الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج3)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص401

(هامش)

(ومنهم) عبد الله بن أحمد عن شريح بن يونس والحسين بن عرفة عن أبي حفص الآبار عن الحكم بن عبد الملك عن الحارث بن الحصيرة (ومنم) ابن الصلت عن ابن عقدة عن محمد بن علي الحسيني عن جعفر بن محمد بن عيسى عن عبيد الله بن علي الرضا عن آبائه عن علي عليه السلام (ومنهم) الوكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن أبي الأعز عن سلمان الفارسي (كما في البحار ج 9 ص 61 ط كمباني) (ومنهم) أحمد بن القاسم قال أخبرنا عبادة يعني ابن زياد عن محمد بن كثير عن الحارث بن الحصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كما في البحار ج 9 ص 62 ط كمباني) (ومنهم) لعلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 109 ط اسلامبول) أخرج موفق بن أحمد الخوارزمي المكي عن عمر بن أذينة عن جعفر الصادق عليه السلام عن آبائه عن علي رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا علي مثلك في أمتي مثل عيسى بن مريم افترق قومه ثلاث فرق فرقة مؤمنون وهم الحواريون ، وفرقة عادوه وهم اليهود ، وفرقة غلوا فيه فخرجوا عن دين الله وهم النصارى ، وإن أمتي ستفترق فيك ثلاث فرق ، فرقة اتبعوك وأحبوك وهم المؤمنون ، وفرقة عادوك وهم الناكثون والمارقون والقاسطون ، وفرقة غلوا فيك وهم الضالون يا علي إنك وأتباعك في الجنة وعدوك والغالي فيك في النار وأخرج في مشكاة المصابيح عن علي رضي الله عنه فذكر ما قدمناه وفي نهج البلاغة قال أمير المؤمنين علي عليه السلام هلك في رجلان محب وغال ومبغض قال . (*)

ص 402

قال الناصب خفضه الله أقول الآية نزلت في عبد الله بن الزبعري (1) حين نزل إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ، فقال ابن الزبعري : عيسى عبد فهو يدخل جهنم ، فقال رسول الله (ص) ما أجهلك بلغة قومك ؟ ! فإن ما لا يراد به ذوو العقول وعيسى (ع) من ذوي العقول فأنزل الله تعالى ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ، وإن صح فهو في حكم أخواتها (إنتهى) أقول قد ذكر (2) فخر الدين الرازي في هذه الآية أقوالا ثلاثة : أحدها ما ذكره الناصب حيث قال : إن لفظ الآية لا يدل إلا على أنه لما ضرب ابن مريم مثلا أخذ القوم يصيحون ويرفعون أصواتهم وأما إن ذلك المثل كيف كان ؟ فاللفظ لا يدل عليه ، والمفسرون ذكروا وجوها محتملة فالأول أن الكفار لما سمعوا إن النصارى يعبدون عيسى على نبينا وآله و(ع) قالوا : إذا عبدوا عيسى فآلهتنا خير من عيسى وإنما قالوا ذلك ، لأنهم كانوا يعبدون الله والملائكة الثاني روى أنه لما نزل قوله تعالى . إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ، قال

(هامش)

(1) هو عبد الله بن الزبعري بن قيس السهمي القرشي من مشاهير بلغاء العرب وفصحائها أسلم وحسن إسلامه وقبلت توبته وقال في مقام الاعتذار مخاطبا إياه صلى الله عليه وآله إني لمعتذر إليك من الذي * أسديت أذانا في الضلال اهيم فاغفر فذالك والداي كلاهما * زلي فإنك راحم مرحوم ولقد شهدت بأن دينك صادق * حق وإنك في العباد جسيم وزبعرى بكسر الأول وفتح الثاني ثم الألف المقصورة في آخرها فراجع الريحانة (ج 5 ص 354 طبع طهران) (2) فراجع التفسير الكبير للفخر الرازي (ج 27 ص 220 ط عبد الرحمان محمد بمصر) (*)

ص 403

عبد الله بن الزبعري إلى آخره ، الوجه الثالث في التأويل هو أن النبي (ص) لما حكى أن النصارى عبدوا المسيح وجعلوه إلها لأنفسهم قال كفار مكة : إن محمد (ص) يريد أن نجعله لنا إلها كما جعل النصارى المسيح إلها لأنفسهم ثم عند هذا قالوا : أآلهتنا خير أم هو ؟ يعني آلهتنا خير أم محمد (ص) ذكروا ذلك لأجل أنهم قالوا : إن محمدا (ص) يدعونا إلى عبادة نفسه ، وآبائنا زعموا أنه يجب عبادة هذه الأصنام فإذا كان لا بد من أحد هذين الأمرين فعبادة هذه الأصنام أولى ، لأن آبائنا وأسلافنا كانوا متطابقين عليه وأما محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام ، فإنه متهم في أمرنا بعبادته ، فكان الاشتغال بعبادة الأصنام أولى (إنتهى) وقد ظهر من كلامه إن ما ذكره في تأويل الآية وجوه محتملة ، قالوها رجما بالغيب من غير استناد إلى حديث مخبر عن سبب النزول ، فيكون ما رواه المصنف أولى بالاعتبار كما لا يخفى ، وأيضا كل من أخبار الثلاثة خال عن المعنى الذي يقتضيه اسلوب ضرب المثل وعن ذكر من ضرب له المثل بخلاف المعنى المستفاد من رواية المصنف فإنه مقرر لأسلوب المثل ومبين لمن ضرب له وهو علي (ع) ضرب لنا مثلا ونسي خلقه (1) فيكون أفضل أو نقول : قد دلت الآية مع الرواية دلالة صريحة على أن حكمه (ع) حكم عيسى على نبينا وآله و(ع) فلا أقل من دلالته على الأفضلية وبالجملة ما ذكره المصنف من الأدلة وإن كانت أخوات إلا أنها من نجب الأدلة ونخبها ، وما من آية إلا وهي أكبر من أختها . ختم وإتمام قد روى (2) أحمد بن حنبل في مسنده ما في معنى الحديث المذكور من طرق

(هامش)

(1) اقتباس من قوله تعالى في سورة يس . الآية 78 ، (2) فراجع إلى مسند ابن حنبل (ج 1 ص 160 ط مصر) وغيره مما تقدم ذكره في ذيل الآية الشريفة . (*)

ص 404

ثمانية منها ما رواه مسندا إلى علي (ع) قال قال رسول الله (ص) يا علي إن فيك مثلا من عيسى أبغضه اليهود حتى بهتوا أمه ، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له ، قال : قال علي يهلك في رجلان محب يفرطني بما ليس في ومبغض يحمله شناني على أن يبهتني وقوله (ع) : حتى بهتوا أمه أي جعلوه ولد زينة وكذا ابن المغازلي (1) في كتاب المناقب والشيخ عبد الواحد (2) الآمدي التميمي في الجزء الثالث من جواهر (3) الكلام في حروف ياء النداء وابن (4)

(هامش)

(1) قد تقدم النقل عن كتابه بواسطة العمدة لابن بطريق الحلي الينابيع للقندوزي البلخي الحنفي وبحر المناقب للشيخ برهان الدين والأربعمأة الحديث للكاشي والرياض النضرة للمحب الطبري وذخائر العقبى له أيضا فراجع . (2) هو العلامة المفسر المحدث الفقيه المتكلم الأديب الشيخ عبد الواحد بن القاضي أبي نصر محمد بن عبد الواحد الآمدي التميمي صاحب الكتب النافعة الكثيرة ككتاب غرر الحكم ودرر الكلم في كلمات مولينا أمير المؤمنين عليه السلام القصار رتبها على الحروف الهجائية وغيره يروي عنه العلامة ابن شهرآشوب السروي وغيره وكان المترجم من علماء الإمامية وأجلائهم فراجع كتاب الكنى والألقاب للعلامة المحدث القمي (2 ص 5 طبع النجف الأشرف) (3) هو كتاب جواهر الكلام في الحكم والأحكام من قصة سيد الأنام أوله الحمد لله استمطار سحائب كرمه الخ انتخبه متونا مجردة ورتبه على حروف المعجم ليسهل حفظه وهي من مسموعاته عن والده ومروياته عن الشيخ أحمد الغزالي بآمد وأبي بكر الاجرى والقاضي أبي نصر ودعان الموصلي وأبي الليث السمرقندي وأبي بكر محمد بن أحمد الشاشي وغيرهم كما في كشف الظنون (ج 1 ص 410 الطبع القديم بالاستانة) . (4) هو العلامة أحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي القرطبي أبو عمرو المؤرخ الحدث الأديب المتوفى سنة 328 ببلدة قرطبة ودفن في مقبرة بني العباس له كتب كثيرة . (*)

ص 405

عبد ربه في كتاب العقد (1) ذكروا ما في معناه ، ومعلوم أن خصائصه الباهرة (2) ومعجزاته القاهرة وآياته الناطقة مثل قلع الباب وقلع الصخرة (3) وإخباره بالمغيبات (4) على ما سيجئ قد بلغت شرف الكمال ، حتى التبس أمره على كثير من العقلاء ، واعتقدوا أنه فاطر الأرض والسماء وخالق الأموات والأحياء كما بلغ الأمر في عيسى (ع) هل هو معبود أو عبد ؟ ولعل الله سبحانه تعالى لما سبق في علمه ما يجري عليه حال علي (ع) من كثرة الباغضين والمعاندين ، وما يبلغون إليه من مساواته لمن لا يجري مجراه ، كساه الله من حلل الأنوار وجليل المنار ما يبلغ به إلى غاية يقوم بها الحجة البالغة لله سبحانه على الخلائق ولا يبقى لهم عذر يعتذرون به في ولاية وليه عليه الصلاة والسلام ، وقد جعل الناس في كلامه (ع) ثلاث مراتب قوم أفرطوا في حبه فهلكوا وهم النصيرية (5) لأنهم يعتقدون أنه إله يحيي ويميت

