[261]
يونس - : الامر كما قال لك فيض اسكت واقبل فقال : سمعت وأطعت ، ثم دخلت
فقال لي أبوعبدالله عليه السلام حين دخلت : يا فيض زرقه قلت له قد فعلت ( 1 ) .
28 - نى : ابن عقدة ، عن جعفر بن عبدالله المحمدي ، عن ابن فضال ، عن
صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : وصف إسماعيل أخي لابي عبدالله عليه السلام
دينه واعتقاده فقال : إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنكم - ووصفهم
يعني الائمة واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبي عبدالله عليه السلام .
قال : وإسماعيل من
بعدك ؟ قال : أما إسماعيل فلا ( 2 ) .
29 - كش : الفطحية هم القائلون بإمامة عبدالله بن جعفر بن محمد عليه السلام و
سموا بذلك لانه قيل : إنه كان أفطح الرأس ، وقال بعضهم : كان أفطح الرجلين
وقال بعضهم : إنهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال له عبدالله بن فطيح ، و
الذين قالوا بإمامته عامة مشايخ العصابة وفقهاؤها مالوا إلى هذه المقالة ، فدخلت
عليهم الشبهة لما روي عنهم عليهم السلام أنهم قالوا : الامامة في الاكبر من ولد الامام
إذا مضى إمام .
ثم منهم من رجع عن القول بامامته لما امتحنه بمسائل من الحلال والحرام
لم يكن عنده فيها جواب ، ولما ظهر منه من الاشيآء التي لا ينبغي أن تظهر من الامام .
ثم إن عبدالله مات بعد أبيه بسبعين يوما فرجع الباقون إلا شذاذا منهم عن
القول بامامته إلى القول بامامة أبي الحسن موسى عليه السلام ورجعوا إلى الخبر الذي
روي أن الامامة لا تكون في الاخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام ، وبقي شذاذ
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 261 سطر 19 الى ص 269 سطر 18
منهم على القول بامامته ، وبعد أن مات قال بامامة أبي الحسن موسى عليه السلام .
وروي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال لموسى : يا بني إن أخاك سيجلس
مجلسي ويدعي الامامة بعدي فلا تنازعه بكلمة فانه أول أهلي لحوقا بي ( 3 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) غيبة النعمانى ص 176 .
( 2 ) نفس المصدر ص 176 .
( 3 ) رجال الكشى ص 164 .
[262]
بيان : قال الجوهري : رجل أفطح بين الفطح أي عريض الرأس .
30 - كش : جعفر بن محمد ، عن الحسن بن علي بن التعمان ، عن أبي يحيى
عن هشام بن سالم قال : كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبدالله عليه السلام أنا ومؤمن الطاق و
أبوجعفر والناس مجتمعون على أن عبدالله صاحب الامر بعد أبيه ، فدخلنا عليه أنا
وصاحب الطاق والناس مجتمعون عند عبدالله وذلك أنهم رووا عن أبي عبدالله عليه السلام
أن الامر في الكبير مالم يكن به عاهة ، فدخلنا نسأله عما كنا نسأل عنه أباه
فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟ قال : في مأتين خمسة ، قلنا : ففي مائة ؟ قال : درهمان
ونصف ، قلنا له : والله ما تقول المرجئة هذا ، فرفع يده إلى السماء فقال : لا والله
ما أدري ما تقول المرجئة ، قال : فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه
أنا وأبو جعفر الاحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى
من نقصد وإلى من نتوجه ؟ نقول : إلى المرجئة ، إلى القدرية ، إلى الزيدية ، إلى
المعتزلة ، إلى الخوارج ! قال : فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ
إلي بيده ، فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر ، وذلك أنه كان له بالمدينة
جواسيس ينظرون على من اتفق شيعة جعفر عليه الصلاة والسلام فيضربون عنقه
فخفت أن يكون منهم .
فقلت لابي جعفر : تنح فإني خائف على نفسي وعليك ، وإنما يريدني ليس
يريدك ، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك ، فتنحى غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك
أني ظننت أني لا أقدر على التخلص منه ، فما زلت أتبعه حتى وردبي على باب أبي
الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى ، فاذا خادم بالباب ، فقال لي : ادخل رحمك
الله ، قال : فدخلت فاذا أبوالحسن عليه السلام فقا لي ابتداءا : لا إلى المرجئة ، ولا
إلى القدرية ، ولا إلى الزيدية ، ولا إلى المعتزلة ، ولا إلى الخوارج ، إلي إلي إلي
قال : فقلت له : جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال : نعم قلت : جعلت فداك من لنا بعده ؟
فقال : إن شاء الله أن يهديك هداك ، قلت جعلت : فداك إن عبدالله يزعم أنه من
بعد أبيه قال : يريد عبدالله أن لا يعبدالله ، قال : قلت له : جعلت فداك لمن لنا بعده ؟
[263]
فقال : إن شاءالله أن يهديك هداك أيضا ، قلت : جعلت فداك أنت هو ؟ قال لي : ما
أقول ذلك .
قلت في نفسي : لم اصب طريق المسألة قال قلت : جعلت فداك عليك إمام ؟ قال :
لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له وهيبة أكثر ما كان يحل بي من أبيه إذا
دخلت عليه ، قلت : جعلت فداك أسألك عما كان يسأل أبوك ؟ .
فقال : سل تخبرو لا تذع فان أذعت فهو الذبح ، فسألته فاذا هو بحر ، قال :
قلت : جعلت فداك شيعتك وشعية أبيك ضلال فالقي إليهم وأدعوهم إليك فقد أخذت
علي بالكتمان ؟ قال : من آنست منهم رشدا فألق عليهم وخذ عليهم بالكتمان ، فان أذاعوا
فهو الذبح وأشار بيده إلى حلقه ، قال : فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر فقال لي : ما
وراك ؟ قال : قلت : الهدى قال : فحدثته بالقصة ، ثم لقيت المفضل بن عمرو أبا بصير
قال : فدخلوا عليه وسلموا وسمعوا كلامه وسألوه ثم قطعوا عليه ، ثم قال : ثم
لقيت الناس أفواجا قال : فكان كل من دخل عليه قطع عليه إلا طائفة مثل عمار
وأصحابه ، فبقي عبدالله لا يدخل عليه أحد إلا قليلا من الناس ، قال : فلما رأى
ذلك وسأل عن حال الناس قال : فاخر أن هشام بن سالم صد عنه الناس ، فقال
هشام : فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني ( 1 ) .
31 - كش : حمدويه ، عن الخشاب ، عن ابن أسباط وغيره ، عن علي بن جعفر
ابن محمد قال : قال لي رجل أحسبه من الواقفة : ما فعل أخوك أبو الحسن ؟ قلت :
قدمات ، قال : وما يدريك بذلك ؟ قال : قلت : اقتسمت أمواله وانكحت نساؤه و
نطق الناطق من بعده .
قال : ومن الناطق من بعده ؟ قلت : ابنه علي قال : فما فعل ؟ قلت له : مات
قال : وما يدريك أنه مات ؟ قلت : قسمت أمواله ونكحت نساؤه ونطق الناطق من بعده
قال : ومن الناطق من بعده ؟ قلت : أبوجعفر ابنه ، قال فقال له : أنت في سنك وقدرك
وأبوك جعفر بن محمد تقول هذا القول في هذا الغلام ؟ قال : قلت ما أراك إلا شيطانا
___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 182 .
[264]
قال : ثم أخذ بلحيته فرفعها إلى السماء ، ثم قال : فما حيلتي إن كان الله رآه أهلا
لهذا ، ولم يرهذه الشيبة لهذا أهلا ( 1 ) .
32 - كش : نصر بن الصباح ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن الحسين بن
موسى بن جعفر ، قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وعنده علي بن جعف وأعرابي
من أهل المدينة جالس ، فقال لي الاعرابي : من الفتى ؟ وأشار إلى أبي جعفر عليه السلام
قلت هذا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يا سبحان الله ، رسول الله قد مات منذ مأتي سنة
وكذا وكذا سنة ، وهذا حدث كيف يكون هذا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت : هذا
وصي علي بن موسى ، وعلي وصي موسى بن جعفر ، وموسى وصي جعفر بن محمد
وجعفر وصي محمد بن علي ، ومحمد وصي علي بن الحسين ، وعلي وصي الحسين
والحسين وصي الحسن ، والحسن وصي علي بن أبي طالب ، وعلي بن أبي طالب
وصي رسول الله صلوات الله عليهم .
قال : ودنا الطبيب ليطقع له العرق ، فقام علي بن جعفر فقال : يا سيدي
تبدأ بي لتكون حدة الحديد في قبلك ، قال قلت : يهنئك هذا عم أبيه قال : وقطع له
العرق ، ثم أراد أبوجعفر عليه السلام النهوض فقام علي بن جعفر عليهما السلام فسوى له نعليه
حتى يلبسهما ( 2 ) .
33 - كا : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن
الميثمي ، عن عن أبان ، عن عبدالله بن راشد قال : كنت مع أبي عبدالله عليه السلام حى مات
إسماعيل ابنه فانزل في قبره ثم رمى بنفسه على الارض مما يلي القبلة ، ثم قال :
هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإبراهيم ( 3 ) .
34 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن زرارة
قال : رأيت ابنا لابي عبدالله عليه السلام في حياة أبي جعفر عليه السلام يقال له عبدالله قطيم ( 4 ) قد
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ص 269 .
( 2 ) المصدر السابق ص 269 .
( 3 ) الكافى ج 3 ص 194 بزيادة في آخره .
( 4 ) الفطيم : الطفل الذى انتهت مدة رضاعه ففطم ، ودرج بمعنى مشى .
[265]
درج : فقلت له : يا غلام من ذا الذي إلى جنبك ؟ - لمولى لهم - فقال : هذا مولاي
فقال له المولى - يمازحه : لست لك بمولى فقال : ذاك شر لك ، فطعن في جنازة
الغلام فمات فاخرج في سفط إلى البقيع ، فخرج أبوجعفر عليه السلام وعليه جبة خز
صفراء وعمامة صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي
والناس يعزونه على ابن ابنه .
فلما انتهى إلى البقيع تقدم تقدم أبوجعفر عليه السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم
أمر به فدفن ، ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال : إنه لم يكن يصلى على الاطفال
إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمربهم فيدفنون من وراء ولا يصلى عليهم ، و
إنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم ( 1 ) .
بيان : قد درج أي كان ابتداء مشيه ، قوله ذاك شر لك : أي نفي كونك
مولى لي شر لك ، إذ كونك مولى لي شرف لك .
قوله : في جنازة الغلام كأنه من باب مجاز المشارفة ، وفي التهذيب ( 2 ) جنان وهو
أظهر ، وقيل هو حتار بالكسر ، قال في القاموس ( 3 ) الحتار حلقة الدبر أو ما بينه
وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ورتق الجفن ، وشئ في أقصى فم البعير .
قوله : من وراء ، في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا ، وقال في
النهاية ( 4 ) ومنه حديث الشفاعة يقول إبراهيم : إني كنت خلايلا من وراء وراء
هكذا يروى مبنيا على الفتح أي من خلف حجاب .
ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : أشئ سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وآله أو من وراء وراء ؟ أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال لولد الولد
___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 3 ص 206 .
( 2 ) التهذيب ج 3 ص 198 وفي المطبوع حديثا " في جنازة الغلام " وأخرجه الشيخ
أيضا في الاستبصار ج 1 ص 479 .
( 3 ) القاموس ج 2 ص 4 .
( 4 ) النهاية ج 4 ص 207 .
[266]
الوراء .
انتهى .
أقول : الظاهر أنه كناية إما عن عدم الاحضار في محضر الجماعة للصلاة
عليه ، أو عدم إحضار الناس وإعلامهم لذلك .
ويحتمل أن يكون بيانا للضمير في يدفنون أي كان يفعل ذلك بعد النبي صلى الله عليه وآله
وبعد الازمنة المتصلة بعصره ، فيكون الغرض بيان كون هذا الحكم مستمرا من
زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى الاعصار بعده ، فيظهر كون فعلهم على خلافه بدعة واضحة .
35 - كا : الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن محمد بن خلاد الصيقل
عن محمد بن الحسن بن عماد قال : كنت عند علي بن جعفر بن محمد عليهما السلام جالسا وكنت
أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمع من أخيه - يعني أبا الحسن - إذ دخل عليه
أبوجعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام المسجد مسجد رسول الله فوثب علي بن جعفر بلا
حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه .
فقال له أبوجعفر عليه السلام : يا عم اجلس رحمك الله فقال : يا سيدي كيف
أجلس وأنت قائم ؟ ! فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه
ويقولون : أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟ فقال : اسكتوا إذا كان الله عزوجل
- وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، انكر
فضله ؟ نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد ( 1 ) .
36 - يب : الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم
قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فسطاطه وهو يكلم امرأة فأبطأت عليه فقال ادنه !
هذه ام إسماعيل جاءت وأنا أزعم أن هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجها عام
أول ، كنت أردت الاحرام فقلت : ضعوا لي الماء في الخباء ، فذهبت الجارية بالمآء
فوضعته فاستخففتها فأصبت منها ، فقلت : اغسلي رأسك وامسحيه مسحا شديدا لا تعلم
به مولاتك ، فاذا أردت الاحرام فاغسلي جسدك ولا تغسلي رأسك فتستريب مولاتك
___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 1 ص 322 .
[267]
فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول شيئا فمست مولاتها رأسها فإذا لزوجة
المآء ، فحلقت رأسها وضربتها ، فقلت لها : هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجك ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام فاستخففتها أي فوجدت إتيانها خفيفة سهلة ، ويحتمل أن
يكون كناية عن المروادة من قولهم استخف فلانا عن رأيه أي حمله على الخفة و
الجهل وأزاله عن رأيه .
37 - يب : الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن إسماعيل
ابن جابر قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام حين مات ابنه إسماعيل الاكبر فجعل
يقبله وهو ميت ، فقلت : جعلت فداك أليس لا ينبغي أن يمس الميت بعد ما يموت ؟
ومن مسه فعليه الغسل ، فقال : أما بحراراته فلا بأس ، إنما ذلك إذا برد ( 2 ) .
38 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن حريز قال : كانت
لاسماعيل بن أبي عبدالله دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال
إسماعيل : يا أبه إن فلانا يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دينارا أفترى
أن أدفعها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن ؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا بني أما
بلغك أنه يشرب الخمر ؟ فقال إسماعيل : هكذا يقول الناس ، فقال عليه السلام : يا بني
لا تفعل .
فعصى إسماعيل أباه ودفع إليه دنانيره فاستهلكها ولم يأته بشئ منها ، فخرج
إسماعيل وقضي أن أبا عبدالله عليه السلام حج وحج إسماعيل تلك السنة فجعل يطوف
بالبيت ويقول : اللهم آجرني واخلف علي ، فلحقه أبوعبدالله عليه السلام فهمزه بيده من
خلفه ، وقال له : مه يا بني فلا والله ما لك على الله هذا ، ولا لك أن يؤجرك ولا
يخلف عليك ، وقد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته .
فقال اسماعيل : يا أبه إني لم أره يشرب الخمر إنما سمعت الناس يقولون
فقال : يا بني إن الله عزوجل يقول في كتابه : " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " ( 3 )
___________________________________________________________________
( 1 ) التهذيب ج 1 ص 134 وأخرجه الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 124 .
( 2 ) نفس المصدر ج 1 ص 429 .
/ / ( 3 ) سورة التوبة ، الاية 61 .
[268]
يقول : يصدق لله ويصدق للمؤمنين ، فاذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم ولا تأتمن
شارب الخمر فان الله عزوجل يقول في كتاب " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ( 1 )
فأي سفيه أسفه من شارب الخمر ، إن شارب الخمر لا يزوج إذا خطب ، ولا يشفع
إذا شفع ، ولا يؤتمن على أمانة ، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي
ائتمنه على الله أن يؤجره ولا يخلف عليه ( 2 ) .
اقول : أوردنا بعض أحوال محمد بن جعفر في باب احتجاج الرضا عليه السلام على
أرباب الملل ، وبعض أحوال إسماعيل في باب مكارم أخلاق أبيه عليه السلام
39 - محص : باسناده ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت معتبا يحدث أن
إسماعيل بن أبي عبدالله عليه السلام حم حمى شديدة فأعلموا أبا عبدالله عليه السلام بحماه فقال :
ائته فسله أي شئ علمت اليوم من سوء فعجل الله عليك العقوبة ؟ قال : فأتيته
فاذا هو موعوك ، فسألته عما عمل فسكت ، وقيل لي : إنه ضرب بنت زلفى اليوم
بيده فوقعت على دراعة الباب فعقروجهها ، فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فأخبرته بما قالوا
فقال : الحمد لله إنا أهل بيت يعجل الفر لاولادنا العقوبة في الدنيا ، ثم دعا بالجارية
فقال : اجعلي إسماعيل في حل مما ضربك فقالت : هو في حل فوهب لها أبوعبدالله
عليه السلام شيئا ، ثم قال لي : اذهب فانظر ما حاله قال : فأتيته وقد تركته الحمى .
40 - ير : فضالة ، عن ابن عميرة ، عن ابن مسكان ، عن عمار بن حيان
قال : أخبرني أبوعبدالله عليه السلام ببر ابنه إسماعيل له وقال : لقد كنت احبه وقد ازداد
إلي حبا ، الخبر ( 3 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة النساء ، الاية : 5 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 299 .
( 3 ) وقع وهم من النساخ في وضع رمز ( ير ) الذى هو رمز لبصائر الدرجات ،
والصواب ( ين ) الذى هو رمز لكتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازى ، كما في ج 16
ص 25 باب بر الوالدين من البحار ، والحديث موجود في كتاب الزهد المذكور باب بر
الوالدين والقرابة والعشيرة والقطيعة وهو الحديث الثالث من الباب ، وتمام الخبر نقلا
[269]
أقول : سيأتي تمام في باب بر الوالدين .
41 - كتاب زيد النرسى : عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
ما بدا لله بداء أعظم من بداء بدا له في إسماعيل ابني ( 1 ) .
42 - ومنه : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إني ناجيت الله ونازلته في إسمعيل
ابني أن يكون من بعدي فأبى ربي إلا أن يكون موسى ابني ( 2 ) .
43 - ومنه : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن شيطانا قد ولع بابني إسماعيل
يتصور في صورته ليفتن به الناس وإنه لا يتصور في صورة نبي ولا وصي نبي ، فمن
قال لك من الناس : إن إسماعيل ابني حي لم يمت ، فانما ذلك الشيطان تمثل له
في صورة إسماعيل ، ما زلت أبتهل إلى الله عزوجل في إسماعيل ابني أن يحييه لي
ويكون القيم من بعدي فأبى ربي ذلك ، وإن هذا شئ ليس إلى الرجل منا يضعه
حيث يشآء ، وإنما ذلك عهد من الله عز وجل يعهده إلى من يشآء ، فشآء الله أن
يكون ابني موسى ، وأبي أن يكون إسماعيل ولو جهد الشيطان أن يتمثل بابني موسى
ما قدر على ذلك أبدا والحمد لله ( 3 ) .
___________________________________________________________________
عنه : ان رسول الله صلى الله عليه وآله أتته أخته من الرضاعة ، فلما أن نظر اليها سربها وبسط رداءه لها
فأجلسها عليه ، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها ثم قامت فذهبت ، ثم جاء أخوها فلم
يصنع به ما صنع بها ، فقيل يا رسول الله صنعت بأخته مالم تصنع به وهو رجل ؟ فقال : لانها
كانت أبر بأبيها منه .
( 1 و 2 و 3 ) أصل زيد النرسى ص 49 من الاصول الستة عشر طبع ايران .
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 269 سطر 19 الى ص 277 سطر 18
[270]
1 - ير : إبراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران الهمداني ، عن يونس
عن علي الصائغ ، قال : لقي أبا عبدالله عليه السلام محمد بن عبدالله بن الحسن ، فدعاه محمد
إلى منزله فأبى أن يذهب معه ، وأرسل معه إسماعيل وأومأ إليه أن كف ووضع يده على
فيه وأمره بالكف فلما انتهى إلى منزله أعاد إليه الرسول ليأتيه ، فأبى أبوعبدالله
عليه السلام وأتى الرسول محمدا فأخبره بامتناعه ، فضحك محمد ثم قال : ما منعه من إتياني
إلا أنه ينظر في الصحف ، قال : فرجع إسماعيل فحكى لابي عبدالله عليه السلام الكلام
فأرسل أبوعبدالله عليه السلام رسولا من قبله ، وقال : إن إسماعيل أخبرني بما كان منك
وقد صدقت إني أنظر في الصحف الاولى صحف إبراهيم وموسى ، فسل نفسك وأباك
هل ذلك عند كما ؟ قال : فلما أن بلغه الرسول سكت فلم يجب بشئ ، وأخبر
الرسول أبا عبدالله عليه السلام : بسكوته ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : اذا أصاب وجه الجواب
قل الكلام ( 1 ) .
2 - ير : أحمد بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، ع ابن بكير ، وأحمد بن
محمد ، عن محمد بن عبدالملك قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام نحوا من ستين رجلا وهو
وسطنا ، فجاء عبدالخالق بن عبد ربه فقال له : كنت مع إبراهيم بن محمد جالسا
فذكروا أنك تقول : إن عندنا كتاب علي ، فقال : لا والله ما ترك علي كتابا ، وإن
كان ترك علي كتابا ما هو إلا إهابين ، ولوددت أنه عند غلامي هذا لما ابالي عليه
___________________________________________________________________
( 1 ) بصائر الدرجات ج 3 باب 10 ص 37 .