و منها أن هشام بن أحمر قال : قال لي أبو الحسن الأول (عليه السلام) هل علمت
[654]
أحدا من أهل المغرب قد قدم قلت لا فقال بلى قدم رجل فركب و ركبت معه حتى انتهينا إلى الرجل فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق فقلت له أعرض علينا فعرض علينا تسع جوار كل ذلك يقول أبو الحسن (عليه السلام) لا حاجة لي فيها ثم قال له أعرض علينا فقال ما عندي شيء .
قال بلى أعرض علينا قال لا و الله ما عندي إلا جارية مريضة .
فقال ما عليك أن تعرضها فأبى عليه ثم انصرف ثم إنه أرسلني من الغد إليه فقال قل له كم غايتك فيها فإذا قال كذا و كذا فقل قد أخذتها .
فأتيته فقال ما أريد أن أنقصها من كذا و كذا فقلت قد أخذتها و هو لك فقال هي لك و لكن من الرجل الذي كان معك بالأمس .
فقلت رجل من بني هاشم .
قال من أي بني هاشم قلت ما عندي أكثر من هذا .
قال أخبرك عن هذه الوصيفة إني اشتريتها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت هذه الوصيفة معك لمن هي قلت اشتريتها لنفسي فقالت ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض و لا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد له غلاما يدين له شرق الأرض و غربها .
قال فأتيته بها فلم تلبث إلا قليلا حتى ولدت الرضا (عليه السلام) .
[655]
و منها ما روى إسماعيل بن موسى قال : كنا مع أبي الحسن (عليه السلام) في عمرة فنزلنا بعض قصور الأمراء فأمر بالرحلة فشدت المحامل و ركب بعض العيال و كان أبو الحسن (عليه السلام) في بيت فخرج فقام على بابه فقال حطوا حطوا .
فقال إسماعيل و هل ترى شيئا .
قال إنه ستأتيكم ريح سوداء مظلمة فتطرح بعض الإبل .
قال فحطوا و جاءت ريح سوداء فأشهد لقد رأيت جملنا عليه كنيسة حتى أركب أنا فيها و أحمد أخي و لقد قام ثم سقط على جنبه بالكنيسة .
و منها : أن المهدي أمر بحفر بئر بقرب قبر العبادي لعطش الحاج هناك فحفرت أكثر من مائة قامة فبينا هم كذلك يحفرون إذ خرقوا خرقا فإذا تحته هواء لا يدرى ما قعره فإذا هو مظلم و للريح فيه دوي .
فأدلوا رجلين إلى مستقره فلما خرجا تغيرت ألوانهما و قالا رأينا دوي هواء واسعا و رأينا بيوتا قائمة و رجالا و نساء و إبلا و بقرا و غنما كلما مسسنا شيئا منها رأيناه هباء فسئل الفقهاء عن ذلك فلم يدر أحد ما هو .
فقدم أبو الحسن موسى (عليه السلام) على المهدي فسأله عنه فقال أولئك أصحاب
[656]
الأحقاف هم بقية من قوم عاد ساخت بهم منازلهم و ذكر على مثل ما قال الرجلان .
و منها ما روى إبراهيم بن الحسن بن راشد عن علي بن يقطين قال : كنت عند هارون الرشيد يوما إذ جاءت هدايا ملك الروم و كانت فيها دراعة ديباج سوداء لم أر أحسن منها فرآني أنظر إليها فوهبها لي و بعثتها إلى أبي إبراهيم (عليه السلام) و مضت عليها تسعة أشهر .
فانصرفت يوما من عند هارون بعد أن تغديت بين يديه فلما دخلت داري قام إلي خادمي الذي يأخذ ثيابي بمنديل على يده و كتاب لطيف خاتمه رطب فقال أتاني رجل بهذا الساعة فقال أوصله إلى مولاك ساعة يدخل .
فقال علي بن يقطين ففضضت الكتاب فإذا فيه يا علي هذا وقت حاجتك إلى الدراعة فكشفت طرف المنديل عنها و رأيتها و عرفتها و دخل علي خادم لهارون بغير إذن فقال أجب أمير المؤمنين قلت أي شيء حدث قال لا أدري .
فركبت و دخلت عليه و عنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه فقال ما فعلت بالدراعة التي وهبتها لك .
قلت خلع أمير المؤمنين علي كثيرة من دراريع و غيرها فعن أيها تسألني قال دراعة الديباج السوداء الرومية المذهبة .
قلت ما عسى أن أصنع بها ألبسها في أوقات و أصلي فيها ركعات و قد كنت دعوت بها عند منصرفي من دار أمير المؤمنين الساعة لألبسها
[657]
فنظر إلي عمر بن بزيع فقال قل له ليرسل حتى يحضرنها .
قال فأرسلت خادمي حتى جاء بها فلما رآها قال يا عمر ما ينبغي أن نقبل على علي بعدها شيئا .
قال فأمر لي بخمسين ألف درهم حملت مع الدراعة إلى داري .
قال علي بن يقطين و كان الساعي بي ابن عم لي فسود الله وجهه و كذبه و الحمد لله .
[658]
فصل في أعلام الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) :
روي : أن المطر احتبس بخراسان في عهد المأمون فلما دخل الرضا (عليه السلام) و أمر قال لو دعوت الله يا أبا الحسن أن يمطر الناس و كان ذلك يوم الجمعة قال نعم الناس أن يصوموا ثلاثة أيام السبت و الأحد و الإثنين و خرج إلى الصحراء يوم الإثنين و خرج الخلائق ينظرون فصعد المنبر و حمد الله و أثنى عليه ثم قال اللهم أنت يا رب عظمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت و أملوا فضلك و رحمتك و توقعوا إحسانك و نعمتك فاسقهم سقيا نافعا عاما غير ضار و ليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم إلى منازلهم و مقارهم قال الرواة فو الذي بعث محمدا نبيا لقد نسجت الرياح الغيوم و أرعدت و أبرقت و تحرك الناس فقال الرضا (عليه السلام) على رسلكم فليس هذا الغيم لكم إنما هو لأهل بلد كذا فمضت السحابة و عبرت ثم جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد و برق فتحركوا فقال على رسلكم فما هذه لكم إنما هي لبلد كذا فما زال حتى جاءت عشر سحائب ثم جاءت سحابة حادية عشر فقال يا أيها الناس هذه بعثها الله لكم فاشكروه على تفضله عليكم و قوموا إلى مقاركم و منازلكم فإنها مسامتة لرءوسكم
[659]
ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا منازلكم فما زالت السحابة ممسكة إلى أن قربوا من منازلهم ثم جاءت بوابل المطر فملأت الأودية و جعل الناس يقولون هنيئا لولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كرامات الله لهم و قد قال لهم الرضا (عليه السلام) حين قد برز لهم و هم حضور اتقوا الله أيها الناس في نعم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه بل استديموها بطاعته و شكره على نعمه و أياديه و اعلموا أنكم لم تشكروا الله بشيء بعد الإيمان بالله و رسوله و بعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد أحب إليكم في الله من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنان ربهم فإن من فعل ذلك كان من خاصة الله ثم إن المأمون سمع بذلك و قال له بعض خواصه جئت بهذا الساحر قد ملأ الدنيا مخرقة بهذا المطر فقعد من الغد للناس فقال حاجبه يا ابن موسى لقد عدوت طورك أن بعث الله بمطر مقدور في وقته فإن كنت صادقا فأحي لنا هذين و أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون فصاح الرضا (عليه السلام) بالصورتين دونكما الفاجر فافترساه و لا تبقيا له عينا و لا أثرا فوثبت الصورتان و قد عادتا أسدين فتناولا الحاجب و رضضاه و هشماه و أكلاه و القوم ينظرون متحيرين فلما فرغا أقبلا على الرضا (عليه السلام) فقالا يا ولي الله في أرضه ما ذا تأمرنا أن نفعل به يشيران إلى المأمون فغشي على المأمون مما سمع فقال الرضا (عليه السلام) قفا فوقفا ثم قال الرضا (عليه السلام) صبوا عليه ماء ورد ففعل به فأفاق و عاد الأسدان يقولان أ تأذن لنا أن نلحقه بصاحبه فقال لا فإن لله أمرا هو ممضيه و قال عودا إلى مقركما كما كنتما فعادا إلى المسند و صارا صورتين كما كانتا فقال المأمون الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران يعني الرجل المفترس .
[660]
و منها : أن المأمون قال له يوما إن آباءك كان عندهم علم بما كان و بما يكون إلى يوم القيامة و أنت وصيهم و هذه الزاهرية حظيتي لا أقدم عليها أحدا من جواريي حملت غير مرة كل ذلك تسقط و هي حبلى .
فأطرق ساعة ثم قال لا تخف من إسقاطها فإنها ستسلم و تلد غلاما أشبه الناس بأمه و قد زاد الله في خلقه مزيتين في يده اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة و في رجله اليمنى خنصر زائدة ليست بالمدلاة .
فولدت و قد عاش الولد و كان كذلك .
و منها ما روي عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت في مجلس الرضا (عليه السلام) فعطشت عطشا شديدا و تهيبته أن أستسقي في مجلسه فدعا بماء فشرب منه جرعة
[661]
ثم قال يا أبا هاشم اشرب فإنه بارد طيب فشربت .
ثم عطشت عطشة أخرى فنظر إلى الخادم و قال شربة من ماء و سويق و سكر ثم قال له بل السويق و انثر عليه السكر بعد بلة .
و قال اشرب يا أبا هاشم فإنه يقطع العطش .
و منها ما قال أبو هاشم إنه : لما بعث المأمون رجاء بن أبي الضحاك لحمل أبي الحسن علي بن موسى (عليه السلام) على طريق الأهواز و لم يمر به على طريق الكوفة فيفتتن به أهلها .
و كنت بالشرق من إيذج فلما سمعت به سرت إليه بالأهواز و انتسبت له و كان أول لقائي له و كان مريضا و كان زمن القيظ فقال لي ابغ لي طبيبا .
فأتيته بطبيب فنعت له بقلة فقال الطبيب لا أعرف على وجه الأرض أحدا يعرف اسمها غيرك فمن أين عرفتها ألا إنها ليست في هذا الأوان و لا هذا الزمان .
قال له فابغ لي قصب السكر قال الطبيب و هذه أدهى من الأولى ما هذا بزمان قصب السكر و لا يكون إلا في الشتاء .
فقال الرضا (عليه السلام) بل هما في أرضكم هذه و زمانكم هذا و هذا معك فامضيا إلى شاذروان الماء فاعبراه فسيرفع لكم جوخان أي بيدر فاقصداه فستجدان رجلا .
[662]
هناك أسود في جوخانة فقولا له أين منابت قصب السكر و أين منابت الحشيشة الفلانية ذهب على أبي هاشم اسمها فقال يا أبا هاشم دونك القوم فقمت معهما فإذا الجوخان و الرجل الأسود .
قال فسألناه فأومأ إلى ظهره فإذا قصب السكر و الحشيشة فأخذنا منه حاجتنا و رجعنا إلى الجوخان فلم نر صاحبه فيه و رجعنا إلى الرضا (عليه السلام) فحمد الله .
فقال لي المتطبب ابن من هذا قلت ابن سيد الأنبياء .
قال فعنده من أقاليد النبوة شيء قلت نعم و قد شهدت بعضها و ليس بنبي .
قال فهذا وصي نبي قلت أما هذا فنعم .
فبلغ ذلك رجاء بن أبي الضحاك فقال لأصحابه لئن أقام بعد هذا لتمدن إليه الرقاب فارتحل به .
و منها أن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : إني كنت من الواقفة على موسى بن جعفر (عليه السلام) و أشك في الرضا (عليه السلام) فكتبت إليه أسأله عن مسائل و نسيت ما كان أهم المسائل إلي .
فجاء الجواب عن جميعها ثم قال و قد نسيت ما كان أهم المسائل عندك فاستبصرت ثم قلت له يا ابن رسول الله أشتهي أن تدعوني إلى دارك في أوقات تعلم أنه لا مفسدة لنا من الدخول عليكم من أيدي الأعداء .
قال ثم بعث إلي مركوبا في آخر يوم فخرجت إليه و صليت معه العشاءين و قعد يملي علي من العلوم ابتداء و أسأله فيجيبني إلى أن مضى كثير
[663]
من الليل ثم قال للغلام هات الثياب التي أنام فيها لينام أحمد البزنطي فيها .
قال فخطر ببالي أن ليس في الدنيا من هو أحسن حالا مني بعث الإمام بمركوبه إلي و قعد إلي ثم أمر لي بهذا الإكرام .
و كان قد اتكأ على يديه لينهض فجلس و قال يا أحمد لا تفخر على أصحابك بذلك فإن صعصعة بن صوحان مرض فعاده أمير المؤمنين (عليه السلام) و أكرمه و وضع يده على جبهته و جعل يلاطفه فلما أراد النهوض قال يا صعصعة لا تفخر على إخوانك بما فعلت فإني إنما فعلت جميع ذلك لأنه كان تكليفا لي .
و منها ما روي عن محمد بن الفضيل الصيرفي قال : دخلت على الرضا (عليه السلام) فسألته عن أشياء و أردت أن أسأله عن سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأغفلته فخرجت فدخلت إلى منزل الحسين بن بشار فإذا رسول للرضا (عليه السلام) أتى و كان معه رقعة فيها بسم الله الرحمن الرحيم أنا بمنزلة أبي و وارثه كل ما كان عنده و سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندي .
[664]
فصل في أعلام الإمام محمد بن علي التقي (عليه السلام) :
عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : دخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) و معي ثلاث رقاع غير معنونة و اشتبهت علي و اغتممت لذلك فتناول إحداهن فقال هذه رقعة ريان بن شبيب ثم تناول الثانية و قال هذه رقعة محمد بن حمزة و تناول الثالثة و قال هذه رقعة فلان فبهت فنظر إلي و تبسم .
[665]
و منها ما قال الحميري إن أبا هاشم قال لي : إن أبا جعفر (عليه السلام) أعطاني ثلاثمائة دينار في صرة و أمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه و قال أما إنه سيقول لك دلني على حريف أشتري بها منه متاعا فدله عليه قال فأتيته بالدنانير فقال يا أبا هاشم دلني على حريف يشتري لي بها متاعا ففعلت .
و منها ما قال أبو هاشم : كلفني جمال أن أكلم أبا جعفر (عليه السلام) له ليدخله في بعض أموره .
قال فدخلت عليه لأكلمه فوجدته مع جماعة فلم يمكني كلامه .
فقال يا أبا هاشم كل و قد وضع الطعام بين يديه ثم قال ابتداء من غير مسألة مني يا غلام انظر الجمال الذي آتانا به أبو هاشم .
و منها ما قال أبو هاشم : و دخلت معه (عليه السلام) ذات يوم بستانا فقلت له جعلت فداك إني مولع بأكل الطين فادع الله لي فسكت ثم قال لي بعد أيام يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين قلت فما شيء أبغض إلي منه .
و منها ما قال أبو هاشم الجعفري : جاء رجل إلى محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) فقال يا ابن رسول الله إن أبي مات و كان له مال ففاجأه الموت و لست أقف على ماله و لي عيال كثير و أنا من مواليكم فأغثني .
فقال له أبو جعفر (عليه السلام) إذا صليت العشاء الآخرة فصل على محمد و آل محمد فإن أباك يأتيك في النوم و يخبرك بأمر المال .
ففعل الرجل ذلك فرأى أباه في النوم فقال يا بني مالي في موضع كذا فخذه
[666]
و اذهب به إلى ابن رسول الله فأخبره أني دللتك على المال .
فذهب الرجل فأخذ المال و أخبر الإمام بخبر المال و قال الحمد لله الذي أكرمك و اصطفاك .
و منها ما روى أحمد بن محمد عن أبي الحسن بن معمر بن خلاد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لي بالمدينة : يا معمر اركب .
قلت إلى أين قال اركب كما يقال لك .
فركبت معه فانتهينا إلى واد و إلى وهدة و إلى تل .
فقال قف هاهنا فوقفت و خرج ثم أتاني فقلت جعلت فداك أين كنت قال دفنت أبي الساعة و كان بخراسان .
و منها ما روى يوسف بن السخت عن صالح بن عطية الأضخم قال : حججت فشكوت إلى أبي جعفر (عليه السلام) الوحدة
[667]
فقال أما إنك لا تخرج من الحرم حتى تشتري جارية ترزق منها ابنا .
فقلت تشير إلي فقال نعم و ركب إلى النخاس و نظر إلى جارية فقال اشترها فاشتريتها فولدت محمدا ابني .
و منها ما روى أحمد بن هلال عن أمية بن علي القيسي قال : دخلت أنا و حماد بن عيسى على أبي جعفر (عليه السلام) بالمدينة لنودعه فقال لنا لا تخرجا أقيما إلى غد قال فلما خرجنا من عنده قال حماد أنا أخرج فقد خرج ثقلي قلت أما أنا فأقيم .
