5 / 1
الاِجتِهادُ فِي العَمَلِ
1 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : أنَا مَعَ
رَسولِ اللهِ صلّى الله عليه و آله ومَعي
عِترَتي وسِبطايَ عَلَى الحَوضِ ، فَمَن
أرادَنا فَليَأخُذ بِقَولِنا وَليَعمَل
عَمَلَنا[1] .
2 ـ حَمّادٌ اللَّحّامُ عَن أبي عَبدِ
اللهِ عليه السّلام أنَّ أباهُ قالَ : يا
بُنَيَّ ، إنَّكَ إن خالَفتَني فِي
العَمَلِ لَم تَنزِل مَعي غَدًا فِي
المَنزِلِ . ثُمَّ قالَ : أبَى اللهُ
عَزَّوجَلَّ أن يَتَوَلّى قَومٌ قَومًا
يُخالِفونَهُم في أعمالِهِم يَنزِلونَ
مَعَهُم يَومَ القِيامَةِ ، كَلّا ورَبِّ
الكَعبَةِ[2] .
3 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : مَن
أحَبَّنا فَليَعمَل بِعَمَلِنا ،
وليَتَجَلبَبِ الوَرَعَ[3] .
4 ـ عنه عليه السّلام : مَن أحَبَّنا
فَليَعمَل بَعَمَلِنا ، وَليَستَعِن
بِالوَرَعِ ، فَإِنَّهُ أفضَلُ
مايُستعانُ بِهِ في أمرِ الدُّنيا
وَالآخِرَةِ[4] .
5 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : خَرَجتُ
أنَا وأبي عليه السّلام حَتّى إذا كُنّا
بَينَ القَبرِ وَالمِنبَرِ إذا هُوَ
بِاُناسٍ مِنَ الشّيعَةِ فَسَلَّمَ
عَلَيهِم فَرَدّوا عَلَيهِ السَّلامَ ،
ثُمَّ قالَ : إنّي وَاللهِ لاُحِبُّ
رِياحَكُم وأرواحَكُم ، فَأَعينوني عَلى
ذلِكَ بِوَرَعٍ وَاجتِهادٍ ، وَاعلَموا
أنَّ وَلايَتَنا لا تُنالُ إلّا
بِالوَرَعِ وَالاِجتِهادِ ، ومَنِ
ائتَمَّ مِنكُم بِعَبدٍ فَليَعمَل
بِعَمَلِهِ[5] .
6 ـ الإمام المهديّ عليه السّلام ـ فيما
وَرَدَ عَنهُ إلَى الشَّيخِ المُفيدِ ـ :
فَليَعمَل كُلُّ امرِئً مِنكُم بِما
يَقرُبُ بِهِ مِن مَحَبَّتِنا ،
وَليَتَجَنَّب ما يُدنيهِ مِن كَراهَتِنا
وسَخَطِنا ، فَإِنَّ أمرَنا بَغتَةٌ
فُجأَةٌ حينَ لا تَنفَعُهُ تَوبَةٌ ولا
يُنجيهِ مِن عِقابِنا نَدَمٌ عَلى
حَوبَةٍ[6] .
راجع : ص 319 «القسم السابع / وصايا أهل البيت
/ الاجتهاد في العمل» .
5 / 2
حُبُّ مُحِبّيهِم
7 ـ حَنَشُ بنُ المُعتَمِرِ : دَخَلتُ عَلى
أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أبي
طالِبٍ عليه السّلام فَقُلتُ : السَّلامُ
عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ورَحمَةُ
اللهِ وبَرَكاتُهُ ، كَيفَ أمسَيتَ ؟ قالَ
: أمسَيتُ مُحِبًّا لُِمحِبِّنا ،
ومُبغِضًا لِمُبغِضِنا ، وأمسى مُحِبُّنا
مُغتَبِطًا بِرَحمَةٍ مِنَ اللهِ كانَ
يَنتَظِرُها ، وأمسى عَدُوُّنا يُؤَسِّسُ
بُنيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ ،
وكَأَنَّ ذلِكَ الشَّفا قَدِ انهارَ بِهِ
في نارِ جَهَنَّمَ ، وكَأَنَّ أبوابَ
الرَّحمَةِ قَد فُتِحَت لِأَهلِها ،
فَهَنيئًا لِأَهلِ الرَّحمَةِ
رَحمَتُهُم ، وَالتَّعسُ لِأَهلِ
النَّارِ وَالنّارُ لَهُم .
يا حَنَشُ ، مَن سَرَّهُ أن يَعلَمَ
أمُحِبٌّ لَنا أم مُبغِضٌ فَليَمتَحِن
قَلبَهُ ، فَإِن كانَ يُحِبُّ وَلِيًّا
لَنا فَلَيسَ بِمُبغِضٍ لَنا ، وإن كانَ
يُبغِضُ وَلِيَّنا فَلَيسَ بِمُحِبٍّ
لَنا ، إنَّ اللهَ تَعالى أخَذَ الميثاقَ
لُِمحِبِّنا بِمَوَدَّتِنا ، وكَتَبَ فِي
الذِّكرِ اسمَ مُبغِضِنا ، نَحنُ
النُّجَباءُ وأفراطُنا أفراطُ
الأَنبِياءِ[7] .
8 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : مَن أحَبَّ
اللهَ أحَبَّ النَّبِيَّ ، ومَن أحَبَّ
النَّبِيَّ أحَبَّنا ، ومَن أحَبَّنا
أحَبَّ شيعَتَنا[8] .
9 ـ الإمام الصادق عليه السّلام : مَن
تَوَلّى مُحِبَّنا فَقَد أحَبَّنا[9] .
5 / 3
بُغضُ عَدُوِّهِم
10 ـ صالِحُ بنُ مَيثَمٍ الَّتمارِرحمه
الله : وَجَدتُ في كِتابِ مَيثَمٍ رضي الله
عنه يَقولُ : تَمَسَّينا لَيلَةً عِندَ
أميرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بن أبي طالِبٍ
عليه السّلام ، فَقالَ لَنا : لَيسَ مِن
عَبدٍ اِمتَحَنَ اللهُ قَلبَهُ
بِالإِيمانِ إلّا أصبَحَ يَجِدُ
مَوَدَّتَنا عَلى قَلبِهِ ، ولا أصبَحَ
عَبدٌ مِمَّن سَخَطَ اللهُ عَلَيهِ إلّا
يَجِدُ بُغضَنا عَلى قَلبِهِ ،
فَأَصبَحنا نَفرَحُ بِحُبِّ المُؤمِنِ
لَنا ، ونَعرِفُ بُغضَ المُبغِضِ لَنا ،
وأصبَحَ مُحِبُّنا مُغتَبِطًا بِحُبِّنا
بِرَحمَةٍ مِنَ اللهِ يَنتَظِرُها كُلَّ
يَومٍ ، وأصبَحَ مُبغِضُنا يُؤَسِّسُ
بُنيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ ،
فَكَأَنَّ ذلِكَ الشَّفا قَدِ انهارَ
بِهِ في نارِ جَهَنَّمَ ، وكَأَنَّ أبوابَ
الرَّحمَةِ قَد فُتِحَت لِأَصحابِ
الرَّحمَةِ ، فَهَنيئًا لِأَصحابِ
الرَّحمَةِ رَحمَتُهُم ، وتَعسًا لِأَهلِ
النّارِ مَثواهُم . إنَّ عَبدًا لَن
يُقَصِّرَ في حُبِّنا لِخَيرٍ جَعَلَهُ
اللهُ في قَلبِهِ ، ولَن يُحِبَّنا مَن
يُحِبُّ مُبغِضَنا ، إنَّ ذلِكَ لا
يَجتَمِعُ في قَلبٍ واحِدٍ و ما جَعَلَ
اللهُ لِرَجُلٍ مِن قَلبَينِ في جَوفِهِ
[10] يُحِبُّ بِهذا قَومًا ويُحِبُّ
بالآخَرِ عَدُوَّهُم ، وَالَّذي
يُحِبُّنا فَهُوَ يُخلِصُ حُبَّنا كَما
يَخلُصُ الذَّهَبُ لا غِشَّ فيهِ .
نَحنُ النُّجَباءُ وأفراطُنا أفراطُ
الأَنبِياءِ ، وأنَا وَصِيُّ الأَوصِياءِ
، وأنَا حِزبُ اللهِ ورَسولِهِ ،
وَالفِئَةُ الباغِيَةُ حِزبُ الشَّيطانِ
، فَمَن أحَبَّ أن يَعلَمَ حالَهُ في
حُبِّنا فَليَمتَحِن قَلبَهُ ، فَإِن
وَجَد فيهِ حُبَّ مَن ألَّبَ[11] عَلَينا
فَليَعلَم أنَّ اللهَ عَدُوُّهُ
وجَبرَئيلُ وميكائيلُ ، وَاللهُ عَدُوٌّ
لِلكافِرينَ[12] .
11 ـ أبُو الجارودِ عَن أبي جَعفَرٍعليه
السّلام ـ في قَولِهِ تَعالى : ما جَعَلَ
اللهُ لِرَجُلٍ مِن قَلبَينِ في جَوفِهِ ـ
: قالَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه
السّلام : لا يَجتَمِعُ حُبُّنا وحُبُّ
عَدُوِّنا في جَوفِ إنسانٍ ، إنَّ اللهَ
لَم يَجعَل لِرَجُلٍ مِن قَلبَينِ في
جَوفِهِ فَيُحِبَّ هذا ويُبغِضَ هذا ،
فَأَمّا مُحِبُّنا فَيُخلِصُ الحُبَّ
لَنا كَما يَخلُصُ الذَّهَبُ بِالنّارِ
لا كَدَرَ فيهِ ، فَمَن أرادَ أن يَعلَمَ
حُبَّنا فَليَمتَحِن قَلبَهُ ، فَإِن
شارَكَهُ في حُبِّنا حُبُّ عَدُوِّنا
فَلَيسَ مِنّا ولَسنا مِنهُ ، وَاللهُ
عَدُوُّهُم وجَبرَئيلُ وميكائيلُ ،
وَاللهُ عَدُوٌّ لِلكافِرينَ[13] .
12 ـ الإمام الصادق عليه السّلام ـ لِمَن
قالَ لَهُ : إنَّ فُلانًا يُواليكُم إلّا
أنَّهُ يَضعُفُ عَنِ البَراءَ ةِ مِن
عَدُوِّكُم ـ : هَيهاتَ ، كَذَبَ مَنِ
ادَّعى مَحَبَّتَنا ولَم يَتَبَرَّأ مِن
عَدُوِّنا[14] .
5 / 4
الاِستِعدادُ لِلبَلاءِ
13 ـ رسول الله صلّى الله عليه و آله ـ لَمّا
شَكا إلَيهِ أبو سَعيدٍ الخُدرِيُّ
حاجتَهُ ـ : اِصبِر أبا سَعيدٍ ، فَإِنَّ
الفَقرَ إلى مَن يُحِبُّني مِنكُم أسرَعُ
مِنَ السَّيلِ عَلى أعلَى الوادي ، ومِن
أعلَى الجَبَلِ إلى أسفَلِهِ[15] .
14 ـ عنه صلّى الله عليه و آله ـ لأَِبي
ذَرٍّ لَمّا قالَ لَهُ : إنّي اُحِبُّكُم
أهلَ البَيتِ ـ : اللهَ اللهَ ! فَأَعِدَّ
لِلفَقرِ تِجفافـًا[16] ، فَإِنَّ الفَقرَ
أسـرَعُ إلى مَن يُحِبُّنا مِنَ السَّيلِ
مِن أعلَى الأَكَمَةِ إلى أسفَلِها[17] .
15 ـ اِبنُ عَبّاسٍ : أصابَ نَبِيَّ اللهِ
صلّى الله عليه و آله خَصاصَةٌ فَبَلَغَ
ذلِكَ عَلِيًّاعليه السّلام ، فَخَرَجَ
يَلتَمِس عَمَلاً لِيُصيبَ مِنهُ شَيئًا
يَبعَثُ بِهِ إلى نَبِيِّ اللهِ صلّى الله
عليه و آله ، فَأَتى بُستانًا لِرَجُلٍ
مِنَ اليَهودِ ، فَاستَقى لَهُ سَبعَةَ
عَشَرَ دَلوًا كُلَّ دَلوٍ بِتَمرَةٍ ،
فَخَيَّرَهُ اليَهودِيُّ مِن تَمرِهِ
سَبعَ عَشرَةَ تَمرَةً عَجوَةً ، فَجاءَ
بِها إلى نَبِيِّ اللهِ صلّى الله عليه و
آله فَقالَ : مِن أينَ هذا يا أبَا
الحَسَنِ ؟ قالَ : بَلَغَني ما بِكَ مِنَ
الخَصاصَةِ يا نَبِيَّ اللهِ فَخَرَجتُ
ألَتمِسُ عَمَلاً لِاُصيبَ لَكَ طَعامًا .
قالَ : فَحَمَلَكَ عَلى هذا حُبُّ اللهِ
ورَسولِهِ ؟ قالَ عَلِيٌّ : نَعَم يا
نَبِيَّ اللهِ ، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ
صلّى الله عليه و آله : وَاللهِ ما مِن
عَبدٍ يُحِبُّ اللهَ ورَسولَهُ إلّا
الفَقرُ أسرَعُ إلَيهِ مِن جَريَةِ
السَّيلِ عَلى وَجهِهِ ، مَن أحَبَّ اللهَ
ورَسولَهُ فَليُعِدَّ تِجفافًا ، وإنَّما
يَعنِي الصَّبرَ[18] .
16 ـ عَنَمَةُ الجُهَنِيُّ : خَرَجَ
النَّبِيُّ صلّى الله عليه و آله ذاتَ
يَومٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ
فَقالَ : يا رَسولَ اللهِ بِأَبي واُمّي
أنتَ ، إنَّهُ لَيَسوؤُنِي الَّذي أرى
بِوَجهِكَ وعَمّا هُوَ ؟ قالَ : فَنَظَرَ
النَّبِيُّ صلّى الله عليه و آله إلى
وَجهِ الرَّجُلِ ساعَةً ثُمَّ قالَ :
الجوعُ .
فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَعدو ـ أو شَبيهًا
بِالعَدوِ ـ حَتّى أتى بَيتَهُ
فَالَتمَسَ فيهِ الطَّعامَ فَلَم يَجِد
شَيئًا ، فَخَرَجَ إلى بَني قُرَيظَةَ
فَأَجَّرَ نَفسَهُ بِكُلِّ دَلوٍ
يَنزَعُها تَمرَةً حَتّى جَمَعَ حَفنَةً
أو كَفًّا مِن تَمرٍ ، ثُمَّ رَجَعَ
بِالـتَّمرِ حَتّى وَجَدَ النَّبِيَّ
صلّى الله عليه و آله في مَجلِسٍ لَم
يَرِم[19] ، فَوَضَعَهُ بَينَ يَدَيهِ
وقالَ : كُل أي رَسولَ اللهِ ، فَقالَ
النَّبِيُّ صلّى الله عليه و آله : مِن
أينَ لَكَ هذَا الَّتمرُ ؟ فَأَخبَرَهُ
الخَبَرَ ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللهِ صلّى
الله عليه و آله : إنّي لَأَظُنُّكَ
تُحِبُّ اللهَ ورَسولَهُ ؟ قالَ : أجَل ،
وَالَّذي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لَأَنتَ
أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفسي ووُلدي وأهلي
ومالي ، فَقالَ : امّا لا فَاصطَبِر
لِلفاقَةِ ، وأعِدَّ لِلبَلاءِ تِجفافًا
، فَوَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ لَهُما
إلى مَن يُحِبُّني أسرَعُ مِن هُبوطِ
الماءِ مِن رَأسِ الجَبَلِ إلى
أسفَلِهِ[20] .
17 ـ الإمام عليّ عليه السّلام : مَن
أحَبَّنا فَليُعِدَّ لِلبَلاءِ
جِلبابًا[21] .
18 ـ عنه عليه السّلام : مَن تَوَلّانا
فَليَلبَس لِلمِحَنِ إهابًا[22] .
19 ـ عنه عليه السّلام : مَن أحَبَّنا أهلَ
البَيتِ فَليَستَعِدَّ عُدَّةً
لِلبَلاءِ[23] .
20 ـ عنه عليه السّلام : مَن أحَبَّنا أهلَ
البَيتِ فَليَستَعِدَّ لِلفَقرِ
جِلبابًا[24] .
21 ـ الأَصبَغُ بنُ نُباتَةَ : كُنتُ عِندَ
أميرِ المُؤمِنينَ عليه السّلام قاعِدًا
، فَجاءَ رَجُلٌ فَقالَ : يا أميرَ
المُؤمِنينَ ، وَاللهِ إنّي لَاُحِبُّكَ
(فِي اللهِ) ، فَقالَ : صَدَقتَ ، إنَّ
طينَتَنا مَخزونَةٌ ، أخَذَ اللهُ
ميثاقَها مِن صُلبِ آدَمَ ، فَاتَّخِذ
لِلفَقرِ جِلبابًا ، فَإِنّي سَمِعتُ
رَسولَ اللهِ صلّى الله عليه و آله يَقولُ
: وَاللهِ يا عَلِيُّ ، إنَّ الفَقرَ
لَأَسرَعُ إلى مُحِبّيكَ مِنَ السَّيلِ
إلى بَطنِ الوادي[25] .
22 ـ الأَصبَغُ بنُ نُباتَةَ : كُنتُ
جالِسًا عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه
السّلام فَأَتاهُ رَجُلٌ فَقالَ : يا
أميرَ المُؤمِنينَ إنّي لَاُحِبُّكَ فِي
السِّرِّ كَما اُحِبُّكَ فِي
العَلانِيَةِ ، قالَ : فَنَكَتَ أميرُ
المُؤمِنينَ عليه السّلام الأَرضَ بِعودٍ
كانَ في يَدِهِ ساعَةً ، ثُمَّ رَفَعَ
رَأسَهُ فَقالَ : كَذَبتَ وَاللهِ ، ما
أعرِفُ وَجهَكَ فِي الوُجوهِ ، ولَا
اسمَكَ فِي الأَسماءِ .
فَعَجِبتُ مِن ذلِكَ عَجَبًا شَديدًا ،
فَلَم أبرَح حَتّى أتاهُ رَجُلٌ آخَرُ
فَقالَ : وَاللهِ يا أميرَ المُؤمِنينَ ،
إنّي لَاُحِبُّكَ فِي السِّرِّ كَما
اُحِبُّكَ فِي العَلانِيَةِ ، فَنَكَتَ
بِعودِهِ ذلِكَ فِي الأَرضِ طَويلاً
ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقالَ : صَدَقتَ ،
إنّ طينَتَنا طينَةٌ مَرحومَةٌ ، أخَذَ
اللهُ ميثاقَها يَومَ أخَذَ الميثاقَ ،
فَلا يَشُذُّ مِنها شاذٌّ ، ولا يَدخُلُ
فيها داخِلٌ إلى يَومِ القِيامَةِ . أما
إنَّهُ فَاتَّخِذ لِلفاقَةِ جِلبابًا ،
فَإِنّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلّى الله
عليه و آله يَقولُ : الفاقَةُ إلى
مُحِبّيكَ أسرَعُ مِنَ السَّيلِ
المُنحَدِرِ مِن أعلَى الوادي إلى
أسفَلِهِ[26] .
23 ـ مُحَمَّدُ بنُ مُسلِمٍ : خَرَجتُ إلَى
المَدينَةِ وأنَا وَجِعٌ ثَقيلٌ ، فَقيلَ
لَهُ [أي لِأَبي جَعفَرٍعليه السّلام ] :
مُحَمَّدُ بنُ مُسلِمٍ وَجِعٌ ،
فَأَرسَلَ إلَيَّ أبو جَعفَرٍ بِشَرابٍ
مَعَ الغُلامِ مُغَطًّى بِمِنديلٍ ،
فَناوَلَنيهِ الغُلامُ وقالَ لي :
اِشرَبهُ فَإِنَّهُ قَد أمَرَني أن لا
أرجِعَ حَتّى تَشرَبَهُ ، فَتَناوَلتُهُ
فَإِذا رائِحَةُ المِسكِ مِنهُ ، وإذا
شَرابٌ طَيِّبُ الطَّعمِ بارِدٌ ،
فَلَمّا شَرِبتُهُ قالَ لِيَ الغُلامُ :
يَقولُ لَكَ إذا شَرِبتَ فَتَعالَ .
فَفَكَّرتُ فيما قالَ لي ولا أقدِرُ عَلَى
النُّهوضِ قَبلَ ذلِكَ عَلى رِجلي ،
فَلَمَّا استَقَرَّ الشَّرابُ في جَوفي
كَأَنَّما نَشَطتُ مِن عِقالٍ ،
فَأَتَيتُ بابَهُ فَاستَأذَنتُ عَلَيهِ ،
فَصَوَّتَ بي : صَحَّ الجِسمُ ، ادخُل
ادخُل . فَدَخَلتُ وأنا باكٍ ، فَسَلَّمتُ
عَلَيهِ وقَبَّلتُ يَدَهُ ورَأسَهُ ،
فَقالَ لي : وما يُبكيكَ يا مُحَمَّدُ ؟
فَقُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ، أبكي عَلَى
اغتِرابي وبُعدِ الشُّقَّةِ وقِلَّةِ
المَقدِرَةِ عَلَى المُقامِ عِندَكَ
وَالنَّظَرِ إليكَ . فَقالَ لي : أمّا
قِلَّةُ المَقدِرَةِ فَكَذلِكَ جَعَلَ
اللهُ أولِياءَ نا وأهلَ مَوَدَّتِنا
وجَعَلَ البَلاءَ إلَيهِم سَريعًا ،
وأمّا ما ذَكَرتَ مِنَ الغُربَةِ فَلَكَ
بِأَبي عَبدِاللهِ اُسوَةٌ بِأَرضٍ ناءٍ
عَنّا بِالفُراتِ .
وأمّا ما ذَكَرتَ مِن بُعدِ الشُّقَّةِ ،
فَإِنَّ المُؤمِنَ في هذِهِ الدّارِ
غَريبٌ وفي هذَا الخَلقِ المَنكوسِ حَتّى
يَخرُجَ مِن هذِهِ الدّارِ إلى رَحمَةِ
اللهِ ، وأمّا ما ذَكَرتَ مِن حُبِّكَ
قُربَنا وَالنَّظَرَ إلَينا وأنَّكَ لا
تَقدِرُ عَلى ذلِكَ فَاللهُ يَعلَمُ ما في
قَلبِكَ وجَزاؤُكَ عَلَيهِ[27] .
(1) الخصال : 624 / 10
عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن الإمام
الصادق عن آبائه عليهم السّلام ، تفسير
فرات الكوفيّ : 367 / 499 نحوه ، جامع الأخبار :
495 / 1376 ، غرر الحكم في هامش : 3763 نحوه .
(2) الكافي : 8 / 253 / 358 ، تنبيه الخواطر : 2 / 176 .
(3) غرر الحكم : 8483 .
(4) الخصال: 614/10 عن أبي بصير ومحمّدبن مسلم
عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السّلام
، تحف العقول: 104 .
(5) الكافي : 8 / 212 / 259 عن عمرو بن أبي المقدام
، أمالي الصدوق : 500 / 4 عن أبي بصير ، وفيه
«بالعمل» بدل «بالورع» ، فضائل الشيعة : 51 /
8 نحوه عن محمّد بن حمران عن أبيه .
(6) الاحتجاج : 2 / 599 .
(7) أمالي الطوسيّ : 113 / 172 ، أمالي المفيد : 334
/ 4 ، بشارة المصطفى : 45 ، كشف الغمّة : 2 / 8 ،
الغارات : 2 / 585 نحوه .
(8) تفسير فرات الكوفيّ : 128 / 146 عن زيد بن
حمزة بن محمّد بن عليّ بن زياد القصّار
معنعنًا .
(9) البحار : 100 / 124 / 34 نقلاً عن المزار
الكبير عن عبد الرحمن بن مسلم .
(10) الأحزاب : 4 .
(11) الالب ـ بالفتح والكسر ـ : القوم
يجتمعون على عداوة إنسان وألّبهم : جمّعهم
. (لسان العرب : 1 / 215)
(12) أمالي الطوسيّ : 148 / 243 ، بشارة المصطفى :
87 ، كشف الغمّة : 2 / 11 ، تأويل الآيات
الظاهرة : 439 نحوه عن أبي الجارود عن الإمام
الصادق عليه السّلام .
(13) تفسير القمّيّ : 2 / 171 .
(14) مستطرفات السرائر : 149 / 2 .
(15) مسند ابن حنبل : 4 / 85 / 11379 ، شُعب الإيمان
: 7 / 318 / 10442 ، وذكره أيضًا في : 2 / 174 / 1473 نحوه
، الفردوس : 3 / 155 / 4421 .
(16) تِجْفافًا ـ بكسر التاء وسكون الجيم ـ :
شي ء من سلاح يترك على الفرس يقيه الأذى .
(النهاية : 1 / 279)
(17) المستدرك على الصحيحين : 4 / 367 / 7944 ،
وراجع سنن الترمذيّ : 4 / 576 / 2350 ، شُعب
الإيمان : 2 / 173 / 1471 .
(18) السنن الكبرى : 6 / 197 / 11649 ، تاريخ دمشق
«ترجمة الإمام عليّ عليه السّلام » : 2 / 449 /
966 نحوه .
(19) رام بالمكان : أقام وثبت ، ولم يزل فيه .
(المنجد : 290)
(20) المعجم الكبير : 18 / 84 / 155 ، الإصابة : 4 / 611
/ 6097 ، اُسد الغابة : 4 / 294 / 4112 .
(21) غرر الحكم : 9037 .
(22) غرر الحكم : 9038 .
(23) الغارات : 2 / 588 ، تأويل الآيات الظاهرة :
775 .
(24) نهج البلاغة : الحكمة 112 .
(25) المؤمن : 16 / 5 ، أعلام الدين : 432 .
(26) أمالي الطوسيّ : 409 / 921 ، وراجع بصائر
الدرجات : 390 و391 ، الاختصاص : 311 و 312 .
(27) رجال الكشّي : 1 / 391 / 281 ، كامل الزيارات :
275 ، الاختصاص : 52 ، المناقب لابن شهرآشوب : 4
/ 181 نحوه ، وفيهما «منكوس» بدل «المنكوس» .
|