[221]

على أنفسهم " فقال : ما تقول فيها يا ابن رسول الله ؟ فقال : هؤلاء قوم من أهل القبلة أشركوا من حيث لا يعلمون .
وسأله عليه السلام عباد المكي عن رجل زنى وهو مريض ، فإن اقيم عليه الحد خافوا أن يموت ، ما تقول فيه ؟ فقال : هذه المسألة من تلقاء نفسك ؟ أو أمرك بها إنسان ؟ فقال : إن سفيان الثوري أمرني بها فقال عليه السلام : إن رسول الله أتي برجل أحبن قد استسقى بطنه وبدت عروق فخذيه ، وقد زنا بامرأة مريضة فأمر رسول الله فأتي بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه به ضربة ، وضربها ضربة وخلى سبيلهما ، وذلك قوله " وخذ بيدك ضغثا فاضرب به " ( 1 ) .
بيان : الحبن محركة داء في البطن يعظم منه ويرم فهو أحبن .
7 - كشف : روى محمد بن طلحة ( 2 ) عن سفيان الثوري قال : دخلت على جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء وكساء خز فجعلت أنظر إليه تعجبا فقال لي : يا ثوري مالك تنظر إلينا ؟ لعلك تعجب مما ترى ؟ فقلت : يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ولا لباس آبائك ! .
قال : يا ثوري كان ذلك زمان إقتارو افتقار ، وكانوا يعملون على قدر إقتاره وافتقاره ، وهذا زمان قد أسبل كل شئ عزاليه ( 3 ) ، ثم حسر ردن جبته فإذا تحتها جبة صوف بيضآء ، يقصر الذيل عن الذيل ، والردن عن الردن ، وقال : يا ثوري لبسنا هذا لله تعالى وهذا لكم ، وما كان لله أخفيناه وما كان لكم أبديناه .
8 - كا : علي ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن محمد ، عن السلمي ، عن داود
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 221 سطر 19 الى ص 229 سطر 18 الرقي قال : سألنى بعض الخوارج عن هذه الآية : " من الضان اثنين ومن المعز اثنين

___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 390 والاية الثانية في سورة الانعام برقم 24 .
( 2 ) مطالب السؤول ص 82 .
( 3 ) العزالى : جمع عزلاء وهى مصب الرواية فقوله : قد أسبل كل شئ عزاليه ، يريد به وفور الخير وانتشار البركة وكثرة النعم وتفشى الرخاء .

[222]

قل آالذكرين حرم أم الانثيين - ومن الابل اثنين ومن البقراثنين " ( 1 ) ما الذي أحل الله من ذلك ؟ وما الذي حرم ؟ فلم يكن عندي فيه شئ ، فدخلت على أبي عبدالله وأنا حاج فأخبرته بما كان فقال : إن الله عزوجل أحل في الاضحية بمنى الضان والمعز الاهلية ، وحرم أن يضحى بالجبلية ، وأما قوله " ومن الابل اثنين ومن البقراثنين " فان الله تبارك وتعالى أحل في الاضحية الابل العراب ( 2 ) وحرم فيها البخاتي ( 3 ) وأحل البقر الاهلية أن يضحى بها ، وحرم الجبلية ، فانصرفت إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب ، فقال : هذا شئ حملته الابل من الحجاز ( 4 ) .
9 - كا : العدة ، عن سهل ، عن ابن أسباط ، عن علي بن عبدالله ، عن الحسين ابن يزيد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول وقد قال أبوحنيفة : عجب الناس منك أمس ، وأنت بعرفة تماكس ( 5 ) ببدنك ( 6 ) أشد مكاسا يكون ، قال : فقال له أبوعبدالله عليه السلام : وما لله من الرضا أن اغبن في مالي قال : فقال أبوحنيفة : لا والله مالله في هذا من الرضا قليل ولا كثير وما نجيئك بشئ إلا جئتنا بما لا مخرج لنا منه ( 7 ) .
10 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عبدالله بن سنان قال : لما قدم أبوعبدالله عليه السلام على أبي العباس وهو بالحيرة ( 8 ) خرج يوما يريد

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الانعام الاية : 142 - 143 .
( 2 ) الابل العراب : بكسر العين وهى الابل العربية خلاف البخاتى .
( 3 ) الابل البخاتى : جمع بختية وبخت بالضم وهى الخراسانية .
( 4 ) الكافى ج 4 ص 492 .
( 5 ) المماكسة : في البيع انتقاص الثمن واستحطاطه .
( 6 ) البدن : بالضم جمع بدنة كقصبة وتجمع على بدنات كقصبات وهى من الابل ما كان له خمس سنين ودخل في السادسة ، وانما سميت بذلك لعظم بدنها وسمنها .
( 7 ) الكافى ج 4 ص 546 .
( 8 ) الحيرة : بالكسر : ثم السكون ، وراء : مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة على النجف ، وقيل سميت بذلك لان تبعا لما قصد خراسان خلف ضعفة جنده بذلك الموضع وقال لهم : حيروا به ، أى أقيموا .

[223]

عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة ومعه ابن شبرمة القاضي فقال له : إلى أين يا أبا عبدالله ؟ فقال : أردتك فقال : قد قصر الله خطوك قال : فمضى معه فقال له ابن شبرمة : ما تقول يا أبا عبدالله في شئ سأني عنه الامير فلم يكن عندي فيه شئ ؟ فقال : وما هو ؟ قال : سأني عن أول كتاب كتب في الارض قال : نعم إن الله عزوجل عرض على آدم ذريته عرض العين في صور الذر نبيا فنبيا ، وملكا فملكا ، ومؤمنا فمؤمنا ، وافرا فكافرا ، فلما انتهى إلى داود عليه السلام قال : من هذا الذي نبأته وكرمته وقصرت عمره ؟ قال : فأوحى الله عزوجل إليه هذا ابنك داود ، عمره أربعون سنة ، وإني قد كتبت الآجال ، وقسمت الارزاق ، وأنا أمحوا ما أشاء واثبت وعندي ام الكتاب ، فان جعلت له شيئا من عمرك أحلقته له قال : يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة قال : فقال الله عزوجل لجبرئيل وميكائيل وملك الموت : اكتبوا عليه كتابا ، فانه سينسى قال : فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم ، من طينة عليين قال : فلما حضرت آدم الوفاة ، أتاه ملك الموت فقال آدم : يا ملك الموت ما جاء بك ؟ قال : جئت لاقبض روحك قال : قدبقي من عمري ستون سنة فقال : إنك جعلتها لابنك داود ، قال : ونزل عليه جبرئيل وأخرج له الكتاب ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : فمن أجل ذلك إذا خرج الصك على المديون ذل المديون ، فقبض روحه ( 1 ) .
11 - كا : علي ، عن أبيه عن الحسن بن علي ، عن أبي جعفر الصائغ ، عن محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وعنده أبوحنيفة فقلت له : جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة فقال : يا ابن مسلم هاتها فان العالم بها جالس وأومأ بيده إلى أبي حنيفة قال : فقلت : رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي فكسرت جوزا كثيرا ، ونثرته علي فتعجبت من هذه الرؤيا ، فقال أبوحنيفة : أنت رجل تخاصيم وتجادل لئاما في مواريث أهلك فبعد نصب ( 2 ) شديد تنال حاجتك

___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 7 ص 387 .
( 2 ) النصب : محركة التعب والاعياء .

[224]

منها إن شاء الله فقال أبوعبدالله عليه السلام : أصبت والله يا أبا حنيفة .
قال : ثم خرج أبوحنيفة من عنده فقلت : جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب فقال : يا ابن مسلم لا يسؤك الله ، فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ، ولا تعبيرنا تعبيرهم ، وليس التعبير كما عبره ، قال : فقلت له : جعلت فداك فقولك أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ ! ؟ قال : نعم ، حلفت عليه أنه أصاب الخطاء قال : فقلت له : فما تأولها قال : يا ابن مسلم إنك تتمتع بامرأة فتعلم بها أهلك فتخرق عليك ثيابا جددا ، فان القشر كسوة اللب قال ابن مسلم : فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح الرؤيا ، إلا صبيحة الجمعة ، فلما كان غداة الجمعة ، أنا جالس بالباب إذ مرت بي جارية فأعجبتني فأمرت غلامي فردها ثم أدخلها داري فتمتعت بها فأحست بي وبها أهلي فدخلت علينا البيت ، فبادرت الجارية نحو الباب فبقيت أنا فمزقت علي ثيابا جددا كنت ألبسها في الاعياد ( 1 ) .
12 - كا : أحمد بن محمد ، وعلي بن محمد جميعا ، عن علي بن الحسن التيمي عن محمد بن الخطاب الواسطي ، عن يونس بن عبدالرحمان ، عن أحمد بن عمر الحلبي عن حماد الازدي ، عن هشام الخفاف قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : كيف بصرك بالنجوم ؟ قال : قلت : ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني ، فقال : كيف دوران الفلك عندكم ؟ قال : فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها قال : فقال : فان كان الامر على ما تقول فما بال بنات نعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون يوما من الدهر في القبلة ؟ قال : قلت : والله هذا شئ لا أعرفه ، ولا سمعت أحدا من أهل الحساب يذكره ، فقال لي : كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها ؟ قال : قلت : هذا والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحدا من الناس يذكره فقال : سبحان الله فأسقطتم نجما بأسره فعلى ما تحسبون ! ؟ ثم قال : فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوئه ؟ قال : فقلت : هذا شئ لا يعلمه إلا الله عزوجل قال : فكم القمر جزءا من الشمس في ضوئها ؟ قال : فقلت : ما أعرف هذا قال : صدقت .

___________________________________________________________________
( 1 ) ج 8 ص 292 وفيه " تمزق " بدل " تخرق .

[225]

ثم قال : ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ، ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ، ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الاخر ، فأين كانت النجوم ؟ قال : فقلت : لا والله ما أعلم ذلك ، قال : فقال عليه السلام : صدقت إن أصل الحساب حق ، ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم ( 1 ) .
13 - كا : علي ، عن أبيه ، عن نوح بن شعيب ، ومحمد بن الحسن قال : سأل ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له : أليس الله حكيما ؟ قال : بلى هو أحكم الحاكمين قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " ( 2 ) أليس هذا فرض ! ؟ قال : بلى ، قال : فأخبرني عن قوله عزوجل " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل " ( 3 ) أي حكيم يتكلم بهذا ؟ فلم يكن عنده جواب فرحل إلى المدينة إلى أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة ! قال : نعم جعلت فداك لامر أهمني إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن عندي فيها شئ ، قال : وماهي ؟ قال : فأخبره بالقصة فقال له أبوعبدالله عليه السلام : أما قوله عزوجل : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " يعني في النفقة .
وأما قوله : " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة " يعني في المودة قال : فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب وأخبره قال : والله ما هذا من عندك ( 4 ) .
14 - كا : العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن أبي المغرا ، عن عبيد بن

___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 8 ص 351 .
( 2 ) سورة النساء ، الاية : 3 .
( 3 ) سورة النساء ، الاية : 129 .
( 4 ) الكافى ج 5 ص 362 .

[226]

زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إني لذات يوم عند زياد بن عبيد الله الحارثي إدجآء رجل يستعدي على أبيه فقال : أصلح الله الامير إن أبي زوج ابنتي بغير إذني فقال زياد لجلسائه الذين عنده : ما تقولن فيما يقول هذا الرجل ؟ قالوا : نكاحه باطل ، قال : ثم أقبل علي فقال : ما تقول يا أبا عبدالله ؟ فلما سألني أقبلت على الذين أجابوه فقلت لهم : أليس فيما تروون أنتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن رجلا جاء يستعديه على أبيه في مثل هذا فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أنت ومالك لابيك ؟ فقالوا : بلى فقلت لهم : فكيف يكون هذا وهو وماله لابيه ولا يجوز نكاحه ؟ قال : فأخذ بقولهم وترك قولي ( 1 ) .
15 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن معاوية بن عمار قال : ماتت اخت مفضل بن غياث ، فأوصت بشئ من مالها ، الثلث في سبيل الله ، والثلث في المساكين ، والثلث في الحج فاذا هو لا يبقى ما يبلغ ما قالت ، فذهبت أنا وهو إلى ابن أبي ليلى فقص عليه القصة فقال : اجعلوا ثلثا في ذا وثلثا في ذا وثلثا في ذا فأتينا ابن شبرمة فقال أيضا كما قال ابن أبي ليلى ، فأتينا أبا حنيفة فقال كما قالا ، فخرجنا إلى مكة فقال لي : سل أبا عبدالله عليه السلام ولم تكن حجة المرأة ، فسألت أبا عبدالله عليه السلام فقال لي : ابدأ بالحج فانه فريضة من الله عليها ، وما بقي اجعله بعضا في ذا وبعضا في ذا قال : فقدمت فدخلت المسجد واستقبلت أبا حنيفة وقلت له : سألت جعفر بن محمد عن الذي سألتك عنه فقال لي : ابدأ بحق الله أولا فانه فريضة عليها ، وما بقي فاجعله بعضا في ذا وبعضا في ذا ، قال : فوالله ما قال لي خيرا ولا شرا وجئت إلى حلقته وقد طرحوها وقالوا : قال أبوحنيفة : ابدأ بالحج فانه فريضة الله عليها قال : فقلت : هو بالله قال : كذا وكذا ؟ فقالوا : هو خبرنا هذا ( 2 ) .
16 - كا : علي ، عن أبيه ، عن أحمد بن عبدالله العقيلي ، عن عيسى بن عبدالله القرشي قال : دخل أبوحنيفة على أبي عبدالله عليه السلام فقال له : يا أبا حنيفة بلغني

___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 395 .
( 2 ) المصدر السابق ج 7 ص 63 .

[227]

أنك تقيس ؟ قال : نعم ، قال : لا تقس ، فان أول من قاس إبليس حين قال : خلقتني من نار وخلقته من طين " ( 1 ) فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نورية آدم بنورية النار ، عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر ( 2 ) .
17 - كا : علي بن إبراهيم ، عن سلمة بن الخطبا ، عن الحسن بن راشد عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن حبيب الخثعمي قال : كتب أبوجعفر المنصور إلى محمد بن خالد ، وكان عامله على المدينة ، أن يسأل أهل المدينة عن الخمس في الزكاة من المأتين كنيف صارت وزن سبعة ؟ ولم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمره أن يسأل فيمن يسأل عبدالله بن الحسن ، وجعفر بن محمد عليهما السلام قال : فسأل أهل المدينة فقالوا : أدركنا من كان قبلنا على هذا فبعث إلى عبدالله بن الحسن وجعفر بن محمد عليهما السلام : فسأل عبدالله بن الحسن فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة فقال : ما تقول يا أبا عبدالله ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل في كل أربعين أوقية أوقية فاذا حسبت ذلك كان وزن سبعة ، وقد كانت على وزن ستة ، كانت الدراهم خمسة دوانق ، قال حبيب : فحسبناه فوجدناه كما قال ، فأقبل عليه عبدالله بن الحسن فقال : من أين أخذت هذا ؟ قال : قرأت في كتاب امك فاطمة ، قال : ثم انصرف ، فبعث إليه محمد بن خالد : ابعث إلي بكتاب فاطمة عليها السلام ، فأرسل إليه أبوعبدالله عليه السلام إني إنما أخبرتك أني قرأته ، ولم اخبرك أنه عندي ، قال حبيب : فجعل يقول محمد بن خالد : يقول لي : ما رأيت مثل هذا قط ( 3 ) .
بيان : اعلم أن الدراهم كان في زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله ستة دوانيق ، ثم نقص فصار خمسة دوانيق ، فصار ستة منها على وزن خمسة مما كان في زمن الرسول صلى الله عليه وآله ، ثم تغير إلى أن صار سبعة دراهم ، على وزن خمسة من دراهم زمانه صلى الله عليه وآله وسلم ، فاذا عرفت هذا فيمكن توجيه الخبر بوجهين :

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الاعراف ، الاية : 12 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 58 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 507 .

[228]

الاول : أن يقال : إنهم لما سمعوا أن النصاب الاول مائتا درهم ، وفيه خمسة دراهم ، ورأوا في زمانهم أن الفقهاء يحكمون بأن النصاب الاول مائتان وأربعون ، وفيها سبعة دراهم ، ولم يدروا ما السبب في ذلك ، فأجابهم عليه السلام بأن علة ذلك نقص وزن الدراهم وإنما ذكر الاوقية لانهم كانوا يعلمون أن الاوقية كان في زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله وزن أربعين درهما ، وكانت الاوقية لم تتغير عما كانت عليه فلما حسبوا ذلك علموا النسبة بين الدرهمين ، كذا أفاده الوالد العلامة قدس الله روحه الثاني : أن يقال : إنهم كانوا يعلمون تغير الدراهم ونقصها ، وإنما اشتبه عليهم أنه لم لا يجزي في مائتي درهم من دراهم زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله خمسة من دراهم زمانهم ؟ فأجاب عليه السلام بأن النبي صلى الله عليه وآله قرر لذلك نصف العشر ، حيث جعل في كل أربعين أوقية أوقية ، فلا يجزي في تينك المائتين إلا سبعة ، من دراهم زمانهم ، حتى يكون ربع العشر ، فحسبوه فوجدوه كما قال عليه السلام ، قوله ( مثل هذا ) [ أي مثل هذا ] الرجل أو هذا الجواب .
8 كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي جعفر الاحول قال : سألني رجل من الزنادقة فقال : كيف صارت الزكاة من كل ألف خمسة وعشرين درهما ؟ فقلت له : إنما ذلك مثل الصلاة ثلاث وثنتان ، وأربع قال : فقيل مني ، ثم لقيت بعد ذلك أبا عبدالله عليه السلام فسألته عن ذلك فقال : إن الله عزوجل حسب الاموال والمساكين فوجد ما يكفيهم من كل ألف خمسة وعشرين ولولم يكفهم لزادهم ، قال : فرجعت إليه فأخبرته ، فقال : جاءت هذه المسألة على الابل من الحجاز ، ثم قال : لو أني أعطيت أحدا طاعة لاعطيت صاحب هذا الكلام ( 1 ) .
19 كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن علي بن سماعة ، عن الكلبي النسابة قال : دخلت المدينة ، ولست أعرف شيئا من هذا الامر ، فأتيت المسجد ، فاذا جماعة من قريش فقلت : أخبروني عن عالم أهل هذا البت ، فقالوا : عبدالله بن الحسن

___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 3 ص 305 .

[229]

فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له ، فقلت له : استأذن لي على مولاك ، فدخل ثم خرج ، فقال لي : ادخل فدخلت فاذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد ، فسلمت عليه فقال لي : من أنت ؟ فقلت : أنا الكلبي النسابة فقال : ما حاجتك ؟ فقلت : جئت أسألك فقال : أمررت با بني محمد ؟ قلت : بدأت بك فقال : سل ! قلت : أخبرني عن رجل قال لا مرأته : ( أنت طالق عدد نجوم السماء ) فقال : تبين برأس الجوزاء ، والباقي وزر عليه وعقوبة فقلت في نفسي : واحدة فقلت : ما يقول الشيخ في المسح على الخفين فقال : قد مسح قوم صالحون ، ونحن أهل بيت لا نمسح فقلت في نفسي : ثنتان فقلت : ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام ، فقال : حلال إلا أنا أهل البيت نعافه ، فقلت في نفسي : ثلاث ، فقلت : وما تقول في شرب النبيذ ؟ فقال : حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه ، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول : هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت ، فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس ، فسلمت عليهم ثم قلت لهم : من أعلم أهل هذا البيت فقالوا : عبدالله بن الحسن ، فقلت : قد أتيته فلم أجد عنده شيئا ، فرفع رجل من القوم رأسه لقال : ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو عالم أهل هذا البيت ، فلامه بعض من كان بالحضرة .
فقلت : إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد ، فقلت له : ويحك إياه أردت فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب ، فخرج غلام له فقال : ادخل يا أخا كلب ، فوالله لقد أدهشني ، فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 229 سطر 19 الى ص 237 سطر 18 بشيخ على مصلى ، بلامر فقة ولا بردعة ، فابتدأني بعد أن سلمت عليه فقال لي : من أنت ؟ فقلت في نفسي : يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب : ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى : من أنت ! ! فقلت له : أنا الكلبي النسابة ، فضرب بيده على جبهته وقال : كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، قد خسروا خسرانا مبينا ، يا أخا كلب إن الله عزوجل يقول : ( وعاد وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا ) ( 1 )

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الفرقان الاية : 38 .

[230]

أفتنسبها أنت ؟ فقلت : لا جعلت فداك ، فقال لي : أفتنسب نفسك ؟ قلت : نعم أنا فلان بن فلان بن فلان ، حتى ارتفعت فقال لي : قف ليس حيث تذهب ، ويحك أتدري من فلان بن فلان ؟ قلت : نعم فلان بن فلان قال : إن فلان بن فلان الرعي الكردي إما كان فلان الكردي الرعي على جبل آل فلان ، فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه ، فاطعمها شيئا وغشيها ، فولدت فلانا فلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان .
ثم قال : أتعرف هذه الاسامي ؟ قلت : لا والله جعلت فداك ، فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت فقال : إنما قلت فقلت ، فقلت : إني لا أعود قال : لا نعود إذا ، واسأل عما جئت له فقلت له : أخبرني عن رجل قال لا مرأته أنت طالق عدد النجوم فقال : ويحك أما تقرأ سورة الطلاق ؟ ! قلت : بلى قال : فاقرأ فقرأت ( فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ) ( 1 ) .
قال : أترى ههنا نجوم السماء ؟ قلت لا ، قلت : فرجل قال لا مرأته أنت طالق ثلاثا قال : ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ثم قال : لا طلاق إلا على طهر من غير جماع ، بشاهدين مقبولين ، فقلت في نفسي : واحدة ثم قال ك سل فقلت : ما تقول في المسح على الخفين ؟ فتبسم ثم قال : إذا كان يوم القيامة ، ورود الله كل شئ إلى شيئه ، ورد الجلد إلى الغنم ، ف ترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم ؟ ! فقلت في نفسي : ثنتان .
ثم التفت إلي .
فقال : سل فقلت : أخبرني عن أكل الجري ؟ فقال : إن الله عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري والزمار والمار ماهي وما سوى ذلك ، وما أخذمنهم برأ فالقردة ، والخنازير ، والوبر ، والورل وما سوى ذلك ، فقلت في نفسي : ثلاث ثم التفت إلي وقال : سل وقم فقلت : ما تقول في النبيذ ؟ فقال عليه السلام : حلال فقلت : إنا ننبذ فنطرح فيه العكروما سوى ذلك ، ونشربه فقال : شه شه ، تلك الخمرة المنتنة فقلت : جعلت فداك فأي نبيذ تعني ؟ فقال :

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الطلاق الايه : 1 .