قال فخرج حماد فجرى الوادي تلك الليلة فغرق فيه و قبره بسيالة .
و منها ما روى داود بن محمد النهدي عن عمران بن محمد الأشعري قال : دخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فقضيت حوائجي و قلت له إن أم الحسن تقرئك السلام و تسألك ثوبا من ثيابك تجعله كفنا لها .
قال قد استغنت عن ذلك فخرجت و لست أدري ما معنى ذلك فأتاني الخبر بأنها قد ماتت قبل ذلك بثلاثة عشر يوما أو أربعة عشر .
[668]
و منها ما روى أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سهل بن اليسع قال : كنت مجاورا بمكة فصرت إلى المدينة فدخلت على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) و أردت أن أسأله كسوة يكسونيها فلم يقض لي أن أسأله حتى ودعته و أردت الخروج فقلت أكتب إليه و أسأله .
قال فكتبت إليه الكتاب فصرت إلى مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على أن أصلي ركعتين و أستخير الله مائة مرة فإن وقع في قلبي أن أبعث إليه بالكتاب بعثت به و إلا خرقته ففعلت فوقع في قلبي أن لا أفعل .
فخرقت الكتاب و خرجت من المدينة فبينما أنا كذلك إذ رأيت رسولا و معه ثياب في منديل يتخلل القطار و يسأل عن محمد بن سهل القمي حتى انتهى إلي فقال مولاك بعث إليك بهذا و إذا ملاءتان .
قال أحمد بن محمد فقضى الله أني غسلته حين مات و كفنته فيهما .
و منها ما روى أبو سعيد سهل بن زياد عن ابن حديد قال : خرجنا جماعة حجاجا فقطع علينا الطريق فلما دخلنا المدينة لقيت أبا جعفر (عليه السلام) في بعض الطريق فأتيته إلى المنزل فأخبرته بالذي أصابنا فأمر لي بكسوة و أعطاني دنانير و قال
[669]
فرقها على أصحابك على قدر ما ذهب لهم .
فقسمتها بينهم فإذا هي على قدر ما ذهب منهم لا أقل منه و لا أكثر .
و منها ما روى يحيى بن أبي عمران قال : دخل من أهل الري جماعة من أصحابنا على أبي جعفر (عليه السلام) و فيهم رجل من الزيدية قالوا فسألنا عن مسائل .
فقال أبو جعفر لغلامه خذ بيد هذا الرجل فأخرجه .
فقال الزيدي أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنك حجة الله .
و منها ما روى أبو سليمان عن صالح بن محمد بن صالح بن داود اليعقوبي قال : لما توجه أبو جعفر (عليه السلام) في استقبال المأمون إلى ناحية الشام أمر أن يعقد ذنب دابته و ذلك في يوم صائف شديد الحر لا يوجد الماء فقال بعض من كان معه لا عهد له بركوب الدواب أي موضع عقد ذنب البرذون هذا .
قال فما مررنا إلا يسيرا حتى ضللنا الطريق بمكان كذا و وقعنا في وحل كثير ففسد ثيابنا و ما معنا و لم يصبه شيء من ذلك .
[670]
و منها : أن أبا جعفر (عليه السلام) قال لنا ذات يوم و نحن في ذلك الوجه أما إنكم ستضلون الطريق بمكان كذا و تجدونه في مكان كذا بعد ما يذهب من الليل كذا فقلنا ما علم بهذا و لا بصر له بطريق الشام فكان كما قال .
و منها ما روي عن عمران بن محمد قال : دفع إلي أخي درعا لأحملها إلى أبي جعفر (عليه السلام) مع أشياء فقدمت بها و نسيت الدرع .
فلما أردت أن أودعه قال لي احمل الدرع .
و سألتني والدتي أن أسأله قميصا من ثيابه فسألته فقال ليست تحتاج إليه فجاءني الخبر أنها توفيت قبل عشرين يوما .
و منها : أن رجلا سأله أن يدعو الله و يسأل له ولدا فقال رزقك الله ولدا زكيا فخرج الرجل و لم يعرف معنى الزكي فسأل ابن أبي عمير و ابن فضال و غيرهما فلم يعرفاه إلا ابن سنان فإنه ما لبث أن جاءه البشير يهنئه ثم جاءه نعيه .
و منها : أنهم قالوا كتبنا إليه (عليه السلام) رقاعا في حوائج لنا و كتب رجل من الواقفة رقعة جعلها بين الرقاع .
فوقع الجواب بخطه في الرقاع إلا في رقعة الواقفي لم يجب فيها بشيء .
و منها ما روي عن ابن أرومة أنه قال : إن المعتصم دعا بجماعة من وزرائه .
[671]
فقال اشهدوا لي على محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) زورا و اكتبوا أنه أراد أن يخرج ثم دعاه فقال إنك أردت أن تخرج علي .
فقال و الله ما فعلت شيئا من ذلك قال إن فلانا و فلانا و فلانا شهدوا عليك و أحضروا فقالوا نعم هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك .
قال و كان جالسا في بهو فرفع أبو جعفر (عليه السلام) يده فقال اللهم إن كانوا كذبوا علي فخذهم .
قال فنظرنا إلى ذلك البهو كيف يزحف و يذهب و يجيء و كلما قام واحد وقع .
فقال المعتصم يا ابن رسول الله إني تائب مما فعلت فادع ربك أن يسكنه فقال اللهم سكنه و إنك تعلم أنهم أعداؤك و أعدائي فسكن .
[672]
فصل في أعلام الإمام علي بن محمد النقي (عليه السلام) :
روي : أن أبا هاشم الجعفري كان منقطعا إلى أبي الحسن بعد أبيه أبي جعفر و جده الرضا (عليه السلام) فشكا إلى أبي الحسن (عليه السلام) ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد ثم قال له يا سيدي ادع الله لي فربما لم أستطع ركوب الماء خوف الإصعاد و البطء عنك فسرت إليك على الظهر و ما لي مركوب سوى برذوني هذه على ضعفها فادع الله لي أن يقويني على زيارتك .
فقال قواك الله يا أبا هاشم و قوى برذونك .
قال الراوي و كان أبو هاشم يصلي الفجر ببغداد و يسير على ذلك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سرمنرأى و يعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على تلك البرذون بعينه فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت .
[673]
و منها ما روى جعفر بن محمد بن مالك الفزاري عن أبي هاشم قال : دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) فكلمني (عليه السلام) بالهندية فلم أحسن أن أرد عليه و كان بين يديه ركوة ملأى حصى فتناول حصاة واحدة و وضعها في فيه و مصها مليا ثم رمى بها إلي فوضعتها في فمي فو الله ما برحت مكاني حتى تكلمت بثلاث و سبعين لسانا أولها الهندية .
و منها ما روى يحيى بن زكريا الخزاعي قال حدثني أبو هاشم الجعفري قال : خرجت مع أبي الحسن (عليه السلام) إلى ظاهر سرمنرأى نتلقى بعض القادمين فأبطئوا فطرح لأبي الحسن (عليه السلام) غاشية السرج فجلس عليها و نزلت عن دابتي و جلست بين يديه و هو يحدثني .
فشكوت إليه قصور يدي و ضيق حالي فأهوى بيده إلى رمل فناولني منه أكفا و قال اتسع بها يا أبا هاشم و اكتم ما رأيت .
فخبأته معي و رجعنا فأبصرته فإذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر .
[674]
فدعوت صائغا إلى منزلي و قلت له اسبك لي هذا فسبكه و قال ما رأيت ذهبا أجود منه و هو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا قلت هذا شيء عندنا قديما .
و منها ما قال أبو هاشم : كنت بالمدينة حين مر بغا أيام الواثق في طلب الأعراب فقال أبو الحسن (عليه السلام) اخرجوا بنا حتى ننظر إلى تعبئة هذا التركي .
فخرجنا فوقفنا فمرت بنا تعبئته فمر بنا تركي فكلمه أبو الحسن (عليه السلام) بالتركي فنزل عن فرسه فقبل حافر فرس الإمام (عليه السلام) .
فحلفت التركي فقلت له ما قال لك الرجل .
قال هذا نبي قلت ليس هو بنبي .
[675]
قال دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلى الساعة .
و منها ما قال أبو هاشم : كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) و هو مجدر فقلت للمتطبب آب گرفت ثم التفت إلي و تبسم فقال تظن ألا يحسن الفارسية غيرك فقال له المتطبب جعلت فداك تحسنها .