[302]
فراودها عن نفسها فأجابته و فجر بها و خانك فخر الهندي على الأرض فقال ارحمني فقد أخطأت و أقر بذلك ثم صار فروة كما كانت و أمره أن يلبسها فلما لبسها انضمت في حلقه و خنقته حتى اسود وجهه فقال الصادق (عليه السلام) أيها الفرو خل عنه حتى يرجع إلى صاحبه فيكون هو أولى به منا فانحل الفرو و قال (عليه السلام) خذ هديتك و ارجع إلى صاحبك فقال الهندي الله الله يا مولاي في فإنك إن رددت الهدية خشيت أن ينكر ذلك علي فإنه شديد العقوبة فقال أسلم أعطك الجارية فأبى فقبل الهدية و رد الجارية فلما رجع إلى الملك رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر فيه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمد الإمام (عليه السلام) من ملك الهند أما بعد فقد كنت أهديت إليك جارية فقبلت مني ما لا قيمة له و رددت الجارية فأنكر ذلك قلبي و علمت أن الأنبياء و أولاد الأنبياء معهم فراسة فنظرت إلى الرسول بعين الخيانة فاخترعت كتابا و أعلمته أنه جاءني منك بخيانة و حلفت أنه لا ينجيه إلا الصدق فأقر بما فعل و أقرت الجارية بمثل ذلك و أخبرت بما كان من أمر الفرو فتعجبت من ذلك و ضربت عنقها و عنقه و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده
[303]
لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و اعلم أني واصل على أثر الكتاب فما أقام إلا مدة يسيرة حتى ترك ملك الهند و أسلم و حسن إسلامه .
و منها ما روى هشام بن الحكم : أن رجلا من الجبل أتى أبا عبد الله (عليه السلام) و معه عشرة آلاف درهم و قال اشتر لي بها دارا أنزلها إذا قدمت و عيالي معي ثم مضى إلى مكة فلما حج و انصرف أنزله الصادق (عليه السلام) في داره و قال له اشتريت لك دارا في الفردوس الأعلى حدها الأول إلى دار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الثاني إلى علي (عليه السلام) و الثالث إلى الحسن (عليه السلام) و الرابع إلى الحسين (عليه السلام) و كتبت لك هذا الصك به فقال الرجل لما سمع ذلك رضيت ففرق الصادق (عليه السلام) تلك الدراهم على أولاد الحسن و الحسين (عليه السلام) و انصرف الرجل فلما وصل إلى المنزل اعتل علة الموت فلما حضرته الوفاة جمع أهل بيته و حلفهم أن يجعلوا الصك معه في قبره ففعلوا ذلك
[304]
فلما أصبح و غدوا إلى قبره وجدوا الصك على ظهر القبر و على ظهر الصك مكتوب وفى لي ولي الله جعفر بن محمد (عليه السلام) بما وعدني .
و منها : أن حماد بن عيسى سأل الصادق (عليه السلام) أن يدعو له ليرزقه الله ما يحج به كثيرا و أن يرزقه ضياعا حسنة و دارا حسنا و زوجة من أهل البيوتات صالحة و أولادا أبرارا فقال الصادق (عليه السلام) اللهم ارزق حماد بن عيسى ما يحج به خمسين حجة و ارزقه ضياعا حسنة و دارا حسنا و زوجة صالحة من قوم كرام و أولادا أبرارا
قال بعض من حضره دخلت بعد سنين على حماد بن عيسى في داره بالبصرة فقال لي أ تذكر دعاء الصادق (عليه السلام) لي قلت نعم .
قال هذه داري و ليس في البلد مثلها و ضياعي أحسن الضياع و زوجتي من تعرفها من كرام الناس و أولادي هم من تعرفهم من الأبرار و قد حججت ثمانية و أربعين حجة .
قال فحج حماد حجتين بعد ذلك فلما خرج في الحجة الحادية و الخمسين و وصل إلى الجحفة و أراد أن يحرم دخل واديا ليغتسل فأخذه السيل و مر
[305]
به فتبعه غلمانه فأخرجوه من الماء ميتا فسمي حماد غريق الجحفة .
و منها أن علي بن أبي حمزة قال : خرجت بأبي بصير أقوده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي لا تتكلم و لا تقل شيئا فلما انتهيت به إلى الباب فتنحنح فسمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في داخل الدار يا فلانة افتحي لأبي محمد فدخلنا و السراج بين يديه و إذا سفط بين يديه مفتوح .
[306]
قال فوقعت علي رعدة فجعلت أرتعد فرفع رأسه إلي فقال أ بزاز أنت قلت نعم
و عن أبي الصامت الحلاوني قال : قلت للصادق (عليه السلام) أعطني شيئا ينفي الشك عن قلبي قال الصادق (عليه السلام) هات المفتاح الذي في كمك فناولته فإذا المفتاح شبه أسد فخفت قال خذ و لا تخف فأخذته فعاد مفتاحا كما كان
[307]
الباب الثامن في معجزات الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)
روي عن أبي الصلت الهروي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : قال أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) لعلي بن أبي حمزة مبتدئا تلقى رجلا من أهل المغرب يسألك عني فقل له هو الإمام الذي قال لنا به أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) فإذا سألك عن الحلال و الحرام فأجبه قال فما علامته قال رجل جسيم طويل اسمه يعقوب بن يزيد و هو رائد قومه و إن أراد الدخول إلي فأحضره عندي قال علي بن أبي حمزة فو الله إني لفي الطواف إذ أقبل رجل طويل جسيم فقال لي أريد أن أسألك عن صاحبك قلت عن أي الأصحاب قال عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قلت فما اسمك قال يعقوب بن يزيد قلت من أين أنت قال من المغرب قلت من أين عرفتني قال أتاني آت في منامي فقال لي الق علي بن أبي حمزة فسله عن جميع ما تحتاج إليه فسألت عنك فدللت عليك قلت اقعد في هذا الموضع حتى أفرغ من طوافي و أعود إليك فطفت ثم أتيته فكلمته فرأيت رجلا عاقلا فهما فالتمس مني الوصول إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) فأوصلته إليه
[308]
فلما رآه قال يا يعقوب بن يزيد قدمت أمس و وقع بينك و بين أخيك خصومة في موضع كذا حتى تشاتمتما و ليس هذا من ديني و لا من دين آبائي فلا نأمر بهذا أحدا من شيعتنا فاتق الله فإنكما ستفترقان عن قريب بموت فأما أخوك فيموت في سفرته هذه قبل أن يصل إلى أهله و تندم أنت على ما كان منك إليه فإنكما تقاطعتما و تدابرتما فقطع الله عليكما أعماركما فقال الرجل يا ابن رسول الله فأنا متى يكون أجلي قال قد كان حضر أجلك فوصلت عمتك بما وصلتها في منزل كذا و كذا فنسأ الله تعالى في أجلك عشرين حجة قال علي بن أبي حمزة فلقيت الرجل من قابل بمكة فأخبرني أن أخاه توفي و دفنه في الطريق قبل أن يصير إلى أهله .
و منها أن المفضل بن عمر قال : لما مضى الصادق (عليه السلام) كانت وصيته
[309]
في الإمامة إلى موسى الكاظم (عليه السلام) فادعى أخوه عبد الله الإمامة و كان أكبر ولد جعفر (عليه السلام) في وقته ذلك و هو المعروف بالأفطح فأمر موسى (عليه السلام) بجمع حطب كثير في وسط داره فأرسل إلى أخيه عبد الله يسأله أن يصير إليه فلما صار عنده و مع موسى (عليه السلام) جماعة من وجوه الإمامية فلما جلس إليه أخوه عبد الله أمر موسى (عليه السلام) أن تضرم النار في ذلك الحطب فأضرمت و لا يعلم الناس السبب فيه حتى صار الحطب كله جمرا ثم قام موسى (عليه السلام) و جلس بثيابه في وسط النار و أقبل يحدث القوم ساعة ثم قام فنفض ثوبه و رجع إلى المجلس فقال لأخيه عبد الله إن كنت تزعم أنك الإمام بعد أبيك فاجلس في ذلك المجلس قالوا
[310]
فرأينا عبد الله قد تغير لونه فقام يجر رداءه حتى خرج من دار موسى (عليه السلام) .
و منها ما قال إسحاق بن منصور قال سمعت أبي يقول : سمعت موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول ناعيا إلى رجل من الشيعة نفسه فقلت في نفسي و إنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته فالتفت إلي فقال اصنع ما أنت صانع فإن عمرك قد فني و قد بقي منه دون سنتين و كذلك أخوك لا يمكث بعدك إلا شهرا واحدا حتى يموت و كذلك عامة أهل بيتك و تتشتت كلمتهم و يتفرق جمعهم و يشمت بهم أعداؤهم و هم يصيرون رحمة لإخوانهم أ كان هذا في صدرك قال أستغفر الله مما عرض في صدري فلم يستكمل منصور سنتين حتى مات و مات بعده بشهر أخوه و مات عامة أهل بيته و أفلس بقيتهم و تفرقوا حتى احتاج من بقي منهم إلى الصدقة .
و منها ما روى واضح عن الرضا (عليه السلام) قال : قال أبي موسى (عليه السلام) للحسين بن أبي العلا اشتر لي جارية نوبية فقال الحسين أعرف و الله جارية نوبية نفيسة
[211]
أحسن ما رأيت من النوبة فلو لا خصلة لكانت من شأنك قال (عليه السلام) و ما تلك الخصلة قال لا تعرف كلامك و أنت لا تعرف كلامها فتبسم (عليه السلام) ثم قال اذهب حتى تشتريها فلما دخلت بها إليه قال لها بلغتها ما اسمك قالت مؤنسة قال أنت لعمري مؤنسة قد كان لك اسم غير هذا و قد كان اسمك قبل هذا حبيبة قالت صدقت ثم قال يا ابن أبي العلا إنها ستلد لي غلاما لا يكون في ولدي أسخى و لا أشجع و لا أعبد منه قلت فما تسميه حتى أعرفه قال اسمه إبراهيم فقال علي بن أبي حمزة كنت مع موسى (عليه السلام) بمنى إذ أتى رسوله فقال الحق بي بالثعلبية فلحقت به و معه عياله و عمران خادمه فقال أيما أحب إليك المقام هاهنا أو تلحق بمكة قلت أحبهما إلي ما أحببت قال مكة خير لك ثم سبقني إلى داره بمكة و أتيته و قد صلى المغرب فدخلت عليه فقال اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى فخلعت نعلي و جلست معه فأتيت بخوان فيه خبيص فأكلت أنا و هو ثم رفع الخوان و كنت أحدثه ثم غشيني النعاس فقال لي
[312]
قم فنم حتى أقوم أنا لصلاة الليل فحملني النوم إلى أن فرغ من صلاة الليل ثم جاءني فنبهني فقال قم فتوضأ و صل صلاة الليل و خفف فلما فرغت من الصلاة صلينا الفجر ثم قال لي يا علي أن أم ولدي ضربها الطلق فحملتها إلى الثعلبية مخافة أن يسمع الناس صوتها فولدت هناك الغلام الذي ذكرت لك كرمه و سخاءه و شجاعته قال علي فو الله لقد أدركت الغلام فكان كما وصف .
و منها ما روى عن ابن أبي حمزة قال : كنا عند أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) إذ دخل عليه ثلاثون غلاما مملوكا من الحبشة قد اشتروا له فتكلم غلام منهم و كان جميلا بكلام فأجابه موسى (عليه السلام) بلغته فتعجب الغلام و تعجبوا جميعا و ظنوا أنه لا يفهم كلامهم فقال له موسى (عليه السلام) إني أدفع إليك مالا فادفع إلى كل واحد منهم ثلاثين درهما فخرجوا و بعضهم يقول لبعض إنه أفصح منا بلغتنا و هذه نعمة من الله علينا قال علي بن أبي حمزة فلما خرجوا قلت يا ابن رسول الله رأيتك تكلم هؤلاء الحبشيين بلغاتهم قال نعم و أمرت ذلك الغلام من بينهم بشيء دونهم قال نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيرا و أن يعطي كل واحد منهم في كل
[313]
شهر ثلاثين درهما لأنه لما تكلم كان أعلمهم فإنه من أبناء ملوكهم فجعلته عليهم و أوصيته بما يحتاجون إليه و هو مع ذلك غلام صدق ثم قال لعلك عجبت من كلامي إياهم بالحبشية قلت إي و الله قال فلا تعجب فما خفي عليك من أمري أعجب و أعجب من كلامي إياهم و ما الذي سمعته مني إلا كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة أ فترى هذا الذي يأخذه بمنقاره ينقص من البحر و الإمام بمنزلة البحر لا ينفد ما عنده و عجائبه أكثر من عجائب البحر .
و منها ما قال بدر مولى الرضا (عليه السلام) : إن إسحاق بن عمار دخل على موسى بن جعفر (عليه السلام) فجلس عنده إذ استأذن عليه رجل خراساني فكلمه بكلام لم يسمع مثله قط كأنه كلام الطير قال إسحاق فأجابه موسى (عليه السلام) بمثله و بلغته إلى أن قضى وطره من مسألته فخرج من عنده فقلت ما سمعت بمثل هذا الكلام قال هذا كلام قوم من أهل الصين و ليس كل كلام أهل الصين مثله ثم قال أ تعجب من كلامي بلغته قلت هو موضع التعجب قال (عليه السلام) أخبرك بما هو أعجب منه اعلم أن الإمام يعلم منطق الطير و نطق كل
[314]
ذي روح خلقه الله تعالى و ما يخفى على الإمام شيء .
و منها ما قال علي بن أبي حمزة قال : أخذ بيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) يوما فخرجنا من المدينة إلى الصحراء فإذا نحن برجل مغربي على الطريق يبكي و بين يديه حمار ميت و رحله مطروح فقال له موسى (عليه السلام) ما شأنك قال كنت مع رفقائي نريد الحج فمات حماري هاهنا و بقيت وحدي و مضى أصحابي و قد بقيت متحيرا ليس لي شيء أحمل عليه فقال موسى (عليه السلام) لعله لم يمت قال أ ما ترحمني حتى تلهو بي قال إن لي رقية جيدة قال الرجل ليس يكفيني ما أنا فيه حتى تستهزئ بي فدنا موسى (عليه السلام) من الحمار و دعا بشيء لم أسمعه و أخذ قضيبا كان مطروحا فنخسه به و صاح عليه فوثب الحمار صحيحا سليما فقال يا مغربي ترى هاهنا شيئا من الاستهزاء الحق بأصحابك و مضينا و تركناه قال علي بن أبي حمزة فكنت واقفا يوما على بئر زمزم بمكة فإذا المغربي هناك فلما رآني عدا إلي و قبل يدي فرحا مسرورا
[315]
فقلت له ما حال حمارك فقال هو و الله سليم صحيح و ما أدري من أين ذلك الرجل الذي من الله به علي فأحيا لي حماري بعد موته فقلت له قد بلغت حاجتك فلا تسأل عما لا تبلغ معرفته .
و منها ما روى عن أبي خالد الزبالي قال : قدم أبو الحسن موسى (عليه السلام) زبالة و معه جماعة من أصحاب المهدي بعثهم في إشخاصه إليه قال و أمرني بشراء حوائج له و نظر إلي و أنا مغموم فقال يا أبا خالد ما لي أراك مغموما قلت هو ذا تصير إلى هذا الطاغية و لا آمنك منه قال ليس علي منه بأس إذا كان يوم كذا فانتظرني في أول الميل قال فما كان لي همة إلا أحصي الأيام حتى إذا كان ذلك اليوم وافيت أول الميل فلم أر أحدا حتى كادت الشمس تجب فشككت و نظرت بعد إلى شخص قد أقبل فانتظرته فإذا هو أبو الحسن موسى (عليه السلام) على بغلة قد تقدم فلما نظر إلي قال لا تشكن فقلت قد كان ذلك
[316]
ثم قال إن لي عودة و لا أتخلص منهم فكان كما قال .
