ص 284
وأنا أقول أيضا : إن الكتاب يتبادر منه القرآن دون التوراة والإنجيل مثلا ، نعم
المتبادر من أهل الكتاب اليهود والنصارى وأين هذا من ذاك ؟ وأما ما ذكره : من أن
الرواية التي رواها المصنف ليس في التفاسير ، فمردود بأن الثعلبي رواها في تفسيره
من طريقين (1) أحدهما : عن عبد الله بن سلام إن النبي (ص) قال : إنما ذلك علي بن
أبي طالب ، ورواها الشيخ جلال الدين السيوطي (2) في كتاب الاتقان (3) في معرفة علوم
القرآن ، قال : قال سعيد بن منصور في سننه حدثنا أبو عوانه عن أبي بشر ، قال : سألت
سعيد بن جبير عن قوله تعالى ومن عنده علم الكتاب (4) أهو عبد الله بن سلام ؟ فقال :
كيف وهذه السورة مكية (إنتهى) وكذا رواه البغوي (5) في معالم التنزيل ومن العجب أن
صاحب الاتقان وصاحب المعالم والثعلبي رووا ذلك عن عبد الله بن سلام وخصوصا الثعلبي
(6) رواه بصيغة الحصر ، ومع هذا ترى الناصب لا يبالي عداوة علي (ع) وإنكار فضائله
عن النكال والملام وأما ما ذكره : من أنه لا يستلزم المطلوب ، ففيه أنه إذا كان علي
بن أبي طالب (ع)
(هامش)
(1) رواه المير محمد صالح الحسيني الترمذي الكشفي عن تفسير الثعلبي (ص 50 ط بمبئي)
(2) قد مرت ترجمته ص 35 من الجزء الثاني فراجع . (3) ج 1 ص 12 طبع القاهرة . (4)
الرعد الآية 43 . (5) أورده العلامة البغوي في تفسيره المسمى بمعالم التنزيل
المطبوع بهامش تفسير الخازن (ص 26 ج 4 طبع مصر بمطبعة مصطفى محمد) . (6) نقله عن
الثعلبي في ينابيع المودة في الباب الثلاثين ص 102 . الطبع الأول بالاستانة وكذا
نقله في تلك الصة عن أبي نعيم . (*)
ص 285
عنده علم الكتاب ، كان حاجة الأمة إليه أمس في الاتباع وأخص في الانتجاع (1) ،
لحاجتها إلى معرفة الحلال والحرام والواجب والمندوب في جميع الأوامر والنواهي إلى
غير ذلك مما يشتمل عليه الكتابي ، لأنه (ع) لجميع ذلك ، والاتباع لطريق النجاة من
الضلال والسلوك محجة البيضاء ، لا يحصل إلا بأخذ البيان ممن هو موثوق به قد نبه
الله ورسوله عليه ، وفي الاتباع لغيره عكس جميع ذلك المذكور لعدم العلم به عقلا
وسمعا ، فيكون هو أولى بإمامة الأمة . قال المصنف رفع الله درجته
الثامنة والعشرون
قوله تعالى : يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه (2) 
قال ابن عباس (3) علي
(ع) وأصحابه (إنتهى) قال الناصب خفضه الله أقول : ظاهر الآية يدل على أنها في جماعة
يكونون مع النبي (ص) في الآخرة وعلي من جملتهم ، لأن عدم الخزيان في القيامة لا
يختص بالنبي (ص) وعلي ، بل خواص أصحابه داخلون في عدم الخزيان ، وإن سلم لا يثبت
النص المطلوب (إنتهى)*
(هامش)
يقال تنجع وانتجع القوم الكلاء ذهبوا الطلبة في مواضعه . (2) التحريم الآية 8 (3)
رواه العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي عن المحدث الحنبلي أن هذه الآية في
شأن علي ومحبيه . نقل عن ابن مردويه بسنده عن ابن عباس أن أول من يكتسى حلل الجنة
سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام لكونه خليل الرحمان ، ثم نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم لاصطفاء الله إياه ، ثم علي وهو بينهما يمشون إلى الجنة ، ثم قال :
المراد من قوله : الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم ، الآية ، علي وأصحابه رضي
الله عنهم . (*)
ص 286
أقول لا شك أن ظاهر الآية ما ذكره من إرادة الجماعة ، لكن الرواية على ما في نسخة
المصنف متضمنة لذكر أصحاب علي (ع) معه كما ذكرناه ، والناصب حذف النون ذلك عن
النسخة ليتسع له الاعتراض على المصنف بوجه وأما ما ذكره : من أن خواص أصحاب النبي
(ص) داخلون في عدم الخزيان إن أراد بهم خواص أصحابه الذين كانوا بعده من خواص أصحاب
علي (ع) أيضا كبني هاشم والمقداد وسلمان وأبا ذر وعمار وأمثالهم فهو مسلم ولا يفيده
، وإن أراد خواص أصحاب النبي (ص) ممن انحرف بعده (ص) عن علي (ع) وغصب عنه الخلافة
فلا نسلم دخولهم في عدم الخزي ، بل إنما ورد حديث الحوض المشهور (1) في شأن خزي
هؤلاء كما لا يخفى ، وأيضا الخزي له مراتب فكيف ينفي مطلق الخزي عن خواص أصحاب رسول
الله مع إثبات أسلاف الناصب ذلك لنبي الله إبراهيم فيما سبق نقله عن الصحيحين (2) :
من أنه خاب يوم القيامة عن شفاعة من سأله من الخلق واعتذر إليهم بأن ربي قد غضب
غضبا شديدا لم يغضب قلبه ، ولن يغضب بعده ، وإني قد كذبت ثلاث كذبات (3) الحديث فإن
في خيبته بسبب تلك الكذبات عن شفاعة الخلق واعتذاره إليهم بذلك الوجه خزي (4) لا
يخفى
(هامش)
(1) قد مر بيان ذلك مداركه من صحيحي البخاري ومسلم ومسند أحمد بن حنبل (ج 1 ص 7)
فراجع . (2) قد مر بيان مداركه من صحيحي البخاري ومسلم (ج 2 ص 248) فراجع (3) قد مر
بيان مآخذه ومداركه من صحيحي مسلم والبخاري (ج 2 ص 248) فراجع (4) ولا غرو من هذه
الترهات ممن أعمى بصيرته المودعة الإلهية ولم يلتزم بالعصمة التامة في الأنبياء
وأنكر الحسن والقبح العقليين ، وأرجو من فضله تعالى أن يوفقنا وإخواننا باتباع شرع
الانصاف آمين (*)
ص 287
لكن تعالى الله ورسوله عما يقول الظالمون علوا كبيرا (1) ثم لا يخفى أن الخزيان على
ما يعلم من كتب اللغة مشتق ، محمول على الشخص كيقظان ونومان لا مصدر فقول الناصب
أخزاه الله : عدم الخزيان في القيامة وقوله داخلون في عدم الخزيان في القيامة لحن
ورطانة كما لا يخفى قال المصنف رفع الله درجته
التاسعة والعشرون قوله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
أولئك هم خير البرية (2) 
روى الجمهور (3) عن ابن
عباس قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله
(هامش)
(1) الاسراء الآية 43 (2) البينة الآية 7 (3) رواه عدة من أعلام القوم ونحن نشير
إلى بعض منهم فنقول : (منهم) العلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة (ص 22 ط النجف) قال
مجاهد : هم علي عليه السلام وأهل بيته ومحبوهم (ومنهم) العلامة الگنجي في (كفاية
الطالب) (ج 118 ط الغري) أخبرنا إبراهيم بن بركات القرشي أخبرنا الحافظ علي بن
الحسن الشافعي ، أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أخبرنا عاصم بن الحسن أخبرنا
الحافظ أبو العباس ، حدثنا محمد بن أحمد القطواني حدثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري ،
حدثنا إبراهيم بن جعفر ابن عبد الله بن محمد بن مسلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد
الله ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فأقبل علي بن أبي طالب فقال صلوات
الله عليه قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال : والذي نفسي بيده
إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ثم إنه أولكم إيمانا وأوفاكم بعهد الله
أقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية . قال :
ونزلت : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، قال وكان أصحاب محمد
صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي عليه السلام قالوا (*)
ص 288
(هامش)
قد جاء خير البرية . رواه محدث الشام في كتابه بطرق شتى . وذكرها محدث العراق
ومؤرخها عن زر عن عبد الله عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم
يقل علي خير الناس فقد كفر . وفي رواية له عن حذيفة قال : سمعت النبي يقول : علي
خير البشر من أبي فقد كفر وفي رواية محدث الشام عن سالم عن جابر قال : سئل عن علي
عليه السلام فقال داك خير البرية لا يبغضه إلا كافر . وفي رواية لعائشة عن عطاء قال
سألت عائشة عن علي فقالت ذاك خير البشر لا يشك فيه إلا كافر . ذكره الحافظ ابن
عساكر في ترجمة علي عليه السلام في تاريخه في المجلد الخمسين وأخبرني المقري أبو
إسحاق بن يوسف بن بركة الكتبي في مسجده بمدينة الموصل عن الحافظ أبي العلاء الحسن
بن أحمد بن الحسن الهمداني عن أبي الفتح عبدوس عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد
بن طاهر الجعفري في داره باصبهان ، أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه
بن فورك أخبرنا أحمد بن محمد بن السري ، حدثنا المنذر محمد بن المنذر ، حدثني أبي
حدثني عمي الحسين بن سعيد عن إسماعيل بن زيد البزاز عن إبراهيم بن مهاجر ، حدثني
يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي عليه السلام قال : سمعت عليا يقول : حدثني رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأنا مسنده إلى صدر فقال أي علي ألم تسمع قول الله تعالى :
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم
الحوض ، إذا جيئت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين ذكره الحافظ أبو المؤيد موفق بن
أحمد المكي الخوارزمي في مناقب علي عليه السلام (*)
ص 289
(هامش)
(ومنهم) إبراهيم الإصبهاني في (ما نزل من القرآن في علي) (على ما في كفاية الخصام ص
420 ط طهران) روى بسنده عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور قال علي عليه السلام : نحن
أهل بيت لا يقاس بنا أحد ، فقام رجل إلى أن قال ابن عباس : إن في علي نزلت هذه
الآية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية . (ومنهم) أبو بكر
الشيرازي في (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين) (كما في كفية الخصام ص 420 ط
طهران) روى عن مالك بن أنس عن حميد عن أنس بن مالك قال : إن هذه الآية نزلت في علي
عليه السلام . (ومنهم) أبو المؤيد موفق بن أحمد في (كتاب المناقب) (كما في كفاية
الخصام ص 421 ط طهران) روى بسنده عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي عليه السلام
عن علي كرم الله وجهه قال سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض
روحه : ألم تسمع قول الله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير
البرية ، هم أنت وشيعتك (ومنهم) أبو إسحاق الحسكاني في كتاب (شواهد التنزيل) روى
بسنده عن يزيد بن شراحيل الأنصاري بمثل ما تقدم . (ومنهم) الخطيب الخوارزمي في
(المناقب) كما في كفاية الخصام (ص 421 ط طهران) روى الحديث إلى أن قال : فكلما قد
جاء علي يقال قد جاء خير البرية . (ومنهم) أبو نعيم الإصبهاني كما في كفاية الخصام
(ص 421 ط طهران) روى بسنده عن ابن عباس : لما نزلت هذه الآية : قال رسول الله عليه
وسلم لعلي : هم أنت وشيعتك . (*)
ص 290
(هامش)
(ومنهم) العلامة الطبري في تفسيره (ج 30 ص 146 ط الميمنية بمصر) حدثنا ابن حميد ،
ثنا عيسى بن فرقد عن أبي الجارود عن محمد بن علي (أولئك هم خير البرية ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : أنت يا علي وشيعتك (ومنهم) ابن الصباغ في فصول المهمة (ص 105
ط النجف) عن ابن عباس رضي الله عنه ، لما نزلت هذه الآية : إن الذين آمنوا عملوا
الصالحات أولئك هم خير البرية ، قال لعلي هو أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة أنت وهم
راضون مرضيون ويأتي أعدائك غضابا مقمحمين . (ومنهم) العلامة السيوطي في الدر
المنثور (ج 6 ص 379 ط مصر) أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي
صلى الله عليه وسلم فأقبل علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن
هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك
هم خير البرية ، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل علي قالوا : جاء خير
البرية . وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا : علي خير البرية . وأخرج
ابن عدي عن ابن عباس قال : لما نزلت : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير
البرية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : أنت وشيعتك يوم القيامة راضين
مرضيين . وأخرج ابن مردويه عن علي قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم
تسمع قول الله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ، أنت وشيعتك
موعدي وموعدكم الحوض إذا جئت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين . وأخرج ابن مردويه عن
عائشة قالت : قلت يا رسول الله : من أكرم الخلق على الله ؟ قال : يا عايشة أما
تقرئين : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية (*)
ص 291
(هامش)
(ومنهم) الهيتمي في الصواعق المحرقة (ص 159 ط المحمدية بمصر) أخرج الحافظ جمال
الدين الذرندي عن ابن عباس رضي الله عنهما إن هذه الآية لما نزلت قال صلى الله عليه
وسلم لعلي : هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوك
غضابا مقمحين . أخرج عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كانت ليلتي وكان النبي صلى
الله عليه وسلم عندي فاتته فاطمة فتبعها علي رضي الله عنهما ، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم : يا علي أنت وأصحابك في الجنة أنت وشيعتك في الجنة . ( ومنهم ) العلامة
المير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقب مرتضوي (ص 47 بمبئي بمطبعة محمدي) نقل عن
ابن مردويه في المناقب وخطيب خوارزم عن زيد بن شراحيل الأنصاري بعين ما تقدم عن
مناقب خطيب خوارزم . ونقل رواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري . (ومنهم) العلامة
الشوكاني في (فتح القدير) (ج 5 ص 464 ط مصطفى الحلبي بمصر) أخرج ابن عساكر عن جابر
بن عبد الله ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل علي فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت إن
الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية فكان أصحاب محمد صلى الله عليه
وسلم إذا أقبل قالوا : قد جاء خير البرية . وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد
مرفوعا : علي خير البرية . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لعلي : هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين . (*)
ص 292
(هامش)
وأخرج ابن مردويه عن علي مرفوعا نحوه . وأخرج ابن مردويه عن عايشة قالت : يا رسول
الله من أكرم الخلق على الله ؟ قال يا عائشة أما تقرئين ؟ إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات أولئك هم خير البرية . (ومنهم) العلامة الآلوسي في (روح المعني) (ج 30 ص
207 ط المنيرية بمصر) أخرج ابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : قال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم تسمع قول الله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات أولئك هم خير البرية ، هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جئت الأمم
للحساب يدعون غرا محجلين . وأخرج ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه
الآية إن الذين آمنوا الخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله تعالى
عنه وكرم وجهه : هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين . (ومنهم) العلامة الفاضل
الشيخ الشبلنجي المدعو بمؤمن روى عن ابن عباس رض قال : لما نزلت هذه الآية : إن
الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية قال النبي لعلي : أنت وشيعتك تأتي
يوم القيامة ، أنت وهم راضين مرضيين ويأتي أعدائك غضابا مقمحين . (نور الأبصار ص
105 ط مصر) (ومنهم) الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 74 ط ل اسلامبو) في
المناقب بسنده عن عامر بن واثلة قال : خطبنا علي رضي الله عنه إلى أن قال أين
الكواء أخبرني عن قوله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية
، فقال : أولئك نحن وأتباعنا وفي يوم القيامة غراء محجلين رواء مرويين يعرفون
بسيماهم (*) .
ص 293
(ص) لعلي هم أنت يا علي وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضيين مرضيين ويأتي
أعداؤك غضابا مقمحين (1) (إنتهى) قال الناصب خفضه الله أقول : هذه غير مذكورة في
التفاسير ، بل الظاهر العموم وإن سلم ، فلا نص (إنتهى) أقول إن المصنف لم يقل إنه
مذكور في التفاسير ، وإنما قال : إنه رواه الجمهور وهو مذكور في الصواعق المحرقة
(2) لابن حجر المتأخر ، نقله صاحب كشف الغمة (3) عن الحافظ ابن مردويه (4) ولو
تتبعوا تفاسير المتقدمين من أهل السنة كالثعلبي
(هامش)
(ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 62 ط اسلامبول) في
المناقب عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنا عند
النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل علي فقال : قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فمسها
بيده ثم قال والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثم قال : إنه
أولكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم
بالسوية وأعظمكم عند الله مزية ، قال فنزلت : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك
هم خير البرية قال : فكان الصحابة إذا قبل علي قالوا : قد جاء خير البرية . (1)
الاقماح : رفع الرأس مع غض البصر ، يقال : أقمحه الغل أي ترك رأسه مرفوعا لضيقه ،
ومنه قوله تعالى فهم مقمحون . (2) كما تقدم قبيل هذا فراجع . (3) (ص 88 في بيان ما
نزل من القرآن من فضائله عليه السلام طبع طهران) (4) هو الحافظ أبو بكر أحمد بن
موسى الأصفهاني العلامة في الحديث والرجال الشهير بابن مردويه المتوفى سنة (410)
فما عن بعض الأجلة من ضبط وفاته (352) نشأ من (*)
ص 294
لوجدوه فيها أيضا ، وبالجملة الحديث وإن لم يكن نصا في الإمامة ، لكنه نص صريح في
الأفضلية ويلزم منه نفي إمامة غيره (ع) كما مر . قال المصنف رفع الله درجته
الثلاثون قوله تعالى : هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا
وصهرا (1) 
قال ابن
سيرين (2) : نزلت (3) في النبي (ص) وعلي حين تزويج فاطمة عليها السلام .
(هامش)
الشركة في الاسم واشتباهه بأحمد بن موسى الأصفهاني المحدث المتوفى سنة (352) صاحب
كتاب مغازي رسول الله . (1) الفرقان الآية 54 . (2) هو محمد بن سيرين البصري أبو
بكر الأنصاري مولاهم كان من فقهاء التابعين روى عن أنس وزيد بن ثابت وأبي هريره
وعمران بن الحصين وعنه الشعبي وثابت وقتادة وأيوب ومالك بن دينار وسليمان التميمي
وخالد الحذاء والأوزاعي وفي روايته عن ابن عباس خلاف مات سنة (110) أورده الخزرجي
في الخلاصة ص 280 طبع مصر ونقل عن ابن سعد إنه كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها
إماما كثيرا العلم ، وعن أبي عوانه رأيت ابن سيرين في السوق فما رآه أحد إلا ذكر
الله تعالى ، وعن المزني والله ما أدركنا من هو أورع منه وكان في مبادي أمره من
خواص الحسن البصري أعقب من ابنه عبد الله بن محمد فقط وتحكى الغرائب من تفرساته
وتنبهاته . (3) الناقل لهذا الحديث عدة من أعلام القوم ونحن نشير إلى بعض منهم
فنقول : (منهم) العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى سنة
671 ، أورد في تفسيره المشهور (الجامع لأحكام القرآن ج 13 ص 60 ط القاهرة 1357 ه)
في ذيل الآية الشريفة رواية عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد
بن أسامة بن زيد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت يا علي
فختني وأبو ولدي وأنت مني وأنا منك . (*)
ص 295
(هامش)
(ومنهم) العلامة الأديب الشهير بأبي حيان الأندلسي المغربي المتوفى سنة 754 ، قال
في تفسيره المشهور المسمى بالبحر المحيط (ج 6 ص 507 ط مطبعة السعادة بمصر) ما لفظه
: وقال ابن سيرين : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي لأنه جمعه معه نسب وصهر
، الخ (ومنهم) أبو بكر بن مؤمن الشيرازي في رسالة الاعتقاد (كما في مناقب الكاشي)
روى عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أرى الله تعالى
نورا لآدم ، فقال يا رب ما هذا النور ؟ قال : هذا نور ولديك محمد وعلي خلقت قبلك
بخمسين ألف عام ، وكان على جبين آدم حتى انتقل إلى حواء وكان ينتقل من الأصلاب
النيرة إلى الأرحام الطاهرة حتى بلغ عبد المطلب ثم جعل ذلك النور في ظهر عبد المطلب
سهمين سهما للرسالة وسهما للولاية ، فانتقل إلى عبد الله سهم الرسالة وإلى أبي طالب
سهم الولاية ، فذلك قوله تعالى : هو الذي خلق من الماء بشرا وصهرا (ومنهم) العلامة
الثعلبي كما في العمدة للعلامة ابن بطريق (ص 151 ط تبريز) قال في تفسير قوله تعالى
: وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا حكى عن ابن سيرين أنه قال : نزلت في
النبي صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام زوج فاطمة عليا عليهما
السلام هو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا . (ومنهم)
العلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 118 ط اسلامبول) أخرج أبو نعيم
الحافظ وابن المغازلي أخرجا بسنديهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : نزلت هذه الآية في الخمسة أهل العباء ، ثم قال : المراد من الماء نور النبي
صلى الله عليه وسلم الذي كان قبل خلق الخلق ثم أودعه في صلب آدم عليه السلام ثم
نقله من صلب إلى صلب إلى أن وصل صلب عبد المطلب فصار جزئين جزء (*)
ص 296
قال الناصب خفضه الله أقول : ليس هذا من تفاسير أهل السنة وإن صح دل على الفضيلة
وهي مسلمة ولا يثبت النص (إنتهى) أقول حاصل ما يستفاد من الآية من شأن نزوله : إنه
تعالى خلق عليا (ع) قريبا من النبي (ص) من جهة النسب ومن جهة السبب ، وهذه فضيلة
عظيمة لم يحصل لغير علي (ع) كما علم من حديث ابن عمر سابقا (1) أيضا ، فيكون أفضل ،
والأفضل أولى بالإمامة ، وهذا ما أراده المصنف قدس سره . قال المصنف رفع الله درجته
الحادية والثلاثون قوله تعالى : وكونوا مع الصادقين (2) 
روى الجمهور (3)
(هامش)
إلى صلب عبد الله فولد النبي صلى الله عليه وسلم وجزء إلى صلب أبي طالب فولد عليا ،
ثم ألف النكاح فزوج عليا بفاطمة فولدا حسنا وحسينا رضي الله عنهم . أخرج الثعلبي
وموفق بن أحمد الخوارزمي أخرجاه عن أبي صالح عن ابن عباس الحديث وروى ابن مسعود
وجابر والبراء وأنس وأم سلمة رضي الله عنهم قالوا : نزلت في الخمسة من أهل العباء :
(1) وقد مر في نقل تمنيه الثلاثة التي أعطيت لعلي عليه السلام إحديها تزويجه بفاطمة
. (2) التوبة : الآية 119 . روى نزول كريمة : كونوا مع الصادقين في علي أمير
المؤمنين عليه السلام وكذا نزول قوله تعالى : واركعوا مع الراكعين في رسول الله صلى
الله عليه وآله وعلي عليه السلام عدة من أعلام القوم ونقله آثارهم ونحن نشير إلى من
وقفنا عليه حال التحرير فنقول : (*)
ص 297
(هامش)
(ومنهم) العلامة الثعلبي في تفسيره المشهور (ص 219 مخطوط في حدود المأة السابعة) ،
قال ابن عباس في هذا الآية : اتقوا الله وكونوا مع الصادقين : مع علي بن أبي طالب
وأصحابه . (ومنهم) العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 111 ط الغري) أخبرنا القاضي
العلامة أبو نصر محمد بن هبة الله بن قاضي القضاة شرقا وغربا أبي نصر محمد بن هبة
الله بن محمد بن محيل الشيرازي ، أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ أخبرنا أبو
القاسم السمرقندي ، أخبرنا عاصم بن الحسن ، أخبرنا أبو عمر بن مهدي ، أخبرنا أبو
العباس بن عقدة حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد حدثنا حسين بن حماد عن أبيه عن جابر عن
أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل : إليها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع
الصادقين ، قال مع علي بن أبي طالب عليه السلام . رواه محدث الشام في تاريخه في
ترجمة علي عليه السلام وذكر طرقه (ومنهم) العلامة سبط ابن الجوزي في (التذكرة) (ص
20 ط النجف) قال علماء السير معناه كونوا مع علي عليه السلام وأهل بيته ، قال ابن
عباس : علي عليه السلام سيد الصادقين (ومنهم) العلامة صاحب كتاب شرف النبي صلى الله
عليه وسلم كما (في مناقب الكاشي) روى عن الأصمعي عن أبي عمر وبن العلاء عن جابر
الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله تعالى : وكونوا مع الصادقين ، قال مع محمد
وآله . (ومنهم) العلامة الخركوشي في شرف المصطفى (على ما نقله ابن شهرآشوب كما في
كفاية الخصام ص 348 ط طهران) روى عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن جابر الجعفي
عن الإمام الباقر عليه السلام في قوله تعالى : كونوا مع الصادقين أي مع محمد وآل
محمد . (*)
ص 298
(هامش)
ورواه أيضا الثعلبي في تفسيره . (ومنهم) العلامة أبو يوسف يعقوب بن سفيان (على ما
نقله ابن شهرآشوب كما في كفاية الخصام ص 347 ط طهران) روى عن أنس بن مالك عن النافع
عن ابن عمر في قوله تعالى : كونوا مع الصادقين أي محمد وأهل بيته . (ومنهم) العلامة
أخطب خوارزم في فضائل علي (كما في كفاية الخصام ص 347 ط طهران) روى بسنده عن ابن
عباس في قوله تعالى : كونوا مع الصادقين ، أي علي (ومنهم) العلامة السيوطي في (الدر
المنثور) (ج 3 ص 290 ط مصر) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى : اتقوا
الله وكونوا مع الصادقين قال مع علي بن أبي طالب . أخرج ابن عساكر عن أبي جعفر في
قوله : وكونوا مع الصادقين ، قال مع علي بن أبي طالب (ومنهم) العلامة المير محمد
صالح الكشفي الترمذي في (مناقب مرتضوي) (ص 42 ط بمبئي بمطبعة محمدي) روى عن ابن
مردويه واخطب خوارزم في المناقب عن ابن عباس يعني : كونوا مع علي وأصحابه . (ومنهم)
العلامة الشوكاني في تفسيره (ج 2 ص 395 ط مصطفى الحلبي بمصر) . أخرج ابن مردويه عن
ابن عباس في قوله تعالى : كونوا مع الصادقين كونوا مع علي ابن أبي طالب . (ومنهم)
العلامة الآلوسي في (روح المعاني) (ج 11 ص 41 ط المنيرية بمصر) (*)
ص 299
(هامش)
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن عساكر عن أبي جعفر : إن المراد كونوا مع علي كرم
الله وجهه بالخلافة ، (ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في (ينابيع المودة) (ص
119 ط اسلامبول) أخرج موفق بن أحمد الخوارزمي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله
عنهما ، قال : الصادقون في هذه الآية محمد صلى الله عليه وسلم وأهل بيته . وأخرج
أبو نعيم الحافظ والحمويني أخرجاه عن ابن عباس الحديث . وأخرج أبو نعيم أيضا وصاحب
المناقب عن الباقر والرضا رضي الله عنهما قالا : الصادقون هم الأئمة من أهل البيت .
(ومنهم) صاحب كتاب أرجح المطالب (ص 83 كما في فلك النجاة) قال : أخرج الطبراني في
الخصائص والحافظ أبو نعيم ، وابن المغازلي في المناقب وسبط ابن الجوزي في تذكرة
الخواص عن مجاهد عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
واركعوا مع الراكعين ، في رسول الله وعلي خاصة وهما أول من صلى وركع . (ومنهم)
العلامة أبو اليقظان في صفوة الزلال المعين (كما في مناقب الكاشي) روى في قوله
تعالى : اركعوا مع الراكعين ، أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي خاصة
وهما أول من صلى وركع . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقب
مرتضوي (ص 53 ط بمبئي بمطبعة محمدي) نقل عن المحدث الحنبلي وابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنه : إن الآية نزلت في حق النبي صلى الله عليه وسلم وعلي . (*)
ص 300
أنها نزلت في علي (ع) وكذا قوله : واركعوا مع الراكعين أنها نزلت في رسول الله (ص)
وعلي (ع) قال الناصب خفضه الله أقول نزل قوله وكونوا مع الصادقين ، في الثلاثة
الذين تخلفوا في غزوة تبوك ، وأنهم صدقوا رسول الله (ص) فأنجاهم الله وكذب
المنافقون فهلكوا ، وأنزل الله تعالى كونوا مع الصادقين ، وخاطب المؤمنين حتى لا
يهلكوا بالكذب كالمنافقين وإن صح دل على الفضيلة ، لا على النص كسائر أخواته
(إنتهى) أقول قد ذكر فخر (1) الدين الرازي في تفسيره : إنه تعالى لما حكم بقبول
توبة هؤلاء الثلاثة ماذكر يكون كالزاجر عن فعل ما مضى وهو التخلف عن رسول الله (ص)
في الجهاد فقال يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ، في مخالفة أمر الرسول وكونوا مع
الصادقين بمعنى مع النبي (ص) وأصحابه في الغزوات ، ولا تكونوا متخلفين عنهم وجالسين
مع المنافقين في البيوت (إنتهى) وبهذا يعلم أن ما قاله الناصب إن الآية نزلت في
الثلاثة الذين تخلفوا خلف باطل ، إذ مراد المصنف من كون الآية نازلة في النبي (ص)
وفي علي (ع) أن المعنى من الصادقين النبي (ص) وابن عمه عليهما السلام المتصفين
بالصدق ، وذلك كذلك كما علم من تفسير الرازي لا من كذب وتخلف وتاب ، نعم الزجر
المستفاد من سياق الآية متعلق بهما ، وأين هذا من ذلك ؟ وأما ما ذكره الناصب : من
أن هذا إن صح دل على الفضيلة لا على النص مدفوع بأنه دال على العصمة فيكون دالا على
الإمامة ، فيكون نصا في الإمامة ، ووجه
(هامش)
(1) فراجع ج 16 ص 220 . (*)
ص 301
الدلالة ما ذكره الشارح الجديد (1) للتجريد ، حيث قال : (2) مضمون الآية الكريمة هو
الآمر بمتابعة المعصومين لأن الصادقين هم المعصومون وغير علي (ع) من الصحابة ليس
بمعصوم ، بالاتفاق فالمأمور بمتابعته إنما هو علي (ع) ثم قال : وأجيب بمنع المقدمات
(إنتهى) وأقول : في إثبات المقدمة الأولى : أن الأمر بالمتابعة يقتضي أن يكون
المأمور بمتابعته معصوما إذ الأمر بمتابعة غير المعصوم قبيح لا يصدر عنه تعالى ،
وفي إثبات الثانية : أن منعها مكابرة ، لأن أحدا لا يدعي عصمة غير علي (ع ) من
الثلاثة وفي إثبات الثالثة : أن متابعة الصادقين يتوقف على علمنا بأن ذلك الشخص
صادق والعلم بكونه صادقا يتوقف على العلم بكونه معصوما ، والعلم بكونه معصوما يتوقف
على كونه معصوما في الواقع لأن الصادقين هم المعصومون في الواقع ونفس الأمر ،
فالصادقون الذين نحن مأمورون بمتابعتهم هم المعصومون في الواقع تأمل ومن نفايس
المباحث ما ذكره الرازي أيضا هيهنا حيث قال : إنه تعالى أمر المؤمنين بالكون مع
الصادقين ، ومتى وجب الكون مع فلا بد من وجود الصادقين ، لأن الكون مع الشيئ مشروط
بوجود ذلك الشيء ، فهذا يدل على أنه لا بد من وجود الصادقين في كل وقت ، وذلك يمنع
من إطباق الكل على الباطل ، فوجب إذا أطبقوا على شيئ أن يكونوا محقين فهذا يدل على
أن إجماع الأمة حجة ، فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال المراد بقوله وكونوا مع
الصادقين أي كونوا على طريقة الصالحين كما أن الرجل إذا قال لولده : كن مع الصالحين
لا يفيد إلا ذلك لكن نقول : إن هذا الأمر كان موجودا في زمان الرسول فقط ، وكان هذا
أمرا بالكون مع الرسول فلا يدل على وجود صادق في ساير الأزمنة ، سلمنا ذلك ، لكن لم
لا يجوز أن يكون ذلك الصادق هو المعصوم الذي يمتنع خلو زمان التكليف عنه كما يقوله
الشيعة ، والجواب عن الأول أن قوله : كونوا مع الصادقين أمر بموافقة الصادقين ونهى
عن مفارقتهم
(هامش)
(1) قد مرت ترجمته في ص 463 من المجلد الأول . (2 ) في المقصد الخامس في بحث
الإمامة فراجع . (*)
ص 302
وذلك مشروط بوجود الصادقين وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فدلت هذه الآية على
وجود الصادقين ، وقوله : إنه محمول على أن يكونوا على طريقة الصادقين فنقول : إنه
عدول عن الظاهر من غير دليل قوله إنه هذا الأمر مختص بزمان الرسول (ص) ، قلنا : هذا
باطل لوجوه ، الأول : إنه ثبت بالتواتر الظاهر من دين محمد (ص) إن التكاليف
المذكورة في القرآن متوجهة على المكلفين إلى قيام القيامة فكان الأمر في هذا
التكليف كذلك والثاني أن الصيغة تتناول الأوقات كلها بدليل صحة الاستثناء والثالث
لما لم يكن الوقت المعين مذكورا في لفظ الآية لم يكن حمل الآية على البعض أولى من
حمله على الباقي فإما أن لا يحمل على شيئ فيفضي إلى التعطيل وهو باطل أو على الكل
وهو المطلوب والرابع وهو أنه قوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله أمر لهم
بالتقوى وهذا الأمر إنما يتناول من يصح منه أن لا يكون متقيا ، وإنما يكون كذلك لو
كان جايز الخطاء فكانت الآية داله على أن من كان جايز الخطاء وجب كونه مقتديا بمن
كان واجب العصمة وهم الذين حكم الله تعالى بكونهم صادقين وترتب الحكم في هذا يدل
على أنه إنما وجب على جايز الخطاء كونه مقتديا به ليكون مانعا لجايز الخطاء وهذا
المعنى قائم في جميع الأزمان فوجب حصوله على كل الأزمان قوله لم لا يجوز أن يكون
المراد هو كون المؤمن مع المعصوم الموجود في كل زمان ؟ قلنا : نحن نعترف بأنه لا بد
من معصوم في كل زمان ، إلا إنا نقول : إن ذلك المعصوم هو مجموع الأمة وأنتم تقولون
: إن ذلك المعصوم واحد منهم ، فنقول : هذا الثاني باطل ، لأنه تعالى أوجب على كل من
المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين ، وإنما يمكنه ذلك لو كان عالما بأن ذلك الصادق من
هو ؟ لأن الجاهل بأنه من هو لو كان مأمورا بالكون معه ، كان ذلك تكليف ما لا يطاق ،
لأنا لا نعلم انسانا معينا موصوفا بوصف العصمة والعلم بأنا لا نعلم هذا الانسان
حاصل بالضرورة فثبت أن قوله : وكونوا مع الصادقين ليس أمرا بالكون مع شخص معين ولما
بطل هذا ، بقي
ص 303
أن المراد منه الكون مع مجموع الأمة وذلك يدل على أن قول مجموع الأمة صواب وحق ولا
نعني بقولنا الاجماع حجة إلا ذلك (إنتهى كلامه) وأقول : فيه نظر ، إذ لا دلالة للفظ
الآية على وجوب تعدد الصادقين في كل وقت وزمان كما يشعر به كلامه ، بل هو أعم من
ذلك ومن وجوب وجود المتعدد من الصادقين موزعا آحادها على أجزاء الوقت والزمان بأن
يوجد في كل زمان صادق معصوم يكون إمام أهل زمانه كما قال به الشيعة فلا تدل الآية
على وجوب وجود جماعة يتحقق لهم الاجماع في كل وقت لأن العام لا دلالة له على الخاص
وأيضا مجموع المجتمعين (المجمعين خ ل) في مقام الاجماع صادق واحد ، لا متعدد لما
صرحوا بأن كلا من آحاد المجمعين جايز الخطاء وإنما المعصوم هو المجموع من حيث
المجموع فتوصيف ذلك المجموع المأخوذ على وجه الوحدة بكونهم صادقين غير متجه وإنما
يتجه لو كان كل واحد من آحاده متصفا بالصدق أيضا ألا ترى ؟ أن مجموع الجدران والسقف
والعرصة يتصف بكونه بيتا وحجة وخزانة ونحو ذلك ولا يتصف كل واحد من أجزائه بذلك فلا
يصح أن يكون المراد بالصادقين مجموع من حصل بهم الاجماع الشرعي فثبت أن المراد
بالصادقين المعصومين الذين لا يخلو زمان التكليف عن واحد منهم ، كما ذهب إليه
الشيعة الإمامية لا الاجماع الذي قاله أهل السنة وأما ما ذكره : من إنا لا نعلم
انسانا معينا موصوفا بوصف العصمة فجوابه ما أفاده أفضل (1) المحققين قدس سره في
التجريد بقوله : والعصمة تقتضي النص وسيرته (ص) التنصيص والحاصل أن العصمة وإن كان
من الأمور الخفية التي لا يعلمها إلا علم السرائر ، لكن يمكن العلم به بالنص
(هامش)
(1) المراد به المحقق الطوسي الخواجه نصير الدين قدس سره صرح بهذه الجملة في
التجريد (في أوائل مبحث الإمامة) فليراجع وقد مرت ترجمة هذا الحبر الجليل والعلامة
المتأله النبيل في ج 2 ص 9 . (*)
ص 304
من الله ورسوله على الإمام الأول ، وبنص الإمام الأول على الثاني وهكذا وربما يعلم
بظهور المعجزة مقارنة لدعوى العصمة والإمامة كما بين في موضعه ، فلا يلزم تكليف ما
لا يطاق كما توهمه إمام أهل النصب والنفاق ولا ترتبط الآية بحجية الاجماع والاتفاق
وظهر أنها صريحة في عصمته النازلة فيه واستحقاقه للإمامة ووجوب الطاعة رغما لأنف
أهل السنة والجماعة والحمد لله رب العالمين قال المصنف رفع الله درجته
الثانية
والثلاثون قوله تعالى : إخوانا على سرر متقابلين (1) 
في مسند أحمد ابن حنبل (2) :
أنها نزلت في علي (ع) (إنتهى) .
(هامش)
(1) الحجر . الآية 47 . (2) رواه غير أحمد من أعلام القوم عدة ونحن نشير إلى من
وقفنا عليه حال التحرير فنقول : (منهم) أحمد في الفضائل (ص 106 النسخة المخطوطة)
حدثنا سفيان عن أبي موسى الجهني عن الحسن عن علي قال : فينا نزلت ، ونزعنا ما في
صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين . حدثنا عبد الله قال حدثنا حسين بن محمد
الدارع قال : حدثنا عبد المؤمن بن عباد قال : حدثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن
شرجبيل عن زيد بن أبي أوفى قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده فذكر
قصة مؤآخاة رسول الله بين أصحابه إلى أن قال قال لعلي عليه السلام : والذي بعثني
بالحق أنت معي في قصر الجنة مع فاطمة ابنتي وأنت أخي ورفيقي ثم تلا رسول الله صلى
الله عليه وسلم إخوانا على سرر متقابلين المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض .
(ومنهم) العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (*)
ص 305
(هامش)
المتوفى سنة 671 ، أورد في تفسيره المشهور (الجامع لأحكام القرآن ج 10 ص 33 ط
القاهرة 1357 ه) في ذيل هذه الآية الشريفة : إن عليا عليه السلام قال : أرجو أن
أكون أنا من هؤلاء . (ومنهم) العلامة النيشابوري في (تفسيره) (ج 17 ص 59 بهامش
تفسير الطبري ط الميمنية بمصر) روى أن عليا قرء هذه الآية وعد نفسه ممن دخل تحتها
(ومنهم) العلامة الشوكاني في تفسيره (ج 3 ص 130 ط مصطفى الحلبي بمصر) أخرج سعيد بن
منصور وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن الحسن البصري ، قال : قال علي بن أبي
طالب : فينا والله أهل الجنة نزلت : ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر
متقابلين . وأخرج ابن عساكر وابن مردويه عنه في الآية وكذا ابن أبي حاتم وابن عساكر
عن كثير النواء وكذا ابن مردويه وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
في هذه الآية ما تضمن نزولها في علي . (ومنهم) العلامة الآلوسي في (روح المعاني) (ج
14 ص 53 ط المنيرية بمصر) روى نزول الآية في علي عليه السلام (ومنهم) العلامة الشيخ
سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 118 ط اسلامبول) أخرج أحمد بن حنبل في مسنده
وابن المغازلي في المناقب بسنديهما عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : فينا نزلت
: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (*)
ص 306
قال الناصب خفضه الله أقول : صحت الرواية عندنا عن أمير المؤمنين علي بعد وقعة جمل
كان يقول : وأنا أرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير كما يقول الله تعالى : ونزعنا ما
في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين هكذا صح وإن صح ما رواه فهو من الفضائل
المسلمة ولا دليل على النص (إنتهى) . أقول ما صح عندهم لا يصح عندنا ، وإنما الصحيح
عندنا ما رواه أحمد منهم لأنه المتفق عليه بيننا وبينهم ومع ذلك تقييد قول علي (ع)
ذلك بما بعد وقعة الجمل من إضافات الناصب ثم إن الرواية التي رواها المصنف عن أحمد
تدل على أن عليا (ع) كان من أهل الجنة ومن نزل القرآن على البشارة له بكونه من أهل
الجنة أولى بأن يكون إماما لا يقال : قد دل الحديث أيضا على أن العشرة من أصحاب
النبي (ص) من أهل الجنة ومنهم الخلفاء الثلاثة . لأنا نقول : هذا الحديث عندنا (1)
موضوع وباطل من وجوه ، الأول إن راويه سعيد (2) بن زيد بن نفيل وهو قد أدخل نفسه في
العشرة ولا بد لدفع تهمة جلب النفع لنفسه من دليل والثاني أن أكثر المهاجرين
والأنصار قد شاركوا في دم عثمان ولا يجوز اتفاق الجم الغفير من هؤلاء الصحابة على
قتل من ثبت عندهم أنه من أهل الجنة ، الثالث أنه
(هامش)
(1) والشاهد على ذلك مضافا إلى وقوع بعض الوضاعين في سنده ما سيأتي ذكره في باب
المطاعن إن شاء الله تعالى . (2) هو سعيد بن زيد بن عمر وبن نفيل العدوي ، كان فيمن
شهد بدرا وقيل لم يشهده ، روى عنه عمرو بن حريث وعروة وأبو عثمان النهدي ذكره
الخزرجي في الخلاصة ج 1 ص 117 طبع الخيرية بمصر وقال : إنه مات سنة (51) قال
الواقدي بالعقيق فحمل إلى المدينة انتهى . (*)
ص 307
لو كان له صحة لاحتج به عثمان يوم الدار ، ولقال : إن من هو من أهل الجنة لا يكون
ظالما ، فأنتم ظالمون في تكليفي بخلع نفسي عن الخلافة إلى غير ذلك من الوجوه . قال
المصنف رفع الله درجته
الثالثة والثلاثون قوله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم
ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم 
روى (1) الجمهور : قال رسول الله (ص) : لو يعلم
الناس
(هامش)
(1) روى الحديث بعض أعلام القوم ونحن نشير إلى بعض منهم فنقول . (منهم) صاحب
الفردوس في الباب الرابع عشر (على ما في اللوامع ج 9 ص 272 ط الهند) إن حذيفة قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : لو علم الناس متى سمي علي عليه السلام أمير
المؤمنين ما أنكروا فضله ، سمي أمير المؤمنين وآدم بين الروح والجسد (ومنهم)
العلامة السيوطي في (الاكليل) (ص 98 ط مصر) أخرج ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي
الأسود ، قال : أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال : بلغني إنك تزعم أن الحسن
والحسين من ذرية النبي قال : إنه في كتاب الله ، قال قد قرأته من أوله إلى آخره فلم
أجده ، قال أليس تقرء سورة الأنعام (ومن ذريته داود وسليمان حتى بلغ يحيى وعيسى)
قال : بلى ، قال : أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب ؟ قال صدقت . وأخرج أبو
الشيخ عن عاصم ، قال بعث الحجاج إلى يحيى بن يعمر قال : أنت الذي تزعم أن حسنا
وحسينا من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ، قال نعم ، قال ليسقطن رأسك أو لتجيئن من
ذا بمخرج ، قال : إن الله قال : ومن ذريته داود إلى قوله وعيسى فما بين عيسى
وإبراهيم طول أو ما بين حسن ومحمد . (*)
ص 308
متى سمي علي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله سمي أمير المؤمنين وآدم بين الروح
والجسد ، قال عز وجل : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم
ألست بربكم ؟ قالت الملائكة بلى ، فقال الله تعالى : أنا ربكم ومحمد نبيكم (ص) وعلي
أميركم (إنتهى) قال الناصب خفضه الله أقول : هذا من تفاسير الشيعة وليس من تفاسير
المفسرين ، والعجب إنه لم يتابع المعتزلة في هذه المسألة ، فإنهم ينكرون إخراج الذر
من ظهر آدم ويقولون هذا تمثيل وتخييل لا حقيقة له ، لأنه ينافي قواعدهم في نفي
القضاء والقدر السابق ، وإن صح النقل فيدل على أن عليا أمير المؤمنين ، وهذا مسلم ،
لأنه كان من الخلفاء ولم يلزم منه نص على أنه أمير المؤمنين بعد النبي (ص) حتى يثبت
به مطلوبه (إنتهى) . أقول هذا من تفاسير الشيعة والسنة (1) ، وإنما لم يصرح المصنف
بمأخذه اعتمادا على اشتهار مأخذه وقس عليه نظاير . ثم إن تفاسير الشيعة داخل في
تفاسير المفسرين فليس لقوله : وليس من تفاسيره المفسرين وجه ، وأما ما أتى به من
العجب ، فعجيب لما سبق وسيجيئ أن قضية المتابعة منعكسة ، ومع هذا فالمعتزلة جماعة
عقلاء مدققون ليس في متابعتهم عار متابعة الأشعري الذي لا يعرف من عدم الشعور أن أي
طرفيه أطول من الآخر (2) وكان في أقواله ومقالاته تابعها لما سمعه من القصاص
ومثالهم
(هامش)
وأخرج هو وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : الخال والد والعم والد نسب الله عيسى
إلى أخواله قال ومن ذريته حتى بلغ ويحيى وعيسى . (1) كما مر ذكر كلمات مفسريهم في
هذا الشأن قبيل هذا فراجع . (2) هذا مثل قد مر في المجلد الأول شرح ذلك في ص 99
فراجع . (*)
ص 309
كما سبق نقلا عن الحكيم الشهرزوري (1) والسيد معين الدين الإيجي الشافعي (2) فتذكر
، وأيضا إنما ذكر المصنف الآية المذكورة بالتفسير المذكور المروي عن الجمهور إلزاما
لهم ، فلا يدل على عدم إنكاره لذلك ، وتحقيقه : إن الذي أنكره الإمامية والمعتزلة
هو إخراج الذرية من صلب آدم (ص) كالذر كما وقع في تفاسير الجمهور وأحاديثهم على ما
في المشكوة (3) وغيره من أن الله تعالى استخرج ذرية آدم من صلبه كالذر وأخذ عليهم
الميثاق بما يجب عليهم من المعارف ثم أعادهم إلى صلبه (ع) حتى قال بعض متصوفيهم :
أن لذة ذلك الخطاب في أذني إلى الآن فإن هذا التفسير في غاية الاستبعاد كما صرح
المصنف في جواب
(هامش)
(1) قد مرت ترجمته في المجلد الأول ص 99 فراجع . (2) قد مرت ترجمته في المجلد الأول
ص 36 فراجع . (3) أورد العلامة الشيخ ولي الدين محمد بن الخطيب العمري التبريزي في
الفصل الثالث من باب الايمان بالقدر ص 23 طبع دهلي بالمطبعة المجتبائية عدة أحاديث
متقاربة في هذا المعنى أحدها عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلق
الله تعالى آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر وضرب كتفه
اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم فقال للذي في يمينه إلى الجنة ولا أبالي وقال
للذي في كتفه اليسرى إلى النار ولا أبالي رواه أحمد وثانيها عن ابن عباس عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفه فأخرج من
صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال ألست بربكم ، قالوا :
بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباءنا
من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون رواه أحمد ، وغيرهما من
الروايات والأحاديث المفصلة التي أوردها هذا الفصل فليراجع . (*)
ص 310
مسائل السيد مهنا بن سنان الحسيني (1) المدني قائلا : إن جميع بني آدم لم يوجدوا من
ظهر آدم (ع) ، وأيضا فإن ما هو كالذر كيف يكلف أو يخاطب أو يتوجه إليه طلب الشهادة
منه ؟ ! مع أن الله تعالى حكى أنه أخذ من ظهور بني آدم لا من ظهره (ع) والوجه في
ذلك : توجه الخطاب إلى العقلاء البالغين الذين عرفوا الله تعالى بما شهدوا من آثار
الصانع تعالى في أنفسهم وفي باقي المقدمات (إنتهى)
(هامش)
(1) هو العلامة المحدث المفسر النسابة المؤرخ السيد مهنا قاضي المدينة المشرفة ابن
سنان قاضي المدينة ابن عبد الوهاب قاضي المدينة ابن إبراهيم قاضي المدينة ابن عبد
الوهاب ابن أبي عمارة المهنا ابن أبي هاشم داود بن قاسم بن عبيد الله بن الطاهر بن
يحيى بن الحسن بن جعفر الحجة بن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الإمام سيد
الساجدين زين العابدين عليه السلام كان من حسنات عصره ونوابغ زمانه علما وعملا
وأدبا وزهدا وشهامة ذكره العلامة ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة (ج 4 ص 368)
وقال في حقه : الإمامي قاضي المدينة اشتغل كثيرا وكان حسن الفهم جيد النظم ولأمراء
المدينة فيه اعتقاد كانوا لا يقطعون أمرا دونه وكان كثير النفقة متحببا إلى
المجاورين ويحضر مواعيد الحديث إلى أن قال مات سنة 754 انتهى . وهو صاحب المسائل عن
مولينا آية الله العلامة الحلي تعرف بالمسائل المهنائية ويروي عن جماعة منهم
العلامة قدس سره وله عقب مبارك في ايران وغيره يعرفون ببني المهنا وهم غير بني
المحنا بالحاء المهملة نسبة إلى السيد محمد المحنا الحسيني الذي يقال إنه ولد وكفاه
مخضبان وله ذرية ببلاد العراق ومن أراد الوقوف على تفصيل أعقاب السيدين السندين
(المهنا) (والمحنا) فليراجع إلى كتابنا الوحيد في بابه مشجرات آل رسول الله الأكرم
صلى الله عليه وآله سلم . وليعلم أن إجازة مولينا العلامة الحلي للسيد مهنا بن سنان
مذكورة في مجلد الإجازات من بحار الأنوار وهي إجازة شريفة ذات فوائد هامة . (*)
ص 311
ثم لا يخفى أنه لا ينافي هذا الحديث ولا الاستدلال به على مدعى المصنف ما ذهب إليه
المعتزلة في تفسير الآية من التمثيل والتخييل لكفاية التقرير والاقرار التخييليين
بالنبوة والإمامة في فضل النبي والوصي ، كما كان كافيا في إظهار جلال الله وعظمته
تأمل . وأما ما ذكره : من أنه لم يلزم منه نص على أنه أمير المؤمنين بعد النبي (ص)
الخ ففيه : أن دلالته على أنه سمى أمير المؤمنين قبل وجود آدم يقتضي أن يكون أولى
من غيره بإمارة المؤمنين في عالم الوجود ، وهذا كاف في مطلوب المصنف كما مر بيانه
مرارا . قال المصنف رفع الله درجته
الرابعة والثلاثون قوله تعالى : وصالح المؤمنين
(1) 
أجمع المفسرون وروى الجمهور (2) أنه علي (ع) (إنتهى)
(هامش)
(1) التحريم الآية 4 . (2) روى نزول الآية الشريفة في علي عليه السلام وإن المراد
بصالح المؤمنين هو عليه السلام عدة من أكابر القوم ونقله آثارهم ونحن نكتفي إلى سرد
أسماء بعضهم فنقول : (منهم) العلامة الثعلبي كما في كتاب العمدة للعلامة ابن بطريق
(ص 152 ط تبريز) قال : وأخبرني ابن منجويه حدثنا أبو علي المقري ، حدثني أبو القاسم
بن الفضل ، حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، حدثنا محمد بن
جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : حدثني رجل
ثقة يرفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام قال : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
في قوله تعالى : وصالح المؤمنين ، قال : هو علي بن أبي طالب عليه السلام . (ومنهم)
العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 53 ط الغري) أخبرنا أبو الحسن البغدادي بدمشق
عن المبارك الشهرزوري أخبرنا علي بن أحمد حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا ابن منجويه
حدثنا أبو علي المقري ، حدثنا أبو القاسم (*)
ص 312
(هامش)
ابن الفضل ، حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن يحيى بن عمر ، حدثنا محمد بن جعفر
بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن آبائهم عليهم السلام يرفعونه إلى
النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : قال رسول الله في قوله تعالى : وصالح المؤمنين
قال : هو علي . وأخبرنا بهذا عاليا مسندا منصور بن السكن المراتبي ، أخبرنا أبو
طالب مبارك بن علي بن محمد بن علي بن الخضير سنة تسع وخمسين وخمسمأة ، أخبرنا علي ،
أخبرنا أحمد ، حدثنا عبد الله ، حدثنا عمر بن الحسن ، حدثنا أبي ، حدثنا حصين عن
موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام عن أسماء بنت عميس قالت : سألت رسول الله عن
قوله عز وجل : وصالح المؤمنين قلت من هو يا رسول الله ؟ فقال هو علي بن أبي طالب
هكذا رأيت رواية أئمة التفسير عن آخرهم . (ومنهم) العلامة أبو عبد الله محمد بن
أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى سنة 671 ، أورد في تفسير المشهور (الجامع لأحكام
القرآن ج 18 ص 189 ط القاهرة 1357 ه) نقلا عن بعض أن المراد بصالح المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام . (ومنهم) العلامة الأديب الشهير بأبي حيان الأندلسي المغربي
المتوفى سنة 754 أورد في عداد من نزلت هذه الآية الشريفة في حقه أن مجاهد قال :
نزلت في حق علي بن أبي طالب عليه السلام . البحر المحيط (ج 8 ص 291 ط مطبعة السعادة
بمصر) (ومنهم) العلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة (ص 267 ط النجف) روى عن ابن أبي
الدنيا أنه كان عند ابن زياد زيد بن أرقم فقال له : ارفع قضيبك فوالله لطال ما رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ما بين هاتين الشفتين ، ثم جعل زيد يبكي ، فقال
ابن زياد : أبكى الله عينيك إلى أن قال : فنهض زيد هو يقول أيها الناس أنتم العبيد
بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وأمرتم ابن مرجانة إلى أن قال : قال يا بن زياد لأحدثنك
حديثا أغلظ من هذا : رأيت رسول الله اقعد حسنا على فخذه اليمنى وحسينا على (*)
ص 313
(هامش)
فخذه اليسرى ثم وضع يده على يافوخيهما ، ثم قال : اللهم إني استودعك إياهما وصالح
المؤمنين (ومنهم) العلامة غياث الدين بن همام المعروف بخواند مير في حبيب السير (ج
2 ص 12 ط الحيدري بطهران) قال مجاهد : إن صالح المؤمنين في قوله تعالى : فإن الله
هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين علي رضي الله عنه . (ومنهم) العلامة المفسر الحافظ
عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى سنة 774 ، قال في
تفسيره المشهور (ج 4 ص 389 ط مطبعة مصطفى محمد بمصر) : إن المراد (بصالح المؤمنين)
علي بن أبي طالب عليه السلام كما هو قول ليث بن أبي سليم عن مجاهد أنه قال : هو علي
بن أبي طالب . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن أبي عمر ،
حدثنا محمد ابن جعفر بن محمد بن الحسين قال : أخبرني رجل ثقة يرفعه إلى علي قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (وصالح المؤمنين) قال : هو علي بن
أبي طالب . (ومنهم) العلامة السيوطي في الدر المنثور (ج 6 ص 244 ط مصر) أخرج ابن
أبي حاتم عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : وصالح المؤمنين
قال هو علي بن أبي طالب . وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : وصالح
المؤمنين هو علي ابن أبي طالب . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في
مناقب مرتضوي (ص 51 ط بمبئي بمطبعة محمدي) نقل عن أحمد بن حنبل في (المسند) عن
مجاهد ، ونقل عن تحفة والمشارق عن عمرو عاص ، ونقل عن ابن مردويه في المناقب عن ابن
عباس وأسماء بنت عميس أن صالح المؤمنين علي بن أبي طالب . (*)
ص 314
قال الناصب خفضه الله أقول : هذه الآية في سورة التحريم وهي نازلة في شأن عايشة
وحفصة ، واتفق المفسرون على أن المراد من صالح المؤمنين أبو بكر وعمر ، لأن صدر
الآية هكذا : وإن تظاهر عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ، يعني إن
تظاهر عايشة وحفصة على جذب رسول الله (ص) من نسائه فإن الله مولاه وجبريل بأن يخبره
عن صنيعهما وصالح المؤمنين المراد أبواهما ، فإنهما كانا ينصحانهما بترك الأفعال
التي يكون للضرات ، وإن صح نزوله في أمير المؤمنين فلا شك أنه صالح المؤمنين ، ولكن
لا يدل على النص المدعى (إنتهى) . أقول الرواية التي ذكرها المصنف قد نقلها صاحب
كشف الغمة (1) عن عز الدين
(هامش)
(ومنهم) العلامة الآلوسي في روح المعاني (ج 28 ص 135 ط المنيرية بمصر) أخرج ابن
مردويه وابن عساكر عن ابن عباس نزول الآية في علي عليه السلام . وأخرج ابن مردويه
عن أسماء بنت عميس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : وصالح المؤمنين
علي ابن أبي طالب . (ومنهم) العلامة الشوكاني في (فتح القدير) ج 5 ص 246 ط مصطفى
الحلبي أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : وصالح المؤمنين علي ابن
أبي طالب . وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : وصالح المؤمنين علي بن أبي طالب وأخرج ابن أبي حاتم عن علي مرفوعا قال : هو
علي بن أبي طالب . (1) ذكره في (ص 25) طبع طهران . (*)
ص 315
عبد الرزاق المحدث الحنبلي (1) وعن الحافظ أبي بكر بن مردويه (2) بإسناده إلى أسماء
بنت عميس (3) وهو مذكور في تفسير أبي يوسف (4) يعقوب بن سفيان الفسوي
(هامش)
ص 316
بإسناده إلى ابن عباس ، ورواه السدي (1) في تفسيره عن أبي مالك (2) وعن ابن عباس
ورواه (3) الثعلبي في تفسيره بإسنادين إلى غير ذلك ، وتحقيق كلام المصنف وتوضيح
استدلاله بالآية والرواية أن المراد بصالح المؤمنين أصلح المؤمنين بدلالة العرف
والاستعمال ، لأن الشخص إذا قال : فلان عالم قومه أو زاهد بلده يريد إنه أعلم وأزهد
، ويشهد بصحة ذلك ما روي عن عمر بن العلا (4) من قوله كان أوس بن حجر (5)
(هامش)
(1) قد مرت ترجمته في المجلد الثاني ص 220 فراجع . (2) الظاهر أن المراد به أبو
مالك كعب بن عاصم وهو الذي يعد في الشاميين روى عنه شهر بن حوشب وأبو سلام ممطور
وعبد الرحمان بن غنم وأم الدرداء ، كما في التجريد (ج 2 ص 211 ط حيدر آباد) وترجمته
مذكورة في الاستيعاب والإصابة وأسد الغابة فليراجع (3) قد مر النقل بواسطة كتاب
العمدة فراجع (4) هو عمر بن العلا المازني النحوي الأديب الشهير أخو أبي عمرو ، روى
عن نافع وعنه يحيى بن كثير العنبري وغيره ، أورده العلامة صفي الدين الخزرجي في
خلاصة التهذيب (ص 242 طبع مصر) وذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في التهذيب وأنثى
عليه فراجع ومن أرباب كتب التراجم من اشتبه عليه الأمر وضبط اسمه (عمرو) والصحيح ما
تقدم فلا تغفل . (5) هو أبو عمرو أوس بن حجر بفتحتين الأسدي ويعرف بأبي عمرو بن
العلا ، قال الآلوسي في بلوغ الارب (ج 3 ص 104) ما لفظه : كان أوس فحل مضر حتى نشأ
النابغة وزهير فاخملاه وكان زهير راوية أوس ، ومن شعره الحسن قوله في المرثية التي
أولها : أيتها النفس أجملي جزعا * أن الذي تجزعين قد وقعا الخ إلى آخر ما ذكر ،
أقول وديوانه مشهور معروف وله شروح لطيفة (*)
ص 317
شاعر مضر حتى نشأ النابغة (1) وزهير (2) فطأطأ منه وهو شاتمهم في الجاهلية غير
مدافع وإنما أراد بلفظ شاعر أشعر ، لا غير ، وكذا قولهم : فلان شجاع القوم لا يقال
ذلك إلا إذا كان أشجعهم ، فعلى هذا يكون علي (ع) أصلح القوم وأفضلهم ويدل على هذا
أيضا أنه لا يجوز أن يذكر الله تعالى عند ذكر ناصر نبيه (ع) إذا وقع التظاهر عليه
بعد ذكره سبحانه وتعالى وذكر جبرئيل (ع) إلا من كان أقوى الخلق نصرة لنبيه وأمنعهم
جانبا في الدفاع والذب عنه ، ولا يحسن ولا يليق بموضوع (بموضع خ ل) الكلام ذكر ضعيف
النصرة ولا المتوسط فيها ،
(هامش)
(1) هو زياد بن معاوية الذبياني اشتهر بهذا اللقب لنبوغه ، قال أهل الأدب : إنه
أحسن الشعراء ديباجة شعر وأكثر رونق كلام وإن كلامه كلام الكتاب ليس فيه تكلف ولا
تعسف وبالجملة أمره أشهر من أن يذكر ، حكى عن ابن ولاد أنه قيل له النابغة من نبغ
الماء فكأنه أريد أن له مادة من لشعر لا تنقطع كما أن للماء مادة ، قيل هو مشتق من
نبغت الحمامة إذا تغنت أو كان اشتهار به لقوله (فقد نبغت لنا منهم شئون) إلى غير
ذلك وقد شرح بعض الأدباء ديوانه بشرح لطيف (2) هو زهير بن أبي سلمى بضم السين
المهملة وتسكين اللام قيل ليس في العرب سلمى غيره ، قال أهل الأدب في حقه : هو أحد
الأربعة الذين وقع عليهم الاتفاق على أنهم أشعر العرب : امرء القيس ، وزهير ،
والنابغة والأعشى وقال بعضهم في مقام التفضيل ، أشعر الناس امرء القيس إذا ركب ،
وزهير إذا رغب والنابغة إذا رهب ، والأعشى إذا طرب ، ونقل الآلوسي في بلوغ الارب (ج
3 ص 98 طبع بغداد) عن بعض الأدباء : أن زهيرا كان أجمع الناس للكثير من المعاني في
القليل من الألفاظ وأحسنهم تصرفا في المدح والحكمة إلى أن قال : وكان أبوه شاعرا
وخاله شاعرا وأخته سلمى شاعرة وأخته الخنساء شاعرة وابناه كعب وبجير شاعرين وابن
ابنه المضرب بن كعب شاعرا ، وكعب ابنه هو ناظم قصيدة (بانت سعاد) في مدح النبي
الأكرم صلى الله عليه وسلم القصيدة الرائقة الشهيرة . (*)
ص 318
والحال هذه ألا ترى ؟ إن أحد الملوك لو هدد بعض أعدائه ممن ينازع سلطانه ويطلب
مكانه ، فقال : لا تطمعوا في ولا تحدثوا نفوسكم بمغالبي ، فإن أنصاري فلان فلا يحسن
أن يدخل في كلامه إلا من هو الغاية في النصرة والمشهور بالشجاعة المعروف بحسن
المدافعة ألا ترى أن معاوية حيث ذكر كثرة من معه من العدد هدده أمير المؤمنين (ع)
بمالك الأشتر حيث هو معروف بالشجاعة مشهور بحسن المدافعة عن علي (ع) لأنه قال في
مالك (1) : كان لي كما كنت لرسول الله
(هامش)
(1) هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي الكوفي في الخلاصة للخزرجي متنا وهامشا
(ص 313 طبع القاهرة) في حقه أحد الأشراف ويعرف بالأشتر مخضرم عن عمر وعلي وكان أكبر
أمرائه شهد اليرموك وذهبت عينه يومئذ إلى أن قال : وثقه العجلي وقال ابن يونس مات
سنة (37) وفي هامشه أنه يروي عن أبي ذر أيضا ، وعنه ابنه إبراهيم وعلقمة ابن قيس
وكنانة مولى صفية ، وأنه مات مسموما بمصر لما ولاه علي انتهى وممن نقل كلام الأمير
عليه السلام : كان لي كما كنت الخ القندوزي في الينابيع (باب 53 ص 162 ط الاستانة)
قال مولينا العلامة في صه على ما في منتهى المقال في حقه جليل القدر عظيم المنزلة
كان اختصاصه بعلي عليه السلام أظهر من أن يخفى وتأسف أمير المؤمنين بموته وقال لقد
كان لي كما كنت لرسول الله الخ ونقل العلامة الحائري عن أهل السير أن معاوية لما
بلغه موت مالك خطب الناس فقال : أما بعد فإنه كان لعلي بن أبي طالب يدان يمينان
فقطعت إحديهما يوم صفين وهو عمار بن ياسر وقد قطعت الأخرى اليوم وهو مالك الأشتر
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج إنه كان فارسا شجاعا رئيسا من أكابر الشيعة
وعظمائها ، شديد التحقق بولاء أمير المؤمنين عليه السلام ونصره وقال فيه بعد موته :
رحم الله مالكا فلقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المنتهى
وروى المحدثون حديثا يدل على فضيلة الأشتر وهي شهادة قاطعة من (*)
ص 319
(ص) ولقد ظهر بما ذكرناه أولا وحققناه وأوضحناه ثانيا ، كذب ما ذكره الناصب من
اتفاق المفسرين على أن المراد بصالح المؤمنين فاسقا من المؤمنين ، وظهر امتناع حمل
ذلك على غير أصلح المؤمنين ، وظهر وجه دلالته على الأفضلية التي هي مطلوب المصنف
(قدس سره) وأيضا حمل لفظ صالح مفردا على رجلين اثنين مخالف للوضع ، وما ذكره فخر
الدين الرازي هيهنا : من أنه يجوز أن يراد بلفظ صالح مفردا الواحد والجمع مستندا
بما قاله أبو علي الفارسي (1) : من أنه
(هامش)
النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه من المؤمنين ثم نقل قصة حضوره في تجهيز أبي ذر
الخ وبالجملة الرجل من أجلاء أصحاب مولينا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ومن
المتفانين في حبه والذابين عنه والروايات في مدحه كثيرة متوافرة متظافرة . وله عقب
مبارك بيوت العلم والأدب والطب ، فمن ذراريه على المشهور فقيه الشيعة العلامة
الأكبر خريت الاستنباط وأبو بجدته آية الباري سبحانه مولانا الشيخ جعفر النجفي صاحب
كتاب كشف الغطاء قدس الله سره وأسرته الأجلاء الفحول ومن أعقاب المترجم بيت المالك
الأطباء المشاهير كالدكتور الوجيه النبيل سعيد خان المالك الطبيب الشهير المعاصر
والدكتور والحسيب أبو الفتح المالك المعاصر والدكتور أبو الفضل المالك المعاصر
وغيرهم أدام الله توفيقاتهم في خدمة عباده . ومن أخلافه بيت المالكي في ضواحي مصر
وكثيرا ما يشتبه المراد فيظن أنهم مالكيون مذهبا مع أنهم شوافع ونبغ فيهم عدة ومن
نسل المترجم بيت الأشتري في بلاد ايران وفيهم العلماء والأدباء والشعراء وأكثرهم من
الموظفين في الدوائر أدام الباري سبحانه مجدهم آمين (1) هو العلامة أبو علي حسن بن
علي بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان المعتزلي الأصول الفسوي
الفارسي النحوي الأديب الشهير قال في الريحانة ما محصله نقلا عن الشذرات وغيره أنه
ولد سنة 288 وتوفي سنة (377) في بغداد ودفن في (*)
ص 320
قد جاء فعيل مفراد يراد به الكثرة كقوله تعالى : ولا يسئل حميم حميما (1) فضعفه
ظاهر لأن قياس فاعل على فعيل بلا سند يعتد به غير مسموع ، ولو سلم فحميم إنما أريد
به الكثرة بقرينة وقوعه في حيز النفي المفيد للاستغراق ، وتنكيره الذي قد يكون
للتكثير ، وربما يتعين فيه بمعونة الحال والمقام والتنكير فيما نحن فيه فيكون قياس
صالح ذلك على حميم قياسا مع الفارق كما لا يخفى . قال المصنف رفع الله درجته
الخامسة والثلاثون قوله تعالى : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم (2) الخ الآية

روى الجمهور (3) عن أبي سعيد الخدري قال : إن النبي (ص) دعى الناس
(هامش)
المقبرة الشونيزية من مقابرها المعروفة له كتب مشهورة كالأوليات والتذكرة والمسائل
الشيرازيات والمسائل الكرمانيات والمسائل المجلسيات والمقصور والممدود والأمالي
والايضاح والأمالي وغيرها فراجع ج 3 ص 171 من الريحانة والذي نقله مولينا القاضي
الشهيد عنه في المتن مذكور في كتابه الأمالي . (1) المعارج الآية 10 المائدة ،
الآية 3 (3) رواه عدة من أعلام القوم ونحن نشير إلى بعض منهم فنقول : (منهم)
العلامة ابن كثير في تفسيره (ج 2 ص 14 ط مصطفى محمد بمصر) روى ابن مردويه من طريق
أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم غدير خم حين قال لعلي : من كنت ومولاه فعلي مولاه ثم رواه عن أبي هريرة (ومنهم)
العلامة الخوارزمي في المقتل (ص 47 ط النجف) أخبرني سيد الحفاظ فيما كتب إلي من
همدان أخبرني الرئيس أبو الفتح كتابة ، أخبرني (*)