[131]
أحصيناه في إمام مبين ) ( 1 ) اعلم أن علم الانبياء محفوظ في علمنا ، مجتمع عندنا
وعلمنا من علم الانبياء ، فأين يذهب بك ؟ ! قلت : صدقت جعلت فداك ( 2 ) .
180 قب ( 3 ) عم : من نوادر الحكمة عثمان بن عيسى ، عن إبراهيم بن عبد
الحميد قال : خرجت إلى قبا لاشتري نخلا فلقيته عليه السلام وقد دخل المدينة فقال :
أين تريد ؟ فقلت : لعلنا نشتري نخلا فقال : أو أمنتم الجراد ؟ فقلت : لا والله لا
أشتري نخلة ، فوالله ما لبثنا إلا خمسا ، حتى جاء من الجراد ما لم يترك في النخل
حملا ( 3 ) .
181 قب : ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة أن محمد بن عبدالله بن الحسن
قال لابي عبدالله عليه السلام : والله إني لاعلم منك ، وأسخى وأشجع ، فقال له : أماما
قلت : إنك أعلم مني ، فقد أعتق جدي وجدك ألف نسمة من كديده فسمهم لي !
وإن أحببت أن اسميهم لك إلى آدم فعلت .
وأما ما قلت : إنك أسخى مني فوالله مابت ليلة ولله علي حق يطالبني به ، و
أما ما قلت : إنك أشجع مني فكأني أرى رأسك وقد جئ به ووضع على جحر
الزنابير ، يسيل منه الدم إلى موضع كذا وكذا قال : فحكى ذلك لابيه فقال :
يا بني آجرني الله فيك ، إن جعفرا أخبرني أنك صاحب جحر الزنابير .
أبوالفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ( 5 ) لما بويع محمد بن عبدالله بن الحسن
على أنه مهدي هذه الامة جاء أبوه عبدالله إلى الصادق عليه السلام وقد كان ينهاه ، وزعم
أنه يحسده فضرب الصادق عليه السلام يده على كتف عبدالله وقال : إيها ! والله ماهي
إليك ولا إلى ابنك ، وإنماهي لهذا يعني السفاج ، ثم لهذا يعني المنصور ، يقتله على
أحجار الزيت ، ثم يقتل أخاه بالطفوف ، وقوائم فرسه في الماء ، فتبعه المنصور فقال :
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة يس الاية 12 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 354 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 355 .
( 4 ) اعلام الورى ص 269 وقبا : بالضم قرية قرب المدينة .
( 5 ) مقاتل الطالبيين ص 255 256 بتفاوت .
[132]
ما قلت يا أبا عبدالله ؟ فقال : ما سمعته وإنه لكائن قال : فحدثني من سمع المنصور
أنه قال : انصرفت من وقتي فهيأت أمري فكان كما قال .
وروي أنه لما أكبر المنصور أمر ابني عبدالله استطلع حالهما منه فقال الصادق
عليه السلام : ما يؤل إليه حالهما أتلو عليك آية فيها منتهى علمي وتلا ( لئن اخرجوا
لايخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم
لاينصرون ) ( 1 ) فخر المنصور ساجدا وقال : حسبك أبا عبدالله .
ابن كادش العكبري في مقاتل العصابة العلوية كتابة لما بلغ أبا مسلم موت
إبراهيم الامام وجه بكتبه إلى الحجاز إلى جعفر بن محمد عليه السلام وعبدالله بن الحسن ومحمد
ابن علي بن الحسين يدعو كل واحد منهم إلى الخلافة ، فبدأ بجعفر فلما قرأ الكتاب
أحرقه وقال : هذا الجواب ، فأتى عبدالله بن الحسن فلما قرأ الكتاب قال : أنا شيخ
ولكن ابني محمد مهدي هذه الامة فركب وأتى جعفرا فخرج إليه ووضع يده على عنق
حماره وقال : يا أبا محمد ما جاء بك في هذه الساعة ؟ فأخبره فقال : لا تفعلوا فإن
الامر لم يأت بعد ، فغضب عبدالله بن الحسن وقال : لقد علمك خلاف ما تقول ، و
لكنه يحملك على ذلك الحسد لابني فقال : والله ما ذلك يحملني ، ولكن هذا و
إخوته وأبناؤه دونك ، وضرب بيده على ظهر أبي العباس السفاح ، ثم نهض ، فاتبعه
عبدالصمد بن علي ، وأبوجعفر محمد بن علي بن عبدالله بن العباس فقالا له : أتقول ذلك ؟
قال : نعم والله أقول ذلك وأعلمه ( 2 ) .
