[271]

قال : فجلس أبوعبدالله عليه السلام ثم أقبل علينا فقال : ما هو والله كما يقولون إنهما جفران مكتوب فيهما ، لا والله إنهما لاهابان عليهما أصوافهما وشعاهما مدحوسين كتبا في أحدهما وفي الآخر سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعندنا والله صحيفة طولها سبعون ذراعا ، ما خلق الله من حلال وحرام إلا وهو فيها حتى أن أرش الخدش وقال بظفره على ذراعه فخط به ، وعندنا مصحف فاطمة عليها السلام أما والله ما هو في القرآن ( 1 ) .
بيان : مدحوسين أي مملوءين .
3 - ير : محمد بن الحسين ، عن البزنطي ، عن حماد بن عثمان ، عن علي بن سعيد قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه السلام فقال رجل : جعلت فداك إن عبدالله ابن الحسن يقول : مالنا في هذا الامر ماليس لغيرنا ، فقال أبوعبدالله عليه السلام - بعد كلام - : أما تعجبون من عبدالله عزعم أن أباه عليا لم يكن إماما ويقول : إنه ليس عندنا علم ، وصدق والله ما عنده علم ، ولكن والله - وأهوى بيده إلى صدره - إن عندنا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسيفه ودرعه ، وعندنا والله مصحف فاطمة ، ما فيه آية من كتاب الله ، وإنه لاملاء [ من إملاء ] رسول الله وخطه على بيده ، والجفر وما يدرون ما هو ، مسك شاة أو مسك بعير ( 2 ) .
4 - ير : ابن يزيد ، ومحمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن علي بن سعيد قال : كنت قاعدا عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده اناس من أصحابنا ، فقال له معلى بن خنيس : جعلت فداك ما لقيت من الحسن بن الحسن ؟ ثم قال له الطيار : جعلت فداك بينا أنا أمشي في بعض السكك إذ لقيت محمد بن عبدالله بن الحسن على حمار حله اناس من الزيدية فقال لي : أيها الرجل إلي إلي ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فذاك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله ، من شاء أقام ، من شاء ظعن ، فقلت له : اتق الله ولا يغرنك

___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 باب 14 ص 40 .
( 2 ) المصدر السابق ج 3 باب 14 ص 41 بزيادة في آخره .

[272]

هؤلاء الذين حولك .
فقال أبوعبدالله عليه السلام للطيار : فلم تقل له غيره ؟ قال : لا ، قال : فهلا قلت : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذلك والمسلمون مقرون له بالطاعة ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ووقع الاختلاف انقطع ذلك ، فقال محمد بن عبدالله بن علي : العجب لعبدالله بن الحسن إنه يهزأ ويقول : هذا في جفركم الذي تدعون ، فغضب أبوعبدالله عليه السلام فقال : العجب لعبد الله بن الحسن يقول : ليس فينا إمام صدق ، ماهو بامام ولا كان أبوه إمام ، يزعم أن علي بن أبي طالب عليه السلام لم يكن إمام ويرد ذلك ، وأما قوله : في الجفر فانما هو جلد ثور مذبوح كالجراب فيه كتب وعلم ما يحتاج الناس إليه إلى يوم القيامة من حلال وحرام ، إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخط علي عليه السلام بيده وفيه مصحف فاطمة مافيه آية من القرآن ، وإن عندي خاتم رسول الله ، درعه ، وسيفه ولواءه ، وعندي الجفر على رغم أنف من زعم ( 1 ) .
5 - ير : محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمان بن أبي هاشم ، وجعفر بن بشير عن عنبسة ، عن ابن خنيس قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ أقبل محمد بن عبدالله ابن الحسن فسلم عليه ثم ذهب ، ورق له أبوعبدالله عليه السلام ودمعت عينه ، فقلت له : لقد رأيتك صنعت به مالم تكن تصنع ؟ قال : رققت له لانه ينسب في أمر ليس له ، لم أجده في كتاب علي من خلفآء هذه الامة ولا ملوكها ( 2 ) .
6 - ير : ابن يعقوب ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن جماعة سمعوا أبا عبدالله عليه السلام يقول : وقد سئل عن محمد فقال : إن عندي لكتابين فيهما اسم كل نبي وكل ملك يملك ، لاوالله ما محمد بن عبدالله في أحدهما ( 3 ) .
7 - ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي ، عن القاسم بن محمد ، عن عبدالصمد ابن بشير ، عن فضيل سكره قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال : يا فضيل

___________________________________________________________________
( 1 ) بصائر الدرجات ج 3 باب 14 ص 41 .
( 2 ) نفس المصدر ج 4 باب 2 ص 45 .
( 3 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .

[273]

أتدري في أي شئ كنت أنظر فيه قبل ؟ قال : قلت : لا ، قال : كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام فليس ملك يملك إلا وفيه مكتوب اسمه واسم أبيه ، فما وجدت لولد الحسن فيه شيئا ( 1 ) .
بيان : لعل المراد أولاد الحسن عليه السلام الذين كانوا في ذلك الزمان .
8 - ير : علي بن اسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن ابن خنيس قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ما من بني ولا وصي ولا ملك إلا في كتاب عندي ، لا والله ما لمحمد بن عبدالله بن الحسن فيه اسم ( 2 ) .
9 - ير : عبدالله بن جعفر ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن العيص ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ( 3 ) .
10 - ج : روي عنه عليه السلام أنه قال : ليس منا إلا وله عدو من أهل بيته ، فقيل له : بنو الحسن لا يعرفون لمن الحق ؟ قال : بلى ولكن لمنعهم الحسد ( 4 ) .
11 - ج : عن ابن أبي يعفور ، قال : لقيت أنا ومعلى بن خنيس الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام فقال : يا يهودي ، فأخبرنا بما قال جعفر بن محمد عليه السلام فقال : هو والله أولى باليهودية منكما ، إن اليهودي من شرب الخمر ( 5 ) .
12 - ج : بهذا الاسناد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : لوتوفي الحسن ابن الحسن بالزنا والربا وشرب الخمر كان خيرا مما توفي عليه ( 6 ) .
13 - ن : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن سهل ، عن علي بن الريان ، عن الدهقان ، عن الحسين بن خالد [ الكوفي ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت :

___________________________________________________________________
( 1 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .
( 2 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .
( 3 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .
( 4 ) الاحتجاج ص 204 .
( 5 ) نفس المصدر ص 204 .
( 6 ) المصدر السابق ص 204 .

[274]

جعلت فداك حديث كان يريوه عبدالله ] ( 1 ) بن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : لقيت أبا عبدالله عليه السلام في السنة التي خرج فيها ابراهيم بن عبدالله بن الحسن فقلت له : جعلت فداك إن هذا قد ألف الكلام وسارع الناس إليه فما الذي تأمر به ؟ قال فقال : اتقوا الله واسكنوا ما سكنت السماء والارض الخبر ( 2 ) .
14 - كشف : عن الحافظ عبدالعزيز بن الاخضر ، قال : وقع بين جعفر عليه السلام وعبدالله بن الحسن كلام في صدر يوم فأغلظ له في القول عبدالله بن حسن ثم افترقا وراحا إلى المسجد ، فالتقيا على باب المسجد ، فقال أبوعبدالله جعفر بن محمد عليه السلام لعبدالله بن الحسن : كيف أمسيت يا أبا محمد ؟ فقال : بخير ، كما يقول المغضب ، فقال : يا أبا محمد أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب ، فقال : لا تزال تجئ بالشئ لا نعرفه ، قال : فإني أتلو عليك به قرآنا قال : وذلك أيضا قال : نعم ، قال : فهاته قال : قول الله عزوجل " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " ( 3 ) قال : فلا تراني بعدها قاطعا رحمنا ( 4 ) .
15 - عم : من كتاب نوادر الحكمة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي محمد الحميري ، عن الوليد بن العلا بن سيابة ، عن زكار بن أبي زكار الواسطي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ أقبل رجل فسلم ثم قبل رأس أبي عبدالله عليه السلام قال : فمس أبوعبدالله علهى السلام ثيابه وقال : ما رأيت كاليوم ثيبابا أشد بياضا ولا أحسن منها

___________________________________________________________________
( 1 ) مابين القوسين ساقط من مطبوعة الكمبانى وهو في المصدر .
( 2 ) عيون أخبار الرضا ( ع ) ج 1 ص 310 بتفاوت ، وتمام الخبر قال : وكان عبدالله بن بكير يقول : والله لئن كان عبيد بن زرارة صادقا فما من خروج وما من قائم ، قال : فقال لى أبوالحسن " ع " : ان الحديث على ما رواه عبيد وليس على ما تأوله عبدالله بن بكير ، انما عنى أبوعبدالله عليه السلام بقوله : ما سكنت السماء ، من النداء باسم صاحبكم ، وما سكنت الارض من الخسف بالجيش .
( 3 ) سورة الرعد ، الاية : 21 .
( 4 ) كشف الغمة ج 2 ص 381 .

[275]

فقال : جعلت فداك هذه ثياب بلادنا وجئتك منها بخير من هذه ، قال : فقال : يا معتب اقبضها منه ، ثم خرج الرجل ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : صدق الوصف و قرب الوقت ، هذا صاحب الرايات السود الذي يأتي بها من خراسان .
ثم قال : يا معتب الحقه فسله ما اسمه ، ثم قال لي : إن كان عبدالرحمان فهو والله هو ، قال : فرجع معتب ، فقال : قال : اسمي عبدالرحمان ، قال زكار ابن أبي زكار : فمكث زمانا فلما ولي ولد العباس نظرت إليه وهو يعطي الجند فقلت لاصحابه : من هذا الرجل ؟ فقالوا : هذا عبدالرحمان أبومسلم .
وذكر ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة قال : حدث أصحابنا أن محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن قال لابي عبدالله : والله إني لاعلم منك وأسخى منك وأشجع منك فقال : أما ما قلت إنك أعلم مني ، فقد أعتق جدي وجدك ألف نسمة من كديده فسمهم لي ، وإن أحببت أن اسميهم لك إلى آدم فعلت ، وأما ما قلت إنك أسخى مني ، فوالله مابت ليلة ولله علي حق يطالبني به ، وأما ما قلت إنك أشجع ، فكأني أرى رأسك وقد جيئ به ووضع على حجر الزنابير ، يسيل منه الدم إلى موضع كذا وكذا ، قال : فصار إلى أبيه وقال : يا أبه كلمت جعفر بن محمد بكذا فرد علي كذا فقال أبوه : يا بني آجرني الله فيك إن جعفرا أخبرني أنك صاحب حجرا الزنابير ( 1 ) .
16 - كش : حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : للقيت الحسن بن الحسن فقال : أما لنا حق ؟ أما لنا حرمة ؟ إذا اخترتم منا رجلا واحدا كفاكم ، فلم يكن له عندي جواب ، فلقيت أبا عبدالله عليه السلام فأخبرته بما كان من قوله ، فقال لي : القه فقل له : أتيناكم فقلنا : هل عندكم ماليس عند غيركم ؟ فقلتم لا فصدقناكم وكنتم أهل ذلك ، وأتينا بني عمكم فقلنا : هل عندكم ماليس عند الناس ؟ فقالوا : نعم فصدقناهم وكانوا أهل ذلك قال : فلقيته فقلت له ما قال لي .

___________________________________________________________________
( 1 ) اعلام الورى ص 272 .

[276]

فقال لي الحسن : فان عندنا ما ليس عند الناس فلم يكن عندي شئ ، فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فأخبرته فقال لي : القه وقل : إن الله عزوجل يقول في كتابه : " إيتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين " ( 1 ) فاقعدوا لنا حتى نسألكم ، قال : فلقيته فحاججته بذلك فقال : فأما عندكم شئ إلا تعيبونا إن كان فلان تفرغ وشغلنا فذاك الذي يذهب بحقنا ( 2 ) .
بيان : إلا تعيبونا أي إلا أن تعيبونا ، ويمكن أن يقرأ إلا بالفتح ليكون بدلا أوعطف بيان لقوله شئ ، وفلان كناية عن الصادق عليه السلام ، وغرضه أن تفرغه صار سببا لاعلميته ، واشتغالنا بالامور سببا لجهلنا .
17 - غط : جماعة ، عن البزوفري ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن عيسى عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن هشام بن أحمر ، عن سالمة مولاة أبي عبدالله قالت : كنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة واغمي عليه فلما أفاق قال : أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الافطس سبعين دينارا ، وأعط فلانا كذا ، وفلانا كذا ، فقلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك ؟ قال : تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " ( 3 ) نعم يا سالمة إن الله خلق الجنة فطيبها وطيب ريحها ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ( 4 ) .
18 - عم ( 5 ) شا : وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد الاصفهاني في أصل كتابه المعروف بمقاتل الطالبيين ( 6 ) أخبرني عمر بن عبدالله ، عن عمر بن

___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الاحقاف ، الاية : 4 .
( 2 ) رجال الكشى ص 230 .
( 3 ) سورة الرعد ، الاية : 21 .
( 4 ) الغيبة للشيخ الطوسى ص 128 .
( 5 ) اعلام الورى ص 271 - 272 .
( 6 ) مقاتل الطالبيين ص 205 - 208 .

[277]

شيبة ، عن الفضل بن عبدالرحمن الهاشمي ، وابن داجة قال أبوزيد : وحدثني عبدالرحمن بن عمرو بن جبلة ، عن الحسن بن أيوب مولى بني نمير ، عن عبدالاعلى ابن أعين ، قال : وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي الكرام الجعفري ، عن أبيه ، قال : وحدثني محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن يحيى قال : وحدثني عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، وقد دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين إن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالابواء وفيهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وأبوجعفر المنصور ، وصالح بن علي ، وعبدالله بن الحسن ، وابناه محمد وإبراهيم ، و محمد بن عبدالله بن عمر بن عثمان ، فقال صالح بن علي : قد علمتم أنكم الذين تمد الناس إليهم أعينهم وقد جمعكم الله في هذا الموضع فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه إياها من أنفسكم ، وتواثقوا على ذلك ، حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين ، فحمدالله عبدالله بن الحسن ، وأثنى عليه ثم قال : قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي فهلم لنبايعه .
وقال أبوجعفر : لاي شئ تخدعون أنفسكم والله لقد علمتم ما الناس إلى أحد أمور أعناقا ، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى - يريد به محمد بن عبدالله - قالوا : قدوالله صدقت إن هذا الذي نعلم فبايعوا محمد جميعا ومسحوا على يده .
قال عيسى : وجاء رسول عبدالله بن حسن إلى أبي أن : ائتنا فانا مجتمعون لامر ، وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد عليهما السلام ، وقال غير عيسى : إن عبدالله بن الحسن قال لمن حضر : لا تريدوا جعفرا فانا نخاف أن يفسد عليكم أمركم .

-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 277 سطر 19 الى ص 285 سطر 18 قال عيسى بن عبدالله بن محمد : فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا له فجئتهم ومحمد ابن عبدالله يصلي على طنفسة رحل مثية ، فقلت لهم : أرسلني أبي إليكم أسألكم لاي شئ اجتمعتم ؟ فقال عبدالله : اجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن عبدالله ، قال : وجاء جعفر بن محمد فأوسع له عبدالله بن الحسن إلى جنبه فتكلم بمثل كلامه فقال جعفر : لا تفعلوا فان هذا الامر لم يأت بعد ، إن كنت ترى - يعني عبدالله - أن ابنك هذا هو المهدي فليس به ، ولا هذا أوانه ، وإن كنت إنما تريد أن تخرجه غضبا لله وليأمر

[278]

بالمعروف وينهى عن المنكر ، فانا والله لا ندعك وأنت شيخنا ونبايع ابنك في هذا الامر .
فغضب عبدالله بن الحسن وقال : لقد علمت خلاف ما تقول والله ما أطلعك على غيبه ، ولكن يحملك على هذا ، الحسد لابني ، فقال : ما والله ذاك يحملني ولكن هذا وإخوته وأبناؤهم دونكم ، وضرب بيده على ظهر أبي العباس ، ثم ضرب بيده على كتف عبدالله بن الحسن قوال : إنها والله ماهى إليك ولا إلى ابنيك ولكنها لهم وإن ابنك لمقتولان ، ثم نهض فتوكأ على يد عبدالعزيز بن عمران الزهري فقال : أرأيت صاحب الرداء الاصفر ؟ - يعني أبا جعفر - فقال له : نعم ، قال : قال : إنا والله نجده يقتله .
قال له عبدالعزيز : أيقتل محمدا ؟ قال : نعم ، فقلت في نفسي حسده ورب الكعبة ، ثم قال : والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما ، قال : فلما قال جعفر عليه السلام ذلك ونهض القوم وافترقوا ، تبعه عبدالصمد وأبوجعفر فقالا : يا أبا عبدالله أتقول هذا ؟ قال : نعم أقوله والله وأعلمه ( 1 ) .
قال أبوالفرج ( 2 ) : وحدثني علي بن العباس المقانعي ، عن بكار بن أحمد عن حسن بن حسين ، عن عنبسة بن بجاد العابد ، قال : كان جعفر بن محمد عليه السلام إذا رأى محمد بن عبدالله بن الحسن تغرغرت عيناه ثم يقول : بنفسي هو ، إن الناس ليقولون فيه ، وإنه لمقتول ، ليس هو في كتاب علي من خلفاء هذه الامة ( 3 ) .
بيان : مار الشئ يمور مورا أي تحرك وجاء وذهب ، ومور العنق هنا كناية عن شدة التسليم والانقياد له وخفض الرؤوس عنده .
19 - كا : بعض أصحابنا ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن زنجويه ، عن عبدالله ابن الحكم الارمني ، عن عبدالله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال : أتينا خديجة بنت

___________________________________________________________________
( 1 ) الارشاد لمفيد ص 294 - 296 .
( 2 ) مقاتل الطالبيين ص 205 .
( 3 ) اعلام الورى ص 272 ، الارشاد ص 296 .

[279]

عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام نعزيها بابن بنتها ، فوجدنا عندها موسى بن عبدالله بن الحسن فاذا هي في ناحية قريبا من النساء فعزيناهم ، ثم أقبلنا عليه فاذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية قولي ، فقالت : اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الاله وثالثا عباسا واعدد علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرؤاسا فقال : أحسنت وأطربتيني زيديني ، فاندفعت تقول : ومنا إمام المتقين محمد * وحمزة منا والمهذب جعفر منا علي صهره وابن عمه * وفارسه ذاك الامام المطهر فأقمنا عنده حتى كاد الليل أن يجئ ، ثم قالت خديجة : سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول : إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا ، فاذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح ، ثم خرجنا فغدونا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها من دار أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام فقال : ( هذه دار تسمى دار السرق فقالت : هذا ما اصطفى مهدينا - تعني محمد بن عبدالله بن الحسن - تمازحه بذلك فقال موسى بن عبدالله : والله لاخبرنكم بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبدالله وأجمع على لقاء أصحابه فقال : لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام فانطلق وهو متكئ علي فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبدالله ، فلقيناه خارجا يريد المسجد فاستوقفه أبي وكلمه فقال له أبوعبدالله عليه السلام : ليس هذا موضع ذلك نتقي إن شاء الله .
فرجع أبي مسرورا ، ثم أقام حتى إذا كان العد أو بعده بيوم انطلقنا حتى أتيناه ، فدخل عليه أبي وأنا معه ، فابتدأ الكلام ثم قال له فيما يقول : قد علمت ( 2 )

___________________________________________________________________
( 1 ) القائل هو موسى بن عبدالله المعروف بالجون .
( 2 ) على صيغة المتكلم ، ويحتمل الامر وفديتك معترضة أى فديتك بنفسى ، " منه ره " عن هامش المطبوعة .

[280]

جعلت فداك أن السن ( 1 ) لي عليك فان في قومك من هو أسن منك ، ولكن الله عزوجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك ، وقد جئتك معتمدا لما أعلم من برك ، واعلم فديتك أنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك ، و لم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم ، فقال له أبو عبدالله عليه السلام : إنك تجد غيري أطوع لك مني ، ولا حاجة لك في ، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أوأهم بها ( 2 ) فأثقل عنها واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي فاطلب غيري وسله ذلك ، ولا تعلمهم أنك جئتني ، فقال له : إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها قال : وهجم علينا ناس فدخلوا كلامنا ، فقال أبي : جعلت فداك ما تقول ؟ فقال : نلتقي إن شاء الله ، فقال : أليس على ما احب ؟ قال : على ما تحب إن شاء الله من إصلاح حالك .
ثم انصرف حتى جاء البيت فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة - يقال له الاشقر على ليلتين من المدينة - فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب ثم عاد بعد ثلاثة أيام فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جونا فأبطأ الرسول ، ثم أذن لنا فدخلنا عليه ، فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه ثم قال : جعلت فداك قد عدت إليك راجيا مؤملا قد انبسط رجائي وأملي ورجوت الدرك لحاجتي .
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : يا ابن عم إني اعيذك بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه ، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا ، فجرى الكلام بينهما

___________________________________________________________________
( 1 ) ان السن لى عليك أى أنا أسن منك ، وغرضه من هذه الكلمات نفى امامته عليه السلام حتى يستقيم تكليفه بالبيعة ، ولم يعلم انها تدل على عدم امامة ابنه ايضا ، مع ان قوله قدم لك فضلا حجة عليه ولم يشعر به .
( منه ره ) عن هامش المطبوعة .
( 2 ) الهم فوق الارداة وكلمة " أو " بمعنى بل ، أو الشك من الراوى " منه ره " عن هامش المطبوعة .