و منها ما قال و حدثنا علان الكليني حدثنا الأعلم المصري عن
[699]
أبي الرجاء المصري و كان أحد الصالحين قال : خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد (عليه السلام) فقلت في نفسي لو كان شيء لظهر بعد ثلاث سنين .
فسمعت صوتا و لم أر شخصا يا نصر بن عبد ربه قل لأهل مصر هل رأيتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فآمنتم به .
قال أبو الرجاء و لم أعلم أن اسم أبي عبد ربه و ذلك أني ولدت بالمدائن فحملني أبو عبد الله النوفلي إلى مصر فنشأت بها فلما سمعت الصوت لم أعرج على شيء و خرجت .
و منها ما روي عن أحمد بن أبي روح قال : وجهت إلي امرأة من أهل دينور فأتيتها فقالت يا ابن أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا دينا و ورعا و إني أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤديها و تقوم بها فقلت أفعل إن شاء الله تعالى .
فقالت هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحله و لا تنظر فيه حتى تؤديه إلى من يخبرك بما فيه و هذا قرطي يساوي عشرة دنانير و فيه ثلاث حبات لؤلؤ تساوي عشرة دنانير و لي إلى صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها .
[700]
فقلت و ما الحاجة قالت عشرة دنانير استقرضتها أمي في عرسي لا أدري ممن استقرضتها و لا أدري إلى من أدفعها فإن أخبرك بها فادفعها إلى من يأمرك بها .
قال و كنت أقول بجعفر بن علي فقلت هذه المحبة بيني و بين جعفر فحملت المال و خرجت حتى دخلت بغداد فأتيت حاجز بن يزيد الوشاء فسلمت عليه و جلست فقال أ لك حاجة قلت هذا مال دفع إلي لا أدفعه إليك حتى تخبرني كم هو و من دفعه إلي فإن أخبرتني دفعته إليك قال لم أؤمر بأخذه و هذه رقعة جاءتني بأمرك فإذا فيها .
لا تقبل من أحمد بن أبي روح توجه به إلينا إلى سامراء .
فقلت لا إله إلا الله هذا أجل شيء أردته .
فخرجت و وافيت سامراء فقلت أبدأ بجعفر ثم تفكرت فقلت أبدأ بهم فإن كانت المحبة من عندهم و إلا مضيت إلى جعفر فدنوت من دار أبي محمد (عليه السلام) فخرج إلي خادم فقال أنت أحمد بن أبي روح قلت نعم .
قال هذه الرقعة اقرأها فقرأتها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم يا ابن أبي روح أودعتك عاتكة بنت الديراني كيسا فيه ألف درهم بزعمك و هو خلاف ما تظن و قد أديت فيه الأمانة و لم تفتح الكيس و لم تدر ما فيه و فيه ألف درهم و خمسون دينارا صحاح و معك قرط زعمت المرأة
[701]
أنه يساوي عشرة دنانير صدقت مع الفصين اللذين فيه و فيه ثلاث حبات لؤلؤ شراؤها بعشرة دنانير و هي تساوي أكثر فادفع ذلك إلى جاريتنا فلانة فإنا قد وهبناه لها و صر إلى بغداد و ادفع المال إلى حاجز و خذ منه ما يعطيك لنفقتك إلى منزلك .
و أما العشرة دنانير التي زعمت أن أمها استقرضتها في عرسها و هي لا تدري من صاحبها بل هي تعلم لمن و هي لكلثوم بنت أحمد و هي ناصبية فتحيرت أن تعطيها إياها و أوجبت أن تقسمها في إخوانها فاستأذنتنا في ذلك فلتفرقها في ضعفاء إخوانها .
و لا تعودن يا ابن أبي روح إلى القول بجعفر و المحبة له و ارجع إلى منزلك فإن عدوك قد مات و قد ورثك الله أهله و ماله .
فرجعت إلى بغداد و ناولت الكيس حاجزا فوزنه فإذا فيه ألف درهم و خمسون دينارا فناولني ثلاثين دينارا و قال أمرت بدفعها إليك لنفقتك .
فأخذتها و انصرفت إلى الموضع الذي نزلت فيه فإذا أنا بفيج و قد جاءني من منزلي يخبرني بأن حموي قد مات و أهلي يأمروني بالانصراف إليهم .
[702]
فرجعت فإذا هو قد مات و ورثت منه ثلاثة آلاف دينار و مائة ألف درهم .
و منها ما روي عن أحمد بن أبي روح قال : خرجت إلى بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله و أمرني أن أدفعه إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري و أمرني أن لا أدفعه إلى غيره و أمرني أن أسأله الدعاء للعلة التي هو فيها و أسأله عن الوبر يحل لبسه .
فدخلت بغداد و صرت إلى العمري فأبى أن يأخذ المال و قال صر إلى أبي جعفر محمد بن أحمد و ادفع إليه فإنه أمره بأخذه و قد خرج الذي طلبت فجئت إلى أبي جعفر فأوصلته إليه فأخرج إلي رقعة فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم سألت الدعاء من العلة التي تجدها وهب الله لك العافية و دفع عنك الآفات و صرف عنك بعض ما تجده من الحرارة و عافاك و صح لك جسمك و سألت ما يحل أن يصلى فيه من الوبر و السمور و السنجاب
[703]
و الفنك و الدلق و الحواصل فأما السمور و الثعالب فحرام عليك و على غيرك الصلاة فيه و يحل لك جلود المأكول من اللحم إذا لم يكن لك غيره فإن لم يكن لك بد فصل فيه و الحواصل جائز لك أن تصلي فيه و الفراء متاع الغنم ما لم تذبح بإرمينية تذبحه النصارى على الصليب فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك أو مخالف تثق به .
و منها ما روى سعد بن عبد الله عن علي بن محمد الرازي المعروف بعلان الكليني قال : سمعت الشيخ العمري يقول صحبت رجلا من أهل السواد و معه مال للغريم (عليه السلام) فأنفذه فرد عليه و قال أخرج حق ولد عمك منه و هي أربعمائة فبقي الرجل باهتا متعجبا فنظر في حساب المال فإذا الذي نص عليه
[704]
من ذلك المال كما قال (عليه السلام) .
و منها ما قال الكليني هذا حدثنا جماعة من أصحابنا : أنه بعث إلى أبي عبد الله بن الجنيد و هو بواسط غلاما و أمر ببيعه فباعه و قبض ثمنه فلما عير الدنانير نقصت ثمانية عشر قيراطا و حبة فوزن من عنده ثمانية عشر قيراطا و حبة و أنفذ المال فرد عليه دينارا وزنه ثمانية عشر قيراطا و حبة .
و منها ما قالوا حدثنا أبو جعفر : ولد لي مولود كتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع فورد لا فمات الولد يوم السابع .
ثم قال كتبت بموته فكتب سيخلف عليك غيره فسمه أحمد و من بعده جعفرا فجاء كما قال .
و كتبت في معنيين و أردت أن أكتب في معنى ثالث فقلت في نفسي لعله يكره ذلك .
[705]
فخرج الجواب في المعنيين و المعنى الثالث الذي طويته و لم أكتبه .
[706]
الباب الخامس عشر
في الدلالات و البراهين على صحة إمامة الاثني عشر إماما
(عليهم السلام)
منها ما روي عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد عن الثمالي عن بعض من حدثه عن علي (عليه السلام) : أنه كان قاعدا في مسجد الكوفة و حوله أصحابه فقال له رجل إني لأعجب من هذه الدنيا التي في أيدي هؤلاء القوم و ليست عندكم فقال أ ترى أنا نريد الدنيا و لا نعطاها ثم قبض قبضة من حصى المسجد فضمها في كفه ثم فتح كفه عنها فإذا هي جواهر تلمع و تزهر فقال ما هذه فنظرنا فقلنا من أجود الجواهر فقال لو أردنا الدنيا لكانت لنا و لكن لا نريدها
[707]
ثم رمى بالجواهر من كفه فعادت كما كانت حصى .
و منها ما روى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا وقف الرجل بين يديه قال له يا فلان استعد و أعد لنفسك ما تريد فإنك تمرض في يوم كذا في شهر كذا في ساعة كذا فيكون كما قال قال سعد فقلت هذا الكلام لأبي جعفر (عليه السلام) فقال قد كان ذلك فقلت لم لم تخبرنا أنت أيضا فنستعد له قال هذا باب أغلق فيه الجواب علي بن الحسين (عليه السلام) حتى يقوم قائمنا .
[708]
و منها ما روي : أن رجلا دخل على علي بن الحسين (عليه السلام) و شكا إليه الفقر فبكى (عليه السلام) فلما خرج القوم و كان فيهم مخالف فقال أنتم تدعون أن إمامكم مستجاب الدعاء و قد بكى لعجزه فانصرف الرجل إليه و قال يا ابن رسول الله أزعجني كلام المخالف أشد من فقري .
فقال له الله يسهل عليك ثم نادى إلى جاريته فقال هات فطوري فأتت بقرصين من الشعير عليهما النخالة و قال خذهما قال فأخذتهما و خرجت و قلت أشتري بهما شيئا ثم كنت أنظر في الطريق يمينا و شمالا و لا أرى شيئا يشترى بهما حتى وصلت إلى محلتي و كان بها حانوتان متصلان و قد نهض من بابهما الرجلان اللذان يبيعان فيهما إلى الظل فنظرت فإذا كان على باب حانوت أحدهما سمك قد أنتن .
فقلت معي قرص أريد به السمك فقال ضع القرص و خذ السمك و قلت للآخر أريد الملح بقرص آخر .
فقال ضع قرصك و خذ ما تشتهي من الملح .
فأخذتهما و مضيت إلى البيت و أغلقت الباب و اشتغلت بإصلاح السمك فإذا في جوفه لؤلؤة أو جوهرة كأكبر ما يكون فإذا أنا بمن يقرع الباب ففتحته فإذا الرجلان دخلا معهما القرصان و قالا أنت أخونا و قد صار حالك هكذا حتى
[709]
نأكل منك هذا ثم خرجا فإذا أنا بقارع للباب فقال لي إن علي بن الحسين (عليه السلام) يقول لك إن الله قد يسر لك الأمر و إن قرصنا لا يصله سوانا فاحمد الله .
و منها ما روي : أن رجلا دخل على الصادق (عليه السلام) و شكا إليه فاقته .
فقال له طب نفسا فإن الله يسهل الأمر فخرج الرجل فرأى في طريقه هميانا فيه سبعمائة دينار فأخذها و انصرف إلى أبي عبد الله (عليه السلام) و حدثه بما وجد .
فقال له اخرج و ناد عليه سنة لعلك تظفر بصاحبه فخرج الرجل و قال لا أنادي في الأسواق و في مجمع الناس و خرج إلى سكة في آخر البلد و قال من ضاع له شيء فإذا رجل كأنه ميت في جانب قال له ذهب مني سبعمائة دينار في شيء كذا و كذا قال معي ذلك فلما رآه و كان معه ميزان فقال لا تخرج فوزنها فكان كما كان لم تنقص فأخذ منها سبعين دينارا و أعطاها الرجل .
فأخذها و خرج إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فلما رآه تبسم و قال يا هذه هاتي الصرة فأتت بها فقال هذه ثلاثون و قد أخذت سبعين من الرجل و سبعون حلالا خير من سبعمائة حرام .
[710]
و منها : أن ابن أبي العوجاء و ثلاثة نفر من الدهرية اتفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن و كانوا بمكة و عاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل فلما حال الحول و اجتمعوا في مقام إبراهيم (عليه السلام) أيضا قال أحدهم إني لما رأيت قوله وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ كففت عن المعارضة .
و قال الآخر و كذلك أنا لما وجدت قوله فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا أيست من المعارضة .
و كانوا يسرون بذلك إذ مر عليهم الصادق (عليه السلام) فالتفت إليهم و قرأ عليهم قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً فبهتوا .
و منها ما روي عن سدير : أن كثير النواء دخل على أبي جعفر (عليه السلام) و قال زعم المغيرة بن سعيد أن معك ملكا يعرفك الكافر من المؤمن في كلام طويل قد مضى
[711]
فلما خرج قال (عليه السلام) ما هو إلا خبيث الولادة و سمع هذا الكلام جماعة من أهل الكوفة قالوا لو ذهبنا حتى نسأل عن كثير فله خبر سوء .
قالوا فمضينا إلى الحي الذي هو فيه فدللنا على عجوز صالحة فقلنا لها نسألك عن أبي إسماعيل قالت كثير قلنا نعم قالت تريدون أن تزوجوه قلنا نعم قالت لا تفعلوا فإن أمه قد وضعته في ذلك البيت رابع أربعة من الزنا و أشارت إلى بيت من بيوت الدار .
و منها ما روي عن هشام بن سالم قال : لما كانت الليلة التي قبض فيها أبو جعفر قال يا بني هذه الليلة التي وعدتها و قد كان وضوءه قريبا .
فقال أريقوه أريقوه فظننا أنه يقول من الحمى فقال يا بني أرقه فأرقناه فإذا فيه فأرة .
و منها ما روي عن أبي بصير قال : دخلت على أبي جعفر فقلت له أنتم ورثة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال نعم قلت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وارث الأنبياء علم كلما علموا فقال نعم قلت و أنتم تقدرون أن تحيوا الموتى و تبرءوا الأكمه و الأبرص
[712]
فقال نعم بإذن الله ثم قال ادن مني يا أبا محمد فمسح يده على وجهي و عيني فأبصرت الشمس و السماء و الأرض و البيوت و كل شيء في الدار قال لي فتحب أن تكون هكذا و لك ما للناس و عليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنت و لك الجنة خالصا قلت أعود كما كنت فمسح يده على وجهي و على عيني فعدت كما كنت .
و منها ما قال إسحاق بن عمار : كنت عند موسى بن جعفر (عليه السلام) و دخل عليه رجل فقال له يا فلان إنك تموت إلى شهر فأضمرت في نفسي كأنه يعرف آجال شيعته
[713]
فقال لي يا إسحاق و ما تنكرون من ذلك قد كان رشيد الهجري مستضعفا و كان يعرف علم المنايا و الإمام أولى بذلك منه .
ثم قال يا إسحاق تموت إلى سنتين و يتشتت أهلك و عيالك و أهل بيتك و يفلسون إفلاسا شديدا .
[714]
و منها ما روي عن زيد الشحام قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) كم أتى عليك من سنة قلت كذا و كذا قال جدد عبادة ربك و أحدث توبة فبكيت قال ما يبكيك قلت نعيت إلي نفسي قال أبشر فإنك من شيعتنا و معنا في الجنة إلينا الصراط و الميزان و حساب شيعتنا و الله أنا أرحم بكم منكم بأنفسكم و إني أنظر إليك و إلى رفيقك الحارث بن المغيرة النضري في درجتك في الجنة .
و منها ما روي عن ميسر : قال لي الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) لقد زيد في عمرك فأي شيء كنت تعمل قال كنت أجيرا و أنا غلام بخمسة دراهم فكنت أجريها على خالتي .
و منها ما روي عن خالد بن نجيح قال : دخلت على أبي إبراهيم (عليه السلام) سنة الموت بمكة و هي سنة أربع و سبعين و مائة فقال من هاهنا من أصحابك مريض قلت عثمان بن عيسى من أوجع الناس فقال قل له يخرج .
ثم قال لي من هاهنا فعددت عليه ثمانية فأمر بإخراج أربعة و كف عن أربعة فما أمسينا من الغد حتى دفنا الأربعة الذين كف عن إخراجهم .
[715]
قال عثمان بن عيسى و خرجت أنا فصرت إلى بطن مر معافى .
و منها ما قال خالد بن نجيح : قلت لموسى (عليه السلام) إن أصحابنا قد قدموا من الكوفة فذكروا أن المفضل شديد الوجع فادع الله له .
قال قد استراح و كان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيام .
و منها ما قال خالد بن نجيح : قال لي موسى (عليه السلام) أفرغ فيما بينك و بين من كان معك له عمل حتى يجيئك كتابي و ابعث ما عندك إلي و لا تقبل من أحد شيئا .
و خرج (عليه السلام) إلى المدينة فلبث خالد بعده بمكة خمسة عشر يوما ثم مات .
[716]
و منها ما روي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : استقرض أبو الحسن الأول (عليه السلام) من شهاب بن عبد ربه مالا و كتب كتابا و وضعه على يدي و قال إن حدث حدث فخرقه .
قال عبد الرحمن فخرجت إلى مكة فلقيني أبو الحسن (عليه السلام) و لم يقل لي شيئا ثم أرسل إلي بمنى فقال خرق الكتاب ففعلت و قدمت الكوفة فسألت عن شهاب فإذا هو قد مات في الوقت الذي أرسل إلي أن خرق الكتاب .
و منها ما قال هشام : أردت شراء جارية بمنى فاستشرت أبا الحسن الأول (عليه السلام) في ذلك فلم يجبني فرآها جالسة عند جوار فنظر إليها ثم قال لا بأس إن لم يكن في عمرها قلة .
فأمسكت عن شرائها فلم أخرج من مكة حتى ماتت .
[717]
و منها ما روي عن الحسن بن موسى قال : اشتكى عمي محمد بن جعفر حتى أشرف على الموت فكنا عنده مجتمعين فدخل أبو الحسن (عليه السلام) فقعد في ناحية و إسحاق عمي عند رأسه يبكي فلبث أبو الحسن قليلا ثم قام فتبعته و قلت يلومك أهل بيتك يقولون خرجت و هو في الموت .
فقال أ رأيت هذا الباكي سيموت و يبكي ذلك عليه .
فبرأ محمد بن جعفر و اشتكى إسحاق فمات و بكى عليه محمد بن جعفر .
و منها ما قال إبراهيم بن محمد بن يحيى الهمداني : كتب أبو جعفر الثاني (عليه السلام) إلي كتابا و أمرني أن لا أفكه حتى يموت يحيى بن أبي عمران .
فمكث الكتاب عندي سنتين فلما كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن أبي عمران فككته فإذا فيه قم بما كان يقوم به و نحو هذا من الأمر .
فقال إبراهيم كنت لا أخاف الموت ما دام يحيى حيا .
و منها ما روي عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) ما فعل أبو حمزة قلت خلفته صالحا قال إذا رجعت إليه فأقرئه السلام و أعلمه أنه يموت يوم كذا من شهر كذا فقلت كان فيه أنس و كان من شيعتكم
[718]
فقال نعم إن الرجل من شيعتنا إذا خاف الله و راقبه و توقى الذنوب فإذا فعل ذلك كان معنا في درجتنا قال أبو بصير فرجعت فما لبث أبو حمزة أن مات في تلك الساعة في ذلك اليوم .
و منها ما روي عن سليمان بن خالد قال : خرجنا مع الصادق (عليه السلام) و كان أبو عبد الله البلخي معنا فانتهينا إلى نخلة خاوية .
فقال (عليه السلام) أيتها النخلة السامعة المطيعة لربها أطعمينا فتساقط علينا رطب مختلف ألوانه فأكلنا حتى تضلعنا فقال البلخي سنة فيكم كسنة مريم قال نعم .
و منها ما قال الحارث الأعور : خرجنا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى انتهينا إلى العاقول فإذا هو بأصل شجرة قد وقع عنها لحاؤها فضربها بيده ثم قال
[719]
ارجعي بإذن الله خضراء مثمرة .
فإذا هي تهتز بأغصانها عليها الثمر فأكلنا و حملنا معنا .
و منها ما قال أبو بصير : قدم علينا رجل من أهل الشام فعرضت عليه هذا الأمر فقبله ثم دخلت عليه يوما و هو في سكرات الموت فقال يا أبا بصير قد قبلت ما قلت لي فكيف لي بالجنة .
فقلت أنا ضامن لك على أبي عبد الله (عليه السلام) فمات فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فابتدأني فقال لي يا أبا محمد قد وفي لصاحبك بالجنة .
و منها ما روي عن البزنطي قال : استقبلت الرضا (عليه السلام) إلى القادسية فسلمت عليه فقال لي يا أحمد اكتر لي حجرة لها بابان فإنه أستر لك و عليك .
و بعث إلي بزنفيلجة فيها دنانير صالحة و مصحف فكان يأتيني رسوله في حوائجه فأشتريها له و كنت يوما وحدي ففتحت المصحف لأقرأ فيه .
[720]
فلما نشرته نظرت في لم يكن فإذا هي أكثر مما في أيدينا أضعافا .
فرمت قراءتها فلم أعرف منها شيئا فأخذت الدواة و القرطاس فأردت أن أكتبها لكي أسأل عنها فأتاني مسافر قبل أن أكتب منها شيئا معه منديل و خيط و خاتمه فقال مولاي يأمرك أن تضع المصحف في المنديل و تختمه و تبعث إليه بالخاتم ففعلت ذلك .
و منها ما قال أبو علي بن راشد : قدمت على أحمال فأتاني رسول الرضا (عليه السلام) قبل أن أنظر في الأحمال و أوجه بها إليه يقول الرضا (عليه السلام) سرح إلي بدفتر .
و لم يكن عندي في منزلي دفتر أصلا فقمت أطلب ما لا أعرف بالتصديق له فلم أجد شيئا فلما ولى الرسول قلت مكانك فحللت بعض الأحمال فتلقاني دفتر لم أكن علمت به إلا أني علمت أنه لا يطلب إلا الحق فوجهت به إليه .
و منها ما روي عن صفوان بن يحيى قال : قال لي جعفر بن محمد بن الأشعث أ تدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر و معرفتنا به و ما كان عندنا منه ذكر و لا معرفة بشيء مما عند الناس قلت و كيف كان ذلك .
[721]
فقال إن أبا جعفر يعني أبا الدوانيق قال لوالدي محمد بن الأشعث ابغني رجلا له عقل يؤدي عني .
فقال قد أصبته لك هذا خالي قال فأتني به فأتاه بخاله .
فقال له أبو الدوانيق خذ هذا المال و ائت المدينة و ائت عبد الله بن الحسن و عدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد فقل إني رجل غريب من أهل خراسان و بها شيعة من شيعتكم و قد وجهوا إليكم بهذا المال فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط كذا و كذا فإذا قبضوا المال فقل إني رسول و أحب أن تكون معي خطوطكم بقبض ما قبضتم مني .
فأخذ المال و أتى المدينة ثم رجع إلى أبي الدوانيق .
فقال أتيت القوم و هذه خطوطهم بقبضهم خلا جعفر بن محمد فإني أتيته و هو يصلي في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فجلست خلفه و قلت ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه فعجل و انصرف فالتفت إلي فقال يا هذا اتق الله و لا تغرن أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و قل لصاحبك إنهم قريبو العهد بدولة بني مروان فكلهم محتاج فقلت و ما ذاك أصلحك الله فقال ادن مني فدنوت فأخبرني بجميع ما جرى بيني و بينك حتى كأنه كان ثالثنا .
فقال أبو الدوانيق اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا و فيهم محدث و إن جعفر بن محمد محدثنا اليوم فكانت هذه الدلالة .
[722]
و منها ما قال عمار السجستاني : إن عبد الله بن النجاشي كان منقطعا إلى عبد الله بن الحسن بن الحسن يقول بالزيدية فقضي أنا خرجنا معه إلى مكة فذهب هو إلى عبد الله بن الحسن و جئت أنا إلى الصادق (عليه السلام) فلقيني بعد ذلك فقال لي استأذن لي على صاحبك .
فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إنه سألني الإذن عليك فقال ائذن له فدخل فسأله فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) ما دعاك إلى ما صنعت أ تذكر يوم مررت على باب قوم فسال عليك ميزاب من الدار فقلت إنه قذر فطرحت نفسك في النهر بثيابك و عليك الصدرة من فراء و اجتمعت عليك الصبيان يضحكون منك .
قال عمار فالتفت إلي و قال ما دعاك إلى أن تخبره بهذا .
فقلت لا و الله ما أخبرته و ها هو ذا قدامي يسمع كلامي .
[723]
فلما خرجنا قال يا عمار هذا صاحبي دون غيره .
و منها ما قال الحارث بن حصيرة الأزدي : إن رجلا من أهل الكوفة قدم إلى خراسان فدعا الناس إلى ولاية جعفر بن محمد (عليه السلام) ففرقة أطاعت و أجابت و فرقة جحدت و أنكرت و فرقة تورعت و وقفت .
فخرج من كل فرقة رجل فدخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام) فكان المتكلم الذي ذكر أنه تورع و وقف و قد كان مع بعض القوم جارية فخلا بها الرجل و وقع عليها فلما دخلوا على أبي عبد الله (عليه السلام) كان هو المتكلم فقال له أصلحك الله قدم علينا رجل من أهل الكوفة و قد دعا الناس إلى ولايتك و طاعتك فأجاب قوم و أنكر قوم و ورع قوم .
فقال فمن أي الثلاثة أنت قال من الفرقة التي تورعت .
قال أين ورعك يوم كذا مع الجارية
[724]
و منها ما روي عن علي بن النعمان و محمد بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن عائشة قالت التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا الرجل يعني عليا (عليه السلام) فأتيت برجل فمثل بين يديها فرفعت رأسها فقالت ما بلغ من عداوتك لهذا الرجل فقال كثيرا ما أتمنى على ربي أنه و أصحابه في وسطي فضربت ضربة بالسيف فسبق السيف الدم قالت فأنت لها فاذهب بكتابي هذا إليه فادفعه إليه ظاعنا رأيته أو مقيما أما إنك إن رأيته راكبا رأيته على بغلة رسول الله متنكبا قوسه معلقا كنانته بقربوس سرجه و أصحابه خلفه كأنهم طير صواف و إن عرض عليك طعامه و شرابه فلا تنالن منه فإن فيه السحر فمضى و استقبله راكبا فناوله الكتاب ففض خاتمه ثم قال (عليه السلام) تبلغ إلى منزلنا فتصيب من طعامنا و شرابنا و نكتب جواب كتابك فقال هذا و الله ما لا يكون فثنى رجله فنزل و أحدق به أصحابه