الإمام جعفر الصادق

كان في هذا القول دلالة على الاحتياط العلمي، وعلى أن أحاديث صحاحا قد أغفلت. وأنها أكثر مما تضمنه كتابه من الصحيح. ولعله بهذا القصد، فيما يقصد، أحاديث «علي» وأهل البيت فيما تركه من صحاح. فهو لم يرو أحاديث أهل البيت، في حين احتج بها الجميع(1) وورد الكثير منها في سائر الصحاح والمسانيد(2).


(1) والشافعي الذي يرى زين العابدين أعلم أهل المدينة، يقول في دفاعه العلمي المجيد عن حجية خبر الواحد في الرسالة -(وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ... ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل .. ووجدنا علي ابن حسين (يقصد زين العابدين) يقول: أخبرنا عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن النبي قال: (لا يرث المسلم الكافر) فثبتها سنة ويثبتها الناس بخبره سنة.
ووجدنا كذلك محمد بن علي بن حسين (يقصد الباقر) يخبر عن جابر عن النبي وعن عبد الله ابن أبي رافع عن أبي هريرة فيثبت كل ذلك سنة.
ووجدنا محمد بن جبير بن مطعم. ونافع بن جبير بن مطعم، ويزيد بن طلحة بن ركانة، ومحمد بن طلحة بن ركانة. ونافع بن هجير بن عبد يزيد، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وحميد بن عبد الرحمن، وطلحة بن عبد الله بن عوف، وابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وخارجة بن زيد بن ثابت. وعبد الرحمن بن كعب بن مالك. وعبد الله بن أبي قتادة. وسليمان ابن يسار. وعطاء بن يسار، وغيرهم من محدثي أهل المدينة، كلهم يقول حدثني فلان لرجل من أصحاب النبي عن النبي أو من التابعين عن رجل من أصحاب البي، فيثبت ذلك سنة).
وإنك لتلاحظ أن الشافعي يستند إلى رواية زين العابدين والباقر فيضع زين العابدين في مقام خاص به. هو الأول. ويضع ابنه الباقر في المقام التالي لأبيه. ثم يجيء بالأبناء العلماء، للصحابة العظماء، وراء هذين المقامين، ويجيء بهم مجموعين، ثم يجيء بفضلاء التابعين بعد هؤلاء جماعات.
(2) روى أحمد بن حنبل أحاديث أهل البيت في مسنده الأعظم. وروى كذلك مسلم بن الحجاج(261) وسليمان بن الأشعث السجستاني (أبوداود-275) ومحمد بن عيسى الترمذي(279) ومحمد بن يزيد بن ماجه(279) والنسائي أحمد بن علي بن شعيب(303) بقية أصحاب الصحاح كما يسميها أهل السنة.
والنسائي من شهداء الوفاء لعلي: خرج من مصر إلى الشام فسألوه عن فضائل معاوية- إذ كان قد ألف في فضائل علي- وقيل إنه أجاب: ألا ترضى رأسا برأس حتى تفضل؟ أو قال لا أعلم له فضيلة. فما زالوا يدفعونه في خصيته حتى أخرجوه من المسجد وقد أشرف على الموت فقال احملوني إلى مكة فحمل إليها حيث توفي.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة