[725]
ثم قال له أسألك قال نعم قال و تجيبني قال نعم قال أنشدك الله أ قالت التمسوا لي رجلا شديد العداوة لهذا الرجل فأوتيت بك فقالت لك ما مبلغ عداوتك لذلك الرجل فقلت كثيرا ما أتمنى على ربي أنه هو و أصحابه في وسطي و أني ضربت ضربة بالسيف سبق السيف الدم قال اللهم نعم قال فأنشدك الله أ قالت لك اذهب بكتابي هذا فادفعه إليه ظاعنا كان أو مقيما أما إنك إن رأيته ظاعنا رأيته راكبا على بغلة رسول الله متنكبا قوسه معلقا كنانته بقربوس سرجه و أصحابه خلفه كأنهم طير صواف قال اللهم نعم قال فأنشدك بالله هل قالت لك إن عرض عليك طعامه و شرابه فلا تنالن منه فإن فيه السحر قال اللهم نعم قال فمبلغ أنت عني قال اللهم نعم فإني أتيتك و ما في الأرض خلق أبغض إلي منك و أما الساعة ما في الأرض خلق أحب إلي منك فمرني بما شئت فقال ادفع إليها كتابي هذا و قل لها ما أطعت الله و لا رسوله حيث أمرك الله بلزوم بيتك فخرجت ترددين في العساكر و قل لهما يعني طلحة و الزبير ما أنصفتما الله و رسوله حيث خلفتما حلائلكما في بيوتكما و أخرجتما حليلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاء بكتابه إليها حتى طرحه لديها و أبلغها مقالته و إليهما كلامه ثم رجع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأصيب بصفين
[726]
فقالت ما نبعث إليه و الله بأحد إلا أفسده علينا .
و منها ما قال أبو بصير : إن بعض أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) قدم علينا فقال و الله لا ترى أبا جعفر أبدا قال فكتبت صكا و أشهدت شهودا في الكتاب في غير إبان الحج ثم إني خرجت إلى المدينة فاستأذنت على أبي جعفر (عليه السلام) فلما نظر إلي قال ما فعل الصك فقلت إن فلانا قال كذا .
و منها ما روي عن بكار بن كردم قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن جويرية بن مسهر العبدي خاصمه رجل في فرس أنثى فادعيا جميعا الفرس فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لواحد منكما البينة فقالا لا فقال لجويرية أعطه الفرس فقال يا أمير المؤمنين بلا بينة فقال له و الله لأنا أعلم بك منك بنفسك أ تنسى صنيعك في الجاهلية الجهلاء
[727]
فأخبره بذلك فأقر به .
و منها ما روي عن سليمان بن جعفر الجعفري قال : كنت عند الرضا (عليه السلام) بالحمراء في مشرفة على البر و المائدة بين أيدينا إذ رفع رأسه فرأى رجلا مسرعا فرفع يده عن الطعام فما لبث أن جاء فصعد إليه فقال البشرى مات الزبيري .
فأطرق إلى الأرض و تغير لونه فقال إني أحسبه قد ارتكب في ليلته هذه ذنبا ليس بأكبر ذنوبه قال الله تعالى مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً .
ثم مد يده فأكل فلم يلبث أن جاء مولى له فقال مات الزبيري قال فما سبب موته قال شرب الخمر البارحة فغرق فيها فمات
[728]
و منها ما قال أبو كهمس : كنت بالمدينة نازلا في دار كان فيها وصيفة كانت تعجبني فانصرفت ليلة ممسيا فاستفتحت الباب ففتحت لي فمددت يدي فقبضت على يدها فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال تب إلى الله مما صنعت البارحة .
و منها ما روي عن مهزم الأسدي قال : كنا نزولا بالمدينة و كانت جارية لصاحب الدار تعجبني و إني أتيت الباب فاستفتحت ففتحت الجارية فغمزت ثديها فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) قال أين أقصى أثرك قلت ما برحت المسجد فقال أ ما تعلم أن أمرنا هذا لا ينال إلا بالورع .
[729]
و منها ما روى إبراهيم بن مهزم عن أبيه أنه قال : خرجت من عند أبي عبد الله (عليه السلام) ممسيا فأتيت منزلي بالمدينة و كانت أمي معي فوقع بيني و بينها كلام فأغلظت لها .
فلما كان من الغد صليت الغداة و أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فدخلت عليه فقال لي مبتدئا يا مهزم ما لك و لخالدة أغلظت لها البارحة أ فما علمت أن بطنها لك منزل قد سكنته و أن حجرها مهد قد عمرته و أن ثديها سقاء قد شربته .
قلت بلى قال فلا تغلظ لها .
و منها ما روي عن مرازم قال : دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها فأعجبتني فأردت أن أتمتع بها فأبت أن تزوجني نفسها فجئت بعد العتمة فدققت الباب و كانت هي التي فتحت الباب لي فوضعت يدي على صدرها فبادرتني حتى دخلت فلما أصبحت .
دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) فقال يا مرازم ليس من شيعتنا من خلا فلم يرع قلبه .
و منها ما روي عن أبي بصير قال حدثني علي بن دراج عند الموت
[730]
أنه دخل على أبي جعفر (عليه السلام) و قال : إن المختار استعملني على بعض أعماله و أصبت مالا فذهب بعضه و أكلت و أعطيت بعضا فأنا أحب أن تجعلني في حل من ذلك قال أنت منه في حل .
فقلت إن فلانا حدثني أنه سأل الحسن بن علي (عليه السلام) أن يقطعنا أرضا في الرجعة .
فقال له الحسن (عليه السلام) أنا أصنع بك ما هو خير لك من ذلك أضمن لك الجنة علي و على آبائي فهل كان هذا قال نعم فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) عند ذلك اضمن لي الجنة عليك و على آبائك (عليه السلام) كما ضمن الحسن (عليه السلام) لفلان قال نعم قال أبو بصير حدثني هو بهذا ثم مات و ما حدثت بهذا أحدا ثم خرجت و دخلت المدينة فدخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فلما نظر إلي قال مات علي قلت نعم و رحمه الله .
قال حدثك بكذا و كذا فلم يدع شيئا مما حدثني به عليا إلا حدثني به فقلت و الله ما كان عندي حين حدثني هو بهذا أحد و لا خرج مني إلى أحد فمن أين علمت هذا فغمز فخذي بيده فقال هيه هيه اسكت الآن .
و منها ما روي عن هشام بن سالم قال : دخلت على عبد الله بن الصادق (عليه السلام) فجرى ذكر الزكاة فقال من كان عنده أربعون درهما ففيها درهم
[731]
فتعجبت و استصغرته فقمت مستغيثا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتيت القبر فقلت إلى من فإني لكذلك إذ أتى غلام صغير فجذب ثوبي فقال أجب قلت من قال سيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) فدخلت عليه فلما صرت إلى صحن الدار إذا هو في بيت و عليه كلة فصاح يا هشام قلت لبيك قال إلي إلي لا إلى الحرورية و لا إلى القدرية و لكن إلينا فدخلت عليه فسألته فأجابني عن كل ما أردت .
و منها ما روي عن الحسين بن موسى الخياط قال : خرجت أنا و جميل بن دراج و عائذ بن الأحمسي حاجين و كان عائذ يقول لنا إن لي حاجة إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أريد أن أسأله عنها فدخلنا عليه فلما جلسنا قال مبتدئا من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك فغمزنا عائذ
[732]
فلما قمنا قلنا ما كانت حاجتك قال الذي سمعتم منه أنا رجل لا أطيق القيام بالليل فخفت أن أكون مأثوما مأخوذا به فأهلك .
و منها ما روي عن محمد بن عبيد الله الأشعري قال : كنت عند الرضا (عليه السلام) فعطشت فكرهت أن أستسقي فدعا بماء فذاقه ثم قال يا محمد اشرب فإنه بارد فشربت .
و منها ما روي عن عمر بن يزيد قال : كنت ليلة عند الصادق (عليه السلام) و لم يكن عنده أحد غيري فمد رجله في حجري فقال اغمزها فغمزت رجله و نظرت إلى اضطراب في عضلة ساقه و أردت أن أسأله إلى من الأمر بعده فابتدأني فقال لا تسألني عن شيء فإني لست أجيبك .
[733]
و منها ما روي عن محمد بن مسلم عنه قال : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و هو مضطجع و وجهه إلى الحائط و هو موعوك فغمزت رجله و قلت في نفسي أسأله الساعة عن عبد الله و موسى أيهما الإمام فحول وجهه إلي و قال إذا و الله لا أجيبك .
قلت و ما ندري ما يصيبه في مرضه فأنا أفكر إذ قال إن الأمر ليس كما تظن ليس علي من وجعي هذا بأس .
و منها ما روي عن زياد بن أبي الحلال قال : إن الناس اختلفوا في جابر بن يزيد و أحاديثه و أعاجيبه فدخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و أنا أريد أن أسأله عنه فابتدأني من غير أن أسأله فقال رحم الله جابر بن يزيد الجعفي فإنه كان يصدق علينا و لعن الله المغيرة بن سعيد فإنه يكذب علينا .
[734]
و منها ما روي عن زرارة : قال أبو جعفر (عليه السلام) حدث عن بني إسرائيل و لا حرج قلت إن في حديث الشيعة ما هو أعجب من أحاديثهم قال و أي شيء هو فكأنه اختلس قلبي فكنت أفكر ساعة لا أدرك ما أريد فقال لعلك تريد التقية قلت نعم قال صدق بها فإنها حق .
و منها ما روي عن جعفر بن هارون الزيات قال : كنت أطوف بالبيت فرأيت أبا عبد الله (عليه السلام) فقلت في نفسي هذا هو الذي يتبع هذا هو الإمام و الذي هو كذا و كذا فما علمت به إلا على منكبي و أقبل علي فقال أ بشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال و سعر .
[735]
و منها ما روي عن إسماعيل بن عبد العزيز قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) ضع لي ماء في المتوضأ فقمت فوضعت له فقلت في نفسي أنا أقول فيه كذا و كذا و هو يدخل المتوضأ فلما خرج قال يا إسماعيل لا ترفعوا البناء فوق طاقته فيهدم اجعلونا عبيدا مخلوقين و قولوا فينا ما شئتم إلا النبوة .
و منها ما قال خالد بن نجيح : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و عنده خلق فقنعت رأسي و جلست في ناحية و قلت في نفسي ويحهم ما أغفلهم عند من يتكلمون فناداني أنا و الله عبد مخلوق لي رب أعبده إن لم أعبده عذبني بالنار فقلت لا أقول فيك إلا قولك في نفسك .
و منها ما روي عن عبد الله بن النجاشي قال : أصاب جبة لي فروا
[736]
ماء ميزاب فغمستها في الماء في وقت بارد فلما دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) ابتدأني فقال إن الفراء إذا غسلته بالماء فسد .
و منها ما قال هشام بن أحمر : دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) و أنا أريد أن أسأله عن المفضل بن عمر فابتدأني و قال نعم و الله الرجل المفضل بن عمر إنما هو والد بعد الوالد .
و منها ما قال عمر بن يزيد : كنت عند الرضا (عليه السلام) فذكر محمدا فقلت في نفسي هو يأمرنا بالبر و الصلة و يقول هذا في عمه فنظر إلي فقال هذا من البر و الصلة إنه متى ما يأتني و يدخل علي يصدق الناس في قوله و إذا لم يدخل علي و لم أدخل عليه لم يقبل قوله في إذا قال و في رواية إن لم أقل هذا صدقوا قوله في .
[737]
و منها ما قال أبو هاشم الجعفري : كنت مع أبي محمد العسكري (عليه السلام) إذ أتى رجل فقال أبو محمد (عليه السلام) هذا الواقف ليس من إخوانك قلت كيف عرفته قال إن المؤمن نعرفه بسيماه و نعرف المنافق بميسمه .
و منها ما قال زرارة : كنت أنا و عبد الواحد بن المختار و سعيد بن لقمان و عمر بن شجرة الكندي عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقام عمر فخرج فأثنوا عليه خيرا و ذكروا ورعه و بذل ماله على الناس فقال (عليه السلام) ما أرى لكم علما بالناس إني لأكتفي من الرجل بلحظة إن هذا من أخبث الناس قال فكان عمر بن شجرة بعد ذلك من أحرص الناس على ارتكاب محارم الله .
و منها ما قال جماعة : كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) منهم يونس بن ظبيان و المفضل بن عمر و أبو سلمة السراج و الحسين بن أبي فاختة فقال لنا فيما جرى عندنا خزائن الأرض و مفاتيحها و لو أشاء أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب و الفضة لكان ثم خط بإحدى رجليه في الأرض خطا فانفجرت الأرض عن كنز فيه سبائك فقال بيده هكذا فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر فتناولها ثم قال انظروا فيها حسنا حتى لا تشكوا فنظرنا فإذا هي ذهب يتلألأ ثم قال انظروا في الأرض فنظرنا فإذا سبائك كثيرة بعضها على بعض تتلألأ فقال بعضنا جعلت فداك أعطيتم ما نرى و شيعتكم محتاجون فقال إن الله سيجمع لنا و لشيعتنا الدنيا و الآخرة و ندخلهم جنات النعيم
[738]
و ندخل عدونا نار الجحيم .
و منها ما روى سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن بن شمون عن داود بن القاسم الجعفري قال : سأل أبا محمد (عليه السلام) عن قوله تعالى إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ رجل من أهل قم و أنا عنده حاضر فقال أبو محمد العسكري (عليه السلام) ما سرق يوسف إنما كان ليعقوب (عليه السلام) منطقة ورثها من إبراهيم (عليه السلام) و كانت تلك المنطقة لا يسرقها أحد إلا استعبد و كانت إذا سرقها إنسان نزل جبرئيل (عليه السلام) و أخبره بذلك فأخذت منه و أخذ عبدا
[739]
و إن المنطقة كانت عند سارة بنت إسحاق بن إبراهيم و كانت سمية أم إسحاق و إن سارة هذه أحبت يوسف و أرادت أن تتخذه ولدا لنفسها و إنها أخذت المنطقة فربطتها على وسطه ثم سدلت عليه سرباله ثم قالت ليعقوب إن المنطقة قد سرقت فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال يا يعقوب إن المنطقة مع يوسف و لم يخبره بخبر ما صنعت سارة لما أراد الله فقام يعقوب إلى يوسف ففتشه و هو يومئذ غلام يافع و استخرج المنطقة فقالت سارة ابنة إسحاق مني سرقها يوسف فأنا أحق به فقال لها يعقوب فإنه عبدك على أن لا تبيعيه و لا تهبيه قالت فأنا أقبله على ألا تأخذه مني و أعتقه الساعة فأعطاها إياه فأعتقته فلذلك قال إخوة يوسف إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ قال أبو هاشم فجعلت أجيل هذا في نفسي و أفكر فيه و أتعجب من هذا الأمر مع قرب يعقوب من يوسف و حزن يعقوب عليه حتى ابيضت عيناه من الحزن و المسافة قريبة فأقبل علي أبو محمد (عليه السلام) فقال يا أبا هاشم تعوذ بالله مما جرى في نفسك من ذلك فإن الله تعالى لو شاء أن يرفع الستائر بين يعقوب و يوسف حتى كانا يتراءيان فعل و لكن له أجل هو بالغه و معلوم ينتهي إليه كل ما كان من ذلك فالخيار من الله لأوليائه .
و منها ما روى سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن بن شمون قال : كتبت إليه (عليه السلام) أشكو الفقر ثم قلت في نفسي أ ليس قال أبو عبد الله (عليه السلام) الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا و القتل معنا خير من الحياة مع غيرنا
[740]
فرجع الجواب إن الله يمحص أولياءنا إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر و قد يعفو عن كثير و هو مما حدثتك نفسك الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا و نحن كهف لمن التجأ إلينا و نور لمن استضاء بنا و عصمة لمن اعتصم بنا من أحبنا كان معنا في السنام الأعلى و من انحرف عنا فإلى النار و قال أبو عبد الله (عليه السلام) تشهدون على عدوكم بالنار و لا تشهدون لوليكم بالجنة ما يمنعكم من ذلك إلا الضعف .
و منها ما روي : أن رجلا من موالي أبي محمد العسكري (عليه السلام) دخل يوما عليه و كان حكاك الفصوص فقال يا ابن رسول الله إن الخليفة دفع إلي فيروزجا كأكبر ما يكون و أحسن ما يكون و قال انقش عليه كذا و كذا .
فلما وضعت عليه الحديد صار نصفين و فيه هلاكي فادع الله لي .
فقال لا خوف عليك إن شاء الله .
