[121]
الامام ، فاستقبلك فتى من ولد الحسن فأرشدك إلى محمد بن عبدالله ، فسألته وخرجت
فان شئت أخبرتك بما سألته عنه وما رده عليك ، ثم استقبلك فتى من ولد الحسين
وقال لك : إن أحببت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل قال : صدقت كان كل ما ذكرت
ووصفت ( 1 ) .
168 يج : روي عن معاوية بن وهب قال : كنت مع أبي عبدالله عليه السلام بالمدينة
وهو راكب على حمارله ، فنزلنا وقد كنا صرنا إلى السوق فسجد سجدة طويلة وأنا
أنظر إليه ، ثم رفع رأسه فسألته عن ذلك فقال : إني ذكرت نعمة الله علي ، فقلت :
ففي السوق ؟ ! والناس يجيئون ويذهبون ؟ ! فقال : إنه لم يرني أحد منهم
غيرك ( 2 ) .
169 طب : أحمد بن المنذر ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن داود الرقي قال :
كنت عند أبي عبدالله الصادق عليه السلام فدخلت عليه حبابة الوالبية ، وكانت خيرة
فسألته عن مسائل في الحلال والحرام ، فتعجبنا من حسن تلك المسائل إذ قال لنا :
أرأيتم مسائل أحسن من مسائل حبابة الوالبية ؟ فقلنا جعلنا فداك لقد وقرت
ذلك في عيوننا وقلوبنا قال : فسالت دموعها فقال الصادق عليه السلام : مالي أرى عينيك
قد سالتا ؟ قالت : يا ابن رسول الله دآء قد ظهر بي من الادواء الخبيثة التي كانت
تصيب الانبيآء عليهم السلام والاوليآء ، وإن قرابتي وأهل بيتي يقولون قد أصابتها الخبيثة
ولو كان صاحبها كما قالت مفروض الطاعة لدعالها ، فكان الله تعالى يذهب عنها
وأنا والله سررت بذلك وعلمت أنه تمحيص ، وكفارات ، وأنه داء الصالحين
فقال لها الصادق عليه السلام : وقد قالوا ذلك قد أصابتك الخبيثة ؟ قالت : نعم يا ابن رسول
الله قال : فحرك الصادق عليه السلام شفتيه بشئ ما أدري أي دعاء كان ، فقال : ادخلي
دارالنساء حتى تنظرين إلى جسدك قال : فدخلت فكشفت عن ثيابها ، ثم قامت
ولم يبق في صدرها ولا في جسدها شئ ، فقال عليه السلام : اذهبي الآن إليهم وقولي لهم :
___________________________________________________________________
( 1 ) الخرائج والجرائح 244 بتفاوت يسير .
( 2 ) نفس المصدر ص 245 .
[122]
هذا الذي يتقرب إلى الله بامامته ( 1 ) .
170 دعوات الراوندى : كان الصادق عليه السلام تحت الميزاب ومعه جماعة
إذ جاءه شيخ فسلم ، ثم قال : يا ابن رسول الله : إني لاحبكم أهل البيت ، وأبرأمن
عدوكم ، وإني بليت ببلاء شديد وقد أتيت البيت متعوذا به مما أجد ، ثم بكى
وأكب على أبي عبدالله عليه السلام يقبل رأسه ورجليه ، وجعل أبوعبدالله عليه السلام يتنحى
عنه ، فرحمه وبكى ثم قال : هذا أخوكم وقد أتاكم متعوذا بكم ، فارفعوا أيديكم
فرفع أبوعبدالله عليه السلام يديه ورفعنا أيدينا ثم قال : ( اللهم إنك خلقت هذه النفس
من طينة أخلصتها وجعلت منها أولياءك ، وأولياء أوليائك ، وإن شئت أن تنحي عنها
الآفات فعلت ، اللهم ، وقد تعوذنا ببيتك الحرام الذي يأمن به كل شئ ، وقد
تعوذبنا ، وأنا أسألك يا من احتجب بنوره عن خلقه أسألك بمحمد وعلي وفاطمة
والحسن والحسين يا غاية كل محزون وملهوف ومكروب ومضطر مبتلى أن
تؤمنه بأماننا مما يجد ، وأن تمحو من طينته ما قدر عليها من البلاء وأن تفرج كربته
ياأرحم الراحمين ) فلما فرغ من الدعاء انطلق الرجل فلما بلغ باب المسجد رجع
وبكى ثم قال : الله أعلم حيث يجعل رسالته ، والله ما بلغت باب المسجد وبي
مما أجد قليل ولا كثير ، ثم ولى .
171 جا : الجعابي ، عن محمد بن يحيى التميمي ، عن الحسن بن بهرام
عن الحسن بن حمدون ، عن محمد بن إبراهيم بن عبدالله ، عن سدير الصير في قال :
كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده جماعة ، من أهل الكوفة ، فأقبل عليهم وقال لهم :
حجوا قبل أن لا تحجوا ، قبل أن يمنع البرجانبه ، حجوا قبل هدم مسجد بالعراق
بين نخل وأنهار ، حجوا قبل أن تقطع سدرة بالزوراء ، على عروق النخلة التي
اجتنت منها مريم عليهما السلام رطبا جنيا فعند ذلك تمنعون الحج ، وتنقص الثمار ، وتجدب
البلاد ، وتبتلون بغلاء الاسعار ، وجور السلطان ، ويظهر فيكم الظلم والعدوان
مع البلاء والوباء والجوع ، وتظلكم الفتن من جميع الآفاق ، فويل لكم يا أهل
___________________________________________________________________
( 1 ) طب الائمة ص 110 طبع طهران سنة 1377 ه .
[123]
العراق إذا جاءتكم الرايات من خراسان ، وويل لاهل الري من الترك ، وويل
لاهل العراق من أهل الري ، وويل لهم ثم ويل لهم من الثط قال سدير : فقلت :
يا مولاي من الثط ؟ قال : قوم آذانهم كآذان الفار صغرا ، لباسهم الحديد كلامهم
ككلام الشياطين ، صغار الحدق ، مرد جبرد استعيذوا بالله من شرهم اولئك يفتح
الله على أيديهم الذين ، ويكونون سببا لامرنا ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : قبل أن يمنع البر جانبه أي يكون البر مخوفا لا يمكن
قطعه ، وقال الفيروزآبادي : ( 2 ) الثط الكوسج أو القليل شعر اللحجة والحاجبين
والمرد جمع الامرد ، وهو الذي ليس على بدنه شعر .
172 قب : حدث إبراهيم ، عن أبي حمزة ، عن مأمون الرقي قال : كنت
عند سيدي الصادق عليه السلام إذ دخل سهل بن الحسن الخراساني فسلم عليه ثم جلس
فقال له : يا ابن رسول الله لكم الرأفة والرحمة ، وأنتم أهل بيت الامامة ما الذي
يمنعك أن يكون لك حق تقعد عنه ! ؟ وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون
بين يديك باسيف ! ؟ فقال له عليه السلام : اجلس يا خراساني رعى الله حقك ، ثم قال :
يا حنيفة أسجري التنور فسجرته حتى صار كالجمرة وابيض علوه ، ثم قال : يا
خراساني ! قم فاجلس في التنور ، فقال الخراساني : يا سيدي يا ابن رسول الله
لا تعذبني بالنار ، أقلني أقالك الله قال : قد أقلتك ، فبينما نحن كذلك إذ أقبل
هارون المكي ، ونعله في سبابته فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله فقال له الصادق
عليه السلام : ألق النعل من يدك ، واجلس في التنور ، قال : فألقى النعل من سبابته
ثم جلس في التنور ، وأقبل الامام عليه السلام يحدث الخراساني حديث خراسان حتى
كأنه شاهد لها ، ثم قال : قم يا خراساني وانظر ما في التنور قال : فقمت إليه
فرأيته متربعا ، فخرج إلينا وسلم علينا فقال له الامام عليه السلام : كم تجد بخراسان
مثل هذا ؟ فقال : والله ولا واحدا فقال عليه السلام : لا والله ولا واحدا ، فقال : أما إنا
___________________________________________________________________
( 1 ) أمالى المفيد ص 36 .
( 2 ) القاموس ج 2 ص 352 .
[124]
لانخرج في زمان لانجد فيه خمسة معاضدين لنا ، نحن أعلم بالوقت ( 1 ) .
بيان : سجر التنور أحماه .
