back page fehrest page next page

[324]

بقيتها إلى هارون فلما تناوله هارون صار سرقينا في فيه و كان في يده تينا .

و منها ما قال إسحاق بن عمار : إن أبا بصير أقبل مع أبي الحسن موسى من المدينة يريد العراق فنزل أبو الحسن المنزل الذي يقال له زبالة بمرحلة فدعا بعلي بن أبي حمزة البطائني و كان تلميذا لأبي بصير فجعل يوصيه بوصية بحضرة أبي بصير و يقول يا علي إذا صرنا إلى الكوفة فتقدم في كذا فغضب أبو بصير و خرج من عنده فقال لا و الله ما أعجب ما أرى هذا الرجل أنا أصحبه منذ حين ثم يتخطاني بحوائجه إلى بعض غلماني .

فلما كان من الغد حم أبو بصير بزبالة فدعا بعلي بن أبي حمزة فقال له أستغفر الله مما حك في صدري من مولاي و من سوء ظني به كان قد علم أني ميت و أني لا ألحق الكوفة فإذا أنا مت فافعل كذا و تقدم في كذا .

فمات أبو بصير بزبالة .

[325]

و منها أن هشام بن الحكم قال : لما مضى أبو عبد الله (عليه السلام) و ادعى الإمامة عبد الله بن جعفر و أنه أكبر ولده دعاه موسى بن جعفر (عليه السلام) و قال يا أخي إن كنت صاحب هذا الأمر فهلم يدك فإدخلها النار و كان حفر حفيرة و ألقى فيها حطبا و ضربها بنفط و نار فلم يفعل عبد الله و أدخل أبو الحسن يده في تلك النار و لم يخرجها من النار إلا بعد احتراق الحطب و هو يمسحها .

و منها أن علي بن سويد قال : خرج إليه عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) سألتني عن أمور كنت منها في تقية و من كتمانها في سعة فلما انقضى سلطان الجبابرة و دنا سلطان ذي السلطان العظيم بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها العتاة على خالقهم رأيت أن أفسر لك ما سألتني عنه مخافة أن تدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من قبل جهالتهم فاتق الله و اكتم ذلك إلا من أهله و احذر أن تكون سبب بلية على الأوصياء أو حارشا عليهم في إفشاء ما استودعتك و إظهار ما استكتمتك و لن تفعل إن شاء الله إن أول ما أنهي عليك أن أنعى إليك نفسي في ليالي هذه غير جازع و لا نادم و لا شاك فيما هو كائن

[326]

مما قضى الله و قدر و حتم في كلام كثير ثم إنه (عليه السلام) مضى في أيامه هذه .

و منها ما روى عن محمد بن عبد الله عن صالح بن واقد الطبري قال : دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقال يا صالح إنه يدعوك الطاغية يعني هارون فيحبسك في محبسه و يسألك عني فقل إني لا أعرفه فإذا صرت في محبسه فقل من أردت أن تخرجه فأخرجه بإذن الله تعالى قال صالح فدعاني هارون من طبرستان فقال ما فعل موسى بن جعفر فقد بلغني أنه كان عندك فقلت و ما يدريني من موسى بن جعفر أنت يا أمير المؤمنين أعرف به و بمكانه فقال اذهبوا به إلى الحبس فو الله إني لفي بعض الليالي قاعد و أهل الحبس نيام إذا أنا به يقول يا صالح قلت لبيك قال قد صرت إلى هاهنا فقلت نعم يا سيدي قال قم فاخرج و اتبعني فقمت و خرجت فلما أن صرنا إلى بعض الطريق قال يا صالح السلطان سلطاننا كرامة من الله أعطاناها قلت يا سيدي فأين أحتجز من هذا الطاغية قال عليك ببلادك فارجع إليها فإنه لن يصل إليك قال صالح فرجعت إلى طبرستان فو الله ما سأل عني و لا درى أ حبسني أم لا

[327]

و منها أن إسماعيل بن سالم قال : بعث إلي علي بن يقطين و إسماعيل بن أحمد فقالا لي خذ هذه الدنانير و ائت الكوفة فالق فلانا فاستصحبه و اشتريا راحلتين و امضيا بالكتب و ما معكما من الأموال حتى تأتيا المدينة و ادفعا ما معكما من كتب و مال إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) ففعلنا حتى إذا كنا ببطن الرمة و قد اشترينا علفا و وضعناه بين الراحلتين و جلسنا نأكل فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا موسى بن جعفر (عليه السلام) على بغلة له أو بغل و خلفه شاكري فلما رأيناه وثبنا إليه فسلمنا عليه .