فخرجت إلى بيتي فلما كان الغد دعاني الخليفة و قال لي إن لي حظيتين اختصمتا في ذلك الفص و لم ترضيا إلا بأن يجعل نصفين بينهما فاجعله اثنين فانصرفت و أخذت ذلك و قد صار قطعتين فأخذتهما و رجعت بهما إلى دار الخلافة فرضيتا بذلك و أحسن الخليفة إلي بسبب ذلك فحمدت الله تعالى .
و منها : أن الصحابة اجتمعوا يوما و قالوا ليس من حروف المعجم حرف أكثر دورانا من الألف فنهض علي (عليه السلام) و خطب على البديهة خطبة طويلة تشتمل على
[741]
الثناء على الله تعالى و الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و فيها الوعد و الوعيد و المواعظ و الزواجر و ذكر الجنة و النار و النصيحة للخلق و غير ذلك و ليس فيها ألف واحدة و هي معروفة .
و منها : أن أبا طالب قال لفاطمة بنت أسد و كان علي صبيا رأيته يكسر الأصنام فخفت أن تعلم كفار قريش ذلك فقالت يا عجبا أخبرك بأعجب من هذا و هو أني اجتزت بموضع كانت أصنامهم فيه منصوبة و علي في بطني فوضع رجليه في جوفي شديدا لا يتركني أقرب منها و أن أمر في غير ذلك الموضع و إن كنت لم أعبدها قط و إنما كنت أطوف بالبيت لعبادة الله لا الأصنام .
و منها ما روي عن سعد الخفاف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) في المسجد و حوله أصحابه فأتاه رجل من شيعته فقال يا أمير المؤمنين قد علم الله أني أدين بحبك فقال صدقت فقام رجل من الخوارج بعد مواطاة أصحابه على أن يمتحنوا ما عند علي (عليه السلام) ليرد عليه كما رد على الأول الذي من شيعته فقال إني أحبك في السر و العلانية
[742]
فنظر إليه و قال كذبت لا و الله ما تحبني و لا أحببتني قط فبكى الرجل فقال تستقبلني بهذا و قد علم الله خلافه ابسط يدك أبايعك فقال له (عليه السلام) على ما ذا قال على ما عمل عليه أبو بكر و عمر و مد يده نحوه فقال (عليه السلام) اقبض يدك و الله لكأني بك قد قتلت على ضلالك و وطئ وجهك دواب أهل العراق فلا يعرفك قومك فكان الرجل ممن خرج بالنهروان فقتل .
و منها ما روي عن معتب مولى أبي عبد الله قال : إن موسى بن جعفر لم يكن يرى له ولد فأتاه يوما أخواه إسحاق الزاهد و محمد الديباج ابنا جعفر (عليه السلام) و سمعاه يتكلم بلسان ليس بعربي فجاءه غلام صقلبي فكلمه بلسانه فمضى الغلام و جاءه بعلي ابنه فقال موسى لإخوته هذا علي ابني فضماه إلى صدورهما واحد بعد واحد و قبلاه و كلم الغلام بلسانه فحمله و رده .
ثم تكلم مع غلام أسود بالحبشية فجاء بغلام آخر ثم رده ثم تكلم مع غلام آخر بلسان آخر غيره فجاء بغلام حتى أحضر خمسة أولاد مع خمسة غلمان مختلفين .
و منها ما قال محمد بن راشد عن جده قال : قصدت إلى جعفر بن محمد (عليه السلام) أسأله عن مسألة فقالوا مات السيد الحميري الشاعر و هو في جنازته
[743]
فمضيت إلى المقابر فاستفتيته فأفتاني فلما أن قمت أخذ بثوبي فجذبه إليه ثم قال إنكم معاشر الأحداث تركتم العلم .
فقلت أنت إمام هذا الزمان قال نعم .
قلت فدليل أو علامة قال سلني عما شئت أخبرك به إن شاء الله .
قلت إني أصبت بأخ لي و دفنته في هذه المقابر فأحيه لي بإذن الله .
قال ما أنت بأهل لذلك و لكن أخاك كان مؤمنا و اسمه عندنا أحمد .
و دنا من القبر و دعا قال فانشق عنه قبره و خرج إلي و الله و هو يقول يا أخي اتبعه و لا تفارقه ثم عاد إلى قبره و استحلفني على أن لا أخبر به أحدا .
و منها ما قال أبو بصير : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) من لنا أن يحدثنا كما كان علي (عليه السلام) يحدث أصحابه بتلك المعضلات فقال (عليه السلام) أما إن فيكم لمثله و لكن أولئك كانت على أفواههم أوكية هات حديثا واحدا حدثتك به فكتمته .
و منها ما روي عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : خرج علي (عليه السلام) يريد صفين فلما عبر الفرات و قرب من الجبل و حضر وقت صلاة العصر أمعن بعيدا ثم توضأ و أذن فلما فرغ من الأذان انفلق الجبل
[744]
عن هامة بيضاء و لحية بيضاء و وجه أبيض فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته مرحبا بوصي خاتم النبيين و قائد الغر المحجلين و سيد الوصيين فقال علي (عليه السلام) و عليك السلام يا أخي شمعون بن حنون الصفا وصي روح القدس عيسى ابن مريم كيف حالك قال بخير يرحمك الله أنا منتظر نزول روح القدس فاصبر يا أخي على ما أنت عليه من الأذى حتى تلقى الحبيب غدا فلم أعلم أحدا أحسن بلاء في الله منكم و لا أعظم ثوابا و لا أرفع مكانا و قد رأيت ما لقي أصحابك بالأمس من بني إسرائيل و أنهم نشروا بالمناشير و صلبوا على الخشب فلو تعلم تلك الوجوه المارقة المفارقة لك ما أعد الله لها من عذاب النار و السخط و النكال لأقصرت و لو تعلم هذه الوجوه الملتئمة بك ما لها من الثواب في طاعتك لتمنت أن تقرض بالمقاريض و عليك السلام يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته قال و التأم عليه الجبل و خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى القتال فسأله عمار بن ياسر و مالك الأشتر و هاشم بن عتبة بن أبي وقاص و أبو أيوب الأنصاري و قيس بن سعد الأنصاري و عمرو بن الحمق الخزاعي و عبادة بن الصامت عن الرجل فأخبرهم أنه شمعون بن حنون الصفا وصي عيسى و كانوا سمعوا كلامهما فازدادوا بصيرة في المجاهدة معه و قال له عبادة بن الصامت و أبو أيوب الأنصاري بأمهاتنا و آبائنا نفديك يا أمير المؤمنين فو الله لننصرنك كما نصرنا أخاك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الله ما تأخر عنك
[745]
من المهاجرين و الأنصار إلا شقي فدعا لهما بخير .
و منها ما روي عن سويد بن غفلة قال : كنت عند علي (عليه السلام) فأتاه رجل فقال له جئتك من وادي القرى و قد مات خالد بن عرفطة فقال علي (عليه السلام) لم يمت فأعاد عليه الرجل القول فقال لم يمت فقال الثالثة مات فقال له لم يمت و أعرض بوجهه عنه فقال الرجل أخبرك بموته صحيحا فقال (عليه السلام) و الذي نفسي بيده إنه لم يمت و لا يموت حتى يقود جيش ضلالة يحمل رايته حبيب بن جماز .
فقام إليه حبيب فقال أنشدك الله في يا أمير المؤمنين فإني من الشيعة فقال علي (عليه السلام) و من أنت فقال أنا حبيب بن جماز فقال (عليه السلام) إن كنت ابن جماز لتحملنها فقال أبو حمزة الثمالي ما مات خالد بن عرفطة حتى بعث عمر بن سعد بن أبي
[746]
وقاص و معه خالد بن عرفطة فجعل خالد على مقدمته و حبيب بن جماز صاحب رايته .
و منها ما روي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال : أمرنا أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمسير إلى المدائن من الكوفة فسرنا يوم الأحد و تخلف عنا عمرو بن حريث في سبعة نفر فخرجوا إلى مكان بالحيرة يدعى الخورنق و قالوا إذا كان يوم الأربعاء خرجنا و لحقنا العسكر فخرج عليهم فيما هم فيه من حديثهم ضب فاصطادوه فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفه و قال لأصحابه بايعوه هذا أمير المؤمنين فبايعوه مستهزءين ثم خرجوا و قدموا المدائن يوم الجمعة و أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنبر يخطب فنزلوا بأجمعهم على باب المسجد ثم دخلوا مستخفين فرآهم علي (عليه السلام) .
فقال يا أيها الناس إن رسول الله أسر فيما أسر إلي من العلم حديثا فيه ألف باب و كل باب يفتح منه ألف باب و إني سمعت الله يقول يَوْمَ نَدْعُوا