الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج3)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 120

(هامش)

الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، فجمعني وفاطمة وابني حسنا وحسينا ثم ألقى علينا كساءا ، وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي لحمهم لحمي يؤلمني ما يؤلمهم ويجرحني ما يجرحهم ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، فقالت أم سلمة وأنا يا رسول الله ، فقال إنك إلى خير ، فقالوا نشهد إن أم سلمة حدثتنا بذلك ، ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ، فقال سلمان ، يا رسول الله هذا عامة أم خاصة ، قال : أما المأمورون فعامة المؤمنين ، وأما الصادقون فخاصة أخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة ؟ قالوا : نعم فقال : أنشدكم الله أتعلمون أني قلت لرسول الله في غزاة تبوك : خلفتني على النساء والصبيان فقال : إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ قالوا : نعم ، قال أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج : يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وفعلوا الخير إلى آخر السورة فقال سلمان قال يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل في الدين عليهم من حرج ملة إبراهيم قال عني بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة ، قال سلمان : بينهم لنا يا رسول الله ، قال : أنا وأخي علي وأحد عشر من ولدي ؟ قالوا : نعم قال : أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله (ص) قال في خطبته في مواضع متعددة وفي آخر خطبة لم يخطب بعدها : أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إلي إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ؟ فقال كلهم نشهد إن رسول الله (ص) قال ذلك ، انتهى ما رمنا نقله من ذلك الكتاب . (ومنهم) محمد بن العباس عن أحمد بن محمد الكاتب عن أحمد بن الربيع عن حسين بن الحسن الأشعري عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عامر عن ابن عباس نزولها في علي (كما في البحار ج 9 ص 64 ط كمپاني) (*)

ص 121

قال الناصب خفضه الله أقول : هذا الحديث جاء في رواية أهل السنة ، ولكن بهذه العبارة : سباق الأمم ثلاثة ، مؤمن آل فرعون وحبيب النجار ، وعلي بن أبي طالب ، في أن عليا (ع) سابق في الإسلام وصاحب السابقة والفضائل التي لا تحصى ، (تخفى خ ل) ولكن لا تدل الآية على نص بإمامته ، وذلك المدعى (إنتهى) . أقول قد وقع في آخر هذه الرواية سيما فيما رواه (1) فخر الدين الرازي في تفسير قوله

(هامش)

(ومنهم) عمرو بن محمد الوراق عن علي بن العباس عن حميد بن زياد عن محمد بن تسنيم عن الفضل بن دكين عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس نزولها في علي (كما في البحار ج 9 ص 65 ط كمپاني) (ومنهم) ابن مردويه عن ابن عباس مثله (كما في البحار ج 9 ص 65 ط كمپاني) (ومنهم) محمد بن العباس عن الحسن بن علي التيمي عن سليمان بن داود الصرمي عن أسباط عن أبي سعيد المدايني نزولها في علي عليه السلام (كما في البحار ج 9 ص 65 ط كمپاني) (1) رواه فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير (ج 27 ص 57 ط الجديد) فإنه نقل هناك رواية عن النبي (ص) وقال ما لفظه في ذيل المسألة الأولى من مسائل قوله تعالى وقال رجل مؤمن الآية : وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل ياسين ، ومؤمن آل فرعون الذي قال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، والثالث علي بن أبي طالب وهو أفضلهم انتهى وفي الرياض النضرة للطبري (ص 158 طبع مصر) عن ابن عباس عن النبي قال (ص) السباق ثلاثة سبق يوشع بن نون إلى موسى وصاحب ياسين إلى عيسى وعلي إلى النبي

ص 122

تعالى : وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه (1) الآية قوله (ص) : وهو أفضلهم ، وكتمه الناصب الشقي عداوة لأمير المؤمنين واحترازا عن أن يظهر بذكر ذلك كونه أفضل من باقي هذه الأمة كما هو مطلوب المصنف فافهم . قال المصنف رفع الله درجته

الرابعة عشر قوله تعالى : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام إلى قوله تعالى إن الله عنده أجر عظيم (2)

روى الجمهور (3) في الجمع بين الصحاح الستة أنها نزلت في علي بن أبي طالب (ع) لما افتخر طلحة بن شيبة والعباس ، فقال طلحة : أنا أولى بالبيت : لأن المفتاح بيدي ، وقال العباس : أنا أولى أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، فقال علي (ع) : أنا أول الناس إيمانا وأكثرهم جهادا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية لبيان أفضليته (ع) (إنتهى) قال الناصب خفضه الله أقول : هذا صحيح من رواية الجمهور من أهل السنة وقد عدها العلماء في فضائل أمير المؤمنين (ع) وفضائله أكثر من أن تحصى ، وليس هذا محل الخلاف كما مر حتى يقيم عليه الدلائل ، بل الكلام في النص على إمامته وهذا لا يدل عليه (إنتهى) .

(هامش)

خرجه ابن الضحاك في الآحاد والمثاني . (1) غافر . الآية 28 . (2) التوبة . 19 . (3) رواه من أعلام القوم وحملة آثارهم عدة كثيرة ونحن نعترض إلى ما وقفنا من كلماتهم في ذلك الباب حسب ما اقتضته الفرصة فنقول : (ومنهم) العلامة الطبري في تفسيره (ج 10 ص 59 - 60 الميمنية بمصر) حدثني يونس ، قال أخبرنا أين وهب ، قال : أخبرت عن أبي صخر ، قال : سمعت محمد (*)

ص 123

(هامش)

ابن كعب القرظي افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار وعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت مع مفتاحه لو أشاء بت فيه ، وقال عباس ، وأنا صاحب السقاية والقائم ولو أشاء بت في المسجد ، وقال علي ما أدري ما تقولان لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام الآية كلها . حدثني محمد بن الحسن ، قال ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط عن السدي أجعلتم سقاية الحاج . الآية قال : افتخر علي وعباس وشيبة بن عثمان ، فقال العباس أنا أفضلكم ، أنا أسقي حجاج بيت الله ، وقال شيبة : أنا أعمر مساجد الله وقال علي أنا هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجاهد معه في سبيل الله ، فأنزل الله الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله إلى نعيم مقيم . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال أخبرنا معمر عن عمرو عن الحسن قال : نزلت في علي وعباس وعثمان وشيبة تكلموا في ذلك الحديث . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة عن إسماعيل عن الشعبي ، قال : نزلت في علي والعباس تكلما في ذلك (ومنهم) العلامة الثعلبي في تفسيره (كما في العمدة لابن بطريق ص 98 ط تبريز) قال : وبالاسناد المقدم قال الثعلبي : قال الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرظي : نزلت هذه الآية علي بن أبي طالب عليه السلام وعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وطلحة بن شيبة وذلك أنهم افتخروا ، الحديث . (ومنهم) العلامة الواحدي في أسباب النزول (ص 182 ط الهندية بمصر) قال الحسن والشعبي والقرظي : نزلت الآية في علي والعباس إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة الخطيب البغدادي في تفسيره (ج 3 ص 57 ط مصر) (*)

ص 124

(هامش)

قال الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرظي : نزلت في علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وطلحة بن شيبة افتخروا فقال طلحة : أنا صاحب البيت ، بيدي مفاتيحه ، وقال العباس : وأنا صاحب السقاية والقيام عليها ، وقال (يعني على) ما أدري ما تقولون لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله هذه الآية . (ومنهم) العلامة البغوي في معالم التنزيل المطبوع بهامش تفسير الخازن (ج 3 ص 56 ط مصر) أورد الرواية بعين ما تقدم من تفاسير الخازن . (ومنهم) العلامة ابن المغازلي الشافعي في مناقبه (كما في العمدة للعلامة ابن بطريق ص 98 ط تبريز) قال : قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان ، قال : أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية الخزاز إذنا قال : حدثنا محمد بن حمدوية المروزي قال : أخبرنا أبو المرج قال : حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن إسماعيل بن غابر قال : نزلت هذه الآية أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، في علي والعباس عليهما السلام وبالاسناد المقدم قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي السقطي قال : حدثنا أبو محمد يوسف بن سهل بن الحسيني القاضي قال : حدثنا الحضرمي قال : حدثنا هناد بن أبي زياد قال : أخبرنا موسى بن عبيدة البريدي قال : قال علي عليه السلام للعباس رضي الله عنه : لو هاجرت إلى المدينة قال : أولست في أفضل من الهجرة الحديث . (ومنهم) العلامة ابن الأثير في جامع الأصول (ج 9 ص 477 ط السنة المحمدية بمصر) أخرج رزين عن محمد بن كعب القرظي ، قال : افتخر طلحة بن شيبة بن عبد الدار وعباس ابن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت ومعي مفتاحه ، وفي رواية ومعي مفتاح البيت ، ولو أشاء بت فيه ، وقال عباس : أنا صاحب السقاية ولو أشاء بت (*)

ص 125

(هامش)

