد من فراشه فمر بنطفتكم فشرب منها يعني الفرات ثم مر عليك يا أبا الفضل فقرع عليك بابك و مر برجل عليه المسوح معقل به عشرة موكلون يستقبل به عين الشمس و يوقد حوله النيران و يدار به حول الشمس حيث دارت كلما مات واحد من العشرة أضاف الله إليهم من أهل القرية واحدا آخر فالناس يموتون و العشرة لا ينقصون فمر به الرجل فقال ما قصتك قال له الرجل إن كنت عالما فما أعرفك بأمري و قال هو ابن آدم القاتل قال محمد بن مسلم و كان الرجل الذي خرج إلى المشرق محمد بن علي (عليه السلام)

[283]

و منها ما روى أبو بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إني لأعرف من لو قام بشاطئ البحر لعرف بدواب البحر و أمهاتها و عماتها و خالاتها .

و منها ما قال سعد الإسكاف : طلبت الإذن على أبي جعفر (عليه السلام) فقيل لي لا تعجل فعنده قوم من إخوانكم فلم ألبث أن خرج اثنا عشر رجلا يشبهون الزط عليهم أقبية طبقات و بتوت و خفاف قال فسلموا و مروا فدخلت على أبي جعفر فقلت ما أعرف هؤلاء فمن هم قال هؤلاء قوم من إخوانكم من الجن قلت و يظهرون لكم قال هم يغدون علينا في حلالهم و حرامهم كما تغدون .

و منها ما روى عن عبد الله بن طلحة : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الوزغ قال

[284]

هو الرجس و هو مسخ فإذا قتلته فاغتسل يعني شكرا و قال إن أبي كان قاعدا في الحجر و معه رجل يحدثه فإذا هو بوزغ يولول بلسانه فقال أبي (عليه السلام) للرجل تدري ما يقول هذا الوزغ فقال الرجل لا علم لي بما يقول قال فإنه يقول لئن ذكرت عثمان لأسبن عليا و قال إنه ليس يموت من بني أمية ميت إلا مسخ وزغا و قال أبي (عليه السلام) إن عبد الملك لما نزل به الموت مسخ وزغا و كان عنده ولده و لم يدروا كيف يصنعون و ذهب ثم فقدوه فأجمعوا على أن يأخذوا جذعا فصنعوه كهيئة الرجل ففعلوا ذلك و ألبسوا الجذع ثم لفوه في الأكفان و لم يطلع عليه أحد من الناس إلا ولده و أنا

[285]

و منها ما روى أبو حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إني لفي عمرة اعتمرتها فأنا في الحجر جالس إذ نظرت إلى جان قد أقبل من ناحية المسعى حتى دنا من الحجر الأسود فأقبلت ببصري نحوه فوقف طويلا ثم طاف بالبيت أسبوعا ثم بدأ بالمقام فقام على ذنبه يصلي ركعتين و ذلك عند زوال الشمس فبصر به عطاء و أناس معه فأتوني فقالوا يا أبا جعفر أ ما رأيت هذا الجان فقلت قد رأيته و ما صنع ثم قلت لهم انطلقوا إليه و قولوا له يقول لكم محمد بن علي إن البيت يحضره أعبد و و سودان و هذه ساعة خلوته منهم و قد قضيت نسكك و نحن نتخوف عليك منهم فلو خففت و انطلقت قبل أن يأتوك قال فكوم كومة من بطحاء المسجد ثم وضع ذنبه عليها ثم مثل في الهواء

[286]

و منها : أن جماعة استأذنوا على أبي جعفر (عليه السلام) قالوا فلما صرنا في الدهليز إذا قراءة سريانية بصوت حسن يقرأ و يبكي حتى أبكى بعضنا و ما نفهم ما يقول فظننا أن عنده بعض أهل الكتاب استقرأه فلما انقطع الصوت دخلنا عليه فلم نر عنده أحدا قلنا يا ابن رسول الله لقد سمعنا قراءة سريانية بصوت حسن قال ذكرت مناجات إليا النبي فأبكتني .

و منها ما روى عن عيسى بن عبد الرحمن عن أبيه قال : دخل ابن عكاشة بن محصن الأسدي على أبي جعفر (عليه السلام) و كان أبو عبد الله (عليه السلام) قائما عنده فقدم إليه عنبا فقال حبة حبة يأكله الشيخ الكبير أو الصبي الصغير و ثلاثة و أربعة يأكله من يظن أنه لا يشبع فكله حبتين حبتين فإنه يستحب فقال لأبي جعفر لأي شي‏ء لا تزوج أبا عبد الله (عليه السلام) فقد أدرك التزويج و بين يديه صرة مختومة فقال سيجي‏ء نخاس من بربر ينزل دار ميمون فنشتري له بهذه الصرة جارية قال فأتى لذلك ما أتى فدخلنا على أبي جعفر (عليه السلام) فقال أ لا أخبركم عن النخاس الذي ذكرته لكم فقد قدم فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة جارية فأتينا النخاس فقال قد بعت ما كان عندي إلا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الأخرى قلنا فأخرجهما حتى ننظر إليهما فأخرجهما فقلنا بكم تبيعنا هذه الجارية المتماثلة

[287]

قال بسبعين دينارا قلنا أحسن قال لا أنقص من سبعين دينارا فقلنا نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت و كان عنده رجل أبيض الرأس و اللحية فقال فكوا الخاتم و زنوا فقال النخاس لا تفكوا فإنها إن نقصت حبة من السبعين لم أبايعكم قال الشيخ زنوا قال ففككنا و وزنا الدنانير فإذا هي سبعون دينارا لا تزيد و لا تنقص فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر (عليه السلام) و جعفر (عليه السلام) قائم عنده فأخبرنا أبا جعفر (عليه السلام) بما كان فحمد الله ثم قال لها ما اسمك قالت حميدة فقال حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة أخبريني عنك أ بكر أم ثيب قالت بكر قال و كيف و لا يقع في يد النخاسين شي‏ء إلا أفسدوه قالت كان يجي‏ء فيقعد مني مقعد الرجل من المرأة فيسلط الله عليه رجلا أبيض الرأس و اللحية فلا يزال يلطمه حتى يقوم عني ففعل بي مرارا و فعل الشيخ مرارا فقال يا جعفر خذها إليك فولدت خير أهل الأرض الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) .

و منها ما روى عن أسود بن سعيد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ابتداء من غير

[288]

أن أسأله :
نحن حجة الله و نحن باب الله و نحن لسان الله و نحن وجه الله و نحن عين الله في خلقه و نحن ولاة أمر الله في عباده ثم قال إن بيننا و بين كل أرض ترا مثل تر البناء فإذا أمرنا في الأرض بأمر أخذنا ذلك التر فأقبلت إلينا الأرض بكليتها و أسواقها و كورها حتى ننفذ فيها من أمر الله ما نؤمر به و إن الريح كما كانت مسخرة لسليمان فقد سخرها الله لمحمد و آله .

و منها ما روى عن محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) لئن ظننتم أنا لا نراكم و لا نسمع كلامكم لبئس ما ظننتم لو كان كما تظنون أنا لا نعلم ما أنتم فيه و عليه ما كان لنا على الناس فضل قلت أرني بعض ما أستدل به قال وقع بينك و بين زميلك بالربذة حتى عيرك بنا و بحبنا و معرفتنا قلت إي و الله لقد كان ذلك قال فتراني قلت باطلاع الله ما أنا بساحر و لا كاهن و لا بمجنون لكنها من علم النبوة و نحدث بما يكون قلت من الذي يحدثكم بما نحن عليه قال أحيانا ينكت في قلوبنا و يوقر في آذاننا و مع ذلك فإن لنا خدما من الجن

[289]

من المؤمنين و هم لنا شيعة و هم لنا أطوع منكم قلنا مع كل رجل واحد منهم قال نعم يخبرنا بجميع ما أنتم فيه و عليه .

و منها ما روى أبو بصير عن الصادق (عليه السلام) قال : كان أبي في مجلس له ذات يوم إذ أطرق رأسه إلى الأرض فمكث فيها مليا ثم رفع رأسه فقال يا قوم كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة آلاف حتى يستعرضكم بالسيف ثلاثة أيام فيقتل مقاتلتكم و تلقون منه بلاء لا تقدرون أن تدفعوه و ذلك من قابل فخذوا حذركم و اعلموا أن الذي قلت لكم هو كائن لا بد منه فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه و قالوا لا يكون هذا أبدا و لم يأخذوا حذرهم إلا نفر يسير و بنو هاشم خاصة و ذلك أنهم علموا أن كلامه هو الحق فلما كان من قابل تحمل أبو جعفر بعياله و بنو هاشم فخرجوا من المدينة و جاء نافع بن الأزرق حتى كبس المدينة فقتل مقاتلتهم و فضح نساءهم

[290]

فقال أهل المدينة لا نرد على أبي جعفر شيئا نسمعه منه أبدا بعد ما سمعنا و رأينا فإنهم أهل بيت النبوة و ينطقون بالحق .

و منها ما روى الحسن بن مسلم عن أبيه قال : دعاني الباقر (عليه السلام) إلى طعام فجلست إذ أقبل ورشان منتوف الرأس حتى سقط بين يديه و معه ورشان آخر فهدل الأول فرد الباقر عليه بمثل هديله فطارا فقلنا للباقر (عليه السلام) ما قالا و ما قلت

[291]

قال (عليه السلام) إنه اتهم زوجته بغيره فنقر رأسها و أراد أن يلاعنها عندي فقال لها بيني و بينك من يحكم بحكم داود و آل داود و يعرف منطق الطير و لا يحتاج إلى شهود فأخبرته أن الذي ظن بها لم يكن كما ظن فانصرفا على صلح .

و منها ما روى عن الصادق (عليه السلام) : أن عبد الملك بن مروان كتب إلى عامله بالمدينة و في رواية هشام بن عبد الملك أن وجه إلى محمد بن علي فخرج أبي و أخرجني معه فمضينا حتى أتينا مدين شعيب فإذا نحن بدير عظيم البنيان و على بابه أقوام عليهم ثياب صوف خشنة فألبسني والدي و لبس ثيابا خشنة و أخذ بيدي حتى جئنا و جلسنا عند القوم فدخلنا مع القوم الدير فرأينا شيخا قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر فنظر إلينا فقال لأبي أنت منا أم من هذه الأمة المرحومة قال لا بل من هذه الأمة المرحومة قال من علمائها أم من جهالها قال أبي من علمائها قال أسألك عن مسألة قال له سل ما شئت

[292]

قال أخبرني عن أهل الجنة إذا دخلوها و أكلوا من نعيمها هل ينقص من ذلك شي‏ء قال لا قال الشيخ ما نظيره قال أبي أ ليس التوراة و الإنجيل و الزبور و القرآن يؤخذ منها و لا ينقص منها شي‏ء قال أنت من علمائها ثم قال أهل الجنة هل يحتاجون إلى البول و الغائط قال أبي لا قال الشيخ و ما نظير ذلك قال أبي أ ليس الجنين في بطن أمه يأكل و يشرب و لا يبول و لا يتغوط قال صدقت قال و سأل عن مسائل كثيرة و أجاب أبي عنها ثم قال الشيخ أخبرني عن توأمين ولدا في ساعة و ماتا في ساعة عاش أحدهما مائة و خمسين سنة و عاش الآخر خمسين سنة من كانا و كيف قصتهما قال أبي هما عزير و عزرة أكرم الله تعالى عزيرا بالنبوة عشرين سنة و أماته مائة سنة ثم أحياه فعاش بعده ثلاثين سنة و ماتا في ساعة واحدة فخر الشيخ مغشيا عليه فقام أبي و خرجنا من الدير فخرج إلينا جماعة من الدير و قالوا يدعوك شيخنا فقال أبي ما لي إلى شيخكم حاجة فإن كان له عندنا حاجة فليقصدنا فرجعوا ثم جاءوا به و أجلس بين يدي أبي فقال الشيخ ما اسمك قال (عليه السلام) محمد قال أنت محمد النبي قال لا أنا ابن بنته قال ما اسم أمك قال أمي فاطمة قال من كان أبوك قال اسمه علي قال أنت ابن إليا بالعبرانية و علي بالعربية قال نعم قال ابن شبر أم شبير قال إني ابن شبير قال الشيخ أشهد أن لا إله إلا الله و أن جدك محمدا رسول الله ثم ارتحلنا حتى أتينا عبد الملك و دخلنا عليه فنزل من سريره و استقبل أبي و قال عرضت لي مسألة لم يعرفها العلماء فأخبرني إذا قتلت هذه الأمة إمامها المفروض طاعته عليهم أي عبرة يريهم الله في ذلك اليوم قال أبي إذا كان كذلك لا يرفعون حجرا إلا و يرون تحته دما عبيطا

[293]

فقبل عبد الملك رأس أبي و قال صدقت إن في اليوم الذي قتل فيه أبوك علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان على باب أبي مروان حجر عظيم فأمر أن يرفعوه فرأينا تحته دما عبيطا يغلي و كان لي أيضا حوض كبير في بستاني و كان حافتاه حجارة سوداء فأمرت أن ترفع و يوضع مكانها حجارة بيض و كان في ذلك اليوم قتل الحسين (عليه السلام) فرأيت دما عبيطا يغلي تحتها أ فتقيم عندنا و لك من الكرامات ما تشاء أم ترجع قال أبي بل أرجع إلى قبر جدي فأذن له بالانصراف فبعث قبل خروجنا بريدا يأمر أهل كل منزل أن لا يطعمونا و لا يمكنونا من النزول في بلد حتى نموت جوعا فكلما بلغنا منزلا طردونا و فنى زادنا حتى أتينا مدين شعيب و قد أغلق بابه فصعد أبي جبلا هناك مطلا على البلد أو مكانا مرتفعا عليه فقرأ وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ * وَ لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ * وَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَ يا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ * وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثم رفع صوته و قال و أنا و الله بقية الله فأخبروا الشيخ بقدومنا و أحوالنا فحملوه إلى أبي و كان معهم من الطعام كثير فأحسن ضيافتنا فأمر الوالي بتقييد الشيخ فقيدوه ليحملوه إلى عبد الملك لأنه خالف أمره قال الصادق (عليه السلام) فاغتممت لذلك و بكيت فقال والدي لا بأس من عبد الملك بالشيخ و لا يصل إليه فإنه يتوفى في أول منزل ينزله و ارتحلنا حتى رجعنا إلى المدينة بجهد

[294]

الباب السابع في معجزات الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)

روي عن المفضل بن عمر قال : كنت أمشي مع أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) بمكة إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميتة و هي مع صبية لها تبكيان فقال (عليه السلام) لها ما شأنك .

قالت كنت أنا و صبياني نعيش من هذه البقرة و قد ماتت لقد تحيرت في أمري قال أ فتحبين أن يحييها الله لك قالت أ و تسخر مني مع مصيبتي قال كلا ما أردت ذلك ثم دعا بدعاء ثم ركضها برجله و صاح بها فقامت البقرة مسرعة سوية فقالت عيسى ابن مريم و رب الكعبة .

فدخل الصادق (عليه السلام) بين الناس فلم تعرفه المرأة .

و منها أن صفوان بن يحيى قال : قال لي العبدي قالت أهلي لي قد طال عهدنا بالصادق (عليه السلام) فلو حججنا و جددنا به العهد .

فقلت لها و الله ما عندي شي‏ء أحج به فقالت عندنا كسوة و حلي فبع ذلك

[295]

و تجهز به ففعلت فلما صرنا بقرب المدينة مرضت مرضا شديدا حتى أشرفت على الموت فلما دخلنا المدينة خرجت من عندها و أنا آيس منها فأتيت الصادق (عليه السلام) و عليه ثوبان ممصران فسلمت عليه فأجابني و سألني عنها فعرفته خبرها و قلت إني خرجت و قد أيست منها فأطرق مليا .

ثم قال يا عبدي أنت حزين بسببها قلت نعم .

قال لا بأس عليها فقد دعوت الله لها بالعافية فارجع إليها فإنك تجدها قد فاقت و هي قاعدة و الخادمة تلقمها الطبرزد .

قال فرجعت إليها مبادرا فوجدتها قد أفاقت و هي قاعدة و الخادمة تلقمها الطبرزد فقلت ما حالك قالت قد صب الله علي العافية صبا و قد اشتهيت هذا السكر فقلت خرجت من عندك آيسا فسألني الصادق عنك فأخبرته بحالك فقال لا بأس عليها ارجع إليها فهي تأكل السكر .

قالت خرجت من عندي و أنا أجود بنفسي فدخل علي رجل عليه ثوبان ممصران قال ما لك قلت أنا ميتة و هذا ملك الموت قد جاء لقبض روحي فقال يا ملك الموت قال لبيك أيها الإمام قال أ لست أمرت بالسمع و الطاعة لنا قال بلى قال فإني آمرك أن تؤخر أمرها عشرين سنة قال السمع و الطاعة قالت فخرج هو و ملك الموت من عندي فأفقت من ساعتي

[296]

.

و منها ما قال علي بن أبي حمزة قال : حججت مع الصادق (عليه السلام) فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة فحرك شفتيه بدعاء لم أفهمه ثم قال يا نخلة أطعمينا مما جعل الله فيك من رزق عباده قال فنظرت إلى النخلة و قد تمايلت نحو الصادق (عليه السلام) و عليها أعذاقها و فيها الرطب قال ادن فسم و كل فأكلنا منها رطبا أعذب رطب و أطيبه فإذا نحن بأعرابي يقول ما رأيت كاليوم سحرا أعظم من هذا فقال الصادق (عليه السلام) نحن ورثة الأنبياء ليس فينا ساحر و لا كاهن بل ندعو الله فيجيب و إن أحببت أن أدعو الله فيمسخك كلبا تهتدي إلى منزلك و تدخل عليهم و تبصبص لأهلك فعلت قال الأعرابي بجهله بلى فدعا الله فصار كلبا في وقته و مضى على وجهه فقال لي الصادق (عليه السلام) اتبعه فاتبعته حتى صار إلى حيه فدخل إلى منزله فجعل يبصبص لأهله و ولده فأخذوا له العصا حتى أخرجوه فانصرفت إلى الصادق (عليه السلام) فأخبرته بما كان منه فبينا نحن في حديثه إذ أقبل حتى وقف بين يدي الصادق (عليه السلام) و جعلت دموعه تسيل على خديه و أقبل يتمرغ في التراب و يعوي فرحمه فدعا الله له فعاد أعرابيا فقال له الصادق (عليه السلام) هل آمنت يا أعرابي قال نعم ألفا و ألفا

[297]

و منها ما روي عن يونس بن ظبيان قال : كنت عند الصادق (عليه السلام) مع جماعة فقلت قول الله تعالى لإبراهيم فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ أ و كانت أربعة من أجناس مختلفة أو من جنس واحد فقال أ تحبون أن أريكم مثله قلنا بلى قال يا طاوس فإذا طاوس طار إلى حضرته ثم قال يا غراب فإذا غراب بين يديه ثم قال يا بازي فإذا بازي بين يديه ثم قال يا حمامة فإذا حمامة بين يديه ثم أمر بذبحها كلها و تقطيعها و نتف ريشها و أن يخلط ذلك كله بعضه ببعض ثم أخذ برأس الطاوس فقال يا طاوس فرأينا لحمه و عظامه و ريشه يتميز من غيره حتى التزق ذلك كله برأسه و قام الطاوس بين يديه حيا ثم صاح بالغراب كذلك و بالبازي و الحمامة مثل ذلك فقامت كلها أحياء بين يديه .

و منها ما روى عن داود بن كثير الرقي قال : كنت عند الصادق (عليه السلام) أنا و أبو الخطاب و المفضل و أبو عبد الله البلخي إذ دخل علينا كثير النواء فقال إن أبا الخطاب هذا يشتم أبا بكر و عمر و يظهر البراءة منهما فالتفت الصادق (عليه السلام) إلى أبي الخطاب و قال يا محمد ما تقول قال كذب و الله ما سمع مني قط شتمهما

[298]

فقال الصادق (عليه السلام) قد حلف و لا يحلف كاذبا فقال صدق لم أسمع أنا منه و لكن حدثني الثقة به عنه قال الصادق (عليه السلام) و إن الثقة لا يبلغ ذلك فلما خرج كثير قال الصادق (عليه السلام) أما و الله لئن كان أبو الخطاب ذكر ما قال كثير لقد علم من أمرهما ما لم يعلمه كثير و الله لقد جلسا مجلس أمير المؤمنين (عليه السلام) غضبا فلا غفر الله لهما و لا عفا عنهما فبهت أبو عبد الله البلخي و نظر إلى الصادق (عليه السلام) متعجبا مما قال فيهما فقال له الصادق (عليه السلام) أنكرت ما سمعت مني فيهما قال قد كان ذلك فقال الصادق (عليه السلام) فهلا كان هذا الإنكار منك ليلة رفع إليك فلان بن فلان البلخي جاريته فلانة لتبيعها له فلما عبرت النهر افترشتها في أصل شجرة فقال البلخي قد مضى و الله لهذا الحديث أكثر من عشرين سنة و لقد تبت إلى الله من ذلك فقال الصادق (عليه السلام) لقد تبت و ما تاب الله عليك و لقد غضب الله لصاحب الجارية ثم ركب و سار و البلخي معه فلما برزا قال الصادق (عليه السلام) و قد سمع صوت حمار إن أهل النار يتأذون بهما و بأصواتهما كما تتأذون بصوت الحمار فلما برزنا إلى الصحراء فإذا نحن بجب كبير التفت الصادق (عليه السلام) إلى البلخي فقال اسقنا من هذا الجب فدنا البلخي ثم قال هذا جب بعيد القعر لا أرى ماء به فتقدم الصادق (عليه السلام) فقال أيها الجب السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل

[299]

الله فيك من الماء بإذن الله فنظرنا الماء يرتفع من الجب فشربنا منه ثم سار حتى انتهى إلى موضع فيه نخلة يابسة فدنا منها فقال أيتها النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك فانتثرت رطبا جنيا فأكلنا ثم جازها فالتفتنا فلم نر فيها شيئا ثم سار فإذا نحن بظبي قد أقبل فبصبص بذنبه إلى الصادق (عليه السلام) و تبغم فقال أفعل إن شاء الله فانصرف الظبي فقال البلخي لقد رأينا شيئا عجبا فما الذي سألك الظبي فقال استجار بي و أخبرني أن بعض من يصيد الظباء بالمدينة صاد زوجته و أن لها خشفين صغيرين و سألني أن أشتريها و أطلقها لله إليه فضمنت له ذلك و استقبل القبلة و دعا و قال الحمد لله كثيرا كما هو أهله و مستحقه و تلا أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ثم قال نحن و الله المحسودون ثم انصرف و نحن معه فاشترى الظبية و أطلقها ثم قال لا تذيعوا سرنا و لا تحدثوا به عند غير أهله فإن المذيع سرنا أشد علينا من عدونا .

و منها أن أبا الصلت الهروي روى عن الرضا (عليه السلام) أنه قال : قال لي أبي موسى (عليه السلام) كنت جالسا عند أبي (عليه السلام) إذ دخل عليه بعض أوليائنا فقال بالباب

[300]

ركب كثير يريدون الدخول عليك فقال لي انظر من بالباب فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق و رجل راكب فرسا فقلت من الرجل فقال رجل من السند و الهند أردت الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) فأعلمت والدي بذلك فقال لا تأذن للنجس الخائن فأقام بالباب مدة مديدة فلا يؤذن له حتى شفع يزيد بن سليمان و محمد بن سليمان فأذن له فدخل الهندي و جثا بين يديه فقال أصلح الله الإمام أنا رجل من بلد الهند من قبل ملكها بعثني إليك بكتاب مختوم و لي بالباب حول لم تأذن لي فما ذنبي أ هكذا يفعل الأنبياء قال فطأطأ رأسه ثم قال وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ و ليس مثلك من يطأ مجالس الأنبياء قال موسى (عليه السلام) فأمرني أبي بأخذ الكتاب و فكه فكان فيه بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمد الصادق الطاهر من كل نجس من ملك الهند أما بعد فقد هداني الله على يديك و إنه أهدي إلي جارية لم أر أحسن منها و لم أجد أحدا يستأهلها غيرك فبعثتها إليك مع شي‏ء من الحلي و الجواهر و الطيب ثم جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للأمانة و اخترت من الألف مائة و اخترت من المائة عشرة و اخترت من العشرة واحدا و هو ميزاب بن حباب لم أر أوثق منه فبعثت على يده هذه الجارية و الهدية فقال جعفر (عليه السلام) ارجع أيها الخائن ما كنت بالذي أقبلها لأنك خائن فيما اؤتمنت عليه فحلف أنه ما خان

[301]

فقال (عليه السلام) إن شهد عليك بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال أ و تعفيني من ذلك قال اكتب إلى صاحبك بما فعلت قال الهندي إن علمت شيئا فأكتب و كان عليه فروة فأمره بخلعها ثم قام الإمام فركع ركعتين ثم سجد قال موسى (عليه السلام) فسمعته في سجوده يقول اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك و منتهى الرحمة من كتابك أن تصلي على محمد عبدك و رسولك و أمينك في خلقك و آله و أن تأذن لفرو هذا الهندي أن يتكلم بلسان عربي مبين يسمعه من في المجلس من أوليائنا ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم ثم رفع رأسه فقال أيها الفرو تكلم بما تعلم من هذا الهندي قال موسى (عليه السلام) فانتفضت الفروة و صارت كالكبش و قالت يا ابن رسول الله ائتمنه الملك على هذه الجارية و ما معها و أوصاه بحفظها حتى صرنا إلى بعض الصحاري أصابنا المطر و ابتل جميع ما معنا ثم احتبس المطر و طلعت الشمس فنادى خادما كان مع الجارية يخدمها يقال له بشر و قال له لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام و دفع إليه دراهم و دخل الخادم المدينة فأمر الميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبتها إلى مضرب قد نصب لها في الشمس فخرجت و كشفت عن ساقيها إذ كان في الأرض وحل و نظر هذا الخائن إليها

back page fehrest page next page