و منها أن عيسى المدائني قال : خرجت سنة إلى مكة فأقمت بها ثم قلت أقيم بالمدينة مثل ما أقمت بمكة فهو أعظم لثوابي فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلى إلى جنب دار أبي ذر فجعلت أختلف إلى سيدي فأصابنا مطر شديد بالمدينة فأتيت أبا الحسن (عليه السلام) مسلما عليه يوما و إن السماء تهطل فلما دخلت ابتدأني فقال لي و عليك سلام الله يا عيسى ارجع فقد انهدم بيتك على متاعك فانصرفت راجعا و إذا البيت قد انهار و استعملت عملة فاستخرجوا متاعي كله و لا افتقدته غير سطل كان لي فلما أتيته الغد مسلما عليه قال هل فقدت من متاعك شيئا فندعو الله لك بالخلف قلت ما فقدت شيئا ما خلا سطلا كان لي أتوضأ منه فقدته فأطرق مليا ثم رفع رأسه إلي فقال لي قد ظننت أنك قد أنسيت السطل فسل جارية رب الدار عنه و قل لها أنت رفعت السطل في الخلاء فرديه فإنها سترده عليك فلما انصرفت أتيت جارية رب الدار فقلت
[317]
إني نسيت السطل في الخلاء فرديه علي أتوضأ منه فردت علي سطلي .
و منها أن علي بن أبي حمزة قال : كنت عند موسى بن جعفر (عليه السلام) إذ أتاه رجل من أهل الري يقال له جندب فسلم عليه و جلس فسأله أبو الحسن (عليه السلام) و أحسن السؤال به ثم قال له يا جندب ما فعل أخوك قال له بخير و هو يقرئك السلام فقال يا جندب عظم الله أجرك في أخيك فقال ورد كتابه من الكوفة لثلاثة عشر يوما بالسلامة فقال إنه و الله مات بعد كتابه إليك بيومين و دفع إلى امرأته مالا و قال ليكن هذا المال عندك فإذا قدم أخي فادفعيه إليه و قد أودعته الأرض في البيت الذي كان يكون فيه فإذا أنت أتيتها فتلطف لها و أطمعها في نفسك فإنها ستدفعه إليك قال علي بن أبي حمزة و كان جندب رجلا كبيرا جميلا قال فلقيت جندبا بعد ما فقد أبو الحسن (عليه السلام) فسألته عما قال له فقال صدق و الله سيدي ما زاد و لا نقص لا في الكتاب و لا في المال
[318]
و منها ما روى علي بن أبي حمزة قال : كان رجل من موالي أبي الحسن لي صديقا قال خرجت من منزلي يوما فإذا أنا بامرأة حسناء جميلة و معها أخرى فتبعتها فقلت لها تمتعيني نفسك فالتفتت إلي و قالت إن كان لنا عندك جنس فليس فينا مطمع و إن لم يكن لك زوجة فامض بنا فقلت ليس لك عندنا جنس فانطلقت معي حتى صرنا إلى باب المنزل فدخلت فلما أن خلعت فرد خف و بقي الخف الآخر تنزعه إذا قارع يقرع الباب فخرجت فإذا أنا بموفق مولى أبي الحسن فقلت له ما وراك قال خير يقول لك أبو الحسن أخرج هذه المرأة التي معك في البيت و لا تمسها .
فدخلت فقلت لها البسي خفك يا هذه و اخرجي فلبست خفها و خرجت فنظرت إلى موفق بالباب فقال سد الباب فسددته فو الله ما جازت غير بعيد و أنا وراء الباب أستمع و أطلع حتى لقيها رجل مستفز .
فقال لها ما لك خرجت سريعا أ لست قلت لا تخرجي .
قالت إن رسول الساحر جاء يأمره أن يخرجني فأخرجني .
قال فسمعته يقول أولى له و إذا القوم طمعوا في مال عندي فلما كان العشاء عدت إلى أبي الحسن قال لا تعد فإن تلك امرأة من بني أمية أهل بيت اللعنة إنهم كانوا بعثوا أن يأخذوها في منزلك فاحمد الله الذي صرفها ثم قال لي أبو الحسن تزوج بابنة فلان و هو مولى أبي أيوب الأنصاري فإن له ابنة قد جمعت كل ما تريد من أمر الدنيا و الآخرة .
[319]
فتزوجت فكان كما قال (عليه السلام) .
و منها أن علي بن أبي حمزة قال : بعثني أبو الحسن في حاجة فجئت و إذا معتب على الباب فقلت أعلم مولاي بمكاني فدخل معتب و مرت بي امرأة و قلت لو لا أن معتبا دخل فأعلم مولاي بمكاني لاتبعت هذه المرأة فتمتعت بها فخرج معتب فقال ادخل فدخلت عليه و هو على مصلى تحته مرفقة فمد يده و أخرج من تحت المرفقة صرة فناولنيها و قال الحق المرأة فإنها على دكان العلاف بالبقيع تنتظرك فأخذت الدراهم و كنت إذا قال لي شيئا لا أراجعه فأتيت البقيع فإذا المرأة على دكان العلاف تقول يا عبد الله قد حبستني قلت أنا قالت نعم فذهبت بها و تمتعت بها .
و منها ما قال المعلى بن محمد عن بعض أصحابنا عن بكار القمي قال : حججت أربعين حجة فلما كان في آخرها أصبت بنفقتي بجمع فقدمت مكة فأقمت حتى يصدر الناس ثم قلت أصير إلى المدينة فأزور رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و أنظر إلى سيدي أبي الحسن موسى (عليه السلام) و عسى أن أعمل عملا بيدي فأجمع شيئا فأستعين به على طريقي إلى الكوفة .
[320]
فخرجت حتى صرت إلى المدينة فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسلمت عليه ثم جئت إلى المصلى إلى الموضع الذي يقوم فيه الفعلة فقمت فيه رجاء أن يسبب الله لي عملا أعمله فبينا أنا كذلك إذ أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة فجئت فوقفت معهم فذهب بجماعة فاتبعته .
فقلت يا عبد الله إني رجل غريب فإن رأيت أن تذهب بي معهم فتستعملني .
فقال أنت من أهل الكوفة قلت نعم قال اذهب فانطلقت معه إلى دار كبيرة تبنى جديدة فعملت فيها أياما و كنا لا نعطى من أسبوع إلى أسبوع إلا يوما واحدا و كان العمال لا يعملون فقلت للوكيل استعملني عليهم حتى أستعملهم و أعمل معهم .
فقال قد استعملتك فكنت أعمل و أستعملهم .
قال فإني لواقف ذات يوم على السلم إذ نظرت إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) قد أقبل و أنا في السلم في الدار فدار في الدار ثم رفع رأسه إلي فقال يا بكار جئتنا انزل فنزلت قال فتنحى ناحية فقال لي ما تصنع هاهنا فقلت جعلت فداك أصبت بنفقتي بجمع فأقمت بمكة إلى أن صدر الناس ثم إني صرت إلى المدينة فأتيت المصلى فقلت أطلب عملا فبينا أنا قائم إذ جاء وكيلك فذهب برجال فسألته أن يستعملني كما يستعملهم فقال لي قم يومك هذا .
فلما كان من الغد و كان اليوم الذي يعطون فيه جاء فقعد على الباب
[321]
فجعل يدعو الوكيل برجل رجل يعطيه فكلما ذهبت إليه أومأ بيده إلي أن اقعد حتى إذا كان في آخرهم قال لي ادن فدنوت فدفع إلي صرة فيها خمسة عشر دينارا فقال خذ هذه نفقتك إلى الكوفة .
ثم قال اخرج غدا قلت نعم جعلت فداك و لم أستطع أن أرده ثم ذهب و عاد إلى الرسول فقال قال أبو الحسن (عليه السلام) ائتني غدا قبل أن تذهب فقلت سمعا و طاعة .
فلما كان من الغد أتيته فقال اخرج الساعة حتى تصير إلى فيد فإنك توافق قوما يخرجون إلى الكوفة و هاك هذا الكتاب فادفعه إلى علي بن أبي حمزة قال فانطلقت فلا و الله ما تلقاني خلق حتى صرت إلى فيد فإذا قوم قد تهيئوا للخروج إلى الكوفة من الغد فاشتريت بعيرا و صحبتهم إلى الكوفة فدخلتها ليلا فقلت أصير إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه ثم أغدو بكتاب مولاي إلى علي بن أبي حمزة فأتيت منزلي فأخبرت أن اللصوص دخلوا إلى حانوتي قبل قدومي بأيام فلما أن أصبحت صليت الفجر فبينا أنا جالس متفكر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع علي الباب فخرجت فإذا هو علي بن أبي حمزة فعانقته و سلم علي ثم قال لي يا بكار هات كتاب سيدي قلت نعم و إنني قد كنت على عزم المجيء إليك الساعة قال هات قد علمت أنك قدمت ممسيا
[322]
فأخرجت الكتاب فدفعته إليه فأخذه و قبله و وضعه على عينيه و بكى فقلت ما يبكيك قال شوقا إلى سيدي ففكه و قرأه ثم رفع رأسه إلي و قال يا بكار دخل عليك اللصوص قلت نعم قال فأخذوا ما كان في حانوتك قلت نعم قال إن الله قد أخلفه عليك قد أمرني مولاك و مولاي أن أخلف عليك ما ذهب منك أعطاني أربعين دينارا قال فقومت ما ذهب مني فإذا قيمته أربعون دينارا ففتح علي الكتاب فإذا فيه ادفع إلى بكار قيمة ما ذهب من حانوته أربعين دينارا .
و منها أن إسحاق بن عمار قال : لما حبس هارون أبا الحسن موسى (عليه السلام) دخل عليه أبو يوسف و محمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة فقال أحدهما للآخر نحن على أحد أمرين إما أن نساويه و إما أن نشاكله فجلسا بين يديه فجاء رجل كان موكلا به من قبل السندي بن شاهك فقال إن نوبتي قد انقضت و أنا على الانصراف فإن كانت لك حاجة أمرتني حتى آتيك بها في الوقت الذي تلحقني النوبة فقال له ما لي حاجة فلما أن خرج قال لأبي يوسف و محمد بن الحسن ما أعجب هذا يسألني أن أكلفه حاجة من حوائجي ليرجع و هو ميت في هذه الليلة قال فغمز أبو يوسف محمد بن الحسن للقيام فقاما فقال أحدهما للآخر إنا
[323]
جئنا لنسأله عن الفرض و السنة و هو الآن جاء بشيء آخر كأنه من علم الغيب ثم بعثا برجل مع الرجل فقالا اذهب حتى تلزمه و تنتظر ما يكون من أمره في هذه الليلة و تأتينا بخبره من الغد فمضى الرجل فنام في مسجد عند باب داره فلما أصبح سمع الواعية و رأى الناس يدخلون داره فقال ما هذا قالوا قد مات فلان في هذه الليلة فجأة من غير علة .
فانصرف الرجل إلى أبي يوسف و محمد و أخبرهما الخبر فأتيا أبا الحسن (عليه السلام) فقالا قد علمنا أنك قد أدركت العلم في الحلال و الحرام فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل بك أنه يموت في هذه الليلة قال من الباب الذي أخبر بعلمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) فلما أورد عليهما هذا بقيا لا يحيران جوابا .
و منها : ما روي أن هارون الرشيد بعث يوما إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) على يد ثقة له طبقا من السرقين الذي هو على هيئة التين و أراد استخفافه فلما رفع الإزار منها فإذا هي من أحلى التين و أطيبه فأكل (عليه السلام) و أطعم بعضها الحامل و رد