أنى يحب و قد صحت عزيمته ** ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا
و لم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث من الشعر إلا بيتين من أوله .
39- حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بنبكر الخوزي بنيسابور قال حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مروان الخوزي قالحدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوزي قال حدثنا أحمد بن عبد الله الجويباريالشيباني عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن [141]
علي ( ع ) قال قال رسول الله ( ص ) إن الله عز و جل قدر المقادير و دبر التدابير قبل أنيخلق آدم بألفي عام .
40- حدثنا الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ قال حدثناعلي بن مهرويه القزويني قال حدثنا داود بن سليمان الفراء قال حدثنا علي بن موسىالرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي ( ع ) قال إن يهوديا سأل أمير المؤمنين عليبن أبي طالب ( ع ) فقال أخبرني عما ليس لله و عما ليس عند الله و عما لا يعلمه اللهفقال علي ( ع ) أما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود أن عزيرا ابن الله والله لا يعلم له ولدا و أما قولك ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد و أماقولك ما ليس لله فليس لله شريك فقال اليهودي أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أنمحمدا رسول الله.
41- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيمبن هاشم عن أحمد بن سليمان قال سأل رجل أبا الحسن ( ع ) و هو في الطواف فقال له أخبرنيعن الجواد فقال إن لكلامك وجهين فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ماافترض الله تعالى عليه و البخيل من بخل بما افترض الله تعالى عليه و إن كنت تعنيالخالق فهو الجواد إن أعطى فهو الجواد إن منع لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له وإن منع منع ما ليس له .
42- حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدب رضي الله عنه قالحدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن علي بنموسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عنأبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ( ع ) قال سمعترسول الله ( ص ) يقول قال الله جل جلاله من لم يرض بقضائي و من لم يؤمن بقدري فليلتمسإلها غيري و قال رسول الله ( ص ) في كل قضاء الله عز و جل خيرة للمؤمن .
43- حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثني محمدبن يحيى الصولي [142]
قال حدثنا أبو ذكوان قال سمعتإبراهيم بن العباس يقول سمعت الرضا ( ع ) و قد سأله رجل أ يكلف الله العباد ما لايطيقون فقال هو أعدل من ذلك قال أ فيقدرون على كل ما أرادوه قال هم أعجز من ذلك .
44- حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن عليالبصري قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الميثمي قال حدثنا أبو الحسن علي بنمهرويه القزويني قال حدثنا أبو أحمد الغازي قال حدثنا أبو الحسن علي بن موسى الرضاع قال حدثنا أبي موسى بن جعفر قال حدثنا أبي جعفر بن محمد قال حدثنا أبي محمد بنعلي قال حدثنا أبي علي بن الحسين قال حدثنا أبي الحسين بن علي ( ع ) قال سمعت أبي عليبن أبي طالب ( ع ) يقول الأعمال على ثلاثة أحوال فرائض و فضائل و معاصي فأما الفرائضفبأمر الله و برضاء الله و بقضاء الله و تقديره و مشيته و علمه و أما الفضائل فليست بأمر الله و لكن برضاء الله و بقضاء الله و تقديره و مشيته و بعلمه و أما المعاصي فليست بأمرالله و لكن بقدر الله و بعلمه ثم يعاقب عليها .
45- حدثنا أحمد بن إبراهيم بن هارونالفامي في مسجد الكوفة قال حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه قالحدثنا إبراهيم بن هاشم عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسىالرضا ( ع ) قال قلت له يا ابن رسول الله إن الناس ينسبوننا إلى القول بالتشبيه والجبر لما روي من الأخبار في ذلك عن آبائك الأئمة ( ع ) فقال يا ابن خالد أخبرني عنالأخبار التي رويت عن آبائي الأئمة ( ع ) في التشبيه و الجبر أكثر أم الأخبار التيرويت عن النبي ( ص ) في ذلك فقلت بل ما [143]
روي عن النبيفي ذلك أكثر قال فليقولوا إن رسول الله ( ص ) كان يقول بالتشبيه و الجبر إذا فقلت لهإنهم يقولون إن رسول الله لم يقل من ذلك شيئا و إنما روي عليه قال فليقولوا فيآبائي الأئمة ( ع ) إنهم لم يقولوا من ذلك شيئا و إنما روي ذلك عليهم ثم قال ( ع ) من قالبالتشبيه و الجبر فهو كافر مشرك و نحن منه برآء في الدنيا و الآخرة يا ابن خالدإنما وضع الأخبار عنا في التشبيه و الجبر الغلاة الذين صغروا عظمة الله تعالى فمنأحبهم فقد أبغضنا و من أبغضهم فقد أحبنا و من والاهم فقد عادانا و من عاداهم فقدوالانا و من وصلهم فقد قطعنا و من قطعهم فقد وصلنا و من جفاهم فقد برنا و من برهمفقد جفانا و من أكرمهم فقد أهاننا و من أهانهم فقد أكرمنا و من قبلهم فقد ردنا ومن ردهم فقد قبلنا و من أحسن إليهم فقد أساء إلينا و من أساء إليهم فقد أحسن إليناو من صدقهم فقد كذبنا و من كذبهم فقد صدقنا و من أعطاهم فقد حرمنا و من حرمهم فقدأعطانا يا ابن خالد من كان من شيعتنا فلا يتخذن منهم وليا و لا نصيرا .
46- حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قال حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد البصري عن الحسن بن علي الوشاء عن أبيالحسن الرضا ( ع ) قال سألته فقلت الله فوض الأمر إلى العباد فقال هو أعز من ذلك فقلتأجبرهم على المعاصي قال الله أعدل و أحكم من ذلك ثم قال قال الله عز و جل يا ابنآدم أنا أولى بحسناتك منك و أنت أولى بسيئاتك مني عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك .
47- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاقالمؤدب رضي الله عنه قال حدثنا أحمد بن علي الأنصاري عن عبد السلام بن صالح الهرويقال سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر ( ع ) يقول من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاةشيئا و لا تقبلوا له شهادة أبدا إن [144]
الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها و لا يحملها فوق طاقتها و لا تكسب كل نفس إلا عليها و لا تزروازرة وزر أخرى .
48- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثناأحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه عن سليمان بن جعفر الحميري عن أبي الحسنالرضا ( ع ) قال ذكر عنده الجبر و التفويض فقال أ لا أعطيكم في هذا أصلا لا يختلفونفيه و لا يخاصمكم عليه أحد إلا كسرتموه قلنا إن رأيت ذلك فقال إن الله تعالى لميطع بإكراه و لم يعص بغلبة و لم يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم و القادرعلى ما أقدرهم عليه فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صادا و لا منهامانعا و إن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم و بين ذلك فعل و إن لم يحل ففعلوافليس هو الذي أدخلهم فيه ثم قال ( ع ) من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه .
49- حدثنا أبي رضي الله عنه و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضيالله عنه قالا حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بنأبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا ( ع ) قال قلت له إن أصحابنا بعضهم يقول بالجبر و بعضهم يقول بالاستطاعة فقال لي اكتب قال الله تعالى يا ابن آدم بمشيتي كنت أنتالذي تشاء [145]
و بقوتي أديت لي فرائضي و بنعمتي قويتعلى معصيتي جعلتك سميعا بصيرا قويا ما أصابك من سيئة فمن نفسك و ذلك أني أولىبحسناتك منك و أنت أولى بسيئاتك مني و ذلك أني لا أسأل عما أفعل و أنتم تسألون و قد نظمت لك كل شيء تريد .
50- حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمرانالدقاق رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثنا علي بن محمدالمعروف بعلان عن محمد بن عيسى عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا ( ع ) أنه قالاعلم علمك الله الخير أن الله تبارك و تعالى قديم و القدم صفة دلت العاقل على أنهلا شيء قبله و لا شيء معه في ديمومته فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة أنهلا شيء قبل الله و لا شيء مع الله في بقائه و بطل قول من زعم أنه كان قبله أوكان معه شيء و ذلك أنه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لميزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه و لو كان قبله شيء كان الأول ذلك الشيءلا هذا و كان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول ثم وصف نفسه تبارك و تعالى بأسماءدعا الخلق إذ خلقهم و تعبدهم و ابتلاهم إلى أن يدعوه بها فسمى نفسه سميعا بصيراقادرا قاهرا حيا قيوما ظاهرا باطنا لطيفا خبيرا قويا عزيزا حكيما عليما و ما أشبههذه الأسماء فلما رأى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون و قد سمعونا نحدث عن اللهأنه لا شيء مثله و لا شيء من الخلق في حاله قالوا أخبرونا إذ زعمتم أنه لا مثللله و لا شبه له [146]
كيف شاركتموه في أسماء الحسنىفتسميتم بجميعها أ فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دونبعض إذ قد جمعتكم الأسماء الطيبة قيل لهم إن الله تبارك و تعالى ألزم العباد أسماءمن أسمائه على اختلاف المعاني و ذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم السائغ و هو الذي خاطب الله عز و جل بهالخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا و قد يقال للرجل كلب وحمار و ثور و سكرة و علقمة و أسد و كل ذلك على خلافه لأنه لم تقع الأسماء علىمعانيها التي كانت بنيت عليها لأن الإنسان ليس بأسد و لا كلب فافهم ذلك يرحمك اللهو إنما يسمى الله عز و جل بالعالم لغير علم حادث علم به الأشياء [147]
و استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره و الرويةفيما يخلق من خلقه و تفنية ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا كما أنا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذكانوا قبله جهلة و ربما فارقهم العلم بالأشياء فصاروا إلى الجهل و إنما سمي الله عالمالأنه لا يجهل شيئا فقد جمع الخالق و المخلوق اسم العلم و اختلف المعنى على ما رأيتو سمي ربنا سميعا لا جزء فيه يسمع به الصوت و لا يبصر به كما أن جزأنا الذي نسمعبه لا نقوى على النظر به و لكنه عز و جل أخبر أنه لا تخفى عليه الأصوات ليس على حدما سمينا نحن فقد جمعنا الاسم بالسميع و اختلف المعنى و هكذا البصير لا لجزء بهأبصر كما أنا نبصر بجزء منا لا ينتفع به في غيره و لكن الله بصير لا يجهل شخصامنظورا إليه فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و هو قائم ليس على معنى انتصاب و قيامعلى ساق في كبد كما قامت الأشياء و لكن أخبر أنه قائم يخبر أنه حافظ كقول [148]
الرجل القائم بأمرنا فلان و هو عز و جلالقائم على كل نفس بما كسبت و القائم أيضا في كلام الناس الباقي و القائم أيضايخبر عن الكفاية كقولك للرجل قم بأمر فلان أي اكفه و القائم منا قائم على ساق فقدجمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى و أما اللطيف فليس على قلة و قضافة و صغر و لكنذلك على النفاذ في الأشياء و الامتناع من أن يدرك كقولك لطف عن هذا الأمر و لطففلان في مذهبه و قوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل و فات الطلب و عاد متعمقا متطلفالا يدركه الوهم فهكذا لطف الله تبارك و تعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف واللطافة منا الصغر و القلة فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أما الخبير فالذي لايعزب عنه شيء و لا يفوته ليس للتجربة و الاعتبار بالأشياء فتفيده التجربة والاعتبار علما لولاهما ما علم لأن من كان كذلك كان جاهلا و الله تعالى لم يزلخبيرا بما يخلق و الخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم و قد جمعنا الاسم واختلف المعنى و أما الظاهر فليس من أجل أنه علا للأشياء بركوب فوقها و قعود عليهاو تسنم لذراها و لكن ذلك لقهره و لغلبة الأشياء و قدرته عليها كقول الرجل ظهرت علىأعدائي و أظهرني الله على خصمي يخبر على الفلج و الغلبة فكهذا ظهور الله [149]
على الأشياء و وجه آخر و هو أنه و هو الظاهر لمنأراده لا يخفى عليه شيء و أنه مدبر لكل ما يرى فأي ظاهر أظهر و أوضح أمرا من اللهتعالى فإنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت و فيك من آثاره ما يغنيك و الظاهر مناالبارز بنفسه و المعلوم بحده فقد جمعنا الاسم و لم يجمعنا المعنى و أما الباطنفليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها و لكن ذلك منه على استبطانهللأشياء علما و حفظا و تدبيرا كقول القائل أبطنته يعني خبرته و علمت مكتوم سره والباطن منا بمعنى الغائر في الشيء المستتر فقد جمعنا الاسم و اختلف المعنى و أماالقاهر فإنه ليس على معنى علاج و نصب و احتيال و مداراة و مكر كما يقهر العبادبعضهم بعضا فالمقهور منهم يعود قاهرا و القاهر يعود مقهورا و لكن ذلك من الله تباركو تعالى على أن جميع ما يخلق ملتبس به الذل لفاعله و قلة الامتناع لما أراد به لميخرج منه طرفة عين غير أنه يقول له كن فيكون و القاهر منا على ما ذكرت و وصفت فقدجمعنا الاسم و اختلف المعنى و هكذا جميع الأسماء و إن كنا لم نسمها كلها فقد يكتفىالاعتبار بما ألقينا إليك و الله عز و جل عوننا و عونك في إرشادنا و توفيقنا .
خطبة الرضا ( ع ) في التوحيد :
51- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بنالوليد رضي الله عنه قال [150]
حدثنا محمد بن عمرالكاتب عن محمد بن زياد القلزمي عن محمد بن أبي زياد الجدي صاحب الصلاة بجدة قالحدثني محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن أبي طالب ( ع ) قال سمعت أبا الحسن الرضا ( ع ) يتكلمبهذا الكلام عند المأمون في التوحيد قال ابن أبي زياد و رواه لي و أملى أيضا أحمدبن عبد الله العلوي مولى لهم و خالا لبعضهم عن القاسم بن أيوب العلوي أن المأمونلما أراد أن يستعمل الرضا ( ع ) جمع بني هاشم فقال لهم إني أريد أن أستعمل الرضا علىهذا الأمر من بعدي فحسده بنو هاشم و قالوا أ تولي رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبيرالخلافة فابعث إليه رجلا يأتنا فترى من جهله ما تستدل به عليه فبعث إليه فأتاهفقال له بنو هاشم يا أبا الحسن اصعد المنبر و انصب لنا علما نعبد الله عليه فصعد ( ع ) المنبر فقعد مليا لا يتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضة و استوى قائما و حمد الله تعالىو أثنى عليه و صلى على نبيه و أهل بيته ثم قال أول عبادة الله تعالى معرفته و أصلمعرفة الله توحيده و نظام توحيد الله تعالى نفي الصفات عنه لشهادة العقول أن كلصفة و موصوف مخلوق و شهادة كل موصوف أن له خالقا ليس بصفة و لا موصوف و شهادة كلصفة و موصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدوث و شهادة الحدوث بالامتناع منالأزل الممتنع من الحدوث فليس الله من عرف بالتشبيه ذاته و لا إياه وحده من اكتنههو لا حقيقته أصاب من مثله و لا به صدق من نهاه و لا صمد صمده من أشار إليه و لاإياه عنى من شبهه و لا له تذلل من بعضه [151]
و لا إياهأراد من توهمه كل معروف بنفسه مصنوع و كل قائم في سواه معلول بصنع الله يستدل عليهو بالعقول تعتقد معرفته و بالفطرة تثبت حجته خلق الله الخلق حجابا بينه و بينهم ومباينته إياهم و مفارقته أينيتهم و ابتداءه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له لعجزكل مبتدأ عن ابتداء غيره و أدوات إياهم دليلهم على أن لا أدوات فيه لشهادة الأدواتبفاقة المادين فأسماؤه تعبير و أفعاله تفهيم و ذاته حقيقة و كنهه تفريق بينه و بينخلقه و غيوره تحديد لما سواه فقد جهل الله من استوصفه و قد تعداه من اشتمله و قدأخطأه من اكتنهه و من قال كيف فقد شبهه و من قال لم فقد علله و من قال متى فقدوقته و من قال فيم فقد ضمنه و من قال إلى م فقد نهاه و من قال حتى م فقد غياه و منغياه فقد غاياه و من غاياه فقد جزأه و من جزأه فقد وصفه و من وصفه فقد ألحد فيه ولا يتغير الله بانغيار المخلوق كما لا يتحدد بتحديد المحدود أحد لا بتأويل عددظاهر لا بتأويل المباشرة متجلي لا باستقلال رؤية باطن لا بمزايلة مباين لا بمسافةقريب لا بمداناة لطيف لا بتجسم موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدر لا بحولفكرة مدبر لا بحركة مريد لا بهمامة شاء لا بهمة مدرك لا بمحسة سميع لا بآلة بصيرلا بأداة لا تصحبه الأوقات و لا تضمنه الأماكن و لا تأخذه السنات و لا تحده الصفاتو لا تقيده الأدوات سابق الأوقات كونه و العدم وجوده و الابتداء أزله بتشعيرهالمشاعر عرف أن لا مشعر له و بتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له و بمضادته بينالأشياء عرف أن لا ضد له و بمقارنته بين الأمور عرف أن لا قرين له ضاد النوربالظلمة و الجلاية بالبهم و الحسو [152]
بالبلل و الصرد بالحرور مؤلف بينمتعادياتها مفرق بين متدانياتها دالة بتفريقها على مفرقها و بتأليفها على مؤلفهاذلك قوله تعالى
وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْتَذَكَّرُونَ
ففرق بها بين قبل و بعد ليعلم أن لا قبل له و لا بعد شاهدة بغرائزهاأن لا غريزة لمغرزها دالة بتفاوتها أن لا تفاوت لمفاوتها مخبرة بتوقيتها أن لا وقتلموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه و بينها غيرها له معنى الربوبيةإذ لا مربوب و حقيقة الإلهية إذ لا مألوه و معنى العالم و لا معلوم و معنى الخالقو لا مخلوق و تأويل السمع و لا مسموع ليس مذ خلق استحق معنى الخالق و لا بإحداثهالبرايا استفاد معنى البرائية كيف و لا تغيبه مذ و لا تدنيه قد و لا يحجبه لعل ولا توقته متى و لا يشتمله حين و لا تقاربه مع إنما تحد الأدوات أنفسها و تشيرالآلة إلى نظائرها و في الأشياء يوجد أفعالها منعتها مذ القديمة و حمتها قدالأزلية لو لا الكلمة افترقت فدلت على مفرقها و تباينت فأعربت عن مباينها لما تجلىصانعها للعقول و بها احتجب عن الرؤية و إليها تحاكم الأوهام و فيها أثبت غيره ومنها أنبط الدليل و بها عرفها الإقرار و بالعقول يعتقد التصديق [153]
بالله و بالإقرار يكمل الإيمان به و لا ديانة إلا بعد معرفة و لامعرفة إلا بالإخلاص و لا إخلاص مع التشبيه و لا نفي مع إثبات الصفات للتشبيه فكلما في الخلق لا يوجد في خالقه و كل ما يمكن فيه يمتنع في صانعه لا تجري عليهاالحركة و السكون و كيف يجري عليه ما هو أجراه أو يعود فيه ما هو ابتدأه إذالتفاوتت ذاته و لتجزأ كنهه و لامتنع من الأزل معناه و لما كان للباري معنى غيرمعنى المبروء و لو حد له وراء إذا لحد له أمام و لو التمس له التمام إذا لزمهالنقصان كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدوث و كيف ينشئ الأشياء من يمتنع منالإنشاء و إذا لقامت فيه آية المصنوع و لتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه ليس فيمجال القول حجة و لا في المسألة عنه جواب و لا في معناه لله تعظيم و لا في إبانتهعن الخلق ضيم إلا بامتناع الأزلي أن يثنى و لما لا بدأ له أن يبتدأ لا إله إلاالله العلي العظيم كذب العادلون و ضلوا ضلالا بعيدا و خسرو خسرانا مبينا و صلىالله على محمد و أهل بيته الطاهرين .
[154]
12- باب ذكر مجلس الرضا ( ع ) مع أهل الأديان و أصحاب المقالات في التوحيد عند المأمون :
1- حدثنا أبو محمد جعفر بن علي بن أحمد الفقيه القمي ثم الإيلاقيرضي الله عنه قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن علي بن صدقه القمي قال حدثنيأبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الأنصاري الكجي قال حدثني من سمع الحسن بنمحمد النوفلي ثم الهاشمي يقول لما قدم علي بن موسى الرضا ( ع ) على المأمون أمر الفضلبن سهل أن يجمع له أصحاب المقالات مثل الجاثليق و رأس الجالوت و رؤساء الصابئين والهربذ الأكبر و أصحاب زردهشت و نسطاس الرومي و المتكلمين ليسمع كلامه و كلامهمفجمعهم الفضل بن سهل ثم أعلم المأمون باجتماعهم فقال أدخلهم علي ففعل فرحب بهمالمأمون ثم قال لهم إني إنما جمعتكم لخير و أحببت أن تناظروا عي [155]
ابن عمي هذا المدني القادم علي فإذا كان بكرة فاغدوا علي و لا يتخلفمنكم أحد فقالوا السمع و الطاعة يا أمير المؤمنين نحن مبكرون إن شاء الله قالالحسن بن محمد النوفلي فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا ( ع ) إذ دخل عليناياسر الخادم و كان يتولى أمر أبي الحسن ( ع ) فقال له يا سيدي إن أمير المؤمنين يقرئكالسلام و يقول فداك أخوك إنه أجمع إلى أصحاب المقالات و أهل الأديان و المتكلمونمن جميع الملل فرأيك في البكور إلينا إن أحببت كلامهم و إن كرهت ذلك فلا تتجشم وإن أحببت أن نصير إليك خف ذلك علينا فقال أبو الحسن أبلغه السلام و قل له قد علمتما أردت و أنا صائر إليك بكرة إن شاء الله قال الحسن بن محمد النوفلي فلما مضىياسر التفت إلينا ثم قال لي يا نوفلي أنت عراقي و رقة العراقي غير غليظة فما عندكفي جمع ابن عمك علينا أهل الشرك و أصحاب المقالات فقلت جعلت فداك يريد الامتحان ويحب أن يعرف ما عندك و لقد بنى على أساس غير وثيق البنيان و بئس و الله ما بنىفقال لي و ما بناؤه في هذا الباب قلت إن أصحاب الكلام و البدعة خلاف العلماء و ذلكأن العالم لا ينكر غير المنكر و أصحاب المقالات و المتكلمون و أهل الشرك أصحابإنكار و مباهتة إن احتججت عليهم بأن الله واحد قالوا صح وحدانيته و إن قلت أنمحمدا رسول الله ( ص ) قالوا أثبت رسالته ثم يباهتون الرجل و هو يبطل عليهم بحجته ويغالطونه حتى يترك قوله فاحذرهم جعلت فداك قال فتبسم ثم قال لي يا نوفلي أ فتخافأن يقطعوا علي حجتي [156]
فقلت لا و الله ما خفت عليك قط و إنيلأرجو أن يظفرك الله بهم إن شاء الله تعالى فقال لي يا نوفلي أ تحب أن تعلم متى يندم المأمون قلت نعم قال إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم و على أهل الإنجيل بإنجيلهمو على أهل الزبور بزبورهم و على الصابئين بعبرانيتهم و على أهل الهرابذة بفارسيتهمو على أهل الروم بروميتهم و على أصحاب المقالات بلغاتهم فإذا قطعت كل صنف و دحضتحجته و ترك مقالته و رجع إلى قولي علم المأمون الموضع الذي هو سبيله ليس بمستحق لهفعند ذلك يكون الندامة و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فلما أصبحناأتانا الفضل بن سهل فقال له جعلت فداك إن ابن عمك ينظرك و قد اجتمع القوم فما رأيكفي إتيانه فقال له الرضا ( ع ) تقدمني فإني صائر إلى ناحيتكم إن شاء الله ثم توضأ وضوء للصلاة و شربشربة سويق و سقانا منه ثم خرج و خرجنا معه حتى دخلنا على المأمون و إذا المجلس غاصبأهله و محمد بن جعفر و جماعة من الطالبيين و الهاشميين و القواد حضور فلما دخلالرضا ( ع ) قام المأمون و قام محمد بن جعفر و جميع بني هاشم فما زالوا وقوفا و الرضاع جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس فجلسوا فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدثهساعة ثم التفت إلى الجاثليق فقال يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى بن جعفر و هومن ولد فاطمة بنت نبينا و ابن علي بن أبي طالب ( ص ) فأحب أن تكلمه أو تحاجه و تنصفهفقال الجاثليق يا أمير المؤمنين كيف أحاج رجلا يحتج علي بكتاب أنا منكره و نبي لاأومن به فقال له الرضا ( ع ) يا نصراني فإن احتججت عليك بإنجيلك أ تقر به قال الجاثليقو هل أقدر على رفع ما نطق به الإنجيل نعم و الله أقر به على رغم أنفي فقال لهالرضا ( ع ) سل عما بدا لك و اسمع الجواب فقال الجاثليق ما تقول في نبوة عيسى و كتابههل