177 قب : حدث أبوعبدالله محمد بن أحمد الديلمي البصري ، عن محمد بن
أبي كثير الكوفي قال : كنت لا أختم صلاتي ولا أستفتحها إلا بلعنهما فرأيت في منامي
طائرا معه تور ( 2 ) من الجوهر فيه شئ أحمر شبه الخلوق ( 3 ) فنزل إلى البيت
المحيط برسول الله صلى الله عليه وآله ثم أخرج شخصين من الضريح فخلقهما بذلك الخلوق ، في
عوارضهما ، ثم ردهما إلى الضريح ، وعاد مرتفعا ، فسألت من حولي من هذا الطائر ؟
وما هذا الخلوق ؟ فقال : هذا ملك يجئ في كل ليلة جمعة يخلقهما ، فأزعجني
ما رأيت فأصبحت لاتطيب نفسي بلعنهما ، فدخلت على الصادق عليه السلام فلمار آني ضحك
وقال : رأيت الطائر ؟ فقلت : نعم يا سيدي فقال : اقرأ ( إنما النجوى من الشيطان
ليحزن الذين آمنوا وليس بضار هم شيئا إلا باذن الله ) ( 4 ) فاذا رأيت شيئا تكره
فاقرأها والله ما هو ملك موكل بهما لا كرامهما بل هو ملك موكل بمشارق الارض
ومغاربها إذا قتل قتيل ظلما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما لانهما سبب كل
ظلم مذكانا ( 5 ) .
174 قب : مغيث قال لابي عبدالله عليه السلام ورآه يضحك في بيته : جعلت فداك
لست أدري بأيهما أناأشد سرورا ؟ بجلوسك في بيتي أو لضحكك ، قال : إنه هدر
الحمام الذكر على الانثى فقال : أنتي سكني وعرسي والجالس على الفراش أحب
إلي منك ، فضحكت من قوله .
وهذا المعنى رواه الفضل بن بشار في حديث برد الاسكاف أن الطير قال :
___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 362 .
( 2 ) التور : اناء من صفر او حجارة كالا جانة وقد يتوضأ منه ( النهاية ) .
( 3 ) الخلوق : ضرب من الطيب أعظم أجزائه الزعفران .
( 4 ) سورة المجالة الاية : 10 .
( 5 ) المناقب ج 3 ص 363 .
[125]
يا سكني وعرسي ما خلق الله خلقا أحب إلي منك ، وما حرصي عليك هذا الحرص
إلا طمعا أن يرزقني الله ولدا منا يحبون أهل البيت .
داود بن فرقد ، وعبدالله بن سنان ، وحفص البختري ، عن أبي عبدالله أنه
سمع فاختة تصيح في داره فقال : تدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ قلنا : لا ، قال : تقول :
فقدتكم فقدتكم ، فافقدوها قبل أن تفقدكم .
وروى عمر الاصفهاني عنه عليه السلام مثل ذلك في صوت الصلصل .
وروي أنه عليه السلام قال : يقول الورشان : قدستم قدسم ( 1 ) .
المفضل بن عمر قال : كنت أنا وخالد الجوان ، ونجم الحطيم ، وسليمان بن
خالد على باب الصادق عليه السلام فتكلمنا فيما يتكلم فيه أهل الغلو ، فخرج علينا
الصادق عليه السلام بلاحذاء ولا رداء وهو ينتفض ويقول : يا خالد يا مفضل يا سليمان
يا نجم ، لا ( بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) ( 2 ) .
وقال صالح بن سهل : كنت أقول في الصادق عليه السلام ما تقول الغلاة ، فنظر
إلي فقال : ويحك يا صالح إنا والله عبيد مخلوقون ، لنا رب نعبده ، وإن لم نعبده
عذبنا ( 3 ) .
عبدالرحمان بن كثير في خبر طويل أن رجلا دخل المدينة يسأل عن الامام
فدلوه على عبدالله بن الحسن فسأله هنيئة ، ثم خرج ، فدلوه على جعفر بن محمد عليهما السلام
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 125 سطر 17 الى ص 133 سطر 17
فقصده ، فلما نظر إليه جعفر عليه السلام قال : يا هذا إنك كنت دخلت مدينتنا هذه
تسأل عن الامام ، فاستقبلك فتية من ولد الحسن فأرشدوك إلى عبدالله بن الحسن
فسألته هنيئة ثم خرجت ، فان شئت أخبرتك عما سألته ، وما رد عليك ، ثم استقبلك
فتية من ولد الحسين ، فقالوا لك : يا هذا إن رأيت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل .
فقال : صدقت قد كان كما ذكرت ، فقال له : ارجع إلى عبدالله بن الحسن فسله عن
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 346 .
( 2 ) سورة الانبياء الاية : 26 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 347 .
[126]
درع رسول الله صلى الله عليه وآله وعمامته ، فذهب الرجل فسأله عن درع رسول الله صلى الله عليه وآله والعمامة
فأخذ درعا من كندوج له فلبسها فاذاهي سابغة فقال : كذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يلبس الدرع ، فرجع إلى الصادق عليه السلام فأخبره فقال : ما صدق ثم أخرج خاتما
فضرب به الارض فاذا الدرع والعمامة ساقطين من جوف الخاتم ، فلبس أبوعبدالله عليه السلام
الدرع ، فاذاهي إلى نصف ساقه ، ثم تعمم بالعمامة ، فاذا هي سابغة فنزعها ، ثم
ردهما في الفص ، ثم قال : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يلبسها إن هذا ليس مما غزل
في الارض ، إن خزانة الله في كن ، وإن خزانة الامام في خاتمه ، وإن الله
عنده الدنيا كسكرجة ، وإنها عند الامام كصحيفة ، ولولم يكن الامر هكذا لم
نكن أئمة ، وكنا كسائر الناس ( 1 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : ( 2 ) الكندوج شبه المخزن معرب كندو ، قوله
عليه السلام : في كن أي في لفظة كن كناية عن إرادته الكاملة ، وهو إشارة إلى
قوله تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ( 3 ) والسكرجة
بضم السين والكاف وتشديد الراء إناء ، صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الادام
وهي فارسية .
175 قب : شعيب بن ميثم قال أبوعبدالله عليه السلام : يا شعيب أحسن إلى
نفسك ، ونصل قرابتك ، وتعاهد إخوانك ، ولا تستبد بالشئ فتقول ذا لنفسي و
عيالي إن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم فقلت : نعى والله إلي نفسي ، فرجع شعيب
فوالله ما لبث إلا شهرا حتى مات .
صندل عن سورة بن كليب قال : قال أبوعبدالله : يا سورة كيف حججت
العام ؟ قال : استقرضت حجتي ، والله إني لاعلم أن الله سيقضيها عني ، وما كان
حجتي إلا شوقا إليك ، وإلى حديثك ، قال : أما حجتك فقد قضاها الله فاعطكها
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 349 .
( 2 ) القاموس ج 1 ص 205 .
( 3 ) سورة يس الاية : 82
[127]
من عندي ، ثم رفع مصلى تحته ، فأخرج دنانير فعد عشرين دينارا فقال : هذه
حجتك ، وعد عشرين دينارا وقال : هذه معونة لك حياتك حتى تموت قلت :
أخبر تني أن أجلي قددنا ؟ فقال : يا سورة أما ترضى أن تكون معنا ، فقال صندل :
فما لبث إلا سبعة أشهر حتى مات ( 1 ) .
ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد في خبر طويل أنه دخل على الصادق عليه السلام
آذنه وآذن لقوم من أهل البصرة فقال عليه السلام : كم عدتهم ؟ فقال : لا أدري فقال
عليه السلام : اثنا عشر رجلا فلما دخلوا عليه سألوا في حرب علي وطلحة والزبير
وعائشة قال : وما تريدون بذلك ؟ قالوا : نريد أن نعلم علم ذلك قال : إذا تكفرون
يا أهل البصرة فقال : علي عليه السلام : كان مؤمنا منذ بعث الله نبيه إلى أن قبضه إليه ثم
لم يؤمر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا قط ، ولم يكن في سرية قط إلا كان أميرها
وذكر فيه أن طلحة والزبير بايعاء ، وغدرا به ، وأن النبي صلى الله عليه وآله أمره
بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقالوا : لئن كان هذا عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله
لقد ضل القوم جميعا فقال عليه السلام : ألم أقل لكم إنكم ستكفرون إن أخبرتكم أما
إنكم سترجعون إلى أصحابكم من أهل البصرة فتخبرونهم بما أخبرتكم فيكفرون
أعظم من كفركم ، فكان كما قال .
( 2 ) .
أبوبصير قال موسى بن جعفر عليهما السلام : فيما أوصاني به أبي عليه السلام أن
قال : يا بني ! إذا أنامت فلا يغسلني أحد غيرك ، فان الامام لا يغسله إلا الامام
واعلم أن عبادلله أخاك سيدعو الناس إلى نفسه ، فدعه فان عمره قصير ، فلما أن
مضى أبي غسلته كما أمرني ، وادعى عبدالله الامامة مكانه ، فكان كما قال أبي
ومالبث عبدالله يسيرا حتى مات ، وروى مثل ذلك الصادق عليه السلام .
وفي حديث علي أنه قال الصادق عليه السلام : نعلم أنك خلفت في منزلك
ثلاثمائة درهم ، وقلت : إذا رجعت أصرفها أو أبعث بها إلى محمد بن عبدالله الدعبلي
___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 350 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 351 .
[128]
قال : والله ما تركت في بيتي شيئا إلا وقد أخبرتني به ( 1 ) .
وقال سماعة بن مهران : دخلت على الصادق عليه السلام فقال لي مبتدئا : يا سماعة
ما هذا الذي بينك وبين جمالك في الطريق ؟ إياك أن تكون فاحشا أو صياحا قال :
والله لقد كان ذلك لانه ظلمني ، فنهاني عن مثل ذلك .
معتب قال : قرع باب مولاي الصادق عليه السلام فخرجت فاذا بزيد بن علي عليه السلام
فقال الصادق عليه السلام لجلسائه : ادخلوا هذا البيت ، ورد وا الباب ، ولا يتكلم منكم
أحد ، فلما دخل قام إليه فاعتنقا وجلسا طويلا يتشاوران ثم علا الكلام بينهما
فقال زيد : دع ذا عنك يا جعفر ! فوالله لئن لم تمديدك حتى ابايعك أو هذه يدي
فبا يعني لاتعبنك ولا كلفنك مالا تطيق ، فقد تركت الجهاد وأخلدت إلى الخفض
وأرخيت الستر ، واحتويت على مال الشرق والغرب فقال الصادق عليه السلام : يرحمك
الله يا عم يغفر الله لك يا عم ، وزيد يسمعه ويقول : موعدنا الصبح أليس الصبح
بقريب ، ومضى ، فتكلم الناس في ذلك فقال : مه لا تقولوا لعمي زيد إلا خيرا ، رحم
الله عمي ، فلو ظفر لوفى ، فلما كان في السحر قرع الباب ، ففتحت له الباب فدخل
يشهق ويبكي ويقول : ارحمني يا جعفر ، يرحمك الله ، ارض عني يا جعفر ، رضي
الله عنك ، اغفرلي يا جعفر ، غفر الله لك ، فقال الصادق عليه السلام : غفر الله لك ورحمك
ورضي عنك ، فما الخبر يا عم ؟ قال : نمت فرأيت رسول الله داخلا علي
وعن يمينه الحسن ، وعن يساره الحسين ، وفاطمة خلفه ، وعلي أمامه ، وبيده
حربة تلتهب التهابا كأنه نار ، وهو يقول : إيها يا زيد آذيت رسول الله في
جعفر ، والله لئن لم يرحمك ، ويغفر لك ، ويرضى عنك ، لارمينك بهذه الحربة
فلاضعها بين كتفيك ثم لاخرجها من صدرك ، فانتبهت فزعا مرعوبا ، فصرت
إليك فارحمني يرحمك الله فقال : رضي الله عنك ، وغفرلك ، أو صني فانك مقتول
مصلوب محرق بالنار ، فوصى زيد بعياله وأولاده ، وقضاء الدين عنه ( 2 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 351 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 352 .
[129]
بيان : أخلد إلى المكان : أقام ، وأسمعه : شتمه .
176 قب : أبوبصير سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : وقد جرى ذكر المعلى
ابن خنيس فقال : يا أبا محمد اكتم علي ما أقول لك في المعلى قلت : أفعل ، فقال :
أما إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما كان ينال منه داود بن علي قلت : وما الذي
يصيبه من داود ؟ قال : يدعو به فيأمر به ، فيضرب عنقه ، ويصلبه ، وذلك قابل
فلما كان قابل ولي داود المدينة ، فدعا المعلى وسأله عن شيعة أبي عبدالله عليه السلام فكتمه
فقال : أتكتمني ؟ أما إنك إن كتمتني قتلتك فقال المعلى : بالقتل تهددني ؟ ! والله
لوكانوا تحت قدمي ، ما رفعت قدمي عنهم ، وإن أنت قتلتني لتسعدني ولتشقين
فلما أراد قتله قال المعلى : أخرجني إلى الناس ، فإن لي أشياء كثيرة ، حتى
اشهد بذلك ، فأخرجه إلى السوق ، فلما اجتمع الناس قال : أيها الناس اشهدوا
أن ماتركت من مال عين أو دين أو أمة أو عبد أو دار أو قليل أوكثير فهو لجفعر
ابن محمد عليهما السلام فقتل ( 1 ) .
ابن بابويه القمي في دلائل الائمة ومعجزاتهم قال أبوبصير : دخلت المدينة
وكانت معي جويرية لي فأصبت منها ، ثم خرجت إلى الحمام ، فلقيت أصحابنا
الشيعة وهم متوجهون إلى الصادق عليه السلام ، فخفت أن يسبقوني ، ويفوتني الدخول
عليه ، فمشيت معهم حتى دخلت الدار معهم فلما مثلت بين يدي أبي عبدالله عليه السلام
نظر إلي ثم قال : يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الانبياء وأولاد الانبياء ، لا يدخلها
الجنب ، فاستحييت وقلت : يا ابن رسول الله إني لقيت أصحابنا ، وخفت أن يفوتني
الدخول معهم ، ولن أعود إلى مثلها أبدا .
وفي كتاب الدلالات ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني قال أبوبصير :
اشتهيت دلالة الامام فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام وأنا جنب فقال : يا أبا محمد
ما كان لك فيما كنت فيه شغل ، تدخل على إمامك وأنت جنب ، فقلت : جعلت
فداك ما عملته إلا عمدا قال : أولم تؤمن ؟ قلت : بلى ولكن ليطمئن قلبي قال :
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 352 .
[130]
فقم يا أبا محمد فاغتسل الخبر ( 1 ) .
177 يج : عن أبي بصير مثله .
178 قب : عبدالرحمان بن سالم ، عن أبيه قال : لما قدم أبوعبدالله عليه السلام
إلى أبي جعفر فقال أبوحنيفة لنفر من أصحابه : انطلقوا بنا إلى إمام الرافضة نسأله
عن أشياء نحيره فيها ، فانطلقوا ، فلما دخلوا إليه نظر إليه أبوعبدالله فقال :
أسألك بالله يا نعمان لما صدقتني عن شئ أسألك عنه ، هل قلت لاصحابك : مروابنا
إلى إمام الرافضة فنحيره ؟ فقال : قد كان ذلك قال : فسل ماشئت القصة ( 2 ) .
أبوالعباس البقباق قال تزارا ابن أبي يعفور ، والمعلى بن خنيس فقال ابن
أبي يعفور : الاوصياء علماء أتقياء أبرار وقال ابن خنيس : الاوصياء أنبيآء قال :
فدخلا على أبي عبدالله عليه السلام قال : فلما استقر مجلسهما قال عليه السلام : أبرأ ممن
قال : إنا أنبياء ( 3 ) .
بيان : قال الفيروزآبادي : ( 4 ) زرر كسمع تعدى على خصمه ، والمزارة :
المعاضة .
179 قب : سدير الصيرفي قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وقد اجتمع
إلي ماله فأحببت دفعه إليه ، وكنت حبست منه دينارا ، لكي أعلم أقاويل الناس
فوضعت المال بين يديه فقال لي : يا سدير خنتنا ، ولم ترد بخيانتك إيانا قطيعتنا
قلت : جعلت فداك وما ذاك ؟ قال : أخذت شيئا من حقنا لتعلم كيف مذهبنا قلت :
صدقت جعلت فداك ، إنما أردت أن أعلم قول أصحابي فقال لي : أما علمت أن
كل ما يحتاج إليه نعلمه ، وعندنا ذلك ، أما سمعت قول الله تعالى ( وكل شئ
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 353 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 353 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 354 .
( 4 ) القاموس ج 2 ص 38 39 .