[ 61 ]
وقل لها : أنت رفعت السطل في الخلا فرديه فانها سترده عليك ، فما انصرفت
أتيت جارية رب الدار ، فقلت : إني نسيت السطل في الخلاف رديه على أتوضأ به
فردت علي سطلي .
75 كشف : من دلايل الحميري ، عن عيسى بن المدايني مثله ( 1 ) .
76 يج : روي أن علي بن أبي حمزة قال : كنت عند موسى بن جعفر عليه السلام
إذ أتاه رجل من أهل الري يقال له جندب فسلم عليه وجلس وساءله أبوالحسن عليه السلام
وأحسن السؤال به ثم قال له : ياجندب مافعل أخوك ؟ قال له : بخير وهو يقرئك
السلام فقال : ياجندب أعظم الله لك أجرك في أخيك فقال : ورد كتابه من الكوفة
لثلاثة عشر يوما بالسلامة ، فقال : إنه والله مات بعد كتابه بيومين ودفع إلى امرأته
مالا وقال : ليكن هذا المال عندك فاذا قدم أخي فادفعيه إليه ، وقد أودعته الارض
في البيت الذي كان يكون فيه ، فاذا أنت أتيتها فتلطف لها وأطمعها في نفسك فانها
ستدفعه إليك ، قال علي بن أبي حمزة : وكان جندب رجلا كبيرا جميلا قال :
فلقيت جندبا بعد ما فقد أبوالحسن عليه السلام فسألته عما قال له فقال : صدق والله سيدي
مازاد ولا نقص لا في الكتاب ولا في المال .
77 عيون المعجزات : عن علي مثله ( 2 ) .
78 نجم : باسنادنا إلى الحميري في كتاب الدلائل يرفعه إلى علي مثله ( 3 ) .
79 كشف : من كتاب دلائل الحميري عن علي مثله ( 4 ) .
80 يج : روى ابن أبي حمزة قال : كان رجل من موالي أبي الحسن لي
صديقا قال : خرجت من منزلي يوما فاذا أنا بامرأة حسناء جميلة ومعها اخرى
فتبعتها فقلت لها : تمتعيني نفسك فالتفتت إلي وقالت إن كان لنا عندك جنس فليس فينا
___________________________________________________________________
( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 45 .
( 2 ) عيون المعجزات ص 87 .
( 3 ) فرج المهموم ص 230 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 46 .
[ 62 ]
مطمع ، وإن لم يكن لك زوجة فامض بنا ، فقلت ليس لك عندنا جنس فانطلقت معي
حتى صرنا إلى باب المنزل فدخلت فلما أن خلعت فرد خف وبقي الخف الآخر
تنزعه إذا قارع يقرع الباب فخرجت فاذا أنا بموفق فقلت له : ماوراك ؟ قال : خير
يقول أبوالحسن : أخرج هذه المرأة التي معك في البيت ولا تمسها .
فدخلت فقلت لها : البسي خفيك ياهذه واخرجي ، فلبست خفها وخرجت
فنظرت إلى موفق بالباب فقال : سد الباب فسددته ، فوالله ماجائت له غير بعيد
وأنا وراء الباب أستمع وأتطلع حتى لقيها رجل مستعر ، فقال لها : مالك خرجت
سريعا ألست قلت لاتخرجي قالت : إن رسول الساحر جاء يأمره أن يخرجني فأخرجني
قال : فسمعته يقول أولى له وإذا القوم طمعوا في مال عندي ، فلما كان العشاء عدت
إلى أبي الحسن قال : لاتعد فان تلك امرأة من بني امية أهل بيت لعنة إنهم كانوا
بعثوا أن يأخذوها من منزلك فاحمد الله الذي صرفها .
ثم قال لي أبوالحسن : تزوج بابنة فلان وهو مولى أبي أيوب البخاري فانها
امرأة قد جمعت كل ماتريد من أمر الدنيا والآخرة فتزوجت فكان كما
قال عليه السلام .
بيان : قوله مستعر من استعر النار أي التهب وهو كناية عن العزم على الشر
والفساد .
81 يج : روي أن علي بن أبي حمزة قال : بعثني أبوالحسن في حاجة فجئت
وإذا معتب على الباب فقلت : أعلم مولاي بمكاني ، فدختل معتب ومرت بي امرأة فقلت
لولا أن معتبا دخل فأعلم مولاي بمكاني لاتبعت هذه المرأة فتمتعت بها ، فخرج
معتب فقال : ادخل ، فدخلت عليه وهو على مصلى تحته مرفقة فمد يده وأخرج
من تحت المرفقة صرة فناولنيها وقال : الحق المرأة فإنها على دكان العلاف تقول
ياعبدالله قد حبستني ، قلت أنا ؟ قالت : نعم فذهبت بها وتمتعت بها .
82 يج : روي عن المعلى بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن بكار القصي
قال : حججت أربعين حجة ، فلما كان في آخرها اصبت بنفقتي فقدمت مكة فأقمت
[ 63 ]
حتى يصدر الناس ثم أصير إلى المدينة فأزور رسول الله صلى الله عليه وآله وأنظر إلى سيدي
أبي الحسن موسى عليه السلام وعسى أن أعمل عملا بيدي فأجمع شيئا فأستعين به على
طريقي إلى الكوفة ، فخرجت حتى صرت إلى المدينة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فسلمت
عليه ثم جئت إلى المصلى إلى الموضع الذي يقوم فيه العملة ، فقمت فيه رجاء أن
يسبب الله لي عملا أعمله .
فبينما أنا كذلك إذا أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة ، فجئت فوقفت
معهم فذهب بجماعة فاتبعته فقلت : ياعبدالله إني رجل غريب فان رأيت أن تذهب بي
معهم فتستعملني قال : أنت من أهل الكوفة ؟ قلت : نعم قال : اذهب فانطلقت معه
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 63 سطر 9 الى ص 71 سطر 9
إلى دار كبيرة تبنى جديدة ، فعملت فيها أياما وكنا لانعطى من اسبوع إلى اسبوع
إلا يوما واحدا ، وكان العمال لايعملون فقلت للوكيل : استعملني عليهم حتى
أستعملهم وأعمل معهم فقال : قد استعملتك فكنت أعمل وأستعملهم .
قال : فاني لواقف ذات يوم على السلم إذ نظرت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام
قد أقبل وأنا في السلم في الدار ، ثم رفع رأسه إلي فقال : بكار جئتنا انزل
فنزلت قال : فتنحى ناحية فقال لي : ماتصنع ههنا ؟ فقلت : جعلت فداك اصبت
بنفقتي بجمع فأقمت إلى : صدور الناس ثم إني صرت إلى المدينة فأتيت المصلى
فقلت أطلب عملا فبينما أنا قائم إذ جاء وكيلك فذهب برجال فسألته أن يستعملني
كما يستعملهم فقال لي : قم يومك هذا .
فلما كان من الغد وكان اليوم الذي يعطون فيه جاء فقعد على الباب فجعل
يدعو الوكيل برجل رجل يعطيه ، كلما ذهبت لادنو قال لي بيده كذا حتى إذا
كان في آخرهم قال إلي : ادن فدنوت فدفع إلى صرة فيها خمسة عشر دينارا قال
لي : خذ هذه نفقتك إلى الكوفة .
ثم قال : اخرج غدا ، قلت : نعم جعلت فداك ولم أستطع أن أرده ، ثم
ذهب وعاد إلي الرسول فقال : قال أبوالحسن : ائتني غدا قبل أن تذهب .
[ 64 ]
فلما كان من الغد أتيته فقال : اخرج الساعة حتى تصير إلى فيد ( 1 ) فانك
توافق قوما يخرجون إلى الكوفة وهاك هذا الكتاب فادفعه إلى علي بن أبي حمزة
قال : فانطلقت فلا والله ماتلقاني خلق حتى صرت إلى فيد ، فاذا قوم قد تهيؤا
للخروج إلى الكوفة من الغد ، فاشتريت بعيرا وصحبتهم إلى الكوفة فدخلتها ليلا
فقلت أصير إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه ثم أغدو بكتاب مولاي إلى علي بن أبي
حمزة ، فأتيت منزلي فاخبرت أن اللصوص دخلوا حانوتي قبل قدومي بأيام .
فلما أن أصبحت صليت الفجر فبينما أنا جالس متفكر فيما ذهب لي من
حانوتي إذا أنا بقارع يقرع الباب فخرجت فاذا علي بن أبي حمزة فعانقته وسلم
علي ثم قال لي : يابكار هات كتاب سيدي ، قلت : نعم كنت على المجئ إليك
الساعة ، قال : هات قد علمت أنك قد مت ممسيا ، فأخرجت الكتاب فدفعته إليه
فأخذه وقبله ووضعه على عينيه وبكى ، فقلت : مايبكيك ؟ قال : شوقا إلى سيدي
ففكه وقرأه ثم رفع رأسه وقال : يا بكار دخل عليك اللصوص ؟ قلت : نعم فأخذوا
مافي حانوتك ؟ قلت : نعم .
قال : إن الله قد أخلف عليك قد أمرني مولاك ومولاي أن أخلف عليك ما
ذهب منك وأعطاني أربعين دينارا ، قال : فقومت ماذهب فاذا قيمته أربعون دينارا
ففتح علي الكتاب وقال فيه : ادفع إلى بكار قيمة ماذهب من حانوته أربعين
دينارا ( 2 ) .
83 يج : روي أن إسحاق بن عمار قال : لما حبس هارون أبا الحسن موسى
دخل عليه أبويوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة فقال أحدهما للآخر : نحن
على أحد الامرين إما أن نساويه أو نشكله فجلسا بين يديه ، فجآء رجل كان موكلا
من قبل السندي بن شاهك فقال : إن نوبتي قد انقضت وأنا على الانصراف فإن كان
لك حاجة أمرتني حتى آتيك بها في الوقت الذي تخلفني النوبة ؟ فقال : ما لي
___________________________________________________________________
( 1 ) فيد : منزل في نصف طريق مكة إلى الكوفة .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 201 .
[ 65 ]
حاجة ، فلما أن خرج قال لابي يوسف : ما أعجب هذا يسألني أن اكلفه حاجة من
حوائجي ليرجع وهو ميت في هذه الليلة ، فقاما فقال أحدهما للآخر : إنا جئنا
لنسأله عن الفرض والسنة وهو الان جاء بشئ آخر كأنه من علم الغيب .
ثم بعثا برجل مع الرجل فقالا : اذهب حتى تلزمه وتنظر مايكون من
أمره في هذه الليلة وتأتينا بخبره من الغد ، فمضى الرجل فنام في مسجد في باب داره
فلما أصبح سمع الواعية ورأى الناس يدخلون داره فقال : ماهذا ؟ قالوا : قد مات
فلان في هذه الليلة فجأة من غير علة ، فانصرف إلى أبي يوسف ومحمد وأخبرهما
الخبر فأتيا أبا الحسن عليه السلام فقالا : قد علمنا أنك أدركت العلم في الحلال والحرام
فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل بك أنه يموت في هذه الليلة ؟ قال :
من الباب الذي أخبر بعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام فلما رد عليهما
هذا بقيا لايحيران جوابا ( 1 ) .
بيان : نشكله أي نشبهه وإن لم نكن مثله .
84 يج : عن إسحاق بن عمار أن أبا بصير أقبل مع أبي الحسن موسى بن
مكة يريد المدينة ، فنزل أبوالحسن في الموضع الذي يقال له زبالة بمرحلة ( 2 )
فدعا بعلي بن أبي حمزة البطائني وكان تلميذا لابي بصير فجعل يوصيه بوصية بحضرة
أبي بصير ويقول : يا علي إذا صرنا إلى الكوفة تقدم في كذا ، فغضب أبوبصير و
خرج من عنده ، فقال : لا والله ماأعجب ماأرى هذا الرجل أنا أصحبه منذ حين ثم
تخطاني بحوائجه إلى بعض غلماني ، فلما كان من الغد حم أبوبصير بزبالة فدعا
بعلي بن أبي حمزة فقال لي : أستغفر الله مما حل في صدري من مولاي ومن سوء ظني
به ، فقد علم أني ميت وأني لا ألحق الكوفة ، فإذا أنا مت فافعل كذا وتقدم في
كذا ، فمات أبوبصير في زبالة .
85 يج : روي أن هشام بن الحكم قال : لما مضى أبوعبدالله وادعى الامامة
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ص 202 .
( 2 ) زبالة : منزل معروف بطريق مكة بين واقصة والثعلبية بها بركتان .
[ 66 ]
عبدالله بن جعفر وأنه أكبر من ولده ، دعاه موسى بن جعفر عليه السلام وقال : يا أخي إن
كنت صاحب هذا الامر فهلم يدك فأدخلها النار ، وكان حفر حفيرة وألقى فيها حطبا
وضربها بنفط ونار ، فلم يفعل عبدالله ، وأدخل أبوالحسن يده في تلك الحفيرة ، ولم
يخرجها من النار إلا بعد احتراق الحطب وهو يمسحها .
86 يج : روي أن علي بن مؤيد قال : خرج إليه عن أبي الحسن موسى عليه السلام :
سألتني عن امور كنت منها في تقية ومن كتمانها في سعة ، فلما انقضى سلطان الجبابرة
ودنا سلطان ذي السلطان العظيم ، بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها ، العتاة على
خالقهم ، رأيت أن افسر لك ما سألتني عنه مخافة أن تدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا
من قبل جهالتهم فاتق الله واكتم ذلك إلا من أهله ، واحذر أن تكون سبب بلية على
الاوصياء أو حارشا عليهم في إفشاء ما استودعتك وإظهار مااستكتمنك ، ولن تفعل
إنشاء الله ، إن أول ماانهي عليك أن أنعى إليك نفسي في ليالي هذه ، غير جازع
ولا نادم ولا شاك فيما هو كائن مما قضى الله وقدر وحتم ، في كلام كثير ، ثم إنه عليه السلام
مضى في أيامه هذه .
87 يج : روي عن محمد بن عبدالله ، عن صالح بن واقد الطبري قال : دخلت
على موسى بن جعفر فقال : ياصالح إنه يدعوك الطاغية يعني هارون فيحبسك في
محبسه ويسألك عني فقل إني لاأعرفه ، فاذا صرت إلى محبسه فقل من أردت أن
تخرجه فأخرجه باذن الله تعالى ، قال صالح : فدعاني هارون من طبرستان فقال :
مافعل موسى بن جعفر فقد بلغني أنه كان عندك ؟ فقلت : وما يدريني من موسى بن
جعفر ؟ أنت ياأمير المؤمنين أعرف به وبمكانه ، فقال اذهبوا به إلى الحبس ، فوالله
إني لفي بعض الليالي قاعد وأهل الحبس نيام إذا أنا به يقول : ياصالح ، قلت : لبيك
قال : صرت إلى ههنا ؟ فقلت : نعم ياسيدي قال : قم فاخرج واتبعني ، فقمت و
خرجت ، فلما صرنا إلى بعض الطريق قال : ياصالح السلطان سلطاننا كرامة من
الله أعطاناها ، قلت : ياسيدي فأين أحتجز من هذا الطاغية ؟ قال : عليك ببلادك فارجع
إليها فإنه لن يصل إليك ، قال صالح : فرجعت إلى طبرستان فوالله ما سأل عني و
[ 67 ]
لادرى أحبسني أم لا .
88 يج : روي عن الاصبغ بن موسى قال : حملت دنانير إلى موسى بن
جعفر عليه السلام بعضها لي وبعضها لاخواني ، فلما دخلت المدينة أخرجت الذي لاصحابي
فعددته فكان تسعة وتسعين دينارا فأخرجت من عندي دينارا فأتممتها مائة دينار
فدخلت فصببتها بين يديه ، فأخذ دينارا من بينها ثم قال : هاك دينارك ، إنما بعث
إلينا وزنا لا عددا .
89 يج : روي عن المفضل بن عمر قال : لما قضي الصادق عليه السلام كانت وصيته
في الامامة إلى موسى الكاظم فادعى أخوه عبدالله ( 1 ) الامامة ، وكان أكبر ولد جعفر
في وقته ذلك ، وهو المعروف بالافطح فأمر موسى بجمع حطب كثير في وسط داره
___________________________________________________________________
( 1 ) عبدالله الافطح : كان أكبر اخوته بعد أخيه اسماعيل الذي توفي فيه حياة أبيه
ولم تكن منزلة عبدالله عند أبيه الصادق " ع " منزلة غيره من اخوته في الاكرام ، وكان متهما
في الخلاف على أبيه في الاعتقاد ، ويقال : انه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذهب المرجئة
وعلى اساس السن ادعى بعد أبيه الامامة محتجا بأنه أكبر اولاده الباقين بعده ، فاتبعه جماعة
من أصحاب الصادق " ع " ثم رجع أكثرهم عن هذا القول .
قال ابن حزم في الجمهرة ص 59 :
.
.
.
فقدم زرارة المدينة فلقى عبدالله فسأله عن مسائل من الفقه فألفاه في غاية الجهل
فرجع عن امامته ، فلما انصرف إلى الكوفة أتاه أصحابه فسألوه عن امامه وامامهم وكان
المصحف بين يديه فأشار لهم اليه وقال لهم : هذا امامى لا امام لى غيره فانقطعت الشيعة
المعروفة بالافطحية .
اه .
نعم بقى نفر يسير ، منهم عمار الساباطي ومصدق بن صدقة في آخرين وهم المعروفون
بالفطحية ، نسبة إلى عبدالله أمامهم حيث كان افطح الرأس عريضه او أفطح الرجلين
وقيل بل نسبة إلى عبدالله بن افطح وكان داعيتهم ورئيسهم .
ولم يذكر النسابون لعبد الله عقبا ، وقيل كان له ابن اسمه حمزة ، ولما مات عبدالله
لم يكن له الا بنت واحدة ، وقد ذكر ابن حزم في الجمهرة ص 59 ان بنى عبيد ولاة مصر قد
[ 68 ]
فأرسل إلى أخيه عبدالله يسأله أن يصير إليه ، فلما صار عنده ومع موسى جماعة
من وجوه الامامية ، وجلس إليه أخوه عبدالله ، أمر موسى أن يجعل النار في ذلك
الحطب كله فاحترق كله ، ولا يعلم الناس السبب فيه ، حتى صار الحطب كله جمرا
ثم قام موسى وجلس بثيابه في وسط النار وأقبل يحدث الناس ساعة ، ثم قام فنفض
ثوبه ورجع إلى المجلس فقال لاخيه عبدالله : إن كنت تزعم أنك الامام بعد أبيك
فاجلس في ذلك المجلس ، فقالوا : فرأينا عبدالله قد تغير لونه فقام يجر رداءه حتى
خرج من دار موسى عليه السلام ( 1 ) .
90 يج : روي عن إسحاق بن منصور ، عن أبيه ، قال : سمعت موسى بن
جعفر عليه السلام يقول ناعيا إلى رجل من الشيعة نفسه ، فقلت في نفسي : وإنه ليعلم
متى يموت الرجل من شيعته ! فالتفت إلي فقال : اصنع ما أنت صانع فان عمرك
قد فني ، وقد بقي منه دون سنتين ، وكذلك أخوك ولا يمكث بعدك إلا شهرا واحدا
حتى يموت ، وكذلك عامة أهل بيتك ويتشتت كلهم ، ويتفرق جمعهم ، ويشمت بهم
أعداؤهم ، وهم يصيرون رحمة لاخوانهم أكان هذا في صدرك ؟ فقلت : أستغفر الله مما
في صدري ، فلم يستكمل منصور سنتين حتى مات ، ومات بعده بشهر أخوه ومات
عامة أهل بيته ، وأفلس بقيتهم وتفرقوا حتى احتاج من بقي منهم إلى الصدقة ( 2 ) .
91 كا : أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن سيف بن عميرة ، عن
إسحاق بن عمار قال : سمعت العبد الصالح عليه السلام ينعى إلى رجل نفسه إلى قوله
___________________________________________________________________
ادعوا في أول أمرهم إلى عبدالله بن جعفر بن محمد هذا فلما صح عندهم ان عبدالله هذا
لم يعقب الا ابنة واحدة تركوه وانتموا إلى اسماعيل بن جعفر اه .
توفي عبدالله الافطح بعد أبيه بسبعين يوما وكان ذلك من عناية الله بخلقه المؤمنين
حيث لم تطل مدته فيكثر القول بأمره والقائلون بامامته .
لاحظ عن الفطحية الملل والنحل ج 2 ص 6 بهامش الفصل ، والفرق بين الفرق
ص 39 وفرق الشيعة ص 77 وغيرهما .
( 1 و 2 ) الخرائج والجرائح ص 200 .
[ 69 ]
فالتفت إلى شبه المغضب فقال : ياإسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا
والامام أولى بعلم ذلك ، ثم قال : ياإسحاق اصنع إلى قوله فلم يلبث إسحاق
بعد هذا المجلس إلا يسيرا حتى مات فما أتى عليهم إلا قليل حتى قام بنو عمار
بأموال الناس فأفلسوا ( 1 ) .
92 يج : روى واضح عن الرضا قال : قال أبي موسى عليه السلام للحسين بن
أبي العلا : اشتر لي جارية نوبية فقال الحسين : أعرف والله جارية نوبية نفيسة أحسن
مارأيت من النوبة ، فلولا خصلة لكانت من يأتيك ، فقال : وما تلك الخصلة ؟ قال :
لاتعرف كلامك وأنت لاتعرف كلامها ، فتبسم ثم قال : اذهب حتى تشتريها ( قال : )
فلما دخلت بها إليه ، قال لها بلغتها : مااسمك ؟ قالت : مونسة قال : أنت لعمري
مونسة قد كان لك اسم غير هذا ، كان اسمك قبل هذا حبيبة ، قالت : صدقت ، ثم
قال : ياابن أبي العلا إنها ستلد لي غلاما لا يكون في ولدي أسخى منه ولا أشجع
ولا أعبد منه قال : فما تسميه حتى أعرفه ؟ قال : اسمه إبراهيم .
فقال علي بن أبي حمزة : كنت مع موسى عليه السلام بمنى إذ أتاني رسوله فقال :
الحق بي بالثعلبية ( 2 ) فلحقت به ومعه عياله وعمران خادمه فقال : أيما أحب
إليك : المقام ههنا أو تلحق بمكة ؟ قلت : أحبهما إلي ماأحببته ، قال : مكة خير
لك ثم بعثني إلى داره بمكة وأتيته وقد صلى المغرب فدخلت فقال : اخلع نعليك
إنك بالوادي المقدس ، فخلعت نعلي وجلست معه ، فاتيت بخوان فيه خبيص
فأكلت أنا وهو ، ثم رفع الخوان وكنت احدثه ، ثم غشيني النعاس ، فقال لي :
قم فنم حتى أقوم أنا لصلاة الليل ، فحملني النوم إلى أن فرغ من صلاة الليل ، ثم
جاءني فنبهني فقال : قم فتوضأ ! وصل صلاة الليل وخفف ، فلما فرغت من الصلاة
صليت الفجر ثم قال لي : يا علي إن ام ولدي ضربها الطلق فحملتها إلى الثعلبية
___________________________________________________________________
( 1 ) الكافي ج 1 ص 484 .
( 2 ) الثعلبية : من منازل طريق مكة قد كانت قرية فخربت وهى مشهورة .
[ 70 ]
مخافة أن يسمع الناس صوتها فولدت هناك الغلام الذي ذكرت لك كرمه وسخاءه
وشجاعته قال علي : فوالله لقد أدركت الغلام فكان كما وصف ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : لا يكون في ولدي أسخى منه أي ساير أولاده سوى
الرضا عليهما السلام .
93 يج روي عن ابن أبي حمزة قال : كنت عند أبي الحسن موسى عليه السلام إذ
دخل عليه ثلاثون مملوكا من الحبشة اشتروا له ، فتكلم غلام منهم فكان جميلا
بكلام فأجابه موسى عليه السلام بلغته ، فتعجب الغلام وتعجبوا جميعا وظنوا أنه لايفهم
كلامهم ، فقال له موسى : إني لادفع إليك مالا فادفع إلى كل منهم ثلاثين درهما
فخرجوا وبعضهم يقول لبعض : إنه أفصح منا بلغاتنا ، وهذه نعمة من الله علينا .
قال علي بن أبي حمزة : فلما خرجوا قلت : ياابن رسول الله رأيتك تكلم هؤلاء
الحبشيين بلغاتهم ؟ ! قال : نعم ، قال : وأمرت ذلك الغلام من بينهم بشئ دونهم ؟ قال :
نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيرا وأن يعطي كل واحد منهم في كل شهر ثلاثين
درهما ، لانه لما تكلم كان أعلمهم فأنه من أبنآء ملوكهم ، فجعلته عليهم وأوصيته
بما يحتاجون إليه ، وهو مع هذا غلام صدق ، ثم قال : لعلك عجبت من كلامي
إياهم بالحبشة ؟ قلت : إي والله قال : لا تعجب فما خفي عليك من أمري أعجب
وأعجب ، وما الذي سمعته مني إلا كطائر أخذ بمنقاره من البحر قطرة ، أفترى
هذا الذي يأخذه بمنقاره ينقص من البحر ؟ ! والامام بمنزلة البحر لاينفد ماعنده
وعجائبه أكثر من عجائب البحر ( 2 ) .
94 يج : قال بدر مولى الرضا عليه السلام : إن إسحاق بن عمار دخل على
موسى بن جعفر عليهما السلام فجلس عنده إذا استأذن رجل خراساني فكلمه بكلام لم يسمع
مثله قط كأنه كلام الطير ، قال إسحاق : فأجابه موسى بمثله وبلغته إلى أن قضى
وطره من مساءلته ، فخرج من عنده فقلت : ماسمعت بمثل هذا الكلام قال : هذا
كلام قوم من أهل الصين مثله ، ثم قال : أتعجب من كلامي بلغته ؟ قلت : هو موضع
___________________________________________________________________
( 1 و 2 ) الخرائج والجرائح ص 201 .