back page fehrest page next page

[346]

فقال الرضا (عليه السلام) أنت يا جاثليق آمن في ذمة الله و ذمة رسوله إنه لا يبدؤك منا شي‏ء تكره مما تخافه و تحذره قال أما إذا قد آمنتني فإن هذا النبي الذي اسمه محمد و هذا الوصي الذي اسمه علي و هذه البنت التي اسمها فاطمة و هذان السبطان اللذان اسمهما الحسن و الحسين في التوراة و الإنجيل و الزبور قال الرضا (عليه السلام) فهذا الذي ذكرته في التوراة و الإنجيل و الزبور من اسم هذا النبي و هذا الوصي و هذه البنت و هذين السبطين صدق و عدل أم كذب و زور قال بل صدق و عدل و ما قال الله إلا الحق فلما أخذ الرضا (عليه السلام) إقرار الجاثليق بذلك قال لرأس الجالوت فاستمع الآن يا رأس الجالوت السفر الفلاني من زبور داود قال هات بارك الله عليك و على من ولدك فتلا الرضا (عليه السلام) السفر الأول من الزبور حتى انتهى إلى ذكر محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال سألتك يا رأس الجالوت بحق الله أ هذا في زبور داود و لك من الأمان و الذمة و العهد ما قد أعطيته الجاثليق فقال رأس الجالوت نعم هذا بعينه في الزبور بأسمائهم قال الرضا (عليه السلام) فبحق العشر الآيات التي أنزلها الله على موسى بن عمران (عليه السلام) في التوراة هل تجد صفة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين في التوراة منسوبين إلى العدل و الفضل قال نعم و من جحد هذا فهو كافر بربه و أنبيائه قال له الرضا (عليه السلام) فخذ الآن على سفر كذا من التوراة فأقبل الرضا (عليه السلام) يتلو التوراة و أقبل رأس الجالوت يتعجب من تلاوته و بيانه و فصاحته و لسانه حتى إذا بلغ ذكر محمد قال رأس الجالوت نعم هذا أحماد و بنت أحماد و إليا و شبر و شبير و تفسيره بالعربية محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فتلا الرضا (عليه السلام) السفر إلى تمامه

[347]

فقال رأس الجالوت لما فرغ من تلاوته و الله يا ابن محمد لو لا الرئاسة التي قد حصلت لي على جميع اليهود لآمنت بأحماد و اتبعت أمرك فو الله الذي أنزل التوراة على موسى و الزبور على داود و الإنجيل على عيسى ما رأيت أقرأ للتوراة و الإنجيل و الزبور منك و لا رأيت أحدا أحسن بيانا و تفسيرا و فصاحة لهذه الكتب منك فلم يزل الرضا (عليه السلام) معهم في ذلك إلى وقت الزوال فقال لهم حين حضر وقت الزوال أنا أصلي و أصير إلى المدينة للوعد الذي وعدت به والي المدينة ليكتب جواب كتابه و أعود إليكم بكرة إن شاء الله قال فأذن عبد الله بن سليمان و أقام و تقدم الرضا (عليه السلام) فصلى بالناس و خفف القراءة و ركع تمام السنة و انصرف فلما كان من الغد عاد إلى مجلسه ذلك فأتوه بجارية رومية فكلمها بالرومية و الجاثليق يسمع و كان فهما بالرومية فقال الرضا (عليه السلام) بالرومية لها أيما أحب إليك محمد أم عيسى فقالت كان فيما مضى عيسى أحب إلي حين لم أكن عرفت محمدا فأما بعد أن عرفت محمدا فمحمد الآن أحب إلي من عيسى و من كل نبي فقال لها الجاثليق فإذا كنت دخلت في دين محمد فتبغضين عيسى قالت معاذ الله بل أحب عيسى و أؤمن به و لكن محمدا أحب إلي فقال الرضا (عليه السلام) للجاثليق فسر للجماعة ما تكلمت به الجارية و ما قلت أنت لها و ما أجابتك به ففسر لهم الجاثليق ذلك كله ثم قال الجاثليق يا ابن محمد هاهنا رجل سندي و هو نصراني صاحب احتجاج و كلام بالسندية فقال له أحضرنيه فأحضره فتكلم معه بالسندية ثم أقبل يحاجه و ينقله

[348]

من شي‏ء إلى شي‏ء بالسندية في النصرانية فسمعنا السندي يقول بالسندية بثطى بثطى بثطلة فقال الرضا (عليه السلام) قد وحد الله بالسندية ثم كلمه في عيسى و مريم فلم يزل يدرجه من حال إلى حال إلى أن قال بالسندية أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ثم رفع منطقة كانت عليه فظهر من تحتها زنار في وسطه فقال اقطعه أنت بيدك يا ابن رسول الله فدعا الرضا (عليه السلام) بسكين فقطعه ثم قال لمحمد بن الفضل الهاشمي خذ السندي إلى الحمام فطهره و اكسه و عياله و احملهم جميعا إلى المدينة فلما فرغ من مخاطبة القوم قال قد صح عندكم صدق ما كان محمد بن الفضل يلقي عليكم عني فقالوا بأجمعهم نعم و الله قد بان لنا منك فوق ذلك أضعافا مضاعفة و قد ذكر لنا محمد بن الفضل أنك تحمل إلى خراسان فقال صدق محمد إلا أني أحمل مكرما معظما مبجلا قال محمد بن الفضل فشهد له الجماعة بالإمامة و بات عندنا تلك الليلة فلما أصبح ودع الجماعة و أوصاني بما أراد و مضى و تبعته أشيعه حتى إذا صرنا في وسط القرية عدل عن الطريق فصلى أربع ركعات ثم قال يا محمد انصرف في حفظ الله غمض طرفك فغمضته ثم قال افتح عينيك ففتحتهما فإذا أنا على باب منزلي بالبصرة و لم أر الرضا (عليه السلام)

[349]

قال و حملت السندي و عياله إلى المدينة في وقت الموسم .

و منها ما روى في دخول الرضا (عليه السلام) الكوفة قال محمد بن الفضل : كان فيما أوصاني به الرضا (عليه السلام) في وقت منصرفه من البصرة أن قال لي صر إلى الكوفة فاجمع الشيعة هناك و أعلمهم أني قادم عليهم و أمرني أن أنزل في دار حفص بن عمير اليشكري فصرت إلى الكوفة فأعلمت الشيعة أن الرضا (عليه السلام) قادم عليهم فأنا يوما عند نصر بن مزاحم إذ مر بي سلام خادم الرضا (عليه السلام) فعلمت أن الرضا (عليه السلام) قد قدم فبادرت إلى دار حفص بن عمير فإذا هو في الدار فسلمت عليه ثم قال لي احتشد لي في طعام تصلحه للشيعة فقلت قد احتشدت و فرغت مما يحتاج إليه فقال الحمد لله على توفيقك فجمعنا الشيعة فلما أكلوا قال يا محمد انظر من بالكوفة من المتكلمين و العلماء فأحضرهم فأحضرناهم فقال لهم الرضا (عليه السلام) إني أريد أن أجعل لكم حظا من نفسي كما جعلت لأهل البصرة و إن الله قد أعلمني كل كتاب أنزله ثم أقبل على جاثليق و كان معروفا بالجدل و العلم و الإنجيل فقال يا جاثليق هل تعرف لعيسى صحيفة فيها خمسة أسماء يعلقها في عنقه إذا كان

[350]

بالمغرب فأراد المشرق فتحها فأقسم على الله باسم واحد من الخمسة أن تنطوى له الأرض فيصير من المغرب إلى المشرق و من المشرق إلى المغرب في لحظة فقال الجاثليق لا علم لي بها و أما الأسماء الخمسة فقد كانت معه بلا شك و يسأل الله بها أو بواحد منها فيعطيه الله جميع ما يسأله قال الله أكبر إذ لم تنكر الأسماء فأما الصحيفة فلا يضر أقررت بها أو أنكرت اشهدوا على قوله ثم قال يا معاشر الناس أ ليس أنصف الناس من حاج خصمه بملته و بكتابه و بنبيه و شريعته قالوا نعم قال الرضا (عليه السلام) فاعلموا أنه ليس بإمام بعد محمد إلا من قام بما قام به محمد حين يفضي الأمر إليه و لا تصلح الإمامة إلا لمن حاج الأمم بالبراهين للإمامة فقال رأس الجالوت و ما هذا الدليل على الإمام قال أن يكون عالما بالتوراة و الإنجيل و الزبور و القرآن الحكيم فيحاج أهل التوراة بتوراتهم و أهل الإنجيل بإنجيلهم و أهل القرآن بقرآنهم و أن يكون عالما بجميع اللغات حتى لا يخفى عليه لسان واحد فيحاج كل قوم بلغتهم ثم يكون مع هذه الخصال تقيا نقيا من كل دنس طاهرا من كل عيب عادلا منصفا حكيما رءوفا رحيما حليما غفورا عطوفا صدوقا بارا مشفقا أمينا مأمونا راتقا فاتقا فقام إليه نصر بن مزاحم فقال يا ابن رسول الله ما تقول في جعفر بن محمد

[351]

فقال ما أقول في إمام شهدت أمة محمد قاطبة بأنه كان أعلم أهل زمانه قال فما تقول في موسى بن جعفر قال كان مثله قال فإن الناس قد تحيروا في أمره قال إن موسى بن جعفر عمر برهة من دهره فكان يكلم الأنباط بلسانهم و يكلم أهل خراسان بالدرية و أهل الروم بالرومية و يكلم العجم بألسنتهم و كان يرد عليه من الآفاق علماء اليهود و النصارى فيحاجهم بكتبهم و ألسنتهم فلما نفدت مدته و كان وقت وفاته أتاني مولى برسالته يقول يا بني إن الأجل قد نفد و المدة قد انقضت و أنت وصي أبيك فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان وقت وفاته دعا عليا و أوصاه و دفع إليه الصحيفة التي كان فيها الأسماء التي خص الله بها الأنبياء و الأوصياء ثم قال يا علي ادن مني فدنا منه فغطى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رأس علي (عليه السلام) بملاءته ثم قال له أخرج لسانك فأخرجه فختمه بخاتمه ثم قال يا علي اجعل لساني في فيك فمصه و ابلع كل ما تجد في فيك ففعل علي ذلك فقال له إن الله قد فهمك ما فهمني و بصرك ما بصرني و أعطاك من العلم ما أعطاني إلا النبوة فإنه لا نبي بعدي ثم كذلك إماما بعد إمام فلما مضى موسى علمت كل لسان و كل كتاب و ما كان و ما سيكون بغير تعلم و هذا سر الأنبياء أودعه الله فيهم و الأنبياء أودعوه إلى أوصيائهم و من لم يعرف ذلك و يحققه فليس هو على شي‏ء و لا قوة إلا بالله

[352]

و منها ما روي في وفاة الرضا (عليه السلام) حدث أبو عبد الله محمد بن سعيد النيشابوري متوجها إلى الحج عن أبي الصلت الهروي و كان خادما للرضا (عليه السلام) قال : أصبح الرضا (عليه السلام) يوما فقال لي ادخل هذه القبة التي فيها هارون فجئني بقبضة تراب من عند بابها و قبضة من يمنتها و قبضة من يسرتها و قبضة من صدرها و ليكن كل تراب منها على حدته فصرت إليها فأتيته بذلك و جعلته بين يديه على منديل فضرب بيده إلى تربة الباب فقال هذا من عند الباب قلت نعم قال غدا تحفر لي في هذا الموضع فتخرج صخرة لا حيلة فيها ثم قذف به و أخذ تراب اليمنة و قال هذا من يمنتها قلت نعم قال ثم تحفر لي في هذا الموضع فتظهر نبكة لا حيلة فيها ثم قذف به و أخذ تراب اليسرة و قال ثم تحفر لي في هذا الموضع فتخرج نبكة مثل الأولى و قذف به و أخذ تراب الصدر فقال و هذا تراب من الصدر ثم تحفر لي في هذا الموضع فيستمر الحفر إلى أن يتم فإذا فرغ من الحفر فضع يدك على أسفل القبر و تكلم بهذه الكلمات.. .

فإنه سينبع الماء حتى يمتلئ القبر فتظهر فيه سميكات

[353]

صغار فإذا رأيتها ففتت لها كسرة فإذا أكلتها خرجت حوتة كبيرة فابتلعت تلك السميكات كلها ثم تغيب فإذا غابت فضع يدك على الماء و أعد الكلمات فإن الماء ينضب كله و سل المأمون عني أن يحضر وقت الحفر فإنه سيفعل ليشاهد هذا كله ثم قال (عليه السلام) الساعة يجي‏ء رسوله فاتبعني فإن قمت من عنده مكشوف الرأس فكلمني بما تشاء و إن قمت من عنده مغطى الرأس فلا تكلمني بشي‏ء قال فوافاه رسول المأمون فلبس الرضا (عليه السلام) ثيابه و خرج و تبعته فلما دخل إلى المأمون وثب إليه فقبل بين عينيه و أجلسه معه على مقعده و بين يديه طبق صغير فيه عنب فأخذ عنقودا قد أكل نصفه و نصفه باق و قد كان شربه بالسم و قال للرضا (عليه السلام) حمل إلي هذا العنقود فاستطبته فأكلت منه و تنغصت به أن لا تأكل منه فأسألك أن تأكل منه قال أ و تعفيني من ذلك قال لا و الله فإنك تسرني بما تأكل منه قال فاستعفاه ثلاث مرات و هو يسأله بمحمد و علي أن يأكل منه فأخذ منه ثلاث حبات فأكلها و غطى رأسه و نهض من عنده فتبعته و لم أكلمه بشي‏ء حتى دخل منزله فأشار إلي أن أغلق الباب فأغلقته و صار إلى مقعد له فنام عليه و صرت أنا في وسط الدار فإذا غلام عليه وفرة ظننته ابن الرضا (عليه السلام) و لم أكن قد رأيته قبل ذلك فقلت يا سيدي الباب مغلق فمن أين دخلت فقال لا تسأل عما لا تحتاج إليه و قصد إلى الرضا (عليه السلام) فلما بصر به الرضا (عليه السلام) وثب إليه و ضمه إلى صدره و جلسا جميعا على المقعد

[354]

و مد الرضا (عليه السلام) الرداء عليهما فتناجيا طويلا بما لم أعلمه ثم امتد الرضا (عليه السلام) على المقعد و غطاه محمد بالرداء و صار إلى وسط الدار فقال يا أبا الصلت قلت لبيك يا ابن رسول الله قال أعظم الله أجرك في الرضا فقد مضى فبكيت قال لا تبك هات المغتسل و الماء لنأخذ في جهازه فقلت يا مولاي الماء حاضر و لكن ليس في الدار مغتسل إلا أن يحضر من خارج الدار فقال بل هو في الخزانة فدخلتها فوجدت فيها مغتسلا لم أره قبل ذلك فأتيته به و بالماء ثم قال تعال حتى نحمل الرضا (عليه السلام) فحملناه على المغتسل ثم قال اغرب عني فغسله هو وحده ثم قال هات أكفانه و الحنوط قلت لم نعد له كفنا فقال ذلك في الخزانة فدخلتها فرأيت في وسطها أكفانا و حنوطا لم أره قبل ذلك فأتيته به فكفنه و حنطه ثم قال لي هات التابوت من الخزانة فاستحييت منه أن أقول ما عندنا تابوت فدخلت الخزانة فوجدت فيها تابوتا لم أره قبل ذلك فأتيته به فجعله فيه فقال تعال حتى نصلي عليه و صلى بي و غربت الشمس و كان وقت صلاة المغرب فصلى بي المغرب و العشاء و جلسنا نتحدث فانفتح السقف و رفع التابوت فقلت يا مولاي ليطالبني المأمون به فما تكون حيلتي قال لا عليك فإنه سيعود إلى موضعه فما من نبي يموت في مغرب الأرض و لا يموت وصي من أوصيائه في مشرقها إلا جمع الله بينهما قبل أن يدفن فلما مضى من الليل نصفه أو أكثر إذا التابوت قد رجع من السقف حتى استقر مكانه فلما صلينا الفجر قال لي افتح باب الدار فإن هذا الطاغية يجيئك الساعة

[355]

فعرفه أن الرضا (عليه السلام) قد فرغ من جهازه قال فمضيت نحو الباب فالتفت فلم أره فلم يدخل من باب و لم يخرج من باب قال و إذا المأمون قد وافى فلما رآني قال ما فعل الرضا قلت أعظم الله أجرك في الرضا فنزل و خرق ثيابه و سفى التراب على رأسه و بكى طويلا ثم قال خذوا في جهازه قلت قد فرغ منه قال و من فعل به ذلك قلت غلام وافاه لم أعرفه إلا أني ظننته ابن الرضا (عليه السلام) قال فاحفروا له في القبة قلت فإنه يسألك أن تحضر موضع الحفرة قال نعم أحضروا كرسيا فجلس عليه و أمر أن يحفر له عند الباب فخرجت الصخرة فأمر بالحفر في يمنة القبة فخرجت النبكة ثم أمر بذلك في يسرتها فظهرت النبكة الأخرى فأمر بالحفر في الصدر فاستمر الحفر فلما فرغ منه وضعت يدي على أسفل القبر و تكلمت بالكلمات فنبع الماء و ظهرت السميكات ففتتت لها كسرة خبز فأكلتها ثم ظهرت السمكة الكبيرة فابتلعتها كلها و غابت فوضعت يدي على الماء و أعدت الكلمات فنضب الماء كله و انتزعت الكلمات من صدري من ساعتي فلم أذكر منها حرفا واحدا فقال المأمون يا أبا الصلت الرضا (عليه السلام) أمرك بهذا قلت نعم قال فما زال الرضا يرينا العجائب في حياته ثم أراناها بعد وفاته فقال للوزير ما هذا قال ألهمت أنه ضرب لكم مثلا بأنكم تتمتعون في الدنيا قليلا مثل هذه السميكات ثم يخرج واحد منهم فيهلككم فلما دفن (عليه السلام) قال لي المأمون علمني الكلمات قلت و الله انتزعت من قلبي فما أذكر منها حرفا و بالله لقد صدقته فلم يصدقني و توعدني بالقتل إن لم أعلمه إياها و أمر بي إلى الحبس فكان في كل يوم يدعوني إلى القتل أو تعليمه ذلك فأحلف له مرة بعد أخرى كذلك سنة فضاق صدري فقمت ليلة جمعة فاغتسلت و أحييتها

[356]

راكعا و ساجدا و باكيا و متضرعا إلى الله في خلاصي فلما صليت الفجر إذا أبو جعفر بن الرضا (عليه السلام) قد دخل إلي و قال يا أبا الصلت ضاق صدرك قلت إي و الله يا مولاي قال أما لو فعلت قبل هذا ما فعلته الليلة لكان الله قد خلصك كما يخلصك الساعة ثم قال قم فقلت إلى أين و الحراس على باب السجن و المشاعل بين أيديهم قال قم فإنهم لا يرونك و لا تلتقي معهم بعد يومك هذا فأخذ بيدي و أخرجني من بينهم و هم قعود يتحدثون و المشاعل بين أيديهم فلم يرونا فلما صرنا خارج السجن قال أي البلاد تريد قلت منزلي بهراة قال أرخ رداءك على وجهك و أخذ بيدي فظننته حولني عن يمنته إلى يسرته ثم قال لي اكشف وجهك فكشفته فلم أره فإذا أنا على باب منزلي فدخلته فلم ألتق مع المأمون و لا مع أحد من أصحابه إلى هذه الغاية .

و منها ما روى محمد بن عيسى عن هشام العباسي قال : طلبت بمكة ثوبين سعيديين أهديهما لابني فلم أصب بمكة منها شيئا على ما أردت .

[357]

فمررت بالمدينة في منصرفي فدخلت على الرضا (عليه السلام) فلما ودعته و أردت الخروج دعا بثوبين سعيديين على عمل الوشي الذي كنت طلبت فدفعهما إلي و قال اقطعهما لابنك .

و منها ما روى أبو عبد الله البرقي عن الحسن بن موسى بن جعفر قال : خرجنا مع أبي الحسن (عليه السلام) إلى بعض أمواله في يوم لا سحاب فيه فلما برزنا قال حملتم معكم المماطر قلنا و ما حاجتنا إلى المماطر و ليس سحاب و لا نتخوف المطر قال لكني قد حملته و ستمطرون .

قال فما مضينا إلا يسيرا حتى ارتفعت سحابة و مطرنا حتى أهمتنا أنفسنا فما بقي منا أحد إلا ابتل غيره .

و منها ما روى محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يحيى قال :

[358]

زودتني جارية لي ثوبين ملحمين و سألتني أن أحرم فيهما فأمرت الغلام فوضعهما في العيبة فلما انتهيت إلى الوقت الذي ينبغي أن أحرم فيه دعوت بالثوبين لألبسهما ثم اختلج في صدري فقلت ما أظنه ينبغي أن أحرم فيهما .

فتركتهما و لبست غيرهما .

فلما صرت بمكة كتبت كتابا إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) و بعثت إليه بأشياء كانت معي و نسيت أن أكتب إليه أسأله عن المحرم هل يلبس الملحم .

فلم ألبث أن جاءني الجواب بكل ما سألته عنه و في أسفل الكتاب لا بأس بالملحم أن يلبسه المحرم .

و منها ما قال علي بن الحسين بن يحيى : كان لنا أخ يرى رأي الإرجاء يقال له عبد الله و كان يطعن علينا .

فكتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أشكو إليه و أسأله الدعاء فكتب إلي سترى حاله

[359]

إلى ما تحب و أنه لن يموت إلا على دين الله و سيولد له من أم ولد له فلانة غلام قال علي بن الحسين بن يحيى فما مكثنا إلا أقل من سنة حتى رجع إلى الحق فهو اليوم خير أهل بيتي و ولد له بعد كتاب أبي الحسن من أم ولده تلك غلام .

و منها ما قال سليمان بن جعفر الجعفري : كنت مع الرضا (عليه السلام) في حائط له و أنا أحدثه إذ جاء عصفور فوقع بين يديه و أخذ يصيح و يكثر الصياح و يضطرب فقال لي تدري ما يقول هذا العصفور قلت الله و رسوله و ابن رسوله أعلم .

قال قال إن حية تريد أن تأكل فراخي في البيت فقم فخذ تلك النسعة و ادخل البيت و اقتل الحية .

قال فقمت و أخذت النسعة فدخلت البيت و إذا حية تجول في البيت فقتلتها .

[360]

.

و منها ما قال أبو محمد المصري عن أبي محمد البرقي قال : دخلت على الرضا (عليه السلام) فسلمت عليه فأقبل يحدثني و يسألني إذ قال لي يا أبا محمد ما ابتلى الله عبدا مؤمنا ببلية فصبر عليها إلا كان له مثل أجر ألف شهيد

قال و لم يكن قبل ذلك في شي‏ء من ذكر العلل و المرض و الوجع فأنكرت ذلك من قوله و قلت ما أمحل هذا فيما بيني و بين نفسي رجل أنا معه في حديث قد عنيت به إذ حدثني بالوجع في غير موضعه فودعته و خرجت من عنده فلحقت بأصحابي و قد ارتحلوا فاشتكيت رجلي من ليلتي فقلت هذا مما تعنيت فلما كان من الغد تورمت ثم أصبحت و قد اشتد الورم فذكرت قوله (عليه السلام) فلما وصلت إلى المدينة جرى فيها القيح و صار جرحا عظيما لا أنام و لا أنيم فعلمت أنه حدث بهذا الحديث لهذا المعنى و بقيت بضعة عشر شهرا صاحب فراش قال الراوي ثم أفاق ثم نكس منها فمات .

و منها ما قال الحسن بن علي بن فضال إن عبد الله بن المغيرة قال : كنت

[361]

واقفيا و حججت على تلك الحالة فخلج في صدري بمكة شي‏ء فتعلقت بالملتزم ثم قلت اللهم قد علمت طلبتي و إرادتي فأرشدني إلى خير الأديان فوقع في نفسي أن آتي الرضا (عليه السلام) فأتيت المدينة فوقفت ببابه فقلت للغلام قل لمولاك رجل من أهل العراق بالباب فسمعت نداءه و هو يقول ادخل يا عبد الله بن المغيرة فدخلت فلما نظر إلي قال قد أجاب الله دعوتك و هداك لدينه فقلت أشهد أنك حجة الله على خلقه .

و منها ما روي عن أحمد بن عمر قال : خرجت إلى الرضا (عليه السلام) و امرأتي

[362]

حبلى فقلت له إني خلفت أهلي و هي حامل فادع الله أن يجعله ذكرا فقال لي هو ذكر فسمه عمر فقلت نويت أن أسميه عليا و أمرت الأهل به قال (عليه السلام) سمه عمر فوردت الكوفة و قد ولد ابن لي و سمي عليا فسميته عمر فقال لي جيراني لا نصدق بعدها بشي‏ء مما كان يحكى عنك .

فعلمت أنه كان أنظر لي من نفسي .

و منها ما روي عن بكر بن صالح قال : قلت للرضا (عليه السلام) امرأتي أخت محمد بن سنان بها حمل فادع الله أن يجعله ذكرا قال هما اثنان قلت في نفسي هما محمد و علي بعد انصرافي .

فدعاني بعد فقال سم واحدا عليا و الأخرى أم عمر .

فقدمت الكوفة و قد ولد لي غلام و جارية في بطن فسميت كما أمرني .

فقلت لأمي ما معنى أم عمر فقالت إن أمي كانت تدعى أم عمر

[363]

.

و منها ما روى عن الوشاء عن مسافر قال : قلت للرضا (عليه السلام) رأيت في النوم كأن وجه قفص وضع على الأرض فيه أربعون فرخا قال (عليه السلام) إن كانت صادقة خرج منا رجل فعاش أربعين يوما فخرج محمد بن إبراهيم بن طباطبا فعاش أربعين يوما .

و منها ما روى الوشاء عن الرضا (عليه السلام) أنه قال بخراسان : إني حيث أرادوا بي الخروج جمعت عيالي فأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع ثم فرقت فيهم اثني عشر ألف دينار ثم قال أما إني لا أرجع إلى عيالي أبدا

[364]

و منها ما روي عن الوشاء أيضا قال : لدغتني عقرب فأقبلت أقول يا رسول الله يا رسول الله فأنكر السامع و تعجب من ذلك .

فقال له الرضا (عليه السلام) مه فو الله لقد رأى رسول الله قال و قد كنت رأيت في النوم رسول الله و لا و الله ما كنت أخبرت به أحدا .

و منها ما روي عن عبد الله بن سوقة قال : مر بنا الرضا (عليه السلام) فاختصمنا في إمامته فلما خرج خرجت أنا و تميم بن يعقوب السراج من أهل برقة و نحن مخالفون له نرى رأي الزيدية فلما صرنا في الصحراء فإذا نحن بظباء فأومى أبو الحسن (عليه السلام) إلى خشف منها فإذا هو قد جاء حتى وقف بين يديه فأخذ

[365]

أبو الحسن يمسح رأسه و دفعه إلى غلامه فجعل الخشف يضطرب لكي يرجع إلى مرعاه فكلمه الرضا بكلام لا نفهمه فسكن .

ثم قال يا عبد الله أ و لم تؤمن قلت بلى يا سيدي أنت حجة الله على خلقه و أنا تائب إلى الله .

ثم قال للظبي اذهب إلى مرعاك .

فجاء الظبي و عيناه تدمعان فتمسح بأبي الحسن (عليه السلام) و رغى .

فقال أبو الحسن (عليه السلام) تدري ما يقول قلنا الله و رسوله و ابن رسوله أعلم .

قال يقول دعوتني فرجوت أن تأكل من لحمي فأجبتك و حزنتني حين أمرتني بالذهاب .

و منها ما روى إسماعيل بن مهران قال : أتيت الرضا (عليه السلام) يوما أنا و أحمد البزنطي بصريا و كنا تشاجرنا في سنه فقال أحمد إذا دخلنا عليه فذكرني حتى أسأله عن سنه فإني قد أردت ذلك غير مرة فأنسى فلما دخلنا عليه و سلمنا و جلسنا أقبل على أحمد و كان أول ما تكلم به أن قال

[366]

يا أحمد كم أتى عليك من السنين فقال تسع و ثلاثون فقال و لكن أنا قد أتت علي ثلاث و أربعون سنة .

و منها ما روي عن الحسن بن علي الوشاء قال : كنا عند رجل بمرو و كان معنا رجل واقفي فقلت له اتق الله قد كنت مثلك ثم نور الله قلبي فصم الأربعاء و الخميس و الجمعة و اغتسل و صل ركعتين و سل الله أن يريك في منامك ما تستدل به على هذا الأمر فرجعت إلى البيت و قد سبقني كتاب أبي الحسن إلي يأمرني فيه أن أدعو إلى هذا الأمر ذلك الرجل فانطلقت إليه و أخبرته و قلت له احمد الله و استخره مائة مرة و قلت إني وجدت كتاب أبي الحسن قد سبقني إلى الدار أن أقول لك و فيه ما كنا فيه و إني لأرجو أن ينور الله قلبك فافعل ما قلت لك من الصوم و الدعاء فأتاني يوم السبت في السحر فقال لي أشهد أنه الإمام المفترض الطاعة فقلت و كيف ذلك قال أتاني أبو الحسن البارحة في النوم فقال يا إبراهيم و الله لترجعن إلى الحق و زعم أنه لم يطلع عليه إلا الله .

و منها ما روى عن الوشاء عن مسافر قال : قال لي أبو الحسن (عليه السلام) يوما قم فانظر في تلك العين حيتان فنظرت فإذا فيها قلت نعم قال إني رأيت ذلك في النوم و رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لي يا علي ما عندنا خير

back page fehrest page next page