back page fehrest page next page

[157]

تنكر منهما شيئا قال الرضا أنا مقر بنبوة عيسىو كتابه و ما بشر به أمته و أقرت به الحواريون و كافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوةمحمد ( ص ) و بكتابه و لم يبشر به أمته قال الجاثليق أ ليس إنما نقطع الأحكام بشاهديعدل قال ( ع ) بلى قال فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد ( ص ) ممن لا تنكرهالنصرانية و سلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا قال الرضا ( ع ) ألان جئت بالنصفة يانصراني أ لا تقبل مني العدل المقدم عند المسيح عيسى ابن مريم ( ع ) قال الجاثليق و منهذا العدل سمه لي قال ما تقول في يوحنا الديلمي قال بخ بخ ذكرت أحب الناس إلىالمسيح قال فأقسمت عليك هل نطق الإنجيل أن يوحنا قال إنما المسيح أخبرني بدين محمدالعربي و بشرني به أنه يكون من بعده فبشرت به الحواريين فآمنوا به قال الجاثليق قدذكر ذلك يوحنا عن المسيح و بشر بنبوة رجل و بأهل بيته و وصيه و لم يلخص متى يكونذلك و لم تسم لنا القوم فنعرفهم قال الرضا ( ع ) فإن جئناك بمن يقرأ الإنجيل فتلا عليكذكر محمد و أهل بيته و أمته أ تؤمن به قال سديدا قال الرضا ( ع ) لنسطاس الرومي كيفحفظك للسفر الثالث من الإنجيل قال ما أحفظني له ثم التفت إلى رأس الجالوت فقال ألست تقرأ الإنجيل قال بلى لعمري قال فخذ على السفر فإن كان فيه ذكر محمد و أهلبيته و أمته فاشهدوا لي و إن لم يكن فيه ذكره فلا تشهدوا لي ثم قرأ ( ع ) السفر الثالثحتى بلغ ذكر النبي ( ص ) وقف ثم قال يا نصراني إني أسألك

[158]

بحق المسيح و أمه أ تعلم أني عالمبالإنجيل قال نعم ثم تلا علينا ذكر محمد و أهل بيته و أمته ثم قال ما تقول يانصراني هذا قول عيسى ابن مريم ( ع ) فإن كذبت بما ينطق به الإنجيل فقد كذبت موسى وعيسى ( ع ) و متى أنكرت هذا الذكر وجب عليك القتل لأنك تكون قد كفرت بربك و نبيك وبكتابك قال الجاثليق لا أنكر ما قد بان لي في الإنجيل و إني لمقر به قال الرضا ( ع ) اشهدوا على إقراره ثم قال يا جاثليق سل عما بدا لك قال الجاثليق أخبرني عن حواريعيسى ابن مريم ( ع ) كم كان عدتهم و عن علماء الإنجيل كم كانوا قال الرضا ( ع ) على الخبيرسقطت أما الحواريون فكانوا اثني عشر رجلا و كان أعلمهم و أفضلهم ألوقا و أما علماءالنصارى فكانوا ثلاثة رجال يوحنا الأكبر باج و يوحنا بقرقيسيا و يوحنا الديلميبرجاز و عنده كان ذكر النبي ( ص ) و ذكر أهل بيته و أمته و هو الذي بشر أمه عيسى و بنيإسرائيل به ثم قال له يا نصراني و الله إنا لنؤمن بعيسى الذي آمن بمحمد ( ص ) و ماننقم على عيساكم شيئا إلا ضعفه و قلة صيامه و صلاته

[159]