زكار بن أبي زكار الواسطي قال : قبل رجل رأس أبي عبدالله عليه السلام فمس
أبوعبدالله ثيابه وقال : ما رأيت كاليوم أشد بياضا ولا أحسن منها ! ! فقال : جعلت
فداك هذه ثياب بلادنا ، وجئتك منها بخير من هذه قال : فقال : يا معتب اقبضها منه
ثم خرج الرجل فقال أبوعبدالله عليه السلام : صدق الوصف ، وقرب الوقت ، هذا صاحب
الرايات السود الذي يأتي بها من خراسان ، ثم قال : يا معتب الحقه فسله ما اسمه
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الحشر الاية : 12 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 355 .
[133]
ئم قال : إن كان عبدالرحمن فهو والله هو قال : فرجع معتب فقال : قال : اسمي
عبدالرحمن ، قال : فلما ولي ولد العباس نظرت إليه فاذا هو عبدالرحمن
أبومسلم .
وفي رامش أقزاي أن أبا مسلم الخلال وزير آل محمد عرض الخلافة على
الصادق عليه السلام قبل وصول الجند إليه ، فأبى وأخبره أن إبراهيم الامام لايصل من
الشام إلى العراق ، وهذا الامر لاخويه : الاصغر ثم الاكبر ، ويبقى في أولاد
الاكبر ، وأن أبا مسلم بقي بلا مقصود ، فلما أقبلت الرايات كتب أيضا بقوله
وأخبره أن سبعين ألف مقاتل وصل إلينا فننتظر أمرك فقال : إن الجواب كما
شافهتك ، فكان الامر كما ذكر ، فبقي إبراهيم الامام في حبس مروان ، وخطب
باسم السفاح .
وقرأت في بعض التواريخ لماأتى كتاب أبي مسلم الخلال إلى الصادق عليه السلام
بالليل قرأه ثم وضعه على المصباح فحرقه فقال له الرسول وظن أن حرقه له تغطية
وستر وصيانة للامر : هل من جواب ؟ قال : الجواب ما قد رأيت .
وقال : أبوهريرة
الابار صاحب الصادق عليه السلام :
ولما دعا الداعون مولاي لم يكن * ليثني إليه عزمه بصواب
ولما دعوه بالكتاب أجابهم * بحرق الكتاب دون رد جواد
وما كان مولاي كمشري ضلالة * ولا ملبسا منها الردى بثواب
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 133 سطر 18 الى ص 141 سطر 18
ولكنه لله في الارض حجة * دليل إلى خير وحسن مآب ( 1 )
182 قب : إسحاق ، وإسماعيل ، ويونس بنو عمار أنه استحال وجه يونس
إلى البياض فنظر الصادق عليه السلام إلى جبهته فصلى ركعتين ، ثم حمدالله وأثنى عليه
وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : ( يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحيم
يا رحيم يا رحيم يا أرحم الراحمين يا سميع الدعوات يا معطي الخيرات ، صل على محمد
وعلى أهل بيته الطاهرين الطيبين واصرف عني شر الدنيا وشر الآخرة وأذهب
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 356 .
[134]
عني شر الدنيا وشر الآخرة ، وأذهب عني مابي ، فقد غاظني ذلك وأحزنني ) قال :
فوالله ما خرجنا من المدينة حتى تناثر عن وجهه مثل النخالة وذهب ، قال الحكم
ابن مسكين : ورأيت البياض بوجهه ، ثم انصرف وليس في وجهه شئ ( 1 ) .
معاوية بن وهب : صدع ابن لرجل من أهل مروفشكا ذلك إلى أبي عبدالله عليه السلام
فقال : ادنه مني قال : فمسح على رأسه ثم قال : ( إن الله يمسك السماوات والارض
أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد بعده ) فبرأ باذن الله ( 2 ) .
183 يج ( 3 ) قب : هشام بن الحكم قال : كان رجل من ملوك أهل الجبل
يأتي الصادق عليه السلام في حجة كل سنة ، فينزله أبوعبدالله عليه السلام في دار من دوره
في المدينة ، وطال حجه ونزوله فأعطى أبا عبدالله عليه السلام عشرة آلاف درهم ليشتري
له دارا وخرج إلى الحج ، فلم انصرف قال : جعلت فداك اشتريت لي الدار ؟
قال : نعم ، وأتى بصك فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى جعفر بن محمد
لفلان ابن فلان الجبلي : اشترى له دارا في الفردوس ، حدها الاول رسول الله
صلى الله عليه وآله والحد الثاني أميرالمؤمنين ، والحد الثالث الحسن بن علي ، والحد
الرابع الحسين بن علي ) فلما قرأ الرجل ذلك قال : قد رضيت جعلني الله فداك قال :
فقال أبوعبدالله عليه السلام : إني أخذت ذلك المال ففرقته في ولد الحسن والحسين
وأرجو أن يتقبل الله ذلك ، ويثيبك به الجنة قال : فانصرف الرجل إلى منزله
وكان الصك معه ، ثم اعتل علة الموت ، فلما حضرته الوفاة جمع أهله وحلفهم أن
يجعلوا الصك معه ، ففعلوا ذلك ، فلما أصبح القوم غدوا إلى قبره ، فوجدوا الصك
على ظهر القبر مكتوب عليه : وفى لي والله جعفر بن محمد بما قال .
( 4 ) .
184 قب : قرأت في شوف العروس ، عن أبي عبدالله الدامغاني أنه سمع ليلة
___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 358 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 359 .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 200 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 359 .
[135]
المعراج من بطنان العرش قائلا يقول :
من يشتري قبة في الخلد ثابتة * في ظل طوبى رفيعات مبانيها
دلالها المصطفى والله بائعها * ممن أراد وجبريل مناديها ( 1 )
185 كشف ( 2 ) قب : يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال : قلت لابي عبدالله
عليه السلام : فلان يقرأ عليك السلام وفلان وفلان فقال وعليهم السلام : قلت : يسألونك
الدعاء فقال : مالهم ؟ قلت : حبسهم أبوجعفر المنصور فقال : وما لهم وماله ؟ قلت : استعملهم
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 359 .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 440 ويعجبنى في المقام ما قاله على بن عيسى الاربلى في
كتابه المذكور واليك نصه : قلت : هذا الحكم أبعده الله جار في حكمه ، ونادى على
نفسه بكذبه وظلمه ، والامر بخلاف ما قال على رغمه [ زعمه ] وبيان ذلك : أن زيدا رضى الله
عنه لم يكن مهديا ، ولو كان لم يكن ذلك ما نعا من صلبه ، فان الانبياء عليهم السلام قد نيل
منهم امور عظيمة ، وكفى أمر يحيى وزكريا عليهما السلام وفى قتلات جرجيس عليه السلام
المتعددة كفاية ، وقتل الانبياء [ والاولياء ] والا وصياء وصلبهم واحراقهم انما يكون طعنا
فيهم لوكان من قبل الله تعالى ، فاما اذا كان من الناس فلا بأس ، فالنبى صلى الله عليه وآله
شج جبينه وكسرت رباعيته ومات بأكلة خيبر مسموما ، فليكن ذلك قدحا في نبوته صلى الله
عليه وآله .
وأما قوله : ( وقستم بعثمان عليا ) فهذا كذب بحت وزور صريح ، فانا لم نقسه به
ساعة قط .
وأما قوله : ( وعثمان خير من على وأطيب ) .
فانا لا نزاحمه في اعتقاده ، ويكفيه ذلك
ذخيرة لمعاده فهو أدرى بما اختاره من مذهبه ، وقد جنى معجلا ثمرة كذبه .
والله يتولى
مجازاته يوم منقلبه ، فلنا علينا وله عثمانه : وعلى كل امرى منا ومنه اساءته واحسانه .
فدام لى ولهم ما بى وما بهم * ومات أكثرنا غيظا بما يجد
واذا كان القتل والصلب وأمثالهما عنده موجبا للنقيصة وقادحا في الامامة ، فكيف
اختار عثمان وقال بامامته ، وقد كان من قتله ما كان ، وبالله المستعان على أمثال هذا
الهذيان .
[136]
فحبسهم فقال : ومالهم وماله ألم أنههم هم النارثم قال : اللهم اخدع عنهم سلطانه
قال : فانصرفنا فاذاهم قد اخرجوا .
وبلغ الصادق عليه السلام قول الحكيم بن العباس الكلبي :
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم أر مهديا على الجذع يصلب
وقستم بعثمان عليا سفاهة * وعثمان خير من علي وأطيب
فرفع الصادق عليه السلام يديه إلى السماء وهما ير عشان فقال : اللهم إن كان عبدك
كاذبا فسلط عليه كلبك ، فبعثه بنوا مية إلى الكوفة ، فبينما هو يدور في سككها إذا
افترسه الاسد ، واتصل خبره بجعفر عليه السلام فخرلله ساجدا ثم قال : الحمدلله الذي
أنجزنا ماوعدنا ( 1 ) .
186 قب : محمد بن الفيض ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال أبوجعفر الدوانيق
للصادق عليه السلام : تدري ما هذا ؟ قال : وما هو ؟ قال : جبل هناك يقطر منه في السنة
قطرات فيجمد فهو جيد للبياض يكون في العين ، يكحل به فيذهب بإذن الله ، قال :
نعم أعرفه وإن شئت أخبرتك باسمه وحاله ، هذا جبل كان عليه نبي من أنبيآء
بني إسرائيل هاربا من قومه بعبدالله عليه ، فعلم قومه فقتلوه ، فهو يبكي على ذلك
النبي ، وهذه القطرات من بكائه له ، ومن الجانب الآخر عين تنبع من ذلك الماء
بالليل والنهار ، ولا يوصل إلى تلك العين .
المفضل بن عمر قال : وجه المنصور إلى حسن بن زيد وهو واليه على الحرمين
أن أحرق على جعفر بن محمد داره ، فألقى النار في دار أبي عبدالله عليه السلام فأخذت النار
في الباب والدهليز ، فخرج أبوعبدالله عليه السلام يتخطى النار ويشمي فيها ويقول : أنا
ابن أعراق الثرى أنا ابن إبراهيم خليل الله ( 2 ) .
بيان : رأيت في بعض الكتب أن أعراق الثرى كناية عن إسماعيل عليه السلام
ولعله إنما كنى عنه بذلك لان أولاده انتشروا في البراري .
___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 360 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 362 .
[137]
187 قب : مهزم ، عن أبي بردة قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال : ما
فعل زيد ؟ قلت : صلب في كناسة بني أسد ، فبكى حتى بكت النساء من خلف الستور
ثم قال : أما والله لقد بقي لهم عنده طلبة ماأخذوها منه ، فكنت أتفكر من قوله
حتى رأيت جماعة قد أنزلوه يريدون أن يحرقوه ، فقلت : هذه الطلبة التي قال
لي ( 1 ) .
وأجاز في المنتهى الحسن الجرجاني في بصائر الدرجات بثلاثة طرق أنه
دخل رجل على الصادق عليه السلام فلمزه رجل من أصحابنا فقال الصادق عليه السلام : وأخذ
على شيبته : إن كنت لا أعرف الرجل إلا بما ابلغ عنهم فبئست الشيبة شيبتي ( 2 ) .
وقال أبوالصباح الكناني : قلت لابي عبدالله عليه السلام إن لنا جارا من همدان
يقال له الجعد بن عبدالله يسب أميرالمؤمنين عليه السلام أفتأذن لي أن أقلته ؟ قال : إن
الاسلام قيد الفتك ، ولكن دعه فستكفى بغيرك قال : فانصرفت إلى الكوفة فصليت
الفجر في المسجد وإذا أنا بقائل يقول : وجد الجعد بن عبدالله على فراشه مثل
الزق المنفوخ ميتا ، فذهبوا يحملونه إذا لحمه سقط عن عظمه ، فجمعوه على نطع
وإذا تحت أسود فدفنوه ( 3 ) .
بيان : قال الجزري : ( 4 ) فيه الايمان قيد الفتك أي الايمان يمنع من
القتك ، كما يمنع القيد عن التصرف ، والفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار
غافل فيشد عليه فيقتله .
188 قب : بصائر الدرجات ، عن سعد القمي قال أبوالفضل بن دكين :
حدثني محمد بن راشد ، عن أبيه ، عن جده قال : سألت جعفر بن محمد عليهما السلام علامة
فقال : سلني ما شئت اخبرك إن شاءالله ، فقلت : أخالي بات في هذه المقابر فتأمره
أن يجيئني قال : فما كان اسمه ؟ قلت : أحمد ، قال : يا أحمد قم ياذن الله وباذن
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 362 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 364 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 364 .
( 4 ) النهاية ج 3 ص 182 .
[138]
جعفر بن محمد فقام والله وهو يقول : أتيته .
علي بن أبي حمزة قال : كان لي صديق من كتاب بني امية فقال لي : استأذن
لي على أبي عبدالله عليه السلام فاستأذنت له ، فلما دخل سلم وجلس ثم قال : جعلت
فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم ، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت
في مطالبه فقال أبوعبدالله عليه السلام : لولا أن بني امية وجدوا من يكتب لهم ، ويجبي
لهم الفئ ويقاتل عنهم ، ويشهد جماعتهم ، لما سلبونا حقنا ، ولو تركهم الناس وما
في أيديهم ، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم ، فقال الفتى : جعلت فداك فهل لي
من مخرج منه ؟ قال : إن قلت لك تفعل ؟ قال : أفعل قال : اخرج من جميع ما كسبت
في دواوينهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدقت به وأنا
أضمن لك على الله الجنة ، قال : فأطرق الفتى طويلا فقال : قد فعلت جعلت فداك
قال ابن أبي حمزة : فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الارض
إلا خرج منه ، حتى ثيابه التي كانت على بدنه قال : فقسمناله قسمة واشترينا له
ثيابا وبعثنا له بنفقة قال : فما أتى عليه أشهر قلائل حتى مرض ، فكنا نعوده قال .
فدخلت عليه يوما وهو في السياق ففتح عينيه ثم قال : يا على وفى لي والله صاحبك
قال : ثم مات فولينا أمره ، فخرجت حتى دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فلما
نظر إلي قال : يا علي وفينا والله لصاحبك قال : فقلت : صدقت جعلت فداك هكذا
قال لي والله عند موته ( 1 ) .
داود الرقي قال : خرج أخوان لي يريدان المزار فعطش أحدهما عطشا
شديدا ، حتى سقط من الحمار ، وسقط الآخر في يده ، فقال فصلى ودعا الله ومحمدا
وأميرالمؤمنين والائمة عليهم السلام كان يدعو واحدا بعد واحد حتى بلغ إلى آخرهم
جعفر بن محمد عليهما السلام ، فلم يزل يدعوه ويلوذبه ، فاذا هو برجل قد قام عليه وهو
يقول : يا هذا ماقصتك فذكر له حاله ، فناوله قطعة عود وقال : ضع هذا بين شفتيه
ففعل ذلك فاذا هو قد فتح عينيه واستوى جالسا ، ولا عطش به ، فمضى حتى زار
___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 365 .
[139]
القبر فلما انصرفا إلى الكوفة أتى صاحب الدعاء المدينة فدخل على الصادق عليه السلام
فقال له : اجلس ما حال أخيك ؟ أين العود ؟ فقال : يا سيدي إني لما اصبت بأخي
اغتممت غما شديدا فلما رد الله عليه روحه نسيت العود من الفرح ، فقال الصادق
عليه السلام : أما إنه ساعة صرت إلى غم أخيك أتاني أخي الخضر ، فبعثت إليك
على يديه قطعة عود من شجرة طوبى ، ثم التفت إلى خادم له فقال : علي بالسفط
فأتى به ، ففتحه وأخرج منه قطعة العود بعينها ، ثم أراها إياه حتى عرفها ، ثم
ردها إلى السفط .
داود النيلي قال : خرجت مع أبي عبدالله عليه السلام إلى الحج ، فلما كان أو ان
الظهر قال لي : يا داود اعدل عن الطريق ، حتى نأخذ اهبة الصلاة ، فقلت :
جعلت فداك أوليس نحن في أرض قفر لاماء فيها ؟ فقال لي : ما أنت وذاك ! ؟ قال :
فسكت وعدلنا عن الطريق ، فنزلنا في أرض قفر لاماء فيها ، فركضها برجله
فنبع لناعين مآء يسيب كأنه قطع الثلج ، فتوضأ وتوضيت ثم أدينا ما علينا من
الفرض ، فلما هممنا بالمسير التفت فإذا بجذع نخر فقال لي : يا داود أتحب أن
اطعمك منه رطبا ؟ فقلت : نعم قال : فضرب بيده إلى الجذع فهزه فاخضر من
أسفله إلى أعلاه قال : ثم اجتذبه الثانية ، فأطعمنا اثنين وثلاثين نوعا من أنواع
الرطب ، ثم مسح بيده عليه فقال : عد نخرا بإذن الله تعالى قال : فعاد كسيرته
الاولى .
أمالي أبي المفضل قال أبوحازم عبدالغفار بن الحسن : قدم إبراهيم بن أدهم
الكوفة وأنا معه ، وذلك على عهد المنصور ، وقدمها جعفر بن محمد العلوي فخرج
جعفر عليه السلام يريد الرجوع إلى المدينة فشيعة العلماء وأهل الفضل من أهل الكوفة ، وكان
فيمن شيعه سفيان الثوري ، وإبراهيم بن أدهم ، فتقدم المشيعون له فاذاهم بأسد على
الطريق فقال لهم إبراهيم بن أدهم : قفوا حتى يأتي جعفر فننظر ما يصنع فجاء جعفر
عليه السلام فذكروا له الاسد ، فأقبل حتى دنا من الاسد فأخذ باذنه فنحاه عن
الطريق ، ثم أقبل عليهم ، فقال : أما إن الناس لو أطاعوا الله حق طاعته لحملوا
[140]
عليه أثقالهم ( 1 ) .
وفي كتاب الدلالات بثلاثة طرق عن الحسين بن أبي العلاء ، وعلي بن
أبي حمزة ، وأبي بصير قالوا : دخل رجل من أهل خراسان على أبي عبدالله عليه السلام
فقال له : جعلت فداك إن فلان بن فلان بعث معي بجارية وأمرني أن أدفعها إليك
قال : لا حاجة لي فيها وإنا أهل بيت لا يدخل الدنس بيوتنا فقال له الرجل :
والله جعلت فداك لقد أخبرني أنها مولدة بيته ، وأنا ربيبته في حجره قال : إنها
قد فسدت عليه قال : لا علم لي بهذا ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : ولكني أعلم أن هذا
هكذا ( 2 ) .
189 يج : من الحسين مثله ( 3 ) .
190 عم ( 4 ) قب : علي بن إسماعيل ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت
لابي عبدالله عليه السلام : إن لنا أموالا ونحن نعامل الناس ، وأخاف إن حدث حدث أن
تفرق أموالنا قال : فقال : اجمع أموالك في كل شهر ربيع ، فمات إسحاق
في شهر ربيع ( 5 ) .
191 كش : حمدويه وإبراهيم ، عن أيوب ، عن ابن المغيرة ، عن علي بن
إسماعيل مثله ( 6 ) .
192 قب ( 7 ) نجم : باسنادنا إلى الحميري ، في كتاب الدلائل باسناده عن
ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول لي ذات يوم : بقي من أجلي خمس
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 366 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 368 .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 232 .
( 4 ) اعلام الورى ص 270 .
( 5 ) المناقب ج 3 ص 368 .
( 6 ) رجال الكشى ص 257 .
( 7 ) المناقب ج 3 ص 320 .