[251]
ابنك جعل الله له علينا من الطاعة ما جعل لآبائه ؟ وإسماعيل يومئذ حي فقال : يكفي
ذلك ، فظننت أنه اتقاني ، فما لبث أن مات إسماعيل .
بيان : لعل المعنى أن الله يكفي عن إسماعيل مؤنة ذلك بموته .
22 يج : روي عن المفضل بن عمر قال : لما قضى الصادق عليه السلام كانت وصيته
في الامامة إلى موسى الكاظم ، فادعى أخوه عبدالله الامامة ، وكان أكبر ولد جعفر عليه السلام
في وقته ذلك ، وهو المعروف بالافطح ، فأمره موسى بجمع حطب كثير في وسط داره
فأرسل إلى أخيه عبدالله يسأله أن يصير إليه ، فلما صار عنده ومع موسى جماعة من
وجوه الامامية ، فلما جلس إليه أخوه عبدالله أمر موسى أن يجعل النار في ذلك
الحطب كله ، فاحترق كله ، ولا يعلم الناس السبب فيه ، حتى صار الحطب كله
جمرا ثم قام موسى وجلس بثيابه في وسط النار وأقبل يحدث الناس ساعة ثم قام
فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس ، فقال لاخيه عبدالله : إن كنت تزعم أنك الامام بعد
أبيك فاجلس في ذلك المجلس فقالوا : فرأينا عبدالله قد تغير لونه ، فقام يجر رداءه
حتى خرج من دار موسى عليه السلام ( 1 ) .
23 يج : روي عن داود بن كثير الرقي قال : وفد خراسان وافد يكنى أبا
جعفر ، واجتمع إليه جماعة من أهل خراسان ، فسألوه أن يحمل لهم أموالا ومتاعا
ومسائلهم في الفتاوى والمشاورة ، فورد الكوفة ونزل وزار أميرالمؤمنين عليه السلام ، ورأى
في ناحية رجلا حوله جماعة ، فلما فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء
يسمعون من الشيخ فقالوا : هو أبوحمزة الثمالي قال : فبينما نحن جلوس إذ أقبل
أعرابي فقال : جئت من المدينة وقدمات جعفر بن محمد عليهما السلام فشهق أبوحمزة ثم ضرب
بيده الارض ، ثم سأل الاعرابي هل سمعت له بوصية ؟ قال : أوصى إلى ابنه عبدالله
وإلى ابنه موسى ، وإلى المنصور فقال : الحمدلله الذي لم يضلنا ، دل على الصغير
وبين على الكبير ، وسر الامر العظيم ، ووثب إلى قبر أميرالمؤمنين عليه السلام فصلى
وصلينا ، ثم أقبلت عليه وقلت له : فسرلي ما قلته ؟ قال : بين أن الكبير ذوعاهة
___________________________________________________________________
( 1 ) الخرائج والجرائح ص 200 .
[252]
ودل على الصغير ، أن أدخل يده مع الكبير ، وسر الامر العظيم بالمنصور ، حتى
إذا سأل المنصور من وصيه ؟ قيل أنت ، قال الخراساني : فلم أفهم جواب ما قاله ، ووردت
المدينة ، ومعي المال والثياب والمسائل ، وكان فيما معي درهم دفعته إلي امرأة تسمى
شطيطة ومنديل فقلت لها : أنا أحمل عنك مائة درهم فقالت : إن الله لا يستحي من
الحق فعو جت الدرهم ، وطرحته في بعض الاكياس ، فلما حصلت بالمدينة ، سألت
عن الوصي فقيل : عبدالله ابنه ، فقصدته ، فوجدت بابا مرشوشا مكنوسا عليه بواب
فأنكرت ذلك في نفسي واستأذنت ودخلت بعد الاذن ، فاذا هو جالس في منصبه فأنكرت
ذلك أيضا .
فقلت : أنت وصي الصادق ، الامام المفترض الطاعة ؟ قال : نعم قلت : كم
في الماتين من الدراهم الزكاة ؟ قال : خمسة دراهم فقلت : وكم في المأة ؟ قال :
درهمان ونصف ، قلت : ورجل قال لا مرأته : أنت طالق بعدد نجوم السماء تطلق
بغير شهود ؟ قال : نعم ، ويكفي من النجوم رأس الجوزاء ثلاثا ، فتعجبت من جواباته
ومجلسه فقال : احمل إلي ما معك ؟ قلت : ما معي شئ ، وجئت إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله
فلما رجعت إلى بيتي إذا أنا بغلام أسود واقف فقال : سلام عليك ، فرددت عليه السلام
قال : أجب من تريد ، فنهضت معه فجاء بي إلى باب دار مهجورة ، ودخل فأدخلني
فرأيت موسى بن جعفر عليه السلام على حصير الصلاة فقال : إلي يا أبا جعفر ، وأجلسني
قريبا ، فرأيت دلائله أدبا وعلما ومنطقا وقال لي : احمل ما معك ، فحملته إلى
حضرته ، فأومأبيده إلى الكيس فقال لي : افتحه ، ففتحته وقال لي : اقلبه ، فقلبته
فظهر درهم شطيطة المعوج فأخذه وقال : افتح تلك الرزمة ( 1 ) ففتحتها وأخذ المنديل
منها بيده وقال وهو مقبل علي : إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر اقرأ على
شطيطة السلام مني وادفع إليها هذه الصرة .
وقال لي : اردد مامعك إلى من حمله وادفعه إلى أهله ، وقل قد قبله ووصلكم
به ، وأقمت عنده وحادثني وعلمني وقال : ألم يقل لك أبوحمزة الثمالي بظهر
___________________________________________________________________
( 1 ) الرزمة : من الثياب وغيرها : ما جمع وشد معا جمع رزم .
[253]
الكوفة وأنتم زوار أميرالمؤمنين عليه السلام كذا وكذا ؟ قلت : نعم ، قال : كذلك يكون
المؤمن إذا نور الله قلبه كان علمه بالوجه ، ثم قال : قم إلى ثقاة أصحاب الماضي
فسلهم عن نصه .
قال أبوجعفر الخراساني : فلقيت جماعة كثيرة منهم شهدوا بالنص على موسى
عليه السلام ثم مضى أبوجعفر إلى خراسان ، قال داود الرقي فكاتبني من خراسان
إنه وجد جماعة ممن حملوا المال قد صاروا فطحية ، وأنه وجد شطيطة على أمرها
تتوقعه يعود ، قال : فلما رأيتها عرفتها سلام مولانا عليها ، وقبوله منها دون غيرها
وسلمت إليها الصرة ففرحت وقالت لي أمسك الدراهم معك فانها لكفني ، فأقامت
ثلاثة أيام وتوفيت .
بيان : قوله : بين أن الكبير ذوعاهة أي : لولم يكن الكبير ذاعاهة لافرده
في الوصية فلما أشرك معه الصغير أعلم أنه غير صالح للامامة ، قوله : أحمل عنك مائة
درهم كأن الرجل استحيى عن أن يحمل درهما واحدا لقلته فقال : لا أحمل عنك
إلا مائة درهم فأجابته بقوله : إن الله لا يستحيي من الحق فلا تستح من ذلك ، وإنما
عوج الدرهم لئلا يلتبس بغيره .
قوله عليه السلام : كان علمه بالوجة أي : بالوجه الذي ينبغي أن يعلم به ، أو بوجه
الكلام وإيمائه من غير تصريح ، كما ورد أن القرآن ذو وجوه ، أو إذا نظر إلى
وجه الرجل [ علم ] ما في ضميره فيكون ذكره على التنظير .
24 قب : اختلفت الامة بعد النبي صلى الله عليه وآله في الامامة بين النص والاختيار
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 253 سطر 19 الى ص 261 سطر 18
فصح لاهل النص من طرق المخالف والمؤالف بأن الائمة اثنا عشر ، ونبغت السبعية
بعد جعفر الصادق عليه السلام وادعوا دعوى فارقوا بها الامة بأسرها .
وكان الصادق عليه السلام قد نص على ابنه موسى عليه السلام وأشهد على ذلك ابنيه إسحاق
وعليا ، والمفضل بن عمر ، ومعاذ بن كثير ، وعبدالرحمان بن الحجاج ، والفيض
ابن المختار ، ويعقوب السراج ، وحمران بن أعين ، وأبا بصير ، وداود الرقي
ويونس بن ظبيان ، ويزيد بن سليط ، وسليمان بن خالد ، وصفوان الجمال ، والكتب
[254]
بذلك شاهدة ، وكان الصادق عليه السلام أخبر بهذه الفتنة بعده وأظهر موت إسماعيل وغسله
وتجهيزه ودفنه ، وتشيع في جنازته بلا حذاء وأمر بالحج عنه بعد وفاته ( 1 ) .
ابن بابويه بالاسناد عن منصور بن حازم قال : كنت جالسا مع أبي عبدالله عليه السلام
على الباب ومعه إسماعيل ، إذمر علينا موسى وهو غلام ، فقال إسماعيل : سبق بالخير
ابن الامة .
زرارة بن أعين قال : دعا الصادق عليه السلام داود بن كثير الرقي وحمران بن
أعين وأبا بصير ودخل عليه المفضل بن عمر وأتى بجماعة حتى صاروا ثلاثين رجلا
فقال : يا داود اكشف عن وجه إسماعيل ، فكشف عن وجهه ، فقال : تأمله يا داود
فانظره أحي هو أم ميت ؟ فقال : بل هو ميت ، فجعل يعرضه على رجل رجل حتى
أتى على آخرهم ، فقال عليه السلام : اللهم اشهد ، ثم أمر بغسله وتجهيزه ، ثم قال :
يا مفضل احسر عن وجهه ، فحسر عن وجهه ، فقال : حي هو أم ميت ؟ انظروه
أجمعكم ! فقال : بل هو يا سيدنا ميت ، فقال : شهدتم بذلك وتحققتموه ؟ قالوا : نعم
وقد تعجبوا من فعله ، فقال : اللهم اشهد عليهم ، ثم حمل إلى قبره ، فلما وضع
في لحده قال : يا مفضل اكشف عن وجهه ، فكشف فقال للجماعة : انظروا أحي هو
أم ميت ؟ فقالوا : بلى ميت يا ولي الله : فقال : اللهم اشهد فانه سير تاب المبطلون
يريدون إطفاء نور الله ، ثم أومأ إلى موسى عليه السلام وقال : والله متم نوره ولو كره
الكافرون ، ثم حثوا عليه التراب ، ثم أعاد علينا القول ، فقال : الميت المكفن
المحنط المدفون في هذا اللحد من هو ؟ قلنا : إسماعيل ولدك ، فقال : اللهم اشهد
ثم أخذ بيد موسى فقال : هو حق والحق معه ومنه إلى أن يرث الله الارض ومن
عليها .
عنبسة العابد قال : لما توفي إسماعيل بن جعفر قال الصادق عليه السلام : أيها الناس
إن هذه الدنيا دار فراق ، ودار التواء لادار استواء في كلام له .
ثم تمثل بقول أبي خراش :
___________________________________________________________________
( 1 ) مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 228 .
[255]
فلا تحسبن أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا اميم جميل
أبوكهمس في حديثه : حضرت موت إسماعيل وأبوعبدالله عليه السلام جالس عنده
ثم قال بعد كلام : كتب على حاشية الكفن : إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله ( 1 ) .
وروي عن الصادق عليه السلام أنه استدعى بعض شيعته وأعطاه دراهم وأمره أن يحج
بها عن ابنه إسماعيل وقال له : إنك إذا حججت عنه لك تسعة أسهم من الثواب
ولاسماعيل سهم واحد ( 2 ) .
25 - قب : أبوبصير قال الصادق عليه السلام قال : أبي : اعلم أن عبدالله أخاك سيدعو
الناس إلى نفسه فدعه فان عمره قصير ، فكان كما قال أبي ، وما لبث عبدالله إلا
يسيرا حتى مات ( 3 ) .
26 - قب : أولاده عشرة : إسماعيل الامين ( 4 ) .
.
.
.
.
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 1 ص 229 .
/ / ( 2 ) نفس المصدر ج 1 ص 230 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 351 .
( 4 ) هو المقلب بالامين والاعرج وكان أكبر ولد أبيه ، وكان أبوه شديد المحبة له
والبربه والاشفاق عليه ، وكان قوم من الشيعة يظنون انه القائم بعد أبيه ، لانه كان أكبر
أخوته سنا ، ولميل أبيه اليه واكرامه له فمات في حياة أبيه عليه السلام بالعريض ، وحمل -
على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع وذلك في سنة ( 133 ) قبل وفاة
الصادق عليه السلام بعشرين سنة تقريبا ، وللامام الصادق " ع " عند موته حال يجل وصفها
فقد جزع عليه جزعا شديدا وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء ، وكان يأمر بوضع سريره
على الارض قبل دفنه ، صنع ذلك مرارا ، في كلها يكشف عن وجهه وينظر اليه ، يريد بذلك
تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته من بعده وازالة الشبهة عنهم في حياته ، ورغم تلك
الحيطة فقد أصر فريق على القول بامامته وهم الذين يدعون ( بالاسماعيلة ) ومما يحز في
النفس أن يكتب مستشرق كبير يعتبر من محققى علماء الاستشراق ذلك هو الاستاذ فيليب
استاذ التاريخ في الجامعة الاميركية ببيروت وأستاذ جامعة كولومبيا في نيويورك و و .
.
.
أقول مما يحز في النفس ان يكتب استاذ كبير كهذا ويتجنى في كتابته فيبهت أعلام الدين
وأئمة المسلمين بماهم منه براء ، براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، والمضحك - وشر البلية
ما يضحك - أن يطبع كتابه في بلد اسلامى كمصر ولم يتناوله أحد - فيما أعلم - بنقد أوبرد
فيبطل مزاعمه ، ويوضح بهتانه لقرائه ، وخاصة طلاب الجامعات المذكورة التى ود المستشرق
المذكور أن يكون كتاب " مختصر كتاب الفرق بين الفرق " الذين اختصره الرسعنى وحرره
المستشرق المذكور - : ككتاب مدرسى في صوفوف التاريخ في الجامعة الاميركية
[256]
وعبدالله ( 1 ) من فاطمة بنت الحسين الاصغر ، وموسى الامام .
.
.
.
.
.
___________________________________________________________________
ولهذه الغاية أضاف عليه شروحا بصورة حواشى مما يسهل على الطالب فهم المقصود ،
فيما يزعم قال : في هامش 3 ص 85 :
" كان الامام السادس جعفر قدعين - كذا ؟ ! - ابنه اسماعيل خلفا له ، ولكنه عاد
فعين - كذا ؟ ! ابنه موسى الكاظم ( المتوفى 183 و 799 ) لانه وجد اسماعيل مرة في
حالة السكر - كذا ؟ ! - ولكن بعض أتباعه لم يسلموا له بحق نزع الامامة عن اسماعيل
فحافظوا على ولائه ، وساقوها بعده في ابنه محمد .
.
)
ليت الاستاذ المستشرق - المحرر - لاحظ أصل كتاب الفرق بين الفرق ص 39 وان
بعد عنه فكان عليه ان يلاحظ نفس المختصر ص 58 ملاحظة جيدة ليقرأ ما يقوله البغدادى
مولف الاصل وتبعه الرسعنى في مختصر الاصل حيث قالا : " وافترق هؤلاء [ الاسماعيلية ] فرقتين
فرقة منتظرة لاسماعيل بن جعفر - مع اجماع أصحاب التواريخ على موت اسماعيل في حياة
أبيه - وفرقة منهم قالت كان الامام بعد جعفر سبطه محمد بن اسماعيل وقالوا : ان جعفرا
نصب ابنه اسماعيل للامامة بعده فلما مات اسماعيل في حياة أبيه علمنا انه انما نصب اسماعيل
للدلالة على امامة ابنه محمد بن اسماعيل والى هذا القول قالت الاسماعيلية من الباطنية .
"
فمن أين له اثبات دعواه من نصب اسماعيل والعدول عنه لسكره ونصب موسى ، وليته
دلنا على مصدر هذا الادعاء الكاذب ، وكيف له باثبات زعمه من تعيين اسماعيل للامامة ؟
ومتى كان ذلك ؟ وأين ذكر ؟ لوماذا يذكرلنا مصدرا تاريخيا - وهو استاذ التاريخ - وكان
عليه ان يقرأ تاريخ الفرق الاسلامية قراءة تفهم وبعدها يصدر أحكامه .
وذى
كتب الفرق من الملل والنحل ، التبصير ، والفصل ، واعتقادات فرق المسلمين للفخر
الرازى ، وفرق الشيعة ، والفرق الاسلامية ، والفرق بين الفرق ، ومخصره كلها خالية عن
مثل هذه الدعوى ، ولو صحت لاشار اليها بعض أصحاب هذه الكتب ممن لم كتابه وقلمه
من الطعن في أئمة المسلمين ، ولكنها فرية وبهتان ، والبلية كل البلية ان يحررها مستشرق
يحمل من الالقاب العلمية اللامعة في دنيا الثقافة اليوم ، وتعتزبه المجامع العلمية في البلاد
الاسلامية .
واذا كان هذا تحقيقه وهذا تحريره فأى قيمة لالقابه - الفارغة - في ميران التقييم
الفكرى ؟ ! .
( 1 ) هو المعروف بالافطح ( لانه كان افطح الرأس كما في الكشى ص 164 أو أفطح الرجلين
كما في الرشاد ص 305 ) كان اكبر اخوته سنا بعد اسماعيل ، قال الشيخ المفيد في الارشاد
[257]
ومحمد الديباح ( 1 ) .
.
.
.
.
.
___________________________________________________________________
ولم يكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من ولده في الاكرام ، وكان متهما بالخلاف على أبيه
في الاعتقاد ، ويقال : انه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذهب المرجئة ، وادعى بعد
أبيه الامامة واحتج بأنه أكبر اخوته الباقين فاتبعه على قوله جماعة الخ .
توفي بعد أبيه
بسبعين يوما ، وكان أول من لحق به من أهله فصح فيه ما روى عن أبيه - الصادق عليه السلام
انه قال لموسى " ع " : يا بنى ان أخاك سيجلس مجلسى ويدعى الامامة بعدى فلا تنازعة بكلمة
فانه أول أهلى لحوقا بى .
وكانت وفاته سنة 149 في العشر الاول من المحرم تقريبا ولم
يعقب سوى بنتا اسمها فاطمة وأمها علية بنت الحسين بن زيد بن على .
تزوجها العباس بن
موسى العباسى ، ثم ابن عمها على بن اسماعيل .
لا حظ أخباره في كتب الفرق عند ذكر الفطحية ، وفي جمهرة اسناب العرب لابن حزم
ص 59 ونسب قريش لمصعب ص 64 والكشى ص 164 - 165 وجامع الرواة ج 1 ص 479
وغيرها .
( 1 ) هو المعروف بالديباج - او الديباجة - لحسن وجهه ويلقب بالمأمون ويكنى
أبا جعفر ، امه ام أخويه موسى واسحاق ام ولد تدعى حميدة ، وكان شيخا وادعا محببا في
الناس ، وكان يروى العلم عن أبيه جعفر بن محمد وكان الناس يكبون عنه هكذا قال الطبرى
في تاريخه ج 10 ص 23 وقال الخطيب في تاريخه ج 2 ص 113 وأبوالفرج في مقاتله
ص 538 انه كان شجاعا عاقلا فاضلا ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكانت زوجته خديجة
بنت عبدالله بن الحسين تقول : ما خرج من عندنا في ثوب قط فرجع حتى يكسوه : قال ابن
عنبة في عمدة الطالب ص 245 خرج داعيا إلى محمد بن ابراهيم بن طباطبا الحسنى ، فلما
مات محمد بن ابراهيم دعا محمد الديباج إلى نفسه وبويع له بمكة ، وذكر الخطيب في
تاريخه عن وكيع انه قال في بيعة الديباج كان قد بايعه أهل الحجاز وتهامة بالخلافة ولم
يبايعوا بعد على بن أبى طالب لعلوى غيره .
وكان السبب في دعوته الناس اليه انه كتب رجل
- أيام أبى السرايا - كتابا يسب فيه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وجميع أهل البيت وكان محمد
ابن جعفر معتزلا تلك الامور لم يدخل في شئ منها ، فجاءه الطالبيون فقرؤه عليه فلم يرد
عليهم جوابا حتى دخل بيته فخرج عليهم وقد لبس الدرع وتقلد السيف ودعا إلى نفسه وتسمى
بالخلافة وهو يتمثل :
لم أكن من جناتها علم الله * وانى بحرها اليوم صالى
[258]
وإسحاق ( 1 ) لام ولد ثلاثتهم ، وعلي العريضي ( 2 ) لام ولد .
.
.
___________________________________________________________________
وفي سنة 200 حج المعتصم بالناس فوقع القتال بين الديباج ومن معه وبين هارون
ابن المسيب من قواد المعتصم .
واستحر القتال حتى حوصر الديباج في ثبير - جبل بمكة -
فبقى محصورا ثلاثة أيام حتى نفد زادهم وماؤهم وجعل أصحابه يتفرقون ، فلما رأى ذلك
طلب الامان لنفسه ولمن معه فأعطى ذلك ثم غدربه وبهم فحملوا الجميع مقيدين في محامل
بلا وطاء يريدون بهم خراسان ، فخرج عليهم في الطريق بنو نبهان وقيل الغاضريون وذلك
في زبالة فاستنقذوا الديباج ومن معه من ايدى العباسيين بعد حرب شعواء ، ثم مضى الديباج
ومن معه بأنفسهم إلى الحسن بن سهل في بغداد فأنفذهم إلى خراسان حيث المأمون فأمر
المأمون آل أبى طالب بخراسان أن يركبوا مع غير الديباج من آل أبى طالب ، فأبوا ان
يركبوا الامعه وقد مر في الاصل شئ من أخباره فلاحظ .
( 1 ) هو المعروف بالعريضى - لانه ولد بالعريض ( يكنى أبا محمد وكان من أشبه
الناس برسول الله ، وامه ام أخويه موسى وعبدالله ، وقد عده الشيخ الطوسى في رجاله من
أصحاب أبيه الصادق عليه السلام وروى عنه الحديث ، وقد أثنى عليه الشيخ المفيد في الارشاد
بقوله : كان من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد وروى عنه الناس الحديث والاثار وكان
يقول بامامة أخيه موسى عليه السلام ، وكان محدثا جليلا ، وادعت فيه طائفة من الشيعة
الامامة ، وكان سفيان بن عيينة اذا روى عنه اثنى عليه كما مر في الاصل وهو أقل المعقبين
من ولد جعفر الصادق عليه السلام عددا ، لا حظ أخباره في العمدة ص 249 والمشجر الكشاف
ص 68 وسر السلسلة العلوية ص 44 وهو من أعلام منتقلة الطالبيين .
( 2 ) هو أبوالحسن العريضى - نسبة إلى العريض كزبير واد بالمدينة به أموال لاهلها -
ذكره الزبيدى في تاج العروس " عرض " وقال : واليه نسب الامام أبوالحسن على بن جعفر
العريضى لانه نزل به وسكنه ، فأولاده العريضيون وبه يعرفون وفيهم كثرة وعدد اه وكان
اصغر ولد أبيه ، مات أبوه وهو طفل ، خرج مع أخيه محمد - الديباج - حين نهض بمكة
مع جماعة الطالبين .
كما انه اشترك مع اخيه زيد بن موسى والعباس بن محمد الجعفرى
في ثروة البصرة ايام ابى السرايا سنة 199 ثم رجع عن ذلك وكان يرى راى الامامية ، عده
الشيخ في رجاله من اصحاب الائمة الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام وذكره الذهبى
في العبر ج 1 ص 358 وقال : كان من جلة السادة الاشراف ، وترجمه سماحة سيدى الوالد
روحى فداه في شرح مشيخة الفقيه وذكر ان في الكافى ما يدل على بقائه حيا إلى سنة
[259]
والعباس ( 1 ) لام ولد ، ابنته : أسماء ، ام فروة ، التي زوجها من ابنه عمه
الخارج ، ويقال : له ثلاث بنات ام فروة من فاطمة بنت الحسين الاصغر ، وأسماء
من ام ولد ، وفاطمة من ام ولد ( 2 ) .
27 - نى : محمد بن همام ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن سماعة ، عن
أحمد بن الحسن ، عن أبي نجيح المسمعي ، عن الفيض بن المختار قال : قلت لابي
عبدالله عليه السلام : جعلت فداك ما تقول في الارض أتقبلها من السلطان ثم اواجرها من
الغير على أن ما أخرج الله فيها من شئ كان لي من ذلك النصف أو الثلث أو أقل
من ذلك أو أكثر هل يصلح ذلك ؟ قال : لا بأس به ، فقال له إسماعيل ابنه : يا أبتاه
لم يحفظ قال : أو ليس كذلك اعامل أكرتي يا بني ؟ أليس من أجل ذلك كثيرا ما
أقول لك الزمني فلا تفعل ؟ فقام إسماعيل فخرج ، فقلت جعلت فداك فما على إسماعيل
ألا يلزمك إذا كنت متى مضى افضيت الاشيآء إليه من بعدك كما افضيت الاشياء
إليك من بعد أبيك ؟
فقال : يا فيض إن إسماعيل ليس مني كما أنا من أبي ، قلت : جعلت فداك
فقد كان لاشك في أن الرحال تحط إليه من بعدك ، فإن كان ما نخاف ونسأل الله
من ذلك العافية فإلى من ؟ وأمسك عني ، فقبلت ركبتيه وقلت : ارحم شيبتي فانما
___________________________________________________________________
ونبه على خطأ ابن حجر في تقريب التهذيب حيث ذكر موته سنة 210 تابعا للذهبى في العبر
وغيره ، وكان سيدى دام ظله قد اعتمد قول ابن حجر في شرح مشيخة الاستبصار ج 4 ص 332
عمر أكثر من مائة سنة ، له كتاب المناسك ، وكتاب الحلال والحرام ولعله هو المسائل
التى سأل عنها أخاه موسى بن جعفر " ع " والاخبار دالة على جلالة قدره وعظم شأنه .
لا حظ أخباره في مقاتل الطالبيين ص 534 وص 540 وعمدة الطالب ص 241
وشرح مشيخة الفقيه ص 4 ورجال الشيخ الطوسى وغيرها .
( 1 ) ذكره مصعب الزبيرى في كتابه نسب قريش ص 63 والعميدى في مشجره
ص 76 والشيخ المفيد في ارشاده وقال : كان فاضلا نبيلا اه وقال مصعب في كتابه : لا بقية له .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 400 .
[260]
هي النار ، إني والله لو طمعت أن أموت قبلك ما باليت ، ولكني أخاف أن أبقى بعدك
فقال لي : مكانك ، ثم قام إلى ستر في البيت فرفعه ودخل ، فمكث قليلا ثم صاح
بي : يا فيض ادخل ، فدخلت فاذا هو بمسجد قد صلى وانحرف عن القبلة ، فجلست
بين يديه ، فدخل عليه أبو الحسن موسى عليه السلام وهو يومئذ غلام في يده درة فأقعده
على فخذه ، وقال له : بأبي أنت وامي ما هذه المخفقة التي بيدك ؟ فقال : مررت بعلي
أخي وهو في يده وهو يضرب بها بهيمة فانتزعتها من يده ، فقال لي أبوعبدالله عليه السلام :
يا فيض إن رسول الله افضيت إليه صحف إبراهيم وموسى فائتمن عليها عليا ثم
ائتمن عليها علي الحسن ، ثم ائتمن عليها الحسن الحسين ، وائتمن الحسين عليها علي
ابن الحسين ، ثم ائتمن عليها علي بن الحسين محمد بن علي ، وائتمن الحسين عليها أبي ، فكانت
عندي ، ولهذا ائتمنت ابني هذا عليها على حداثته وهي عنده ، فعرفت ما أراد .
فقلت : جعلت فداك زدني فقال : يا فيض إن أبي كان إذا أراد أن لا ترد له
دعوة أجلسني عن يمينه ودعا فأمنت فلا ترد له دعوة ، وكذلك أصنع بابني هذا
وقد ذكرت أمس بالموقف فذكرتك بخير ، قال فيض : فبكيت سرورا .
ثم قلت له : يا سيدي زدني فقال : إن أبي كان إذا أراد سفا وأنا معه فنعس
وكان على راحلته أدنيت راحلتي من راحلته فوسدته ذراعي الميل والميلين حتى
يقضي وطره من النوم ، وكذلك يصنع بي ولدي هذا ، فقلت : زدني جعلت فداك
فقال : يا فيض إني لاجد بابني هذا ما كان يعقوب يجده من يوسف ، فقلت : سيدي
زدني فقال : هو صاحبك الذي سألت عنه قم فأقر له بحقه ، فقمت حتى قبلت
يده ورأسه ودعوت الله له ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : أما إنه لم يؤذن لي في المرة
الاولى منك .
فقلت : جعلت فداك اخبر به عنك ؟ قال : نعم أهلك وولدك ورفقاءك وكان
معي أهلي وولدي وكان معي يونس بن ظبيان من رفقائي ، فلما أخبرتهم وحمدوا
الله على ذلك ، وقال يونس : لا والله حتى أسمع ذلك منه وكانت فيه عجلة ، فخرج
فاتبعته ، فلما انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول له - وقد سبقني