(هامش)

(1) هو كتاب عقد الفريد المطبوع المشهود وقد ذكر في (ج 2 ص 194 ط مصر 1316 ه‍) أن الشعبي قال : كان علي بن أبي طالب في هذه الأمة مثل المسيح بن مريم في بني إسرائيل أحبه قوم فكفروا في حبه ، وأبغضه قوم فكفروا في بغضه . (2 ) وذلك كإيثاره عليه السلام كل ما ملك من حطام الدنيا وتمثله بالشعر المعروف هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده في فيه وخصائصه الأخر من الشجاعة والفتوة والزهد والورع والعلم وغيرها مما سنذكرها في باب الفضائل . (3) وكحديث البساط وحديث السطل والماء والمنديل وغير ذلك من معجزاته الباهرة التي ستجئ في باب فضائله عليه السلام . (4) وذلك كإخباره عليه السلام شهادته بيد أشقى الأشقياء في رمضان المبارك وغيره من إخباره بالمغيبات التي ستجئ في موضعها . (5) النصيرية ويقال لها النميرية ، أحدثها محمد بن نصير النميري وهو من أتباع الشريعي (*)

ص 406

ويمنع ويرزق لما عاينوا من أفعاله الباهرة التي يؤيد الله تعالى بها أنبياءه وأوصياء أنبيائه ليصح (ليتضح خ ل) بها صدق دعوتهم في النبوة والخلافة ، فلما أهملوا وظيفة النظر في الدليل هلكوا حيث شبهوا الصانع بالمصنوع والرب بالمربوب ، وقوم (1) أفرطوا في بغضه حتى نصبوا له العداوة وحاربوه ودفعوه عن مقامه الذي نصبه الله تعالى فيه ، ونبه عليه بالآيات في كتابه ونص عليه الرسول في مواضع لا تحصى كثرة (2) وأفرطوا في بغضه حتى كتموا من النصوص ما قدروا عليه وتوعدوا

(هامش)

وبينهم خلاف في كفية إطلاق اسم الإلهية على الأئمة من أهل البيت : قالوا : ظهور الروحاني بالجسد الجسماني أمر لا ينكره عاقل كظهور جبرئيل عليه السلام ببعض الأشخاص والتصور بصورة أعرابي والتمثل بصورة البشر وقالوا : إن الله تعالى ظهر بصورة أشخاص ولما لم يكن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص أفضل من علي عليه السلام وبعده أولاده المخصوصون وهم خير البرية فظهر الحق بصورتهم ونطق بلسانهم وأخذ بأيديهم ولهذا قالوا : كان علي عليه السلام موجودا قبل خلق السماوات والأرض إلى غير ذلك من مقالاتهم الغريبة البعيدة التي نشأت من كراماته الباهرة التي أجرى الله تعالى بأيديه تعظيما له عليه السلام . (1) وذلك كالخوارج والعجاردة والنصاب وسائر أعداء أهل البيت عليهم السلام الذين يبغضون عليا وأولاده وينصبونهم . (2) وقد أخفوا ما ورد من النصوص الدالة على علو مكانه وشرفه وفضيلته وأرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم وأقلامهم والله متم نوره ولو كره المشركون قد أخفت الأعداء مناقبه التي * ما ذاع منها لا تعدو تكتب قيل لخليل بن أحمد امدح عليا قال كيف أقدم في مدح من كتمت أحبائه فضائله خوفا وأعدائه حسدا وظهر بين الكتمانين ما ملاء الخافقين ، وقال ابن حنبل لابنه عبد الله يا بني : إن أعداء علي قد فتشوا فيه ما يشينه فما وجدوا فيه شيئا . (2 مكرر) ذكر هذا الحديث مضافا إلى ما تقدم من في ذيل الآية عدة من أعلام القوم : (*)

ص 407

الناس على نشر مناقبه وسبوه (1) على المنابر ، بل قادوه كما يقاد الجمل

(هامش)

(منهم) الحافظ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل في (مسنده) ج 1 ص 160 طبع مصر) نقل الحديث بلفظه . (ومنهم) الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في كتابه (المستدرك) (ج 3 ص 123 طبع حيدر آباد) نقل الحديث بلفظ آخر . (ومنهم) الحافظ محب الدين الطبري في كتابه (الرياض النضرة) (ج 2 ص 2 17 ط مصر) نقل الحديث بلفظه . (ومنهم) الحافظ المذكور في كتابه (ذخائر العقبي) (ص 92 ط مصر) (ومنهم) الشيخ الجليل سليمان الحسيني القندوزي في ينابيع المودة (ج 2 ص 39 ط صيداء) نقل الحديث بلفظه . (1) فممن ذكر ذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (ج 7 ص 57 ط مصر) حيث قال ما لفظه : ثم اشتد الخطب فتنقصوه واتخذوا لعنه على المنابر سنة ووافقهم الخوارج على بغضه فصار الناس ثلاثة إلى أن قال والمحاربين له من بني أمية وأتباعهم الخ وكذا (في ص 60 ج 7) حيث قال ما لفظه : ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عند مسلم والترمذي قال قال معاوية لسعد ما منعك أن تسب أبا تراب ، قال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله فلن أسبه فذكر هذا الحديث أي قوله (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى) (ومنهم) العلامة المحدث المفسر ابن الجوزي في كتابه (تذكرة الخواص) (ص 114 ط طهران) حيث قال وهذا لفظه فألحوا عليه فأرسل الحسن عليه السلام فاستزاره فلما حضر شرعوا فتناولوا عليا عليه السلام والحسن عليه السلام ساكت الخ . (ومنهم) الحافظ الكبير العلامة الحاكم النيسابوري في كتابه (المستدرك) (ج 3 ص 121 ط حيدر آباد) أورد فيه حديثين عن أم سلمة حيث قال ما هذا لفظه بعد (*)

ص 408

(هامش)

ذكر السند : دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فقال لي أيسب رسول الله فيكم ؟ فقلت معاذ الله أو سبحان الله ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول من سب عليا سبني قال هذا حديث صحيح الاسناد وكذا الحافظ المحدث شمس الدين الذهبي صاحب تلخيص المستدرك في ذيل المستدرك (ج 3 ص 121 ط حيدر آباد الدكن) (ومنهم) العلامة المعاصر السيد علوي الحداد في كتاب (القول الفصل) (ج 2 ص 384 ط جاوة) حيث قال : ما هذا لفظه : وكنداء أهل الشام وصياحهم لعمر بن عبد العزيز لما ترك لعن علي عليه السلام في الخطبة السنة السنة تركت السنة يا أمير المؤمنين وقال بعد ذلك وتلك قاعدة الجوزجاني الشامي فيمن لا يلعن عليا عليه السلام (ومنهم) العلامة الحافظ المحدث ابن حجر الهيتمي في كتابه الصواعق المحرقة (ص 72 ط مصر) حيث قال ما هذا لفظه : ثم لما اشتد الخطب واشتغلت طائفة من بني أمية بتنقيصه وسبه على المنابر ووافقهم الخوارج لعنهم الله الخ فراجع . (ومنهم) الحافظ أبو عبد الله مسلم بن الحجاج النيسابوري في صحيحه على ما في (التاج الجامع للأصول) (ج 3 ص 329 ط مصر) حيث قال عن سعد بن أبي وقاص قال : أمرني معاوية أن أسب أبا التراب (ومنهم) الحافظ الترمذي في صحيحه على ما في (التاج) (ج 3 ص 329 ط مصر) (ومنهم) العلامة أبو الحسن علي بن الأثر الجزري الموصلي في كتابه (أسد الغابة) (ج 4 ص 25 ط القديم بمصر) حيث روى عن أبيه عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية سعدا أن يسب أبا تراب . (ومنهم) الحافظ ابن عبد البر الأندلسي في الاستيعاب (ج 2 ص 467) حيث نقل بسنده عن عبد العزيز بن أبي حازم أنه أمر بعض المتأمرين سهل بن سعد الساعدي (*)

ص 409

(هامش)

بسب علي عليه السلام فامتنع من ذلك (ومنهم) الحافظ أبو الحسن علي بن الأثير في أسد الغابة (ج 1 ص 134) قال فيه إنهاء السند إلى شهر بن حوشب ما لفظه : أقام فلان خطباء يشتمون عليا ويقعون فيه (ومنهم) العلامة محب الدين الطبري في كتابه (الرياض النضرة ج 2 ص 188 طبع مصر) روى عن سعد أنه قال أمر معاوية سعدا أن يسب أبا تراب فأبى (ومنهم) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه الشهير (ج 2 ص 124) نقل أمر أمير المدينة سهل بن سعد بسب علي عليه السلام وامتناعه عن ذلك (ومنهم) الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج 1 ص 351 طبع دمشق) بسنده المنتهي إلى عبد الرزاق أنه قال سمعت معمرا يقول دخلت مسجد حمص فإذا أنا بقوم رباءلهم فظننت بخير فجلست إليهم فإذا هم ينتقصون علي بن أبي طالب ويقعون فيه فقمت من عندهم فإذا شيخ يصلي ظننت به خيرا فجلست إليه فلما حس بي جلس وسلم فقلت له يا عبد الله ما ترى هؤلاء القوم يشتمون علي بن أبي طالب وينتقصونه وجعلت أحدثه بمناقب علي بن أبي طالب وإنه زوج فاطمة بنت رسول الله وأبو الحسن والحسين وابن عم رسول الله الخ إلى غير ذلك من كلماتهم المصرحة بأن المخالفين كانوا يسبون ويشتمون صنوا الرسول وابن عمه والذاب عنه والفادي بنفسه في الدفاع عنه حتى أني رأيت في بعض المجاميع المخطوطة : أن أهل بعض البلدان استمهلوا ستة أشهر عمر بن عبد العزيز في سب مولينا أمير المؤمنين روحي له الفداء لما منع عن ذلك وعاقب من اقترف تلك الموبقة فبالله عليك أيها اللاحظ المنصف هل يليق معاوية ومن يحذو حذوه أن يتمكن على سرير الخلافة الإسلامية كلا وكلا حاشا ثم حاشا ، وتعسا لأمثال ابن حجر الهيتمي الجار السوء لبيت الله تعالى في تأليفه كتاب تطهير الجنان المطبوع بهامش كتابه الصواعق الحرقة لمؤلفه المتعصب النابذ للحق وراء الظهر ومن سبر كلماته رأى أن (*)

ص 410

(هامش)

المسكين المحامي لابن أبي سفيان لا يملك نفسه في الغمض والغض عن الحقائق ويتفوه بمعاذير تضحك منها الثكلى ويبكي العريس مع أنه قد ثبت عندهم بالطرق الصحيحة والأسانيد القوية إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : من سب عليا فقد سبني وغيره من الأحاديث الواردة بهذا المضمون والمؤدي . والعجب بعد ذلك كله من الآلوسي أبي الثناء صاحب التفسير حيث لا يرى مساغا لسب بشر بل والحيوانات العجم في كتابيه تلخيص التحفة والرسالة اللاهورية ومع هذا يغض الطرف عن وقيعة مولينا أمير المؤمنين وسبابه وهو ينتمي نسبا إلى الإمام محمد التقي الجواد عليه السلام ، فما أجدر أن يقال في حقه : أترى القاضي أعمى * أم تراه يتعامى وكذا لا ينقضي تعجبي من الملا أحمد الكردستاني المدرس (بپاوه) من أعمال كردستان في رسالته التي ألفها في الرد على الإمامية حيث يعتذر عن هذه السيئة التي اقترفها الأولون المتقمصون بأمور ما أشبهها بمقالات الصبيان ومحاوراتهم في ملاعبهم ، وكم لهذين الرجلين من نظير بين علمائهم حيث تراهم لما عجزوا عن رد السند والتصرف في الدلالة وهم غرقى في بحر العناد والعصبية الجاهلية تشبثوا بحشيش الاعتذار ، كما فعله الشيخ محمد مردوخ الكردي المعاصر في رسائله (دانش ودين) و(ناله إسلام) و(نداى اتحاد) فإنه جزاه الله بصنيعه لم يكتف بالمعاذير بل جاوز حد الدين ولوح في كلامه إلى جواز ما صدرت من طواغيت السلف في حق صنو الرسول ومن قام الدين بمتاعبه خذله الرحمان ما أجرأه على انتهاك حرمة من نفسه نفس النبي صلى الله عليه وآله اللهم أهد الجماعة حتى يتدبرون . ثم إني وقفت على كتاب (الفوائد النورية) في الرد على الرسالة اللاهورية المذكورة تأليف العلامة المجاهد المحامي الشيخ محمد المدرس الطهراني نزيل كرمانشاه وكذا كتاب (رفع البغض والعداوة) في الرد على مدرس باوه له أيضا ، ولله دره وقدس سره (*)

ص 411

المخشوش (1) وأضرموا النار في بيته (2) وسفكوا دماء ذريته الطاهرة (3) وقوم مقتصدون أولئك جعلوا عليا (ع) إماما ولم يتعدوا به ما جعله الله له ، ومعلوم أن التميز من الأمة قليل ، والعمى فيها كثير ، وعلى ذلك مضى جمهورها ألم تر أن قوم موسى على نبينا وآله وعليه السلام حال صعودهم من البحر قد شاهدوا الآية العظمى أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون فلا عجب حينئذ أن تنقلب الأمة بعد نبيها وتختلف في وصيه (وصيته خ) ومعلوم أن أبا بكر لم يقل أحد من الأمة بأسرها إنه إله يحيي ويميت بل قوم يرون إمامته وقوم لا يرونها أصلا والأمة بأسرها قائلة بإمامة علي (ع) لكنهم منهم من جعله رابعا والخلاف حينئذ في علي (ع) بين الإلهية والإمامة والخلاف في أبي بكر هل هو إمام أم لا ؟ وهذا تباين عظيم وتباعد مفرط قد بلغ إلى الغاية وارتفع في النهاية كما أشار إليه الفرزدق (4) رحمه الله بقوله : *

(هامش)

* أزاح العلل وأجاب عنهما بما يشفي القلوب ويكشف الكروب جزاه الله خير الجزاء والنسختان مخطوطتان وهما عندي بخطه الشريف من علي بهما العلامة الموالي لأهل البيت عليهم السلام المفسر الفلكي الحيسوب الرياضي المتكلم الشاعر المحدث حجة الإسلام الشيخ حيدر قلي خان المشتهر بسردار الكابلي قدس الله سره وأجزل تشريفه ، وأرجو من فضله تعالى أن يقيض الهمم في طبعهما ونشرهما آمين آمين . (1) الخشاش بالكسر ما يدخل في عظم أنف البعير والخش : البعير المخشوش ق . (2) كما سيجئ ذكر مداركه في باب المطاعن إن شاء الله . (3) كالحسين الشهيد المظلوم وساير الأئمة الأطهار عليهم السلام . (4 ) هو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع ابن دارم التميمي الشاعر الشهير والناظم النحير أمه ليلى بيت حابس أخت الأقرع بن حابس وأبوه من أشراف قومه وجده صعصعة صحابي ، وكان المترجم من الشعراء (*)

ص 412

شعر تبا لناصبة الإمام لقدتها فتوا في الضلال بل تاهوا قاسوا عتيقا بحيدر سخنت (1)* عيونهم با لذي به فاهوا كم بين من شك في إمامته * وبين من قيل إنه الله ؟ ! وقد اشتهر عن الشافعي ما مضى (2) من قوله : لو أن المرتضى أبدى محله * لأضحى الناس طرا سجدا له

(هامش)

المجاهرين في حب أهل البيت عليهم السلام وله ديوان شعر معروف شرحه جماعة ومن غرر منظوماته ما قاله في مدح مولانا سيد الساجدين وزين العابدين سلام الله عليه بمحضر بن هشام بن عبد الملك تلك الأبيات الشريفة العزيزة النفيسة السائرة الدائرة التي مطلعها . هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إلى أن قال ما قال لا قط إلا في تشهده * لولا التشهد كان لائه نعم الخ وقد شرحها جميع من أدباء الفريقين كما أنه خمسها ثلة وضمنها بعض وبالجملة جلالة المترجم مما لا ينكر توفي بالبصرة سنة 110 رضوان الله 20 طبع الغري الشريف) والريحانة للعلامة المدرس الخياباني وابن خلكان والطليعة في شعراء الشيعة للعلامة المعاصر فقيد العلم والأدب الشيخ محمد بن طاهر السماوي النجفي والأغاني لأبي الفرج والروضات وغيرها ثم إن للمترجم عقب فيهم العلماء والأدباء قد ذكر بعضهم في معاجم التراجم فليراجع . (1) أسخن الله بعينه : أبكاه . (2) قد مر نقله من كتاب المناقب المرتضوية للترمذي فراجع . (*)

ص 413

كفى في فضل مولانا علي * وقوع الشك فيه إنه الله قال المصنف رفع الله درجته

الثالثة والستون وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (1)

قال علي (ع) هم أنا وشيعتي (2) (إنتهى)

(هامش)

(1) الأعراف 184 (2) أورده من حفاظ القوم وأعلامهم جمع فلا بأس بالإشارة إلى بعضهم فنقول : (منهم) العلامة السيوطي في الدر المنثور (ج 3 ص 194 ط مصر) حيث قال : أخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة يقول الله : وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون فهذه هي التي تنجو من هذه الأمة . وفي (ج 3 ص 136 ط مصر) ما لفظه : أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : افترقت بنو إسرائيل بعد موسى إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى بعد عيسى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة إلى أن قال : وأما نحن فيقول وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون فهذه التي تنجو من هذه الأمة . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقب مرتضوي (ص 52 ط بمبئي بمطبعة المحمدي) نقل عن بحر المناقب ومناقب ابن مردويه عن زاذان رضي الله عنه قال : قال علي كرم الله وجهه : تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله تعالى : وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهم أنا وشيعتي (ومنهم) الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 109 ط اسلامبول) (*)

ص 414

قال الناصب حفظة الله أقول هذه من رواياته ومدعياته ، والله أعلم وليس فيه دليل على المدعى (إنتهى) . أقول هذه الرواية مما اختصرها المصنف عن رواية رواها الحافظ ابن مردويه عن زاذان (1) عن علي (ع) قال : تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون

(هامش)

أخرج موفق بن أحمد الخوارزمي المكي عن زاذان عن علي رضي الله عنه قال تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الذين قال الله عز وجل في حقهم وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهم أنا ومحبي وأتباعي . (ومنهم) الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتاب (المناقب) (كما في كشف الغمة ص 95) . روى عن زاذان عن علي عليه السلام قال : تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله تعالى وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهم أنا وشيعتي . (1) هو زاذان الكندي مولاهم أبو عمرو البزار الكوفي شهد الجابية عن علي وابن مسعود وعائشة وطائفة وعنه أبو الصالح السمان وعمرو بن مرة ومحمد بن جحادة وثقة ابن معين قال خليفة مات سنة (82) هكذا قال الخزرج في الخلاصة ص 110 وأورده شيخنا الأستاذ العلامة آية الله الحاج الشيخ عبد الله المامقاني في كتاب الرجال (ج 1 ص 136 طبع الغري) وعده في أعلى درجات الحسن والقبول إلى آخر ما قال وبالجملة جلالته وكونه من حواري مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مما لا ينكر ورأيت في بعض التعاليق إنه كان من أقرباء سلمان الفارسي الصحابي الجليل الشهير وبخط بعض الأفاضل إنه كان من أقرباء أبي لؤلؤ وأبي خالد الكابلي والله أعلم . (*)

ص 415

في النار وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله تعالى : وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهم أنا وشيعتي (إنتهى) وقال فخر الدين الرازي : أكثر المفسرين على أن المراد من الأمة هيهنا قوم محمد (ص) روى قتادة وابن جريح عن النبي (ص) أنها هذه الأمة وروي أيضا أنه (ع) قال هذه لكم وقد أعطى الله قوم موسى على نبينا وآله وعليه السلام مثلها ، وعن الربيع عن أنس أنه قرء النبي (ص) هذه الآية فقال إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم ، وقال ابن عباس رضي الله عنه : يريد أمة محمد (ص) من المهاجرين والأنصار (إنتهى) والرواية الأخيرة مما ذكرها الرازي صريحة في تخصيص بعض الأمة بكونه على الحق ، وهذا هو الحق ، كما دل عليه أيضا ما اشتهر من حديث افتراق الأمة ، والجمع بينه وبين حديث ابن مردويه يقتضي أن يكون المراد بالقوم المذكور عليا (ع) وشيعته ، ومن البين إن الخلفاء الثلاثة وأتباعهم من أهل السنة ليسوا من شيعة علي (ع) لما عرفت من المباينة والمخالفة بينهم وبين علي (ع) وقد ذكر (1) القاضي ابن خلكان في أحوال علي بن جهنم القرشي عليه ما عليه إنه كان معذورا في

(هامش)

ثم إن المشهور في اسمه ما ذكرناه وهو بالزاء والذال المعجمتين وفي بعض الكتب بالذالين المعجمتين والمعتمد الأول . وفي هامش منتهى المقال لشيخنا العلامة أبو علي الحائري بخطه نقل عن كتاب الخرائج والجرائح قضية حفظ القرآن بكرامة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام روى ذلك الخبر عن زاذان سعد الخفاف ، وقال سعد : فقصصت قصة زاذان وتلك الكرامة التي كان ينقلها عن الأمير عليه السلام علي أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : صدق زاذان إن أمير المؤمنين عليه السلام دعا لزاذان بالاسم الأعظم لا يرد ، إنتهى . (1) قد ذكرت ترجمته ابن الجهم وانحرافه عن أمير المؤمنين عليه السلام في وفيات الأعيان لابن خلكان ج 3 3 ص 39 الطبع الجديد بالقاهرة (*)

ص 416

بغض علي (ع) والانحراف عنه ، لأن محبة علي بن أبي طالب عليهما السلام لا تجتمع مع التسنن (إنتهى) فيكونون على الباطل لأن الحق لا يكون في جهتين مختلفتين وكفى فيه دليلا على المدعى كما لا يخفى . قال المصنف رفع الله درجته

الرابعة والستون وتراهم ركعا سجدا (1)

نزلت (2) في علي (ع) (إنتهى) . قال الناصب خفضه الله أقول : إن صح فلا دلالة له على النص (إنتهى) أقول تمام الآية قوله تعالى : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله رضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود

(هامش)

(1) الفتح الآية 29 (2) ذكره من أعلام القوم جماعة . (منهم) المير محمد صالح الكشفي الترمذي الحنفي في مناقب مرتضوي (ص 66 ط بمبئي بمطبعة المحمدي) نقل عن أهل السنة : أن تراهم ركعا سجدا في شأن علي عليه السلام . ونقل عن كتاب صفوة الزلال عن علي عليه السلام قال صليت مع رسول الله سبعة سنة قبل أن يسلم أحد أو يصلي أحد (ومنهم) العلامة الآلوسي في روح المعاني (ج 26 ص 117 ط المنيرية بمصر) أخرج ابن مردويه والقاضي أحمد بن محمد الزهري في فضائل الخلفاء الأربعة والشيرازي في الألقاب عن ابن عباس تراهم ركعا سجدا علي كرم الله تعالى وجهه . (*)

ص 417

الآية ولعل استدلال المصنف بتمام الآية ، وإنما اكتفى بذكر البعض اختصارا واعتمادا على انصراف ذهن من فاز بتلاوة القرآن إلى الباقي ، وكون باقي الصفات المذكورة فيها إنما يرتبط بعلي (ع) دون الخلفاء الثلاثة وبالجملة قوله تعالى : ركعا سجدا إخبار عن كثرة صلاته (ع) ومداومته عليها ، وسيجئ من الأحاديث والأخبار ما يدل على أنه (ع) بلغ في ذلك مبلغا لم ينله غيره من الصحابة ، فيكون أعبدهم كما أشار إليه أيضا أفضل المحققين (قدس سره) في التجريد (1) فيكون أفضل وهذا ما ادعاه المصنف . قال المصنف رفع الله درجته

الخامسة والستون والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا (2)

نزلت في (3) علي (ع) ، لأن نفرا من المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه (إنتهى) .

(هامش)

(1) ذكره في المقصد الخامس عند تعرضه لكونه عليه السلام أزهد الناس وأعبدهم وأحلمهم وأشرفهم وأطلقهم وجها وأقدمهم إيمانا حيث قال وروي أنه قال عليه السلام على المنبر بمشهد من الصحابة أنا الصديق الأكبر آمنت قبل إيمان أبي بكر وأسلمت قبل أن أسلم ولم ينكر عليه منكر فيكون أفضل من أبي بكر (2) الأحزاب . الآية 58 . (3) نقله جم غفير وجمع كثير ونورد ههنا أسماء من وقفنا على كلامه في حال التحرير (فمنهم) العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى سنة 671 أورد في تفسيره المشهور (الجامع لأحكام القرآن ج 14 ص 240 ط القاهرة 1357 ه‍) رواية تدل على أن الآية الشريفة نزلت في علي ، فإن المنافقين كانوا يؤذونه ويكذبون عليه (ومنهم) البيضاوي في تفسيره (ج 4 ص 47 ط مصطفى محمد بمصر) ذكر نزولها في المنافقين الذين يؤذون عليه رضي الله عنه (*)

ص 418

قال الناصب خفضه الله أقول : الظاهر العموم ، وإن خص فلا دلالة له على النص المقصود (إنتهى) أقول وجه استدلال المصنف بهذه الآية على الأفضلية أن هذه الآية مرتبطة بما قبلها ، وهو قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا الآية ، والحاصل كما ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره إنه لما كان الله مصليا على نبيه لم ينفك إيذاء الله عن إيذائه ، فإن من آذى الله ، فقد آذى الرسول (ص) فبين الله للمؤمنين إنكم إن أتيتم بما أمرتكم وصليتم على النبي كما صليت عليه لا ينفك إيذائكم عن إيذاء الرسول (ص) كما يكون على الأصدقاء الصادقين في الصداقة (إنتهى) ففي الآية بمقتضى الرواية التي ذكرها المصنف قدس سره دلالة على أن إيذاء علي (ع) لا ينفك عن إيذاء الرسول (ص)

(هامش)

(ومنهم) الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتاب (المناقب) (كما في كشف الغمة ص 95) روى عن مقاتل بن سليمان في قوله تعالى إن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات الآية ، أنها نزلت في علي بن أبي طالب ، وذلك أن نفرا من قريش كانوا يؤذونه ويكذبون عليه (ومنهم) المير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقب مرتضوي (ص 60 ط بمبئي بمطبعة المحمدي) قال مقاتل بن سليمان أنها نزلت في علي عليه السلام (ومنهم) العلامة الخازن البغدادي الخطيب المفسر المحدث في تفسيره (ج 5 ص 227 ط مصر) قيل : إنها نزلت في علي بن أبي طالب كانوا يؤذونه ويشتمونه (ومنهم) العلامة البغوي صاحب معالم التنزيل المطبوع بهامش تفسير الخازن ما لفظه : وقال مقاتل : نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام كانوا يؤذونه ويشتمونه (ومنهم) العلامة الحافظ الواحدي في أسباب النزول (ج 273 ط الهندية بمصر) قال مقاتل نزلت في علي بن أبي طالب (*)

ص 419

ولم يرد في الآية الرواية الصحيحة المتفق عليها ما يدل على كون أحد من الخلفاء الثلاثة أو غيرهم من كباير الصحابة كذلك ، فيكون أفضل . قال المصنف رفع الله درجته

السادسة والستون وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض (1) في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين (2)

وهو علي (ع) لأنه كان مؤمنا مهاجرا ذا رحم (3) (إنتهى) . قال الناصب خفضه الله أقول : ظاهر الآية العموم ، ولم يذكر المفسرون تخصيصا بأحد ، ولو خص فلا دلالة على النص ، والاستدلال بأنه مؤمن مهاجر ذو رحم لا يوجب التخصيص لشمول الأوصاف المذكورة غيره (إنتهى) . أقول ليس مقصود المصنف ولا مقتضى ما ذكره من الرواية (الدلالة خ ل) نفي عموم الآية ،

(هامش)

(1) الأحزاب . الآية 6 . (2) ذكره من أئمة الحديث جمع غير قليل (فمنهم) المير محمد صالح الكشفي الترمذي الحنفي في (مناقب مرتضوي) (ص 62 ط بمبئي بمطبعة محمدي) نقل اتفاق المفسرين على أن الآية نزلت في علي لأنه الذي كان مؤمنا ومهاجرا وابن عمه (ومنهم) الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتاب (المناقب) (كما في كشف الغمة ص 95) قال في قوله تعالى : وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله الآية . قيل ذلك علي عليه السلام لأنه كان مؤمنا مهاجرا ذا رحم (3) لأنه ابن عمه الابويني باتفاق الكل (*)

ص 420

بل المراد أن ذلك العام مع ما اعتبر معه من الأوصاف إنما يتحقق بين أرحام النبي (ص) في علي (ع) ولكن الناصب البليد لم يفهم المقصود والمرام ، والحاصل أن الآية نص في إمامة علي (ع) لدلالتها على أن الأولى بالنبي (ص) أيضا من أولى الأرحام من كان مستجمعا للأمور الثلاثة كما أشار إليه المصنف ، وقد أجمع أهل الإسلام على انحصار الإمام بعد النبي (ص) في علي (ع) والعباس وأبي بكر والعباس وإن كان مؤمنا ومن أولى الأرحام لكن لم يكن مهاجرا (1) بل كان طليقا ، ولاتفاق أصحاب الناصب معنا في أنه طلب مبايعة علي (ع) في أول الأمر ، ولم يكن ذلك إلا لعلمه بالنص على علي (ع) كما نقوله ، أو بالأفضلية كما يقولون ، بل قد حدث القول بإمامة عباس بعد الاجماع الثنائي (الصناعي خ ل) وانقراض القائل به بعد زمان العباسية فافهم ، وأبو بكر على تقدير صحة إيمانه وهجرته لم يكن من أولي الأرحام ، فتعين أن يكون الأولى بالإمامة والخلافة بعد النبي (ص) علي (ع) لاستجماعه الأمور الثلاثة فتثبت (فثبت خ ل) ما ادعيناه بحمد الله تعالى وبما قررناه قد اضمحل ما أجاب به المشكك الرازي في تفسيره الكبير عن تمسك بعض أكابر الذرية الطاهرة بالآية المذكورة على المتقلب الدوانيقي العباسي ، حيث قال : تمسك محمد بن (2) عبد الله بن الحسن بن الحسن عليهم السلام

(هامش)

(1) وقد استدل مولانا الكلام عليه السلام بقوله تعالى : والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيئ حتى يهاجروا ، روى ذلك الفاضل الطبرسي في كتاب الاحتجاج . منه قدس سره . (2) هو أبو عبد الله محمد النفس الزكية ابن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الإمام مولانا الحسن السبط عليه السلام ، كان من وجوه آل أبي طالب وأعيانهم علما وزهدا وشهامة وشجاعة وكرما وسؤددا ونبلا ، خرج أيام المنصور وحاربه بحروب أظهر فيها شجاعة أجداده الطاهرين قال الخزرجي في الخلاصة (ص 283 طبع مصر) إنه يروي (*)

ص 421

(هامش)

عن نافع وأبي الزناد وعنه الدراوردي وعبد الله بن نافع الصائغ ، وثقه النسائي ، قتل سنة 145 وهو ابن 45 انتهى . وقال العلامة النسابة الداودي في العمدة (ص 89 طبع النجف الأشرف) : إنه يكنى أبو عبد الله ، وقيل : أبا القاسم ، وهو المقتول بأحجار الزيت ، أمه هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة (ربيعة خ ل) بن الأسود بن المطلب بن أسد وإنه ولد سنة (100) بلا خلاف وقتل سنة (145) النصف من رمضان وقيل في 25 من رجب إلى أن قال : وتطلعت إليه نفوس بني هاشم وعظموه وكان جم الفضائل كثير المناقب ، وقال في أواخر كلامه : إن مالكا أفتى الناس بالخروج مع محمد وبايعه ، ولذلك تغير المنصور عليه وخلع أكتافه الخ . أقول : في كتاب العمدة لابن رشيق أبي علي الحسن القيرواني المتوفى سنة 463 وقيل سنة 456 (ج 1 ص 58 طبع مصر) ما لفظه : إن سديفا الشاعر الشهير قال أبياتا يطعن فيها على آل عباس لما خرج محمد النفس الزكية منها قوله : إنا لنأمل أن ترتد الفتنا * بعد التباعد والشحناء والاحن وتنقضي دولة أحكام قادتها * فينا كأحكام قوم عبدي وثن فانهض ببيعتكم ننهض بطاعتنا * أن الخلافة فيكم يا بني حسن كتب المنصور إلى عبد الصمد بن علي بأن يدفنه حيا ففعل انتهى . وفي كتاب معرفة علوم الحديث للحاكم أبي عبد الله النيسابوري صاحب المستدرك (ص 51 طبع مصر) إن محمد النفس الزكية ممن صحت روايته عن أهل البيت عليهم السلام ولد للمترجم عبد الله أبو محمد الأشتر صاحب المزار بكابل وعلى أمهما سلمة بنت محمد ابن الحسن بن الحسن بن علي عليهم السلام والطاهر أمه بنت فليح بن محمد بن منذر بن زبير والحسن أمه أم ولد كما أفاده البخاري أبو نصر في سر السلسلة ، وقال في آخر كلامه : إن عليا جئ به من مصر فحبس في بغداد وتوفي بها ولا عقب له والحسن قتل يوم فخ ولا (*)

ص 422

في كتابه (1) إلى أبي جعفر المنصور بهذه الآية على أن الامام بعد رسول الله (ص) هو علي بن أبي طالب عليهما السلام فقال : قوله تعالى : وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ، يدل على ثبوت الأولوية ، وليس في الآية شيئ معين في ثبوت هذه الأولوية ، فوجب حمله على الكل إلا ما خصه الدليل ، وحينئذ يندرج فيه الإمامة ولا يجوز أن يقال : إن أبا بكر من أولي الأرحام ، لما نقل (2) عنه أنه (ع) أعطاه سورة برائة ليبلغها إلى القوم ، ثم بعث عليا خلفه وأمر بأن يكون المبلغ هو علي (ع) وقال : لا يؤديها إلا رجل مني وذلك يدل على أن أبا بكر ما كان منه ، فهذا وجه الاستدلال بهذه الآية ، والجواب إن صحت به هذه الدلالة كان العباس أولى بالإمامة لأنه كان أقرب إلى رسول الله (ص) من علي (ع) وبهذا الوجه أجاب أبو جعفر المنصور عنه (إنتهى كلامه) ووجه اضمحلاله بما قررناه ظاهرا جدا ، قال المصنف رفع الله درجته

السابعة والستون : وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق (3)

نزلت في ولاية

(هامش)

عقب له والطاهر بن محمد لا عقب له انتهى . فالعقب من المترجم انحصر في ابنه أبي محمد عبد الله الأشتر الكابلي ، وله عقب مبارك فيهم الأجلاء علما وعملا وأدبا ذكرتهم في كتابي مشجرات آل رسول الله الأكرم فليراجع . ومن رام الوقوف على أخبار النفس الزكية بأزيد مما ذكرنا فليراجع مقاتل الطالبين لأبي الفرج الأصفهاني ص 160 إلى 192 طبع النجف الأشرف وإلى كتاب الأغاني له أيضا وإلى شرح قصيدة أبي فراس وإلى التواريخ كالطبري والكامل والعبر وغيرها (1) فراجع الأغاني والمقاتل وغيرهما وكتابه كتاب عجيب في بابه تلوح منه آثار الهاشمية وتفوح الرائحة العلوية يفصح عن عبقرية حسنية وشجاعة حسينية وشهامة طالبية بلاغة قرشية سيادة نزارية نبالة عدنانية . (2) كما مر نقل ذلك عن صحاح كتبهم الحديثية والتاريخية والتفسيرية وسيأتي في باب فضائله عليه السلام ذكر مدارك كثيرة لذلك . (3) يونس الآية 2 . (*)

ص 423

علي (ع) (إنتهى) . قال الناصب خفضه الله أقول : لم يذكره المفسرون فإن صح فهو في حكم أخواته . أقول قد ذكره الحافظ ابن مردويه رواية عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه والمراد بقدم صدق في الآية الفضل والسابقة قال (2) شيخنا الطبرسي : ولما كان السعي والسبق بالقدم سميت المسعاة (3) الجميلة والسابقة قدما كما سميت النعمة يدا وباعا (4) لأنها تعطى باليد وصاحبها يبوع بها ، وإضافته إلى صدق دليل (دلالة خ ل) على زيادة فضل ، وأنه من السوابق العظيمة (إنتهى) وقد وفقه في الدلالة على الزيادة فخر الدين الرازي في تفسيره والزمخشري في الكشاف فيدل الآية على زيادة فضل علي (ع) بمعونة الرواية ، وأما ما ذكره المفسرون من أهل السنة على ما في تفسير الرازي فهي احتمالات أحدثوها بمجرد استحسان عقولهم وملاحظة أدنى مناسبة لمحت في أنظارهم فلا يعارض الرواية المذكورة كما لا يخفى .

(هامش)

(1) رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتاب (المناقب) (كما في كشف الغمة ص 95) قال : روي عن جابر بن عبد الله في قوله تعالى : وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال : نزلت في ولاية علي بن أبي طالب . (2) ذكره في كتابه النفيس : جوامع الجامع (ص 188 ط طهران) (3) المسعاة واحدة المساعي في الكرم والجود . (4) يقال : فلان طويل الباع أي ذو بسط وكرم .

ص 424

قال المصنف رفع الله درجته

الثامنة والستون أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولوا الأمر منكم (1)

كان علي (ع)

(هامش)

(1) النساء . الآية 59 . (1 مكرر) أورد نزول الآية الشريفة في شأن أمير المؤمنين علي عليه السلام عدة كثيرة ونحن نكتفي بسرد أسماء من وقفنا عليه حال التحرير فنقول : (منهم) العلامة المفسر الشهير بأبي حيان الأندلسي المغربي المتوفى سنة 756 حيث أورد نزوله الآية في تفسير بحر المحيط في حق علي والأئمة من أهل البيت (ج 3 ص 278 ط مطبعة السعادة بمصر) (ومنهم) العلامة النيشابوري في تفسيره (ج 5 ص 79 بهامش الطبري ط الميمنية بمصر) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقب مرتضوي (ص 56 ط بمبئي بمطبعة محمدي) نقل عن ابن مردويه في المناقب عن الإمام جعفر الصادق : أن المراد من أولي الأمر بالأصالة علي بن أبي طالب وغيره بالتبع . ونقل عن فخر الدين الرازي في تفسيره عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام : أن المراد بها الأئمة الاثنا عشر وقد تقدم . ونقل عن كشف الغمة عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : سألنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولي الأمر ، فقال : أولهم بعدي علي ، ثم الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم محمد بن الحسن حجة الله في أرضه (*)

ص 425

(هامش)

(ومنهم) العلامة أبو بكر بن مؤمن الشيرازي في رسالة الاعتقاد (كما في مناقب الكاشي) روى عن ابن عباس في قوله تعالى : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، إن هذه الآية نزلت في علي عليه السلام حيث خلفه رسول الله في المدينة فقال يا رسول الله : أتخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين قال اخلفني في قومي وأصلح ، فقال عز وجل : وأولي الأمر منكم (ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 116 ط اسلامبول) روى عن المناقب بسنده عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت عليا صلوات الله عليه يقول : وأتاه رجل فقال : أرني أدنى ما يكون به العبد مؤمنا وأدنى ما يكون به العبد كافرا وأدنى ما يكون به العبد ضالا ، فقال له : قد سألت فافهم الجواب : أما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا أن يعرفه الله تبارك وتعالى نفسه فيقر له بالطاعة ويعرفه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فيقر له بالطاعة ويعرفه إمامه وحجته في أرضه وشاهده على خلقه فيقر له بالطاعة قلت يا أمير المؤمنين : وإن جهل جميع الأشياء إلا ما وصفت ، قال : نعم إذا أمر أطاع وإذا نهي انتهى ، وأدنى ما يكون به العبد كافرا من زعم أن شيئا نهى الله عنه إن الله أمره به ونصبه دينا يتولى عليه ويزعم أنه يعبد الله الذي أمره به وما يعبد إلا الشيطان وأما أدنى ما يكون العبد به ضالا أن لا يعرف حجة الله تبارك وتعالى وشاهده على عباده الذي أمر الله عز وجل عباده بطاعته وفرض ولايته ، قلت يا أمير المؤمنين صفهم لي ، قال : الذين قرنهم الله تعالى بنفسه وبنبيه ، فقال : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، فقلت له جعلني الله فداك أوضح لي ، فقال : الذين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواضع وفي آخر خطبة يوم قبضه الله عز وجل إليه : إني تركت (*)

ص 426

منهم (إنتهى) قال الناصب خفضه الله أقول : هذا يشمل ساير الخلفاء ، فإن كلهم كانوا أولي الأمر ، ولا دليل على مدعاه (إنتهى) .

(هامش)

فيكم أمرين لن تضلوا بعدي إن تمسكتم بهما كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي ، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين وجمع مسحتيه ولا أقول كهاتين وجمع مسبحته والوسطى فتمسكوا بهما ولا تقدموهم فتضلوا . وأيضا العلامة المذكور في ينابيع المودة (ص 114 ط اسلامبول) روى في المناقب عن تفسير مجاهد أن هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي عليه السلام حين خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قال يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان ، فقال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حين قال موسى اخلفني في قومي وأصلح . وروى في المناقب عن الحسن بن صالح عن جعفر الصادق عليه السلام في هذه الآية قال : أولوا الأمر هم الأئمة من أهل البيت عليهم السلام . وروى في المناقب بالسند عن عيسى بن السري ، قال : قلت لجعفر الصادق عليه السلام حدثني عما ثبت عليه دعائم الإسلام إذا أخذت بها زكي عملي ولم يضرني جهل إذا جهلت ، قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والاقرار بما جاء به من عند الله وحق في الأموال من الزكاة والاقرار بالولاية التي أمر الله بها ولاية آل محمد صلى الله عليه وسلم قال رسول الله : من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية قال الله عز وجل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فكان علي صلوات الله عليه ثم صار من بعده حسن ثم حسين ثم من بعده علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي وهكذا يكون الأمر إن الأرض لا تصلح إلا بإمام ومن مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما يكون أحدكم إلى معرفته إذا بلغت نفسه هيهنا وأهوى بيده إلى صدره يقول حينئذ لقد كان على أمر حسن (*)

ص 427

أقول سنذكر إن شاء الله تعالى في بحث الاجماع نقلا عن إمامه فخر الدين الرازي أن أولي الأمر الذي اقترن وجوب طاعته بطاعة الله وطاعة رسوله يجب أن يكون معصوما ولهذا ذهب إلى أن المراد بأولي الأمر الاجماع ونفى أن يكون المراد الخلفاء لعدم عصمتهم ففي ما ذكره الناصب هيهنا من شمول الآية للخلفاء مخالفة لقول إمامه ، فلا يلتفت إليه (مصراع) فإن القول ما قال الإمام . ونحن قد أثبتنا بمحمد الله عصمة أئمتنا عليهم السلام عقلا ونقلا ، علي (ع) سيدهم فتم لنا الدست (1) قال المصنف رفع الله درجته

التاسعة والستون وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر (2)

في مسند أحمد (3) هو علي أذن بالآيات من سورة برائة حين أنفذها النبي (ص) مع

(هامش)

(1) قد مر معنى كلمة الدست فليراجع . (2) التوبة . الآية 3 . (3) أقول : لا يخفى على المتتبع البحاثة في هذا المضمار أن فطاحل القوم وحفاظهم أوردوا هذا الحديث في زبرهم بطرق متعددة بحيث صار متواترة إجمالا بل معنى بل لفظا كما يفصح عن ذلك عدم تعرض الناصب له من حيث السند والرواية بل جاء بما يشبه دوي الزنبور تبعا لأسلافه : من أن العرب في العهود لا يعتبرون إلا قول صاحب العهد ، وما شابه ذلك مما لا قيمة له لدى أرباب الحجى ولم يمعن الرجل المسكين المنقطع اليد عن أبواب آل الرسول ، معدن العلم والحكمة ، أن هذه الفضيلة من كرائم الفضائل وبهيات الخلال والخصال . كيف وقد رد النبي الذي لا يفعل إلا ما يؤمر به من قبل به ولا ينطق عن الهوى أبا بكر من ذي الخليفة وأنفذها مع ابن عمه وصنوه الفادي له بنفسه الذي طأطأ بشجاعته وشهامته هامات العرب قائلا صلى الله عليه وآله وسلم : لا يبلغها إلا أنا أو أحد مني . (*)

ص 428

(هامش)

ونحن نسرد أسماء من وقفنا عليه حال التحرير ونقول : (منهم) الحافظ أحمد في الفضائل (ص 44 ، مخطوط تظن كتابته في المأة السادسة) حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا الفضل بن الحباب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ببرائة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه فرده ، وقال : لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي فبعث عليا . (ومنهم) الحافظ المذكور في مسنده كما في المصباح . حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو بليج ثنا عمرو ابن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا يا ابن عباس : إما أن تقوم معنا وإما تخلونا هؤلاء قال فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ، قال وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى قال : فابتدئوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول أف وتف وقعوا في رجل له عشر فعد العشرة وقال : ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث عليا خلفه فأخذها منه فأبوا قال لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه (ج 1 ص 331 ط الأولى بمصر) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان قالا : ثنا حماد الحمصي عن سماك عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ببرائة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فلما بلغ ذا الحليفة قال عفان : لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي ، فبعث بها مع علي (ج 3 ص 212 ، الطبع المذكور) (*)

ص 429

(هامش)

حدثنا عبد الله حدثني أبو بكر ثنا عمرو بن حماد عن أسباط بن نصر عن سماك عن حنش عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه برائة فقال : يا نبي الله إني لست باللسن ولا بالخطب قال ما بد أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت : قال : فإن كان ولا بد فسأذهب أنا قال : فانطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك ، قال : ثم وضع يده على فمه (ج 1 ص 150 ط الأولى بمصر) المحدث المذكور في الفضائل (ص 44 مخطوط يظن كتابته في المأة السادسة) . حدثنا عبد الله بن أحمد قال : حدثنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي قال حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك بعين ما تقدم عنه في المسند . حدثنا الفضل قال : حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي قال حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس بن مالك بعين ما تقدم (ص 175 ، النسخة المذكورة) (ومنهم) الحافظ أبو عبد الرحمان أحمد بن شعيب النسائي في الخصاص (ص 28 ط النجف) . أخبرنا محمد بن بشار قال حدثنا عفان وعبد الصمد قالا حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن أنس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم برائة مع أبي بكر دعاه فقال لا ينبغي أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي فدعا عليا فأعطاه إياها . أخبرنا العباس بن محمد الدوري قال : حدثنا أبو نوح قد ادعن يونس بن أبي إسحاق عن زيد بن سبيع عن علي عليه السلام : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث برائة إلى أهل مكة مع أبي بكر ، ثم اتبعه بعلي فقال له : خذ الكتاب فامض به إلى أهل مكة قال فلحقه فأخذ الكتاب منه ، فانصرف أبو بكر وهو كئيب ، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزل في شيئ ؟ قال : لا إلا أني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي أخبرنا زكريا بن يحيى قال : حدثنا عبد الله بن عمر ، قال : حدثنا أسباط عن قطر عن (*)

ص 430

(هامش)

* عبد الله بن شريك عن عبد الله بن أرقم : قال : قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ببرائة حتى إذا كان بعض الطريق أرسل عليا عليه السلام فأخذها منه ، ثم سار بها فوجه ، أبو بكر في نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني . (ومنهم) العلامة الثعلبي في تفسيره (مخطوط في حدود المأة السابعة ص 182 . قال فلما كانت سنة تسع أراد رسول الله الحج ثم قال : إنه يحصر المشركون ليطوفوا عراة فلا يجب الحج حتى لا يكون ذلك . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر تلك السنة أميرا على الموسم ليستقيم للناس الحج وبعث معه بأربعين آية من صدر برائة ليقرئها على أهل الموسم ، فلما ، سار دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وقال : أخرج بهذه القصة فأذن بذلك في الناس إذا اجتمعوا فخرج علي رضي الله عنه على ناقة رسول الله العضباء حتى أدرك بذي الخليفة أبا بكر فأخذها منه الحديث (ومنهم) القاضي أبو بكر الباقلاني في (التمهيد) (ص 228 ط دار الفكر بمصر) قد ضبط قوله صلى الله عليه وسلم ، لا يؤدي عني إلا رجل مني . (ومنهم) العلامة الخازن البغدادي في تفسيره المشهور (ج 3 ص 47) قال ما لفظه : فبعث أبا بكر في ملك أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج وبعث معه أربعين آية من سورة البرائة ليقرأها الموسم ، ثم بعث بعده عليا على ناقته العضباء إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة البغوي في معالم التنزيل المطبوع بهامش تفسير الخازن (ج 3 ص 49) ذكر بمثل ما تقدم من تفسير الخازن . (ومنهم) العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير (ج 15 ص 218 ط البهية بمصر) (*)

ص 431

(هامش)

أورد أن رسول الله أمر عليا أن يذهب إلى أهل الموسم ليقرئها عليهم وقال رسول الله لا يؤدي عني إلا رجل مني . (ومنهم) العلامة ابن كثير في تفسيره (ج 2 ص 332 ط مصطفى محمد بمصر) قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب ، قال أخبرني حميد بن عبد الرحمان أن أبا هريرة قال إلى آخر ما تقدم عن البخاري . وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري ، وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمر أبا هريرة إلى أن قال : قال أبو هريرة : ثم اتبعنا النبي صلى الله عليه وسلم عليا وأمره أن يؤذن ببرائة وأبو بكر على الموسم كما هو أو قال على هيئة . وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا حماد عن سماك عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ببرائة مع أبي بكر فلما بلغ ذا الحليفة قال : لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي فبعث بها مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه . ورواه الترمذي في التفسير عن بندار عن عفان وعبد الصمد كلاهما عن حماد ابن سلمة به . وقال عبد الله أحمد بن حنبل ، حدثنا محمد بن سليمان ، حدثنا لوين ، حدثنا محمد بن جابر عن سماك عن حنش عن علي رضي الله عنه قال : لما نزلت عشر آيات من برائة على النبي دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر فبعثه بها ليقرئها على أهل مكة ثم دعاني فقال : أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه إلى أن قال : ورجع أبو بكر إلى النبي فقال يا رسول الله : نزل في شيئ ، فقال : لا ولكن جبرئيل جائني فقال لن يؤدي إلا أنت أو رجل منك . وقال إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيغ ، قال : نزلت برائة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر : ثم أرسل عليا فأخذها ، فلما رجع أبو بكر إلى آخر ما تقدم . وقال محمد بن إسحاق عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي بن (*)

(هامش)

ص 432

الحسين بن علي قال لما نزلت فذكر بنحو ما تقدم . ( ومنهم) الحافظ ابن كثير المذكور في كتاب (البداية والنهاية) (ج 5 ص 37 ط مطبعة السعادة بمصر) . قال ابن إسحاق : حدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال لما نزلت برائة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان بعث أبا بكر الصديق رضي الله ليقيم للناس الحج قيل له يا رسول الله : لو بعث بها إلى أبي بكر ، فقال : لا ، يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ثم دعا علي بن أبي طالب فقال : أخرج بهذه القصة من صدر برائة وأذن في الناس يوم النحر . وقال الإمام أحمد ، حدثنا عفان ، ثنا حماد عن سماك عن أنس بن مالك نحوه . وقد رواه الترمذي من حديث حماد بن سلمة . وقد روى عبد الله بن أحمد عن لوين عن محمد بن جابر عن سماك عن حنش عن علي لما أردف أبا بكر بعلي فأخذ منه الكتاب بالجحفة رجع أبو بكر فقال يا رسول الله نزل في شيئ ، قال : لا ولكن جبرئيل جائني فقال لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك . (ومنهم) العلامة ابن الأثر الجزري في جامع الأصول (ج 2 ص 233 ط السنة المحمدية بصر) أن أبا بكر بعثه في الحجة التي التي أمره رسول الله في رهط إلى أن قال وفي رواية ثم أردف النبي صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب فأمره أن يؤذن ببرائة بالحديث أخرج النسائي عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر على الحج ثم سار فأقبلنا معه ثم استوى ليكبر فسمع الرغوة خلف ظهره فوقف عن التكبيرة إلى آخر ما تقدم عن السنن . (ومنهم) العلامة ابن الأثير المذكور أيضا (في جامع الأصول) (*)

ص 433

(هامش)

(ج 9 ص 475 ط السنة المحمدية بمصر) أخرج الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم ببرائة مع أبي بكر ، ثم دعاه فقال : لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذه إلا رجل من أهلي فدعا عليا فأعطاه إياه . وأخرج الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : بعث رسول الله إلى آخر ما تقدم عنه ، وزاد رزين فإنه لا ينبغي أن يبلغ عني إلا رجل من أهل بيتي . (ومنهم) العلامة النيشابوري في تفسيره (ج 10 ص 39 بهامش تفسير الطبري ط الميمنية بمصر) روى أن فتح مكة كان سنة ثمان إلى أن قال : وكان قد أمر فيها أبا بكر على الموسم ، فلما نزلت السورة اتبعه عليا راكب العضباء ليقرئها على أهل الموسم الحديث ، وروى أن أبا بكر لما كان ببعض الطريق هبط جبرئيل عليه السلام وقال يا محمد : لا يبلغن رسالتك إلا رجل منك فأرسل عليا فرجع أبو بكر إلى رسول الله الحديث (ومنهم) العلامة الطبري في تفسيره (ج 10 ص 40 ط الميمنية بمصر) حدثنا أحمد بن إسحاق قال : ثنا أبو أحمد ، قال ، ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد ابن يثيع قال : نزلت برائة فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ، ثم أرسل عليا فأخذها منه ، فلما رجع أبو بكر ، قال : هل نزل في شيئ قال : لا ولكني أمرت أن أبلغها أنا أو رجل من أهل بيتي ، فانطلق إلى مكة فقام فيهم بأربع أن لا يدخل مكة مشرك بعد عامه هذا ولا يطف بالكعبة عريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى مدته حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : ثنا حسين بن محمد ، قال : ثنا سليمان بن قرم عن الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر برائة ثم اتبعه عليا فأخذه منه فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله حدث في (*)

ص 434

(هامش)

شيئ قال لا الخ حدثني محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط عن السدي قال : لما نزلت هذه الآيات إلى رأس أربعين آية فبعث بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر وأمره على الحج ، فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة اتبعه بعلي فأخذها منه الحديث . ونقل أحاديث كثيرة في إرسال علي بعد أبي بكر . (ومنهم) العلامة محب الدين الطبري في ذخائر العقبى (ص 69 ط مصر سنة 1356) أخرج أبو حاتم عن أبي سعيد أو أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر على الحج ، فلما بلغ ضجنان سمع بغام ناقة على فعرفه فأتاه فقال : ماشانك ؟ فقال : خيرا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني ببرائة فلما رجعنا قال له رسول الله لا يبلغ عني غيري أو رجل مني يعني عليا . وعن جابر أن عليا قال رسول أرسلني رسول الله ببرائة أقرءها على الناس . وفي رواية من حديث أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما راجعه أبو بكر ، قال له : جبرئيل جائني فقال لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك . وقد روى أن عليا رضي الله عنه أدرك أبا بكر بالعرج . وروى (ص 87 ، الطبع المذكور) عن ابن عباس أنه عد عشر مناقب لعلي ، منها : إنه بعث أبا بكر بسورة التوبة فبعث عليا خلفه فأخذها منه وقال : لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه . (ومنهم) العلامة الأديب الشهير بأبي حيان الأندلسي المغربي المتوفى سنة 754 حيث نقل نزول الآية الشريفة في حق علي عليه السلام وقوله صلى الله عليه وسلم حين اعتراض بعض له بقوله : لو بعثت بها إلى أبي بكر ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا يؤدي عني (*)

ص 435

إلا رجل مني تفسير بحر المحيط (ج 5 ص 7 مطبعة السعادة بمصر) (منهم) العلامة ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة (ص 22 ط النجف) روى الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم بعث ببرائة إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة ملا معين الدين الكاشفي الحنفي في معارج النبوة (ج 1 ص 315 ط لكهنو) نقل حديث الجابر بعين ما تقدم ، وذكر أن رسول الله قال لأبي بكر : لا ، يبلغها أنا أو رجل من أهلي . ونقل أن أمير المؤمنين عليه السلام سل سيفه وقال والله لأن طاف أحد بالبيت عريانا لأضربه بسيفي فكل من سمع لبس ثوبه ثم طاف (منهم) العلامة ابن أبي الحديد في شرح النهج (ج 2 ص 60 ط مصطفى الحلبي بمصر) ذكر كلام علي عليه السلام عند مبايعة عثمان وفيه قوله : أفيكم من أوتمن على سورة برائة وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من غيري . (ومنهم) العلامة المحدث الهندي الدهلوي في معارج النبوة (ص 492 ط لكنهو) . أورد رواية جابر بن عبد الله بعين ما تقدم . (ومنهم) العلامة البيضاوي في تفسيره (ج 2 ص 275 ط مصطفى محمد بمصر) روى : لما نزلت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه إلى آخر الحديث المتقدم . (ومنهم) العلامة سبط ابن الجوزي في التذكرة (ص 42 ط النجف) ذكر أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر يحج بالناس وأعطاه أربعين آية ليقرئها على أهل الموسم ، فلما سار دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فقال أخرج

ص 436

بهذه الآيات إلى أن قال : قال رسول الله لأبي بكر : لا يبلغ عني غيري أو رجل مني إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة الهيتمي في مجمع الزوائد (ج 7 ص 29 ط القاهرة سنة 1352) روى عبد الله بن أحمد عن علي قال : لما نزلت عشر آيات من سورة البرائة دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليقرئها على أهل مكة ، ثم دعاني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه إلى أن قال : قال رسول الله جبرئيل جائني فقال : لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك . (ومنهم) العلامة السيوطي في الدر المنثور (ج 3 ص 211 ط مصر) أخرج ابن أبي حاتم عن حكيم بن حميد رضي الله قال : قال لي علي بن الحسين : إن لعلي في كتاب الله اسما ولكن لا يعرفونه ، قلت : ما هو ؟ قال ألم تسمع قول الله وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر هو والله الأذان . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي الحنفي في مناقب مرتضوي (ص 61 ط بمبئي بمطبعة محمدي) نقل عن ابن مردويه في المناقب اتفاق المفسرين على أن الآية إشارة إلى أذان علي وروى الحديث المتقدم . (ومنهم) العلامة القاضي الشوكاني اليماني في فتح القدير (ج 2 ط مصطفى الحلبي بمصر) أخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي قال : لما نزلت عشر آيات من برائة على النبي دعا أبا بكر ليقرأها عليه أهل مكة ، ثم دعاني فقال لي : أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه الحديث . وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وأبو الشيخ وبن مردويه من حديث أنس وأخرج ابن مردويه ابن من حديث بن أبي وقاص ونحوه أيضا

ص 437

(ومنهم) العلامة المحدث السيد إبراهيم في كتاب (البيان والتعريف) (ج 1 ص 168 ط حلب سنة 1329) قال : أخرج الإمام أحمد وابن خزيمة وأبو عوانة والدارقطني في الافراد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله في تبليغ البرائة أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني . (ومنهم) العلامة المعاصر الطنطاوي المصري في تفسيره (ج 5 ص 81 مصطفى الحلبي بمصر) أراد رسول الله أن يحج ، فقيل له المشركون يحضرون إلى أن قال : ثم بعث بعده عليا على ناقته العضباء ليقرء على الناس صدر برائة وأمره أن يؤذن بمكة ومنى وعرفة إلى أن قال : حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب رضي الله عن فأذن في الناس بالأمر الذي أمر به وقرء عليهم أول سورة برائة الخ . (ومنهم) العلامة الشيخ السيد سليمان القندوزي في ينابيع المودة (ص 88 ط اسلامبول) روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه الرواية المتقدمة عنه روى في جمع الفوائد عن جابر حديث إرسال رسول الله عليا بعد أبي بكر بقرائة البرائة على الناس (ومنهم) ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد (كما في البحار ج 9 ص 54 ط كمپاني) عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس (كما في البحار ج 9 ص 54 ط كمپاني) (ومنهم) الطالقاني عن محمد بن جرير الطبري عن سليم بن عبد الجبار عن علي (كما في البحار ج 9 ص 54 ط كمپاني) ابن قادم عن إسرائيل عن عبد الله بن شريك عن الحارث بن مالك (كما في البحار ج 9 ص 54 ط كمپاني)

ص 438

أبي بكر وأتبعه بعلي فرده ومضى بها علي عليه السلام ، وقال النبي صلى الله عليه وآله : قد أمرت أن لا يبلغها إلا أنا أو واحد مني (إنتهى) (ومنهم) أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن أحمد بن منصور عن أبي سلمة عن سماك بن حرب عن أنس (كما في البحار ج 9 ص 54 ط كمپاني) ومنهم) علي بن محمد عن حمدان بن سليمان عن عبد الله بن محمد اليماني عن منيع عن يونس بن علي بن أعين عن أخيه عن جده عن أبي رافع (كما في البحار ج 9 ص 56 ط كمپاني) (ومنهم) علي بن العباس البجلي معنعنا عن ابن عباس (ومنهم) صاحب كتاب الصراط المستقيم (ومنهم) البلاذري في كتابه (ومنهم) الواقدي في كتابه (ومنهم) الشعبي في كتابه (ومنهم) القشيري في كتابه (ومنهم) السمعاني في كتابه (كما في البحار ج 9 ص 59 ط كمپاني) (ومنهم) الموصلي في كتابه (كما في البحار ج 9 ص 59 ط كمپاني) (ومنهم) ابن بطة في كتابه (كما في البحار ج 9 ص 59 ط كمپاني) (ومنهم) ابن إسحاق في كتابه (كما في البحار ج 9 ص 59 ط كمپاني) (ومنهم) الأعمش في كتابه (كما في البحار ج 9 ص 59 ط كمپاني) (ومنهم) ابن السماك في كتابه (كما في البحار ج 9 ص 59 ط كمپاني) (ومنهم) ابن الأثير في الكامل (كما في البحار ج 9 ص 59 ط كمپاني)

ص 439

قال الناصب خفضه الله أقول سيرد عليكم أن انفاذ علي بعد أبي بكر كان لأجل أن العرب في العهود لا يعتبرون إلا قول صاحب العهد ، أو أحد من قومه ، ولأجل هذا انفذ عليا (إنتهى) . أقول لا ريب في أن الفعل الصادر عن الله تعالى ورسوله يتعالى عن العبث ، فما الوجه في إنفاذ الرجل أولا ، وأخذها منه ثانيا ، إلا تنبيها على الفضل وتنويها بالاسم ، وتعلية للذكر ورفعة لجناب منه ارتضى لتأديتها ، وعكس ذلك فيمن عزل ، ولو كان دفع البرائة إلى علي عليه السلام أو لا ما وضح الأمر هذا الوضوح ، ولجاز أن يجول بخواطر الناس أن في الجماعة غير علي عليه السلام من يصلح أن يكون مؤديا للبرائة ، قائما في ذلك مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وأما ما ذكره الناصب في وجه إنفاذ علي عليه السلام بعد أبي بكر ، من أنه كان لأجل أن العرب في العهود لا يعتبرون إلى آخر ، فهو شيئ سبق إليه الجاحظ (1) حيث قال : إنه كان من عادة (2) العرب في عقد الحلف وحل العقد أنه كان لا يتولى منهم إلا السيد المطاع أو رجل من رهطه (إنتهى) ورد عليه : بأنه أراد أن يذم عليا فمدحه وأن يبعده فقربه ، وأنا أقول في الرد عليه وعلى أخيه الناصب أيضا : إنه لو كان إنفاذ علي عليه السلام لأجل ما تعارف بين العرب في العهود ، لما خفي على النبي صلى الله عليه وآله أولا ، فعلم أن السر في ذلك عدم قابلية أبي بكر للأداء عند الله تعالى وسيجئ تمام الكلام منا فيما بعد إن شاء الله تعالى .

(هامش)

(1) قد مرت ترجمته في ص 374 من ج 2 من الكتاب فراجع . (2) وقد وجدت بعد إتمام تأليف الكتاب في كتاب الشافي أنه قال في جواب مثل ما ذكره الناصب أن ما حكان القاضي عن أبي علي من أن عادة العرب أن لا يحل ما عقده الرئيس بينهم إلا هو أو المقدم من رهطه فمعاذ الله أن يجري النبي صلى الله عليه وآله سننه وأحكامه على عادات الجاهلية وقد بين عليه السلام لما رجع إليه أبو بكر فسأله عن السبب في أخذ = (*)

ص 440

قال المصنف رفع الله درجته

السبعون طوبى لهم وحسن مآب (1)

قال ابن سيرين (2) : هي شجرة في الجنة

(هامش)

= السورة منه فقال : أوحى إلى أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني ولم يذكر ما ادعاه أبو علي ، على أن هذه العادة قد كان يعرفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل بعث أبي بكر بسورة برائة فما باله لم يتعمدها (يعتمدها خ ل) ويبعث في الابتداء من يجوز أن يحل عقده من قومه فإن قيل ليس يخلو النبي صلى الله عليه وآله من أن يكون سلم في الابتداء سورة برائة على أبي بكر بأمر الله أو باجتهاده ورأيه ، فإن كان بأمر الله تعالى فكيف يجوز أن يرتجع منه السورة قبل وقت الأداء ، وعندكم أنه لا يجوز نسخ الشيئ قبل وقت فعله ، وإن كان باجتهاده فعندكم أنه لا يجوز أن يجتهد فيما يجري هذا المجرى قلنا ما سلم السورة إلا بإذنه تعالى إلا أنه لم يأمره بأدائها ولا كلفه قرائتها على أهل الموسم لأن أحدا لا يمكنه أن ينقل عنه عليه السلام في ذلك لفظ الأمر والتكليف ، فكأنه عليه السلام سلم السورة إليه ليقرأها على أهل الموسم ولم يصرح بذكر المبلغ لها في الحال ، ولو نقل عنه تصريح لجاز أن يكون مشروطا بشرط لم يظهره ، لأنه عليه السلام ممن يجوز مثل ذلك عليه ، فإن قيل : فأي فائدة في دفع السورة إلى أبي بكر وهو لا يريد أن يؤديها ثم ارتجعها منه وإلا دفعت في الابتداء إلى أمير المؤمنين عليه السلام ؟ قلنا : الفائدة في ذلك ظهور فضل أمير المؤمنين عليه السلام ورتبته ، فإن الرجل الذي نزعت السورة منه لا يصلح لما يصلح له ، وهذا غرض قوي في وقوع الأمر على ما وقع عليه (منه قدس سره) هكذا نقل عن خطه الشريف في هامش النسخة المخطوطة . (1) الرعد . الآية 29 . (2) قد مرت ترجمته في هذا الجزء . (2 مكرر) ذكر ذلك جماعة من أعاظم القوم ناقلا عن ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين ونورد البعض اكتفاء بالميسور فنقول : (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج3)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب