1 ـ الإمام عليّ عليه السّلام
ـ في صِفَةِ
النَّبِيِّ صلّى الله عليه و آله ـ :
أجوَدُ النّاسِ كَفّاً، وأشرَحُهُم
صَدرًا ، وأصدَقُ النّاسِ لَهجَةً،
وأليَنُهُم عَريكَةً، وأكرَمُهُم
عِشرَةً . مَن رَآهُ بَديهَةً هابَهُ،
ومَن خالَطَهُ مَعرِفَةً أحَبَّهُ[1] .
2 ـ الإمام الحسن عليه السّلام : سَأَلتُ
خالي هِندَ بنَ أبي هالَةَ الَّتميمِيَّ ـ
وكانَ وَصّافًا ـ عَن حِليَةِ النَّبِيِّ
صلّى الله عليه و آله : صِف لي مَنطِقَهُ .
قالَ : كانَ رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه و
آله مُتَواصِلَ الأَحزانِ ، دائِمَ
الفِكرَةِ ، لَيسَت لَهُ راحَةٌ ، لا
يَتَكَلَّمُ في غَيرِ حاجَةٍ ، طَويلَ
السَّكتَةِ ، يَفتَتِحُ الكَلامَ
ويَختِمُهُ بِأَشداقِهِ[2] ، ويَتَكَلَّمُ
بِجَوامِعِ الكَلِمِ ، فَصلٌ لا فُضولٌ
ولا تَقصيرٌ ، دَمِثٌ[3] لَيسَ بِالجافي
ولَا المَهينِ ، يُعَظِّمُ النِّعمَةَ
وإن دَقَّت ، لا يَذُمُّ مِنها شَيئًا ، لا
يَذُمُّ ذَواقًا ولا يَمدَحُهُ ، لا
يَقومُ لِغَضَبِهِ إذا تَعَرَّضَ الحَقَّ
شَي ءٌ حَتّى يَنتَصِرَ لَهُ ، لا يَغضَبُ
لِنَفسِهِ ولا يَنتَصِرُ لَها . إذا أشارَ
أشارَ بِكَفِّه كُلِّها ، وإذا تَعَجَّبَ
قَلَبَها، وإذا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِها
، يَضرِبُ بِراحَتِهِ الُيمنى باطِنَ
إبهامِهِ اليُسرى ، وإذا غَضِبَ أعرَضَ
وأشاحَ[4] ، وإذا فَرِحَ غَضَّ طَرفَهُ .
جُلُّ ضِحكِهِ التَّبَسُّمُ ، ويَفتَرُّ
عَن مِثلِ حَبِّ الغَمامِ[5] [6] .
3 ـ الإمام الحسين عليه السّلام : سَأَلتُ
أبي عليه السّلام عَن ... مَجلِسِهِ [أي
رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله ]
فَقالَ : كانَ رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه
و آله لا يَجلِسُ ولا يَقومُ إلّا عَلى
ذِكرٍ ، ولا يوطِنُ الأَماكِنَ ، ويَنهى
عَن إيطانِها، وإذَا انتَهى إلى قَومٍ
جَلَسَ حَيثُ يَنتَهي بِهِ الَمجلِسُ
ويَأمُرُ بِذلِكَ، يُعطي كُلَّ
جُلَسائِهِ نَصيبَهُ ، لا يَحسِبُ
جَليسُهُ أنَّ أحَدًا أكرَمُ عَلَيهِ
(مِنهُ) ، مَن جالَسَهُ أو قاوَمَهُ في
حاجَةٍ صابَرَهُ حَتّى يَكونَ هُوَ
المُنصَرِفَ ، ومَن سَأَلَهُ حاجَةً لَم
يَرُدَّهُ إلّا بِها أو بِمَيسورٍ مِنَ
القَولِ ، قَد وَسِعَ النّاسَ مِنهُ
بَسطُهُ وخُلُقُهُ ، فَصارَ لَهُم أبًا
وصاروا عِندَهُ فِي الحَقِّ سَواءً ،
مَجلِسُهُ مَجلِسُ حِلمٍ وحَياءٍ وصَبرٍ
وأمانَةٍ ، لا تُرفَعُ فيهِ الأَصواتُ ،
ولا تُؤبَنُ فيهِ الحُرَمُ[7] ، ولا تُنثى
فَلَتاتُهُ[8] ، مُتعادِلينَ يَتَفاضَلونَ
فيهِ بِالتَّقوى ، مُتَواضِعينَ ،
يُوَقِّرونَ فيهِ الكَبيرَ ، ويَرحَمونَ
فيهِ الصَّغيرَ ، ويُؤثِرونَ ذَا
الحاجَةِ ، ويَحفَظونَ الغَريبَ .
قُلتُ : كَيفَ كانَ سيرَتُهُ في
جُلَسائِهِ ؟ فَقالَ : كانَ رَسولُ اللهِ
صلّى الله عليه و آله دائِمَ البِشرِ ،
سَهلَ الخُلُقِ ، لَيِّنَ الجانِبِ ،
لَيسَ بِفَظٍّ ولا غَليظٍ ، ولا سَخّابٍ
ولا فَحّاشٍ ولا عَيّابٍ ولا مَزّاحٍ ،
يَتَغافَلُ عَمّا لا يَشتَهي ، ولا
يُؤيِسُ مِنهُ ولا يُحَبِّبُ فيهِ ، قد
تَرَكَ نَفسَهُ مِن ثَلاثٍ : المِراءِ ،
وَالإِكثارِ ، وما لا يَعنيهِ، وتَرَكَ
النّاسَ مِن ثَلاثٍ : كانَ لا يَذُمُّ
أحَدًا ولا يُعَيِّرُهُ ، ولا يَطلُبُ
عَورَتَهُ ، ولا يَتَكَلَّمُ إلّا فيما
رَجا ثَوابَهُ . إذا تَكَلَّمَ أطرَقَ
جُلَساؤُهُ كَأَنَّما عَلى رُؤوسِهِمُ
الطَّيرُ ، فَإِذا سَكَتَ تَكَلَّموا ولا
يَتَنازَعونَ عِندَهُ ، مَن تَكَلَّمَ
أنصَتوا لَهُ حَتّى يَفرُغَ . حَديثُهُم
عِندَهُ حَديثُ أوَّلِهِم ، يَضحَكُ
مِمّا يَضحَكونَ مِنهُ ، ويَتَعَجَّبُ
مِمّا يَتَعَجَّبونَ مِنهُ، ويَصبِرُ
لِلغَريبِ عَلَى الجَفوَةِ في مَنطِقِهِ
ومَسأَلَتِهِ حَتّى إذا كانَ أصحابُهُ
لَيَستَجلِبونَهُم، ويَقولُ : إذا
رَأَيتُم طالِبَ الحاجَةِ يَطلُبُها
فَأَرفِدوهُ . ولا يَقبَلُ الثَّناءَ إلّا
مِن مُكافِئٍ[9] ، ولا يَقطَعُ عَلى أحَدٍ
حَديثَهُ حَتّى يَجوزَ فَيَقطَعَهُ
بِنَهيٍ أو قِيامٍ[10] .
4 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : ما أكَلَ
رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه و آله
مُتَّكِئًا مُنذُ بَعَثَهُ اللهُ
عَزَّوجَلَّ إلى أن قَبَضَهُ تَواضُعًا
ِللهِ عَزَّوجَلَّ ، وماأرى رُكبَتَيهِ
أمامَ جَليسِهِ في مَجلِسٍ قَطُّ ، ولا
صافَحَ رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه و آله
رَجُلاً قَطُّ فَنَزَعَ يَدَيهِ مِن
يَدِهِ حَتّى يَكونَ الرَّجُلُ هُوَ
الَّذي يَنزِعُ يَدَهُ ، ولا كافَأَ
رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه و آله
بِسَيِّئَةٍ قَطُّ ، قالَ اللهُ تَعالى
لَهُ : اِدفَع بِالَّتي هِيَ أحسَنُ
السَّيِّئَةَ [11] فَفَعَلَ ، وما مَنَعَ
سائِلاً قَطُّ ، إن كانَ عِندَهُ أعطى
وإلّا قالَ : يَأتِي اللهُ بِهِ . ولا أعطى
عَلَى اللهِ عَزَّوجَلَّ شَيئًا قَطُّ
إلّا أجازَهُ اللهُ، إن كانَ لَيُعطِي
الجَنَّةَ فَيُجيزُ اللهُ عَزَّوجَلَّ
لَهُ ذلِكَ[12] .
5 ـ خارِجَةُ بنُ زَيدٍ : إنَّ نَفَرًا
دَخَلوا عَلى أبيهِ زَيدِ بنِ ثابِتٍ
فَقالوا : حَدِّثنا عَن بَعضِ أخلاقِ
النَّبِيِّ صلّى الله عليه و آله ، فَقالَ
: كُنتُ جارَهُ ، فَكانَ إذا نَزَلَ
الوَحيُ بَعَثَ إلَيَّ فَآتيهِ فَأَكتُبُ
الوَحيَ . وكُنّا إذا ذَكَرنَا الدُّنيا
ذَكَرَها مَعَنا ، وإذا ذَكَرنَا
الآخِرَةَ ذَكَرَها مَعَنا ، وإذا
ذَكَرنَا الطَّعامَ ذَكَرَهُ مَعَنا ،
أوَكُلُّ هذا نُحَدِّثُكُم عَنهُ ؟[13]
6 ـ اِبنُ شَهرآشوبَ فِي المَناقِب ـ في
آدابِ رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله ـ
: كانَ لا يَجلِسُ إلَيهِ أحَدٌ وهُوَ
يُصَلّي إلّا خَفَّفَ صَلاتَهُ وأقبَلَ
عَلَيهِ ، وقالَ : ألَكَ حاجَةٌ ؟[14]
7 ـ جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ : كانَ رَسولُ
اللهِ صلّى الله عليه و آله يَتَخَلَّفُ
فِي المَسيرِ ، فَيُزجِي الضَّعيفَ
ويُردِفُ ويَدعو لَهُم[15] .
8 ـ أبو اُمامَةَ سَهلُ بنُ حُنَيفٍ
الأَنصارِيُّ عَن بَعضِ أصحابِ
النَّبِيِّ صلّى الله عليه و آله : إنَّ
رَسولَ اللهِ صلّى الله عليه و آله كانَ
يَعودُ مَرضى مَساكينِ المُسلِمينَ
وضُعَفائِهِم ، ويَتَّبِعُ جَنائِزَهُم،
ولا يُصَلّي عَلَيهِم أحَدٌ غَيرُهُ ،
وإنَّ امرَأَةً مِسكينَةً مِن أهلِ
العَوالي طالَ سُقمُها فَكانَ رَسولُ
اللهِ صلّى الله عليه و آله يَسأَلُ عَنها
مَن حَضَرَها مِن جيرانِها ، وأمَرَهُم أن
لايَدفِنوها إن حَدَثَ بِها حَدَثٌ
فَيُصَلِّيَ عَلَيها ، فَتُوُفِّيَت
تِلكَ المَرأَةُ لَيلاً وَاحتَمَلوها
فَأَتَوا بِها مَعَ الجَنائِزِ ـ أو قالَ :
موضِعَ الجَنائِزِ ـ عِندَ مَسجِدِ
رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله
لِيُصَلِّيَ عَلَيها رَسولُ اللهِ صلّى
الله عليه و آله كَما أمَرَهُم ،
فَوَجَدوهُ قَد نامَ بَعدَ صَلاةِ
العِشاءِ فَكَرِهوا أن يُهَجِّدوا[16]
رَسولَ اللهِ صلّى الله عليه و آله مِن
نَومِهِ ، فَصَلَّوا عَلَيها ثُمَّ
انطَلَقوا بِها ، فَلَمّا أصبَحَ رَسولُ
اللهِ صلّى الله عليه و آله سَأَلَ عَنها
مَن حَضَرَهُ مِن جيرانِها ، فَأَخبَروهُ
خَبرَها وأنَّهُم كَرِهوا أن يُهَجِّدوا
رَسولَ اللهِ صلّى الله عليه و آله لَها ،
فَقالَ لَهُم رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه
و آله : ولِمَ فَعَلتُم ؟ اِنطَلِقوا ،
فَانطَلَقوا مَعَ رَسولِ اللهِ صلّى الله
عليه و آله حَتّى قاموا عَلى قَبرِها،
فَصَفّوا وَراءَ رَسولِ اللهِ صلّى الله
عليه و آله كَما يُصَفُّ لِلصَّلاةِ عَلَى
الجَنائِزِ، فَصَلّى عَلَيها رَسولُ
اللهِ صلّى الله عليه و آله [17] .
9 ـ أنَسٌ : كانَ رَسولُ اللهِ صلّى الله
عليه و آله مِن أشَدِّ النّاسِ لُطفًا
بِالنّاسِ ، فَوَاللهِ ما كانَ يَمتَنِعُ
في غَداةٍ بارِدَةٍ مِن عَبدٍ ولا أمَةٍ
ولا صَبِيٍّ أن يَأتِيَهُ بِالماءِ
فَيَغسِلَ وَجهَهُ وذِراعَيهِ ، وما
سَأَلَهُ سائِلٌ قَطُّ إلّا أصغى إلَيهِ ،
فَلَم يَنصَرِف حَتّى يَكونَ هُوَ الَّذي
يَنصَرِفُ عَنهُ ، وما تَناوَلَ أحَدٌ
بِيَدِهِ قَطُّ إلّا ناوَلَها إيّاهُ ،
فَلَم يَنزِع حَتّى يَكونَ هُوَ الَّذي
يَنزِعُها مِنهُ[18].
10 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : إنَّ اللهَ
كَريمٌ حَليمٌ عَظيمٌ رَحيمٌ ، دَلَّنا
عَلى أخلاقِهِ وأمَرَنا بِالأَخذِ بِها
وحَمَلَ النّاسَ عَلَيها ، فَقَد
أدَّيناها غَيرَ مُتَخَلِّفينَ ،
وأرسَلناها غَيرَ مُنافِقينَ ،
وصَدَّقناها غَيرَ مُكَذِّبينَ ،
وقَبِلناها غَيرَ مُرتابينَ[19] .
11 ـ عنه عليه السّلام : كانَ رَسولُ اللهِ
صلّى الله عليه و آله مُكَفَّرًا لا
يُشكَرُ مَعروفُهُ[20] ، ولَقَد كانَ
مَعروفُهُ عَلَى القُرَشِيِّ
وَالعَرَبِيِّ وَالعَجَمِيِّ . ومَن كانَ
أعظَمَ مَعروفًا مِن رَسولِ اللهِ صلّى
الله عليه و آله عَلى هذَا الخَلقِ ؟!
وكَذلِكَ نَحنُ أهلَ البَيتِ مُكَفَّرونَ
لا يَشكُرونَنا ، وخِيارُ المُؤمِنينَ
مُكَفَّرونَ لا يُشكَرُ مَعروفُهُم[21] .
12 ـ عنه عليه السّلام : إنّا أهلُ بَيتٍ
اُمِرنا أن نُطعِمَ الطَّعامَ،
ونُؤَدِّيَ فِي النّاسِ البائِنَةَ ،
ونُصَلِّيَ إذا نامَ النّاسُ[22] .
13 ـ الإمام الحسن عليه السّلام : إنّا أهلُ
بَيتٍ إذا عَلِمنَا الحَقَّ تَمَسَّكَنا
بِهِ[23] .
14 ـ مُصعَبُ بنُ عَبدِ اللهِ : لَمَّا
استَكَفَّ[24] النّاسُ بِالحُسَينِ عليه
السّلام رَكِبَ فَرَسَهُ وَاستَنصَتَ
النّاسَ ، فَحَمِدَ اللهَ وأثنى عَلَيهِ ،
ثُمَّ قالَ : ... ألا وإنَّ الدَّعِيَّ ابنَ
الدَّعِيِّ قَد تَرَكَني بَينَ
السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وهَيهاتَ لَهُ
ذلِكَ مِنّي ، هَيهاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ
، أبَى اللهُ ذلِكَ لَنا ورَسولُهُ
وَالمُؤمِنونَ وحُجورٌ طَهُرَت وجُدودٌ
طابَت أن نُؤثِرَ طاعَةَ اللِّئامِ عَلى
مَصارِعِ الكِرامِ[25] .
15 ـ الإمام زين العابدين عليه السّلام :
إنَّ اللهَ تَعالى أعطانَا الحِلمَ
وَالعِلمَ وَالشَّجاعَةَ وَالسَّخاوَةَ
وَالَمحَبَّةَ في قُلوبِ المُؤمِنينَ[26] .
16 ـ أبو بَصيرٍ : قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍعليه
السّلام : كانَ رَسولُ اللهِ صلّى الله
عليه و آله يَتَعَوَّذُ مِنَ البُخلِ ؟
فَقالَ : نَعَم يا أبا مُحَمَّدٍ في كُلِّ
صَباحٍ ومَساءٍ ، ونَحنُ نَتَعَوَّذُ
بِاللهِ مِنَ البُخلِ ، يَقولُ اللهُ :
ومَن يوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَاُولئِكَ هُمُ
المُفلِحونَ [27] .
17 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : إنّا
أهلُ بَيتٍ إذا عَلِمنا مِن أحَدٍ خَيرًا
لَم تُزِل ذلِكَ عَنهُ مِنّا أقاويلُ
الرِّجالِ[28] .
18 ـ حَريزٌ أو غَيرُهُ : نَزَلَ عَلى أبي
عَبدِ اللهِ الصّادِقِ عليه السّلام
قَومٌ من جُهَينَةَ فَأَضافَهُم ،
فَلَمّا أرادُوا الرِّحلَةَ زَوَّدَهُم
ووَصَلَهُم وأعطاهُم ، ثُمَّ قالَ
لِغِلمانِهِ : تَنَحَّوا لا تُعينوهُم ،
فَلَمّا فَرَغوا جاؤوا لِيُوَدِّعوهُ ،
فَقالوا لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللهِ ،
لَقَد أضَفتَ فَأَحسَنتَ الضِّيافَةَ
وأعطَيتَ فَأَجزَلتَ العَطِيَّةَ ! ثُمَّ
أمَرتَ غِلمانَكَ أن لا يُعينونا عَلَى
الرِّحلَةِ ! فَقالَ عليه السّلام : إنّا
أهلُ بَيتٍ لا نُعينُ أضيافَنا عَلَى
الرِّحلَةِ مِن عِندِنا[29] .
19 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : لَيسَ
فِي الجُملَةِ مِن أخلاقِ الصّالِحينَ
ولا مِن شِعارِ المُتَّقينَ التَّكَلُّفُ
! مِن أيِّ بابٍ كانَ . قالَ اللهُ تَعالى
لِنَبِيِّهِ: قُل ما أسأَلُكُم عَلَيهِ
مِن أجرٍ وما أنَا مِنَ المُتَكَلِّفينَ
[30]. وقالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه و آله
: نَحنُ مَعاشِرَ الأَنبِياءِ
وَالاُمَناءِ وَالأَتقِياءِ بُرَآءُ
مِنَ التَّكَلُّفِ[31] .
20 ـ حَمّادُ بنُ عُثمانَ : أصابَ أهلَ
المَدينَةِ غَلاءٌ وقَحطٌ ، حَتّى أقبَلَ
الرَّجُلُ الموسِرُ يَخلِطُ الحِنطَةَ
بِالشَّعيرِ ويَأكُلُهُ ويَشتَري
بِبَعضِ الطَّعامِ . وكانَ عِندَ أبي
عَبدِاللهِ عليه السّلام طَعامٌ جَيِّدٌ
قَدِ اشتَراهُ أوَّلَ السَّنَةِ ، فَقالَ
لِبَعضِ مَواليهِ : اِشتَرِ لَنا شَعيرًا
فَاخلِط بِهذَا الطَّعامِ أو بِعهُ ،
فَإِنّا نَكرَهُ أن نَأكُلَ جَيِّدًا
ويَأكُلَ النّاسُ رَدِيًّا[32] .
21 ـ الإمام الكاظم عليه السّلام : ـ لَمّا
طَلَبَ مِنهُ السِّندِيُّ بنُ شاهَكَ أن
يُكَفِّنَهُ ـ : إنّا أهلُ بَيتٍ حَجُّ
صَرورَتِنا ومُهورُ نِسائِنا وأكفانُنا
مِن طَهورِ أموالِنا[33] .
22 ـ الإمام الرضا عليه السّلام : إنّا أهلُ
بَيتٍ وَرِثنَا العَفوَ مِن آلِ يَعقوبَ ،
ووَرِثنَا الشُّكرَ مِن آلِ داودَ[34] .
23 ـ عنه عليه السّلام ـ في كِتابِهِ
لِلفَضلِ بنِ سَهلٍ ـ : إنَّ مِن دينِهِم
[أيِ الأَئِمَّةِ عليهم السّلام ]
الوَرَعَ وَالعِفَّةَ ، وَالصِّدقَ
وَالصَّلاحَ وَالاِجتِهادَ ، وأداءَ
الأَمانَةِ إلَى البَرِّ وَالفاجِرِ ،
وطولَ السُّجودِ ، وَالقِيامَ بِاللَّيلِ
، وَاجتِنابَ الَمحارِمِ ، وَانتِظارَ
الفَرَجِ بِالصَّبرِ ، وحُسنَ الصُّحبَةِ
، وحُسنَ الجِوارِ ، وبَذلَ المَعروفِ ،
وكَفَّ الأَذى، وبَسطَ الوَجهِ ،
وَالنَّصيحَةَ ، وَالرَّحمَةَ
لِلمُؤمِنينَ[35] .
24 ـ عنه عليه السّلام : إنّا أهلُ بَيتٍ
نَرى وَعدَنا عَلَينا دَينًا كَما صَنَعَ
رَسولُ اللهِ صلّى الله عليه و آله [36] .
25 ـ عنه عليه السّلام : لَنا أهلَ البَيتِ
عِندَ نَومِنا عَشرُ خِصالٍ[37] :
الطَّهارَةُ ، وتَوَسُّدُ الَيمينِ ،
وتَسبيحُ اللهِ ثَلاثًا وثَلاثينَ ،
وتَحميدُهُ ثَلاثًا وثَلاثينَ ،
وتَكبيرُهُ أربَعًا وثَلاثينَ ،
ونَستَقبِلُ القِبلَةَ بِوُجوهِنا ،
ونَقرَأُ فاتِحَةَ الكِتابِ ، وآيَةَ
الكُرسِيِّ ، وشَهِدَ اللهُ أنَّهُ لا
إلهَ إلّا هُوَ ... إلى آخِرِها ، فَمَن
فَعَلَ ذلِكَ فَقَد أخَذَ بِحَظِّهِ مِن
لَيلَتِهِ[38] .
26 ـ عُبَيدُ بنُ أبي عَبدِ اللهِ
البَغدادِيُّ عَمَّن أخبَرَهُ : نَزَلَ
بِأَبِي الحَسَنِ الرِّضاعليه السّلام
ضَيفٌ، وكانَ جالِسًا عِندَهُ
يُحَدِّثُهُ في بَعضِ اللَّيلِ ،
فَتَغَيَّرَ السِّراجُ، فَمَدَّ
الرَّجُلُ يَدَهُ لِيُصلِحَهُ،
فَزَبَرَهُ أبُو الحَسَنِ عليه السّلام ،
ثُمَّ بادَرَهُ بِنَفسِهِ فَأَصلَحَهُ ،
ثُمَّ قالَ لَهُ : إنّا قَومٌ لا
نَستَخدِمُ أضيافَنا[39] .
27 ـ إبراهيمُ بنُ العَبّاسِ : مارَأَيتُ
أبَا الحَسَنِ الرِّضاعليه السّلام جَفا
أحَدًا بِكَلِمَةٍ قَطُّ، ولا رَأَيتُهُ
قَطَعَ عَلى أحَدٍ كَلامَهُ حَتّى
يَفرُغَ مِنهُ ، وما رَدَّ أحَدًا عَن
حاجَةٍ يَقدِرُ عَلَيها ، ولا مَدَّ
رِجلَهُ بَينَ يَدَي جَليسٍ لَهُ قَطُّ ،
ولَا اتَّكَأَ بَينَ يَدَي جَليسٍ لَهُ
قَطُّ ، ولا رَأَيتُهُ شَتَمَ أحَدًا مِن
مَواليهِ ومَماليكِهِ قَطُّ ، ولا
رَأَيتُهُ تَفَلَ ، ولا رَأَيتُهُ
يُقَهقِهُ في ضِحكِهِ قَطُّ ، بَل كانَ
ضِحكُهُ التَّبَسُّمَ . وكانَ إذا خَلا
ونَصَبَ مائِدَتَهُ أجلَسَ مَعَهُ عَلى
مائِدَتِهِ مَماليكَهُ ومَوالِيَهُ
حَتَّى البَوّابَ [ و السّائِسَ . وكانَ
عليه السّلام قَليلَ النَّومِ بِاللَّيلِ
كَثيرَ السَّهَرِ ، يُحيي أكثَرَ
لَياليهِ مِن أوَّلِها إلَى الصُّبحِ ،
وكانَ كَثيرَ الصِّيامِ ، فَلا يَفوتُهُ
صِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ فِي الشَّهرِ،
ويَقولُ : ذلِكَ صَومُ الدَّهرِ . وكانَ
عليه السّلام كَثيرَ المَعروفِ
وَالصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ ، وأكثَرُ
ذلِكَ يَكونُ مِنهُ فِي اللَّيالي
المُظلِمَةِ ، فَمَن زَعَمَ أنَّهُ رَأى
مِثلَهُ في فَضلِهِ فَلا تُصَدِّق[40] .
28 ـ الإمام الهادي عليه السّلام ـ فِي
الزِّيارَةِ الجامِعَةِ الَّتي يُزارُ
بِهَا الأَئِمَّةُ عليهم السّلام ـ :
كَلامُكُم نورٌ ، وأمرُكُم رُشدٌ ،
ووَصِيَّتُكُمُ التَّقوى ، وفِعلُكُمُ
الخَيرُ ، وعادَتُكُمُ الإِحسانُ ،
وسَجِيَّتُكُمُ الكَرَمُ ، وشَأنُكُمُ
الحَقُّ وَالصِّدقُ وَالرِّفقُ[41] .
(1)
سنن الترمذيّ : 5 / 599 / 3638 عن إبراهيم بن
محمّد من وَلَدِ عليّ بن أبي طالب عليه
السّلام .
(2) الأشداق : جوانب الفم (لسان العرب : 2 / 149)
والمراد: أنّه لا يفتح فاه كلّه .
(3) الدماثة : سهولة الخلق (لسان العرب : 2 / 149)
.
(4) أشاح : جَدَّ في الإعراض . (لسان العرب : 2 /
501)
(5) الغمام : السحاب ، وحبّ الغمام : البَرَد
، شُبّه به ثغرُه صلّى الله عليه و آله في
بياضه وصفائه وبرده . (لسان العرب : 1 / 293)
(6) دلائل النبوّة للبيهقيّ : 1 / 286 ، شُعب
الإيمان : 2 / 154 / 1430 ، الطبقات الكبرى : 1 / 422
، تهذيب الكمال : 1 / 214 كلّها عن ابن أبي
هالة التميميّ ، عيون أخبار الرضا عليه
السّلام : 1 / 317 / 1 ، معاني الأخبار : 81 / 1
كلاهما عن إسماعيل بن محمّد بن إسحاق عن
الإمام الرضا عن آبائه عن الإمام زين
العابدين عليهم السّلام ، مكارم الأخلاق :
1 / 43 / 1 عن كتاب محمّد بن إبراهيم بن إسحاق
عن ثقاته ، حلية الأبرار :1 / 171 .
(7) أي: يُذْكَرنَ بقبيح ، كان يصان مجلسه عن
رَفث القول . (النهاية : 1 / 17)
(8) أي: لاتُشاع ولاتُذاع ، ولايُتحدّث بتلك
الفلتات . (لسان العرب : 15 / 304)
(9) معناه : مَن صحّ عنده إسلامه حَسُن موقع
ثنائه عليه عنده ، ومن استشعر منه نفاقًا
وضعفًا في ديانته ألقى ثناء ه عليه ولم
يَحْفِل به . (معاني الأخبار : 89)
(10) دلائل النبوة للبيهقيّ : 1 / 290 ، وراجع
نفس المصادر في الحديث السابق .
(11) المؤمنون : 96 .
(12) الكافي : 8 / 164 / 175 عن معاوية بن وهب .
(13) السنن الكبرى : 7 / 83 / 13340 .
(14) المناقب لابن شهرآشوب : 1 / 147 .
(15) السنن الكبرى : 5 / 422 / 10352 .
(16) هجّد : أيقظ . (لسان العرب : 3 / 432)
(17) السنن الكبرى : 4 / 79 / 7019 .
(18) حلية الأولياء : 3 / 26 .
(19) تحف العقول : 175 ، بشارة المصطفى : 29
كلاهما عن كميل .
(20) في المصدر «معروف» والصحيح ما في المتن
.
(21) علل الشرائع : 560 / 3 عن الحسين بن موسى عن
الإمام الكاظم عن آبائه عليهم السّلام .
(22) الكافي : 4 / 50 / 4 عن جابر عن الإمام
الباقر عليه السّلام .
(23) مقاتل الطالبيّين : 76 عن سفيان بن الليل
.
(24) استكفّ به الناس : إذا أحدقوا به ،
واستكفّوا حوله : ينظرون إليه . (النهاية : 4
/ 190)
(25) الاحتجاج : 2 / 97 / 167 .
(26) منتخب الأثر : 172 / 96 نقلاً عن الكامل ،
معجم أحاديث الإمام المهدي : 3 / 200 ، وراجع :
ص 242 / 325 من كتابنا هذا .
(27) علل الشرائع : 548 / 4 ، قصص الأنبياء : 118 /
118 وليس فيه «يا أبا محمّد! ... بالله من
البخل» والآية 9 من سورة الحشر .
(28) بصائر الدرجات : 362 / 3 عن داود بن فرقد .
(29) أمالي الصدوق : 437 / 9 ، روضة الواعظين : 233
مرسلاً .
(30) ص : 86 .
(31) مصباح الشريعة : 208 .
(32) الكافي : 5 / 166 / 1 .
(33) الفقيه : 1 / 189 / 577 ، الإرشاد : 2 / 243 ، تحف
العقول : 412 ، روضة الواعظين : 243 ، فلاح
السائل : 72 ، الغيبة للطوسيّ : 30 / 6 .
(34) الكافي : 8 / 308 / 480 عن محمّد بن الحسين بن
يزيد . وقال عليّ بن أسباط بعد ذكر الحديث
عن محمّد بن الحسين : زعم أنّه كان كلمة
اُخرى ونسيها محمّد ، فقلت له : لعلّه ، قال
: وورثنا الصبر من آل أيّوب ! فقال : ينبغي .
(35) تحف العقول : 416 .
(36) تحف العقول : 446 ، مشكاة الأنوار : 173 وفيه
«ما وعدنا» .
(37) قال عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن
محمّد الطاووس : هكذا وجدتُ هذا الحديث ،
فإنّ الراوي ذكر عشر خصال ثمّ عدّد تسع
خصال ، فلعلّه سها في الجملة أو التفصيل ،
والظاهر أنّه في التفصيل لأنّ خصالهم عند
النوم أكثر من تسع كما رويناه . ولعلّه قد
وقع السهو عن ذكر قراء ة «قل هو الله أحد»
أو قراء ة «إنّا أنزلناه» . (البحار : 76 / 210)
(38) فلاح السائل : 280 عن الحسن بن عليّ
العلويّ .
(39) الكافي : 6 / 283 / 2 .
(40) عيون أخبار الرضا عليه السّلام : 2 / 184 / 7
.
(41) التهذيب : 6 / 100 / 177 ، وراجع : ص 156 / 169 من
كتابنا هذا .
|