[83]
قضى به فأنهي إلى أمير المؤمنين فأمربإحضاره و إحضار من يقول بخلاف قوله منهم سفيان الثوري و إبراهيم المدني و الفضيلبن عياض فشهدوا أنه قول علي ( ع ) في هذه المسألة فقال لهم فيما أبلغني بعض العلماء منأهل الحجاز فلم لا تفتون به و قد قضى به نوح بن دراج فقالوا جسر نوح وجبنا و قدأمضى أمير المؤمنين ( ع ) قضية يقول قدماء العامة عن النبي ( ص ) أنه قال علي أقضاكم وكذلك قال عمر بن الخطاب علي أقضانا و هو اسم جامع لأن جميع ما مدح به النبي صأصحابه من القراءة و الفرائض و العلم داخل في القضاء قال زدني يا موسى قلت المجالسبالأمانات و خاصة مجلسك فقال لا بأس عليك فقلت إن النبي لم يورث من لم يهاجر و لاأثبت له ولاية حتى يهاجر فقال ما حجتك فيه فقلت قول الله تعالى
وَ الَّذِينَآمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّىيُهاجِرُوا
و إن عمي العباس لم يهاجر فقال لي أسألك يا موسى هل أفتيت بذلك أحدا منأعدائنا أم أخبرت أحدا من الفقهاء في هذه المسألة بشيء فقلت اللهم لا و ما سألنيعنها إلا أمير المؤمنين ثم قال لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ينسبوكم إلى رسول اللهص و يقولون لكم يا بني رسول الله ( ص ) و أنتم بنو علي و إنما ينسب المرء إلى أبيه وفاطمة إنما هي وعاء و النبي ( ص ) جدكم من قبل أمكم فقلت يا أمير المؤمنين لو أن النبيص نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه فقال سبحان الله و لم لا أجيبه بل أفتخر علىالعرب و العجم و قريش بذلك [84]
فقلت له لكنه ( ص ) لا يخطبإلي و لا أزوجه فقال و لم فقلت لأنه ( ص ) ولدني و لم يلدك فقال أحسنت يا موسى ثم قالكيف قلتم إنا ذرية النبي ( ص ) و النبي ( ص ) لم يعقب و إنما العقب للذكر لا للأنثى و أنتمولد البنت و لا يكون لها عقب فقلت أسألك يا أمير المؤمنين بحق القرابة و القبر ومن فيه إلا ما أعفاني عن هذه المسألة فقال لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي وأنت يا موسى يعسوبهم و إمام زمانهم كذا أنهي إلي و لست أعفيك في كل ما أسألك عنهحتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله تعالى و أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقطعنكم منه بشيء ألف و لا واو إلا و تأويله عندكم و احتججتم بقوله عز و جل
مافَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ
و قد استغنيتم عن رأي العلماء و قياسهم فقلتتأذن لي في الجواب قال هات قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمنالرحيم
وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَمُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَعِيسى وَ إِلْياسَ
من أبو عيسى يا أمير المؤمنين فقال ليس لعيسى أب فقلت إنماألحقناه بذراري الأنبياء ( ع ) من طريق مريم ( ع ) و كذلك ألحقنا بذراري النبي ( ص ) من قبلأمنا فاطمة ( ع ) أزيدك يا أمير المؤمنين قال هات قلت قول الله عز و جل
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُأَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ.
[85]
و لم يدع أحد أنه أدخل النبي ( ص ) تحت الكساء عندالمباهلة للنصارى إلا علي بن أبي طالب و فاطمة و الحسن و الحسين فكان تأويل قولهتعالى أَبْناءَنا الحسن و الحسين و نِساءَنا فاطمة وَ أَنْفُسَنا
علي بن أبي طالبع على أن العلماء قد أجمعوا على أن جبرئيل ( ع ) قال يوم أحد يا محمد إن هذه لهيالمواساة من علي قال لأنه مني و أنا منه فقال جبرئيل و أنا منكما يا رسول الله صثم قال لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي فكان كما مدح الله تعالى به خليله ( ع ) إذ يقول فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ
إنا معشر بني عمك نفتخر بقولجبرئيل أنه منا فقال أحسنت يا موسى ارفع إلينا حوائجك فقلت له أول حاجة أن تأذنلابن عمك أن يرجع إلى حرم جده و إلى عياله فقال ننظر إن شاء الله تعالى فروي أنهأنزله عند السندي بن شاهك فزعم أنه توفي عنده و الله أعلم .
10- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قالحدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله عن علي بن محمدبن سليمان النوفلي قال سمعت أبي يقول لما قبض الرشيد على موسى بن جعفر ( ع ) قبض عليهو هو عند رأس النبي ( ص ) قائما يصلي فقطع عليه صلاته و حمل و هو يبكي و يقول أشكوإليك يا رسول الله ما ألقى و أقبل الناس من كل جانب يبكون و يصيحون فلما حمل إلى بين يدي [86]
الرشيد شتمه و جفاه فلما جن عليه الليلأمر ببيتين فهيئا له فحمل موسى بن جعفر ( ع ) إلى أحدهما في خفاء و دفعه إلى حسانالسروي و أمره بأن يصيره به في قبة إلى البصرة فيسلم إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفرو هو أميرها و وجه قبة أخرى علانية نهارا إلى الكوفة معها جماعة ليعمي على الناسأمر موسى بن جعفر ( ع ) فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم فدفعه إلى عيسى بن جعفر بنأبي جعفر نهارا علانية حتى عرف ذلك و شاع خبره فحبسه عيسى في بيت من بيوت المجلسالذي كان يجلس فيه و أقفل عليه و شغله العبد عنه فكان لا يفتح عنه الباب إلا فيحالتين حالة يخرج فيها إلى الطهور و حالة يدخل فيها الطعام قال أبي فقال لي الفيضبن أبي صالح و كان نصرانيا ثم أظهر الإسلام و كان زنديقا و كان يكتب لعيسى بن جعفرو كان بي خاصا فقال يا أبا عبد الله لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه هذه في هذهالدار التي هو فيها من ضروب الفواحش و المناكير ما أعلم و لا أشك أنه لم يخطربباله قال أبي و سعى بي في تلك الأيام إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر علي بن يعقوببن عون بن العباس بن ربيعة في رقعة دفعها إليه أحمد بن أسيد حاجب عيسى قال و كانعلي بن يعقوب من مشايخ بني هاشم و كان أكبرهم سنا و كان مع كبر سنه يشرب الشراب ويدعو أحمد بن [87]
أسيد إلى منزله فيحتفل له و يأتيهبالمغنين و المغنيات يطمع في أن يذكره لعيسى فكان في رقعته التي رفعها إليه إنكتقدم علينا محمد بن سليمان في إذنك و إكرامك و تخصه بالمسك و فينا من هو أسن منه وهو يدين بطاعة موسى بن جعفر المحبوس عندك قال أبي فإني لقائل في يوم قائظ إذ حركتحلقة الباب علي فقلت ما هذا قال لي الغلام قعنب بن يحيى على الباب يقول لا بد منلقائك الساعة فقلت ما جاء إلا لأمر ائذنوا له فدخل فخبرني عن الفيض بن أبي صالحبهذه القصة و الرقعة قال و قد كان قال لي الفيض بعد ما أخبرني لا تخبر أبا عبدالله فتحزنه فإن الرافع عند الأمير لم يجد فيه مساعا و قد قلت للأمير أ في نفسك منهذا شيء حتى أخبر أبا عبد الله فيأتيك و يحلف على كذبه فقال لا تخبره فتغمه فإنابن عمه إنما حمله على هذا الحسد له فقلت له يا أيها الأمير أنت تعلم أنك لا تخلوبأحد خلوتك به فهل حملك على أحد قط قال معاذ الله قلت فلو كان له مذهب يخالف فيهالناس لأحب أن يحملك عليه قال أجل و معرفتي به أكثر قال أبي فدعوت بدابتي و ركبتإلى الفيض من ساعتي فصرت إليه و معى قعنب في الظهيرة فاستأذنت إليه فأرسل إلي وقال جعلت فداك قد جلست مجلسا أرفع قدرك عنه و إذا هو [88]
جالس على شرابه فأرسلت إليه و الله لا بد من لقائك فخرج إلي في قميص رقيق و إزارمورد فأخبرته بما بلغني فقال لقعنب لا جزيت خيرا أ لم أتقدم إليك أن لا تخبر أباعبد الله فتغمه ثم قال لي لا بأس فليس في قلب الأمير من ذلك شيء قال فما مضت بعدذلك إلا أيام يسيرة حتى حمل موسى بن جعفر ( ع ) سرا إلى بغداد و حبس ثم أطلق ثم حبس ثمسلم إلى السندي بن شاهك فحبسه و ضيق عليه ثم بعث إليه الرشيد بسم في رطب و أمره أنيقدمه إليه و يحتم عليه في تناوله منه ففعل فمات ( ص ) .
11- حدثنا علي بن عبد الله الوراق و الحسين بن إبراهيم بن أحمد بنهشام بن المكتب و أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني و الحسين بن إبراهيم بن تاتانة وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم و محمد بن علي ماجيلويه و محمد بن موسى بن المتوكلرضي الله عنهم قالوا حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عنسفيان بن نزار قال كنت يوما على رأس المأمون فقال أ تدرون من علمني التشيع فقالالقوم جميعا لا و الله ما نعلم قال علمنيه الرشيد قيل له و كيف ذلك و الرشيد كانيقتل أهل هذا البيت قال كان يقتلهم على الملك لأن الملك عقيم و لقد حججت معه سنةفلما صار إلى المدينة تقدم إلى حجابه و قال لا يدخلن علي رجل من أهل المدينة و مكةمن أهل المهاجرين و الأنصار و بني هاشم و سائر بطون قريش إلا نسب نفسه و كان الرجلإذا دخل عليه قال أنا فلان بن فلان حتى ينتهي إلى جده من هاشمي أو قرشي أو مهاجريأو أنصاري فيصله من المال بخمسة آلاف دينار و ما دونها إلى مائتي دينار على قدرشرفه و هجرة آبائه فأنا [89]
ذات يوم واقف إذ دخل الفضلبن الربيع فقال يا أمير المؤمنين على الباب رجل يزعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بنعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( ع ) فأقبل علينا و نحن قيام على رأسه و الأمين والمؤتمن و سائر القواد فقال احفظوا على أنفسكم ثم قال لآذنه ائذن له و لا ينزل إلاعلى بساطي فإنا كذلك إذ دخل شيخ مسخد قد أنهكته العبادة كأنه شن بال قد كلم منالسجود وجهه و أنفه فلما رأى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبة فصاح الرشيد لا والله إلا على بساطي فمنعه الحجاب من الترجل و نظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال والإعظام فما زال يسير على حماره حتى صار إلى البساط و الحجاب و القواد محدقون بهفنزل فقام إليه الرشيد و استقبله إلى آخر البساط فقبل وجهه و عينيه و أخذ بيده حتىصيره في صدر المجلس و أجلسه معه فيه و جعل يحدثه و يقبل بوجهه عليه و يسأله عنأحواله ثم قال له يا أبا الحسن ما عليك من العيال فقال يزيدون على الخمس مائة قالأولاد كلهم قال لا أكثرهم موالي و حشم أما الولد فلي نيف [90]
و ثلاثون و الذكران منهم كذا و النسوان منهم كذا قال فلم لا تزوج النسوان منبني عمومتهن و أكفائهن قال اليد تقصر عن ذلك قال فما حال الضيعة قال تعطي في وقت وتمنع في آخر قال فهل عليك دين قال نعم قال كم قال نحو عشرة ألف دينار فقال لهالرشيد يا ابن عم أنا أعطيك من المال ما تزوج الذكران و النسوان و تقضي الدين وتعمر الضياع فقال له وصلتك رحم يا ابن عم و شكر الله لك هذه النية الجميلة و الرحمماسة و القرابة واشجة و النسب واحد و العباس عم النبي ( ص ) و صنو أبيه و عم علي بن أبيطالب ( ع ) و صنو أبيه و ما أبعدك الله من أن تفعل ذلك و قد بسط يدك و أكرم عنصرك وأعلى محتدك فقال أفعل ذلك يا أبا الحسن و كرامة فقال يا أمير المؤمنين إن الله عزو جل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الأمة و يقضوا عن الغارمين و يؤدوا عنالمثقل و يكسوا العاري و يحسنوا إلى العاني فأنت أولى من يفعل ذلك فقال أفعل ياأبا الحسن ثم قام فقام الرشيد لقيامه و قبل عينيه و وجهه ثم أقبل علي و على الأمينو المؤتمن فقال يا عبد الله و يا محمد و يا إبراهيم امشوا بين [91]
يدي عمكم و سيدكم خذوا بركابه و سووا عليهثيابه و شيعوه إلى منزله فأقبل علي أبو الحسن موسى بن جعفر ( ع ) سرا بيني و بينهفبشرني بالخلافة فقال لي إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلى ولدي ثم انصرفنا و كنت أجرىولد أبي عليه فلما خلا المجلس قلت يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته وأجللته و قمت من مجلسك إليه فاستقبلته و أقعدته في صدر المجلس و جلست دونه ثمأمرتنا بأخذ الركاب له قال هذا إمام الناس و حجة الله على خلقه و خليفته على عبادهفقلت يا أمير المؤمنين أ و ليست هذه الصفات كلها لك و فيك فقال أنا إمام الجماعةفي الظاهر و الغلبة و القهر و موسى بن جعفر إمام حق و الله يا بني إنه لأحق بمقامرسول الله ( ص ) مني و من الخلق جميعا و و الله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيهعيناك فإن الملك عقيم فلما أراد الرحيل من المدينة إلى مكة أمر بصرة سوداء فيهامائتا دينار ثم أقبل على الفضل بن الربيع فقال له اذهب بهذه إلى موسى بن جعفر و قلله يقول لك أمير المؤمنين نحن في ضيقة و سيأتيك برنا بعد الوقت فقمت في صدره فقلتيا أمير المؤمنين تعطي أبناء المهاجرين و الأنصار و سائر قريش و بني هاشم و من لاتعرف حسبه و نسبه خمسة آلاف دينار إلى ما دونها و تعطي موسى بن جعفر و قد أعظمته وأجللته مائتي دينار أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس فقال اسكت لا أم لك فإني لوأعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت أمنته أن يضرب [92]
وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته و مواليه و فقر هذا و أهل بيته أسلم لي و لكم من بسطأيديهم و أعينهم فلما نظر إلى ذلك مخارق المغني دخله في ذلك غيظ فقام إلى الرشيدفقال يا أمير المؤمنين قد دخلت المدينة و أكثر أهلها يطلبون مني شيئا و إن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم تفضل أمير المؤمنين علي و منزلتي عنده فأمر لهبعشرة آلاف دينار فقال يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة و علي دين أحتاج أنأقضيه فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى فقال له يا أمير المؤمنين بناتي أريد أنأزوجهن و أنا محتاج إلى جهازهن فأمر له بعشرة آلاف دينار أخرى فقال له يا أميرالمؤمنين لا بد من غلة تعطينيها ترد علي و على عيالي و بناتي و أزواجهن القوت فأمرله بأقطاع ما تبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار و أمر أن يعجل ذلك عليه من ساعتهثم قام مخارق من فوره و قصد موسى بن جعفر ( ع ) و قال له قد وقفت على ما عاملك به هذاالملعون و ما أمر لك به و قد احتلت عليه لك و أخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار و أقطاعايغل في السنة عشرة آلاف دينار و لا و الله يا سيدي ما أحتاج إلى شيء من ذلك ماأخذته إلا لك و أنا أشهد لك بهذه الأقطاع و قد حملت المال إليك فقال بارك الله لكفي مالك و أحسن جزاك ما كنت لآخذ منه درهما واحدا و لا من هذه الأقطاع شيئا [93]
و قد قبلت صلتك و برك فانصرف راشدا و لا تراجعنيفي ذلك فقبل يده و انصرف .
12- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عنأبيه عن الريان بن شبيب قال سمعت المأمون يقول ما زلت أحب أهل البيت ( ع ) و أظهرللرشيد بغضهم تقربا إليه فلما حج الرشيد كنت و محمد و القاسم معه فلما كانبالمدينة استأذن عليه الناس و كان آخر من أذن له موسى بن جعفر ( ع ) فدخل فلما نظرإليه الرشيد تحرك و مد بصره و عنقه إليه حتى دخل البيت الذي كان فيه فلما قرب جثىالرشيد على ركبتيه و عانقه ثم أقبل عليه فقال له كيف أنت يا أبا الحسن و كيف عيالكو عيال أبيك كيف أنتم ما حالكم فما زال يسأله هذا و أبو الحسن يقول خير خير فلماقام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبو الحسن فأقعده و عانقه و سلم عليه و ودعهقال المأمون و كنت أجرى ولد أبي عليه فلما خرج أبو الحسن موسى بن جعفر قلت لأبي ياأمير المؤمنين لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلته بأحد من أبناءالمهاجرين و الأنصار و لا ببني هاشم فمن هذا الرجل فقال يا بني هذا وارث علمالنبيين هذا موسى بن جعفر بن محمد ( ع ) إن أردت العلم الصحيح فعند هذا قال المأمونفحينئذ انغرس في قلبي محبتهم .
13- حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال سمعت رجلا من أصحابنا يقول لما حبس الرشيد موسى بنجعفر ( ع ) جن عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله فجدد موسى بن جعفر ( ع ) طهوره [94]
فاستقبل بوجهه القبلة و صلى لله عز و جل أربعركعات ثم دعا بهذه الدعوات فقال يا سيدي نجني من حبس هارون و خلصني من يده يا مخلصالشجر من بين رمل و طين و يا مخلص اللبن من بين فرث و دم و يا مخلص الولد من بينمشيمة و رحم و يا مخلص النار من الحديد و الحجر و يا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء خلصني من يد هارون قال فلما دعا موسى ( ع ) بهذه الدعوات أتى هارون رجل أسودفي منامه و بيده سيف قد سله و وقف على رأس هارون و هو يقول يا هارون أطلق موسى بنجعفر و إلا ضربت علاوتك بسيفي هذا فخاف هارون من هيبته ثم دعا الحاجب فجاء الحاجبفقال له اذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر ( ع ) قال فخرج الحاجب فقرع باب السجنفأجابه صاحب السجن فقال من ذا قال إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر ( ع ) فأخرجه من سجنكو أطلق عنه فصاح السجان يا موسى إن الخليفة يدعوك فقام موسى ( ع ) مذعورا فزعا و هويقول لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريده بي فقام باكيا حزينا مغموما آيسامن حياته فجاء إلى هارون و هو يرتعد فرائصه فقال سلام على هارون فرد عليه السلامثم قال له هارون ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذا الليل بدعوات فقال نعم قال و ماهن قال جددت طهورا و صليت لله عز و جل أربع ركعات و رفعت طرفي إلى السماء و قلت ياسيدي خلصني من يد هارون و شره و ذكر له ما كان من دعائه فقال هارون قد استجاب اللهدعوتك يا حاجب أطلق عن هذا ثم دعا بخلع عليه ثلاثا و حمله [95]
على فرسه و أكرمه و صيره نديما لنفسه ثم قال هات الكلمات فعلمه قال فأطلقعنه و سلمه إلى الحاجب ليسلمه إلى الدار و يكون معه فصار موسى بن جعفر ( ع ) كريماشريفا عند هارون و كان يدخل عليه في كل خميس إلى أن حبسه الثانية فلم يطلق عنه حتىسلمه إلى السندي بن شاهك و قتله بالسم .
14- حدثنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن حاتم قال حدثنا عبد اللهبن بحر الشيباني قال حدثني الخرزي أبو العباس بالكوفة قال حدثنا الثوباني قال كانتلأبي الحسن موسى بن جعفر ( ع ) بضع عشرة سنة كل يوم سجدة بعد انقضاض الشمس إلى وقتالزوال فكان هارون ربما صعد سطحا يشرف منه على الحبس الذي حبس فيه أبو الحسن ( ع ) فكان يرى أبا الحسن ( ع ) ساجدا فقال للربيع يا ربيع ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم فيذلك الموضع فقال يا أمير المؤمنين ما ذاك بثوب و إنما هو موسى بن جعفر ( ع ) له كل يومسجدة بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال قال الربيع فقال لي هارون أما إن هذا من رهبانبني هاشم قلت فما لك قد ضيقت عليه في الحبس قال هيهات لا بد من ذلك .
8- باب الأخبار التي رويت في صحة وفاة أبي إبراهيمموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( ع ) :
1- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللهعنه قال حدثنا محمد بن [96]
الحسن الصفار و سعد بن عبدالله جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يقطين عن أخيه الحسين عنأبيه علي بن يقطين قال استدعى الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر ( ع ) ويقطعه و يخجله في المسجد فانتدب له رجل معزم فلما أحضرت المائدة عمل ناموسا علىالخبز فكان كلما رام أبو الحسن ( ع ) تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه و استفز منهارون الفرح و الضحك لذلك فلم يلبث أبو الحسن ( ع ) أن رفع رأسه إلى أسد مصور على بعضالستور فقال له يا أسد خذ عدو الله قال فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباعفافترست ذلك المعزم فخر هارون و ندماؤه على وجوههم مغشيا عليهم فطارت عقولهم خوفامن هول ما رأوه فلما أفاقوا من ذلك قال هارون لأبي الحسن ( ع ) سألتك بحقي عليك لماسألت الصورة أن ترد الرجل فقال إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم فأن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل فكان ذلك أعمل الأشياء في إفاتةنفسه .
2- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بنعيسى اليقطيني عن الحسن بن محمد بن بشار قال حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع منالعامة [97]
ممن كان يقبل قوله قال قال لي رأيت بعض منيقرون بفضله من أهل هذا البيت فما رأيت مثله قط في نسكه و فضله قال قلت من هو وكيف رأيته قال جمعنا أيام السندي بن شاهك و نحن ثمانون رجلا فأدخلنا على موسى بنجعفر ( ع ) فقال لنا السندي يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث فإن الناسيزعمون أنه فعل به مكروه و يكثرون في ذلك و هذا منزله و فراشه موسع عليه غير مضيقو لم يرد به أمير المؤمنين سوءا و إنما ينتظره أن يقدم فيناظره أمير المؤمنين و هاهو ذا هو صحيح فسلوه فقال أما ما ذكر من التوسعة فهو على ما ذكر غير أني أخبركمأيها النفر أني قد سممت في تسع تمرات و أني أخضر غدا و بعد غد أموت قال فنظرت إلىالسندي بن شاهك ترتعد فرائصه و يضطرب مثل السعفة قال الحسن و كان هذا الشيخ منخيار العامة شيخ صدوق مقبول القول ثقة جدا عند الناس .
3- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قالحدثنا أحمد بن محمد بن عامر قال حدثني الحسن بن محمد القطعي قال حدثنا الحسن بنعلي النخاس العدل قال حدثنا الحسن بن عبد الواحد الخزاز قال حدثنا علي بن جعفر بنعمر قال حدثني عمر بن واقد قال أرسل إلي السندي بن شاهك في بعض الليل و أنا ببغداديستحضرني فخشيت أن يكون ذلك لسوء يريده بي قال فأوصيت عيالي بما احتجت إليه و قلت إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ
ثم ركبت إليه فلما رآني مقبلا قال ياأبا حفص [98]
لعلنا أرعبناك و أفزعناك قلت نعم قال فليسهناك إلا خير قلت فرسول تبعثه إلى منزلي يخبرهم بخبري فقال نعم ثم قال يا أبا حفصأ تدري لم أرسلت إليك فقلت لا قال أ تعرف موسى بن جعفر ( ع ) قلت إي و الله إني لأعرفهو بيني و بينه صداقة منذ دهر فقال من هاهنا ببغداد يعرفه ممن يقبل قوله فسميت لهأقواما و وقع في نفسي أنه ( ع ) قد مات قال فبعث فجاء بهم كما جاء بي فقال هل تعرفونقوما يعرفون موسى بن جعفر فسموا له قوما فجاء بهم فأصبحنا و نحن في الدار نيف وخمسون رجلا ممن يعرف موسى بن جعفر ( ع ) و قد صحبه قال ثم قام و دخل و صلينا فخرجكاتبه و معه طومار و كتب أسماءنا و منازلنا و أعمالنا و حلانا ثم دخل إلى السنديقال فخرج السندي فضرب يده إلي فقال لي قم يا أبا حفص فنهضت و نهض أصحابنا و دخلنافقال لي يا أبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر فكشفته فرأيته ميتا فبكيت واسترجعت ثم قال للقوم انظروا إليه فدنا واحد بعد واحد فنظروا إليه ثم قال تشهدونكلكم أن هذا موسى بن جعفر بن محمد ( ع ) قال قلنا نعم نشهد أنه موسى بن جعفر بن محمد ( ع ) ثم قال يا غلام اطرح على عورته منديلا و أكشفه قال ففعل قال أ ترون به أثراتنكرونه فقلنا لا ما نرى به شيئا و لا نراه إلا ميتا قال فلا تبرحوا حتى تغسلوه وتكفنوه قال فلم نبرح [99]
حتى غسل و كفن و حمل إلىالمصلى فصلى عليه السندي بن شاهك و دفناه و رجعنا .
و كان عمر بن واقد يقول ما أحد هو أعلم بموسى بن جعفر ( ع ) مني كيف يقولون أنه حي و أنا دفنته .