back page fehrest page next page

و منها أن عبد الحميد الجرجاني قال : أتاني غلام ببيض الأجمة فرأيته مختلفا فقلت للغلام ما هذا البيض قال هذا بيض ديوك الماء .

فأبيت أن آكل منه شيئا و قلت حتى أسأل أبا عبد الله (عليه السلام) .

فدخلت المدينة فأتيته فسألته عن مسائلي و نسيت تلك المسألة فلما ارتحلنا ذكرت المسألة و رأس القطار بيدي فرميت إلى بعض أصحابي و مضيت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فوجدت عنده خلقا كثيرا فدخلت فقمت تجاه وجهه فرفع رأسه إلي و قال يا عبد الحميد لنا تأتي ديوك هبر .

فقلت أعطيتني الذي أريد فانصرفت و لحقت بأصحابي .

و منها أن شعيب العقرقوفي قال : بعث معي رجل بألف درهم فقال لي أريد أن أعرف فضل أبي عبد الله (عليه السلام) على أهل بيته ثم قال خذ خمسة دراهم

[631]

مستوقة فاجعلها في الدراهم و خذ من الدراهم خمسة دراهم فصيرها في لبنة قميصك فإنك ستعرف ذلك ففعلت فأتيت بها أبا عبد الله (عليه السلام) فنثرها فأخذ الخمسة فقال هاك خمستك و هات خمستنا .

و منها : أن أبا جعفر (عليه السلام) كان في الحجر و معه ابنه جعفر (عليه السلام) فأتاه رجل فسلم عليه و جلس بين يديه ثم قال إني أريد أن أسألك قال سل ابني جعفرا قال فتحول الرجل فجلس إليه ثم قال أسأل قال سل عما بدا لك قال أسألك عن رجل أذنب ذنبا عظيما عظيما عظيما قال أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال أعظم من ذلك قال فزنى في شهر رمضان قال أعظم من ذلك

[632]

قال قتل النفس قال أعظم من ذلك قال إن كان من شيعة علي بن أبي طالب (عليه السلام) مشى إلى بيت الله الحرام من منزله ثم ليحلف عند الحجر أن لا يعود و إن لم يكن من شيعة علي فلا بأس فقال له الرجل رحمكم الله يا ولد فاطمة ثلاثا هكذا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قام الرجل فذهب فالتفت أبو جعفر (عليه السلام) إلى جعفر فقال عرفت الرجل قال لا قال ذلك الخضر إنما أردت أن أعرفكه .

و منها أن شعيب العقرقوفي قال : دخلت أنا و علي بن أبي حمزة و أبو بصير على أبي عبد الله (عليه السلام) و معي ثلاثمائة دينار فصببتها قدامه فأخذ أبو عبد الله قبضة منها لنفسه و رد الباقي علي و قال رد هذه المائة إلى موضعها الذي أخذتها منه فقال أبو بصير يا شعيب ما حال هذه الدنانير التي ردها عليك قلت أخذتها من عروة أخي سرا منه و هو لا يعلم فقال أبو بصير أعطاك أبو عبد الله (عليه السلام) علامة الإمامة .

فعد الدنانير فإذا هي مائة دينار لا تزيد و لا تنقص .

[633]

و منها ما قال شعيب أيضا : دخلت عليه (عليه السلام) فقال لي من كان زميلك قلت الخير الفاضل أبو موسى النبال .

قال استوص به خيرا فإن له عليك حقوقا كثيرة فأما أولهن فما أنت عليه من دين الله و حق الصحبة .

قلت لو استطعت ما مشى على الأرض قال استوص به خيرا .

قلت دون هذا أكتفي به منك .

قال فخرجنا حتى نزلنا منزلا في الطريق يقال له ونقر فنزلناه و أمرت الغلمان أن تلقي للإبل العلف و تصنع طعاما ففعلوا و نظرت إلى أبي موسى و معه كوز من ماء و أخذ طريقه للوضوء و أنا أنظر إليه حتى هبط في وهدة من الأرض و أدرك الطعام فقال لي الغلمان قد أدرك الطعام تتغدون قلت لهم اطلبوا أبا موسى فإنه أخذ في هذا الوجه يتوضأ فطلبه الغلمان فلم يصيبوه فقلت لهم اطلبوا أبا موسى و أعطيت الله عهدا أن لا أبرح من موضعي الذي أنا فيه ثلاثة أيام

[634]

أطلبه حتى أبلي إلى الله عذرا فاكتريت الأعراب في طلبه و جعلت لمن جاء به عشرة آلاف درهم و هي ديته فانطلق الأعراب في طلبه ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع أتاني القوم آيسون منه .

فقالوا لي يا عبد الله ما نرى صاحبك إلا و قد اختطف إن هذه بلاد محضورة فقد فيها غير واحد و نحن نرى لك أن ترتحل منها .

فلما قالوا لي هذه المقالة ارتحلت حتى قدمنا الكوفة و أخبرت أهله بقصته و خرجت من قابل حتى دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) .

فقال لي يا شعيب أ لم آمرك أن تستوصي بأبي موسى النبال خيرا قلت بلى و لكن لم أذهب حيث ذهبت .

فقال رحم الله أبا موسى لو رأيت منازل أبي موسى في الجنة لأقر الله عينك ثم قال كانت لأبي موسى درجة عند الله لم يكن ينالها إلا بالذي ابتلي به .

و منها أن أبا بصير قال : أصابتني جنابة و أنا أريد أن يعطيني أبو عبد الله (عليه السلام) شيئا من دلالة فدخلت عليه فقال ما كان لك فيما كنت فيه شغل تدخل على

[635]

إمامك و أنت جنب قلت فعلته عمدا قال أ و لم تؤمن قم فاغتسل .

و منها ما روي أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال : دعاني أبو جعفر الخليفة و معي عبد الله بن الحسن و هو يومئذ نازل بالحيرة قبل أن تبنى بغداد يريد قتلنا لا يشك الناس فيه فلما دخلت عليه دعوت الله بكلام و قد قال لابن نهيك و هو القائم على رأسه

[636]

إذا ضربت بإحدى يدي على الأخرى فلا تناظره حتى تضرب عنقه فلما تكلمت بما أريد نزع الله من قلب أبي جعفر الخليفة الغيظ فلما دخلت أجلسني مجلسه و أمر لي بجائزة و خرجنا من عنده فقال له أبو بصير و كان حضر ذلك المجلس ما كان الكلام قال دعوت الله بدعاء يوسف فاستجاب الله لي و لأهل بيتي .

و منها ما قال أبو بصير أنه (عليه السلام) قال لي : هل تعرف إمامك قلت إي و الله و أنت هو قال صدقت قلت أريد أن تعطيني علامة الإمامة قال ليس بعد المعرفة علامة قلت نزداد بصيرة قال ترجع إلى الكوفة و قد ولد لك عيسى و من بعد عيسى محمد و من بعدهما ابنتان و ابناك عندنا مثبتان مع أسماء الشيعة و ما يلدون إلى يوم القيامة و أسماء آبائهم و أجدادهم و إذا هي صحيفة صفراء مدرجة .

و منها ما قال الحسن بن سعيد عن عبد العزيز القزاز قال : كنت أقول بالربوبية فيهم فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال لي يا عبد العزيز ضع ماء أتوضأ

[637]

ففعلت فلما دخل يتوضأ قلت في نفسي هذا الذي قلت فيه ما قلت يتوضأ فلما خرج قال لي يا عبد العزيز لا تحمل على البناء فوق ما يطيق فيهدم إنا عبيد مخلوقون لعبادة الله عز و جل .

و منها أن مفضل بن مزيد قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إسماعيل ابنك جعل الله له علينا من الطاعة ما جعل لآبائه و إسماعيل يومئذ حي فقال يكفي ذلك فظننت أنه اتقاني فما لبث أن مات إسماعيل .

و منها عن الوليد بن صبيح : جاءني رجل فقال تعال حتى أريك ابن إلهك فذهبت معه إلى قوم يشربون فيهم إسماعيل فخرجت مغموما فجئت إلى الحجر فإذا إسماعيل متعلق بالبيت يبكي قد بل أستار الكعبة فذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) فقال قد ابتلي إسماعيل بشيطان يتمثل في صورته .

و منها أن عثمان بن عيسى قال : قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) ضيق إخوتي

[638]

و بنو عمي علي الدار فلو تكلمت قال اصبر فانصرفت سنتي ثم عدت من قابل فشكوتهم إليه فقال اصبر ثم عدت في السنة الثالثة فقال اصبر سيجعل الله لك فرجا فماتوا كلهم فخرجت إليه فقال لي ما فعل أهل بيتك قلت ماتوا قال هو ما صنعوا بك لعقوقهم إياك و قطعهم رحمك .

و منها أن الطيالسي قال : جئت من مكة إلى المدينة فلما كنت على ليلتين من المدينة ذهبت راحلتي و عليها نفقتي و متاعي و أشياء كانت للناس معي .

فأتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فشكوت إليه فقال ادخل المسجد فقل اللهم إني أتيتك زائرا لبيتك الحرام و إن راحلتي قد ذهبت فردها علي فجعلت أدعو فإذا مناد ينادي على باب المسجد يا صاحب الراحلة اخرج فخذ راحلتك فقد آذيتنا منذ الليلة فأخذتها و ما فقدت منها خيطا واحدا .

و منها أن أبا عمارة المعروف بالطيار قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) رأيت في النوم كأن معي قناة قال كان فيها زج قلت لا قال لو رأيت فيها زجا لولد لك غلام و لكن تولد جارية ثم مكث ساعة يتحدث ثم قال

[639]

كم في القناة من كعب قلت اثنا عشر كعبا قال تلد الجارية اثنتي عشرة بنتا قال محمد بن يحيى فحدثت بهذا الحديث العباس بن الوليد فقال أنا من واحدة منهن و لي إحدى عشرة خالة و أبو عمارة جد أمي .

و منها أن سليمان بن خالد قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) و هو يكتب كتبا إلى بغداد و أنا أريد أن أودعه فقال تجي‏ء إلى بغداد قلت بلى قال تعين مولاي هذا بدفع كتبه ففكرت و أنا في صحن الدار أمشي فقلت هذا حجة الله على خلقه يكتب إلى أبي أيوب الخوري و فلان و فلان يسألهم حوائجه .

فلما صرنا إلى باب الدار صاح بي يا سليمان ارجع أنت وحدك فرجعت فقال كتبت إليهم لأخبرهم أني عبد و بي إليهم حاجة .

و منها أن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إن لنا أموالا نعامل بها الناس و أخاف حدثا يفرق أموالنا .

فقال اجمع مالك إلى شهر ربيع فمات إسحاق في شهر ربيع. .

و منها أن سماعة بن مهران قال : كنا عنده (عليه السلام) فقال يا غلام ائتنا بماء زمزم ثم سمعته يقول اللهم أعم بصره اللهم أخرس لسانه اللهم أصم سمعه قال فرجع الغلام يبكي فقال ما لك قال ضربني فلان القرشي و منعني من السقاء .

[640]

فقال ارجع فقد كفيته فرجع و قد صم و عمي و خرس و قد اجتمع عليه الناس .

و منها أن صفوان الجمال قال : كنت بالحيرة مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ أقبل الربيع و قال أجب أمير المؤمنين فلم يلبث أن عاد قلت يا مولاي أسرعت الانصراف قال إنه سألني عن شي‏ء فسل الربيع عنه قال صفوان و كان بيني و بين الربيع لطف فخرجت إلى الربيع و سألته فقال أخبرك بالعجب إن الأعراب خرجوا يجتنون الكمأة فأصابوا في البر خلقا ملقى فأتوني به فأدخلته على الخليفة فلما رآه قال نحه و ادع جعفرا فدعوته فقال يا أبا عبد الله أخبرني عن الهواء ما فيه قال في الهواء موج مكفوف قال ففيه سكان قال نعم قال و ما سكانه قال خلق أبدانهم أبدان الحيتان و رءوسهم رءوس الطير و لهم أعرفة كأعرفة الديكة و نغانغ كنغانغ الديكة و أجنحة كأجنحة الطير من ألوان أشد بياضا من الفضة المجلوة فقال الخليفة هلم الطشت فجئت بها و فيها ذلك الخلق و إذا هو كما وصف و الله جعفر فلما نظر إليه جعفر قال هذا هو الخلق الذي يسكن الموج المكفوف فأذن له بالانصراف فلما خرج قال الخليفة

[641]

ويلك يا ربيع هذا الشجا المعترض في حلقي من أعلم الناس .

و منها أن عبد الله بن أبي ليلى قال : كنت بالربذة مع أبي الدوانيق و كان قد وجه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) و كان يقول علي به سقى الله الأرض دمي إن لم أسقها دمه عجلوا عجلوا قال فلما دخل عليه جعفر قال له مرحبا يا ابن عم يا ابن رسول الله فما زال يرفعه حتى أجلسه على وسادته ثم دعا بالطعام و جعل يلقمه جيدا باردا و قضى حوائجه و أمره بالانصراف فلما خرج قلت له أ رأيت أن تعلمني فقد رأيتك تحرك شفتيك إذ دخلت قال إذا دخلت إليهم أقول ما شاء الله لا يأتي بالخير إلا الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله كل نعمة من الله ما شاء الله لا حول و لا قوة إلا بالله .

[642]

و منها أن هارون بن خارجة قال : كان رجل من أصحابنا طلق امرأته ثلاثا فسأل أصحابنا فقالوا ليس بشي‏ء فقالت امرأته لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله (عليه السلام) و كان بالحيرة إذ ذاك أيام أبي العباس .

قال فذهبت إلى الحيرة و لم أقدر على كلامه إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبد الله (عليه السلام) و أنا أنظر كيف ألتمس لقاءه فإذا سوادي عليه جبة صوف يبيع خيارا فقلت له بكم خيارك هذا كله .

قال بدرهم فأعطيته درهما و قلت له أعطني جبتك هذه فأخذتها و لبستها و ناديت من يشتري خيارا و دنوت منه فإذا غلام من ناحية ينادي يا صاحب الخيار فقال (عليه السلام) لي لما دنوت منه ما أجود ما احتلت أي شي‏ء حاجتك قلت إني ابتليت فطلقت أهلي ثلاثا في دفعة فسألت أصحابنا فقالوا ليس بشي‏ء و إن المرأة قالت لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله (عليه السلام) فقال ارجع إلى أهلك فليس عليك شي‏ء .

و منها أن بحر الخياط قال : كنت قاعدا مع فطر بن خليفة فجاء ابن الملاح فجلس ينظر إلي فقال لي فطر تحدث إن أردت فليس عليك بأس .

فقال ابن الملاح أخبرك بأعجوبة رأيتها من ابن البكرية يعني الصادق

[643]

قال ما هو قال كنت قاعدا وحدي أحدثه و يحدثني إذ ضرب بيده إلى ناحية المسجد شبه المتفكر ثم استرجع فقال إنا لله و إنا إليه راجعون .

قلت ما لك قال قتل عمي زيد الساعة ثم نهض فذهب .

فكتبت قوله في تلك الساعة و في ذلك الشهر ثم أقبلت إلى العراق فلما كنت في الطريق استقبلني راكب فقال قتل زيد بن علي في يوم كذا في شهر كذا في ساعة كذا على ما قال أبو عبد الله (عليه السلام) .

فقال فطر بن خليفة إن عند الرجل علما جما .

و منها أن العلاء بن سيابة قال : جاء رجل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) و هو يصلي فجاء هدهد فوقع عند رأسه حين سلم و التفت إليه .

فقال قلت له جئت لأسألك فرأيت ما هو أعجب قال ما هو قال ما صنع الهدهد قال نعم جاءني فشكا إلي حية تأكل فراخه فدعوت الله عليها فأماتها .

فقلت يا مولاي إني لا يعيش لي ولد و كلما ولدت امرأتي مات ولدها قال ليس هذا من ذلك الجنس و لكن إذا رجعت إلى أهلك فإنه ستدخل كلبة إليك فتريد امرأتك أن تطعمها فمرها ألا تطعمها و قل للكلبة إن أبا عبد الله (عليه السلام) أمرني أن أقول أميطي عنا لعنك الله فإنه يعيش ولدك إن شاء الله .

[644]

فعاش أولادي و خلفت غلمانا ثلاثة نظافا .

و منها أن إبراهيم بن عبد الحميد قال : اشتريت من مكة بردة فآليت على نفسي أن لا تخرج من ملكي حتى تكون كفني فخرجت إلى عرفة فوقفت فيها للموقف ثم انصرفت إلى جمع فقمت فيها في وقت الصلاة فطويتها شفقة مني عليها فقمت لأتوضأ فلما عدت لم أرها فاغتممت غما شديدا فلما أصبحت أفضت مع الناس إلى منى أتاني رسول من عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال يقول لك أبو عبد الله (عليه السلام) أقبل فقمت مسرعا فسلمت عليه فقال تحب أن نعطيك بردة تكون كفنك و أمر غلامه فأتى ببردة فقال خذها .

و منها أن شهاب بن عبد ربه قال : أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فقال إن شئت فسل و إن شئت أخبرتك بما جئت له قلت أخبرني

[645]

قال جئت تسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضأ منه أم لا قلت نعم قال فتوضأ من الجانب الآخر إلا أن تغلب على الماء الريح المنتنة فينتن و جئت تسأل عن الماء الراكد من البئر مما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة عليه فتوضأ منه و كلما غلبت عليه كثرة الماء فهو طاهر قلت فما التغيير قال الصفرة .

و منها أن بشير النبال قال : كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ استأذن عليه رجل فأذن له ثم دخل فجلس فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) ما أنقى ثيابك هذه و ألينها قال هي لباس بلادنا ثم قال جئتك بهدية فدخل غلام و معه جراب فيه ثياب فوضعه ثم تحدث ساعة ثم قام قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن بلغ الوقت و صدق الوصف فهو صاحب الرايات السود من خراسان يتقعقع .

ثم قال لغلام قائم على رأسه الحقه فاسأله ما اسمك فقال عبد الرحمن .

[646]

فقال أبو عبد الله (عليه السلام) عبد الرحمن و الله ثلاث مرات هو و رب الكعبة قال بشير فلما قدم أبو مسلم جئت حتى دخلت عليه فإذا هو الرجل الذي دخل علينا .

و منها أن مهاجر بن عمار الخزاعي قال : بعثني أبو الدوانيق إلى المدينة و بعث معي بمال كثير و أمرني أن أتضرع لأهل هذا البيت و أتحفظ مقالتهم قال فلزمت الزاوية التي مما يلي القبلة فلم أكن أتنحى منها في وقت الصلاة لا في ليل و لا نهار .

قال و أقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر الدراهم و من هو فوقهم الشي‏ء بعد الشي‏ء حتى ناولت شبابا من بني الحسن و مشيخة منهم حتى ألفوني و ألفتهم في السر .

قال و كنت كلما دنوت من أبي عبد الله يلاطفني و يكرمني حتى إذا كان يوما من الأيام بعد ما نلت حاجتي ممن كنت أريد من بني الحسن و غيرهم دنوت من

[647]

أبي عبد الله (عليه السلام) و هو يصلي فلما قضى صلاته التفت إلي و قال تعال يا مهاجر و لم أكن أتسمى باسمي و لا أكنى بكنيتي فقال قل لصاحبك يقول لك جعفر كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم إلى هذا تجي‏ء إلى قوم شباب محتاجين فتدس إليهم فلعل أحدهم يتكلم بكلمة تستحل بها سفك دمه فلو بررتهم و وصلتهم و أنلتهم و أغنيتهم كانوا إلى هذا أحوج مما تريد منهم .

