في النظر والمناظرة، وتلبث في إبداء الآراء، لما فيها من شبهة المخاطرة، وصدق في خدمة حديث النبي بالعمل به وتعليم الناس إياه.
وإنما اشتعلت الثورات، وشققت الفلسفات، في العراق. ففيها تعاقبت ثورات التوابين، والخوارج، والخارجين - كابن الزبير وابن الأشعث والآخرين - ومن غليان المراجل هنالك أحدثت المبادئ الهدامة أو الغلواء أو الخصومات آثارها، كمثل ما نسب إلى عبد اللّه بن سبأ أو غيره من عقائد الغلاة الذين تبرأ منهم الشيعة، كما تبرأ الإمام علي ممن ألهوه، فحرقهم بالنار.
لكن آراء الغلاة وأعداء الإسلام لم تكن تكاد تفد على المدينة حتى تخرج منها واهنة أو محطمة.
ففي جوها النقي، تفتحت أبواب بيت النبي، وتخرج في علومها الأئمة.
 |
(زين العابدين) |
 |
38 - 94
تعاظم بيت زين العابدين في عدد أفراده يوما بعد يوم، وقدم « السجاد » لنا ابنه « الباقر »، ثم قدم الباقر ابنه «الصادق». فكانوا مثلا عليا في العزوف عن السلطة والانصراف إلى تعليم الناس العلم الصحيح والعمل الصالح والأسوة الحسنة.
روى عن جابر بن عبد اللّه وابن عمر إلى جوار روايته علم أهل البيت وحديثهم عن أبيه الحسين وأم المؤمنين أم سلمة. وسمع ابن عباس. ليروي عنه فيما بعد ابناه عبد اللّه والباقر وخلق كثير. ورأى بعيني المريض العاجز عن الاستشهاد، مصاير أبيه العظيم، وإخوته وأعمامه وأولادهم يوم كربلاء.