قال الجاثليق أفسدت و الله علمك و ضعفت أمرك و ما كنت ظننت إلا أنك أعلم أهلالإسلام قال الرضا ( ع ) و كيف ذاك قال الجاثليق من قولك أن عيسى كان ضعيفا قليلالصيام قليل الصلاة و ما أفطر عيسى يوما قط و لا نام بليل قط و ما زال صائم الدهرو قائم الليل قال الرضا ( ع ) فلمن كان يصوم و يصلي قال فخرس الجاثليق و انقطع قالالرضا ( ع ) يا نصراني أسألك عن مسألة قال سل فإن كان عندي علمها أجبتك قال الرضا ( ع ) ماأنكرت أن عيسى ( ع ) كان يحيي الموتى بإذن الله عز و جل قال الجاثليق أنكرت ذلك من أجلأن من أحيا الموتى و أبرأ الأكمه و الأبرص فهو رب مستحق لأن يعبد قال الرضا ( ع ) فإناليسع قد صنع مثل ما صنع عيسى ( ع ) مشى على الماء و أحيا الموتى و أبرأ الأكمه والأبرص فلم تتخذه أمته ربا و لم يعبده أحد من دون الله عز و جل و لقد صنع حزقيلالنبي ( ع ) مثل ما صنع عيسى ابن مريم فأحيا خمسة و ثلاثين ألف رجل من بعد موتهم بستينسنة ثم التفت إلى رأس الجالوت فقال له يا رأس الجالوت أ تجد هؤلاء في شباب بنيإسرائيل في التوراة اختارهم بخت‏نصر من سبي بني إسرائيل حين غزا بيت المقدس ثمانصرف بهم إلى بابل فأرسله الله عز و جل إليهم فأحياهم هذا في التوراة لا يدفعهإلا كافر منكم قال رأس الجالوت قد سمعنا به و عرفناه قال صدقت ثم قال يا يهودي خذعلى هذا السفر من التوراة فتلا ( ع ) علينا من التوراة آيات فأقبل اليهودي يترججلقراءته و يتعجب ثم أقبل على النصراني

[160]

فقال يا نصراني أ فهؤلاء كانوا قبل عيسىأم عيسى كان قبلهم قال بل كانوا قبله فقال الرضا ( ع ) لقد اجتمعت قريش على رسول اللهص فسألوه أن يحيي لهم موتاهم فوجه معهم علي بن أبي طالب ( ع ) فقال له اذهب إلىالجبانة فناد بأسماء هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك يا فلان و يا فلانو يا فلان يقول لكم محمد رسول الله ( ص ) قوموا بإذن الله عز و جل فقاموا ينفضونالتراب عن رءوسهم فأقبلت قريش يسألهم عن أمورهم ثم أخبروهم أن محمدا قد بعث نبيافقالوا وددنا أنا أدركناه فنؤمن به و لقد أبرأ الأكمه و الأبرص و المجانين و كلمهالبهائم و الطير و الجن و الشياطين و لم نتخذه ربا من دون الله عز و جل و لم ننكرلأحد من هؤلاء فضلهم فمتى اتخذتم عيسى ربا جاز لكم أن تتخذوا اليسع و حزقيل ربالأنهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى ابن مريم ( ع ) من إحياء الموتى و غيره و إن قوما منبني إسرائيل خرجوا من بلادهم من الطاعون و هم ألوف حذر الموت فأماتهم الله في ساعةواحدة فعمد أهل تلك القرية فحظروا عليهم حظيرة فلم يزالوا فيها حتى نخرت عظامهم وصاروا رميما فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل فتعجب منهم و من كثرة العظامالبالية فأوحى الله عز و جل إليه أ تحب أن أحييهم لك فتنذرهم قال نعم يا رب فأوحىالله عز و جل إليه أن نادهم فقال أيتها العظام البالية قومي بإذن الله عز و جلفقاموا أحياء أجمعون ينفضون التراب عن رءوسهم ثم إبراهيم خليل الرحمن ( ع ) حين أخذالطير فقطعهن قطعا ثم وضع على كل جبل منهن جزءا ثم ناداهن فأقبلن سعيا إليه ثمموسى بن عمران ( ع ) و أصحابه السبعون الذين اختارهم صاروا معه إلى الجبل فقالوا لهإنك قد رأيت الله سبحانه فأرناه كما رأيته فقال

[161]

