[171]
8 كا : علي بن إبراهيم رفعه عن محمد بن مسلم قال : دخل أبوحنيفة على
أبي عبدالله عليه السلام فقال له : رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه ، فلا
ينهاهم ، وفيه ما فيه ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : ادعوا لي موسى ، فدعي فقال له : يا
بني إن أبا حنيفة يذكر أنك كنت تصلي والناس يمرون بين يديك فلم تنههم
فقال : نعم ياأبت ، إن الذي كنت اصلي له كان أقرب إلي منهم ، يقول الله عز
وجل " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " ( 1 ) قال : فضمه أبو عبدالله عليه السلام إلى
نفسه ثم قال : بأبي أنت وامي يامودع الاسرار ( 2 ) .
9 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن جعفر بن المثنى الخطيب
عن محمد بن الفضيل وبشير بن إسماعيل قال : قال لي محمد : ألا أسرك ياابن المثنى ؟
قال : قلت : بلى ، وقمت إليه قال : دخل هذا الفاسق آنفا فجلس قبالة أبي الحسن
الكاظم ، ثم أقبل عليه فقال له : ياأبا الحسن ماتقول في المحرم أيستظل على
المحمل ؟ فقال له : لا قال : فيستظل في الخباء ؟ فقال له : نعم ، فأعاد عليه القول
شبه المستهزئ يضحك فقال : ياأبا الحسن فما فرق بين هذا وهذا فقال : يابا
يوسف إن الدين ليس بقياس كقياسك ، أنتم تلعبون بالدين ، إنا صنعنا كما صنع
رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقلنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، كان رسول الله يركب راحلته
فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس ، فيستر جسده بعضه ببعض ، وربما ستروجهه بيده
وإذا نزل استظل بالخباء ، وفي البيت وفي الجدار ( 3 ) .
10 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه قال : رأيت عبدالله بن جندب بالموقف
فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه .
مازال مادا يديه إلى السماء ودموعه تسيل على
خده حتى تبلغ الارض ، فلما انصرف الناس قلت له : ياأبا محمد مارأيت
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة ق الاية : 16 .
( 2 ) الكافى ج 3 ص 297 .
( 3 ) الكافى ج 4 ص 350 .
[172]
موقفا قط أحسن من موقفك قال : والله مادعوت إلا لاخواني ، وذلك أن
أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام أخبرني أنه من دعا لاخيه بظهر الغيب نودي من
العرش : ها ! ولك مائة ألف ضعف مثله ، فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة
لواحد لاأدري يستجاب أم لا ( 1 ) .
11 كا : أحمد بن محمد العاصمي ، عن علي بن الحسين السلمي ، عن علي
ابن أسباط ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، أو عبدالله بن جندب قال : كنت في الموقف
فلما أفضت لقيت إبراهيم بن شعيب فسلمت عليه ، وكان مصابا بإحدى عينيه ، و
إذا عينه الصحيحة حمراء كأنها علقة دم فقلت له : قد اصبت بإحدى عينيك ، وأنا
والله مشفق على الاخرى ، فلو قصرت من البكاء قليلا فقال : لا والله ياأبا محمد ما
دعوت لنفسي اليوم بدعوة ، فقلت : لمن دعوت ؟ قال : دعوت لاخواني لاني
سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : من دعا لاخيه بظهر الغيب ، وكل الله به ملكا يقول :
ولك مثلاه ، فأردت أن أكون إنما أدعو لاخواني ، ويكون الملك يدعو لي ، لاني
في شك من دعائي لنفسي ، ولست في شك من دعاء الملك ( 2 ) .
12 ختص : أبوالعباس أحمد بن محمد بن القاسم الكوفي ، عن علي بن محمد
ابن يعقوب الكوفي ، عن علي بن فضال ، عن ابن أسباط مثله ( 3 ) .
13 كا : الحسين بن الحسن الهاشمي ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمد بن
خالد ، عن زياد بن أبي سلمة قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام فقال لي : يا
زياد إنك لتعمل عمل السلطان ؟ قال : قلت : أجل ، قال لي : ولم ؟ قلت : أنا
رجل لي مروة ، وعلي عيال ، وليس وراء ظهري شئ فقال لي : يازياد لان
أسقط من حالق ( 4 ) فأنقطع قطعة قطعة ، أحب إلي من أن أتولى لاحد منهم عملا
___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 2 ص 508 بأدنى تفاوت وفى ج 4 ص 465 .
( 2 ) المصدر ج 4 ص 465 .
( 3 ) الاختصاص ص 84 .
( 4 ) الحالق : من الجبال : المنيف المرتفع لا نبات فيه كأنه حلق والمراد به هنا
هو المكان المشرف العالى .
[173]
أو أطأ بساط رجل منهم ، إلا ، لماذا ؟ قلت : لاأدري جعلت فداك قال : إلا
لتفريج كربة عن مؤمن ، أو فك أسره ، أو قضاء دينه ، يازياد إن أهون ما يصنع الله
بمن تولى لهم عملا أن يضرب عليه سرادق من نار إلى أن يفرغ الله من حساب
الخلائق .
يازياد فان وليت شيئا من أعمالهم فأحسن إلى إخوانك ، فواحدة بواحدة
والله من وراء ذلك ، يا زياد أيما رجل منكم تولى لاحد منهم عملا ثم ساوى بينكم
وبينهم فقولوا له : أنت منتحل كذاب ، يازياد إذا ذكرت مقدرتك على الناس
فاذكر مقدرة الله عليك غدا ، ونفاد ماأتيت إليهم عنهم ، وبقاء ماأتيت إليهم
عليك ( 1 ) .
بيان : والله من وراء ذلك ، أي عفوه وغفرانه ، أو حسابنه وحقه تعالى لما
خالفت أمره .
14 كا : العدة عن سهل ، عن يحيى بن المبارك ، عن إبراهيم بن صالح ، عن
رجل من الجعفريين قال : كان بالمدينة عندنا رجل يكنى أبا القمقام وكان محارفا
فأتى أبا الحسن عليه السلام فشكى إليه حرفته ، وأخبره أنه لايتوجه في حاجة له فتقضى
له ، فقال له أبوالحسن عليه السلام : قل في آخر دعائك من صلاة الفجر : سبحان الله
العظيم وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ، وأسأله من فضله ، عشر مرات قال : أبو
القمقام : فلزمت ذلك فوالله مالبثت إلا قليلا حتى ورد علي قوم من البادية
فأخبروني أن رجلا من قومي مات ، ولم يعرف له وارث غيري ، فانطلقت فقبضت
ميراثه ، وأنا مستغن ( 2 ) .
15 الفصول المهمة : شاعره السيد الحميري ، بوابه محمد بن الفضل ( 3 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 5 ص 109 وفيه " جالق " مكان حالق وفسر بالجبل المرتفع والظاهر
زيادة النقطة فيه فليلاحظ .
( 2 ) الكافى ج 5 ص 315 .
( 3 ) الفصول المهمة ص 218 .
[174]
16 من كتاب قضاء حقوق المؤمنين لابي علي بن طاهر الصوري
باسناده عن رجل من أهل الري قال : ولي علينا بعض كتاب يحيى بن خالد ، و
كان علي بقايا يطالبني بها ، وخفت من إلزامي إياها خروجا عن نعمتي ، وقيل
لي : إنه منتحل هذا المذهب ، فخفت أن أمضي إليه فلا يكون كذلك فأقع فيما لا
احب ، فاجتمع رأي على أني هربت إلى الله تعالى وحججت ولقيت مولاي الصابر
يعني موسى بن جعفر عليه السلام فشكوت حالي إليه فأصحبني مكتوبا نسخته : بسم الله
الرحمن الرحيم اعلم أن الله تحت عرشه ظلالا يسكنه إلا من أسدى إلى أخيه
معروفا أو نفس عنه كربة ، أو أدخل على قلبه سرورا ، وهذا أخوك والسلام .
قال : فعدت من الحج إلى بلدي ، ومضيت إلى الرجل ليلا ، واستأذنت
عليه وقلت : رسول الصابر عليه السلام فخرج إلي حافيا ماشيا ، ففتح لي بابه ، وقبلني
وضمني إليه ، وجعل يقبل بين عيني ، ويكرر ذلك كلما سألني عن رؤيته عليه السلام
وكلما أخبرته بسلامته ، وصلاح أحواله ، استبشر ، وشكر الله ، ثم أدخلني داره
وصدرني في مجلسه وجلس بين يدي ، فأخرجت إليه كتابه عليه السلام فقبله قائما وقرأه
ثم استدعى بماله وثيابه ، فقاسمني دينارا دينارا ، ودرهما درهما ، وثوبا ثوبا ، و
أعطاني قيمة مالم يمكن قسمته ، وفي كل شئ من ذلك يقول : يا أخي هل سررتك ؟
فأقول : إي والله ، وزدت على السرور ، ثم استدعى العمل فأسقط ماكان باسمي
وأعطاني براءة مما يتوجه علي منه ، وودعته ، وانصرفت عنه .
فقلت : لا أقدر على مكافاة هذا الرجل إلا بأن أحج في قابل وأدعو له و
ألقى الصابر عليه السلام واعرفه فعله ، ففعلت ولقيت مولاي الصابر عليه السلام وجعلت احدثه
ووجهه يتهلل فرحا ، فقلت : يامولاي هل سرك ذلك ؟ فقال : إي والله لقد سرني
وسر أمير المؤمنين ، والله لقد سر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولقد سر الله
تعالى .
17 ختص : ابن الوليد قال : حمل إلى محمد بن موسى ابن المتوكل رقعة
من أبي الحسن الاسدي قال : حدثني سهل بن زياد الآدمي لما أن صنف عبدالله بن
[175]
المغيرة كتابه وعد أصحابه أن يقرأ عليهم في زاوية من زوايا مسجد الكوفة ، وكان
له أخ مخالف ، فلما أن حضروا لاستماع الكتاب جآء الاخ وقعد ، قال : فقال لهم :
انصرفوا اليوم فقال الاخ : أين ينصرفون فاني أيضا جئت لما جآؤا ؟ قال فقال
له : لما جاؤا ؟ قال : ياأخي اريت فيما يرى النائم أن الملائكة تنزل من السمآء
فقلت : لماذا ينزلون هؤلاء ؟ فقال قائل : ينزلون يستمعون الكتاب الذي يخرجه
عبدالله بن المغيرة فأنا أيضا جئت لهذا ، وأنا تائب إلى الله ، قال : فسر عبدالله بن
المغيرة بذلك ( 1 ) .
18 اعلام الدين للديلمى : روي عن أبي حنيفة أنه قال : أتيت الصادق
عليه السلام لاسأله عن مسائل فقيل لي : إنه نآئم ، فجلست أنتظر انتباهه فرأيت
غلاما خماسيا أو سداسيا ( 2 ) جميل المنظر ذا هيبة وحسن سمت فسألت عنه فقالوا :
هذا موسى بن جعفر فسلمت عليه وقلت له : ياابن رسول الله ماتقول في أفعال العباد
ممن هي ؟
فجلس ثم تربع وجعل كمه الايمن على الايسر وقال : يانعمان قد سألت
فاسمع ، وإذا سمعت فعه ، واذا وعيت فاعمل ، إن أفعال العباد لا تعدو من ثلاث
خصال : إما من الله على انفراده ، أو من الله والعبد شركة ، أو من العبد بانفراده
فان كانت من الله على انفراده فما باله سبحانه يعذب عبده على مالم يفعله مع عدله
ورحمته وحكمته ، وإن كانت من الله والعبد شركة فما بال الشريك القوي يعذب
شريكه على ما قد شركه فيه وأعانه عليه ، قال : استحال الوجهان يانعمان ؟ فقال :
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 175 سطر 19 الى ص 183 سطر 18
نعم ، فقال له : فلم يبق إلا أن يكون من العبد على انفراده ثم أنشأ يقول :
لم تخل أفعالنا التي نذم بها إحدى ثلاث خصال حين نبديها
إما تفرد بارينا بصنعتها فيسقط اللوم عنا حين نأتيها
___________________________________________________________________
( 1 ) الاختصاص ص 85 .
( 2 ) الخماسى : ذو الخمسة يقال : جارية خماسية أي بنت خمسة سنوات ، والسداسى
هنا من كان له ست سنوات .
[176]
أو كان يشركنا فيها فيلحقه ما كان يلحقنا من لائم فيها
أو لم يكن لالهي في جنايتها ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها ( 1 ) .
19 الدرة الباهرة من الاصداف الطاهرة : قال : قال نفيع الانصاري
لموسى بن جعفر عليه السلام وكان مع عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز فمنعه من كلامه
فأبى : من أنت ؟ فقال : إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله ، ابن
إسماعيل ذبيح الله ، ابن إبراهيم خليل الله ، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض
الله على المسلمين وعليك إن كنت منهم الحج إليه ، وإن كنت تريد المناظرة
في الرتبة فما رضي مشركوا قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حين قالوا : يامحمد
أخرج إلينا أكفاءنا من قريش ، فانصرف مخزيا .
وقال : لقي عليه السلام الرشيد حين قدومه إلى المدينة على بغلته فاعترض عليه
في ذلك ، فقال : تطأطأت عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلة العير ، وخير الامور
أوسطها .
20 ن : أحمد بن محمد بن الحسين البزاز ، عن أبي طاهر الشاماتي ، عن بشر
ابن محمد بن بشر ، عن أحمد بن سهل بن ماهان ، عن عبيد الله البزاز النيسابوري و
كان مسنا قال : كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة ، فرحلت
إليه في بعض الايام ، فبلغه خبر قدومي فاستحضرني للوقت وعلي ثياب السفر
لم اغيرها ، وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر .
فلما دخلت إليه رأيته في بيت يجري فيه المآء فسلمت عليه وجلست فاتي
بطست وإبريق فغسل يديه ، ثم أمرني فغسلت يدي واحضرت المائدة وذهب عني
أني صائم وأني في شهر رمضان ، ثم ذكرت فأمسكت يدي ، فقال لي حميد : مالك
لاتأكل ؟ فقلت : أيها الامير هذا شهر رمضان ، ولست بمريض ولا بي علة توجب
___________________________________________________________________
( 1 ) سبق ان أشرنا إلى الابيات نقلا عن أمالي الشريف المرتضى ج 1 ص 151 وذلك
في هامش الحديث 8 من الباب الخامس من أبواب تاريخ الامام موسى بن جعفر عليه السلام
ص 104 .
[177]
الافطار ، ولعل الامير له عذر في ذلك أو علة توجب الافطار ، فقال : ما بي علة
توجب الافطار وإني لصحيح البدن ، ثم دمعت عيناه وبكى .
فقلت له بعد ما فرغ من طعامه : مايبكيك أيها الامير ؟ فقال : أنفذ إلي
هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب ، فلما دخلت عليه رأيت
بين يديه شمعة تتقد وسيفا أخضر مسلولا وبين يديه خادم واقف فلما قمت بين يديه
رفع رأسه إلي فقال : كيف طاعتك لامير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال ، فأطرق
ثم أذن لي في الانصراف .
فلم ألبث في منزلي حتى عاد الرسول إلي وقال : أجب أمير المؤمنين ، فقلت
في نفسي : إنا لله أخاف أن يكون قد عزم على قتلي وإنه لما رآني استحيا مني
فعدت إلى بين يديه فرفع رأسه إلي فقال : كيف طاعتك لامير المؤمنين ؟ فقلت :
بالنفس والمال والاهل والولد ، فتبسم ضاحكا ، ثم أذن لي في الانصراف .
فلما دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الرسول إلي فقال : أجب أمير المؤمنين
فحضرت بين يديه وهو على حاله ، فرفع رأسه إلي فقال : كيف طاعتك لامير المؤمنين
فقلت : بالنفس والمال والاهل والولد والدين فضحك ، ثم قال لي : خذ هذا
السيف وامتثل مايأمرك به هذا الخادم .
قال : فتناول الخادم السيف وناولنيه وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ففتحه
فاذا فيه بئر في وسطه ، وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ففتح باب بيت منها فاذا فيه عشرون
نفسا عليهم الشعور والذوائب شيوخ وكهول وشبان مقيدون ، فقال لي : إن أمير المؤمنين
يأمرك بقتل هؤلاء ، وكانوا كلهم علوية من ولد علي وفاطمة عليهما السلام فجعل يخرج
إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه حتى أتيت على آخرهم ، ثم رمى بأجسادهم
ورؤوسهم في تلك البئر .
ثم فتح باب بيت آخر فاذا فيه أيضا عشرون نفسا من العلوية من ولد علي و
فاطمة عليهما السلام مقيدون فقال لي : إن أمير المؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء ، فجعل يخرج
إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه ويرمي به في تلك البئر ، حتى أتيت على آخرهم
[178]
ثم فتح باب البيت الثالث فاذا فيه مثلهم عشرون نفسا من ولد علي وفاطمة مقيدون
عليهم الشعور والذوائب فقال لي : إن أمير المؤمنين يأمرك أن تقتل هؤلاء أيضا
فجعل يخرج إلي واحدا بعد واحد فأضرب عنقه فيرمي به في تلك البئر ، حتى
أتيت على تسعة عشر نفسا منهم ، وبقي شيخ منهم عليه شعر فقال لي : تبا لك يامشوم
أي عذر لك يوم القيامة إذا قدمت على جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقد قتلت من
أولاده ستين نفسا ، قد ولدهم علي وفاطمة عليهما السلام ، فارتعشت يدي وارتعدت فرائصي
فنظر إلي الخادم مغضبا وزبرني ، فأتيت على ذلك الشيخ أيضا فقتلته ورمى به في
تلك البئر ، فاذا كان فعلي هذا وقت قتلت ستين نفسا من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله فما
ينفعني صومي وصلاتي وأنا لا أشك أني مخلد في النار ( 1 ) .
21 ختص : من أصحابه عليه السلام علي بن يقطين ( 2 ) علي بن سويد السائي ( 3 )
( 1 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 108 .
( 2 ) علي بن يقطين بن موسى البغدادي مسكنا والكوفى أصلا مولى بنى أسد يكنى
أبا الحسن من وجوه هذه الطائفة جليل القدر ، وقد ضمن له الامام الكاظم عليه السلام الجنة وأن
لاتمسه النار ، وفي الكشى أحاديث دلت على عظم شأنه وجلالة قدره ، وأنه كان يحمل إلى
الامام الكاظم عليه السلام أموالا طائلة فربما حمل مائة ألف إلى ثلاثمائة ألف ، وكان علي يبعث
في كل سنة من يحج عنه حتى أحصى له في بعض السنين مائة وخمسين أو ثلاثمائة ملبى
وكان يعطى بعضهم عشرة آلاف وبعضهم عشرين ألف مثل الكاهلي وعبدالرحمان بن الحجاج
وغيرهما ويعطى أدناهم ألف درهم .
له كتب رواها عنه ابنه الحسين وأحمد بن هلال مات
سنة 182 في أيام حياة أبي الحسن الكاظم ببغداد ، وأبوالحسن في سجن هارون وقد بقى
فيه أربع سنين .
" باقتضاب عن شرح مشيخة الفقيه ص 47 لسماحة سيدى الوالد دام ظله " .
( 3 ) علي بن سويد السائى : روى عن الامام الكاظم والامام الرضا عليهما السلام ، وله
مكاتبات إلى أبي الحسن الاول يوم كان محبوسا ، ويظهر من جواب الامام عليه السلام اليه
علو مقامه ، وعظم شأنه ، وجلالة قدره ، له كتاب رواه عنه أحمد بن زيد الخزاعي " عن شرح
مشيخة الفقيه ص 89 " .
[179]
وساية قرية من سواد المدينة محمد بن سنان ( 1 ) محمد بن أبي عمير ( 2 ) الازدي ( 3 ) .
22 ختص : قال أبوحنيفة يوما لموسى بن جعفر عليه السلام : أخبرني أي شئ
كان أحب إلى أبيك العود أم الطنبور ؟ قال : لا بل العود ، فسئل عن ذلك فقال :
يحب عود البخور ويبغض الطنبور ( 4 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) محمد بن سنان : هو محمد بن الحسن بن سنان نسب إلى جده سنان لان أباه
الحسن توفى وهو صغير فكفله جده فنسب اليه ، يكنى بأبى جعفر ، وعيرف بالزاهرى نسبة
إلى زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي من أصحاب أبى الحسن الكاظم وأبي الحسن
الرضا عليهما السلام له كتب رواها عنه الحسن بن شمون ، ومحمد بن الحسين ، وأحمد
ابن محمد ، ومحمد بن علي الصيرفي وغيرهم ، وروى عنه جمع من الاجلة مثل صفوان
والعباس بن معروف وعبدالرحمان بن الحجاج وأضرابهم .
" عن شرح مشيخه الفقيه ص 15 لسيدى الوالد دام ظله "
( 2 ) محمد بن أبي عمير الازدى ، واسم أبي عمير زياد بن عيسى ، يكنى محمد بأبى
أحمد كان بغداديا أصلا ومقاما ، وكان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة ، وأنسكهم
نسكا ، وأورعهم وأعيدهم ، وحكى عن الجاحظ انه قال : كان أوحد أهل زمانه في الاشياء
كلها ، وقال أيضا : وكان وجها من وجوه الرافضة ، حبس أيام الرشيد ليلى القضاء ، وقيل
بل ليدل على الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر عليه السلام ، وضرب على ذلك ، وكاد يقر
لعظيم الالم ، فسمع محمد بن يونس بن عبدالرحمان يقول له : اتق الله يا محمد بن ابى عمير
فصبر ففرج الله عنه ، وروى الكشى انه ضرب مائة وعشرين خشبة ايام هارون ، وتولى
شربه السندى بن شاهك ، وكان ذلك على التشيع ، وحبس فلم يفرج عنه ، حتى ادى من
ماله واحدا وعشرين الف درهم ، وروى ان المأمون حبسه حتى والاه قضاء بعض البلاد ، وروى
الشيخ المفيد في الاختصاص أنه حبس سبع عشرة سنة ، وفي مدة حبسه دفنت اخته كتبه
فبقيت مدة أربع سنين ، فهلكت الكتب ، وقيل انه تركها في غرفة فسال عليها المطر ، لذلك
حدث من حفظه ، ومما كان سلف له في أيدى الناس ، أدرك أيام الكاظم عليه السلام ولم
يحدث عنه ، وأيام الرضا والجوا " ع " وحدث عنهما ، ومات سنة 217 .
" باقتضاب عن شرح مشيخة الفقيه ص 56 57 "
( 3 ) الاختصاص ص 8 مقتصرا على ذكر علي بن يقطين وعلي بن سويد السائي والظاهر
سقوط اسم محمد بن سنان ومحمد بن أبي عمير الازدي من المطبوعة فليلاحظ .
( 4 ) نفس المصدر ص 90 .
[180]
23 ختص : حماد بن عيسى الجهني البصري ، كان أصله كوفيا ومسكنه
البصرة ، وعاش نيفا وتسعين سنة ، روى عن أبي عبدالله عليه السلام ومات بوادي قبا
بالمدينة ، وهو واد يسيل من الشجرة إلى المدينة ، ومات سنة تسع ومائتين ، حدثنا
جعفر بن الحسين المؤمن ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني ، عن حماد
ابن عيسى قال : دخلت على أبي الحسن الاول عليه السلام فقلت له : جعلت فداك ادع الله
لي أن يرزقني دارا وزوجة وولدا وخادما والحج في كل سنة فقال : اللهم صل
على محمد وآل محمد وارزقه دارا وزوجة وولدا وخادما والحج خمسين سنة .
قال حماد : فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أحج أكثر من خمسين
سنة قال حماد : وحججت ثمان وأربعين حجة وهذه داري قد رزقتها ، وهذه زوجتي
وراء الستر تسمع كلامي ، وهذا ابني ، وهذه خادمتي قد رزقت كل ذلك ، فحج
بعد هذا الكلام حجتين تمام الخمسين ، ثم خرج بعد الخمسين حاجا فزامل
أبا العباس النوفلي القصير ، فلما صار في موضع الاحرام دخل يغتسل في الوادي
فحمله فغرقه الماء رحمه الله وأباه قبل أن يحج زيادة على خمسين ، عاش إلى وقت
الرضا عليه السلام وتوفي سنة تسع ومائتين ، وكان من جهينة ( 1 ) .
24 عمدة الطالب : يحيى صاحب الديلم ابن عبدالله المحض بن الحسن بن
الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قد هرب إلى بلاد الديلم وظهر هناك واجتمع
عليه الناس وبايعه أهل تلك الاعمال وعظم أمره وخاف الرشيد لذلك وأهمه و
انزعجه منه غاية الانزعاج ، فكتب إلى الفضل بن يحيى البرمكي : أن يحيى بن
عبدالله قذاة في عيني فأعطه ماشآء واكفني أمره ، فسار إليه الفضل في جيش كثيف
وأرسل إليه بالرفق والتحذير والترغيب والترهيب فرغب يحيى في الامان فكتب له
الفضل أمانا مؤكدا وأخذ يحيى وجآء به إلى الرشيد ، ويقال : إنه صار إلى
الديلم مستجيرا فباعه صاحب الديلم من الفضل بن يحيى بمائة ألف درهم ، ومضى
___________________________________________________________________
( 1 ) المصدر السابق ص 205 .