[111]

يدي الصادق عليه السلام ، وجعلت دموعه تسيل ، فأقبل يتمرغ في التراب فيعوي فرحمه فدعا الله فعاد أعرابيا فقال له الصادق عليه السلام : هل آمنت يا أعرابي ؟ قال : نعم ألفا وألفا ( 1 ) .
148 يج : روي عن يونس بن ظبيان قال : كنت عند الصادق عليه السلام مع جماعة فقلت : قوله الله لابراهيم ( خذ أربعة من الطير فصرهن ) أكانت أربعة من أجناس مختلفة ؟ أو من جنس ؟ قال : أتحبون أن اريكم مثله ؟ قلنا : بلى قال : يا طاووس فاذا طاووس طار إلى حضرته ، ثم قال : يا غراب فاذا غراب بين يديه ، ثم قال : يا بازي فاذا بازي بين يديه ثم قال : يا حمامة فاذا حمامة بين يديه ، ثم أمر بذبحها كلها وتقطيعها ونتف ريشها ، وأن يخلط ذلك كله بعضه ببعض ثم أخذ برأس الطاووس فرأينا لحمه وعظامه وريشه ، يتميز من غيرها حتى ألصق ذلك كله برأسه ، وقام الطاوس بين يديه حيا ، ثم صاح بالغراب كذلك ، وبالبازي والحمامة كذلك ، فقامت كلها أحيآء بين يديه ( 2 ) .
149 يج : روي عن داود بن كثير الرقي قال : كنت عند الصادق عليه السلام وأبوالخطاب ، والمفضل ، وأبوعبدالله البلخي إذ دخل علينا كثير النوا وقال : إن أبا الخطاب هو يشتم أبابكر وعمر وعثمان ويظهر البراءة منهم ، فالتفت الصادق عليه السلام إلى أبي الخطاب وقال : يا محمد ما تقول ؟ قال : كذب والله ما سمع قط شتمهما مني فقال الصادق عليه السلام : قد حلف ولا يحلف كاذبا ، فقال : صدق لم أسمع أنا منه ، ولكن حدثني الثقة به عنه قال الصادق عليه السلام : وإن الثقة لا يبلغ ذلك فلما خرج كثيرا النوا قال الصادق عليه السلام : أما والله لئن كان أبوالخطاب ذكر ما قال كثير لقد علم من أمرهم ما لم يعلمه كثير ، والله لقد جلسا مجلس أميرالمؤمنين عليه السلام غصبا فلا غفر الله لهما ، ولا عفا عنهما ، فبهت أبوعبدالله البلخي ، فنظر إلى الصادق عليه السلام متعجبا مما قال فيهما ، فقال الصادق عليه السلام : أنكرت ما سمعت فيهما ؟ قال : كان ذلك ، قال الصادق عليه السلام : فهلا كان الانكار منك ليلة دفع إليك

___________________________________________________________________
( 1 و 2 ) الخرائج والجرائح ص 198 .

[112]

فلان بن فلان البلخي جاريته فلانة لتبيعها فلما عبرت النهر افترشتها في أصل شجرة ؟ ! فقال البلخي : قد مضى والله لهذا الحديث أكثر من عشرين سنة ، ولقد تبت إلى الله من ذلك ، فقال الصادق عليه السلام : لقد تبت وماتاب الله عليك ، ولقد غضب الله لصاحب الجارية ، ثم ركب وسار البلخي معه ، فلما برز قال الصادق عليه السلام وقد سمع صوت حمار : إن أهل النار يتأذون بهما وبأصواتهما ، كما تتأذون بصوت الحمار فلما برزنا إلى الصحراء فاذا نحن بجب كبير ( 1 ) .
ثم التفت الصادق عليه السلام إلى البلخي فقال : اسقنا من هذا الجب ، فدنا البلخي ثم قال : هذا جب بعيد القعر ، لا أرى ماءا به فتقدم الصادق عليه السلام فقال : أيها الجب السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك من المآء باذن الله فنظرنا المآء يرتفع من الجب فشربنا منه ، ثم سار حتى انتهى إلى موضع فيه نخلة يابسة ، فدنا منها فقال : أيتها النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك ، فانتثرت رطبا جنيا .
ثم جاء فالتفت فلم يرفيها شيئا ، ثم سارا فاذا نحن بظبي قد أقبل يبصبص بذنبه ، قد أقبل إلى الصادق عليه السلام وينغم ( 2 ) فقال : أفعل إن شاء الله ، فانصرف الظبي فقال البلخي : لقد رأينا عجبا فما سألك الظبي ؟ قال : استجاربي الظبي ، وأخبرني أن بعض من يصيد الظباء بالمدينة صاد زوجته ، وأن لها خشفين ( 3 ) صغيرين وسألني أن أشتريها ، واطلقها إليه ، فضمنت له ذلك ، واستقبل القبلة ودعا ، وقال : الحمدلله كثيرا كما هو أهله ومستحقه ، وتلا ( أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله ) ( 4 ) ثم قال : نحن والله المحسودون ثم انصرف ونحن معه ، فاشترى الظبية وأطلقها ، ثم قال : لا تذيعوا سرنا ، ولا تحدثوا به عند غير أهله ، فان

___________________________________________________________________
( 1 ) الجب : البئر العميقة .
( 2 ) ينغم : الطبى هو من النغم بالتحريك وهو الكلام الخفى .
( 3 ) الخشف : بتثليث الخاء ، ولد الظبى أول ما يولد .
( 4 ) سورة النساء الاية : 54 .

[113]

المذيع سرنا أشد علينا من عدونا ( 1 ) .
150 قب ( 2 ) يج : روي أن أبا الصلت الهروي روى عن الرضا عليه السلام أنه قال : قال لي أبي موسى : كنت جالسا عند أبي عليه السلام إذ دخل عليه بعض أوليآئنا فقال : في الباب ركب كثير يريدون الدخول عليك ، فقال لي : انظر في الباب فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق ، ورجل ركب فرسا فقلت : من الرجل ؟ قال : رجل من السند والهند ، أردت الامام جعفر بن محمد عليهما السلام ، فأعلمت والدي بذلك ، فقال : لا تأذن للنجس الخائن ، فأقام بالباب مدة مديدة ، فلم يؤذن له حتى شفع يزيد بن سليمان ومحمد بن سليمان ، فأذن له ، فدخل الهندي وجثى بين يديه فقال : أصلح الله الامام أنا رجل من الهند من قبل ملكها ، بعثني إليك بكتاب مختوم ، وكنت بالباب حولا ، لم تأذن لي فما ذنبي ؟ أهكذا يفعل أولاد الانبياء ! ؟ قال : فطأطأ رأسه ثم قال : ( ولتعلمن بنأه بعد حين ) ( 3 ) .
قال موسى عليه السلام : فأمرني أبي بأخذ الكتاب وفكه فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمد ، الطاهر من كل نجس ، من ملك الهند .
أما بعد فقد هداني الله علي يديك ، وإنه اهدي إلي جارية لم أر أحسن منها ولم أجد أحدا يستأهلها غيرك ، فبعثتها إليك مع شئ من الحلي والجوهر والطيب ثم جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للامانة ، واخترت من الالف مائة ، واخترت من المائة عشرة ، واخترت من العشرة واحدا ، وهو ميزاب بن حباب ، لم أر أوثق منه ، فبعثت على يده هذه ، فقال جعفر عليه السلام : ارجع أيها الخائن فما كنت بالذي أتقبلها ، لانك خائن فيما ائتمنت عليه ، فحلف أنه ماخان فقال عليه السلام : إن شهد بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول

___________________________________________________________________
( 1 ) الخرائج والجرائح ص 198 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 367 .
( 3 ) سورة ص الاية : 88 .

[114]

الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : أو تعفيني من ذلك ؟ قال : أكتب إلى صاحبك بما فعلت قال الهندي : إن علمت شيئا فاكتب ، فكان عليه فروة فأمره بخلعها ، ثم قام الامام فركع ركعتين ، ثم سجد ، قال موسى عليه السلام : فسمعته في سجوده يقول : اللهم إني أسألك بمعاقد العزمن عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك أن تصلي على محمد عبدك ورسولك ، وأمينك في خلقك وآله ، وأن تأذن لفرو هذا الهندي أن ينطق بفعله ، و أن يحكم بلسان عربي مبين يسمعه من في المجلس من أوليآئنا ، ليكون ذلك عندهم آية من آيات أهل البيت ، فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم ، ثم رفع رأسه فقال : أيها الفرو تكلم بما تعلم من الهندي قال موسى عليه السلام : فانتفضت الفروة ، وصارت كالكبش وقالت : يا ابن رسول الله ائتمنه الملك ، على هذه الجارية ، وما معها ، وأوصاه بحفظها حتى صرنا إلى بعض الصحاري ، أصابنا المطر وابتل جميع ما معنا ، ثم احتبس المطر ، وطلعت الشمس ، فنادى خادما كان مع الجارية يخدمها يقال له بشر وقال : لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام ، ودفع إليه دراهم ، ودخل الخادم المدينة ، فأمر ميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبتها إلى مضرب قد نصب في الشمس فخرجت وكشفت عن ساقيها إذ كان في الارض وحل ونظر هذا الخائن إليها فراودها عن نفسها ، فأجابته ، وفجربها وخانك ، فخر الهندي فقال : ارحمني فقد أخطأب ، وأقر بذلك ، ثم صارت فروة كما كانت ، وأمره أن يلبسها ، فلما لبسها انصمت في حلقه وخنقته ، حتى اسود وجهه ، فقال الصادق عليه السلام : أيها الفروخل عنه ، حتى يرجع إلى صاحبه ، فيكون هو أولى به منا ، فانحل الفرو ، وقال الهندي : الله الله في وإنك إن رددت الهدية خشيت أن ينكر ذلك علي ، فإنه بعيد العقوبة ، فقال : أسلم اعطك الجارية ، فأبى ، فقبل الهدية ، ورد الجارية فلما رجع إلى الملك ، رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر فيه مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمد الامام عليه السلام من ملك الهند : أما بعد فقد أهديت إليك جارية فقبلت مني ما لا قيمة له ، ورددت الجارية فأنكر ذلك قلبي ، وعلمت أن الانبياء وأولاد الانبياء معهم فراسة ، فنظرت إلى

[115]

الرسول بعين الخيانة ، فاخترعت كتابا وأعلمته أنه أتاني منك الخيانة ، وحلفت أنه لاينجيه إلا الصدق ، فأقر بما فعل ، وأقرت الجارية بمثل ذلك ، وأخبرت بما كان من الفروة ، فتعجبت من ذلك ، وضربت عنقها وعنقه ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، واعلم أني في أثر الكتاب ، فما أقام إلا مدة يسيرة ، حتى ترك ملك الهند وأسلم وحسن إسلامه ( 1 ) .
151 قب ( 2 ) يج : روي عن المفضل بن عمر قال : كنت أمشي مع أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام بمكة أو بمنى ، إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميتة ، وهي مع صبية لها تبكيان فقال عليه السلام : ما شأنك ؟ قالت : كنت وصباياى نعيش من هذه البقرة ، وقدماتت ، لقد تحيرت في أمري ، قال : أفتحبين أن يحييها الله لك ؟ قالت أو تسخر مني مع مصيبتي ؟ قال : كلا ما أردت ذلك ، ثم دعا بدعاء ، ثم ركضها برجله ، وصاح بها ، فقامت البقرة مسرعة سوية ، فقالت : عيسى بن مريم ورب الكعبة ، فدخل الصادق عليه السلام بين الناس ، فلم تعرفه المرأة ( 3 ) .
52 يج : روي أن صفوان بن يحيى قال : قال لي العبدي : قالت أهلي : قد طال عهدنا بالصادق عليه السلام فلو حججنا وجددنا به العهد ، فقلت لها : والله ما عندي شئ أحج به ، فقالت : عندنا كسو وحلي فبع ذلك ، وتجهزبه ، ففعلت ، فلما صرنا قرب المدينة مرضت مرضا شديدا وأشرفت على الموت ، فلما دخلنا المدينة خرجت من عندها وأنا آيس منها ، فأتيت الصادق عليه السلام وعليه ثوبان ممصران فسلمت عليه ، فأجابني وسألني عنها فعرفته خبرها وقلت : إني خرجت وقد أيست منها .
فأطرق مليا ثم قال : يا عبدي أنت حزين بسببها ؟ قلت : نعم ، قال : لا بأس عليها ، فقد دعوت الله لها بالعافية ، فارجع إليها فإنك تجدها قاعدة ، والخادمة

___________________________________________________________________
( 1 ) الخرائج والجرائح ص 199 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 367 بتفاوت واقتضاب وفيها ( ميزان ) بدل ( ميزاب ) .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 198 .

[116]

تلقمها الطبرزد ( 1 ) قال : فرجعت إليها مبادرا ، فوجدتها قد أفاقت وهي قاعدة ، و الخادمة تلقمها الطبرزد ، فقلت : ما حالك ؟ قالت : قد صب الله علي العافية صبا وقد اشتهيت هذا السكر ، فقلت : خرجت من عندك آيشا فسألني الصادق عنك فأخبرته بحالك فقال : لا بأس علهيا ارجع إليها فهي تأكل السكر ، قالت : خرجت من عندي وأنا أجود بنفسي ، فدخل علي رجل عليه ثوبان ممصران ، قال : مالك ؟ قلت : أنا ميتة ، وهذا ملك الموت قد جاء يقبض روحي ، فقال : يا ملك الموت قال : لبيك أيها الامام ، قال : ألست امرت بالسمع والطاعة لنا ؟ ! قال : بلى ، قال : فإني آمرك أن تؤخر أمرها عشرين سنة ، قال : السمع والطاعة قال : فخرج هو وملك الموت ، فأفقت من ساعتي ( 2 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي ( 3 ) المصر بالكسر الطين الاحمر والممصر كمعظم المصبوغ به .
153 قب ، يج : روي أن حماد بن عيسى سأل الصادق عليه السلام أن يدعو له ليرزقة الله ما يحج به كثير ، وأن يرزقه ضياعا حسنة ودارا حسنا ، وزوجة من أهل البيوتان صالحة ، وأولادا أبرارا فقال الصادق عليه السلام : اللهم ارزق حماد بن عيسى ما يحج به خمسين حجة ، وارزقه ضياعا ، ودارا حسنا ، وزوجة صالحة من قوم كرام ، وأولادا أبرارا ، قال بعض من حضره : دخلت بعد سنين على حماد بن عيسى في داره بالبصرة فقال لي : أتذكر دعاء الصادق عليه السلام لي ؟ قلت : نعم قال : هذه داري ليس في البلد مثها ، وضياعي أحسن الضياع ، وزوجتي من تعرفها من كرام الناس ، وأولادي تعرفهم ، وقد حججت ثمانيا وأربعين حجة ، ال : فحج حماد

___________________________________________________________________
( 1 ) الطبرزد ، وطبرزل ، وطبرزن : ثلاث لغات معربات ، وأصله بالفارسية ( تبرزد ) كأنه يراد : نحت من نواحيه بفأس ، و ( التبر ) الفأس بالفارسية ، ومن ذلك سمى ( الطبرزد ) من التمر لان نخلثته كأنما ضربت بالفأس ( المعرب للجواليقى ص 228 ) .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 198 .
( 3 ) القاموس ج 2 ص 134 .

[117]

حجتين بعد ذلك ، فلما حج في الحادية والخمسين ، ووصل إلى الجحفة ، وأراد أن يحرم ، دخل واديا ليغتسل ، فأخذه السيل ، ومربه ، فتبعه غلمانه ، فأخرجوه من الماء ميتا ، قسمي حماد غريق الجحفة ( 1 ) .
154 يج : روي عن أبي الصامت الحلواني قال : قلت للصادق عليه السلام : أعطني الشئ ينفي الشك عن قلبي ، قال عليه السلام : هات المفتاح الذي في كمك ، فناولته فاذا المفتاح أسد ، فخفت قال : خذ لا تخف ، فأخذته ، فعاد مفتاحا كما كان .
155 يج : روي أن رجلا دخل على الصادق عليه السلام وشكا إليه فاقته فقال عليه السلام : طب نفسا فإن الله يسهل الامر ، فخرج الرجل ، فلقي في طريقه هميانا فيه سبع مائة دينار ، فأخذه منه ثلاثين دينارا ، وانصرف إلى أبي عبدالله عليه السلام وحدثه بما وجد ، فقال له : اخرج وناد عليه سنة ، لعلك تظفر بصاحبه ، فخرج الرجل وقال : لا انادي في الاسواق ، وفي مجمع الناس ، وخرج إلى سكة في آخر البلد ، وقال : من ضاع له شئ ؟ فإذا رجل قال : ذهب مني سبعمائة دينار في كذا قال : معي ذلك ، فلما رآه ، وكان معه ميزان فوزنها ، فكان كما كان لم تنقص فأخذ منها سبعين دينارا وأعطاها الرجل ، فأخذها وخرج إلى أبي عبدالله عليه السلام ، فلما رآه تبسم وقال : يا هذه هاتي الصرة فاتي بها فقال : هذا ثلاثون ، وقد أخذت
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 117 سطر 16 الى ص 125 سطر 16 سبعين من الرجل ، وسبعون حلالا خير من سبعمائة حرام ( 2 ) .
156 يج : روي أن ابن أبي العوجا وثلاثة نفر من الدهرية اتفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن ، وكانوا بمكة عاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل ، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم أيضا قال أحدهم : إنى لما رأيت قوله ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء ) ( 3 ) كففت عن المعارضة وقال الآخر : وكذا أنا لما وجدت قوله ( فلما استيأسوا منه

___________________________________________________________________
( 1 ) الخرائج والجرئح ص 200 ( 2 ) نفس المصدر ص 242 .
( 3 ) سورة هود الاية : 44 .

[118]

خلصوا نجيا ) ( 1 ) أيست من المعارضة ، وكانوا يسرون بذلك ، إذ مر عليهم الصادق عليه السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم : ( قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ) ( 2 ) فبهتوا .
157 يج : روي عن سدير أن كثير النوا دخل على أبي جعفر عليه السلام وقال : زعم المغيرة بن سعيد أن معك ملكا يعرفك المؤمن من الكافر ، في كلام طويل ، فلما خرج قال عليه السلام : ما هو إلا خبيث الولادة ، وسمع هذا الكلام جماعة من أهل الكوفة قالوا : ذهبنا حتى نسأل عن كثير فله خبر سوء ، فمضينا إلى الحي الذي هو فيهم فدللنا إلى عجوز صالحة فقلنا لها : نسألك عن أبي إسماعيل قالت : كثير ؟ فقلنا : نعم قالت : تريدون أن تزوجوه ؟ قلنا : نعم قالت : لا تفعلوا فانى والله قد وضعته في ذلك البيت رابعة أربعة من الزنا ، وأشارت إلى بيت من بيوت الدار .
158 يج : روي عن عبدالله النجاشي قال : أصاب جبة لي فروا ماء ميزاب فغمستها في الماء في وقت بارد ، فلما دخلت على أبي عبدالله عليه السلام ابتدأني وقال : إن الفرا إذا غسلت بالماء فسدت .
159 يج : قال زرارة : كنت أنا ، وعبدالواحد بن المختار ، وسعيد بن لقمان وعمر بن شجرة الكندي عند أبي عبدالله عليه السلام فقام عمر فخرج ، فأثنوا عليه خيرا وذكروا ورعه ، وبذل ماله ، فقال : ماأرى بكم علما بالناس إني لاكتفي من الرجل بلحظة ، إن هذا من أخبث الناس ، قال : فكان عمر بن شجرة من أحرص الناس على ارتكاب محارم الله .
160 يج : روى محمد بن راشد ، عن جده قال : قصدت إلى جعفر بن محمد أسأله عن مسألة فقالوا : مات السيد الحميرى الشاعر ، وهو في جنازته ، فمضيت إلى المقابر فاستفتيته ، فأفتاني ، فلما أن قمت أخذ بثوبي فجذبني إليه ثم قال : إنكم معاشر الاحداث تركتم العلم فقلت : أنت إمام هذا الزمان ؟ قال : نعم قلت : فدليل أو

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة يوسف الاية : 80 .
( 2 ) سورة الاسرارء الاية : 88 .

[119]

علامة ، فقال : سلني عما شئت اخبرك به إن شاء الله قال : إني اصبت بأخ لي قد دفنته في هذه المقابر ، فأحيه لي باذن الله ، قال : ما أنت بأهل لذلك ، ولكن أخوك كان مؤمنا واسمه كان عندنا أحمد ، ثم دنا من قبره ، فانشق عنه قبره ، وخرج إلي وهو يقول : يا أخي اتبعه ولا تفارقه ، ثم عاد إلى قبره ، واستحلفني على أن لا اخبر أحدا به .
161 يج : روي عن إسماعيل بن مهران قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام اودعه وكنت حاجا في تلك السنة ، فخرجت ، ثم ذكرت شيئا أردت أن أسأله عنه ، فرجعت إليه ، ومنزله غاص بالناس ، وكان ما أسأله عنه بيض طير الماء فقال لي من غير سؤال : الاصح أن لا تأكل بيض طير الماء .
162 يج : روى أحمد بن فارس ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : دخل إليه قوم من أهل خراسان ، فقال ابتداء : من جمع مالا يحرسه عذبه الله على مقداره فقالوا : بالفارسية ! لا نفهم بالعربية فقال لهم ( هر كه درم اندوزد جزايش دوزخ باشد ) وقال : إن الله خلق مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب على كل مدينة سور من حديد فيها ألف ألف باب من ذهب ، كل باب بمصراعين وفي كل مدينة سبعون ألف إنسان ، مختلفات اللغات ، وأنا أعرف جميع تلك اللغات ، وما فيها وما بينهما حجة غيري وغير آبائي وغير أبنائي بعدي .
163 يج : قال ابن فرقد : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وقد جاءه غلام أعجمي برسالة ، فلم يزل يهذي ولا يعبره ، حتى ظننت أنه لا يظهره فقال له : تكلم بأي لسان شئت سوى العربية ، فانك لا تحسنها ، فإني أفهم بكلمة التركية فرد عليه الجواب ، فمضى الغلام متعجبا .
164 يج : روي عن علي بن أبي حمزة قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام مع أبي بصير فبينما نحن قعود إذ تكلم أبوعبدالله عليه السلام فقلت في نفسي : هذا والله مما أحمله إلى الشيعة هذا حديث لم أسمع بمثله قط ، قال : فنظر في وجهي ثم قال :

[120]

إني أتكلم بالحرف الواحد فيه سبعون وجها إن شئت احدث كذا ، وإن شئت احدث كذا .
165 يج : ري عن منصور الصيقل قال : حججت فمررت بالمدينة فأتيت قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فسلمت عليه ، ثم التفت فاذا أنا بأبي عبدالله عليه السلام ساجدا فجلست حتى مللت ، ثم قلت : لا سبحن قدامه ساجدا فقلت : سبحان ربي وبحمده أستغفر ربي وأتوب إليه ، ثلاثمائة مرة ونيفا وستين مرة ، فرفع رأسه ثم نهض فاتبعته وأنا أقول في نفسي : إن أذن لي فدخلت عليه ثم قلت له : جعلت فداك أنتم تصنعون هكذا ! ! فكيف ينبغي لنا أن نصنع ؟ ! فلما أن وقفت على الباب خرج إلي مصادف فقال : ادخل يا منصور ، فدخلت فقال لي مبتدئا : يا منصور إن كثرتم أو قللتم فوالله ما يقبل إلا منكم .
166 يج : روي أن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالابواء منهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ، وأبوجعفر المنصور ، وعبدالله بن الحسن ، وابناه محمد وإبراهيم ، وأرادوا أن يعقدوا لرجل منهم فقال عبدالله : هذا ابني هو المهدي وأرسلوا إلى جعفر ، فجاء فقال : لما ذا اجتمعتم ؟ ثقالوا : نبايع محمد بن عبدالله ، فهو المهدي قال جعفر : لا تفعلوا قال : ولكن هذا وإخوته وأبناءهم دونكم ، وضرب بيده على ظهر أبي العباس ، ثم قال لعبدالله : ماهي إليك ولا إلى ابنيك ، ولكنها لبني العباس ، وإن ابنيك لمقتولان ، ثم نهض وقال : إن صاحب الرداء الاصفر .
يعني أبا جعفر يقتله فقال عبدالعزيز بن علي : والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتله وانفض القوم فقال أبوجعفر : تتم الخلافة لي ؟ فقال : نعم أقوله حقا ( 1 ) .
167 يج : روي عن عبدالرحمن بن كثير أن رجلا دخل يسأل عن الامام بالمدينة ، فاستقبله رجل من ولد الحسين فقال له : يا هذا إني أراك تسأل عن الامام قال نعم ، قال : فأصبته ؟ قال : لا قال : فإن أحببت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل فاستدله فأرشده إليه ، فلما دخل عليه قال له : إنك دخلت مدينتنا هذه تسأل عن

___________________________________________________________________
( 1 ) الخرائج والجرائح ص 244 .