في المسجد ، وقال علي ما أدري ما تقولان ، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس أنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله تعالى أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام . الآية وفي رواية قال علي : أنا هاجرت مع رسول الله (ص) فأنزل الله هذه الآية . (ومنهم) العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره (ج 16 ص 11 ط البهية بمصر) أورد نزول الآية في علي عليه السلام بنحو ما تقدم . (ومنهم) العلامة الگنجي في كفاية الطالب (ص 113 ط الغري) أخبرنا القاضي العلامة أبو نصر محمد بن هبة الله بن قاضي القضاة أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي ، أخبرنا محدث الشام أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي ، أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة ، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن سوار العبسي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إسحاق حدثنا أبو علي أحمد بن محمد البيروني ، حدثنا خيرون بن عيسى بن يزيد البلوي بمصر ، حدثنا يحيى بن سليمان عن أبي معمر عباد بن عبد الصمد عن أنس أنه قال : قعد عباس وشيبة صاحب البيت يفتخران فساق الحديث إلى أن قال ، فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي فأخبر كل واحد منهم بمفخره فما أجابهم النبي بشيئ فانصرفوا عنه فنزل جبرئيل بالوحي بعد أيام فيهم فأرسل النبي إليهم ثلاثتهم حتى أتوه فقرء عليهم : أجعلتم سقاية الحاج إلى آخر العشر . رواه ابن جرير الطبري وذكره من طرق شتى ، وهذا سياق محدث الشام في تاريخه معنعنا . (ومنهم) العلامة القرطبي في تفسير (ج 8 ص 91 ط مصر سنة 1356) ذكر السدي : افتخر عباس بالسقاية وشيبة بالعمارة وعلي بالاسلام والجهاد فصدق الله عليا وكذبهما . (ومنهم) العلامة النيسابوري في تفسيره (ج 10 ص 60 بهامش (*)

ص 126

(هامش)

تفسير الطبري ط الميمنية بمصر) ويروي عن الحسن والشعبي أن طلحة قال : أنا صاحب البيت إلى آخر الحديث المنقول عن تفسير الطبري . (ومنهم) العلامة ابن كثير في تفسيره (ج 2 ص 341 ط مصطفى محمد بمصر) قال عبد الرزاق : أخبرنا ابن عيينة عن إسماعيل عن الشعبي قال : نزلت في علي والعباس رضي الله عنهما بما تكلما في ذلك . وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر ، قال سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : افتخر طلحة بن شيبة إلى آخر الحديث المذكور فيما تقدم . وقال عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن عمرو عن الحسن قال : نزلت في علي وعباس وشيبة الحديث . (ومنهم) العلامة ابن الصباغ المالكي في فصول المهمة (ص 106 ط النجف) ونقل الواحدي في كتابه المسمى بأسباب النزول فذكر الحديث بعين ما نقلناه عنه بلا واسطة (ومنهم) العلامة السيوطي في الدر المنثور (ج 3 ص 218 و219 ط مصر) أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : افتخر إلى آخر الحديث المذكور في المتن . وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال ، قعد عباس وشيبة صاحب البيت يفتخران فقال له العباس رضي الله عنه : أنا أشرف منك ، أنا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصي أبيه وساقي الحجيج ، فقال شيبة : أنا أشرف منك أنا أمين الله على بيته وخازنه أفلا ائتمنك كما ائتمنني فاطلع عليهما علي رضي الله عنه فأخبراه بما قالاه فقال علي رضي الله عنه : أنا أشرف منكما ، أنا أول من آمن وهاجر فانطلقوا ثلاثتهم إلى النبي (ص) فأخبروه فما أجابهم بشيئ فانصرفوا ، فنزل عليه الوحي (*)

ص 127

(هامش)

بعد أيام فأرسل إليهم فقرء عليهم ، أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام الآية ، نزلت في علي بن أبي طالب والعباس (الذي كان ساقي الحاج) وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية أجعلتم سقاية الحاج في العباس وعلي رضي الله عنهما تكلما في ذلك . وأخرج ابن مردويه عن الشعبي رضي الله عنه قال كانت بين علي والعباس رضي الله عنهما منازعة ، فقال العباس لعلي رضي الله عنه : أنا عم النبي صلى الله عليه وسلم أنت ابن عمه إلي سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، فأنزل الله : أجعلتم سقاية الحاج ، الآية وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : نزلت في علي والعباس الخ (ومنهم) العلامة المذكور في (لباب النقول في أسباب النزول) ص 115 ط الهندية بمصر) . أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي ، قال : افتخر طلحة وشيبه والعباس وعلي إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقب مرتضوي (ص 40 ط بمبئي بمطبعة محمدي) روى نزول الآية عن الواحدي في أسباب النزول بعين المضمون المتقدم (ومنهم) العلامة الفاضل الشيخ الشبلنجي المدعو بمؤمن ، قال في كتابة المسمى (نور الأبصار ص 105 ط العثمانية بمصر) : نقل عن الواحدي في أسباب النزول عن الحسن والشعبي والقرطبي أن الآية الشريفة نزلت في شأن علي بن أبي طالب عليه السلام (ومنهم) العلامة الشوكاني في تفسيره (فتح القدير) (ج 2 ص 303 ط مصطفى الحلبي بمصر) (*)

ص 128

أقول الآية مع الرواية على أفضليته (ع) وهو محل الخلاف كما مر ، وجه الدلالة : إن كلا من عباس وطلحة (1) كانا يدعيان أولويتهما بالبيت بالنسبة إلى غيرهم من الأمة فرد عليهما علي (ع) بأن الأولى بذلك هو لا غير ، وصدقه الله تعالى في ذلك بموجب الرواية فيكون أولى بالبيت خصوصا البيت المعنوي ، ويكون أفضل من الكل وأولى

(هامش)

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي حديث تفاخر العباس وشيبة مع علي ونزول الآية فيه . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : نزلت في علي والعباس . (ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 93 ط اسلامبول) روى في صحيح النسائي قال : حدثنا محمد بن كعب القرطبي قال افتخر طلحة بن شيبة إلى آخر ما تقدم روى أيضا ابن المغازلي والحمويني وأبو نعيم الحافظ والمالكي في فصول المهمة هذا الحديث في كتبهم . (1) هو من مشاهير بني شيبة الذين كان بيدهم مفاتيح الكعبة انتقلت إليه السدانة بعد عثمان بن شيبة وينتهي نسبهم إلى شيبة بن عثمان بن طلحة بن عبد الدار من بني عدنان قال القلقشندي : إن من بني شيبة قوم بصعيد مصر انتهى . أقول : وسدانة البيت الشريف إلى هذا اليوم بيد آل شيبة وقد نبغ فيهم عدة من الأدباء والعلماء ، وكثيرا ما يشتبه في كتب التراجم الشيبي بالشبيبي ، وقد اطلعنا على هذه الغفلة في موارد كثيرة . والشبيبي أسرة أجلاء فمنهم بيت بالنجف الأشرف فمن أعلامهم الفقيد المرحوم حجة الإسلام الشيخ محمد الجواد الشبيبي الأديب النابغة الشهير وأنجاله الكرام وهم معالى رب القلم (*)

ص 129

بالإمامة وأبصر بما يتعلق بالبيت ، فإن صاحب البيت أبصر بما في البيت (1) قال المصنف رفع الله درجته

الخامسة عشر آية المناجاة (2)

لم يفعلها غير (3) علي (ع) قال ابن عمر : كان

(هامش)

والبيان الأستاذ المعاصر الشيخ محمد الرضا صاحب الآثار القيمة والشاعر الأديب الشيخ باقر وأخوتهما الكرام بيت جلالة ورفعة ونبالة . (1) إشارة إلى المثل السائر الدائر : صاحب البيت أدري بما في البيت أو رب البيت أدرى بما فيه . (2) المجادلة . الآية 12 . (3) أقول : إن الرواية مما كثرت في حقه النقلة فراجع كتب القوم من التفاسير والسير والأخبار والآثار تراها مصرحة بهذه الرواية وأكثر مخرجي الحديث أوردوها في زبرهم ونحن نشير إلى يسير منها حسب ما وقفنا عليها ونحن على جناح الاستعجال فنقول : (منهم) الحافظ العلامة أبو عبد الرحمان أحمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة 303 في (الخصائص) (ص 56 ط النجف) أخبرني محمد بن عبد الله بن عمار ، قال : حدثنا قاسم الحرمي عن سفيان عن عثمان وهو ابن المغيرة عن سالم عن علي بن علقمة عن علي (ع) قال : نزلت : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ، قال رسول الله لعلي : مرهم أن يتصدقوا ، قال : بكم يا رسول الله ؟ قال : بدينار ، قال : لا يطيقون ، قال فبنصف دينار ، قال : لا يطيقون ، قال : فبكم ؟ قال بشعيرة ، فقال رسول الله (ص) : إنك لزهيد ، فأنزل الله أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقات الآية ، وكان علي (ع) يقول : خفف بي عن هذه الأمة . (ومنهم) العلامة الطبري في تفسيره (ج 28 ص 14 ط الميمنية بمصر) حدثني محمد بن عمر وقال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى (*)

ص 130

(هامش)

وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ، قال : نهوا عن مناجات النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قدم دينارا فتصدق به ، ثم أنزلت الرخصة في ذلك . حدثنا محمد عبيد بن محمد المحاربي ، قال : ثنا المطلب بن زياد عن ليث عن مجاهد ، قال : قال علي رضي الله عنه : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ، قال فرضت ثم نسخت . حدثني موسى بن عبد الرحمان المسروقي ، قال : ثنا أبو أسامة عن شبل عن عباد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول الآية قال نهوا عن مناجات النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قدم دينار صدقة تصدق به ثم أنزلت الرخصة . حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن إدريس قال : سمعت ليثا عن مجاهد قال : قال علي رضي الله عنه : آية من كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم فكنت إذا جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصدقت بدرهم ، فنسخت فلم يعمل بها أحد قبلي : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة . حدثنا ابن حميد قال ثنا مهران عن سفيان عن عثمان بن أبي المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي عن علقمة الأنصاري عن علي قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى دينارا قال لا يطيقون قال نصف دينار ؟ قال ، لا يطيقون قال ما ترى ؟ قال : شعيرة ، فقال له النبي (ص) إنك لزهيد ، قال : قال علي رضي الله عنه : ففي خففت عن هذه الأمة وقوله إذا ناجيتم الرسول الآية ، فنزلت : أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقات (*)

