[ 31 ]
إلى أبي يوسف القاضي قال له : أصلحك الله أنا جعفر بن علي بن السري وهذا وصي أبي
فمره فليدفع إلي ميراثي من أبي فقال : ماتقول ؟ قلت : نعم هذا جعفر ، وأنا وصي
أبيه قال : فادفع إليه ماله ! فقلت له : اريد أن اكلمك قال : فادنه ، فدنوت حيث
لايسمع أحدا كلامي فقلت : هذا وقع على ام ولد أبيه ، وأمرني أبوه وأوصاني أن
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 31 سطر 5 الى ص 39 سطر 5
اخرجه من الميراث ولا اورثه شيئا فأتيت موسى بن جعفر عليهما السلام بالمدينة فأخبرته
وسألته ، فأمرني أن اخرجه من الميراث ، ولا اورثه شيئا قال : فقال : الله إن
أبا الحسن أمرك ؟ قلت : نعم ، فاستحلفني ثلاثا وقال : أنفذ بما امرت به ، فالقول
قوله قال الوصي : فأصابه الخبل بعد ذلك ، قال الحسن بن علي الوشاء : رأيته على
ذلك ( 1 ) .
وعن خالد قال : خرجت وأنا اريد أبا الحسن عليه السلام فدخلت عليه ، وهو في
عرصة داره جالس فسلمت عليه وجلست ، وقد كنت أتيته لاسأله عن رجل من
أصحابنا كنت سألته حاجة فلم يفعل ، فالتفت إلي وقال : ينبغي لاحدكم إذا
لبس الثوب الجديد أن يمر يده عليه ويقول : " الحمد لله الذي كسانى مااواري به
عورتي ، وأتجمل به بين الناس " وإذا أعجبه شئ فلا يكثر ذكره ، فان ذلك مما
يهده ، وإذا كانت لاحدكم إلى أخيه حاجة ووسيلة لايمكنه قضاؤها فلا يذكره
إلا بخير ، فإن الله يوقع ذلك في صدره فيقضي حاجته قال : فرفعت رأسي وأنا أقول :
لا إله إلا الله ، فالتفت إلي فقال : ياخالد اعمل ماأمرتك ( 2 ) .
قال هشام بن الحكم أردت شراء جارية بمنى فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام اشاوره
فلم يرد علي جوابا ، فلما كان في غد مر بي يرمي الجمار على حمار ، فنظر إلي
وإلى الجارية من بين الجواري ، ثم أتاني كتابه : لاأرى بشرائها بأسا إن لم يكن
في عمرها قلة ، قلت : لا والله ماقال لي هذا الحرف إلا وههنا شئ لا والله لا اشتريتها
قال : فما خرجت من مكة حتى دفنت ( 3 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 44 .
( 2 ) المصدر السابق ج 3 ص 46 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 47 وفيه " فلما كان في الطواف " بدل " في غد " .
[ 32 ]
وعن الوشاء الحسن بن علي قال : حججت أنا وخالي إسماعيل بن إلياس
فكتبت إلى أبي الحسن الاول وكتب خالي : إن لي بنات وليس لي ذكر ، وقد
قتل رجالنا ، وقد خلفت امرأتي حاملا فادع الله أن يجعله غلاما وسمه ، فوقع
في الكتاب : قد قضى الله حاجتك فسمه محمدا ، فقدمنا إلى الكوفة وقد ولد له غلام
قبل وصولنا الكوفة بستة أيام ، دخلنا يوم سابعه فقال أبومحمد : هو والله اليوم رجل
وله أولاد ( 1 ) .
وعن زكريا بن آدم قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : كان أبي ممن تكلم
في المهد ( 2 ) .
وعن الاصبغ بن موسى قال : بعث معي رجل من أصحابنا إلى أبي إبراهيم
عليه السلام بمائة دينار ، وكانت معي بضاعة لنفسي وبضاعة له ، فلما دخلت المدينة
صببت علي الماء ، وغسلت بضاعتي وبضاعة الرجل ، وذررت عليها مسكا ، ثم إني
عددت بضاعة الرجل فوجدتها تسعة وتسعين دينارا ، فأعددت عددها وهي كذلك
فأخذت دينارا آخر لي فغسلته وذررت عليه المسك ، وأعدتها في صرة كما كانت ، و
دخلت عليه في الليل ، فقلت له : جعلت فداك إن معي شيئا أتقرب به إلى الله تعالى
فقال : هات ، فناولته دنانيري ، وقلت له : جعلتك فداك إن فلانا مولاك بعث إليك
معي بشئ فقال : هات ، فناولته الصرة قال : صبها فصببتها ، فنثرها بيده ، وأخرج
ديناري منها ثم قال : إنما بعث إلينا وزنا لا عددا ( 3 ) .
وعن علي بن أبي حمزة قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام في السنة
التي قبض فيها أبوعبدالله عليه السلام فقلت له : كم أتى لك ؟ قال : تسع عشرة سنة قال :
فقلت : إن أباك أسر إلي سرا ، وحدثني بحديث فأخبرني به فقال : قال لك
___________________________________________________________________
( 1 ) المصدر السابق ج 3 ص 48 .
( 2 ) المصدر السابق ج 3 ص 49 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 49 .
[ 33 ]
كذا وكذا ، حتى نسق على ما أخبرني به أبوعبدالله عليه السلام ( 1 ) .
وروى هشام بن أحمر أنه ورد تاجر من المغرب ومعه جوار ، فعرضهن على
أبي الحسن عليه السلام فلم يختر منهن شيئا وقال : أرنا ؟ فقال : عندي اخرى وهي مريضة
فقال : ماعليك أن تعرضها ، فأبى فانصرف ثم إنه أرسلني من الغد إليه وقال : قل
له : كم غايتك فيها ؟ فقال : ماأنقصها من كذا وكذا فقلت : قد أخذتها وهو لك
فقال : وهي لك ولكن من الرجل ؟ فقلت : رجل من بني هاشم فقال : من أي بني
هاشم ؟ قلت : ماعندي أكثر من هذا .
فقال : اخبرك عن هذه الوصيفة إني اشتريتها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة
من أهل الكتاب فقالت : ماهذه الوصيفة معك ؟ فقلت اشتريتها لنفسي فقالت : ما
ينبغي أن تكون هذه عند مثلك ، إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل
الارض ، ولا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاما مايولد بشرق الارض ، ولا
غربها مثله ، يدين له شرق الارض وغربها ، قال : فأتيته بها فلم يلبث إلا قليلا
حتى ولدت عليا الرضا عليه السلام ( 2 ) .
3 كش : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن الوشا ، عن
هشام بن الحكم قال : كنت في طريق مكة ، وأنا اريد شراء بعير فمر بي أبوالحسن
عليه السلام ، فلما نظرت إليه تناولت رقعة ، فكتبت إليه : جعلت فداك إني
اريد شراء هذا البعير فما ترى ؟ فنظر إليه فقال : لاأرى في شراءه بأسا ، فان خفت
عليه ضعفا فألقمه ، فاشتريته وحملت عليه فلم أر منكرا حتى إذا كنت قريبا من
الكوفة في بعض المنازل وعليه حمل ثقيل رمى بنفسه واضطرب للموت ، فذهب
الغلمان ينزعون عنه فذكرت الحديث ، فدعوت بلقم ( 3 ) فما ألقوه إلا سبعا حتى
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 42 .
( 2 ) المصدر السابق ج 3 ص 49 .
( 3 ) اللقم واللقيم : مايلقم من طعام ونحوه .
[ 34 ]
قام بحمله ( 1 ) .
4 كش : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد حدثني محمد بن عبدالله بن مهران
عن محمد بن علي الصيرفي ، عن ابن البطائني ، عن أبيه قال : دخلت المدينة وأنا مريض
شديد المرض ، وكان أصحابنا يدخلون ولا أعقل بهم ، وذلك لانه أصابني حمى
فذهب عقلي ، وأخبرني إسحاق بن عمار أنه أقام علي بالمدينة ثلاثة أيام لايشك
انه لايخرج منها حتى يدفنني ، ويصلي علي ، وخرج إسحاق بن عمار ، وأفقت
بعد ماخرج إسحاق فقلت لاصحابي : افتحوا كيسي واخرجوا منه مائة دينار
فاقسموها في أصحابنا ، وأرسل إلي أبوالحسن عليه السلام بقدح فيه ماء فقال الرسول :
يقول لك أبوالحسن عليه السلام : اشرب هذا الماء فان فيه شفاك إن شاء الله تعالى ففعلت
فأسهل بطني ، فأخرج الله ما كنت أجده من بطني من الاذى ، ودخلت على أبي
الحسن عليه السلام فقال : يا علي أما أجلك قد حضر مرة بعد مرة .
فخرجت إلى مكة فلقيت إسحاق بن عمار فقال : والله لقد أقمت بالمدينة
ثلاثة أيام ماشككت إلا أنك ستموت ، فأخبرني بقصتك ، فأخبرته بما صنعت
وما قال لي أبوالحسن عليه السلام مما أنشأ الله في عمري مرة بعد مرة من
الموت ، وأصابني مثل ما أصاب فقلت : ياإسحاق إنه إمام ابن إمام ، وبهذا يعرف
الامام ( 2 ) .
5 كش : محمد بن مسعود ، عن الحسين بن أشكيب ، عن بكر بن صالح ، عن
إسماعيل بن عباد القصري ، عن إسماعيل بن سلام ، وفلان بن حميد قالا : بعث إلينا
علي بن يقطين فقال : اشتريا راحلتين ، وتجنبا الطريق ودفع إلينا أموالا وكتبا
حتى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن موسى عليه السلام ، ولا يعلم
بكما أحد ، قال : فأتينا الكوفة واشترينا راحلتين وتزودنا زادا ، وخرجنا
___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 175 .
( 2 ) نفس المصدر ص 279 .
[ 35 ]
نتجنب الطريق ، حتى إذا صرنا ببطن الرمة ( 1 ) شددنا راحلتنا ، ووضعنا لها
العلف ، وقعدنا نأكل فبينا نحن كذلك ، إذ راكب قد أقبل ومعه شاكري ، فلما
قرب منا فاذا هو أبوالحسن موسى عليه السلام ، فقمنا إليه وسلمنا عليه ، ودفعنا إليه الكتب
وما كان معنا فأخرج من كمه كتبا فناولنا أياها فقال : هذه جوابات كتبكم .
قال : فقلنا : إن زادنا قد فني فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة ، فزرنا رسول الله
وتزودنا زادا فقال : هاتاما معكما من الزاد ، فأخرجنا الزاد إليه فقلبه بيده فقال :
هذا يبلغكما إلى الكوفة .
وأما رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رأيتما ، إني صليت معهم
الفجر ، وإني اريد أن اصلي معهم الظهر ، انصرفا في حفظ الله ( 2 ) .
حمدويه عن يحيى بن محمد ، عن بكر بن صالح مثله ( 3 ) .
6 يج : روي أن إسماعيل بن سالم قال : بعث إلي علي بن يقطين وإسماعيل
ابن أحمد فقالا لي : خذ هذه الدنانير ، وائت الكوفة فالق فلانا وأشخصه ، و
اشتريا راحلتين وساق الحديث نحو ما مر ، وزاد في آخره فرجعنا وكان يكفينا .
بيان : الشاكري معرب جاكر .
قوله : فقد رأيتما أي قربتم من المدينة
والقرب في حكم الزيارة .
ويحتمل أن يكون المراد أن رؤيتي بمنزلة رؤية الرسول ، كما في بعض
النسخ رأيتماه ، وعلى هذا قوله إني صليت بيان لفضله أو إعجازه مؤكدا لكونه
بمنزلة الرسول صلى الله عليه وآله في الشرف ، وهذا إنما يستقيم إذا كان المسافة بينهم وبين
المدينة بعيدة ، والاول أظهر .
7 كش : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد ، حدثني محمد بن عبدالله بن
مهران ، عن محمد بن علي ، عن ابن البطايني ، عن أبيه ، عن شعيب العقرقوفي قال :
___________________________________________________________________
( 1 ) بطن الرمة : منزل لاهل البصرة اذا أرادوا المدينة ، بها يجتمع أهل البصرة
والكوفة ، ومنه إلى العسيلة .
( 2 ) رجال الكشى ص 273 وفي أصل المصدر " بطن الرمة " بدل " الرملة " .
( 3 ) نفس المصدر ص 274 .
[ 36 ]
قال لي أبوالحسن عليه السلام مبتدءا من غير أن أسأله عن شئ : ياشعيب غدا يلقاك رجل
من أهل المغرب يسألك عني فقل : هو والله الامام الذي قال لنا أبوعبدالله عليه السلام
فاذا سألك عن الحلال والحرام فأجبه مني فقلت : جعلت فداك فما علامته ؟ قال :
رجل طويل جسيم يقال له : يعقوب ، فاذا أتاك فلا عليك أن تجيبه عن جميع ما سألك
فانه واحد قومه ، فان أحب أن تدخله إلي فأدخله .
قال : فوالله إني لفو طوافي إذ أقبل إلي رجل طويل من أجسم ما يكون من
الرجال فقال لي : اريد أن أسألك عن صاحبك فقلت : عن أي صاحب ؟ قال : من
فلان بن فلان قلت : ما اسمك ؟ قال : يعقوب قلت : ومن أين أنت ؟ قال : رجل
من أهل المغرب قلت : فمن أين أنت عرفتني ؟ قال : أتاني آت في منامي : الق شعيبا
فسله عن جميع ماتحتاج إليه ، فسألت عنك فدللت عليك فقلت : اجلس في هذا
الموضع حتى أفرغ من طوافي وآتيك إن شاء الله تعالى ، فطفت ثم أتيته فكلمت
رجلا عاقلا ، ثم طلب إلي أن ادخله على أبي الحسن عليه السلام فأخذت بيده فاستأذنت
على أبي الحسن عليه السلام فأذن لي .
فلما رآه أبوالحسن عليه السلام قال له : يايعقوب قدمت أمس ، ووقع بينك و
بين أخيك شر في موضع كذا وكذا حتى شتم بعضكم بعضا ، وليس هذا ديني ولا
دين آبائي ، ولا نأمر بهذا أحدا من الناس ، فاتق الله وحده لا شريك له ، فانكما
ستفترقان بموت ، أما إن أخاك سيموت في سفره قبل أن يصل إلى أهله ، وستندم
أنت على ماكان منك ، وذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما .
فقال له الرجل : فأنا جعلت فداك متى أجلي ؟ فقال : أما إن أجلك قد
حضر حتى وصلت عمتك بما وصلتها به في منزل كذا وكذا فزيد في أجلك عشرون
قال : فأخبرني الرجل ولقيته حاجا أن أخاه لم يصل إلى أهله حتى دفنه في
الطريق ( 1 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 276 وفيه " تدخله على " مكان " تدخله إلى " .
[ 37 ]
8 يج : روي عن أبي الصلت الهروي عن الرضا عليه السلام قال : قال أبي موسى
ابن جعفر عليهما السلام لعلي بن أبي حمزة مبتدءا : تلقى رجلا من أهل المغرب وساق الحديث
نحو ما مر إلا أن فيه مكان شعيب في المواضع علي بن أبي حمزة ( 1 ) .
9 قب : علي بن أبي حمزة قال : قال لي أبوالحسن عليه السلام مبتدءا وذكر نحوه
إلى قوله : وليس هذا من ديني ولا من دين آبائي ( 2 ) .
10 ختص : الحسن بن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، مثل مافي
الكتابين ( 3 ) .
11 كش : بهذا الاسناد عن البطايني ، عن أخطل الكاهلي ، عن عبدالله بن
يحيى الكاهلي قال : حججت فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال لي : اعمل خيرا
في سنتك هذه فان أجلك قد دنا قال : فبكيت فقال لي : فما يبكيك ؟ قلت : جعلت
فداك نعيت إلي نفسي قال : ابشر فانك من شيعتنا ، وأنت إلى خير .
قال : قال
أخطل : فما لبث عبدالله بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات ( 4 ) .
12 كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين أن بعض أصحابنا كتب إلى
أبي الحسن الماضي عليه السلام يسأله عن الصلاة على الزجاج قال : فلما نفذ كتابي إليه
تفكرت وقلت : هو مما أنبتت الارض ، وما كان لي أن أسأل عنه قال : فكتب إلي
لاتصل على الزجاج ، وإن حدثتك نفسك أنه مما أنبتت الارض ، ولكنه من
الملح والرمل وهما ممسوخان ( 5 ) .
13 قب : محمد بن الحسين مثله ( 6 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) الخرائج والجرائح ص 200 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 412 .
( 3 ) الاختصاص ص 89 .
( 4 ) رجال الكشى ص 280 .
( 5 ) الكافى ج 3 ص 332 .
( 6 ) المناقب ج 3 ص 421 .
[ 38 ]
14 عم ( 1 ) قب ( 2 ) شا : روى محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضل قال :
اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء هو من الاصابع إلى
الكعبين ؟ أم هو من الكعبين إلى الاصابع ؟ فكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن
موسى عليه السلام إن أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فان رأيت أن تكتب إلي
بخطك مايكون عملي عليه فعلت إن شاء الله فكتب إليه أبوالحسن عليه السلام : فهمت
ماذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثا
وتستنشق ثلاثا ، وتغسل وجهك ثلاثا وتخلل شعر لحيتك وتمسح رأسك كله وتمسح
ظاهر اذنيك وباطنهما وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثا ولا تخالف ذلك إلى غيره .
فلما وصل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجب بما رسم فيه ، مما أجمع العصابة
على خلافه ، ثم قال : مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره ، وكان يعمل في وضوئه
على هذا الحد ، ويخالف ماعليه جميع الشيعة ، امتثالا لامر أبي الحسن عليه السلام ، و
سعى بعلي بن يقطين إلى الرشيد ، وقيل : إنه رافضي مخالف لك .
فقال الرشيد لبعض خاصته : قد كثر عندي القول في علي بن يقطين والقرف
له ( 3 ) بخلافنا وميله إلى الرفض ولست أرى في خدمته لي تقصيرا ، وقد امتحنته
مرارا فما ظهرت منه على مايقرف به واحب أن أستبرئ أمره من حيث لايشعر
بذلك ، فيتحر زمني .
فقيل له : إن الرافضة ياأمير المؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه
ولا ترى غسل الرجلين فامتحنه ياأمير المؤمنين من حيث لايعلم ، بالوقوف على
وضوئه ، فقال : أجل إن هذا الوجه يظهر به أمره ، ثم تركه مدة وناطه بشئ من
الشغل في الدار ، حتى دخل وقت الصلاة ، وكان علي بن يقطين يخلو في حجرة
في الدار لوضوئه وصلاته ، فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط
___________________________________________________________________
( 1 ) اعلام الورى ص 293 بتفاوت .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 407 بتفاوت .
( 3 ) القرف : بفتحتين التهمة فيقال هو يقرف بكذا أى به يرمى ويتهم فهو مقروف .
[ 39 ]
الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ، ولا يراه هو ، فدعا بالماء للوضوء ، فتمضمض
ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ثلاثا ، وخلل شعر لحيته ، وغسل يديه إلى
المرفقين ثلاثا ، ومسح رأسه واذنيه ، وغسل رجليه والرشيد ينظر إليه .
فلما رآه وقد فعل ذلك لم يملك نفسه حتى أشرف عليه بحيث يراه ، ثم ناداه :
كذب يا علي بن يقطين من زعم أنك من الرافضة .
وصلحت حاله عنده ، وورد عليه
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 39 سطر 6 الى ص 47 سطر 6
كتاب أبي الحسن عليه السلام : ابتداءا : من الآن يا علي بن يقطين فتوض كما أمر الله ، واغسل وجهك مرة فريضة ، واخرى إسباغا ، واغسل يديك من المرفقين كذلك
وامسح مقدم رأسك ، وظاهر قدميك بفضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كان يخاف
عليه والسلام ( 1 ) .
15 شى : عن سليمان بن عبدالله قال : كنت عند أبي الحسن موسى عليه السلام
قاعدا فاتي بامرأة قد صار وجهها قفاها فوضع يده اليمنى في جبينها ويده اليسرى
من خلف ذلك ، ثم عصر وجهها عن اليمين ثم قال : " إن الله لايغير مابقوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم " ( 2 ) فرجع وجهها فقال : احذري أن تفعلين كما فعلت
قالوا : ياابن رسول الله وما فعلت ؟ فقال : ذلك مستور إلا أن تتكلم به ، فسألوها
فقالت : كانت لي ضرة فقمت اصلي فظننت أن زوجي معها ، فالتفت إليها فرأيتها
قاعدة وليس هو معها ، فرجع وجهها على ماكان ( 3 ) .
16 قب : خالد السمان في خبر أنه دعا الرشيد رجلا يقال له علي بن
صالح الطالقاني وقال له : أنت الذي تقول : إن السحاب حملتك من بلد الصين
إلى طالقان ؟ فقال : نعم قال : فحدثنا كيف كان ؟ قال : كسر مركبي في لجج
البحر فبقيت ثلاثة أيام على لوح تضربني الامواج ، فألقتني الامواج إلى البر
___________________________________________________________________
( 1 ) الارشاد ص 314 .
( 2 ) سورة الرعد ، الاية : 11 .
( 3 ) تفسير العياشي ج 2 ص 205 وأخرج الحديث الشيخ الحر العاملي في اثبات الهداة
ج 5 ص 550 والسيد البحراني في البرهان في تفسير الاية .
[ 40 ]
فاذا أنا بأنهار ، فنمت تحت ظل شجرة ، فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتا
هائلا ، فانتبهت فزعا مذعورا فاذا أنا بدابتين يقتتلان على هيئة الفرس ، لا احسن
أن أصفهما ، فلما بصرا بي دخلتا في البحر ، فبينما أنا كذلك إذ رأيت طائرا عظيم
الخلق ، فوقع قريبا مني بقرب كهف في جبل ، فقمت مستترا في الشجر حتى دنوت
منه لاتأمله فلما رآني طار وجعلت أقفو أثره .
فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا وتهليلا وتكبيرا وتلاوة القرآن ، و
دنوت من الكهف فناداني مناد من الكهف : ادخل ياعلي بن صالح الطالقاني ، رحمك
الله ، فدخلت وسلمت فاذا رجل فخم ضخم غليظ الكراديس ( 1 ) عظيم الجثة أنزع
أعين ، فرد علي السلام وقال : يا علي بن صالح الطالقاني أنت من معدن الكنوز
لقد أقمت ممتحنا بالجوع والعطش والخوف ، لولا أن الله رحمك في هذا اليوم
فأنجاك وسقاك شرابا طيبا ، ولقد علمت الساعة التي ركبت فيها ، وكم أقمت في
البحر ، وحين كسر بك المركب ، وكم لبثت تضربك الامواج ، وما هممت به
من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت ، لعظيم مانزل بك ، والساعة التي
نجوت فيها ، ورؤيتك لما رأيت من الصورتين الحسنتين ، واتباعك للطائر الذي
رأيته واقعا ، فلما رآك صعد طائرا إلى السماء ، فهلم فاقعد رحمك الله .
فلما سمعت كلامه قلت : سألتك بالله من أعلمك بحالي ؟ فقال : عالم الغيب
والشهادة ، والذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ، ثم قال : أنت جائع
فتكلم بكلام تململت به شفتاه ، فاذا بمائة عليها منديل ، فكشفه وقال : هلم إلى
مارزقك الله فكل ، فأكلت طعاما مارأيت أطيب منه ، ثم سقاني ماءا مارأيت ألذ منه
ولا أعذب ، ثم صلى ركعتين ثم قال : يا علي أتحب الرجوع إلى بلدك ؟ فقلت :
ومن لي بذلك ؟ ! فقال : وكرامة لاوليائنا أن نفعل بهم ذلك ، ثم دعا بدعوات و
رفع يده إلى السماء وقال : الساعة الساعة ، فاذا سحاب قد أظلت باب الكهف قطعا
قطعا ، وكلما وافت سحابة قالت : سلام عليك ياولي الله وحجته فيقول : و
___________________________________________________________________
( 1 ) الكراديس : جمع كردوس وهو كل عظمين التقيا في مفصل .