[121]
1 ختص : ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد
ابن إسماعيل العلوي قال : حدثني محمد بن الزبرقان الدامغاني قال : قال أبو
الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : لما أمر هارون الرشيد بحملي ، دخلت عليه فسلمت
فلم يرد السلام ورأيته مغضبا ، فرمى إلي بطومار فقال : اقرأه فاذا فيه كلام ، قد
علم الله عزوجل براءتي منه ، وفيه إن موسى بن جعفر يجبى إليه خراج الآفاق
من غلاة الشيعة ممن يقول بامامته ، يدينون الله بذلك ، ويزعمون أنه فرض عليهم
إلى أن يرث الله الارض ومن عليها ، ويزعمون أنه من لم يذهب إليه بالعشر ولم
يصل بامامتهم ، ولم يحج باذنهم ، ويجاهد بأمرهم ، ويحمل الغنيمة إليهم ، ويفضل
الائمة على جميع الخلق ، ويفرض طاعتهم مثل طاعة الله وطاعة رسوله ، فهو كافر
حلال ماله ، ودمه .
وفيه كلام شناعة ، مثل المتعة بلا شهود ، واستحلال الفروج بأمره ، ولو
بدرهم ، والبراءة من السلف ، ويلعنون عليهم في صلاتهم ، ويزعمون أن من لم يتبرأ
منهم فقد بانت امرأته منه ، ومن أخر الوقت فلا صلاة له لقول الله تبارك وتعالى
" أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا " ( 1 ) يزعمون أنه واد في جهنم
والكتاب طويل وأنا قائم أقرأ وهو ساكت ، فرفع رأسه وقال : اكتفيت بما قرأت
فكلم بحجتك بما قرأته .
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة مريم الاية : 59 .
[122]
قلت : ياأمير المؤمنين والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة ماحمل إلي أحد درهما
ولا دينارا من طريق الخراج لكنا معاشر آل أبي طالب نقبل الهدية التي أحلها الله
عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله في قوله : لو اهدي لي كراع لقبلت ، ولو دعيت إلى ذراع
لاجبت ، وقد علم أمير المؤمنين ضيق مانحن فيه ، وكثرة عدونا ، ومامنعنا السلف
من الخمس الذي نطق لنا به الكتاب ، فضاق بنا الامر ، وحرمت علينا الصدقة
وعوضنا الله عزوجل عنها الخمس واضطررنا إلى قبول الهدية وكل ذلك مما
علمه أمير المؤمنين فلما تم كلامي سكت .
ثم قلت : إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لابن عمه في حديث عن آبائه ، عن
النبي صلى الله عليه وآله فكأنه اغتنمها ، فقال : مأذون لك ، هاته ! فقلت : حدثني أبي ، عن
جدي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله : أن الرحم إذا مست رحما تحركت واضطربت
فان رأيت أن تناولني يدك ، فأشار بيده إلي .
ثم قال : ادن ، فدنوت فصافحني وجذبني إلى نفسه مليا ثم فارقني وقد
دمعت عيناه فقال لي : اجلس ياموسى ، فليس عليك بأس ، صدقت وصدق جدك
وصدق النبي صلى الله عليه وآله لقد تحرك دمي ، واضطربت عروقي وأعلم أنك لحمي ودمي
وأن الذي حدثتني به صحيح ، وإني اريد أن أسألك عن مسألة فان أجبتني ، أعلم
أنك صدقتني خليت عنك ، ووصلتك ، ولم اصدق ماقيل فيك ، فقلت : ما كان
علمه عندي أجبتك فيه .
فقال : لم لاتنهون شيعتكم عن قولهم لكم ياابن رسول الله وأنتم ولد علي
وفاطمة إنما هي وعاء ، والولد ينسب إلى الاب لا إلى الام ؟ فقلت : إن رأى
أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة فعل ؟ فقال : لست أفعل أوأجبت فقلت : فأنا
في أمانك أن لايصيبني من آفة السلطان شئ ؟ فقال : لك الامان قلت : أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا
هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون
[123]
وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى ، وعيسى " ( 1 ) فمن أبوعيسى ؟ فقال :
ليس له أب إنما خلق من كلام الله عزوجل وروح القدس فقلت : إنما الحق
عيسى بذراري الانبيآء من قبل مريم ، والحقنا بذراري الانبياء من قبل فاطمة
لا من قبل علي عليه السلام فقال : أحسنت أحسنت ياموسى زدني من مثله .
فقلت : اجتمعت الامة برها وفاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي
صلى الله عليه وآله إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي وعلي وفاطمة والحسن
والحسين عليهم السلام فقال الله تبارك وتعالى " فمن حاجك فيه من بعد ماجآءك من العلم
فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونسآءنا ونسآءكم وأنفسا وأنفسكم " ( 2 ) فكان
تأويل أبناءنا الحسن والحسين ، ونسآءنا فاطمة ، وأنفسنا علي بن أبي طالب
فقال : أحسنت .
ثم قال : أخبرني عن قولكم : ليس للعم مع ولد الصلب ميراث ، فقلت :
أسألك ياأمير المؤمنين بحق الله وبحق رسوله صلى الله عليه وآله أن تعفيني من تأويل هذه الآية
وكشفها ، وهي عند العلماء مستورة فقال : إنك قد ضمنت لي أن تجيب فيما أسألك
ولست أعفيك فقلت : فجدد لي الامان فقال : قد أمنتك فقلت : إن النبي صلى الله عليه وآله
لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر ، وإن عمي العباس قدر على الهجرة فلم
يهاجر ، وإنما كان في عدد الاسارى عند النبي صلى الله عليه وآله ، وجحد أن يكون له الفداء
فأنزل الله تبارك وتعالى على النبي صلى الله عليه وآلبه يخبره بدفين له من ذهب ، فبعث عليا
عليه السلام فأخرجه من عند ام الفضل ، وأخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله
تبارك وتعالى فأذن لعلي وأعطاه علامة الذي دفن فيه ، فقال العباس عند ذلك :
ياابن أخي مافاتني منك أكثر ، وأشهد أنك رسول رب العالمين .
فلما أحضر علي الذهب فقال العباس : أفقرتني ياابن أخي فأنز الله تبارك
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الانعام الاية : 84 85 .
( 2 ) سورة آل عمران الاية : 61 .
[124]
وتعالى : " إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم " ( 1 )
وقوله : " والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا " ( 2 )
ثم قال : " وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر " ( 3 ) فرأيته قد اغتم .
ثم قال : أخبرني من أين قتلم إن الانسان يدخله الفساد من قبل النساء
لحال الخمس الذي لم يدفع إلى أهله ، فقلت : اخبرك ياأمير المؤمنين بشرط
أن لاتكشف هذا الباب لاحد مادمت حيا ، وعن قريب يفرق الله بينا وبين من
ظلمنا ، وهذه مسألة لم يسألها أحدا من السلاطين غير أمير المؤمنين قال : ولا يتم
ولا عدي ولا بنو امية ولا أحد من آبائنا ؟ قلت : ماسئلت ولا سئل أبوعبدالله جعفر
ابن محمد عنها قال : فإن بلغني عنك أو عن أحد من أهل بيتك كشف ماأخبرتني به
رجعت عما آمنتك فقلت : لك على ذلك .
فقال : أحببت أن تكتب لي كلاما موجزا له اصول وفروع ، يفهم تفسيره و
يكون ذلك سماعك من أبي عبدالله عليه السلام فقلت : نعم وعلى عيني ياأمير المؤمنين
قال : فاذا فرغت فارفع حوائجك ، وقام ، ووكل بي من يحفظني ، وبعث إلي
في كل يوم بمائة سرية فكتبت :
بسم الله الرحمن الرحيم امور الدنيا أمران : أمر لا اختلاف فيه ، وهو
إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها والاخبار المجتمع عليها المعروض عليها
شبهة ، والمستنبط منها كل حادثة ، وأمر يحتمل الشك والانكار ، وسبيل استنصاح
أهله الحجة عليه ، فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع على تأويله ، أو سنة عن
النبي صلى الله عليه وآله لا اختلاف فيها ، أو قياس تعرف العقول عدله ، ضاق على من استوضح
تلك الحجة ردها ، ووجب عليه قبولها ، والاقرار والديانة بها ، ومالم يثبت
لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع على تأويله ، أو سنة عن النبي صلى الله عليه وآله لا اختلاف
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الانفال الاية : 70 .
( 2 ) سورة الانفال الاية : 72 .
( 3 ) سورة الانفال الاية : 72 .
[125]
فيها ، أو قياس تعرف العقول عدله ، وسع خاص الامة وعامها الشك فيه ، والانكار
له ، كذلك ، هذا الامران من أمر التوحيد فما دونه ، إلى أرض الخدش فما دونه
فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته ، وما
غمض عنك ضوؤه نفيته ، ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ، ونعم الوكيل .
فأخبرت الموكل بي أني قد فرغت من حاجته ، فأخبره فخرج ، وعرضت
عليه فقال : أحسنت هو كلام موجز جامع ، فارفع حوائج ياموسى فقلت : يا
أمير المؤمنين أول حاجتي إليك أن تأذن لي في الانصراف إلى أهلي ، فاني تركتهم
باكين آيسين من أن يروني أبدا فقال : مأذون لك ، ازدد ؟ فقلت : يبقي الله
أمير المؤمنين لنا معاشر بني عمه فقال : ازدد ؟ فقلت : علي عيال كثير ، وأعيننا بعد الله
ممدودة إلى فضل أمير المؤمنين وعادته ، فأمر لي بمائة ألف درهم ، وكسوة ، وحملني
وردني إلى أهلي مكرما ( 1 ) .
بيان : قد أثبتنا شرح أجزاء الخبر في المحال المناسبة لها ، وقد مر بتغيير في
كتاب الاحتجاج ( 2 ) ورواه في كتاب الاستدراك أيضا عن هارون بن موسى التلعكبري
باسناده إلى علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام باختصار وأدنى تغيير ، وأما عدم ذكر
الجواب عن الفساد من قبل النساء للعهد الذي جرى بينه عليه السلام وبين الرشيد وسيأتي
مايظهر منه الجواب في كتاب الخمس إنشاء الله تعالى في الاستدراك أنه أجاب عليه السلام
أنه من جهة الخمس .
2 ن : أبوأحمد هاني بن محمد بن محمود العبدي رضي الله عنه عن أبيه باسناده
رفعه إلى موسى بن جعفر عليهما السلام قال : لما ادخلت على الرشيد سلمت عليه فرد علي
السلام ثم قال : يا موسى بن جعفر خليفتين يجبى إليهما الخراج ؟ ! فقلت : يا
أمير المؤمنين اعيذك بالله أن تبوء باثمي وإثمك ، وتقبل الباطل من أعدائنا علينا ، فقد
___________________________________________________________________
( 1 ) الاختصاص ص 54 وقد روى الحديث الحسن بن شعبة في كتابه تحف العقول
ص 426 بتفاوت .
( 2 ) الاحتجاج ص 211 بتفاوت .
[126]
علمت أنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله بما علم ذلك عندك ، فان رأيت
بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله أن تأذن لي احدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه
عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : قد أذنت لك .
فقلت : أخبرني أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الرحم
إذا مسست الرحم تحركت واضطربت ، فناولني يدك جعلني الله فداك فقال : ادن
فدنوت منه ، فأخذ بيدي ، ثم جذبني إلى نفسه وعانقني طويلا ، ثم تركني وقال :
اجلس ياموسى فليس عليك بأس ، فنظرت إليه فاذا أنه قد دمعت عيناه ، فرجعت
إلى نفسي فقال : صدقت وصدق جدك صلى الله عليه وآله لقد تحرك دمي ، واضطربت عروقي
حتى غلبت علي الرقة وفاضت عيناي ، وأنا اريد أن أسألك عن أشيآء تتلجلج في
صدري منذ حين ، لم أسأل عنها أحدا فان أنت أجبتني عنها خليت عنك ، ولم أقبل قول
أحد فيك ، وقد بلغني أنك لم تكذب قط فاصدقني عما أسألك مما في قلبي فقلت :
ماكان علمه عندي فإني مخبرك به إن أنت آمنتني ؟ قال : لك الامان إن صدقتني
وتركت التقية التي تعرفون بها معشر بني فاطمة ، فقلت ليسأل أمير المؤمنين عما
شاء ؟ .
قال : أخبرني لم فضلتم علينا ونحن وأنتم من شجرة واحدة وبنو عبدالمطلب
ونحن وأنتم واحد ، إنا بنو العباس وأنتم ولد أبي طالب ، وهما عما رسول الله صلى الله عليه وآله
وقرابتهما منه سواء ؟ .
فقلت : نحن أقرب قال : وكيف ذلك ؟ قلت : لان عبد الله وأبا طالب لاب
وام ، وأبوكم العباس ليس هو من ام عبدالله ، ولا من ام أبي طالب قال : فلم ادعيتم
أنكم ورثتم النبي صلى الله عليه وآله ؟ والعم يحجب ابن العم ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وقد توفي
أبوطالب قبله ، والعباس عمه حي ؟ .
فقلت له : إن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من هذه المسألة ويسألنتي عن كل
باب سواه يريده فقال : لا أو تجيب فقلت : فآمني ؟ قال : قد آمنتك قبل الكلام
فقلت : إن في قول علي بن أبي طالب عليه السلام إذ ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو
انثى لاحد سهم إلا للابوين والزوج والزجة ، ولم يثبت للعم مع ولد الصلب
[127]
ميراث ، ولم ينطق به الكتاب ، إلا أن تيما وعديا وبني امية قالوا : العم والد
رأيا منهم بلا حقيقة ، ولا أثر عن النبي صلى الله عليه وآله .
ومن قال بقول علي عليه السلام من العلماء قضاياهم خلاف قضايا هؤلاء ، هذا
نوح بن دراج يقول : في هذه المسألة بقول علي عليه السلام وقد حكم به ، وقد ولاه
أمير المؤمنين المصرين الكوفة والبصرة ، وقد مضى به فانهي إلى أمير المؤمنين فأمر
باحضاره وإحضار من يقول بخلاف قوله منهم سفيان الثوري ، وإبراهيم المدني
والفضيل بن عياض فهشدوا أنه قول علي عليه السلام في هذه المسألة فقال لهم فيما
أبلغني بعض العلماء من أهل الحجاز : فلم لاتفتون به وقد قضى به نوح بن دراج ؟ فقالوا
جسر نوح وجبنا وقد أمضى أمير المؤمنين قضيته بقول قدمآء العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال : علي أقضاكم ، وكذلك قال عمر بن الخطاب علي أقضانا ، وهو اسم
جامع لان جميع مامدح به النبي صلى الله عليه وآله أصحابه من القراءة والفرائض والعلم داخل
في القضاء .
قال : زدني ياموسى ، قلت : المجالس بالامانات وخاصة مجلسك ؟ فقال :
لابأس عليك فقلت : إن النبي صلى الله عليه وآله لم يورث من لم يهاجر ، ولا أثبت له ولاية
حتى يهاجر فقال : ماحجتك فيه ؟ قلت : قول الله تبارك وتعالى : " والذين آمنوا
ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا " ( 1 ) وإن عمي العباس
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 127 سطر 17 الى ص 135 سطر 17
لم يهاجر ، فقال لي : أسألك ياموسى هل أفتيت بذلك أحدا من أعدائنا ؟ أم أخبرت
أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشئ ؟ فقلت : اللهم لا ، وما سألني عنها إلا
أمير المؤمنين .
ثم قال : لم جوزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و
يقولون لكم : يابني رسول الله ، وأنتم بنو علي وإنما ينسب المرء إلى أبيه وفاطمة
إنما هي وعاء ، والنبي صلى الله عليه وآله جدكم من قبل امكم ؟ فقلت : ياأمير المؤمنين لو
أن النبي صلى الله عليه وآله نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه ؟ فقال : سبحان الله
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الانفال الاية : 72 .
[128]
ولم لااجيبه ؟ ! بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك ، فقلت : لكنه عليه السلام
لايخطب إلي ولا ازوجه فقال : ولم ؟ فقلت : لانه ولدني ولم يلدك فقال : أحسنت
ياموسى .
ثم قال : كيف قلتم إنا ذرية النبي ، والنبي عليه السلام لم يعقب ؟ وإنما العقب
للذكر لا للانثى ، وأنتم ولد الابنة ، ولا يكون لها عقب ؟ فقلت : أسألك بحق القرابة
والقبر ومن فيه إلا ماأعفيتني عن هذه المسألة فقال : لا أو تخبرني بحجتكم فيه
ياولد علي ، وأنت ياموسى يعسوبهم ، وإمام زمانهم ، كذا انهي إلي ، ولست أعفيك
في كل ماأسألك عنه ، حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله ، فأنتم تدعون معشر
ولد علي أنه لايسقط عنكم منه شئ ألف ولا واو ، إلا وتأويله عندكم ، واحتججتم
بقوله عزوجل ، " مافرطنا في الكتاب من شئ " ( 1 ) وقد استغنيتم عن رأي العلماء
وقياسهم فقلت : تأذن لي في الجواب ؟ قال : هات فقلت : أعوذ بالله من الشيطان
الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم " ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف و
موسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى " ( 2 ) من
أبوعيسى ياأمير المؤمنين ؟ فقال : ليس لعيسى أب فقلت : إنما ألحقناه بذراري
الانبياء عليهم السلام من طريق مريم عليها السلام ، وكذلك الحقنا بذراري النبي صلى الله عليه وآله من
قبل امنا فاطمة عليها السلام .
أزيدك ياأمير المؤمنين ؟ قال : هات ، قلت : قول الله عزوجل " فمن حاجك
فيه من بعد ماجآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنآءكم ونساءنا و
نسآءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " ( 3 ) ولم يدع
أحد أنه أدخل النبي صلى الله عليه وآله تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلا علي بن أبي طالب
وفاطمة ، والحسن ، والحسين عليهم السلام فكان تأويل قوله عزوجل أبناءنا الحسن والحسين
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الانعام الاية : 38 .
( 2 ) سورة الانعام الاية : 84 .
( 3 ) سورة آل عمران الاية : 61 .
[129]
ونساءنا فاطمة ، وأنفسنا علي بن أبي طالب ، إن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل
قال يوم احد : يامحمد إن هذه لهي المواساة من علي قال : لانه مني وأنا منه
فقال جبرئيل : وأنا منكما يارسول الله ثم قال : لاسيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا
علي ، فكان كما مدح الله عزوجل به خليله عليه السلام إذ يقول : " فتى يذكرهم يقال
له إبراهيم " ( 1 ) إنا معشر بني عمك نفتخر بقول جبرئيل إنه منا .
فقال : أحسنت ياموسى ، ارفع إلينا حوائج فقلت له : أول حاجة أن تأذن
لابن عمك أن يرجع إلى حرم جده عليه السلام وإلى عياله فقال : ننظر إن شاء الله .
فروي أنه أنزله عند السندي بن شاهك فزعم أنه توفي عنده والله أعلم ( 2 ) .
3 ج : مرسلا مثله إلى قوله ننظر إن شاء الله ( 3 ) .
4 ن : الوراق والمكتب ، والهمداني ، وابن تاتانة ، وأحمد بن علي
ابن إبراهيم ، وماجيلويه ، وابن المتوكل رضي الله عنهم جميعا ، عن علي ، عن
أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سفيان بن نزار قال : كنت يوما على رأس المأمون
فقال : أتدرون من علمني التشيع ؟ فقال القوم جميعا : لا والله مانعلم قال : علمنيه
الرشيد قيل له : وكيف ذلك ؟ والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت ؟ قال : كان
يقتلهم على الملك ، لان الملك عقيم ، ولقد حججت معه سنة ، فلما صار إلى المدينة
تقدم إلى حجابه وقال : لايدخلن علي رجل من أهل المدينة ومكة من أبناء
المهاجرين والانصار وبني هاشم وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه ، فكان الرجل
إذا دخل عليه قال : أنا فلان بن فلان حتى ينتهي إلى جده من هاشمي أو قريشي
أو مهاجري أو أنصاري ، فيصله من المائة بخمسة آلاف درهم ومادونها إلى مائتي
دينار ، على قدر شرفه ، وهجرة آبائه .
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الانبياء الاية : 60 .
( 2 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 81 .
( 3 ) الاحتجاج ص 211 .
[130]
فأنك ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال : ياأمير المؤمنين على
الباب رجل زعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
عليهم السلام فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه ، والامين والمؤتمن وسائر القواد
فقال : احفظوا على أنفسكم ، ثم قال لآذنه ائذن له ، ولاينزل إلا على بساطي .
فأنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد قد أنهكته العبادة ، كأنه شن بال ، قد
كلم ( 1 ) السجود وجهه وأنفه ، فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه
فصاح الرشيد : لا والله إلا على بساطي فمنعه الحجاب من الترجل ونظرنا إليه
بأجمعنا بالاجلال والاعظام ، فما زال يسير على حماره حتى سار إلى البساط ، و
الحجاب والقواد محدقون به ، فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط
وقبل وجهه ، وعينيه ، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس ، وأجلسه معه فيه ، و
جعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه ، ويسأله عن أحواله .
ثم قال : ياأبا الحسن ماعليك من العيال ؟ فقال : يزيدون على الخمسمائة
قال : أولاد كلهم ؟ قال : لا ، أكثرهم موالي وحشم ، فأما الولد فلي نيف وثلاثون
الذكران منهم كذا ، والنسوان منهم كذا ، قال : فلم لاتزوج النسوان من بني
عمومتهن وأكفائهن ؟ قال : اليد تقصر عن ذلك قال : فما حال الضيعة ؟ قال :
تعطي في وقت وتمنع في آخر ، قال : فهل عليك دين ؟ قال : نعم قال : كم ؟ قال :
نحو من عشرة آلاف دينار .
فقال الرشيد : ياابن عم أنا اعطيك من الما ماتزوج به الذكران والنسوان
وتعمر الضياع فقال له : وصلتك رحم ياابن عم ، وشكر الله لك هذه النية الجميلة
والرحم ماسة ، والقرابة واشجة ، والنسب واحد ، والعباس عم النبي صلى الله عليه وآله ، و
صنو أبيه ، وعم علي بن أبي طالب عليه السلام وصنو أبيه ، وماأبعدك الله من أن تفعل ذلك
وقد بسط يدك ، وأكرم عنصرك ، وأعلى محتدك فقال : أفعل ذلك ياأبا الحسن
وكرامة .
___________________________________________________________________
( 1 ) الكلم : مصدر الجرح ، جمع كلوم وكلام .