ص 131

(هامش)

(ومنهم) العلامة الجصاص الحنفي المتوفى سنة 370 في (أحكام القرآن) (ج 3 ص 526 ط مصر التزام عبد الرحمان محمد) روى ليث عن مجاهد قال : قال علي : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي كان عندي دينار فصرفته فكنت إذا ناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقت بدرهم ثم نسخت . حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع ، قال : أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن مجاهد في قوله : إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة الآية قال علي رضي الله إنه : ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة . (ومنهم) العلامة الشيخ هبة الله بن سلامة المتوفى سنة 410 في كتاب الناسخ والمنسوخ (ص 298 بهامش أسباب النزول ط الهندية بمصر) روى عن علي بن أبي طالب قال : في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي الخ (ومنهم) الحاكم في المستدرك (ج 2 ص 481 ط حيدر آباد الدكن) أخبرني عبد الله بن محمد الصيدلاني ، ثنا محمد بن أيوب ، أنبأنا يحيى بن المغيرة السعدي ثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، قال : قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : قال رسول الله (ص) : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد بعدي ، آية النجوى : إذا ناجيتم الآية قال كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فناجيت النبي (ص) قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد . (ومنهم) العلامة الواحدي في أسباب النزول (ص 308 ط الهندية بمصر) قال علي بن أبي طالب : إن في كتاب الله لآية إلى آخر ما تقدم عن المستدرك . (ومنهم) العلامة ابن المغازلي (كما في مناقب الكاشي) أورد اختصاص علي عليه السلام بالعمل بهذه الآية . (*)

ص 132

(هامش)

(ومنهم) العلامة الخطيب الخازن في تفسيره (ج 7 ص 44 ط مصر) عن مجاهد : نهوا عن المناجات حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي رضي الله عنه تصدق بدينار وناجاه ثم نزلت الرخصة ، فكان علي رضي الله عنه يقول : آية لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي آية المناجاة . (ومنهم) العلامة الثعلبي في تفسيره (كما في مناقب الكاشي مخطوط) روى اختصاص علي (ع) بالعمل بهذه الآية بعين ما تقدم . (ومنهم) العلامة جار الله في ربيع الأبرار (كما في مناقب الكاشي مخطوط) ذكر تفرد علي (ع) بالعمل بهذه الآية . (ومنهم) العلامة البغوي في معالم التنزيل المطبوع بهامش تفسير الخازن (ج 7 ص 44 ط مصر) أورد الرواية المذكورة في تفسير الخازن عن مجاهد (ومنهم) العلامة الثعلبي في تفسيره كما في كتاب العمدة لابن البطريق (ص 93 ط تبريز) قال : قال مجاهد : نهي عن مناجات النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب (ع) قدم دينارا إلى آخر ما قدمناه من الرواية . وقال ابن عمر : كان لعلي بن أبي طالب (ع) ثلاثة لو كانت أحب إلي من حمر النعم الخ ومن مناقب الفقيه ابن المغازلي الواسطي بالاسناد المتقدم قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال : أخبرنا أبو عمر بن محمد بن العباس بن حيوية الخزاز قال : حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان الأشجعي عن سفيان بن سعيد عن عثمان بن مغيرة الثقفي عن سالم بن أبي الجعد عن علي ابن علقمة عن علي بن أبي طالب (ع) قال : لما نزلت : يا أيها الذين آمنوا إذا (*)

ص 133

(هامش)

ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كم ترى دينارا ؟ قلت : لا يطيقونه ، قال فكم ترى ؟ قلت شعيرة ، إلى آخر الرواية بعين ما قدمناها . ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين من الجزء الثالث من أجزاء ثلثة في تفسير سورة المجادلة قال : قال أبو عبد الله البخاري : قوله تعالى : إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ، قال علي بن أبي طالب (ع) : ما عمل بهذه الآية غيري وبي خفف الله تعالى عن هذه الأمة أمر هذه الآية . قال يحيى بن الحسن : واعلم أن هذه الآية ثبوتها بذكر أمير المؤمنين وإثباتها لكونها منقبة له خاصة ، لأن الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل مؤمن طريقا إلى العمل بهذه الآية إلا الأول ، لأنه سبحانه وتعالى ما جعل للصدقة التي تقدم بين يدي نجوى الرسول (ص) حدا مقدرا ، فيقال : إنه يعجز عنه الفقير ويتأتى ذلك ممن الموسر وإنما جعل ذلك بحسب الامكان على الموسع قدره وعلى المقتدر قدره بحيث لو أراد أكثر أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه العمل بذلك لقدروا عليه ولم يكن ذلك عليهم متعذرا : فترك الكل لاستعمال هذه الآية دليل على أن الله سبحانه وتعالى جعلها منقبة له خاصة ليتميز بها من غيره ، والدليل على كونها منقبة أنه عليه السلام تمدح بها وبفعلها بدليل قوله عليه السلام : هذه الآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وبي خفف الله تعالى عن هذه الأمة أمر هذه الآية ويزيد بيانا وإيضاحا أن النسخ بحكم هذه الآية إنما حصل عقيب فعل أمير المؤمنين عليه السلام ، فحصوله عقيب فعله يدل على أنها إنما كانت لإظهار منقبة من قبل الله تعالى ويزيده بيانا أن أحدا لا يدعيها لغيره عليه السلام كافة أهل الإسلام وحصول الاجماع من أدل دليلا أيضا . ذي المعالي فليعلموا من تعالى * هكذا هكذا وإلا لا (ومنهم) العلامة الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله (*)

ص 134

(هامش)

ابن أحمد المعروف بابن العربي المعافري الأندلسي المالكي المتوفى سنة 542 أورد في كتاب (أحكام القرآن ج 1 ص 240 ط مطبعة السعادة بمصر) رواية عن علي بن علقمة الأنصاري عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم ، إلى آخره بنحو ما تقدم . (ومنهم) العلامة ابن الأثير في جامع الأصول (ج 2 ص ط 452 السنة المحمدية بمصر) أخرج الترمذي عن علي بن أبي طالب لما نزلت : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول الآية قال لي رسول الله (ص) : ما ترى دينارا ؟ قلت لا يطيقونه ، قال : فنصف دينار ؟ قلت لا يطيقونه ، قال : فكم ؟ قلت شعيرة قال : إنك لزهيد ، قال : فنزلت أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات قال فبي خفف الله عن هذه الأمة (ومنهم) العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره (ج 29 ص 271 ط البهية بمصر) روى عن علي عليه السلام أنه قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي إلى آخر ما تقدم . وروى ابن خريج والكلبي وعطاء عن ابن عباس أنهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه أحد إلا علي عليه السلام تصدق بدينار ثم نزلت الرخصة . وروى عن علي بن أبي طالب أنه قال : لما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله (ص) فقال : ما تقول في دينار إلى آخر ما تقدم (ومنهم) العلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة (ص 21 ط النجف) قال علماء التأويل : نزلت في علي عليه السلام ، تصدق بدينار ثم ناجي الرسول الخ قال أبو إسحاق الثعلبي عن ابن عباس : سأل الناس رسول الله واحفوه في المسألة فأدبهم رسول الله بهذه الآية . (*)

ص 135

(هامش)

حكى الثعلبي عن مجاهد قال : نهوا عن مناجاة النبي (ص) حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب قدم دينارا فتصدق به . وقال علي (ع) : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وتلا هذه الآية . وفي رواية عنه : لما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله (ص) فقال ما ترى دينارا ؟ قلت : لا يطيقونه إلى آخر ما قدمناه فيما مر . وكان ابن عمر يقول : كانت لعلي عليه السلام ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كان أحب إلى من حمر النعم تزويجه فاطمة واعطائه الراية وآية النجوى . (ومنهم) العلامة الگنجي الشافعي المتوفى سنة 658 في كفاية الطالب (ص 120 ط الغري) ذكر ابن جرير وتابعه الخوارزمي في قوله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول الآية . قال المفسرون : سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثروا فأمروا بتقديم الصدقة على المناجاة ، فلم يناجه إلا علي ، قدم دينارا فتصدق به ، ثم نزلت الرخصة وقد ذكرت سنده في غير هذا الباب . وفي ذلك الكتاب (ص 52) . أخبرنا علي بن المقير النجار الأزجي بدمشق عن المبارك بن الحسن بن أحمد ، أخبرنا أبو الحسن بن أحمد ، حدثنا أبو إسحاق المفسر ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد ابن إسحاق الفقيه ، وحدثنا علي بن ظفر بن نصر ، حدثنا علي بن عبد الحميد ، حدثنا أبو عبد الرحمن الأشجعي عن سفيان عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال لما نزلت يا أيها الذين آمنوا دعاني رسول الله (ص) فقال لي ما ترى دينارا ؟ إلى آخر ما تقدم عن علقمة الأنماري فيما نقلناه عن تفسير الطبري . (*)

ص 136

(هامش)

(ومنهم) أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى سنة 671 أورد في تفسير المشهور (الجامع لأحكام القرآن ج 17 ص 302 ط القاهرة 1357 ه‍) روايات دالة على أن هذه الآية نزلت في شأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث قال : روى الترمذي عن علي بن علقمة الأنماري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما نزلت يا أيها الذين آمنوا الخ قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى دينارا ؟ إلى آخر الرواية . وروى أيضا عن مجاهد : أن أول من تصدق في ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه وناجى النبي صلى الله عليه وسلم ، روى أنه تصدق بخاتم ، وذكر القشيري وغيره عن علي بن أبي طالب أنه قال : في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الخ وقال ابن عمر : لقد كانت لعلي رضي الله عنه ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلى من حمر النعم إلى آخر الرواية . (ومنهم) العلامة البيضاوي في تفسيره (ج 4 ص 193 ط مصطفى محمد بمصر) عن علي كرم الله وجهه : إن في كتاب الله آية ما عمل بها أحد غيري الحديث . (ومنهم) العلامة محب الدين الطبري في الرياض النضرة (ج 2 ص 200 ط محمد أمين الخانجي بمصر) أخرج ابن الجوزي في أسباب النزول عن علي عليه السلام أنه قال : آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى إلى آخر ما تقدم (ومنهم) النيشابوري في تفسيره (ج 28 ص 18 بهامش تفسير الطبري ط الميمنية بمصر) وعن علي رضي الله عنه : لما نزلت الآية دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما تقول في دينار قلت : لا يطيقونه ، قال : كم ؟ قلت : حبة أو شعيرة ، قال إنك لزهيد (*)

ص 137

(هامش)

أي إنك لقليل المال فقدرت على حسب مالك . وعنه عليه السلام إن في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان لي دينار ، فاشتريت به عشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم . قال الكلبي تصدق به في عشر كلمات سألهن رسول الله (ص) . (ومنهم) العلامة الأديب الشهير بأبي حيان الأندلسي المغربي المتوفى سنة 754 ، أورد نزول الآية الشريفة في حق علي عليه السلام بقوله : وقال علي كرم الله وجهه : ما عمل به أحد غيري ، أردت المناجاة ولي دينار ، بنحو ما تقدم ، البحر المحيط (ج 8 ص 237 ط مطبعة السعادة بمصر) (ومنهم) العلامة ابن كثير في تفسيره (ج 4 ص 326 ط مصطفى محمد بمصر) قال ابن نجيح عن مجاهد قال : نهوا عن مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتصدقوا فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب قدم دينارا الحديث بعين ما تقدم فيما مر . قال ليث بن أبي سليم عن مجاهد ، قال علي رضي الله عنه : آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي بعين ما تقدم فيما مر . قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران عن سفيان عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي رضي الله عنه قال : قال النبي (ص) ما ترى دينارا ، بعين ما تقدم فيما مر ورواه الترمذي عن سفيان بن وكيع عن يحيى بن آدم عن عبيد الله الأشجعي عن سفيان الثوري عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة الأنماري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعين الحديث السابق . ورواه أبو يعلى عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن آدم به وروى عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن مجاهد قال علي : بها أحد غيري حتى نسخت . (*)

ص 138

(هامش)

(ومنهم) العلامة ابن الصباغ في فصول المهمة (ص 105 ط النجف) نقل الواحدي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنه كان مع علي بن أبي طالب أربعة دراهم إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة السيوطي في (لباب النقول في أسباب النزول) (ص 213 ط الهندية بمصر) وأخرج الترمذي وغيره عن علي : لما نزلت هذه الآية قال لي النبي إلى آخر ما نقله الطبري عن ابن حميد بسنده عن علقمة الأنماري عن علي . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الترمذي في (مناقب مرتضوي) (ص 35 ط محمدي بمبئي) روى نزول الآية عن الثعلبي بما تقدم مضمونه . (ومنهم) العلامة الشوكاني في تفسيره (فتح القدير) (ج 5 ص 186 ط مصطفى الحلبي بمصر) أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنة وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والنحاس وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت : يا أيها الرسول إذا ناجيتم . الآية قال النبي : ما ترى فساق الحديث بنحو ما تقدم إلى أن قال : فبي خفف الله عن هذه الأمة . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال : ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوم كان عندي دينار إلى آخر الحديث الذي تقدم نقله . وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت إذا ناجيتم الرسول الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لزهيد ، فنزلت الآية الأخرى أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات (*)

ص 139

(هامش)

(ومنهم) العلامة الآلوسي في (روح المعاني) (ج 28 ص 28 ط المنيرية بمصر) لم يعمل بهذه الآية على المشهور غير علي كرم الله وجهه . وأخرج الحاكم وصححه وابن المنذر وعبد بن حميد وغيرهم عنه كرم الله تعالى وجهه أنه قال : إن في كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى : يا أيها الذين آمنوا الآية ، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت : أأشفقتم الآية (ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 100 ط اسلامبول) روى رزين العبدري في الجمع بين الصحاح ، قال : قال أبو عبد الله البخاري بعين ما نقلناه عن البخاري . وروى ابن المغازلي عن علي بن علقمة عن علي كرم الله وجهه نحوه . وروى ابن المغازلي أيضا عن مجاهد عن علي كرم الله وجهه نحوه . وروى موفق بن أحمد الحمويني عن ابن عباس وعن مجاهد عن علي كرم الله وجهه نحوه . وروى أبو نعيم الحافظ بسنده عن أبي صالح عن ابن عباس نحوه . وروى موفق بن أحمد عن علي كرم الله وجهه أنه قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل أحد بعدي وهي : يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة ، ثم نسخت . وروى في المناقب عن مكحول عن علي (ع) قال : والله ما عمل بهذه الآية أحد غيري فنزلت : أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقات الآية . (*)

ص 140

لعلي (ع) ثلاثة لو كانت لي واحدة منها لكانت أحب إلي من حمر النعم ، تزويجه بفاطمة عليها السلام وإعطاءه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى (إنتهى) . قال الناصب خفضه الله أقول : هذا من رواية أهل السنة وأن آية النجوى لم يعمل به إلا علي (ع) ، ولا كلام في أن هذا من فضائله التي عجزت الألسن عن الإحاطة بها ، ولكن لا يدل على النص على إمامته (إنتهى) . أقول إنما استدل المصنف بها على الأفضلية ووجه الاستدلال : أنه سبق ساير الصحابة إلى العمل بمضمونها وبعد عمله بها نسخت (1) عنهم ، فيكون نزولها بيانا لأفضليته عليهم ومسارعته إلى قبول أوامر الله عز وجل ، والعمل بها قبلهم ، فيكون أفضل ، ولهذا تمناها ابن عمر (2) ، وربما يستدل من هذا على كذب ما يدعيه أهل السنة من أن أبا بكر كان ذا مال ، وأنه كان يصرف ماله في سبيل الله وذلك ، لأنه إذا بخل أبو بكر بدرهم أو درهمين يقدمه بين يدي نجوى النبي (ص) وفارق النبي (ص) والنظر إلى وجهه الكريم وما يفيده خطابه الفهيم مقدار عشرة ليال كما نقله ابن المرتضى (3)

(هامش)

(1) كما تقدم في تعاليقنا على كلام المصنف في المقام فراجع (2) وقد ذكرنا مدارك صدور هذا الكلام من ابن عمر فراجع . (3 ) هو العلامة السيد عز الدين محمد بن إبراهيم الوزير ابن علي المرتضى بن المفضل ابن المنصور الحسني اليماني الفقيه المحدث المتكلم الأصولي ولد في (شظب من جبال اليمن) سنة 775 وتوفي بالطاعون في اليمن سنة 840 ، ومن الغريب أنه ترك مذهب الزيدية مسلك أسلافه وتسنن وجادلهم وكتب الرد عليهم ، وكان زايد في الجدل له كتب منها العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم أربعة أجزاء الجدل ، له كتب منها العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم أربعة أجزاء في الرد على الزيدية (*)

ص 141

من أهل السنة في تفسيره والزمخشري (1) حتى ينزل قرآن بالعتب على ذلك محال أن ينفق مثل ذلك المال الذي رووه لأحد كما لا يخفى ، هذا

(هامش)

وكتاب الروض الباسم مختصر العواصم طبع بمصر وكتاب العزلة وقبول البشرى في التيسير لليسرى وكتاب التأديب الملكوتي مختصر ذكر فيه العجائب والغرائب وكتاب البرهان القاطع في معرفة الصانع وجميع ما جاءت به الشرايع ، فرغ من تصنيفه سنة 801 وكتاب تنقيح الأنظار في علم الدراية فرغ منه سنة 813 ، وكتاب إيثار الحق على الخلق فرغ منه سنة 837 وطبع بمصر أيضا تحامل فيه كل التحامل وساقت عصبيته قلمه إلى كل مساق ، وكتاب تفسير القرآن كبير والظاهر إنه لم يتمه ومجمع الحقائق والرقائق في ممادح خير الخلائق هو ديوان شعره وفتح الخالق شرحه وكتاب الحسام المشهور في الذب عن الإمام المنصور أي جده المذكور في عمود النسب وغيرها ، وأورده الحافظ ابن حجر في أنباء الغمر في ترجمة أخيه الهادي وكذا السخاوي في الضوء وكذا العلامة شيخنا في الرواية السيد محمد بن زبارة الحسني في كتاباته وكذا العلامة ملك بهوبال في في التاج وغيرهم . هم ليعلم أن ابن المرتضى يطلق على جماعة منهم المترجم ويقال له : ابن الوزير أيضا ومنهم الشريف النسابة الموسوي من ذرية سيدنا الجليل علم الهدى . ومنهم المولى محمد بن المرتضى الهروي المحدث ومن الكلمات الدائرة السائرة أن لا اعتداد بشبهات ابن المرتضى اليماني في الكلام ولا بمطاعن ابن المرتضى النسابة في النسب لتسرعه في الطعن ولا لتضعيفات ابن المرتضى الهروي حتى أنه كاد أن ينكر الروايات المتواترة لفظا فكيف بغيرها فتدبر . (1) يدل عليه كلامه في الكشاف (ج 4 ص 76 ط مصطفى محمد بمصر) وكذا يدل عليه كلام الخازن تفسيره وكلام البغوي في هامش تفسير الخازن (ج 7 ص 45 ط مصر) (*)

ص 142

وقد كابر القاضي عبد الجبار (1) في هذا المقام ، فقال : هذا لا يدل على فضيلة علي دون أكابر الصحابة لأن الوقت لعله لم يتسع للعمل بهذا الفرض (إنتهى) . وأقول : فساده ظاهر ، لاتفاق الأصوليين سوى من جوز التكليف بما لا يطاق على أنه تعالى لا يجوز أن يكلف العبد بإتيانه بفعل في زمان يقصر عن فعله فيه ، وأيضا يدفع هذا الاحتمال دلالة رواية ابن المغازلي في كتاب المناقب : والبغوي (2) في معالم التنزيل عن علي (ع) : أن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي كان لي دينار فاشتريت عشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم ، فإن هذه الرواية صريحة (3) في اتساع الوقت ، وكذا يدفعه ما رواه (4) الحافظ أبو نعيم عن ابن عباس ، قال : إن الله حرم كلام رسول الله (ص) إلا بتقديم الصدقة وبخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه ، وتصدق علي (ع) ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين ، وأيضا يدل على أنهم لم يكونوا معدودين (معذورين خ ل) في هذا قوله تعالى : فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم (5) فإن ذكر التوبة يدل على توجه العتاب إليهم بسبب الاهمال في الأمثال ، ولو كان الزمان مضيقا كما ذكره القاضي ، لما توجه ذلك ، وأيضا يدل عليه تمني ابن عمر إياه كما مر هذا ، وقد زاد الرازي في الطنبور نغمة

(هامش)

(1) قد مرت ترجمته (ج 1 ص 277) وهذا الكلام مذكور في كتابه الذي سماه (بالمغني) (2) المطبوع بهامش تفسير الخازن وكذا الخازن في (ج 7 ص 44 طبع مصر بمطبعة مصطفى محمد) وغيرهما . (3) وأنا أقول : لو لم يتسع الوقت للعمل بهذا الفرض ، فكيف عمل به علي عليه السلام عشر مرات . منه . أقول وقد تقدم نقل كلام الزمخشري والخازن والبغوي في أن المدة كانت عشر ليال فراجع (4) قد تقدم نقله عن الينابيع وغيره من كتبهم في ذيل الآية الكريمة فراجع . (5) المجادلة . الآية 13 . (*)

ص 143

الزنبور (1) فقال سلمت (سلمناه ل خ) أن الوقت قد وسع ، إلا أن الاقدام على هذا العمل مما يضيق قلب الفقير الذي لا يجد شيئا وينفر الرجل الغني ، فلم (ولم خ ل) يكن في تركه مضرة ، لأن الذي يكون سببا للألفة أولى عما (مما خ ل) يكون سببا للوحشة ، وأيضا الصدقة عند المناجاة واجبة أما المناجات فليست بواجبة ولا مندوبة ، بل الأولى ترك المناجاة لما بينا من أنها كانت سببا لسامة النبي (ص) (إنتهى) . وأجاب عنه الفاضل النيشابوري (2) في تفسير بقوله : قلت هذا الكلام لا يخلو عن تعصب ما ومن أين يلزمنا أن نثبت مفضولية علي كرم الله وجهه في كل خصلة ، ولم لا يجوز أن يحصل له فضيلة لم توجد لغيره من أكابر الصحابة ، فقد روى عن ابن عمر كان لعلي ثلاث لو كانت لي واحدة منهم كانت أحب إلي من حمر النعم : تزويجه بفاطمة (فاطمة خ ل) رض ، وإعطاءه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى ، وهل يقول منصف : إن مناجاة النبي (ص) نقيصة ؟ على أنه لم يرد في الآية النهي (نهى خ ل) عن المناجاة ، وإنما ورد تقديم الصدقة على المناجاة ، فمن عمل بالآية حصلت له الفضيلة من جهتين ، من جهة سد خلة بعض الفقراء ، ومن جهة محبة نجوى الرسول (ص) ففيها القرب منه وحل المسائل العويصة ، وإظهار أن نجواه أحب إلى المناجي من المال (إنتهى) . وأقول : يتوجه على الرازي فوق ما أورده النيشابوري عليه ، أن علة تشريع الصدقة عند النجوى إنما هو سد خلة الفقراء والرفق بهم ، ومع ذلك هم معذورون في ذلك شرعا وعرفا خارجون عن حكم الآية ضرورة ، فلا يلزم انكسار قلوبهم كما لا يخفى ، على أن ما ذكره جار في تشريع الزكاة والحج ونحوهما مما يتوقف وجوبه أو

(هامش)

1) إشارة إلى المثل السائر الدائر (زاد في الطنبور نغمة) وهو من الأمثال المولدة ثم في إضافة النغمة إلى الزنبور لطف تعبير كما لا يخفى على أهل الذوق . (2) في تفسيره المطبوع بهامش تفسير الطبري (ج 28 ص 18 ط الأولي بمصر) (*)

ص 144

ندبه على المال ، فجاز أن يقال على قياس ما ذكره إن الأولى عدم شرعية الزكاة مثلا لأنه مما يضيق قلب الفقير الذي لا يجد النصاب ، وينفر الرجل الغني ، وهو كفر ، أو في حد الكفر بالله تعالى ، لفظ الصدقة ولم يحد لها مقدارا معينا ليقال : إن أبا بكر أو غيره من الفقراء ربما عجزوا بل يتأتى ذلك على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ولو بتمرة أو بشقها ، (1) وكذا منع كون نجوى الرسول مندوبة في حد الكفر وقد تعرض له النيشابوري بإشارة فافهم . قال المصنف رفع الله درجته

السادسة عشر الآية (واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا ..)

روى ابن عبد البر (2) وغيره من السنة في قوله تعالى (3) : واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا (4) ، قال : إن النبي (ص) ليلة أسري به جمع الله بينه وبين

(هامش)

(1) إشارة إلى الحديث النبوي الشهير ، وقد مر في (ج 1) بيان مداركه ونزيد هنا إن ممن رواه الخطيب البغدادي الحافظ أورد في ج 163 وج 4 ص 124 وج 7 ص 129 وج ص 164 وج 7 ص 169 وج 7 ص 170 وج 7 ص 171 فليراجع ثم ليعلم أن هناك عدة أحاديث في شق التمرة قد ورد بعضها إطعام الفقير وبعضها في إفطار المؤمن الصائم . ومن الأخبار في الباب ما نقله الحافظ شمس الدين محمد السخاوي المصري القاهري في كتابه المقاصد الحسنة (ص 20 طبع القاهرة رقم 24) قوله (ص) اتقوا النار ولو بشق تمرة رواه عن الشيخين عن عدي بن حاتم وعن الحاكم عن ابن عباس وعن أحمد عن عائشة وعن الديلمي بزيادة فإنها تقيم العوج وتسد الخلل وتدفع ميتة السوء وتقع من الجائع موقعها من الشبعان إلى غير ذلك من الروايات . (2) قد مرت ترجمته في المجلد الثاني ص (344) . (3) الزخرف . الآية . 45 . (4) رواه من أعلام القوم عدة (*)

ص 145

الأنبياء ، ثم قال له سلهم يا محمد على ماذا بعثتم ؟ قالوا بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله وعلى الاقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب (إنتهى) . قال الناصب خفضه الله أقول : هذا ليس من رواية أهل السنة ، وظاهر الآية آب عن هذا ، لأن تمام الآية : واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ،

(هامش)

(ومنهم) الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء (على ما في اللوامع) عن ابن مسعود وابن عباس سأل رسول الله الأنبياء علام بعثتم فقالوا كلهم على شهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بنبوتك والولاية لعلي (ومنهم) العلامة الحمويني كما في كفاية الخصام (ص 348 ط طهران) روى عن ابن مسعود بعين ما تقدم : (ومنهم) العلامة المذكور في فرائد السمطين (على ما في اللوامع) عن ابن مسعود وابن عباس بعين ما تقدم عن الحلية . (ومنهم) العلامة النيشابوري في تفسيره (ج 25 ص 58 المطبوع بهامش الطبري ط الميمنية) روى الثعلبي عن ابن مسعود أن النبي (ص) قال : أتاني ملك فقال يا محمد : سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا علام بعثوا ، قال على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 82 ط اسلامبول) روى موفق بن أحمد والحمويني وأبو نعيم الحافظ بأسانيدهم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله (ص) : لما عرج بي إلى السماء إلى أن قال : فقلت معاشر الرسل إلى ماذا بعثكم ربي قبلي ؟ فقالت الرسل : عن نبوتك وولاية علي بن أبي طالب وهو قوله تعالى واسئل من أرسلنا . الآية . (*)

ص 146

والمراد أن إجماع الأنبياء واقع على وجوب التوحيد ونفي الشرك ، هذا مفهوم الآية ، وهذا النقل من المناكير وإن صح فلا يثبت به النص الذي هو المدعى لما علمت أن الولاية تطلق على معان كثيرة (إنتهى) . أقول الرواية المذكورة بأدنى تغيير في اللفظ في تفسير النيشابوري (1) عن الثعلبي ، حيث قال : وعن ابن مسعود أن النبي (ص) قال : أتاني ملك فقال : يا محمد سل من أرسلنا قبلك من رسلنا علام بعثوا ، قال : قلت : على م بعثوا ، قال : على ولايتك وولاية علي ابن أبي طالب (ع) ، رواه الثعلبي ولكنه لا يطابق قوله سبحانه أجعلنا الآية انتهى وقد ظهر (2) بما نقلناه أن الرواية من روايات أهل السنة وأن المناقشة التي ذكرها الناصب قد أخذها من النيشابوري ، وهي مع وصمه الانتحال ضعيفة ، إذ يمكن أن يكون الجعل في الجملة الاستفهامية بمعنى الحكم ، كما صرح به النيشابوري آخرا ، ويكون الجملة حكاية عن قول الرسول (ص) ، وتأكيدا لما أضمر في الكلام من الاقرار ببعثهم على الشهادة المذكورة ، بأن يكون المعنى أن الشهادة المذكورة لا يمكن التوقف فيها ، إلا لمن جعل من دون الرحمن آلهة يعبدون (3) ، ونظير هذا

(هامش)

(1) فراجع إلى تعاليقنا في ذيل الآية فإنها مذكورة عن الطبري وغيره من الأعلام (2) فإن مقتضى عبادة الله وحده إطاعة أوليائه وأنبيائه دون من عداهم منه (قده) أقول : الأظهر في الجواب أن يقال : إن الاقرار بنبوة محمد (ص) وولاية علي عليه السلام من لوازم التوحيد ونفي الشرك ، فصح ارتباط قوله تعالى : أجعلنا الخ بما قبله على التفسير المروي على أنه لا يبعد تعميم الآلهة بحيث يشمل كل ما عبد من دون الله فيشمل صنمي قريش أيضا ، فيكون دالة على بطلان الاختيار في الإمامة . فافهم (3) اقتباس من قوله تعالى في سورة الزخرف . الآية 45 (*)

ص 147

الاضمار (1) واقع في القرآن في قوله تعالى أنا أنبئكم بتأويله فارسلون ، يوسف أيها الصديق أفتنا (2) ، فإن المراد كما ذكره ، النيشابوري وغيره فأرسلوني إليه لأسأله ومروني باستعباره فأرسلوه إلى يوسف ، فأتاه فقال يوسف الآية غاية الأمر أن يكون ما نحن فيه من الآية لخفاء القرينة على تعيين المحذوف من المتشابهات التي لا يعلم معناها إلا بتوفيق من الله تعالى على لسان رسوله ، هذا لا يقدح في مطابقة قوله سبحانه : أجعلنا الآية لما روي في شأن النزول ، فلا مناقشة ولا شيئ من المناكير ، وإنما المنكر هذا الشقي الناهق الذي يذهب إلى كل زيف (3) زاهق ، وينعق (4) مع كل ناعق يلحس فضلات المتأخرين ، ويزعم أن ما ذكروه آخر كلام في مقاصد الدين . قال المصنف رفع الله درجته

السابعة عشر قوله تعالى : وتعيها أذن واعية (5)

روى (6) الجمهور أنها نزلت في علي (ع) (إنتهى) .

(هامش)

(1) ونظيره في العرف أن تقول لغيرك : هل تعرف واجبات الصلاة ، فيقول : أعرف ، ألست مسلما ؟ ! (2) يوسف . الآية 46 (3) زيف الدراهم : زافها ، الرجل : حقره ، والزيف : المحقر . (4) نعق - نعقا ونعيقا ونعاقا ونعقانا الغراب : صاح ورفع صوته . (5) الحاقة . الآية 12 . (6) رواها من أعلام القوم ونقلة آثارهم عدة كثيرة ونحن نشير إلى بعض منها حسب ما اقتضته الفرصة فنقول : (ومنهم) العلامة الطبري في (تفسيره) (ج 29 ص 31 ط الميمنية بمصر) حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب قال : سمعت مكحولا (*)

ص 148

(هامش)

يقول : قرء رسول الله (ص) وتعيها أذن واعية ، ثم التفت إلى علي فقال : سألت الله أن يجعلها أذنك ، قال علي رضي الله عنه : فما سمعت شيئا من رسول الله (ص) فنسيته حدثني محمد بن خلف ، قال : ثنا بشر بن آدم ، قال ثنا عبد الله بن الزبير ، قال : ثنا عبد الله بن رستم ، قال سمعت بريدة يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي : يا علي إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي ، وحق على الله أن تعي ، قال : ونزلت أذن واعية . حدثني محمد بن خلف ، قال : ثنا الحسن بن حماد ، قال : ثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيمي عن فضيل بن عبد الله عن أبي داود عن داود عن بريدة الأسلمي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : إن الله أمرني أن أعلمك وأن أدنيك ولا أجفوك ولا أقصيك ثم ذكر مثله . (ومنهم) العلامة الحافظ أبو نعيم في (حلية الأولياء) (ج 1 ص 67 ط مطبعة السعادة بمصر) حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، حدثني أبو محمد القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، حدثني أبي عن أبيه جعفر عن أبيه محمد بن عبد الله عن أبيه محمد عن أبيه عمر عن أبيه علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي وأنزلت هذه الآية : وتعيها أذن واعية ، فأنت أذن واعية لعلمي (ومنهم) العلامة الواحدي النيسابوري في (أسباب النزول) (ص 339 ط الهندية بمصر) حدثنا أبو بكر التميمي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، أخبرنا الوليد بن أبان ، أخبرنا العباس الدوري ، أخبرنا بشر بن آدم ، أخبرنا عبد الله بن الزبير ، قال : سمعت صالح بن هشيم يقول : سمعت بريدة يقول : قال رسول الله لعلي : إن الله أمرني أن (*)

ص 149

(هامش)

أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وتعي وحق على الله أن تعي فنزلت : وتعيها أذن واعية (ومنهم) العلامة الزمخشري في تفسيره (الكشاف) (ج 4 ص 134 ط مصر) وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي رضي الله عنه عند نزول هذه الآية سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي رضي الله عنه : فما نسيت شيئا بعد وما كان لي أن أنسى . (ومنهم) العلامة الشيخ عبد الرؤوف المناوي في (الكواكب الدرية) (ص 39 ط مطبعة الأزهر بمصر) قال رسول الله (ص) لعلي : إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي . (ومنهم) عبد العزيز الدهلوي في تفسيره (ج 1 ص 388) (كما في فلك النجاة) أورد الرواية بعين ما تقدم . (منهم) العلامة الثعلبي كما في كتاب العمدة للعلامة ابن بطريق (ص 151 ط تبريز) قال في تفسير قوله تعالى : وتعيها أذن واعية ، قال : أخبرني ابن منجويه ، قال : حدثنا ابن جبان إسحاق بن محبة حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن عيسى ، حدثنا علي ابن علي ، حدثني أبو حمزة الثمالي ، حدثني عبد الله بن الحسين قال : حين نزلت هذه الآية وتعيها أذن واعية ، قال رسول الله (ص) : سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي ، الحديث أقول : ابن منجويه في السند هو الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن منجويه بالميم المفتوحة ثم النون الساكنة ثم الجيم المضمومة ثم الواو المفتوحة ثم الياء المشاة التحتانية الساكنة ، الإصبهاني البردي ، نزيل نيسابور ، المتوفى سنة (428) فما في بعض الكتب من ضبط منجويه بالفاء بدل الميم وهم كما لا يخفى . (ومنهم) العلامة فخر الدين الرازي في (تفسيره) (ج 30 ص 107 ط البهية بمصر) وعن النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول هذه الآية سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي : فما نسبت شيئا بعد ذلك وما كان لي أن أنسى . (*)

ص 150

(هامش)

(ومنهم) العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 111 ط الغري) أخبرنا صدر الشام قاضي القضاة أبو المفضل يحيى بن أبي المعالي محمد بن علي القرشي بدمشق والحافظ يوسف بن خليل بحلب والحافظ محمد بن محمود ببغداد ، قالوا جميعا : أخبرنا حجة العرب زيد بن الحسن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب ، أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان ، حدثنا محمد بن غالب ، حدثنا بشر بن آدم ، حدثنا عبد الله بن الزبير الأسدي عن صالح بن ميثم ، قال : سمعت بريدة الأسلمي يقول : قال رسول الله (ص) لعلي : إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق على الله أن تعي ، قال : ونزلت وتعيها أذن واعية هذا سياق حافظ العراق وتابعه محدث الشام ونقل الطباطبائي في التعليقة ونحوه عن أبي نعيم الإصبهاني بسند آخر . وقال في (ص 40) من ذلك الكتاب . أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن المتوكل علي الله عن محمد بن عبيد الله بن الزاغوني أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الحافظ ، حدثنا أحمد بن إبراهيم المفسر ، حدثنا ابن فنجويه ، حدثني عبد الله بن الحسن قال حين نزلت هذه الآية وتعيها أذن واعية قال رسول الله (ص) سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي ، قال علي عليه السلام فما نسيت شيئا بعد وما كان لي أن أنسى - قلت وقد رواه الطبراني مرفوعا في معجمه يطول الكتاب بذكر سنده (ومنهم) العلامة النيشابوري في (تفسيره) (ج 29 ص 301 بهامش الطبري ط الميمنية بمصر) عن النبي (ص) أنه قال لعلي رضي الله عنه عند نزول الآية : سألت الله أن يجعلها أذنك يا على ، قال علي رضي الله عنه : فما نسيت شيئا بعد ذلك وما كان لي أن أنسى . (ومنهم) العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى (*)

ص 151

(هامش)

سنة 671 أورد في تفسيره المشهور (الجامع لأحكام القرآن ج 18 ص 264 ط القاهرة) 1357 ه‍) روايات دالة على أن المراد بأذن واعية أذن علي بن أبي طالب عليه السلام . منها قوله : وروى مكحول أن النبي (ص) قال عند نزول هذه الآية : سألت ربي أن يجعلها أذن علي ، الخ وذكره الماوردي وعن الحسن نحوه وقوله : ذكره الثعلبي قال : لما نزلت : وتعيها أذن واعية ، قال النبي (ص) : سألت ربي أن يجعلها أذنك يا علي ، إلى آخر الرواية وقوله : وقال أبو برزة الأسلمي قال النبي (ص) لعلي : يا علي : إن الله أمرني أن أدنيك إلى آخر الرواية . (ومنهم) العلامة المتقي الهندي في (منتخب كنزل العمال) (بهامش المسند ج 5 ص 48 ط القديم بمصر) (حل) عن علي في قوله : وتعيها أذن واعية ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي ، فما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فنسيته (ض) وأبو نعيم في المعرفة وابن مردويه . (كر) عن بريدة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك أن تعي وأنه حق على الله أن تعي ونزلت : وتعيها أذن واعية قال : أذن عقلت عن الله . (حل) عن علي ، قال : قال رسول الله (ص) : يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي ، وأنزلت هذه الآية ، وتعيها أذن واعية . (ومنهم) العلامة الأديب الشهير بأبي حيان الأندلسي المغربي المتوفى سنة 754 ، أورد في شأن نزول الآية الشريفة أن النبي (ص) قال لعلي : إني دعوت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي بنحو ما قدمنا . البحر المحيط (ج 8 ص 322 مطبعة السعادة بمصر)

ص 152

(هامش)

(ومنهم) العلامة ابن كثير في (تفسيره) (ج 4 ص 413 ط مصطفى محمد بمصر) قد قال ابن أبي حاتم ، حدثنا أبو زرعة الدمشقي ، حدثنا العباس بن الوليد بن صبيح الدمشقي ، حدثنا زيد بن يحيى ، حدثنا علي بن حوشب سمعت مكحولا يقول : لما نزل على رسول الله (ص) وتعيها أذن واعية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سألت ربي أن يجعلها أذن علي قال مكحول : فكان علي يقول : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فنسيته . ورواه ابن جرير عن علي بن سهل عن الوليد بن مسلم عن علي بن حوشب به . وقد قال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا جعفر بن محمد بن عامر ، حدثنا بشر بن آدم ، حدثنا عبد الله بن الزبير أبو محمد يعني والد أبي أحمد الزبيري ، حدثني صالح بن هشيم ، سمعت أبي مرة الأسلمي يقول : قال رسول الله (ص) لعلي : إني أريد أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي قال : فنزلت هذه الآية : وتعيها أذن واعية ورواه ابن جرير عن محمد بن خلف عن بشر بن آدم به . ثم رواه ابن جرير من طريق آخر عن داود الأعمى عن بريدة به . (ومنهم) العلامة ابن الصباغ في (فصول المهمة) عن مكحول عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى : وتعيها أذن واعية قال : قال لي رسول الله (ص) : سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي ، ففعل ، فكان علي عليه السلام يقول : ما سمعت من رسول الله (ص) كلاما إلا وعيته وحفظته ولم أنسه (ومنهم) العلامة السيوطي في الدر المنثور (ج 6 ص 260 ط الأولى بمصر) قال : أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن مكحول قال : لما نزلت : وتعيها أذن واعية ، قال رسول الله (ص) : سألت ربي أن يجعلها أذن علي ، قال مكحول : فكان علي يقول : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فنسيته . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن النجاري (*)

ص 153

(هامش)

عن بريدة قال : قال رسول الله (ص) لعلي : إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق أن تعي ، فنزلت هذه الآية : وتعيها أذن واعية وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي ، فأنزلت هذه الآية ، فأنت أذن واعية لعلمي . (ومنهم) العلامة المذكور في (لباب النقول) ص 225 ط مصطفى الحلبي بمصر) أخرج ابن جرير وابن حاتم والواحدي عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب إني أمرت أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي قال فنزلت هذه الآية : فتعيها أذن واعية (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الترمذي في (مناقب مرتضوي) (ص 36 ط محمدي بمبئي) روى عن صحيح الترمذي عن علي عليه السلام وروى عن المناقب لابن مردويه وتفسير الثعلبي وأسباب النزول للواحدي عن بريدة الأسلمي نزول الآية في علي عليه السلام بعين المضمون المتقدم (ومنهم) العلامة الآلوسي في تفسير (روح المعاني) (ج 29 ص 43 ط المنيرية بمصر) إن النبي (ص) قال لعلي كرم الله تعالى وجهه : إني دعوت الله أن يجعلها أذنك يا علي قال علي كرم الله تعالى وجهه : فما سمعت شيئا فنسيته وما كان لي أن أنسى ، وفي جعل الأذن واعية وكذا جعلها حافظة ومتذكرة . (ومنهم) العلامة الفاضل ، الشيخ الشبلنجي المدعو بمؤمن ، روى عن مكحول عن علي بن أبي طالب عليه السلام في قوله تعالى : وتعيها أذن واعية قال : قال رسول الله (ص) : سألت أن يجعلها أذنك يا علي : الخ (نور الأبصار ص 105 ط العثمانية بمصر)

ص 154

قال الناصب خفضه الله أقول : روى المفسرون : أنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله (ص) لعلي : سألت الله تعالى أن يجعلها أذنك ، قال علي : فما نسيت بعدها شيئا ، وهذا يدل على علمه وحفظه وفضيلته ، ولا يدل على النص بإمامته (إنتهى) . أقول روى (1) الواحدي (2) في أسباب نزول القرآن عن بريدة ، روى (3) أبو نعيم في

(هامش)

(ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 120 ط اسلامبول) أخرج موفق بن أحمد الخوارزمي عن زربن حبيش عن علي كرم الله وجهه قال : ضمني رسول الله (ص) وقال : أمرني ربي أن أدنيك إلى آخر ما تقدم . وأخرج الثعلبي عن صالح بن هيثم عن بريدة الأسلمي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لعلي : أمرني ربي إلى آخر ما تقدم . وأخرج أبو نعيم الحافظ عن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه . وأخرج أبو نعيم المالكي أخرجاه عن مكحول عن علي كرم الله وجهه . واخرج موفق الخوارزمي عن ميمون بن برهان عن ابن عباس عن النبي قال : سألت ربي أن يجعلها في أذن علي ، قال علي : ما سمعت من رسول الله (ص) شيئا إلا وعيته وحفظته ولم أنسه . وذكر في شرح المواقف : أكثر المفسرين على أنه علي (1) في أسباب النزول (ص 429 ط مصر بمطبعة الهندية) كما تقدم في التعاليق (2) هو الشيخ الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري وقد مرت ترجمته في الجزء الأول وسيأتي أيضا (3) حليه الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصفهاني (ص 67 ج 1 ط مصر بمطبعة السعادة) (*)

ص 155

الحلية عن علي وأبو القاسم (1) بن حبيب في تفسيره ، عن زربن (2) حبيش عن علي

(هامش)

وقد ذكرنا في تعاليقنا مفصلا . (1) يمكن أن يكون المراد به عبد الملك بن حبيب المالكي السلمي ثم المرداسي الأندلسي القرطبي الفقيه المحدث المفسر النسابة الشهير ، ولد بعد سنة 170 وتوفي سنة 239 وقيل : سنة 238 أخذ عن عبد الملك بن ماجشون واصبغ بن الفرج وزياد سطون صعصعة بن سلام ، له تآليف كثيرة في فنون العلم ذكره الذهبي في التذكرة (ج 2 ص 107 طبع حيدر آباد) ونقل عن سحنون الأندلسي المالكي المشهور أنه لما قيل مات ابن حبيب قال مات عالم الأندلس بل والله عالم الدنيا ونقل عن أحمد بن محمد بن عبد البر أن ابن حبيب هو أول من أظهر الحديث بالأندلس ، ويحتمل بعيدا أن يكون المراد به محمد بن حبيب أبو جعفر البغدادي النسابة المحدث الفقيه المفسر المؤرخ صاحب كتاب المحبر وغيره هذا ، والأظهر في نظري عاجلا أن المراد به ابن حبيب النيسابوري المفسر المحدث الشهير الذي ينقل عنه الشيخ جلال الدين السيوطي في كتاب الاتقان والله أعلم (2) وهو زربن حبيش بن خباشة بن أوس بن هلال بن بلال الأسدي من بني أسد بن خزيمة يكنى أبا مريم ، وقيل يكنى أبا مطرف ، أدرك الجاهلية ولم ير النبي صلى الله عليه وآله وهو من جلة التابعين من كبار أصحاب ابن مسعود ، وممن روى عن مولينا علي عليه السلام والعباس وروى عنه الشعبي وإبراهيم النخعي ، وكان عالما بالقرآن قارئا فاضلا ، توفي سنة 83 وهو ابن مأة وعشرين سنة ، بعد الكوفيين ، وقيل إنه مات سنة 81 ، والأول أصح ، لأنه مات بدير الجماجم وكانت وقعة الجماجم في شعبان سنة 83 ، هكذا أفاد في الاستيعاب (ج 1 ص 206 طبع حيدرآباد) وقال الخزرجي في الخلاصة (ص 111) : إنه روى أنه المنهال بن عمر وعاصم بن بهدلة القاري ، ضبط كلمة حبيش بضم المهملة وفتح الموحدة وآخر معجمة ولفظة خباشة بمعجمتين بينهما موحدة بعدها ألف فراجع أقول : وقد روى عدة أحاديث في الفضائل سنذكرها في ذيل الآيات الشريفة والأخبار (*)

ص 156

واللفظ له : قال : قال علي بن أبي طالب ضمني رسول الله ، وقال أمرني ربي أن أدنيك ولا أقصيك ، وأن تسمع وتعي ، وفي تفسير الثعلبي في رواية بريدة وأن أعلمك وتعي وحق على الله أن تسمع وتعي فنزلت وتعيها أذن واعية (إنتهى) وبعضهم روى ما رواه الناصب ، ففي إطلاق قوله : روى المفسرون ما يفسر عن تعصبه كما لا يخفى ، وقال صاحب الكشاف وفخر الدين الرازي بعد ذكر الرواية التي رواها الناصب في شأن علي فإن قيل : لم قال أذن واعية على التوحيد والتنكير ؟ قلنا : للايذان بأن الوعاة فيهم قلة ، وتوبيخ الناس بقلة من يعي فيهم ، والدلالة على أن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله تعالى فهو السواد الأعظم عند الله ، وأن ما سواه لا يلتفت إليهم ، وإن امتلاء العالم منهم (إنتهى) . ثم أقول : فقد دلت الآية بما كشف علامة المعتزلة (1) وإمام الأشاعرة (2) عن أسرارها على اختصاص علي (ع) في زمان النبي (ص) بذلك لما صرحوا باستجابة دعاء النبي (ص) في حقه (ع) وعلي توبيخ غيره ، وأنه لا التفات إليهم ، فيكون هو الأحق بالإمامة كما هو المدعى ، ومما ينبغي أن يمهد هيهنا لحال عليه فيما يأتي ، أن من تأمل في القرآن والحديث ، علم أن التفضيل لا يكون إلا بالعلم ، قال النبي (ص) (3) : فضل العالم على العابد كفضلي علي أدناكم ، وقال الله : إنما يخشى

(هامش)

التي يشير إليها في المتن إن شاء الله تعالى . (1) المراد به الزمخشري صاحب الكشاف . (2) أراد به فخر الدين الرازي . (3) قال الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر الأندلسي القرطبي المتوفى سنة 463 في كتابه (مختصر جامع بيان العلم وفضله ص 17 طبع القاهرة) في باب تفضيل العلم على العبادة ما لفظه : وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي ، وعنه صلى الله عليه وسلم قليل العلم خير من كثير العبادة ، وكتب القوم مشحونة (*)

ص 157

الله من عباده العلماء (1) ، فإن معناه حصر الخشية والتقى على العلماء ، مع أنه قال : إن أكرمكم عند الله أتقاكم (2) ولا شك أن عليا كان أعلم من باقي الصحابة لا استفتائهم عنه مشهور (3) ، وإقرارهم بجهلهم في تلك المستفتيات مذكور ، حتى صار قول عمر : لولا علي لهلك عمر (4) ، كالمثل السائر بين أمة خير البشر ، وهذا دليل على أن عليا (ع) كان أعلم ، وأما أن كل من كان أعلم فهو أفضل ، فقد ثبت بالنص كما أسلفناه ، وبعد ثبوت الصغرى والكبرى على هيئة الشكل الأول فنتيجته بديهة ، وإنكاره مكابرة ومعاندة فلا يلتفت إليه . قال المصنف رفع الله درجته

الثامنة عشر سورة هل أتى

روى (5) الجمهور كافة أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله (ص) (جدهما خ ل) وعامة العرب ، فنذر علي صوم ثلاثة أيام

(هامش)

من الروايات النبوية الدالة على فضل العلم على العبادة وأما أصحابنا شيعة أهل البيت عليهم السلام فقد رووا روايات كثيرة عن أئمة الهدى أودعوها في جوامعهم الحديثية وغيرها . (1) فاطر . الآية 28 . (2) الحجرات . الآية 13 . (3) كما رجع عمر إلى قوله عليه السلام : في التي وضعت لستة أشهر وفي المجنونة التي زنت وكما رجع إليه عليه السلام عثمان عن حجب الأخ بالجد ، أشار إلى ذلك الحافظ ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم (ص 150 ط مصر) وغيرها من الموارد الكثيرة التي رجع فيها الصحابة إليه عليه السلام وسنذكر بعض تلك الموارد عند ذكر المصنف العلامة (قده) فضائله عليه السلام النفسانية إن شاء الله . (4) قد مر نقل هذه العبارة عن عمر في (ج 1 ص 53) وفي هذا الجزء قريبا (5) لا يخفى أن مما تظاهر في نقله النقلة من أرباب التفسير والحديث على تشعب كتبهم (*)

ص 158

(هامش)

وتفننها ، نزول هذه السورة الكريمة في حق أهل بيت النبوة والسفارة الإلهية ، كيف لا وهم الذين أطمعوا مسكينا ويتيما وأسيرا وباتوا جياعا ، وهم الذين لم يسألوا الأجر من السائل والمحروم ، وهم الذين خافوا من ربهم يوما عبوسا قمطريرا وهم الذين لقاهم ربهم في ذلك اليوم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ونعم ما قال إمام الشوافع محمد بن إدريس المطلبي الشافعي شعر إلى م إلى م وحتى متى * أعاتب في حب هذا الفتى وهل زوجت فاطم غيره * وفي غيره هل أتى هل أتى ولنذكر ما وقفنا مع كمال الاستعجال وتشتت البال وتهاجم الأحزان والأهوال أسماء عدة من أعلام القوم ونبلائهم الاثبات الذين يستشهدون بكلامهم واعتمدوا على مروياتهم وهم جم غفير ورهط كثير ، (ومنهم) العلامة الزمخشري في الكشاف (ج 4 ص 169 ط مصطفى محمد بمصر) إنه قال : وعن ابن عباس رضي الله عنه أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما برءا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام ، فشفيا وما معهم شيء ، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا ، فوقف عليهم سائل فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما ، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال : ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم ، وقام (*)

ص 159

(هامش)

فانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبرئيل وقال خذها يا محمد هناك الله في أهل بيتك فاقرء السورة . (ومنهم) العلامة الواحدي في أسباب النزول (ص 331 ط الهندية بمصر) قال عطاء عن ابن عباس إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نوبة آجر نفسه يسقي نخلا بشيئ من شعير ليلة حتى أصبح وقبض الشعير وطحن ثلثه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الخزيرة فلما تم انضاجه أتى مسكين فساق الحديث بنحو ما تقدم (ومنهم) العلامة البغوي في معالم التنزيل المطبوع بهامش تفسير الخازن (ج 7 ص 159 ط مصر) روى عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب وأورد الرواية مفصلا بنحو ما تقدم عن الزمخشري . (ومنهم) العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره (ج 30 ص 243 ط البهية بمصر) قال : ذكر الواحدي في البسيط أنها نزلت في حق علي عليه السلام . روى صاحب الكشاف عن ابن عباس أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله إلى آخر ما تقدم عن الكشاف . (ومنهم) العلامة سبط بن الجوزي في التذكرة (ص 322 ط النجف) أخبرنا أبو المجد محمد بن أبي المكارم القزويني بدمشق سنة اثنين وعشرين وستمأة ، قال ، أخبرنا أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد العطاري ، أخبرنا الحسين بن مسعود البغوي ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الخوارزمي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ، أخبرنا أحمد بن محمد بن سهيل الباهلي ، حدثنا عبد الرحمان بن محمد بن هلال ، حدثني القاسم ابن يحيى عن أبي علي العزي عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس . (*)

ص 160

(هامش)

وروى أيضا مجاهد عن ابن عباس قال في قوله تعالى : يوفون بالنذر مرض الحسن والحسين عليهما السلام فعادهما رسول الله إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 201 ط الغري) أخبرنا أبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن القبيطي البغدادي بها ، أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سليمان ، أخبرنا الحافظ محمد بن أبي نصر الحميدي ، أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمان المعروف بالشافعي بمكة ، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد السقطي ، أخبرنا أبو عمر بن أحمد بن عبد الله الدقاق المعروف بابن السماك ، أخبرنا عبيد الله بن ثابت ، حدثنا أبي عن هذيل بن حبيب عن أبي عبد الله السمرقندي عن محمد بن كثير الكوفي عن الأصبغ بن نباته قال : مرض النبي فساق الحديث بنحو ما تقدم إلى أن قال : ثم أخذ علي عليه السلام بيد الحسن والحسين عليهما السلام فانطلق بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما نظر إليهما يقومان ويقعان من شدة الجوع ضمهما إلى صدره وقال : واغوثاه ما لقي آل محمد ، فحمل واحدا إلى عنقه والآخر على صدره ، ثم دخل على فاطمة عليها السلام ونظر إلى وجهها متغيرا من الجوع فبكت وبكى لبكائها ، ثم قال : ما يبكيك يا بنية قالت يا أبتاه ما طعمت أنا ولا ولداي ولا علي منذ ثلاثة أيام ، قال فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده ثم قال : اللهم أنزل على آل محمد كما أنزلت على مريم بنت عمران ثم قال : ادخلي مخدعك فانظري ماذا ترين ، قال فدخلت ومعها علي وولداها ثم تبعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا جفنة تفور مملؤة ثريدا وعراقا مكللة بالجوهر يفوح منها رائحة المسك الاذفر ، فقال : كلوا بسم الله فأكلوا منها جماعتهم سبعة أيام ما انتقص منها لقمة ولا بضعة ، قال : فخرج الحسن وبيده عرق فلقته امرأة من اليهود تدعى سامار ففالت : يا أهل الجوع من أين لكم هذا فاطعمني ، فمد الحسن يده ليناولها فاختلست الأكلة وارتفعت القصعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو سكتوا (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج3)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب