[258]
قال مصنف هذا الكتاب يعني بذلك أنه لم يسأله عما وقع في ماله من الشبهة و يرضي عنه خصماءه بالعوض .
13- حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي اللهعنه قال حدثني أبي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن السياري عن الحارث بنالدلهاث عن أبيه عن أبي الحسن الرضا ( ع ) قال إن الله عز و جل أمر بثلاثة مقرون بهاثلاثة أخرى أمر بالصلاة و الزكاة فمن صلى و لم يزك لم يقبل منه صلاته و أمر بالشكرله و للوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله و أمر باتقاء الله و صلة الرحم فمنلم يصل رحمه لم يتق الله عز و جل .
14- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثناعلي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بنمحمد بن أبي نصر البزنطي قال قال أبو الحسن ( ع ) من علامات الفقيه الحلم و العلم والصمت إن الصمت باب من أبواب الحكمة إن الصمت يكسب المحبة إنه دليل على كل خير .
15- حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قالحدثني محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي عن حمدانالديواني قال قال الرضا ( ع ) صديق كل امرئ عقله و عدوه جهله .
16- حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيمالخوري قال حدثنا زيد بن محمد البغدادي [259]
قال حدثناأبو القاسم عبد الله بن محمد الطائي بالبصرة قال حدثنا أبي قال حدثنا علي بن موسىالرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب ( ع ) أنه دعاه رجل فقال له علي ( ع ) على أنتضمن لي ثلاث خصال قال و ما هي يا أمير المؤمنين قال لا تدخل علينا شيئا من خارج ولا تدخر عنا شيئا في البيت و لا تجحف بالعيال قال ذلك لك فأجابه علي بن أبي طالب ( ع ) .
17- حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال حدثنا أبو نصر منصوربن عبد الله بن إبراهيم الأصفهاني قال حدثنا علي بن أبي عبد الله قال حدثنا داودبن سليمان عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب ( ع ) قال قالرسول الله ( ص ) أربعة أنا شفيعهم يوم القيامة و لو أتوني بذنوب أهل الأرض معين أهلبيتي و القاضي لهم حوائجهم عند ما اضطروا إليه و المحب لهم بقلبه و لسانه و الدافع عنهم بيده .
18- حدثنا أبي قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسىعن الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن ( ع ) أنه قال احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحىالله عز و جل إلى موسى أن أخرج عظام يوسف ( ع ) من مصر و وعده طلوع القمر إذا أخرجعظامه فسأل موسى ( ع ) عن من يعلم موضعه فقيل له إن هاهنا عجوز تعلم علمه فبعث إليهافأتي بعجوز مقعدة عمياء فقال لها أ تعرفين موضع قبر يوسف قالت نعم قال فأخبريني بهفقالت لا حتى تعطيني أربع خصال تطلق لي رجلي و تعيد إلي شبابي و ترد إلي بصري وتجعلني معك في الجنة قال فكبر ذلك على موسى ( ع ) قال فأوحى الله عز و جل إليه يا موسىأعطها ما سألت فإنك إنما تعطي [260]
علي ففعل فدلتهعليه فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام .
19- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد مولى بني هاشم عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيهقال سألت الرضا ( ع ) عن بسم الله قال معنى قول القائل بسم الله أي [261]
أسم على نفسي بسمة من سمات الله عز و جل و هي العبودية قال فقلت له ما السمة قال العلامة .
20- حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله قال حدثنا المنذر بن محمد قال حدثنا الحسين بن محمد قال حدثناسليمان بن جعفر عن الرضا ( ع ) قال حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن علي بن أبي طالب ( ع ) قال في جناح كل هدهد خلقه الله عز و جل مكتوب بالسريانية آل محمد خير البرية .
