[211]

وبإسناده عن يونس بن أبي يعقوب قال : حدثنا جعفر بن محمد صلوات الله عليه من فيه إلى اذني قال : لما قتل إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بباخمرا ( 1 ) وحشرنا من المدينة ، فلم يترك فيها منا محتلم ، حتى قدمنا الكوفة فمكثنا فيها شهرا نتوقع فيها القتل ، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال : أين هؤلاء العلوية ادخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى قال : فدخلنا إليه أنا وحسن ابن زيد ، فلما صرت بين يديه قال لي : أنت الذي تعلم الغيب ؟ قلت : لا يعلم الغيب إلا الله قال : أنت الذي يجبى إليك هذا الخراج ؟ قلت : إليك يجبى يا أمير المؤمنين الخراج ، قال : أتدرون لم دعوتكم ؟ قلت : لا قال : أردت أن أهدم رباعكم واغور قليبكم ، وأعقر نخلكم ، وأنزلكم بالشراة ( 2 ) لا يقربكم أحد من أهل الحجاز وأهل العراق فانهم لكم مفسدة فقلت له يا أمير المؤمنين إن سليمان اعطي فشكر وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت من ذلك النسل قال : فتبسم وقال : أعد علي فأعدت فقال : مثلك فيكن زعيم القوم ، وقد عفوت عنكم ووهبت لكم جرم أهل البصرة ، حدثني الحديث الذي حدثتني ، عن أبيك ، عن آبائه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
قلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : صلة الرحم تعمر الديا ، وتطيل الاعمار ، وتكثر العمار ، إون كانوا كفارا فقال : ليس هذا .
فقلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : الارحام معلقة

___________________________________________________________________
( 1 ) باخمرا : بالراء المهملة موضع بين الكوفة وواسط ، وهو إلى الكوفة أقرب به قبر ابراهيم بن عبدالله بن حسن بن الحسن قتله بها أصحاب المنصور ، واياها عنى دعبل ابن على الخزاعى بقوله : وقبر بأرض الجوزجان محله * وقبر بباخمرا لدى الغربات ( 2 ) الشراة : جبل شامخ مرتفع من دون عسفان تأوى اليه القرود .
واسم صقع بالشام بين دمشق والمدينة ، من بعض نواحيه القرية المعروفة بالحميمة التى كان يسكنها ولد علي بن عبدالله بن عباس في أيام بنى مروان .

[212]

بالعرش تنادي : صل من وصلني واقطع من قطعني قال : ليس هذا .
قلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله عزوجل يقول : أنا الرحمن خلقت الرحم ، وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته قال : ليس هذا الحديث .
قلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله إن ملكا من ملوك الارض كان بقي من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة فقال : هذا الحديث أردت ، أى البلاد أحب إليك ، فوالله لاصلن رحمي إليكم قلنا : المدينة فسرحنا إلى المدينة وكفى الله مؤنته ( 1 ) .

___________________________________________________________________
( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 450 .

[213]


باب 7 : مناظراته عليه السلام مع أبي حنيفة وغيره من اهل زمانه ، وما ذكره المخالفون من نوادر علومه عليه السلام 

أقول : قد مضى أخبار كثيرة في باب البدع والمقاييس وأبواب الاحتجاجات .
1 - ج : عن الحسن بن محبوب ، عن سماعة قال : قال أبوحنيفة لابي عبدالله عليه السلام : كم بين المشرق والمغرب ؟ قال : ميسرة يوم ، بل أقل من ذلك فاستعظمه فقال : يا عاجز لم تنكر هذا ؟ إن الشمس تطلع من المشرق وتغرب إلى المغرب في أقل من يوم ، تمام الخبر ( 1 ) .
2 - ج : عن عبدالكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام بمكة إذا دخل عليه اناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد ، وواصل بن عطا ، وحفص ابن سالم ، واناس من رؤسآئهم ، وذلك حين قتل الوليد ، واختلف أهل الشام بينهم فتكلموا وأكثروا ، وخطبوا فأطالوا ، فقال لهم أبوعبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام : إنكم قد أكثرتم علي وأطلتم ، فأسندوا أمركم إلى رجل منكم فليتكلم بحجتكم وليوجز فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال أن قال : قتل أهل الشام خليفتهم ، وضرب الله بعضهم ببعض ، وتشتت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروة ، ومعدن للخلافة ، وهو محمد بن عبدالله بن الحسن ، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ، ثم نظهر أمرنا معه ، وندعوا الناس إليه فمن بايعه كنا
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 213 سطر 19 الى ص 221 سطر 18 معه ، وكان معنا ، ومن اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ، ونصبنا له على بغيه ورده إلى الحق وأهله ، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك ، فانه لاغنى بناعن

___________________________________________________________________
( 1 ) الاحتجاج للطبرسى ص 197 .

[214]

مثلك ، لفضلك وكثرة شيعتك ، فلما فرغ قال أبوعبدالله عليه السلام : أكلكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا : نعم ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : إنما نسخط إذا عصي الله ، فاذا اطيع رضينا ، أخبرني يا عمرو ولو أن الامة قلدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مؤنة ، فقيل لك : ولها من شئت من كنت تولي ؟ قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين ، قال : بين كلهم ؟ قال : نعم ، قال : بين فقهائهم وخيارهم ؟ قال : نعم ، قال : قريش وغيرهم ؟ قال العرب والعجم ، قال : أخبرني يا عمرو أتتولى أبابكر وعمر ؟ أو تتبرأ منهما ؟ قال : أتولاهما قال : يا عمرو إن كنت رجلا تتبرأ منهما فانه يجوز لك الخلاف عليهما ، وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما ، قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحدا ثم ردها أبوبكر عليه ولم يشاور أحدا ، ثم جعلها عمر شورى بين ستة ، فأخرج منها الانصار غير اولئك الستة من قريش ، ثم أوصى فيهم الناس بشئ ما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك قال : وما صنع ؟ قال : أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام ، وأن يتشاوروا اولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم ، إلا ابن عمر ويشورونه وليس له من الامر شئ ، و أوصى من بحضرته من المهاجرين والانصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا ويبايعوا أن يضرب أعناق الستة جميعا ، وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان أن يضرب أعناق الاثنين ، أفترضون بذا فيما تجعلون من الشورى في المسلمين ؟ قالوا : لا ، قال : يا عمرو دع ذا ، أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إليه ، ثم اجتمعت لكم الامة ولم يختلف عليكم فيها رجلان ، فأفضيتم إلى المشركين الذين لم يسلموا ولم يؤدوا الجزيزة أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المشركين في حربه ؟ قالوا : نعم ، قال : فتصنعون ماذا ؟ قالوا : ندعوهم إلى الاسلام فان أبوا دعوناهم إلى الجزية قال : وإن كانوا مجوسا وأهل كتاب ؟ قالوا : وإن كانوا مجوسا وأهل كتاب قال : وإن كانوا أهل الاوثان وعبدة النيران والبهائم ، وليسوا بأهل كتاب ؟ قالوا : سواء ، قال : فأخبرنى عن القرآن أتقرأه ؟ قال : نعم ، قال : اقرأ " قاتلوا

[215]

الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون " ( 1 ) .
قال : فاستثنى الله عزوجل واشترط من الذين اوتوا الكتاب ، فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال : نعم قال عليه السلام : عمن أخذت هذا ؟ قال : سمعت الناس يقولونه ، قال : فدع ذا فانهم إن أبوا الجزية فقاتلتهم وظهرت عليهم ، كيف تصنع بالغنيمة ؟ قال : اخرج الخمس واخرج أربعة أخماس بين من قاتل عليها قال : تقسمه بين جميع من قاتل عليها ؟ قال : نعم قال : قد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فعله وفي سيرته وبيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم ، فسلهم فانهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما صالح الاعراب على أن يدعهم في ديارهم ، وأن لا يهاجروا على أنه إن دهمه من عدوه دهم فيستفزهم فيقاتل بهم وليس لهم من الغنيمة نصيب و أنت تقول بين جميعهم ، فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في سرته في المشركين ، دع ذا ما تقول في الصدقة ؟ قال : فقرأ عليه هذه الآية " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها " ( 2 ) إلى آخرها .
قال : نعم فكيف تقسم بينهم ؟ قال : أقسمها على ثمانية أجزاء فاعطي كل جزء من الثمانية جزءا قال عليه السلام : إن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف رجلا واحدا ، ورجلين وثلاثة ، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة الاف ؟ قال : نعم قال : وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء ؟ قال : نعم قال : فخالفت رسول صلى الله عليه وآله في كل ما به أتى في سيرته ، كان رسول الله يقسم صدقة البوادي في أهل البوادي ، وصدقة الحضر في أهل الحضر ، لا يقسمه بينهم بالسوية ، إنما يقسم على قدر ما يحضره منهم وعلى ما يرى ، فان كان في نفسك شئ ما قلت فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم لا يختلفون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كان يصنع ، ثم أقبل على عمرو وقال : اتق الله يا عمرو ، وأنتم أيها الرهط

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة التوبة الاية : 29 .
( 2 ) سورة التوبة الاية : 60 .

[216]

فاتقوا الله فان أبي حدثني وكان خير أهل الارض وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله أن رسول الله قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه ، وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف ( 1 ) .
3 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن زرارة ، عن عبدالكريم مثله ( 2 ) .
4 - قب : دخل عمرو بن عبيد على الصادق وقرأ " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " ( 3 ) وقال : احب أن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال : نعم يا عمرو ثم فصله بأن الكبائر الشرك بالله " إن الله لا يغفر أن يشرك به " ( 4 ) واليأس " ولا تيأسوا من روح الله " ( 5 ) وعقوق الوالدين لان العاق جبار شقي " وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا " ( 6 ) .
وقتل النفس " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ( 7 ) وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " ( 8 ) والفرار من الزحف " ومن يولهم يومئذ دبره " ( 9 ) .
وأكل الربوا " الذى يأكلون الربوا " ( 10 ) والسحر " ولقد علموا لمن اشتريه " ( 11 ) والزناء " ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما " ( 12 ) واليمين الغموس " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا " ( 13 ) والغلول " ومن يغلل يأت بما غل " ( 14 ) ومنع الزكاة " يوم يحمى عليها في نار جهنم " ( 15 ) وشهادة الزور وكتمان الشهادة

___________________________________________________________________
( 1 ) الاحتجاج للطبرسى ص 197 .
/ / ( 2 ) الكافى ج 5 ص 23 .
( 3 ) سورة النساء الاية 31 .
/ / ( 4 ) سورة النساء الاية 48 .
( 5 ) سورة يوسف الاية 87 .
/ / ( 6 ) سورة مريم الاية 32 .
( 7 ) سورة النساء الاية 93 .
/ / ( 8 ) سورة النساء الاية 10 .
( 9 ) سورة الانفال الاية 16 .
/ / ( 10 ) سورة البقرة الاية 275 .
( 11 ) سورة البقرة الاية 102 .
/ / ( 12 ) سورة الفرقان الاية 68 .
( 13 ) سورة آل عمران الاية 77 .
/ / ( 14 ) سورة آل عمران الاية 161 .
( 15 ) سورة التوبة الاية 35 .

[217]

" ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " ( 1 ) وشرب الخمر لقوله عليه السلام : شارب الخمر كعابدوثن ، وترك الصلاة لقوله : من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله ، ونقض العهد وقطيعة الرحم " الذين ينقضون عهدالله " ( 2 ) وقول الزور " واجتنبوا قول الزور " ( 3 ) والجرأة على الله " أفأمنوا مكرالله " ( 4 ) وكفران النعمة " ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " ( 5 ) وبخس الكيل والوزن " ويل للمطففين " ( 6 ) واللواط " الذين يجتنبون كبائر الاثم " ( 7 ) والبدعة قوله عليه السلام من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه .
قال : فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول : هلك من سلب تراثكم و نازعكم في الفضل والعلم ( 8 ) .
وذكر أبوالقاسم البغار في مسند أبي حنيفة : قال الحسن بن زياد : سمعت أباحنيفة وقد سئل من أفقه من رأيت ؟ قال : جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الشداد فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إلي أبوجعفر وهو بالحيرة فأتيته .
فدخلت عليه ، وجعل جالس عن يمنه ، فلما بصرت به ، دخلني من الهيبة لجعفر مالم يدخلني لابي جعفر ، فسلمت عليه ، فأومأ إلي فجلست ، ثم التفت إليه ، فقال : يا أبا عبدالله هذا أبوحنيفة قال : نعم أعرفه ، ثم التفت إلي فقال : يا أبا حنيفة ألق على أبي عبدالله من مسائلك فجعلت القي عليه فيجيبني فيقول : أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا و ربما تابعهم ، ربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الاربعين مسألة فما أخل منها بشئ

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة البقرة الاية 283 .
/ / ( 2 ) سورة البقرة الاية 27 .
( 3 ) سورة الحج الاية 30 .
/ / ( 4 ) سورة الاعراف الاية 99 .
( 5 ) سورة ابراهيم الاية 7 .
/ / ( 6 ) سورة المطففين الاية 1 .
( 7 ) سورة النجم الاية 32 .
( 8 ) المناقب ج 3 ص 375 .

[218]

ثم قال أبوحنيفة : أليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ( 1 ) .
أبان بن تغلب في خبر أنه دخل يماني على الصادق عليه السلام فقال له : مرحبا بك يا سعد فقال الرجل : بهذا الاسم سمتني امي ، وقل من يعرفني به فقال : صدقت يا سعد المولى فقال : جعلت فداك بهذا كنت القب فقال : لا خير في اللقب إن الله يقول : " ولا تنابزوا بالالقاب " ( 2 ) ما صناعتك يا سعد ؟ قال : أنا من أهل بيت ننظر في النجوم ، فقال : كم ضوء الشمس على ضوء القمر درجة ؟ قال : لا أدري قال : فكم ضوء القمر على ضوء الزهرة درجة ؟ قال : لا أدري قال : فكم للمشتري من ضوء عطارد ؟ قال : لا أدري قال : فما اسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر ؟ قال : لا أدري فقال : يا أخا أهل اليمن عندكم علماء ؟ قال : نعم إن عالمهم ليزجر الطير ويقفوا الاثر في الساعة الواحدة مسيرة سير الراكب المجد فقال عليه السلام : إن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن ، لان عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفو الاثر ، ويزجر الطير ، ويعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس ، يقطع اثني عشر برجا ، واثني عشر بحرا ، واثني عشر عالما قال : ما ظننت أن أحدا يعلم هذا ويدري .
سالم الضرير : إن نصرانيا سأل الصادق عليه السلام عن تفصيل الجسم فقال عليه السلام إن الله تعالى خلق الانسان على اثني عشر وصلا وعلى مائتين وستة وأربعنى عظما ، وعلى ثلاث مائة وستين عرقا ، فالعروق هي التي تسقي الجسد كله ، والعظام تمسكها ، واللحم يمسك العظام ، والعصب يمسك اللحم .
وجعل في يديه اثنين وثمانين عظما ، في كل يد أحد وأربعون عظما : منها : في كفه خمسة وثلاثون عظما ، وفي ساعده إثنان ، وفي عضده واحد ، وفي كتفه ثلاثة فذلك أحد وأربعون عظما ، وكذلك في الاخرى وفي رجله ثلاثة وأربعون عظما منها في قدمه خمسة وثلاثون عظما وفي ساقه إثنان وفي ركبته ثلاثة في فخذه واحد ، وفي وركه إثنان ، وكذلك في الاخرى ، في صلبه ثماني عشرة فقارة ، وفي

___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 378 .
( 2 ) سورة الحجرات الاية 11 .

[219]

كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع ، وفي وقصته ثمانية ، وفي رأسه ستة وثلاثون عظما وفي فيه ثمانية وعشرون ، واثنان وثلاثون ( 1 ) .
بيان : لعل المراد بالوقصة العنق قال الفيروز آبادي : ( 2 ) وقص عنقه كوعد كسرها والوقص بالتحريك قصر العنق ، ويحتمل أن يكون وفي قصه وهي عظام وسط الظهر قوله عليه السلام : وفي فيه ثمانية وعشرون أي في بدو الانبات ، ثم تنبت في قريب من العشرين أربعة اخرى ، فلذا قال عليه السلام بعده واثنان وثلاثون .
ويحتمل أن يكون باعتبار اخلتفها في الاشخاص ، ويدل الخبر على أن السن ليس بعظم .
5 - قب : قال بعض الخوارج لهشام بن الحكم : العجم تتزوج في العرب ؟ قال : نعم قال : فالعرب تتزوج في قريش ؟ قال : نعم قال : فقريش تتزوج في بني هاشم ؟ قال : نعم ، فجاء الخارجي : إلى الصادق عليه السلام فقص عليه ، ثم قال : أسمعه منك فقال عليه السلام : نعم قد قلت ذاك .
قال الخارجي : فها أنا ذا قد جئتك خاطبا ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : إنك لكفوفي دينك وحسبك في قومك ، ولكن الله عزوجل صاننا عن الصدقات ، وهي أوساخ أيدي الناس ، فنكره أن نشرك فيما فضلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا .
فقام الخارجي وهو يقول : الله ما رأيت رجلا مثله ، ردني والله أقبح رد وما خرج من قول صاحبه ( 3 ) .
وحدث أبوهفان وابن ما سويه حاضر أن جعفر بن محمد عليه السلام قال : الطبائع أربع : الدم وهو عبد ، وربما قتل العبد سيده ، والريح : وهو عدو إذا سددت له بابا أتاك من آخر ، والبلغم : وهو ملك يداري ، والمرة : وهي الارض ، إذا رجفت رجفت بمن عليها فقال : أعد علي فوالله ما يحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف ( 4 )

___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 379 .
( 2 ) القاموس ج 2 ص 321 - 322 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 381 .
/ / ( 4 ) نفس المصدر ج 3 ص 382 .

[220]

وفي امتحان الفقهاء : رجل صانع ، قطع عضوصبي بأمرأبيه ، فإن مات فعليه نصف الدية ، وإن عاش فعليه الدية كالمة هذا حجام قطع حشفة صبي ، وهو يختنه فإن مات فعليه نصف الدية ، ونصف الدية على أبيه لانه شاركه في موته ، وإن عاش فعليه الدية كاملة لانه قطع النسل ، وبه ورد الاثر عن الصادق عليه السلام ( 1 ) .
وفيه أن رجلا حضرته الوفاء فأوصى أن غلامي يسارهوا بني فورثوه ، وغلامي يسار فأعتقوه فهو حر الجواب يسأل أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول أبوهم لا يستترن منه ، فانما هو ولده ، فان قال أولاده : إنما أبونا قال لا يستترن منه ، فانه نشأ في حجورنا وهو صغير ، فيقال لهم : أفيكم أهل البيت علامة ؟ فان قالوا : نعم نظر فان وجدت تلك العلامة بالصغير فهو أخوهم ، وإن لم توجد فيه يقرع بين الغلامين فأيهما خرج سهمه فهو حر بالمروي عنه عليه السلام ( 2 ) .
بيان : إنما ذكر الروايتين مع أنهما ليسا بمعتمدين ، لبيان أن المخالفين يروون عنه عليه السلام ويثقون بقوله ، والاخيرة فيها موافقة في الجملة للاصول ولتحقيقها مقام آخر .
6 - قب : سأل زنديق الصادق عليه السلام فقال : ما علة الغسل من الجنابة وإنما أتى حلالا ، وليس في الحلال تدنيس ؟ فقال عليه السلام : لان الجنابة بمنزلة الحيض وذلك أن النطفة دم لم يستحكم ، ولا يكون الجماع إلا بحركة غالبة فاذا فرغ تنفس البدن ، ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة ، فوجب الغسل لذلك : غسل الجنابة أمانة ائتمن الله عليها عبثيده ليتخبرهم بها ( 3 ) وسأله عليه السلام أبوحنيفة عن قوله : " والله ربنا ما كنا مشركين " ( 4 ) فقال : ما تقول فيها يا أبا حنيفة فقال : أقول إنهم لم يكونوا مشركين ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : قال الله تعالى " انظر كيف كذبوا

___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج ص 386 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 387 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 387 .
( 4 ) سورة الانعام الاية 23 .