[221]

ضيقت عليه في الحبس ! ؟ قال : هيهات لابد من ذلك ( 1 ) .
25 ن : الطالقاني ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن أحمد بن عبدالله ، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال : سمعت أبي يقول : لما قبض الرشيد على موسى ابن جعفر عليه السلام وهو عند رأس النبي صلى الله عليه وآله قائما يصلي فقطع عليه صلاته وحمل وهو يبكي ويقول : إليك أشكو يارسول الله ماألقى وأقبل الناس من كل جانب يبكون ويضجون فلما حمل إلى بين يدي الرشيد شتمه وجفاه ، فلما جن عليه الليل أمر ببيتين فهيئا له فحمل موسى بن جعفر عليه السلام إلى أحدهما في خفآء ودفعه إلى حسان السروي وأمره أن يصير به في قبة إلى البصرة فيسلمه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر ، وهو أميرها ، ووجه قبة اخرى علانية نهارا إلى الكوفة معها جماعة ليعمي على الناس أمر موسى بن جعفر عليه السلام .
فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم ، فدفعه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر نهارا علانية حتى عرف ذلك ، وشاع أمره ، فحبسه عيسى في بيت من بيوت المحبس الذي كان يحبس فيه ، وأقفل عليه وشغله عنه العيد فكان لايفتح عنه الباب إلا في حالتين حال يخرج فيها إلى الطهور ، وحال يدخل إليه فيها الطعام .
قال أبي : فقال لي الفيض بن أبي صالح : وكان نصرانيا ثم أظهر الاسلام وكان زنديقا ، وكان يكتب لعيسى بن جعفر ، وكان بي خاصا فقال : يا أبا عبدالله لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه هذه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش والمناكير ماأعلم ولا أشك أنه لم يخطر بباله قال أبي : وسعي بي في تلك الايام إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر علي بن يعقوب بن عون بن العباس ابن ربيعة في رقعة دفعها إليه أحمد بن أسيد حاجب عيسى قال : وكان علي بن يعقوب من مشايخ بني هاشم ، وكان أكبرهم سنا ، وكان مع سنه يشرب الشراب ويدعو أحمد بن أسيد إلى منزله فيحتفل له ويأتيه بالمغنين والمغنيات ، ويطمع في أن يذكره لعيسى فكان في رقعته التي دفعها إليه إنك تقدم علينا محمد بن سليمان في إذنك وإكرامك وتخصه بالمسك ، وفينا من هو اسن منه ، وهو

___________________________________________________________________
( 1 ) عيون اخبار الرضا " ع " ج 1 ص 95 .

[222]

يدين بطاعة موسى بن جعفر المحبوس عندك .
قال أبي : فإني لقائل ( 1 ) في يوم قائظ إذ حركت حلقة الباب علي فقلت : ماهذا ؟ فقال لي الغلام : قعنب بن يحيى على الباب يقول : لابد من لقائك الساعة فقلت : ماجاء إلا لامر ائذنوا له ، فدخل فخبرني عن الفيض بن أبي صالح بهذه القصة والرقعة ، وقد كان قال لي الفيض بعد ما أخبرني : لا تخبر أبا عبدالله فتخوفه فإن الرافع عند الامير لم يجد فيه مساغا وقد قلت للامير : أفي نفسك من هذا شئ حتى أخبر أبا عبدالله فيأتيك فيحلف على كذبه ؟ فقال : لاتخبره فتغمه فإن ابن عمه إنما حمله على هذا لحسد له فقلت له : أيها الامير أنت تعلم إنك لاتخلو بأحد خلوتك به ، فهل حملك على أحد قط ؟ قال : معاذ الله قلت : فلو كان له مذهب يخالف فيه الناس لاحب أن يحملك عليه قال : أجل ومعرفتي به أكثر .
قال أبي : فدعوت بدابتي وركبت إلى الفيض من ساعتي فصرت إليه ومعي قعنب في الظهيرة فاستأذنت عليه ، فأرسل إلي : جعلت فداك قد جلست مجلسا أرفع قدرك عنه ، وإذا هو جالس على شرابه فأرسلت إليه لابد من لقائك فخرج إلي في قميص دقيق وإزار مورد فأخبرته بما بلغني فقال لقعنب : لاجزيت خيرا ألم أتقدم إليك أن لاتخبر أبا عبدالله فتغمه ثم قال : لابأس فليس في قلب الامير من ذلك شئ قال : فما مضت بعد ذلك إلا أيام يسيرة حتى حمل موسى بن جعفر عليه السلام سرا إلى بغداد وحبس ثم اطلق ، ثم حبس وسلم إلى السندي بن شاهك ، فحبسه وضيق عليه ثم بعث إليه الرشيد بسم في رطب وأمره أن يقدمه إليه ويحتم عليه في تناوله منه ففعل ، فمات صلوات الله عليه ( 2 ) .
ايضاح : احتفل القوم اجتمعوا وما احتفل به : ما بالى .
26 ن : تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الانصاري ، عن سليمان

___________________________________________________________________
( 1 ) القيلولة : هى النوم في الظهيرة ، أو هي الاستراحة في الظهيرة وان لم يكن معها نوم .
( 2 ) عيون اخبار الرضا " ع " ج 1 ص 85 .

[223]

ابن جعفر البصري ، عن عمر بن واقد قال : إن هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسى بن جعفر عليهما السلام ، وما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بإمامته ، واختلافهم في السر إليه بالليل والنهار خشية على نفسه وملكه ، ففكر في قتله بالسم فدعا برطب فأكل منه ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة ، وأخذ سلكا فعركه في السم ، وأدخله في سم الخياط ، وأخذ رطبة من ذلك الرطب فأقبل يردد إليها ذلك السم بذلك الخيط ، حتى علم أنه قد حصل السم فيها فاستكثر منه ثم ردها في ذلك الرطب وقال لخادم له : احمل هذه الصينية إلى موسى بن جعفر وقل له : إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغص لك به ، وهو يقسم عليك بحقه لما أكلتها عن آخر رطبة فإني اخترتها لك بيدي ، ولا تتركه يبقي منها شيئا ولا يطعم منها أحدا .
فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة فقال له : ائتني بخلال فناوله خلالا ، وقام بازائه وهو يأكل من الرطب وكانت للرشيد كلبة تعز عليه فجذبت نفسها وخرجت تجر سلاسلها من ذهب وجوهر حتى حاذت موسى بن جعفر عليه السلام فبادر بالخلال إلى الرطبة المسمومة ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها فلم تلبث أن ضربت بنفسها الارض وعوت وتهرت قطعة قطعة واستوفى عليه السلام باقي الرطب ، وحمل الغلام الصينية حتى صار بها إلى الرشيد .
فقال له : قد أكل الرطب عن آخره ؟ قال : نعم ياأمير المؤمنين قال : فكيف رأيته ؟ قال : ماأنكرت منه شيئا ياأمير المؤمنين قال : ثم ورد عليه خبر الكلبة وأنها
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 223 سطر 19 الى ص 231 سطر 18 قد تهرت وماتت ، فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا ، واستعظمه ، ووقف على الكلبة فوجدها متهرئة بالسم فأحضر الخادم ودعا له بسيف ونطع وقال له : لتصدقني عن خبر الرطب أو لاقتلنك فقال : ياأمير المؤمنين إني حملت الرطب إلى موسى بن جعفر وأبلغته سلامك ، وقمت بازائه فطلب مني خلالا فدفعته إليه فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة ويأكلها حتى مرت الكلبة فغرز الخلال في رطبة من ذلك الرطب فرمى بها فأكلتها الكلبة وأكل هو باقي الرطب ، فكان ما ترى ياأمير المؤمنين .

[224]

فقال الرشيد : ماربحنا من موسى إلا أنا أطعمناه جيد الرطب ، وضيعنا سمنا ، وقتل كلبتنا مافي موسى حيلة .
ثم إن سيدنا موسى عليه السلام دعا بالمسيب وذلك قبل وفاته بثلاثة أيام وكان موكلا به فقال له : يا مسيب فقال : لبيك يامولاي قال : إني ظاعن في هذه الليلة إلى المدينة ، مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله لاعهد إلى علي ابني ماعهده إلي أبي وأجعله وصيي وخليفتي ، وآمره بأمري قال المسيب : فقلت : يامولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الابواب وأقفالها ، والحرس معي على الابواب ؟ فقال : يامسيب ضعف يقينك في الله عزوجل وفينا ؟ فقلت : لاياسيدي قال : فمه ؟ قلت : ياسيدي ادع الله أن يثبتني فقال : اللهم ثبته .
ثم قال : ني أدعو الله عزوجل باسمه العظيم الذي دعا به آصف حتى جآء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه إليه حتى يجمع بيني وبين ابني علي بالمدينة ، قال المسيب : فسمعته عليه السلام يدعو ففقدته عن مصلاه ، فلم أزل قائما على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه وأحاد الحديد إلى رجليه فخررت لله ساجدا لوجهي شكرا على ماأنعم به علي من معرفته .
فقال لي : ارفع رأسك يامسيب واعلم أني راحل إلى الله عزوجل في ثالث هذا اليوم قال : فبكيت فقال لي : لاتبك يامسيب فان عليا ابني هو إمامك ، و مولاك بعدي فاستمسك بولايته ، فإنك لاتضل مالزمته فقلت : الحمد لله .
قال : ثم إن سيدي عليه السلام دعاني في ليلة اليوم الثالث فقال لي : إني على ماعرفتك من الرحيل إلى الله عزوجل فاذا دعوت بشربة من ماء فشربتها ، ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني ، واصفر لوني ، واحمر واخضر ، وتلون ألوانا فخبر الطاغية بوفاتي ، فاذا رأيت بي هذا الحدث فاياك أن تظهر عليه أحدا ، ولا على من عندي إلا بعد وفاتي .
قال المسيب بن زهير : فلم أزل أرقب وعده حتى دعا عليه السلام بالشربة فشربها ثم دعاني فقال لي : يامسيب إن هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنه

[225]

يتولي غسلي ، ودفني ، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا فاذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدوني بها ولا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به ، فان كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه السلام فان الله عزوجل جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا .
قال : ثم رأيت شخصا أشبه الاشخاص به عليه السلام جالسا إلى جانبه ، وكان عهدي بسيدي الرضا عليه السلام وهو غلام فأردت سؤاله فصاح بي سيدي موسى عليه السلام وقال لي : أليس قد نهيتك يامسيب ؟ فلم أزل صابرا حتى مضى ، وغاب الشخص ثم أنهيت الخبر إلى الرشيد فوافى السندي بن شاهك فوالله لقد رأيتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم إليه ، ويظنون أنهم يحنطونه ويكفنونه و أراهم لايصنعون به شيئا ، ورأيت ذلك الشخص يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه وهو يظهر المعاونة لهم ، وهم لايعرفونه .
فلما فرغ من أمره قال لي ذلك الشخص : يامسيب مهما شككت فيه فلا تشكن في فاني إمامك ومولاك ، وحجة الله عليك بعد أبي يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق عليه السلام ومثلهم مثل إخوته حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون ، ثم حمل عليه السلام حتى دفن في مقابر قريش ، ولم يرفع قبره أكثر مما أمر به ثم رفعوا قبره بعد ذلك وبنوا عليه ( 1 ) .
بيان : العرك الدلك ، وتنغصت عيشه أي تكدرت ، وهرأت اللحم وهرأته تهرئة إذا أجدت إنضاجه فتهرأ حتى سقط عن العظم .
27 ك ( 2 ) ن : الطالقاني ، عن أحمد بن محمد بن عامر ، عن الحسن بن محمد القطعي ، عن الحسن بن علي النخاس العدل ، عن الحسن بن عبدالواحد الخزاز عن علي بن جعفر بن عمر ، عن عمر بن واقد قال : أرسل إلى السندي بن شاهك في بعض الليل وأنا ببغداد يستحضرني فخشيت أن يكون ذلك لسوء يريده بي فأوصيت

___________________________________________________________________
( 1 ) عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 100 .
( 2 ) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 117 .

[226]

عيالي بما احتجت إليه وقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم ركبت إليه .
فلما رآني مقبلا قال : ياأبا حفص لعلنا أرعبناك وأفزعناك ؟ قلت : نعم قال : فليس هنا إلا خير قلت : فرسول تبعثه إلى منزلي يخبرهم خبري فقال : نعم ثم قال : ياأبا حفص أتدري لم أرسلت إليك ؟ فقلت : لا فقال : أتعرف موسى بن جعفر ؟ فقلت : إي والله إني لاعرفه ، وبيني وبينه صداقة منذ دهر فقال : من ههنا ببغداد يعرفه ممن يقبل قوله ؟ فسميت له أقواما ، ووقع في نفسي أنه عليه السلام قد مات قال : فبعث وجآء بهم كما جآء بي فقال : هل تعرفون قوما يعرفون موسى بن جعفر ؟ فسموا له قوما فجآء بهم فأصبحنا ونحن في الدار نيف وخمسون رجلا ممن يعرف موسى بن جعفر عليه السلام وقد صحبه .
قال : ثم قام فدخل وصلينا ، فخرج كاتبه ومعه طومار فكتب أسماءنا ومنازلنا وأعمالنا وحلانا ثم دخل إلى السندي قال : فخرج السندي فضرب يده إلي فقال لي : قم ياأبا حفص فنهضت ونهض أصحابنا ، ودخلنا فقال لي : ياأبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر ، فكشفته فرأيته ميتا فبكيت واسترجعت ثم قال للقوم : انظروا إليه فدنا واحد بعد واحد فنظروا إليه ثم قال : تشهدون كلكم أن هذا موسى بن جعفر بن محمد ؟ فقلنا : نعم نشهد أنه موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام ثم قال : ياغلام اطرح على عورته منديلا واكشفه قال : ففعل فقال : أترون به أثرا تنكرونه ؟ فقلنا : لا مانرى به شيئا ولا نراه إلا ميتا قال : فلا تبرحوا حتى تغسلوه واكفنه وأدفنه قال : فلم نبرح حتى غسل وكفن وحمل فصلى عليه السندي بن شاهك ودفناه ورجعنا فكان عمر بن واقد يقول : ماأحد هو أعلم بموسى بن جعفر عليه السلام مني كيف يقولون إنه حي وأنا دفنته ( 1 ) .
28 ن : الطالقاني ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن محمد بن خليلان قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن عتاب بن أسيد ، عن جماعة ، عن مشايخ أهل المدينة قالوا : لما مضى خمس عشرة سنة من ملك الرشيد استشهد ولي الله موسى

___________________________________________________________________
( 1 ) عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 97 .

[227]

ابن جعفر عليه السلام مسموما سمه السندي بن شاهك بأمر الرشيد في الحبس المعروف بدار المسيب بباب الكوفة ، وفيه السدرة ، ومضى عليه السلام إلى رضوان الله وكرامته يوم الجمعة لخمس خلون من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة من الهجرة ، وقد تم عمره أربعا وخمسين سنة ، وتربته بمدينة السلام في الجانب الغربي بباب التين في المقبرة المعروفة بمقابر قريش ( 1 ) .
29 ك ( 2 ) ن : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن الحسن بن عبدالله الصيرفي ، عن أبيه قال : توفي موسى بن جعفر عليه السلام في يدي السندي ابن شاهك ، فحمل على نعش ونودي عليه هذا إمام الرافضة فاعرفوه .
فلما اتي به مجلس الشرطة أقام أربعة نفر فنادوا ألا من أراد أن يرى الخبيث ابن الخبيث موسى بن جعفر فليخرج ، وخرج سليمان بن أبي جعفر من قصره إلى الشط ، فسمع الصياح والضوضاء فقال لولده وغلمانه : ماهذا ؟ قالوا : السندي بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر على نعش فقال لولده وغلمانه : يوشك أن يفعل هذا به في الجانب الغربي ، فإذا عبر به فانزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم فإن مانعوكم فاضربوهم وخرقوا ماعليهم من السواد .
فلما عبروا به نزلوا إليهم فأخذوه من أيديهم وضربوهم ، وخرفوا عليهم سوادهم ، ووضعوه في مفرق أربعة طرق وأقام المنادين ينادون ألا من أراد الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليخرج ، وحضر الخلق وغسل وحنط بحنوط فاخر ، و كفنه بكفن فيه حبرة استعملت له بألفين وخمسمائة دينار ، عليها القرآن كله ، و احتفى ومشى في جنازته متسلبا مشقوق الجيب إلى مقابر قريش ، فدفنه عليه السلام هناك وكتب بخبره إلى الرشيد فكتب إلى سليمان بن أبي جعفر : وصلتك رحم ياعم ، و أحسن الله جزاءك ، والله مافعل السندي بن شاهك لعنه الله مافعله عن أمرنا ( 3 ) .

___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 1 ص 99 .
( 2 ) كمال الدين ج 1 ص 118 .
( 3 ) عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 99 .

[228]

بيان : شرط السلطان نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده والضوضاء أصوات الناس وغلبتهم ، والسلب خلع لباس الزينة ولبس أثواب المصيبة .
30 ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن سليمان بن حفص قال : إن هارون الرشيد قبض على موسى بن جعفر عليه السلام سنة تسع وسبعين ومائة ، وتوفي في حبسه ببغداد لخمس ليال بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وهو ابن سبع و أربعين سنة ، ودفن في مقابر قريش ، وكانت إمامته خمسا وثلاثين سنة وأشهرا ، و امه ام ولد يقال لها حميدة وهي ام أخويه إسحاق ومحمد ابني جعفر ، ونص على ابنه علي بن موسى الرضا عليه السلام بالامامة بعده ( 1 ) .
بيان : لعل في لفظ الاربعين تصحيفا .
31 ك ( 2 ) ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه محمد بن صدقة العنبري قال : لما توفي أبوإبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام جمع هارون الرشيد شيوخ الطالبية وبني العباس وسائر أهل المملكة والحكام وأحضر أبا إبراهيم موسى بن جعفر فقال : هذا موسى بن جعفر قد مات حتف أنفه وما كان بيني وبينه ما أستغفر الله منه في أمره يعني في قتله فانظروا إليه فدخل عليه سبعون رجلا من شيعته فنظروا إلى موسى بن جعفر وليس به أثر جراحة ولا خنق ، وكان في رجله أثر الحناء فأخذه سليمان بن أبي جعفر فتولى غسله وتكفينه وتحفى وتحسر في جنازته ( 3 ) .
32 ب : أحمد بن محمد ، عن أبي قتادة ، عن أبي خالد الزبالي قال : قدم أبوالحسن موسى عليه السلام زبالة ومعه جماعة من أصحاب المهدي بعثهم المهدي في إشخاصه إليه ، وأمرني بشراء حوائج له ، ونظر إلي وأنا مغموم فقال : ياأبا خالد مالي أراك مغموما ؟ قلت : جعلت فداك هو ذا تصير إلى هذا الطاغية ولا آمنه عليك

___________________________________________________________________
( 1 ) عيون أخبار الرضا ج 1 ص 104 .
( 2 ) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 119 .
( 3 ) عيون أخبار الرضا ج 1 ص 105 .

[229]

فقال : ياأبا خالد ليس علي منه بأس ، إذا كانت سنة كذا وكذا وشهر كذا وكذا ويوم كذا وكذا فانتظرني في أول الميل ( 1 ) فاني اوافيك إن شاء الله .
قال : فما كنت لي همة إلا إحصاء الشهور والايام ، فغدوت إلى أول الميل في اليوم الذي وعدني ، فلم أزل أنتظره إلى أن كادت الشمس أن تغيب فلم أر أحدا فشككت فوقع في قلبي أمر عظيم ، فنظرت قرب الليل ، فاذا سواد قد رفع قال : فانتظرته فوافاني أبوالحسن عليه السلام أمام القطار ( 2 ) على بغلة له فقال : أيهن ياأبا خالد قلت : لبيك جعلت فداك قال : لاتشكن ، ود والله الشيطان أنك شككت قلت : قد كان والله ذلك جعلت فداك .
قال : فسررت بتخليصه وقلت : الحمد لله الذي خلصك من الطاغية فقال : ياأبا خالد إن لي إليهم عودة لاأتخلص منهم ( 3 ) .
33 كشف : من دلائل الحميري عن أحمد بن محمد مثله ( 4 ) .
34 ب : اليقطيني ، عن يونس ، عن علي بن سويد السائي قال : كتب إلي أبوالحسن الاول عليه السلام في كتاب إن أول ما أنعى إليك نفسي في ليالي هذه ، غير جازع ، ولا نادم ، ولا شاك فيما هو كائن ، مما قضى الله وحتم ، فاستمسك بعروة الدين آل محمد والعروة الوثقى الوصي بعد الوصي ، والمسالة والرضا بما قالوا ( 5 ) .
35 غط : يونس بن عبدالرحمن قال : حضر الحسين بن علي الرواسي جنازة أبي إبراهيم عليه السلام فلما وضع على شفير القبر إذا رسول من السندي بن شاهك قد أتى أبا المضا خليفته وكان مع الجنازة أن اكشف وجهه للناس قبل أن تدفنه حتى يروه صحيحا لم يحدث به حدث ، قال : فكشف عن وجه مولاي

___________________________________________________________________
( 1 ) الميل : منار يبنى للمسافر في انشاز الارض يهتدى به ويدرك المسافة .
( 2 ) القطار : من الابل ، قطعة منها يلى بعضها بعضا على نسق واحد .
( 3 ) قرب الاسناد ص 190 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 41 .
( 5 ) قرب الاسناد ص 192 .

[230]

حتى رأيته وعرفته ثم غطى وجهه وادخل قبره صلى الله عليه ( 1 ) .
36 غط : اليقطيني قال : أخبرتني رحيم ام ولد الحسين بن علي بن يقطين وكانت امرأة حرة فاضلة قد حجت نيفا وعشرين حجة عن سعيد مولاه وكان يخدمه في الحبس ويختلف في حوائجه : أنه حضر حين مات كما يموت الناس من قوة إلى ضعف إلى أن قضى عليه السلام ( 2 ) .
37 قب ( 3 ) غط : محمد البرقي ، عن محمد بن غياث المهلبي قال : لما حبس هارون الرشيد أبا إبراهيم موسى عليه السلام وأظهر الدلائل والمعجزات وهو في الحبس تحير الرشيد ، فدعا يحيى بن خالد البرمكي فقال له : ياأبا على أما ترى مانحن فيه من هذه العجائب أ .
تدبر في أمر هذا الرجل تدبيرا تريحنا من غمه .
فقال له يحيى بن خالد : الذي أراه لك ياأمير المؤمنين أن تمتن عليه ، و تصل رحمه فقد والله أفسد علينا قلوب شيعتنا ، وكان يحيى يتولاه ، وهارون لايعلم ذلك ، فقال هارون : انطلق إليه وأطلق عنه الحديد وأبلغه عني السلام وقل له : يقول لك ابن عمك إنه قد سبق مني فيك يمين أني لا اخليك حتى تقر لي بالاساءة وتسألني العفو عما سلف منك ، وليس عليك في إقرار عار ولا في مسألتك إياى منقصة .
وهذا يحيى بن خالد هو ثقتي ووزيري وصاحب أمري فسله بقدر ما أخرج من يميني وانصرف راشدا .
قال محمد بن غياث : فأخبرني موسى بن يحيى بن خالد أن أبا إبراهيم قال ليحيى : ياأبا علي أنا ميت ، وإنما بقي من أجلي اسبوع ، اكتم موتي وائتني يوم الجمعة عند الزوال ، وصل علي أنت وأوليائي فرادى وانظر إذا سار هذا الطاغية إلى الرقة ( 4 ) وعاد إلى العراق لايراك ولا تراه لنفسك ، فاني رأيت في نجمك و

___________________________________________________________________
( 1 ) غيبة الطوسي ص 20 .
( 2 ) نفس المصدر ص 21 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 408 بدون الذيل .
( 4 ) الرقة : مدينة من نواحى قوهستان .