قال فلما أتيت أبا الدوانيق قلت له جئتك من عند ساحر كان من أمره كذا و كذا فقال صدق و الله لقد كانوا إلى غير هذا أحوج و إياك أن يسمع هذا الكلام منك إنسان .

و منها أن محزمة الكندي قال : إن أبا الدوانيق نزل بالربذة و جعفر الصادق (عليه السلام) بها قال من يعذرني من جعفر و الله لأقتلنه .

فدعاه فلما دخل عليه جعفر (عليه السلام) قال يا أمير المؤمنين ارفق بي فو الله لقلما أصحبك .

فقال أبو الدوانيق انصرف ثم قال لعيسى بن علي الحقه فسله أ بي أم به فخرج يشتد حتى لحقه فقال يا أبا عبد الله إن أمير المؤمنين يقول أ بك أم به قال لا بل بي .

و منها أن أبا بصير قال : قال لي الصادق (عليه السلام) اكتم علي ما أقول لك في المعلى بن خنيس قلت أفعل قال أما إنه ما كان ينال درجته إلا بما ينال منه داود بن علي

[648]

قلت و ما الذي يصيبه من داود بن علي قال يدعو به فيضرب عنقه و يصلبه قلت متى ذلك قال من قابل فلما كان من قابل ولي داود المدينة فقصد قتل المعلى فدعاه و سأله عن أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) و سأله أن يكتبهم له فقال ما أعرف من أصحابه أحدا و إنما أنا رجل أختلف في حوائجه قال تكتمني أما إنك إن كتمتني قتلتك فقال له المعلى أ بالقتل تهددني و الله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت قدمي عنهم لك فقتله و صلبه كما قال أبو عبد الله (عليه السلام) .

[649]

فصل في أعلام الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) :

عن علي بن أبي حمزة البطائني قال : خرج موسى بن جعفر (عليه السلام) في بعض الأيام من المدينة إلى ضيعة له خارجة عنها فصحبته أنا و كان راكبا بغلة و أنا على حمار فلما صرنا في بعض الطريق اعترضنا أسد فأحجمت خوفا و أقدم أبو الحسن (عليه السلام) غير مكترث به فرأيت الأسد يتذلل لأبي الحسن (عليه السلام) و يهمهم فوقف له أبو الحسن كالمصغي إلى همهمته و وضع الأسد يده على كفل بغلته و خفت من ذلك خوفا شديدا .

ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق و حول أبو الحسن وجهه إلى القبلة و جعل يدعو ثم حرك شفتيه بما لم أفهمه ثم أومأ إلى الأسد بيده أن امض فهمهم الأسد همهمة طويلة و أبو الحسن (عليه السلام) يقول آمين آمين و انصرف الأسد حتى غاب عن أعيننا و مضى أبو الحسن (عليه السلام) لوجهه و اتبعته .

فلما بعدنا عن الموضع لحقته فقلت جعلت فداك ما شأن هذا الأسد فلقد خفته و الله عليك و عجبت من شأنه معك .

قال إنه خرج إلي يشكو عسر الولادة على لبوته و سألني أن أسأل الله ليفرج

[650]

عنها ففعلت ذلك و ألقي في روعي أنها ولدت له ذكرا فخبرته بذلك .

فقال لي امض في حفظ الله فلا سلط الله عليك و لا على ذريتك و لا على أحد من شيعتك شيئا من السباع فقلت آمين .

و منها ما روي عن الرافعي قال : كان لي ابن عم يقال له الحسن بن عبد الله و كان زاهدا من أعبد أهل زمانه يتقيه السلطان لجده في الدين و اجتهاده و ربما استقبل السلطان في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بما يغضبه و كان يحتمل لصلاحه .

فدخل يوما المسجد و فيه موسى بن جعفر (عليه السلام) فأتاه فقال (عليه السلام) يا أبا علي ما أحب إلي ما أنت عليه إلا أنه ليست لك معرفة فاطلب المعرفة .

قال و ما المعرفة قال اذهب و تفقه قال عمن قال عن فقهاء المدينة .

فذهب و كتب الحديث ثم جاءه و قرأه عليه .

قال اذهب و تفقه و اطلب العلم فذهب و كتب الخلاف .

فجاءه فعرض عليه فأسقطه كله .

و قال اذهب و اطلب المعرفة و كان الرجل معنيا بدينه فلم يزل يترصد أبا الحسن (عليه السلام) حتى خرج إلى ضيعة له فلقيه في الطريق .

[651]

فقال له يا ابن رسول الله إني أحتج عليك بين يدي الله فدلني على ما يجب علي معرفته .

فأخبره أبو الحسن بأمر أمير المؤمنين (عليه السلام) و حقه و ما يجب له بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و أمر الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد (عليه السلام) ثم سكت .

فقال جعلت فداك من الإمام اليوم قال إن أخبرتك تقبل قال نعم قال أنا قال فشي‏ء أستدل به قال اذهب إلى تلك الشجرة و أشار إلى شجرة هناك و قل لها يقول لك موسى بن جعفر أقبلي قال فرأيتها تخد الأرض خدا حتى وقفت بين يديه ثم أشار إليها فرجعت .

فأقر به ثم لزم الصمت و العبادة و كان من قبل يرى الرؤيا الصالحة الحسنة و ترى له ثم انقطعت عنه الرؤيا فرأى أبا عبد الله (عليه السلام) في النوم فشكا إليه انقطاع الرؤيا فقال له لا تغتم فإن المؤمن إذا رسخ في الإيمان رفعت عنه الرؤيا .

و منها ما روي عن أحمد بن عمر الحلال قال : سمعت الأخرس يذكر موسى بن جعفر (عليه السلام) بسوء فاشتريت سكينا و قلت في نفسي و الله لأقتلنه إذا خرج من المسجد فأقمت على ذلك و جلست فما شعرت إلا برقعة أبي الحسن (عليه السلام) قد طلعت

[652]

علي فيها بحقي عليك لما كففت عن الأخرس فإن الله ثقتي و هو حسبي فما بقي أياما إلا و مات .

و منها ما روي عن علي بن يقطين قال : أردت أن أكتب إلى أبي الحسن الأول (عليه السلام) أسأله أ يتنور الرجل و هو جنب فكتب إلي ابتداء النورة تزيد الجنب نظافة و لكن لا يجامع الرجل و هو مختضب و لا تجامع امرأة مختضبة .

[653]

و منها أن عيسى شلقان قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و أنا أريد أن أسأله عن أبي الخطاب فقال لي مبتدئا من قبل أن أجلس يا عيسى ما منعك أن تلقى ابني موسى فتسأله عن جميع ما تريد قال عيسى فذهبت إلى العبد الصالح (عليه السلام) و هو قاعد في الكتاب و على شفتيه أثر المداد فقال لي مبتدئا يا عيسى إن الله أخذ ميثاق النبيين على النبوة فلم يتحولوا عنها و أخذ ميثاق الوصيين على الوصية فلم يتحولوا عنها أبدا و إن قوما إيمانهم عارية و إن أبا الخطاب ممن أعير الإيمان ثم سلب فضممته إلي و قبلت ما بين عينيه فقلت ذرية بعضها من بعض ثم رجعت إلى الصادق (عليه السلام) فقال لي ما صنعت قلت أتيته فأخبرني مبتدئا من غير أن أسأله عن جميع ما أردت أن أسأله فعلمت عند ذلك أنه صاحب هذا الأمر فقال يا عيسى إن ابني هذا الذي رأيت لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتاب .

back page fehrest page next page