فقال هاتيا ما معكما فأخرجناه و دفعناه إليه و أخرجنا الكتب فناولنا إياه فأخرج كتبا من كمه فقال لنا هذه جوابات كتبكم فانصرفا في حفظ الله .

قلنا فقد فنى زادنا و قد قربنا من المدينة و لو أذنت لنا فزرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و تزودنا زادا فقال أ بقي معكما من زادكما شي‏ء قلنا نعم .

قال ائتوني به فأخرجناه إليه فقلبه بيده و قال هذه بلغتكم إلى الكوفة امضيا في حفظ الله فرجعنا و كفانا الزاد إلى الكوفة .

[328]

و منها ما قال الأصبغ بن موسى : حملت دنانير إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) بعضها لي و بعضها لإخواني فلما دخلت المدينة أخرجت الذي لأصحابي فعددته فكان تسعة و تسعين دينارا فأخرجت من عندي دينارا و أتممتها مائة دينار فدخلت عليه فصببتها بين يديه فأخذ دينارا من بينها ثم قال هاك دينارك إنما بعثت إلينا وزنا لا عددا .

و منها أن داود بن كثير الرقي قال : وفد من خراسان وافد يكنى أبا جعفر و اجتمع إليه جماعة من أهل خراسان فسألوه أن يحمل لهم أموالا و متاعا و مسائلهم في الفتاوي و المشاورة فورد الكوفة فنزل و زار أمير المؤمنين (عليه السلام) و رأى في ناحية رجلا و حوله جماعة فلما فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء و يسمعون من الشيخ فسألهم عنه فقالوا هو أبو حمزة الثمالي قال فبينا نحن جلوس إذ أقبل أعرابي فقال جئت من المدينة و قد مات جعفر بن محمد (عليه السلام) فشهق أبو حمزة و ضرب بيده الأرض ثم سأل الأعرابي هل سمعت له بوصية قال أوصى إلى ابنه عبد الله و إلى ابنه موسى و إلى المنصور فقال أبو حمزة الحمد لله الذي لم يضلنا دل على الصغير و من على الكبير و ستر الأمر العظيم و وثب إلى قبر أمير المؤمنين فصلى و صلينا

[329]

ثم أقبلت عليه و قلت له فسر لي ما قلته .

فقال بين أن الكبير ذو عاهة و دل على الصغير بأن أدخل يده مع الكبير و ستر الأمر بالمنصور حتى إذا سأل المنصور من وصيه قيل أنت .

قال الخراساني فلم أفهم جواب ما قاله و وردت المدينة و معي المال و الثياب و المسائل و كان فيما معي درهم دفعته إلى امرأة تسمى شطيطة و منديل .

فقلت لها أنا أحمل عنك مائة درهم فقالت إن الله لا يستحيي من الحق فعوجت الدرهم و طرحته في بعض الأكياس فلما حصلت بالمدينة سألت عن الوصي فقيل لي عبد الله ابنه فقصدته فوجدت بابا مرشوشا مكنوسا عليه بواب فأنكرت ذلك في نفسي و استأذنت و دخلت بعد الإذن فإذا هو جالس في منصبه فأنكرت ذلك أيضا .

فقلت أنت وصي الصادق (عليه السلام) الإمام المفترض الطاعة قال نعم .

قلت كم في المائتين من الدراهم زكاة قال خمسة دراهم .

قلت فكم في المائة قال درهمان و نصف .

قلت و رجل قال لامرأته أنت طالق بعدد نجوم السماء هل تطلق بغير شهود .

قال نعم و يكفي من النجوم رأس الجوزاء ثلاثا .

فعجبت من جواباته و مجلسه .

و قال احمل إلي ما معك قلت ما معي شي‏ء

و جئت إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فلما رجعت إلى بيتي إذا أنا بغلام أسود واقف فقال سلام عليك فرددت عليه السلام قال أجب من تريده فنهضت معه فجاء بي إلى باب دار مهجورة و دخل و أدخلني

[330]

فرأيت موسى بن جعفر (عليه السلام) على حصير الصلاة فقال لي يا أبا جعفر اجلس و أجلسني قريبا فرأيت دلائله أدبا و علما و منطقا و قال لي احمل ما معك فحملته إلى حضرته فأومى بيده إلى الكيس الذي فيه درهم المرأة فقال لي افتحه ففتحته و قال لي اقلبه فقلبته فظهر درهم شطيطة المعوج فأخذه بيده و قال افتح تلك الرزمة ففتحتها فأخذ المنديل منها بيده و قال و هو مقبل علي إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر اقرأ على شطيطة السلام مني و ادفع إليها هذه الصرة و قال لي اردد ما معك إلى من حمله و ادفعه إلى أهله و قل قد قبله و وصلكم به و أقمت عنده و حادثني و علمني و قال لي أ لم يقل لك أبو حمزة الثمالي بظهر الكوفة و أنتم زوار أمير المؤمنين (عليه السلام) كذا و كذا قلت نعم قال كذلك يكون المؤمن إذا نور الله قلبه كان علمه بالوجه ثم قال لي قم إلى ثقات أصحاب الماضي فسلهم عن نصه

قال أبو جعفر الخراساني فلقيت جماعة كثيرة منهم شهدوا بالنص على موسى (عليه السلام) ثم مضى أبو جعفر إلى خراسان .

قال داود الرقي فكاتبني من خراسان أنه وجد جماعة ممن حملوا المال

[331]

قد صاروا فطحية و أنه وجد شطيطة على أمرها تتوقعه يعود قال فلما رأيتها عرفتها سلام مولانا عليها و قبوله منها دون غيرها و سلمت إليها الصرة ففرحت و قالت لي أمسك الدراهم معك فإنها لكفني .

فأقامت ثلاثة أيام و توفيت إلى رحمة الله تعالى .

و منها ما روي عن هشام بن سالم قال : كنت أنا و محمد بن النعمان صاحب الطاق بالمدينة بعد وفاة جعفر (عليه السلام) و قد اجتمع الناس على عبد الله ابنه فدخلنا عليه و قلنا الزكاة في كم تجب .

قال في مائتي درهم خمسة دراهم فقلنا ففي مائة قال درهمان و نصف فخرجنا ضلالا فقعدنا باكين في موضع نقول إلى من نرجع إلى المرجئة إلى المعتزلة إلى الزيدية فنحن كذلك إذ رأيت شيخا لا أعرفه يومئ إلي

[332]

فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور فإنه أمر بضرب رقاب من يجتمع على موسى (عليه السلام) و قتله إن اجتمعوا عليه .

فقلت للأحول تنح لا تهلك فإني خائف على نفسي و تبعت الشيخ حتى أخرجني إلى باب موسى (عليه السلام) و أدخلني عليه

فلما رآني موسى (عليه السلام) قال لي ابتداء منه إلي إلي لا إلى المرجئة و لا إلى المعتزلة و لا إلى الزيدية فقلت مضى أبوك قال نعم قلت فمن لنا بعده قال إن شاء الله أن يهديك هداك فقلت في نفسي لم أحسن المسألة فقلت و عليك إمام قال لا فدخلني هيبة له قلت أسألك كما سألت أباك قال سل تخبر و لا تذع فإن أذعت فهو الذبح فسألته فإذا هو بحر لا ينزف قلت شيعة أبوك ضلال فأدعوهم إليك قال من آنست منه الرشد

فلقيت أبا جعفر الأحول و زرارة و أبا بصير و ندخل عليه إلا طائفة عمار الساباطي

[333]

و بقي عبد الله لا يدخل عليه إلا القليل .

و منها ما قال أبو بصير : قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام) بما يعرف الإمام قال بخصال أما أولهن فإنه خص بشي‏ء قد تقدم فيه من أبيه و إشارته إليه ليكون حجة و يسأل فيجيب و إذا سكت عنه ابتدأ بما في غد و يكلم الناس بكل لسان ثم قال أعطيك علامة قبل أن تقوم فلم ألبث أن دخل عليه خراساني فكلمه بالعربية فأجابه أبو الحسن (عليه السلام) بالفارسية فقال الخراساني ما منعني أن أكلمك بلساني إلا ظننت أنك لا تحسنها فقال سبحان الله إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك فبما أستحق به الإمامة ثم قال إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس و لا منطق الطير و لا كلام شي‏ء فيه روح

[334]

و منها ما قال علي بن يقطين : إن هارون الرشيد خلع عليه دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب فأنفذها علي بن يقطين إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) مع مال كثير فرد الدراعة إلى علي بن يقطين و قال احتفظ بها فإنك تحتاج إليها فبعد أيام صرف علي بن يقطين خاصا له عن خدمته و كان يعرف ميله إلى موسى (عليه السلام) فسعى به إلى الرشيد فقال إنه يقول بإمامة موسى بن جعفر و قد بعث بتلك الدراعة إليه فغضب الرشيد من ذلك فقال لأكشفن عن ذلك فأحضر علي بن يقطين و قال ما فعلت بالدراعة التي كسوتك بها قال هي عندي في سفط قال أحضرها فقال لغلامه امض إلى داري و خذ السفط الذي في الصندوق في البيت الفلاني بختمي فجئني به فمضى الغلام و أحضر السفط ففتحه فنظر الرشيد إلى الدراعة فسكن من غضبه و أعطاه جائزة

[335]

أخرى و ضرب الساعي حتى مات .

و منها : أن علي بن يقطين كتب إلى الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) اختلف في المسح على الرجلين فإن رأيت أن تكتب ما يكون عملي عليه فعلت فكتب أبو الحسن (عليه السلام) الذي آمرك به أن تتمضمض ثلاثا و تستنشق ثلاثا و تغسل وجهك ثلاثا و تخلل شعر لحيتك و تغسل يديك ثلاثا و تمسح رأسك كله و تمسح ظاهر أذنيك و باطنهما و تغسل رجليك ثلاثا و لا تخالف ذلك إلى غيره فامتثل أمره و عمل عليه

[336]

فقال الرشيد يوما أحب أن أستبرئ أمر علي بن يقطين فإنهم يقولون إنه رافضي و الرافضة يخففون في الوضوء فطلبه فناطه بشي‏ء من الشغل في الدار حتى دخل وقت الصلاة فوقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين و لا يراه هو و قد بعث إليه بالماء للوضوء فتوضأ كما أمره موسى (عليه السلام) فقام الرشيد و قال كذب من زعم أنك رافضي فورد على علي بن يقطين بعد ذلك كتاب موسى بن جعفر (عليه السلام) من الآن توضأ كما أمر الله اغسل وجهك مرة فريضة و أخرى إسباغا و اغسل يديك من المرفقين كذلك و امسح مقدم رأسك و ظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما يخاف عليك

[337]

الباب التاسع في معجزات الإمام المظلوم المسموم علي بن موسى الرضا (عليه السلام)

عن علي بن ميثم عن أبيه قال سمعت أبي يقول سمعت نجمة أم الرضا (عليه السلام) تقول : لما حملت بابني الرضا لم أشعر بثقل الحمل و كنت أسمع في منامي تسبيحا و تهليلا و تحميدا من بطني فيهولني فإذا انتبهت لم أسمع فلما وضعته وقع على الأرض واضعا يده على الأرض رافعا رأسه و يحرك بشفتيه و يتكلم .

و منها عن إبراهيم بن موسى القزاز و كان يؤم في مسجد الرضا بخراسان قال : ألححت على الرضا (عليه السلام) في شي‏ء طلبته منه فخرج يستقبل بعض الطالبيين و جاء وقت الصلاة فمال إلى قصر هناك فنزل تحت شجرة بقرب القصر و أنا معه و ليس معنا ثالث فقال أذن فقلت ننتظر يلحق بنا أصحابنا

[338]

فقال غفر الله لك لا تؤخرن صلاة عن أول وقتها إلى آخر وقتها من غير علة عليك أبدا بأول الوقت فأذنت و صلينا فقلت يا ابن رسول الله قد طالت المدة في العدة التي وعدتنيها و أنا محتاج و أنت كثير الشغل لا أظفر بمسألتك كل وقت قال فحك بسوطه الأرض حكا شديدا ثم ضرب بيده إلى موضع الحك فأخرج سبيكة ذهب فقال خذها إليك بارك الله لك فيها و انتفع بها و اكتم ما رأيت قال فبورك لي فيها حتى اشتريت بخراسان ما كان قيمته سبعين ألف دينار فصرت أغنى الناس من أمثالي هناك

[339]

و منها ما قال محمد بن عبد الرحمن الهمداني : ركبني دين ضاق به صدري فقلت في نفسي ما أجد لقضاء ديني إلا مولاي الرضا (عليه السلام) فصرت إليه فقال لي قد قضى الله حاجتك لا يضيقن صدرك و لم أسأله شيئا حين قال ما قال فأقمت عنده و كان صائما فأمر أن يحمل إلي طعام فقلت أنا صائم و أنا أحب أن آكل معك فأتبرك بأكلي معك .

فلما صلى المغرب جلس في وسط الدار و دعا بالطعام فأكلت معه ثم قال تبيت عندنا الليلة أو تقضي حاجتك فتنصرف فقلت الانصراف بقضاء حاجتي أحب إلي .

فضرب بيده الأرض فقبض منها قبضة فقال خذ هذا فجعلته في كمي فإذا هو دنانير فانصرفت إلى منزلي فدنوت من المصباح لأعد الدنانير فوقع من يدي دينار فنظرت فإذا عليه مكتوب خمسمائة دينار نصفها لدينك و النصف الآخر لنفقتك .

فلما رأيت ذلك لم أعدها فألقيت الدينار فيها فلما أصبحت طلبت الدينار فلم أجده في الدنانير و قد قلبتها عشر مرات و كانت خمسمائة دينار .

[340]

و منها ما روى إسماعيل بن أبي الحسن قال : كنت مع الرضا (عليه السلام) و قد قال بيده على الأرض كأنه يكشف شيئا فظهرت سبائك ذهب ثم مسح بيده عليها فغابت .

فقلت في نفسي لو أعطاني واحدة منها قال لا إن هذا الأمر لم يأت وقته .

و منها ما قال أبو إسماعيل السندي : سمعت بالسند أن لله في العرب حجة فخرجت منها في الطلب فدللت على الرضا (عليه السلام) فقصدته فدخلت عليه و أنا لا أحسن من العربية كلمة .

فسلمت بالسندية فرد علي بلغتي فجعلت أكلمه بالسندية و هو يجيبني بالسندية فقلت له إني سمعت بالسند أن لله حجة في العرب فخرجت في الطلب فقال بلغتي نعم أنا هو ثم قال فسل عما تريد .

فسألته عما أردته فلما أردت القيام من عنده قلت إني لا أحسن من العربية شيئا فادع الله أن يلهمنيها لأتكلم بها مع أهلها .

فمسح يده على شفتي فتكلمت بالعربية من وقتي .

[341]

و منها ما روى عن محمد بن الفضل الهاشمي قال : لما توفي الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أتيت المدينة فدخلت على الرضا (عليه السلام) فسلمت عليه بالأمر و أوصلت إليه ما كان معي و قلت إني صائر إلى البصرة و عرفت كثرة خلاف الناس و قد نعي إليهم موسى (عليه السلام) و ما أشك أنهم سيسألوني عن براهين الإمام فلو أريتني شيئا من ذلك فقال الرضا (عليه السلام) لم يخف علي هذا فأبلغ أولياءنا بالبصرة و غيرها أني قادم عليهم و لا قوة إلا بالله ثم أخرج إلي جميع ما كان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الأئمة من بردته و قضيبه و سلاحه و غير ذلك فقلت و متى تقدم عليهم قال بعد ثلاثة أيام من وصولك و دخولك البصرة .

فلما قدمتها سألوني عن الحال فقلت لهم إني أتيت موسى بن جعفر (عليه السلام) قبل وفاته بيوم واحد فقال إني ميت لا محالة فإذا واريتني في لحدي فلا تقيمن و توجه إلى المدينة بودائعي هذه و أوصلها إلى ابني علي بن موسى فهو وصيي و صاحب الأمر بعدي ففعلت ما أمرني به و أوصلت الودائع إليه و هو يوافيكم إلى ثلاثة أيام من يومي هذا فاسألوه عما شئتم فابتدر للكلام عمرو بن هذاب من القوم و كان ناصبيا ينحو نحو التزيد و الاعتزال فقال يا محمد إن الحسن بن محمد رجل من أفاضل أهل هذا البيت في ورعه و زهده و علمه و سنه و ليس هو كشاب مثل علي بن موسى و لعله لو سئل عن شي‏ء من معضلات الأحكام لحار في ذلك فقال الحسن بن محمد و كان حاضرا في المجلس لا تقل يا عمرو ذلك فإن عليا على ما وصف من الفضل و هذا محمد بن الفضل يقول إنه يقدم إلى ثلاثة أيام

[342]

فكفاك به دليلا و تفرقوا فلما كان في اليوم الثالث من دخولي البصرة إذا الرضا (عليه السلام) قد وافى فقصد منزل الحسن بن محمد و أخلى له داره و قام بين يديه يتصرف بين أمره و نهيه فقال يا حسن بن محمد أحضر جميع القوم الذين حضروا عند محمد بن الفضل و غيرهم من شيعتنا و أحضر جاثليق النصارى و رأس الجالوت و مر القوم أن يسألوا عما بدا لهم فجمعهم كلهم و الزيدية و المعتزلة و هم لا يعلمون لما يدعوهم الحسن بن محمد فلما تكاملوا ثنى للرضا (عليه السلام) وسادة فجلس عليها ثم قال السلام عليكم و رحمة الله و بركاته هل تدرون لم بدأتكم بالسلام فقالوا لا قال لتطمئن أنفسكم قالوا و من أنت يرحمك الله قال أنا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب و ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صليت اليوم الفجر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع والي المدينة و أقرأني بعد أن صلينا كتاب صاحبه إليه و استشارني في كثير من أموره فأشرت عليه بما فيه الحظ له و وعدته أن يصير إلي بالعشي بعد العصر من هذا اليوم ليكتب عندي جواب كتاب صاحبه و أنا واف له بما وعدته به و لا حول و لا قوة إلا بالله فقال الجماعة يا ابن رسول الله ما نريد مع هذا الدليل برهانا أكبر منه و إنك عندنا الصادق القول و قاموا لينصرفوا فقال لهم الرضا (عليه السلام)

[343]

لا تفرقوا فإني إنما جمعتكم لتسألوني عما شئتم من آثار النبوة و علامات الإمامة التي لا تجدونها إلا عندنا أهل البيت فهلموا مسائلكم فابتدر عمرو بن هذاب فقال إن محمد بن الفضل الهاشمي ذكر عنك أشياء لا تقبلها القلوب فقال الرضا (عليه السلام) و ما تلك قال أخبرنا عنك أنك تعرف كل ما أنزله الله و أنك تعرف كل لسان و لغة فقال الرضا (عليه السلام) صدق محمد بن الفضل فأنا أخبرته بذلك فهلموا فاسألوا قال فإنا نختبرك قبل كل شي‏ء بالألسن و اللغات و هذا رومي و هذا هندي و هذا فارسي و هذا تركي فأحضرناهم فقال (عليه السلام) فليتكلموا بما أحبوا أجب كل واحد منهم بلسانه إن شاء الله فسأل كل واحد منهم مسألة بلسانه و لغته فأجابهم عما سألوا بألسنتهم و لغاتهم فتحير الناس و تعجبوا و أقروا جميعا بأنه أفصح منهم بلغاتهم ثم نظر الرضا (عليه السلام) إلى ابن هذاب فقال إن أنا أخبرتك أنك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك أ كنت مصدقا لي قال لا فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى قال (عليه السلام) أ و ليس الله يقول عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فرسول الله عند الله مرتضى و نحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه فعلمنا ما كان و ما يكون إلى يوم القيامة و إن الذي أخبرتك به يا ابن هذاب لكائن إلى خمسة أيام فإن لم يصح ما قلت لك في هذه المدة فإني كذاب مفتر و إن صح فتعلم أنك الراد على الله و على رسوله و لك دلالة أخرى أما إنك ستصاب ببصرك و تصير مكفوفا فلا تبصر سهلا و لا

[344]

جبلا و هذا كائن بعد أيام و لك عندي دلالة أخرى إنك ستحلف يمينا كاذبة فتضرب بالبرص قال محمد بن الفضل فو الله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب فقيل له أ صدق الرضا أم كذب قال لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به أنه كائن و لكني كنت أتجلد ثم إن الرضا (عليه السلام) التفت إلى الجاثليق فقال هل دل الإنجيل على نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لو دل الإنجيل على ذلك ما جحدناه فقال (عليه السلام) أخبرني عن السكتة التي لكم في السفر الثالث فقال الجاثليق اسم من أسماء الله تعالى لا يجوز لنا أن نظهره قال الرضا (عليه السلام) فإن قررتك أنه اسم محمد و ذكره و أقر عيسى به و أنه بشر بني إسرائيل بمحمد أ تقر به و لا تنكره قال الجاثليق إن فعلت أقررت فإني لا أرد الإنجيل و لا أجحده قال الرضا (عليه السلام) فخذ على السفر الثالث الذي فيه ذكر محمد و بشارة عيسى بمحمد قال الجاثليق هات فأقبل الرضا (عليه السلام) يتلو ذلك السفر الثالث من الإنجيل حتى بلغ ذكر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا جاثليق من هذا النبي الموصوف قال الجاثليق صفه قال لا أصفه إلا بما وصفه الله هو صاحب الناقة و العصا و الكساء النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم يهدي إلى الطريق الأقصد و المنهاج الأعدل و الصراط الأقوم

[345]

سألتك يا جاثليق بحق عيسى روح الله و كلمته هل تجد هذه الصفة في الإنجيل لهذا النبي فأطرق الجاثليق مليا و علم أنه إن جحد الإنجيل كفر فقال نعم هذه الصفة في الإنجيل و قد ذكر عيسى هذا النبي و لم يصح عند النصارى أنه صاحبكم فقال الرضا (عليه السلام) أما إذا لم تكفر بجحود الإنجيل و أقررت بما فيه من صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فخذ علي في السفر الثاني فإني أوجدك ذكره و ذكر وصيه و ذكر ابنته فاطمة و ذكر الحسن و الحسين فلما سمع الجاثليق و رأس الجالوت ذلك علما أن الرضا (عليه السلام) عالم بالتوراة و الإنجيل فقالا و الله قد أتى بما لا يمكننا رده و لا دفعه إلا بجحود التوراة و الإنجيل و الزبور و قد بشر به موسى و عيسى جميعا و لكن لم يتقرر عندنا بالصحة أنه محمد هذا فأما اسمه محمد فلا يجوز لنا أن نقر لكم بنبوته و نحن شاكون أنه محمدكم أو غيره فقال الرضا (عليه السلام) احتجزتم بالشك فهل بعث الله قبل أو بعد من ولد آدم إلى يومنا هذا نبيا اسمه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أو تجدونه في شي‏ء من الكتب التي أنزلها الله على جميع الأنبياء غير محمدنا فأحجموا عن جوابه و قالوا لا يجوز لنا أن نقر لكم بأن محمدا هو محمدكم لأنا إن أقررنا لك بمحمد و وصيه و ابنته و ابنيه على ما ذكرت أدخلتمونا في الإسلام كرها

back page fehrest page next page