لهم إني لم أره فقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عنآخرهم و بقي موسى وحيدا فقال يا رب اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم وأرجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به فلو شئت أهلكتهم من قبل و إياي أ تهلكنابما فعل السفهاء منا فأحياهم الله عز و جل من بعد موتهم و كل شي‏ء ذكرته لك من هذالا تقدر على دفعه لأن التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان قد نطقت به فإن كان كلمن أحيا الموتى و أبرأ الأكمه و الأبرص و المجانين يتخذ ربا من دون الله فاتخذهؤلاء كلهم أربابا ما تقول يا يهودي فقال الجاثليق القول قولك و لا إله إلا اللهثم التفت إلى رأس الجالوت فقال يا يهودي أقبل علي أسألك بالعشر الآيات التي أنزلتعلى موسى بن عمران ( ع ) هل تجد في التوراة مكتوبا بنبإ محمد ( ص ) و أمته إذا جاءت الأمةالأخيرة أتباع راكب البعير يسبحون الرب جدا جدا تسبيحا جديدا في الكنائس الجددفليفرغ بنو إسرائيل إليهم و إلى ملكهم لتطمئن قلوبهم فإن بأيديهم سيوفا ينتقمونبها من الأمم الكافرة في أقطار الأرض أ هكذا هو في التوراة مكتوب قال رأس الجالوتنعم إنا لنجده كذلك ثم قال للجاثليق يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا ( ع ) قال أعرفه حرفاحرفا قال لهما أ تعرفان هذا من كلامه يا قوم إني رأيت صورة راكب الحمار لابساجلابيب النور و رأيت راكب البعير ضوء مثل ضوء القمر فقالا

[162]

قد قال ذلك شعيا ( ع ) قال الرضا ( ع ) يا نصرانيهل تعرف في الإنجيل قول عيسى ( ع ) إني ذاهب إلى ربكم و ربي و البارقليطا جاء هو الذييشهد لي بالحق كما شهدت له و هو الذي يفسر لكم كل شي‏ء و هو الذي يبدئ فضائح الأممو هو الذي يكسر عمود الكفر فقال الجاثليق ما ذكرت شيئا من الإنجيل إلا و نحن مقرونبه فقال أ تجد هذا في الإنجيل ثابتا يا جاثليق قال نعم قال الرضا ( ع ) يا جاثليق أ لا تخبرني عنالإنجيل الأول حين افتقدتموه عند من وجدتموه و من وضع لكم هذا الإنجيل فقال له ماافتقدنا الإنجيل إلا يوما واحدا حتى وجدناه غضا طريا فأخرجه إلينا يوحنا و متىفقال له الرضا ( ع ) ما أقل معرفتك بسنن الإنجيل و علمائه فإن كان هذا كما تزعم فلم اختلفتمفي الإنجيل و إنما وقع الاختلاف في هذا الإنجيل الذي في أياديكم اليوم فلو كان علىالعهد الأول لم تختلفوا فيه و لكني مفيدك علم ذلك اعلم أنه لما افتقد الإنجيلالأول اجتمعت النصارى إلى علمائهم فقالوا لهم قتل عيسى ابن مريم ( ع ) و افتقدناالإنجيل و أنتم العلماء فما عندكم فقال لهم ألوقا و مرقابوس عي

[163]

إن الإنجيل في صدورنا و نحن نخرجه إليكم سفرا سفرا في كل أحد فلاتحزنوا عليه و لا تخلوا الكنائس فإنا سنتلوه عليكم في كل أحد سفرا سفرا حتى نجمعهكله فقعد ألوقا و مرقابوس و يوحنا و متى فوضعوا لكم هذا الإنجيل بعد ما افتقدتمالإنجيل الأول و إنما كان هؤلاء الأربعة تلاميذ تلاميذ الأولين أ علمت ذلك فقالالجاثليق أما هذا فلم أعلمه و قد علمته الآن و قد بان لي من فضل علمك بالإنجيل وسمعت أشياء مما علمته شهد قلبي أنها حق فاستزدت كثيرا من الفهم فقال له الرضا ( ع ) فكيف شهادة هؤلاء عندك قال جائزة هؤلاء علماء الإنجيل و كلما شهدوا به فهو حق قالالرضا ( ع ) للمأمون و من حضره من أهل بيته و من غيرهم اشهدوا عليه قالوا قد شهدنا ثمقال ( ع ) للجاثليق بحق الابن و أمه هل تعلم أن متى قال إن المسيح هو ابن داود بنإبراهيم بن إسحاق بن يعقوب بن يهوذا بن خضرون فقال مرقابوس في نسبة عيسى ابن مريمع إنه كلمة الله أحلها في جسد الأدمي فصارت إنسانا و قال ألوقا إن عيسى ابن مريم ( ع ) و أمه كانا إنسانين من لحم و دم فدخل فيها الروح القدس ثم إنك تقول من شهادة عيسىعلى نفسه حقا أقول لكم يا معشر الحواريين إنه لا يصعد إلى السماء إلا من نزل منهاإلا راكب البعير خاتم الأنبياء فإنه يصعد إلى السماء و ينزل فما تقول في هذا القولقال الجاثليق هذا قول عيسى لا ننكره قال الرضا ( ع ) فما تقول في شهادة ألوقا ومرقابوس و متى على عيسى و ما نسبوه إليه قال الجاثليق كذبوا على عيسى فقال الرضا ( ع ) يا قوم أ ليس قد زكاهم و شهد أنهم علماء الإنجيل و قولهم حق فقال الجاثليق

[164]

يا عالم المسلمين أحب أن تعفيني من أمر هؤلاء قالالرضا ( ع ) فإنا قد فعلنا سل يا نصراني عما بدا لك قال الجاثليق ليسألك غيري فلا و حقالمسيح ما ظننت أن في علماء المسلمين مثلك فالتفت الرضا ( ع ) إلى رأس الجالوت فقال لهتسألني أو أسألك فقال بل أسألك و لست أقبل منك حجة إلا من التوراة أو من الإنجيلأو من زبور داود أو بما في صحف إبراهيم و موسى قال الرضا ( ع ) لا تقبل مني حجة إلابما تنطق به التوراة على لسان موسى بن عمران و الإنجيل على لسان عيسى ابن مريم والزبور على لسان داود فقال رأس الجالوت من أين تثبت نبوة محمد ( ص ) قال الرضا ( ع ) شهدبنبوته موسى بن عمران و عيسى ابن مريم و داود خليفة الله عز و جل في الأرض فقال لهثبت قول موسى بن عمران فقال له الرضا ( ع ) هل تعلم يا يهودي أن موسى أوصى بني إسرائيلفقال لهم إنه سيأتيكم نبي من إخوانكم فيه فصدقوا و منه فاسمعوا فهل تعلم أن لبنيإسرائيل إخوة غير ولد إسماعيل إن كنت تعرف قرابة إسرائيل من إسماعيل و السبب الذيبينهما من قبل إبراهيم ( ع ) فقال رأس الجالوت هذا قول موسى لا ندفعه فقال له الرضا ( ع )

[165]

هل جاءكم من إخوة بني إسرائيل نبي غيرمحمد ( ص ) قال لا قال الرضا ( ع ) أ و ليس قد صح هذا عندكم قال نعم و لكني أحب أن تصححهإلي من التوراة فقال له الرضا ( ع ) هل تنكر أن التوراة تقول لكم جاء النور من قبل طور سيناء و أضاء لنامن جبل ساعير و استعلن علينا من جبل فاران قال رأس الجالوت أعرف هذه الكلمات و ماأعرف تفسيرها قال الرضا ( ع ) أنا أخبرك به أما قوله جاء النور من قبل طور سيناء فذلكوحي الله تبارك و تعالى الذي أنزله على موسى ( ع ) على جبل طور سيناء و أما قوله وأضاء لنا من جبل ساعير فهو الجبل الذي أوحى الله عز و جل إلى عيسى ابن مريم ( ع ) و هوعليه و أما قوله و استعلن علينا من جبل فاران فذاك جبل من جبال مكة بينه و بينهايوم و قال شعياء النبي ( ع ) فيما تقول أنت و أصحابك في التوراة رأيت راكبين أضاء لهمالأرض أحدهما على حمار و الآخر على جمل فمن راكب الحمار و من راكب الجمل قال رأسالجالوت لا أعرفهما فخبرني بهما قال أما راكب الحمار فعيسى ( ع ) و أما راكب الجملفمحمد ( ص ) أ تنكر هذا من التوراة قال لا ما أنكره ثم قال الرضا ( ع ) هل تعرف حيقوقالنبي ( ع ) قال نعم إني به لعارف قال فإنه قال و كتابكم ينطق به جاء الله تعالىبالبيان من جبل فاران و امتلأت السماوات من تسبيح أحمد و أمته يحمل خيله في البحركما يحمل في البر يأتينا بكتاب جديد بعد خراب بيت المقدس يعني بالكتاب الفرقان أتعرف هذا و تؤمن به قال رأس الجالوت قد قال ذلك حيقوق النبي ( ع )

[166]

و لا ننكر قوله قال الرضا ( ع ) فقد قال داود في زبوره و أنت تقرأه اللهم ابعثمقيم السنة بعد الفترة فهل تعرف نبيا أقام السنة بعد الفترة غير محمد ( ص ) قال رأسالجالوت هذا قول داود نعرفه و لا ننكر و لكن عنى بذلك عيسى و أيامه هي الفترة قالله الرضا ( ع ) جهلت أن عيسى ( ع ) لم يخالف السنة و كان موافقا لسنة التوراة حتى رفعهالله إليه و في الإنجيل مكتوب أن ابن البرة ذاهب و البارقليطا جاء من بعده و هوالذي يحفظ الآصار و يفسر لكم كل شي‏ء و يشهد لي كما شهدت له أنا جئتكم بالأمثال وهو يأتيكم بالتأويل أ تؤمن بهذا في الإنجيل قال نعم فقال له الرضا ( ع ) يا رأسالجالوت أسألك عن نبيك موسى بن عمران ( ع ) فقال سل قال ما الحجة على أن موسى ثبتتنبوته قال اليهودي إنه جاء بما لم يجئ به أحد من الأنبياء قبله قال له مثل ما ذاقال مثل فلق البحر و قلبه العصا حية تسعى و ضربه الحجر فانفجرت منه العيون وإخراجه يده بيضاء للناظرين و علاماته لا يقدر الخلق على مثلها قال له الرضا ( ع ) صدقتفي أنه كانت حجته على نبوته أنه جاء بما لا يقدر الخلق على مثله أ فليس كل من ادعىأنه نبي ثم جاء بما لا يقدر الخلق على مثله وجب عليكم تصديقه قال لا لأن موسى ( ع ) لميكن له نظير لمكانه من ربه و قربه منه و لا يجب علينا الإقرار بنبوة من ادعاها حتىيأتي من الأعلام بمثل ما جاء به فقال الرضا ( ع ) فكيف أقررتم بالأنبياء الذين كانواقبل موسى ( ع ) و لم يفلقوا البحر و لم يفجروا من الحجر اثنتي عشرة عينا و لم يخرجواأيديهم مثل إخراج موسى يده بيضاء و لم يقلبوا العصا حية تسعى قال

[167]

اليهودي قد خبرتك أنه متى ما جاءوا على نبوتهم منالآيات بما لا يقدر الخلق على مثله و لو جاءوا بما لم يجئ به موسى أو كان على غيرما جاء به موسى وجب تصديقهم قال له الرضا ( ع ) يا رأس الجالوت فما يمنعك من الإقراربعيسى ابن مريم و قد كان يحيي الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص و يخلق من الطينكهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله تعالى قال رأس الجالوت يقال إنه فعلذلك و لم نشهده قال الرضا ( ع ) أ رأيت ما جاء به موسى من الآيات شاهدته أ ليس إنماجاءت الأخبار من ثقات أصحاب موسى أنه فعل ذلك قال بلى قال فكذلك أيضا أتتكمالأخبار المتواترة بما فعل عيسى ابن مريم ( ع ) فكيف صدقتم بموسى و لم تصدقوا بعيسىفلم يحر جوابا قال الرضا ( ع ) و كذلك أمر محمد ( ص ) و ما جاء به و أمر كل نبي بعثه اللهو من آياته أنه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا و لم يختلف إلى معلمثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء ( ع ) و أخبارهم حرفا حرفا و أخبار من مضى و منبقي إلى يوم القيامة ثم كان يخبرهم بأسرارهم و ما يعملون في بيوتهم و جاء بآياتكثيرة لا تحصى قال رأس الجالوت لم يصح عندنا خبر عيسى و لا خبر محمد ( ص ) و لا يجوزلنا أن نقر لهما بما لا يصح قال الرضا ( ع ) فالشاهد الذي شهد لعيسى و لمحمد ( ص ) شاهدزور فلم يحر جوابا ثم دعا ( ع ) بالهربذ الأكبر فقال له الرضا ( ع ) أخبرني عن زردهشت الذيتزعم أنه نبي ما حجتك على نبوته قال إنه أتى بما لم يأتنا أحد قبله و لم نشهده و لكنالأخبار من أسلافنا وردت علينا

[168]

بأنه أحل لنا ما لم يحله غيره فاتبعناهقال أ فليس إنما أتتكم الأخبار فاتبعتموه قال بلى قال فكذلك سائر الأمم السالفةأتتهم الأخبار بما أتى به النبيون و أتى به موسى و عيسى و محمد ( ص ) فما عذركم في تركالإقرار لهم إذ كنتم إنما أقررتم بزردهشت من قبل الأخبار المتواترة بأنه جاء بمالم يجئ به غيره فانقطع الهربذ مكانه فقال الرضا ( ع ) يا قوم إن كان فيكم أحد يخالفالإسلام و أراد أن يسأل فليسأل غير محتشم فقام إليه عمران الصابي و كان واحدا منالمتكلمين فقال يا عالم الناس لو لا أنك دعوت إلى مسألتك لم أقدم عليك بالمسائلفلقد دخلت بالكوفة و البصرة و الشام و الجزيرة و لقيت المتكلمين فلم أقع على أحديثبت لي واحدا ليس غيره قائما بوحدانيته أ فتأذن لي أن أسألك قال الرضا ( ع ) أن كانفي الجماعة عمران الصابي فأنت هو قال أنا هو قال سل يا عمران و عليك بالنصفة وإياك و الخطل و الجور فقال و الله يا سيدي ما أريد إلا أن تثبت لي شيئا أتعلق به

[169]

فلا أجوزه قال سل عما بدا لك فازدحم الناس و انضمبعضهم إلى بعض فقال عمران الصابي أخبرني عن الكائن الأول و عما خلق فقال له سألتفافهم أما الواحد فلم يزل واحدا كائنا لا شي‏ء معه بلا حدود و لا أعراض و لا يزالكذلك ثم خلق خلقا مبتدعا مختلفا بأعراض و حدود مختلفة لا في شي‏ء أقامه و لا فيشي‏ء حده و لا على شي‏ء حذاه و مثله له فجعل الخلق من بعد ذلك صفوة و غير صفوة واختلافا و ائتلافا و ألوانا و ذوقا و طعما لا لحاجة كانت منه إلى ذلك و لا لفضلمنزلة لم يبلغها إلا به و لا أرى لنفسه فيما خلق زيادة و لا نقصانا تعقل هذا ياعمران قال نعم و الله يا سيدي قال و اعلم يا عمران أنه لو كان خلق ما خلق لحاجة لميخلق إلا من يستعين به على حاجته و لكان ينبغي أن يخلق أضعاف ما خلق لأن الأعوانكلما كثروا كان صاحبهم أقوى و الحاجة يا عمران لا يسعها لأنه كان لم يحدث من الخلقشيئا إلا حدثت فيه حاجة أخرى و لذلك أقول لم يخلق الخلق لحاجة و لكن نقل بالخلقالحوائج بعضهم إلى بعض و فضل بعضهم على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل و لا نقمة منهعلى من أذل فلهذا خلق قال عمران يا سيدي هل كان الكائن معلوما في نفسه عند نفسهقال

[170]

الرضا ( ع ) إنما يكون المعلمة بالشي‏ء لنفيخلافه و ليكون الشي‏ء نفسه بما نفي عنه موجودا و لم يكن هناك شي‏ء يخالفه فتدعوهالحاجة إلى نفي ذلك الشي‏ء عن نفسه بتحديد ما علم منها أ فهمت يا عمران قال نعم والله يا سيدي فأخبرني بأي شي‏ء علم ما علم أ بضمير أم بغير ذلك قال الرضا ( ع ) أ رأيتإذا علم بضمير هل يجد بدا من أن يجعل لذلك الضمير حدا تنتهي إليه المعرفة قالعمران لا بد من ذلك قال الرضا ( ع ) فما ذلك الضمير فانقطع و لم يحر جوابا قال الرضا ( ع ) لا بأس إن سألتك عن الضمير نفسه تعرفه بضمير آخر فإن قلت نعم أفسدت عليك قولك ودعواك يا عمران أ ليس ينبغي أن تعلم أن الواحد ليس يوصف بضمير و ليس يقال له أكثرمن فعل و عمل و صنع و ليس يتوهم منه مذاهب و تجزية كمذاهب المخلوقين و تجزيتهمفاعقل ذلك و ابن عليه ما علمت صوابا قال عمران يا سيدي أ لا تخبرني عن حدود خلقهكيف هي و ما معانيها و على كم نوع يكون قال قد سألت فاعلم أن حدود خلقه على ستةأنواع

[171]

ملموس و موزون و منظور إليه و ما لا ذوقله و هو الروح و منها منظور إليه و ليس له وزن و لا لمس و لا حس و لا لون و لا ذوقو التقدير و الأعراض و الصور و الطول و العرض و منها العمل و الحركات التي تصنعالأشياء و تعملها و تغيرها من حال إلى حال و تزيدها و تنقصها فأما الأعمال والحركات فإنها تنطلق لأنه لا وقت لها أكثر من قدر ما يحتاج إليه فإذا فرغ منالشي‏ء انطلق بالحركة و بقي الأثر و يجرى مجرى الكلام الذي يذهب و يبقى أثره قالعمران يا سيدي أ لا تخبرني عن الخالق إذا كان واحدا لا شي‏ء غيره و لا شي‏ء معه أليس قد تغير بخلقه الخلق قال له الرضا ( ع ) قديم لم يتغير عز و جل بخلقه الخلق و لكنالخلق يتغير بتغيره قال عمران يا سيدي فبأي شي‏ء عرفناه قال بغيره قال فأي شي‏ءغيره قال الرضا ( ع ) مشيته و اسمه و صفته و ما أشبه ذلك و كل ذلك محدث مخلوق مدبر قالعمران يا سيدي فأي شي‏ء هو قال هو نور بمعنى أنه هاد خلقه من أهل السماء و أهلالأرض و ليس لك على أكثر من توحيدي إياه قال عمران يا سيدي أ ليس قد كان ساكتا قبلالخلق لا ينطق ثم نطق قال الرضا ( ع ) لا يكون السكوت إلا عن نطق قبله و المثل في ذلكأنه لا يقال للسراج هو ساكت لا ينطق و لا يقال أن السراج ليضي‏ء فيما يريد أن يفعلبنا لأن الضوء من السراج ليس بفعل منه و لا كون و إنما هو ليس شي‏ء غيره فلمااستضاء لنا قلنا قد أضاء لنا حتى استضأنا به فبهذا تستبصر أمرك قال عمران يا سيديفإن الذي كان عندي أن الكائن قد تغير في فعله عن حاله بخلقه الخلق قال الرضا ( ع ) أحلت يا عمران في قولك إن الكائن يتغير في وجه من الوجوه حتى يصيب الذات منه مايغيره يا عمران هل تجد النار تغيرها تغير نفسها و هل تجد الحرارة تحرق نفسها أو هلرأيت بصيرا قط رأى بصره قال

[172]

عمران لم أر هذا إلاأن تخبرني يا سيدي أ هو في الخلق أم الخلق فيه قال الرضا ( ع ) أجل يا عمران عن ذلكليس هو في الخلق و لا الخلق فيه تعالى عن ذلك و ساء علمك ما تعرفه و لا قوة إلابالله أخبرني عن المرآة أنت فيها أم هي فيك فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه فبأيشي‏ء استدللت بها على نفسك يا عمران قال بضوء بيني و بينها قال الرضا ( ع ) هل ترى منذلك الضوء في المرآة أكثر مما تراه في عينك قال نعم قال الرضا ( ع ) فأرناه فلم يحرجوابا قال فلا أرى النور إلا و قد دلك و دل المرآة على أنفسكما من غير أن يكون فيواحد منكما و لهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالا و لله المثلالأعلى ثم التفت إلى المأمون فقال الصلاة قد حضرت فقال عمران يا سيدي لا تقطع عليمسألتي فقد رق قلبي قال الرضا ( ع ) نصلي و نعود فنهض و نهض المأمون فصلى الرضا ( ع ) داخلا و صلى الناس خارجا خلف محمد بن جعفر ثم خرجا فعاد الرضا ( ع ) إلى مجلسه و دعابعمران فقال سل يا عمران قال يا سيدي أ لا تخبرني عن الله عز و جل هل يوحد بحقيقةأو يوحد بوصف قال الرضا ( ع ) إن الله المبدئ الواحد الكائن الأول لم يزل واحدا لاشي‏ء معه فردا لا ثاني معه لا معلوما و لا مجهولا و لا محكما و لا متشابها و لامذكورا و لا منسيا و لا شيئا يقع عليه اسم شي‏ء من الأشياء غيره و لا من وقت كان ولا إلى وقت يكون و لا بشي‏ء قام و لا إلى شي‏ء يقوم و لا إلى شي‏ء استند و لا فيشي‏ء استكن و ذلك كله قبل الخلق إذ لا شي‏ء غيره و ما أوقعت

[173]

عليه من الكل فهي صفات محدثة و ترجمةيفهم بها من فهم و اعلم أن الإبداع و المشية و الإرادة معناها واحد و أسماؤهاثلاثة و كان أول إبداعه و إرادته و مشيته الحروف التي جعلها أصلا لكل شي‏ء و دليلاعلى كل مدرك و فاصلا لكل مشكل و بتلك الحروف تفريق كل شي‏ء من اسم حق و باطل أوفعل أو مفعول أو معنى أو غير معنى و عليها اجتمعت الأمور كلها و لم يجعل للحروف فيإبداعه لها معنى غير أنفسها تتناهى و لا وجود لها لأنها مبدعة بالإبداع و النور فيهذا الموضع أول فعل الله الذي هو نور السماوات و الأرض و الحروف هي المفعول بذلكالفعل و هي الحروف التي عليها مدار الكلام و العبادات كلها من الله عز و جل عليهاخلقه و هي ثلاثة و ثلاثون حرفا فمنها ثمانية و عشرون حرفا تدل على لغات العربية ومن الثمانية و العشرين اثنان و عشرون حرفا تدل على لغات السريانية و العبرانية ومنها خمسة أحرف متحرفة في سائر اللغات من العجم و الأقاليم و اللغات كلها و هيخمسة أحرف تحرفت من الثمانية و العشرين حرفا من اللغات فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفا فأما الخمسة المختلفة فيتجحخ لا يجوز ذكرها أكثر مما ذكرناه ثم جعلالحروف بعد إحصائها و أحكام عدتها فعلا منه كقوله عز و جل كُنْ فَيَكُونُ و كن منهصنع

back page fehrest page next page