21- حدثنا عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب قال أخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الأصفهاني قال حدثنا عليبن عبد الله الإسكندراني قال حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي الرقي قال حدثناأبي قال حدثنا علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمدعن أبيه محمد بن علي عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ( ع ) قال قالرسول الله ( ص ) يا علي طوبى لمن أحبك و صدق بك و ويل لمن أبغضك و كذب بك محبوكمعروفون في السماء السابعة و الأرض السابعة السفلى و ما بين ذلك هم أهل الدين والورع و السمت الحسن و التواضع لله عز و جل خاشعة أبصارهم وجلة قلوبهم لذكر اللهعز و جل و قد عرفوا حق ولايتك و ألسنتهم ناطقة بفضلك و أعينهم ساكبة تحننا عليك وعلى الأئمة من ولدك يدينون لله بما أمرهم به في كتابه و جاءهم به البرهان من سنةنبيه عاملون بما يأمرهم به أولو الأمر منهم متواصلون غير متقاطعين متحابون غيرمتباغضين إن الملائكة لتصلي عليهم و تؤمن على دعائهم و تستغفر للمذنب منهم و تشهدحضرته و تستوحش لفقده إلى يوم القيامة .
[262]
22- حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي بالكوفة سنة أربعو خمسين و ثلاثمائة قال حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال حدثنا محمد بنأحمد بن علي الهمداني قال حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال حدثنامحمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قالحدثنا عبد السلام بن صالح الهروي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عنأبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بنعلي عن أبيه علي بن أبي طالب ( ع ) قال قال رسول الله ( ص ) ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه مني قال علي ( ع ) فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل فقال ( ص ) يا عليإن الله تبارك و تعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين و فضلني علىجميع النبيين و المرسلين و الفضل بعدي لك يا علي و للأئمة من بعدك و إن الملائكةلخدامنا و خدام محبينا يا علي الذين يحملون العرش و من حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا يا علي لو لا نحن ما خلق الله آدم ( ع ) و لا الحواء ولا الجنة و لا النار و لا السماء و لا الأرض فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قدسبقناهم إلى معرفة ربنا و تسبيحه و تهليله و تقديسه لأن أول ما خلق الله عز و جلأرواحنا فأنطقها بتوحيده و تمجيده ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا [263]
استعظمت أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلقمخلوقون و أنه منزه عن صفاتنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا و نزهته عن صفاتنا فلماشاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله و أنا عبيد و لسنابآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه فقالوا لا إله إلا الله فلما شاهدوا كبر محلناكبرنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به فلما شاهدوا ماجعله الله لنا من العزة و القوة فقلنا لا حول و لا قوة إلا بالله لتعلم الملائكةأنه لا حول لنا و لا قوة إلا بالله فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا و أوجبه لنامن فرض الطاعة قلنا الحمد لله لتعلم الملائكة ما يستحق لله تعالى ذكره علينا منالحمد على نعمه فقالت الملائكة الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله عز وجل و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده ثم إن الله تبارك و تعالى خلق آدم فأودعناصلبه و أمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا و إكراما و كان سجودهم لله عز و جلعبودية و لآدم إكراما و طاعة لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة و قدسجدوا لآدم كلهم أجمعون و إنه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرئيل مثنى مثنى و أقاممثنى مثنى ثم قال لي تقدم يا محمد فقلت له جبرئيل أتقدم عليك قال نعم لأن اللهتبارك و تعالى فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين و فضلك خاصة قال فتقدمت فصليت بهم ولا فحز فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل تقدم يا محمد و تخلف عني فقلت لهيا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني فقال يا محمد إن انتهاء [264]
حدي الذي وضعني الله عز و جل فيه إلى هذاالمكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدي حدود ربي جل جلاله فزخ بي النور زخة حتىانتهيت إلى ما شاء الله عز و جل من علو مكانه فنوديت فقلت لبيك ربي و سعديك تباركتو تعاليت فنوديت يا محمد أنت عبدي و أنا ربك فإياي فاعبد و علي فتوكل فإنك نوري فيعبادي و رسولي إلى خلقي و حجتي على بريتي لك و لمن تبعك خلقت جنتي و لمن خالفكخلقت ناري و لأوصيائك أوجبت كرامتي و لشيعتهم أوجبت ثوابي فقلت يا رب و من أوصيائيفنوديت يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت و أنا بين يدي ربي جل جلالهإلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائيأولهم علي بن أبي طالب ( ع ) و آخرهم مهدي أمتي فقلت يا رب هؤلاء أوصيائي بعدي فنوديتيا محمد هؤلاء أوصيائي و أحبائي و أصفيائي و حججي بعدك على بريتي و هم أوصياؤك وخلفاؤك و خير خلقي بعدك و عزتي و جلالي لأظهرن بهم ديني و لأعلين بهم كلمتي ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي و لأملكنه مشارق الأرض و مغاربها و لأسخرن لهالرياح و لأذللن له السحاب الصعاب و لأرقينه في الأسباب و لأنصرنه بجندي و لأمدنهبملائكتي حتى يعلن دعوتي و يجمع الخلق على توحيدي ثم لأديمن ملكه و لأداولن الأيامبين أوليائي إلى يوم القيامة .
[265]
23- و بهذا الإسناد قال قال الرضا ( ع ) الحياء من الإيمان.
24- حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيرضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسينبن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بنمحمد عن أبيه محمد بن علي ( ع ) قال إن سليمان بن داود قال ذات يوم لأصحابه إن اللهتبارك و تعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي سخر لي الريح و الإنس و الجنو الطير و الوحوش و علمني منطق الطير و آتاني من كل شيء و مع جميع ما أوتيت منالملك ما تم لي سرور يوم إلى الليل قد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي فلا تأذنوا لأحد علي بالدخول لئلا يرد علي ما ينغص علي يوميفقالوا نعم فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده و صعد إلى أعلى موضع من قصره و وقفمتكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه سرورا بما أوتي فرحا بما أعطي إذ نظر إلى شاب حسنالوجه و اللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره فلما أبصر به سليمان ( ع ) قال له منأدخلك إلى هذا القصر و قد أردت أن أخلو فيه اليوم فبإذن من دخلت فقال الشاب أدخلنيهذا القصر ربه و بإذنه دخلت فقال ربه أحق به مني فمن أنت قال أنا ملك الموت قال وفيما جئت قال لأقبض روحك فقال امض بما أمرت به في هذا يوم سروري و أبى الله [266]
عز و جل أن يكون لي سرورا دون لقائك فقبض ملكالموت روحه و هو متكئ على عصاه فبقي سليمان متكئا على عصاه و هو ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه و هم يقدرون أنه حي فافتتنوا فيه و اختلفوا فمنهم من قال إنسليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة و لم يأكل و لم يشرب و لم يتعب ولم ينم إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده و قال قوم إن سليمان لساحر و إنه يريناأنه واقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا و ليس كذلك فقال المؤمنون إن سليمان هو عبدالله و نبيه يدبر الله أمره بما شاء فلما اختلفوا بعث الله عز و جل الأرضة فدبت فيعصاه فلما أكلت جوفها انكسرت العصا و خرت سليمان من قصره على وجهه فشكرت الجنالأرضة على صنيعها فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلا و عندها ماء و طين و ذلكقول الله عز و جل
فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلىمَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ يعني عصاه
فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوافِي الْعَذابِ الْمُهِينِ
قال الصادق ( ع ) و ما نزلت هذه الآية هكذا و إنما نزلت فلماخر تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
27- باب ما جاء عن الرضا ( ع ) في هاروت و ماروت :
1- حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بأبي الحسنالجرجاني رضي الله عنه قال حدثنا [267]
يوسف بن محمد بنزياد و علي بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن علي عن أبيه علي بن محمد عنأبيه محمد بن علي عن أبيه الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادقجعفر بن محمد في قول الله عز و جل
وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلىمُلْكِ سُلَيْمانَ وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ
قال اتبعوا ما تتلو كفرة الشياطين منالسحر و النيرنجات على ملك سليمان الذين يزعمون أن سليمان به ملك و نحن أيضا بهفظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس و قالوا كان سليمان كافرا ساحرا ماهرا بسحره ملكما ملك و قدر ما قدر فرد الله عز و جل عليهم فقال وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ
و لااستعمل السحر الذي نسبوه إلى سليمان و إلى
ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِبِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ
و كان بعد نوح ( ع ) قد كثر السحرة و المموهون فبعث اللهعز و جل ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكر ما تسحر به السحرة و ذكر ما يبطل به سحرهمو يرد به كيدهم فتلقاه النبي ( ع ) عن الملكين و أداه إلى عباد الله بأمر الله عز و جلفأمرهم أن يقفوا به على السحر و أن يبطلوه و نهاهم أن يسحروا به الناس و هذا كمايدل على السم ما هو و على ما يدفع به غائلة السم ثم قال عز و جل وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
يعني أن ذلكالنبي ( ع ) أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين و يعلماهم ما علمهما الله من ذلكفقال الله عز و جل وَ ما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ ذلك السحر و إبطاله
حَتَّىيَقُولا للمتعلم إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ
و امتحان للعباد ليطيعوا الله عز و جلفيما يتعلمون من هذا و يبطلوا به كيد السحرة و لا يسحروهم فَلا تَكْفُرْ
باستعمالهذا السحر و طلب الإضرار به و دعاء الناس إلى أن يعتقدوا أنك به تحيي و تميت وتفعل ما لا يقدر عليه إلا الله عز و جل فإن ذلك كفر قال الله عز و جل فَيَتَعَلَّمُونَ يعني طالبي السحر مِنْهُما يعني مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات و مما أُنْزِلَ
[268]
عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَ مارُوتَ
يتعلمون من هذين الصنفين ما يفرقون بهبين المرء و زوجه هذا ما يتعلم الإضرار بالناس يتعلمون التضريب بضروب الحيل والتمائم و الإبهام و أنه قد دفن في موضع كذا و عمل كذا ليحبب المرأة إلى الرجل والرجل إلى المرأة و يؤدي إلى الفراق بينهما فقال عز و جل وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ
أي ما المتعلمون بذلك بضارين من أحد إلابإذن الله يعني بتخلية الله و علمه فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر و القهر ثم قال وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَ لا يَنْفَعُهُمْ
لأنهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به و يضروا فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم و لا ينفعهم فيه بل ينسلخون عندين الله بذلك وَ لَقَدْ عَلِمُوا هؤلاء المتعلمون لَمَنِ اشْتَراهُ بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ
أي من نصيب في ثواب الجنة ثمقال عز و جل وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ و رهنوها بالعذاب
لَوْكانُوا يَعْلَمُونَ
أنهم قد باعوا الآخرة و تركوا نصيبهم من الجنة لأن المتعلمينلهذا السحر الذين يعتقدون أن لا رسول و لا إله و لا بعث و لا نشور فقال
وَ لَقَدْعَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ
لأنهم [269]
يعتقدون أن لا آخرة فهم يعتقدون أنها إذالم تكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا و إن كانت بعد الدنيا آخرة فهم معكفرهم بها لا خلاق لهم فيها ثم قال وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
بالعذاب إذ باعوا الآخرة بالدنيا و رهنوا بالعذاب الدائم أنفسهم لَوْ كانُوايَعْلَمُونَ أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب و لكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به فلماتركوا النظر في حجج الله حتى يعلموا عذبهم على اعتقادهم الباطل و جحدهم الحق قاليوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن سيار عن أبويهما أنهما قالا فقلنا للحسن بنعلي ( ع ) فإن قوما عندنا يزعمون أن هاروت و ماروت ملكان اختارهما الله الملائكة لماكثر عصيان بني آدم و أنزلهما مع ثالث لهما إلى دار الدنيا و أنهما افتتنا بالزهرةو أرادا الزناء بها و شربا الخمر و قتلا النفس المحرمة و أن الله عز و جل يعذبهماببابل و أن السحرة منهما يتعلمون السحر و أن الله تعالى مسخ تلك المرأة هذا الكوكبالذي هو الزهرة فقال الإمام ( ع ) معاذ الله من ذلك إن ملائكة الله معصومون محفوظون منالكفر و القبائح بألطاف الله تعالى قال الله عز و جل فيهم لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ و قال الله عز و جل وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ مَنْ عِنْدَهُ يعني الملائكة
لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْعِبادَتِهِ وَ لا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ
و قال عز و جل [270]
في الملائكة أيضا
بَلْعِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
ثم قال ( ع ) لو كان كما يقولون كان الله عز و جل قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاءه في الأرض و كانوا كالأنبياء في الدنيا أوكالائمة فيكون من الأنبياء و الأئمة ( ع ) قتل النفس و الزناء ثم قال ( ع ) أ و لست تعلمأن الله عز و جل لم يخل الدنيا من نبي قط أو إمام من البشر أ و ليس الله عز جليقول وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ من رسول يعني إلى الخلق
إِلَّا رِجالًانُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى
فأخبر أنه لم يبعث الملائكة إلى الأرضليكونوا أئمة و حكاما و إنما كانوا أرسلوا إلى أنبياء الله قالا فقلنا له فعلى هذاأيضا لم يكن إبليس أيضا ملكا فقال لا بل كان من الجن أ ما تسمعان الله عز و جليقول وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ
فأخبر عز و جل أنه كان من الجن و هو الذي قال اللهعز و جل وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ
قال الإمامالحسن بن علي ( ع ) حدثني أبي عن جدي عن الرضا عن آبائه عن علي ( ع ) قال قال رسول الله صإن الله عز و جل اختارنا معاشر آل محمد و اختار النبيين و اختار الملائكة المقربينو ما اختارهم إلا على علم منه بهم أنهم لا يواقعون ما يخرجون عن ولايته و ينقطعونبه عن عصمته و ينتمون به إلى المستحقين لعذابه و نقمته قالا فقلنا له قد روي [271]
لنا أن عليا ( ع ) لما نص عليه رسول الله ( ص ) بالإمامةعرض الله عز و جل ولايته في السماء على فئام من الناس و فئام من الملائكة فأبوهافمسخهم الله ضفادع فقال ( ع ) معاذ الله هؤلاء المكذبون لنا المفترون علينا الملائكةهم رسل الله فهم كسائر أنبياء الله و رسله إلى الخلق أ فيكون منهم الكفر باللهقلنا لا قال فكذلك الملائكة إن شأن الملائكة لعظيم و إن خطبهم لجليل .
2- حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال حدثني أبي عن أحمد بن علي الأنصاري عن علي بن محمد بن الجهم قال سمعت المأمون يسأل الرضا علي بن موسى ( ع ) عما يرويه الناس من أمر الزهرة و أنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت و ما يروونه من أمر سهيل أنه كان عشارا باليمن فقال الرضا ( ع ) كذبوا في قولهمإنهما كوكبان و إنما كانتا دابتين من دواب البحر فغلط الناس و ظنوا أنهما الكوكبانو ما كان الله عز و جل ليمسخ أعداءه أنوارا مضيئة ثم يبقيها ما بقيت السماوات والأرض و إن المسوخ لم يبق أكثر من ثلاثة أيام حتى ماتت و ما تناسل منها شيء و ماعلى وجه الأرض اليوم مسخ و إن التي وقع عليه اسم المسوخية مثل القرد و الخنزير والدب و أشباهها إنما هي مثل ما مسخ الله على صورها قوما غضب الله عليهم و لعنهم بإنكارهم توحيد الله وتكذيبهم رسله و أما هاروت و ماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا عن سحرالسحرة و يبطلوا به كيدهم و ما علما أحدا من ذلك شيئا إلا قالا له إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز منه و جعلوايفرقون بما تعلموه بين المرء و زوجه قال الله عز و جل وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ يعني بعلمه .
[272]
28- باب فيما جاء عن الإمام علي بن موسى ( ع ) من الأخبار المتفرقة :
1- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى و علي بن إسماعيل بن عيسى عن العباس بن معروف عن علي بنمهزيار عن محمد بن الهيثم عن محمد بن الفضل عن أبي الحسن الرضا ( ع ) قال قلت له تكونالأرض و لا إمام فيها فقال ( ع ) لا إذا لساخت بأهلها .
2- حدثنا أبي قال حدثنا سعد بن عبد الله عن عباد بنسليمان عن سعد بن سعد الأشعري عن أحمد بن عمر عن أبي الحسن الرضا ( ع ) قال قلت له هلتبقى الأرض بغير إمام فقال لا قلت فإنا نروى عن أبي عبد الله ( ع ) أنه قال لا تبقىإلا أن يسخط الله على العباد فقال لا تبقى إذا لساخت .
3- حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قالحدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد البصري عن الحسن بن علي الوشاءقال قلت لأبي الحسن الرضا ( ع ) هل تبقى الأرض بغير إمام فقال لا فقلت فإنا نروى أنهالا تبقى إلا أن يسخط الله على العباد فقال لا تبقى إذا لساخت .
4- حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن الحسن بن علي الزيتوني و محمد بن أحمد بن أبي قتادة عن أحمد بن هلال عن سعيد بن سليمان عنسليمان بن جعفر الحميري قال سألت الرضا ( ع ) فقلت تخلو الأرض من حجة فقال ( ع ) لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها .