الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج7)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 451

في الحديثين دليل (1) قاهر وبيان ظاهر وإشارة واضحة إلى النص على مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام من الله سبحانه وتعالى وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليبعثن الله عليكم فكانت ولايته من الله، لأنه تعالى هو الباعث له والرسول صلى الله عليه وآله وسلم مخبر عن الله سبحانه، وهو لا ينطق عن الهوى، فيثبت ولايته بالوحي العزيز بما نطقت به أخبار الفريقين، ويزيد ذلك بيانا وإيضاحا، إن ضرب الرقاب على الدين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يكون إلا للإمام فقط، لأنه المتولي لها دون الأمة، وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله يقتضي التشبيه والمماثلة، لأن الكاف للتشبيه، ومشابه الرسول لا بد وأن يكون حقا للمواد المتصلة إليه من الله سبحانه، فلا يجوز أن يشبه الشيء بخلافه ولا يمثله بضده، بل يشبه الشيء بمثله، ويمثله بنظيره، فيكون عليه السلام مشابهه صلى الله عليه وآله وسلم في الولاية، لهذا ولاية التنزيل، ولهذا ولاية التأويل، ويكون قتاله على التأويل مشبها بقتاله على التنزيل، لأن إنكار التأويل كإنكار التنزيل، لأن منكر التنزيل جاحد لقبوله، ومنكر التأويل جاحد للعمل به، فهما سواء في الجحود، وليس مرجع قتال الفريقين إلا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام، فدل على أن المراد بذلك القول الإمامة لا غير، وحديث خاصف النعل حديث مشتهر بين الفريقين، وقد نظمه السيد الحميري والعبدي وغيرهما ولقد أجاد بعض العلويات رحمها الله تعالى في نظمه حيث قالت: شعر:

وله إذا ذكر الفخار فضيلة * بلغت مدى الغايات بالايقان (استعنان)

إذ قال أحمد إن خاصف نعله * لمقاتل بتأول القرآن

قوما كما قاتلت على تنزيله * وإذا الوصي بكفه نعلان

(هامش)

(1) ولا يخفى أن الناصب جعل هذين الحديثين في فصل واحد، وفي النسخة الموجودة عندنا من نسخ الكتاب جعلهما في فصلين، والأمر فيه سهل، منه نور الله مرقده. (*)

ص 452

هل بعد ذاك على الرشاد دلالة؟ * من قائم بخلافه ومعان

قال المصنف رفع الله درجته

الثامن عشر: (1) حديث الطير

في مسند أحمد بن حنبل والجمع بين الصحاح الستة عن أنس بن مالك قال: كان عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم طاير قد طبخ له، فقال: الله ائتني بأحب الناس إليك يأكل معي، فجاء علي عليه السلام فأكله معه، ومنه عن ابن عباس أنه لما حضرت ابن عباس الوفاة قال: الله إني أتقرب إليك بولاية علي بن أبي طالب عليهما السلام (إنتهى). قال الناصب خفضه الله أقول: حديث الطير مشهور وهو فضيلة عظيمة ومنقبة جسيمة، ولكن لا يدل على النص، والكلام ليس في عد الفضائل، وأما التوسل بولاية علي فهو حق، ومن أقرب الوسائل (إنتهى). أقول إن حديث الطير مع أنه كما اعترف به الناصب مشهور بل بالغ حد التواتر، وقد رواه (2) خمسة والثلاثون رجلا من الصحابة عن أنس وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصنف أكابر المحدثين فيه كتبا ورسائل مؤيد بما مر من حديث خيبر وغيره، ووجه التأييد شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على علي عليه السلام بمحبة الله تعالى له، ومحبته لله تعالى كما ذكره المصنف في شرح الياقوت لا معني لها إلا زيادة الثواب، وذلك لا يكون إلا بالعمل،

(هامش)

(1) تقدم منا بعض مدارك هذا الحديث في (ج 5 ص 318، إلى ص 368) (2) فراجع ما تقدم منا في الموضع المتقدم ذكره. (*)

ص 453

أن يكون عمل علي عليه السلام أكثر من غيره، واعلم: أن المحبة مرتبة علية ودرجة سنية هي من صفات الله سبحانه حقيقة يعبر عنها المتكلم بالإرادة، والحكيم بالعناية، وأهل الذوق بالعشق، وقد فاض شيء من رحيق كأسها بحسب الاستعدادات والقوابل من الحق على الخلق، فكل بها يطلب العود إلى مبدئه، ومن خلا منها فهو من المطرودين الذين رضوا بالحياة الدنيا واطمئنوا بها، فهم كالأرض الساكنة التي لا حراك بها، وبتلك المحبة حركة الأفلاك والأملاك والعقول والنفوس والأرواح والقوى والعناصر والمواليد الثلاثة طلبا للكمال، واهتزازا من مشاهدة الجمال، ورجاء للتخلص عن قيد التشخص والسير إنما هو على أقدام الاقدام بها، والطيران إنما هو بأجنحة اجتلاء (امتلاء خ ل) القلوب عنها، والكتاب السماوية والآيات الربانية والأحاديث النبوية تشهد بثبوتها ووجودها، قال تعالى: فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، وقال: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وقال: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، وقال الله تعالى: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، وقال تعالى: وألقيت عليك محبة مني، وروت الثقات: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبر عن الله تعالى أنه قال: لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يأخذ، وبي يعطي، وبي يقوم، وبي يقعد، وإذا سألني أعطيته وإذا استعاذني استعذته، وقال صلى الله عليه وآله وسلم، إذا أحب الله عبدا دعا جبرئيل فقال له: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبرئيل فينادي في السماء، إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه من في السماء، ثم يوضع له القبول في العناصر فما يتركب منها شيء إلا أحبه، ولهذا روي في المشهور أنه لما رأى محمد بن سليمان العباسي (1) حسن

(هامش)

(1) روايات في بعض الكتب أنه ابن راشد ويمكن أن يكون أحدهما الأب الحقيقي والآخر الجد. منه رحمه الله. (*)

ص 454

مناظرة بهلول بن عمر والعارف العاقل المعروف مع عمر بن عطاء العدوي، في إمامة علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: ما خاطب البهلول بقوله: ما الفضل إلا فيك؟ وما العقل إلا من عندك؟ والمجنون من سماك مجنونا، لا إله إلا الله، لقد رزق الله علي بن أبي طالب عليهم السلام لب كل ذي لب، فقد ثبت من الكتاب والسنة، وكلام أكابر الأمة وجود المحبة وثبوتها، غير أنها وإن اشترك اسمها في الاطلاق، لكنها يختلف باختلاف المتعلق، فمحبة الله لعبده تخصيصه بإنعام مخصوص، يكون سببا لتقريبه وإزلافه من محال الطهارة والقدس، وقطع شواغله عما سواه، وتطهير باطنه عن كدورات الدنيا، ورفع الحجاب حتى يشاهد في جميع الأشياء، ويشهد أن جميع الأشياء بالحق قائمة وأن وجوده وجوده، ولا وجود لشيء إلا بنحو من الانتساب كما استعذبه ذوق المتألهين من الحكماء أيضا، فيأخذ بالله، ويعطي بالله، ويحب الله، ويبغض الله، وهذا سر لا إله إله الله، وحقيقة لا حول ولا قولة إلا بالله، فهذه إلا رادة هي المحبة وإن كانت إرادته لعبده أن يختصه بمقام من الأنعام دون هذا المقام كإرادته ثوابه ودفع عقابه، وهذا الإرادة هي الرحمة، فالمحبة أعم من الرحمة، وأما محبة العبد لله تعالى، فهي ميله إلى نيل هذا الكمال وإرادته الوصول إلى هذا المقام الذي يتسابق إليه الرجال وتتهافت على التحلي به همم الأبطال، وإذ قد عرفت محبة الرب ومحبة العبد، وانقدت الناس، عرفت أن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس لأحد هذا المقام، إلا لأمير المؤمنين عليه آلاف التحية والثناء بيان ذلك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لما علم اتصاف علي بهذه الصفة (المحاسن خ ل) من الجانبين وكانت أمرا معنويا لا يدرك إلا بإظهار أمر محسوس من لوازمها، يشهد ذلك الأمر لمن اتصف به باتصافه بتلك المحبة أثبتها صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام بأمرين: أحدهما فتح خيبر، فجمع صلى الله عليه وآله وسلم في وصفه بين المحبة والفتح، بحيث يظهر لكل أحد صورة الفتح ويدركه بحس البصر، فلا يبقى عنده تردد في اتصافه بالصفة المعنوية المقرونة

ص 455

بالصفة المحسوسة، وثانيهما حديث الطائر، جعل صلى الله عليه وآله وسلم وإتيانه وأكله معه من ذلك الطائر، وهما أمران محسوسان دليلا موضحا لاتصافه بتلك الصفة، ليعلم أنه عليه السلام هو وأتباعه هم الذين أخبر الله تعالى عنهم بقوله: فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، ومما يصرح بهذا المعنى ما سبق (1) من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لتنتهن يا قريش، أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضرب رقابكم على التأويل كما ضربت رقابكم على تنزيله، فقال بعض أصحابه: من هو يا رسول الله؟ أبو بكر: قال: لا، قال: عمر، قال: لا، ولكنه خاصف النعل (الحديث)، وإذا سبرت أحواله واعتبرت أقواله ظهر لك اتصافه بهذه المحبة باعتبار تعلقين أما محبة الله تعالى فظاهرة آثارها ساطعة أنوارها من ازلافه سبحانه وتعالى من مقام التقديس ومقر التطهير، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما سبق أيضا من حديث النجوى (2) المشهور: ما انتجيته ولكن الله انتجاه، وروى ابن مسعود، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يبعث أناسا وجوههم من نور على كراسي من نور عليهم ثياب من نور في ظل العرش بمنزلة الأنبياء والشهداء، فقال أبو بكر: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: لا، قال عمر: أنا منهم؟ قال: لا، قيل: من هم يا رسول الله؟. فوضع يده على رأس علي عليه السلام وقال: هذا وشيعته، وروى محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني رحمه الله، قال: حدثني الحافظ أبو العلاء الهمداني، والقاضي أبو منصور البغدادي بالإسناد عن أبي بكر (3) وعن أنس، وروى مشايخنا عن الصادق عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين السلام، عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: خلق الله عز وجل من نور وجه علي بن أبي طالب عليهما السلام سبعين ألف ملك يستغفرون له لمحبيه إلى يوم القيامة، وفي كتاب

(هامش)

(1) تقدم منا نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 24، إلى ص 38) (2) تقدم منا نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 525، إلى ص 531) (3) تقدم منا نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 113 و114) (*)

ص 456

الحدائق عن أبي تراب الخطيب بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (1) إن الله قد خلق من نور وجه علي عليه السلام ملائكة يسبحونه ويقدسونه ويجعلون ثواب ذلك لعلي ولمحبيه، وأما محبته لله تعالى فهي معلومة لكل أحد من عباداته ومجاهداته ورفضه الدنيا وإعراضه عما سوى الله، وإقباله بكلاكله (2) على مولاه، ولو أردنا استقصاء بعض من ذلك لطال المطال وكثرت المقال، ولربما حصل لبعض الملال، ولقد اتضح بما قررناه بطلان ما ذكره الناصب الشقي: من أن الحديث لا يدل على النص، إلى آخره، وذلك لما عرفت: من أنه دال على الأفضلية، لدلالته على أنه عليه السلام أحب إلى الله من كل المخلوقات، وأما عدم كونه عليه السلام أحب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد علم من خارج، وهو انعقاد الاجماع على أنه عليه السلام أحب إلى الله تعالى من جميع المخلوقات بلا استثناء، فهو صلى الله عليه وآله وسلم مستثنى بالاجماع، وبقرينة السؤال، وأما الملائكة فليس شيء يخرجهم عن هذا الحكم، فيكون هو عليه السلام أحب منهم، وأجاب صاحب المواقف بأن الحديث لا يفيد كون علي عليه السلام أحب إلى الله تعالى في كل شيء لصحة التقسيم، وإدخال لفظ الكل والبعض، ألا يرى أنه يصح أن يستفسر ويقال: أحب خلقه إليه في كل شيء أو في بعض الأشياء، وحينئذ جاز أن يكون أكثر ثوابا في شيء دون آخر، فلا يدل على الأفضلية مطلقا، وفيه أن قوله عليه السلام: أحب لفظ عام أو مطلق، فمن خصه أو قيده بوقت دون وقت وببعض الأشياء دون بعض، فعليه الدليل، لأن العام والمطلق لا يخص ولا يقيد بالاقتراح، بل يخص أو يقيد بالدليل، ودون ذلك خرط القتاد، وأيضا على هذا التقدير لا فائدة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ايتني بأحب خلقك، لأن كل مسلم أحب عند الله من وجه وفي وقت دون وقت، وأيضا يتوجه عليه ما قاله بعض أصحابنا: من أن مثل هذا البحث يجري في استدلالهم

(هامش)

(1) تقدم منا نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 115) (2) الكلاكل: الجماعات. (*)

ص 457

على أفضلية أبي بكر بقوله تعالى: وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى، (1)

(هامش)

(1) قال قطب فلك التحقيق في كتابه الموسوم (بدرة التاج): سيم اگر خلافت أبو بكر باطل باشد ممدوح عظيم نباشد عند الله لكن او چنين است لقوله تعالى: لقد رضى الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة وقوله تعالى: السابقون الاولون من المهاجرين إلى قوله: رضي الله عنهم ورضوا عنه، واو از سابقانست در دين ولقوله تعالى: وسيجنبها الاتقى الذى يؤتى ماله يتزكى، ومراد أبو بكر است پيش اكثر اهل تفسير، ودليل بر آنكه مراد ابو بكر است آنست كه أتقى أكرم است عند الله تعالى ان أكرمكم عند الله أتقيكم، واكرم پيش خداى تعالى أفضل باشد وافضل خلق بعد از نبى صلى الله عليه وآله وسلم يا ابو بكر است يا على باجماع ومراد على نيست چه در وصف آن اتقى گفته: ومما لا حد عنده من نعمة تجزى، ونبى را پيش على نعمت تربيت وشراب است وطعام وآن نعمتى است كه تجزى، ونبى را پيش ابو بكر جز نعمت ارشاد نبود وآن نعمتى است كه لا تجزى چه خدايتعالى حكايت كرده از انبياء كه ايشان با قوم خود ميگفتند ما أسئلكم عليه أجرا ان أجرى الا على الله رب العالمين، آيه دلالت كرد بر اينكه أبو بكر افضل خلق است، انتهى من ميگويم اين دليل نامستقيم وبى صورت است، چه مدلول منطوق ومفهوم آيه كريمه توصيف اتقى است بآنكه معطى زكاة باشد باينطريق كه از مال خود زكاة دهد ابتغاء لوجه الله الكريم بى آنكه كسى از آخذين زكاة را از او نعمتى باشد نزد او در ايتاء مجازات واداى حق نعمتش ملحوظ مزكى باشد چنانكه فقهاء در كتب فروع بيان كرده اند پس مراد از لاحد احد من آخذين الزكاة منه است، وضمير عنده باتقى مزكى عايد ونبى را (ص) در آن مدخلى نيست چه زكاة واجب ومندوب بر جناب او محرم است وهيچ مسلم را شك نيست كه اين وصف بر حال شريف أمير المؤمنين على بن أبيطالب صلوات الله عليه منطبق است كه در ايتاء زكاة ودر جميع اعمال محض ابتغاء وجه كريم الهى ملحوظ نفس مقدس بوده ولهذا ذات كريمش سوره الاخلاص است ودر كتاب مبين وجود عبارت است =

ص 458

مع أنه عمدة أدلتهم على أفضليته، وذلك لصحة الاستثناء في الأتقى، وإدخال لفظه الكل والبعض، فلم يبق إلا العناد والغفلة والرقاد، ولنعم ما قال ابن رزيك رحمه الله: شعر:

وفي الطائر المشوي أو في دلالة * لو استيقظوا من غفلة وسبات

وقال الصاحب بن عباد رحمه الله تعالى: شعر:

علي له في الطير ما طار ذكره * وقامت به أعداءه وهي شهد

قال المصنف رفع الله درجته

التاسع عشر: (1) أنا مدينة العلم وعلي بابها

في مسند أحمد بن حنبل وصحيح مسلم، قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سلوني إلا علي بن أبي طالب عليه السلام، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم (2) وعلي عليه السلام بابها (إنتهى).

(هامش)

= از نظام جمل موجودات ولهذا قال رسول الله (ص): مثل على بن أبيطالب فيكم مثل قل هو الله احد في القرآن، وما بفضل الله تعالى اين معنى را بسطى لايق كرده ايم در كتاب تقديسات وديگر كتب وتعاليق خود بغايت عجيب است از مصنف وساير اعاظم اهل علماى سنت وجماعت با براعت در علوم لسان وعلوم عقلى كه در تفسير اين آيه كريمه در چنين التباسى افتاده اند، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، من إفادات السيد السند الأجل الأعظم الأفخم محمد باقر داماد في جواب ما ذكره محمد. (1) سيأتي نقل الأحاديث الواردة في ذلك في فصل العلم إن شاء الله تعالى. (2) تقدم نقل بعض مدارك هذا الحديث في (ج 5 ص 468، إلى ص 510) ويتلوه قوله صلى الله عليه وآله: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها وتقدم نقل بعض مداركه في (ج 5 ص 502 إلى ص 505 ويتلوه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة الفقه وعلي بابها، وتقدم نقل بعض مداركه في (ج 5 ص 505) ويتلوه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا دار العلم وعلي بابها وتقدم نقل بعض مداركه في (ج 5 ص 506) ويتلوه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وتقدم نقل بعض مداركه في (ج 5 ص 507 إلى ص 515). (*)

ص 459

قال الناصب خفضه الله أقول: هذا يدل على وفور علمه واستحضاره أجوبة الوقايع واطلاعه على شتات العلوم والمعارف، وكل هذه الأمور مسلمة، ولا دليل على النص، حيث إنه لا يجب أن يكون الأعلم خليفة، بل الأحفظ للحوزة والأصلح الأمة، ولو لم يكن أبو بكر أصلح للأمة لما اختاروه كما مر (إنتهى). أقول في الحديث إشارة إلى قوله تعالى: وأتوا البيوت من أبوابها، وفي كثير من روايات ابن المغازلي تصريح بذلك، ففي بعضها مسندا إلى جابر: أنا مدينة العلم وعلي عليه السلام بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب، وفي بعضها مسند إلى علي عليه السلام: يا علي أنه مدينة العلم وأنت الباب، كذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلا من الباب، وروى عن ابن عباس: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد الجنة فليأتها من بابها، وعن ابن عباس أيضا بطريق آخر: أنا دار الحكمة (1) وعلي بابها، فمن أراد الحكمة فليأت الباب، وهذا يقتضي وجوب الرجوع إلى أمير المؤمنين عليه السلام، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كني عن نفسه الشريفة بمدينة العلم، وبدار الحكمة، ثم أخبر أن الوصول إلى علمه وحكمته وإلى جنة الله سبحانه من جهة علي عليه السلام خاصة، لأنه جعله كباب

(هامش)

(1) وقد تقدم بعض مداركه في (ج 5 ص 507 إلى ص 515) (*)

ص 460

مدينة العلم والحكمة والجنة التي لا يدخل إليها إلا منه، وكذب من زعم أنه يصل إلى المدينة إلا من الباب ويشير إليه الآية أيضا كما ذكرناه، وفيه دليل على عصمته وهو الظاهر، لأنه عليه السلام أمر بالاقتداء به في العلوم على الاطلاق، فيجب أن يكون مأمونا عن الخطأ ويدل على أنه إمام الأمة لأنه الباب لتلك العلوم، ويؤيد ذلك ما عليم من اختلاف الأمة، ورجوع بعض إلى بعض وغنائه عليه السلام عنهما، ويدل أيضا على ولايته عليه السلام وإمامته، وإنه لا يصح أخذ العلم والحكمة ودخول الجنة في حياته صلى الله عليه وآله وسلم إلا من قبله، ورواية العلم والحكمة إلا عنه لقوله تعالى: فأتوا البيوت من أبوابها، حيث كان عليه السلام هو الباب والله در القابل: مدينة علم وابن عمك بابها * فمن غير ذاك الباب لم يؤت سورها ويدل أيضا على أن من أخذ شيئا من هذه العلوم والحكمة التي احتوى عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غير جهة علي عليه السلام، كان عاصيا كالسارق والمتسور، لأن السارق والمتسور إذا دخلا من غير الباب المأمور بها ووصلا إلى بغيتهما كانا غاصبين، وقوله عليه السلام فمن أراد العلم فليأت الباب، ليس مراد به التخيير، بل المراد الايجاب والتهديد، كقوله عز وجل: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، والدليل على ذلك أنه ليس ههنا نبي غير محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو مدينة العلم ودار الحكمة، فيكون العالم مخيرا بين الأخذ من أحدهما دون الآخر. وفقد ذلك دليل على إيجابه، وإنه فرض لازم، والحمد لله، وأما ما ذكره الناصب من أنه لا يجب أن يكون الأعلم خليفة، فقد عرفت فساده مما ذكرناه ههنا وفيما مر وأما ما ذكره من أنه يكفي الأحفظ للحوزة والأصلح للأمة، فقد مر بيان عدم تحقق الأحفظية بدون الأعلمية، ومنع أن أبا بكر كان أحفظ وأصلح، وما ذكره: من أنه لو لم يكن أبو بكر أصلح، لما اختاروه كما مر، فقد مر ما فيه من بطلان ثبوت الإمامة بالاختيار سيما اختيار بعض الأمة كما عرفته، ومن جملة تعصبات ابن حجر المتأخر الناشية عن حماقته أنه منع صحة الحديث أولا، ثم قال: وعلى تسليم صحته أو حسنه فأبو بكر محرابها،

ص 461

ولم يعلم أن المدينة لا ينسب إليها المحراب وإنما ينسب إلى المسجد، ثم لم يكتف بذلك حتى قال: على أن تلك الرواية معارضة بخبر الفردوس: أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها، وعمر حيطانها، وعثمان سقفها، وعلي بابها، ضرورة أن كلا من الأساس والحيطان والسقف أعلى من الباب (إنتهى). وأقول: المدينة لا يكون لها سقف وإنما السقف للدور والبيت الواقعة فيها، وحاشا كلام الفصيح عن ذلك، وأيضا الكلام ليس في العلو والانخفاض. بل في الاتيان لأخذ العلم من صاحب المدينة ولا مدخل لأساس المدينة وحيطانها وسقفها في ذلك، بل لو كان أساسها وحيطانها وسقفها من الأشواك الزقوم والحشيش لأمكن ذلك، ولعمري أن جرأتهم على وضع أمثال هذه الكلمات المشتملة على التمحلات الظاهرة، يوجب زيادة فضاحتهم وظهور عداوتهم لأهل البيت عليهم السلام، ولنعم ما قيل: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت. قال المصنف رفع الله درجته

العشرون (1) حديث من آذى عليا فقد آذاني

في مسند أحمد بن حنبل من عدة طرق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من آذى عليا فقد آذاني، أيها الناس (2) من آذى عليا بعث يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا (إنتهى). قال الناصب خفضه الله أقول: لا شك أن عليا سيد الأولياء وقد جاء في الحديث: من عادي لي وليا فقد أذنته بالحرب، فإذا كان معاداة أحد من الأولياء وأذاه محاربة مع الله تعالى

(هامش)

(1) تقدم نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 380، إلى ص 394) (2) تقدم نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 390) (*)

ص 462

فكيف لا يكون إيذاء سيد الأولياء موجبا لدخول النار ولكن لا يدل هذا على النص (إنتهى). أقول إذا ثبت أن حب علي عليه السلام موجب لدخول الجنة وبغضه وإيذائه سبب لدخول النار، وقد ثبت وجوب الاقتداء به والاتباع له بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمنع من تقدم غيره عليه، فإن هذا يوجب إيذائه وإيذاء الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بل تقدم غيره قد أخل في تلك المدة بما وجب عليه من الطاعة له، وبوجه آخر نقول: قد ثبت أن حبه طريق النجاة وبغضه وإيذاءه سبيل الهلاك وسلوك حبه والكف عن إيذائه إنما هو بقبول أوامره ونواهيه، فمن قدم عليه غيره بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن ممتثلا لأمره ونهيه عليه السلام، فيخرج عن طريق محبته ويدخل في سبيل مبغضيه والمؤذين له، ومتى خرج عن محبته ضل عن طريق إسلامه، فوجب تقديمه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقلا وسمعا، وقد برهنا على المقدمات المأخوذة في هذا التقرير فيما سبق، فتذكر. قال المصنف رفع الله درجته

الحادي والعشرون (1) حديث تزويج فاطمة منه (ع)

في مسند أحمد بن حنبل أن أبا بكر وعمر خطبا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة فقال: إنها صغيرة، فخطبها علي عليه السلام، فزوجها منه (إنتهى).

(هامش)

(1) سيأتي نقل بعض مداركه عند تفصيل الأحاديث الواردة في تزويج النبي الزهراء (ع) لعلي عليه السلام. وتقدم بعض الأحاديث الواردة في كون تزويجها له بأمر الله تعالى في (ج 6 ص 592 إلى ص 623) (*)

ص 463

قال الناصب خفضه الله أقول: صح في الأخبار أن أبا بكر وعمر خطبا فاطمة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني أنتظر أمر الله فيه ولم يقل إنها صغيرة وهذا افتراء على أحمد بن حنبل وكل من قال هذا فهو مفتر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وناسب للكذب إليه فإن فاطمة كانت وقت الخطبة كبيرة لأنها ولدت عام عمارة الكعبة، والعجب من هذا الرجل أنه يبالغ في احتراز الأنبياء عن الكذب وينسب الكذب الصراح إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نعوذ بالله من هذا وإنه خباط خبط العشواء (إنتهى). أقول روى صاحب الاستيعاب بإسناده عن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمي أنه ولدت فاطمة سلام الله عليها سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنكح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة علي بن أبي طالب عليهم السلام بعد واقعة أحد وقيل: إنه تزوجها بعد أن ابتني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعايشة بأربعة أشهر ونصف، وكان بنى بها بعد تزويجها إياها بتسعة أشهر ونصف وكان سنها يوم تزويجها خمس عشر سنة وخمسة أشهر ونصفا، وكان سن علي عليه السلام إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر، ثم روى عن المدايني أنها سلام الله عليها حين ماتت كانت ابنة تسع وعشرين سنة، وعن عبد الله بن حسن أنها بلغت سنها عليها السلام ثلاثين سنة، وعن الكلبي أنها بلغت خمسا وثلاثين سنة انتهى، وروى صاحب كشف الغمة عن ابن الخشاب المعتزلي في تاريخ المواليد ووفيات أهل البيت عليهم السلام أن فاطمة سلام الله عليها ولدت بعد ما أظهر الله نبوة نبيه سلام الله عليهما بخمس سنين وقريش يبني البيت وتوفيت ولها ثماني عشرة (إنتهى). فعلي رواية ابن الخشاب كانت صغيرة غير بالغة باتفاق فقهاء الفريقين حين

ص 464

تزوجها عليها السلام، وكذا على رواية ابن المدايني ورواية عبد الله لأن البلوغ عند فقهاء أهل السنة إنما يحصل بثمانية عشر سنة وهي عليها السلام عند التزوج لم تبلغ ذلك، وأيضا الصغر والكبر أمران إضافيان فلعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد فيها ذكره في جواب أبي بكر وعمر أنها صغيرة بالنسبة إلى أبي بكر وعمر فإنها كانا شيخين يومئذ، وقد جرت العادة في مراعاة غبطة الأبناء والبنات عند التزويج بمساواة الأعمار وعدم تفاوت سن الزوج والزوجة بما يعتد به عادة فلا يلزم كذب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما توهمه الناصب، وغاية ما يلزم من ذلك أن يكون عذرا ضعيفا فهو لنا لا علينا فافهم، وأي داع للمصنف إلى كذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع وجود ما هو أصرح في الفضيلة بل الأفضلية وهو الحديث الذي رواه الناصب وحكم بصحته، فإنه دليل على أن الله تعالى بعد خطبة عمرو أبي بكر لفاطمة سلام الله عليها منعهما عنها واختارها لعلي عليه السلام، على أنه يمكن الجمع بين الروايتين أيضا من غير لزوم كذب باحتمال وقوع الخطبة عنهما مرتين مرة في الصغر ومرة في الكبر، والحديث الأول في المرة الأولى، والثاني في الثانية، فحكم الناصب بخبط المصنف خبط بغير ضبط كما لا يخفى. قال المصنف رفع الله درجته

الثاني والعشرون (1) حديث يا أبا تراب

في الجمع بين الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل على ابنته فاطمة وقبل رأسها ونحرها وقال: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلص التراب إلى ظهره

(هامش)

(1) تقدم نقل بعض مدارك هذا الحديث في (ج 6 ص 538 إلى ص 546) وسيأتي في الباب - 266 - في أن قاتل علي أشقى الأولين والآخرين أحاديث يدل عليه. (ج 29) (*)

ص 465

فجعل يمسح عن ظهره التراب ويقول: إجلس يا أبا تراب مرتين (إنتهى). قال الناصب خفضه الله أقول: هذا حديث صحيح وهو من تلطفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام وإظهار المحبة له ولا يثبت به نص، (إنتهى). أقول عد الفضائل التامة أيضا من جملة المقاصد ولو لا أن هذا من الفضائل المتنافس عليها لما اشتهر كنيته عليه السلام بها وافتخاره فيه، ولنعم ما قال الخاقاني رحمه الله: نظم چندانكه تراب بو تراب است * آبستن نافه هاى ناب است

زين روى براى مشك زادن * گشت آهوى تبتى ستردن

جنت رقمى زتربت اوست * تبت أثرى زتربت اوست

عطارانى كه در جهانند * مشك سره مشك كوفه دانند

ديريست به پيش چشم أحرار * تبت غزل است وكوفه پر كار

قال المصنف رفع الله درجته

الثالث والعشرون (1) حديث النداء بقول: لافتى إلا علي ..

روى الجمهور عن عدة طرق أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حمل عليا حتى كسر الأصنام من فوق الكعبة وأنه لا يجوز على الصراط إلا من كان معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب عليه آلاف التحية والسلام وأنه

(هامش)

(1) تقدم نقل بعض مداركه في (ج 7، الباب 185) (*)

ص 466

ردت الشمس (1) عليه بعد ما غابت حيث كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم نائما على حجره ودعا له بردها ليصلي علي عليه السلام العصر فردت له، وأنه أنزل الله (2) بسطل عليه منديل وفيه ماء فتوضأ للصلاة ولحق بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن مناديا (3) من السماء نادى يوم أحد: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي) عليه الصلاة والسلام وروى (4) أنه نادى به المنادي يوم بدر أيضا (إنتهى). قال الناصب خفضه الله أقول: ما ذكر من الأشياء بعضه منكرة، منها أن النداء يوم بدر بأن لا سيف إلا ذو الفقار من المنكرات، لأن ذا الفقار كان سيفا لمنبه بن الحجاج من أشراف قريش وهو قتل يوم بدر، وصار سيفه المشهور بذي الفقار لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان ذو الفقار يوم بدر في يد الكفار، وكانوا يقتلون به المؤمنين، فكيف يجوز أن ينادي مناد إليها وأن لا سيف إلا ذو الفقار، نعم هذا مطابق لمذهبه فإنه يدعي أن قتل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم واجب، فلا يبعد أن يدعى أن المنادى يوم بدر نادى بذكر منقبة ذي الفقار وهو في يد الكفار وهذا السفيه ما كان يعلم الحديث ولا التاريخ ومدار أمره ذكر المنكرات والمجهولات ولا يبالي التناقض والمخالفة بين الروايات (إنتهى). أقول أما رواية النداء: بقول لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار في يوم أحد

(هامش)

(1) تقدم نقل بعض مداركه في (ج 5 ص 521، إلى ص 539) (2) تقدم نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 129، إلى ص 132) (3) تقدم نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 12، إلى ص 14) (4) تقدم نقل بعض مداركه في (ج 6 ص 15، إلى ص 21) (*)

ص 467

المتأخر عن يوم بدر، فهو مذكور في حديث المناشدة التي سيرويها المصنف قدس سره عن الخوارزمي، وجماعة من الجمهور وقد رواه الدارقطني أيضا على ما أشار إليه ابن حجر في صواعقه عند ذكر مناشدة علي عليه السلام بالفضيلة الحاصلة له من الله تعالى في يوم الشورى، وقد روى في كشف الغمة عن زيد بن وهب وعكرمة وغيرهما ولهذا قال بعد ذكر روايات المناداة في يوم أحد: إن هذه المناداة بهذا، قد نقلها الروات وتداولها الأخباريون ولم ينفرد بها الشيعة، بل وافقهم على ذلك الجم الغفير، ولهذا أيضا لم يقدر الناصب على إنكاره، وأيضا ما أنشده حسان في ذلك اليوم ينادي بأعلى صوت على وقوع هذه المناداة حيث أنشد: شعر:

جبريل نادى معلنا والنقع ليس ينجلي * والخيل تعثر بالجماجم والوشح الزبل

والمسلمون قد أحدقوا حول النبي المرسل * هذا النداء لمن له الزهراء ربة منزل

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي وقال الحميري رحمه الله:

وله بلاء يوم أحد صالح * والمشرفية تأخذ الأدبار

إذ جاء جبريل فنادى معلنا * في المسلمين وأسمع الأبرار

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * إلا عليا إن عددت فخارا

وأما رواية المناداة بذلك يوم بدر فهي من طريقة الشيعة ولهذا ذكرها المصنف آخرا على سبيل التأييد دون الاحتجاج، ومع هذا إنكاره منكر جدا، وما ذكره الناصب في وجه الانكار من تسمية سيف منبه بن الحجاج بذلك ووقوعه بعد قتله يوم بدر في يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم على تقدير تسليم صحته لا ينافي ما روي في شأن علي عليه السلام من النداء بما ذكر لجواز تسمية كثير من السيوف التي بها فقار كفقار الظهر بذي الفقار، ولو سلم كون ذي الفقار واحدا منحصرا في سيف ابن الحجاج المذكور، فهذا لا يمنع أيضا كون ما نودي به لعلي عليه السلام هو ذلك السيف، ولا ينافيه

ص 468

قتل صاحبه يوم بدر، بل الصحيح المتفق عليه أن قاتله وقاتل ابنه عاص بن المنبه في ذلك اليوم هو علي عليه الصلاة والسلام، كما ذكر في كشف الغمة حيث قال: فصل: وقد أثبت رواة العامة والخاصة معا أسماء الذين تولى علي عليه السلام قتلهم ببدر من المشركين على اتفاق فيما نقلوا من ذلك، فكان ممن سموه: الوليد بن عتبة وساق العد إلى ستة وثلاثين رجلا، منهم منبه بن الحجاج والعاص بن منبه، فجاز أنه عليه السلام قتل منبها في أول الحرب وقبل انجلائه ثم لما قتله ووقع (1) سيفه في يد علي عليه السلام واشتغل معه بقتل باقي الكفار نودي به: لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار ويؤيد هذا المعنى قول حسان: والنقع حيث ينجلي، ولا يخفى أن كون علي عليه السلام قاتل ابن الحجاج وسالبه ومستعمل سيفه في قتل بقية قومه في ذلك اليوم، ادعى إلى نزول المدح والنداء من العلي الأعلى جل وعلا. وأما قول الناصب، إن قتل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند المصنف واجب، ففيه أن هذا ليس على إطلاقه، وإنما الذي يدعيه المصنف على ما مر مرارا وجوب قتل الفجار المنافقين والمرتدين من الناكثين والقاسطين والمارقين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا بعد في ظهور ذلك بيد الكفار، كما روى أصحاب هذا الناصب الشقي في تواريخ التاتار (التاتارخان خ ل) أن يوم قتل نيشابور سمعوا مناديا من السماء ينادي أيها الكفار قتلوا الفجار هذا، وقد روى أيضا أن ذا الفقار قد نزل من السماء وقد أشار إليه ابن أبي الحديد المعتزلي في قصيدته المشهورة بقوله:

(هامش)

(1) وقال القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي في كتابة الموسوم بعيون المعارف وفنون أخبار الخلايف: سيوف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ستة: تبار الحتف المخذم الرسوب العضب وبه شهد بدرا ذو الفقار أخذه يوم بدر وكان لمنبه بن حجاج، منه ره

ص 469

شعر: وحيث الوميض الشعشاني فايض * من المصدر الأعلى تبارك مصدرا

فليس سواع بعد ذا بمعظم * ولا اللات مسجودا لها ومعفرا

وقال المولوي الأولوي الرومي أيضا في بعض مدايحه: نظم :

حضرت شاهي كه بيك ذو الفقار * ران گران از تن عنتر گرفت

تيغ على (ع) كوره وسندان نديد * نى على از دست أهنگر گرفت

وقد أنكر هذا بعض أهل السنة من فضلاء الري المعاصرين للشيخ الأجل عبد الجليل الرازي من الإمامية فأجاب الشيخ عنه بما حاصله إني لأتعجب من هذا الشقي في إنكاره لهذا مع ما يذكره أصحابه في جوامعهم ومجالسهم عند وصف درة عمر أنه كان من جلد ناقة صالح ويقولون تارة إنه كان من جلد كبش إبراهيم، وأخرى إنه كان من جلد غنم شعيب، ولا أدري من الذي كان يحفظ ذلك الجلد في ألوف من السنين لأجل أن يتخذ منه درة عمر، فإن كان هذا جايزا، فأولى بالجواز أن يكون السيف الذي فتح به المرتضى لنصرة المصطفى حصون الكفر والبدعة وشيد به قواعد الدين والملة قد أنزله الله تعالى إلى المصطفى ليستعمله المرتضى، وأقل ما في الباب ترك ذكر ذلك أو عدم إنكار هذا، وقد علم بما قررناه أن المنكر هو الناصب المنكر السفيه الفضول الجاهل بالأحاديث والنقول، وهو الذي من غاية تورطه في إنكار الحق لم يعرف المنكر من غيره ولم يعقل معني التناقض مدة تحصيله وسيره، والله الموفق. قال المصنف رفع الله درجته

الرابع والعشرون:اللهم أدر الحق معه حيث دار

 في الجمع بين الصحاح الستة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (1)

(هامش)

(1) تقدم بعض مدارك هذا الحديث في (ج 5 ص 625، إلى ص 629) (*)

ص 470

قال: رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه حيث دار، وروى الجمهور (1) قال عليه الصلاة والسلام لعمار: سيكون في أمتي بعدي هنأة واختلاف حتى يختلف السيف بينهم حتى يقتل بعضهم بعضا ويتبرء بعضهم من بعض يا عمار تقتلك الفئة الباغية وأنت إذ ذاك مع الحق والحق معك. إن عليا لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى، يا عمار من تقدم سيفا أعان به عليا على عدوه، قلده الله يوم القيامة وشاحين من در، ومن تقلد سيفا أعان به عدوه قلده الله يوم القيامة وشاحين من نار، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الذي عن يميني، يعني عليا عليه آلاف التحية والثناء، وإن سلك الناس كلهم واديا وسلك علي واديا، فاسلك واديا سلكه علي، وخل الناس طرا، يا عمار إن عليا لا يزال على هدى، يا عمار إن طاعة علي من طاعتي، وطاعتي من طاعة الله، وروى (2) أحمد بن موسى بن مردويه من الجمهور من عدة طرق عن عايشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الحق مع علي وعلي مع الحق لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (إنتهى). قال المصنف رفع الله درجته أقول: صح في الصحاح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمار: ويح عمار تقتله الفئة الباغية، وباقي ما ذكر إن صح دل على أن عليا كان مع الحق أينما دار وهذا شيء لا يرتاب فيه حتى يحتاج إلى دليل، بل هذا دليل على حقيقة الخلفاء لأن الحق كان مع علي وعلي كان معهم حيث تابعهم وناصحهم فثبت من هذا خلافة الخلفاء وإنها كانت حقا صريحا، وأما من خالف عليا من البغاة فمذهب أهل السنة والجماعة أن الحق كان مع علي وهم كانوا على الباطل ولا شك في هذا (إنتهى).

(هامش)

(1) تقدم بعض مدارك هذا الحديث في (ج 5 ص 71 و72). (2) تقدم بعض مدارك هذا الحديث في (ج 5 ص 636، إلى ص 638). (*)

ص 471

أقول لا خفاء في أن ظاهر الخبر المذكور يقتضي عصمته عليه آلاف التحية والثناء ووجوب الاقتداء به، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يجوز أن يخبر على الاطلاق بأن الحق مع علي ووقوع القبيح جايز عنه، لأنه إذا وقع كان الأخبار كذبا، ولا يجوز عليه ذلك، وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الخبر: لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فإن لن لنفي المستقبل عند أهل العربية فيجب أن يكون الحق والقرآن مع علي عليه السلام لا ينفكان عنه، وإذا كان الحق والقرآن لا ينفكان عنه أبدا يثبت إمامته وبطلت إمامة من خالفه، وأما ما ذكره الناصب من أن عليا عليه السلام كان مع الخلفاء الثلاثة وتابعهم وناصحهم، فلا يسلم الأولان إلا بمعني كونه عليه السلام معهم في سكون المدينة وبمعنى التابعية الإجبارية والمماشاة في الظاهر، وإلا فما وقع بينهم من المخالفات والمشاجرات قد بلغ في الظهور بحيث لا مجال للاخفاء، وفي الشناعة (الشياع خ ل) بمرتبة لا يشتبه على الآراء كما سبق وسيجئ إن شاء الله تعالى، وأما النصيحة فمسلمة لكن لأمور الدين وانتظام أحوال المسلمين، لا لأجل ترويج خلافتهم ونظم أسباب شوكتهم وجلالتهم وهذه النصيحة منه عليه السلام كانت شاملة لكافتهم. قال المصنف رفع الله درجته

الخامس والعشرون (1) حديث من أحبني وأحب هذين واباهما وامهما كان معي

روى أحمد بن حنبل في مسنده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد الحسن والحسين عليهما السلام وقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة، وفيه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات

(هامش)

(1) سيأتي إيراد بعض مدارك هذا الحديث وكذا الحديثين المذكورين بعده عند التعرض لفضائل أهل البيت (ع). (*)

ص 472

يوم بعرفات وعلي تجاهه: أدن مني يا علي خلقت أنا وأنت من شجرة، فأنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها فمن تعلق بغصن منها (من أغصانها خ ل) أدخله الله الجنة، وفيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين وأحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وروى أحمد من عدة طرق وفي صحيح (1) مسلم في موضعين عن زيد بن أرقم قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين مكة والمدينة ثم قال بعد الوعظ: أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه النور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي وروى الزمخشري وكان من أشد الناس عناد لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهو الثقة المأمون عند الجمهور بإسناده: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فاطمة مهجة قلبي وابناها ثمرة فؤادي وبعلها نور بصري الأئمة من ولدها أمناء ربي وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجى ومن تخلف عنهم هوى، وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، بأسانيد متعددة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا أيها الناس قد تركت فيكم الثقلين خليفتين، إن أخذتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض، وفي الجمع بين الصحيحين إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا (إني خ ل) تارك فيكم الثقلين أو لهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به

(هامش)

(1) عطف على ما تقدم بحسب المعنى، فإن قوله: روى أحمد من عدة طرق في قوة: روى أحمد في مسنده من عدة طرق، فافهم. (*)

ص 473

وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي خيرا (إنتهى). قال الناصب خفضه الله أقول: هذه الأخبار بعضها في الصحاح وبعضها قريب المعنى منها، وحاصلها التوصية بحفظ أحكام الكتاب وأخذ العلم منه ومن أهل البيت وتعظيم أهل البيت ومحبتهم وموالاتهم وكل هذه الأمور فريضة على المسلمين ولا قايل بعدم وجوبه على كل مسلم، ولكن ليس فيما ذكر نص على خلافة علي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن هذا هو الوصية بالحفظ وأخذ العلم منهم وجعلهم قرناء للقرآن يدل على وجوب التعظيم وأخذ العلم عنهم والاقتداء بهم في الأعمال والأقوال وأخذ طريق السنة المتابعة من أعمالهم ولا يلزم من هذا خلافتهم وليس هو بالنص في خلافتهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم توصية الأمة بحفظ القرآن ومتابعة أهل البيت وتعظيمهم، وهذا مما لا منازع فيه (إنتهى). أقول وجه الاستدلال بالأحاديث المذكورة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل درجة من أحب عترته الطاهرة وتعلق بغصن من شجرتهم الطيبة من أهل الجنة، وأمر بالتمسك والأخذ بهم، وجعل المتمسك بهم وبالكتاب مصونا عن الضلال، ولم يقم دليل من آية أو حديث متفق عليه يدل على شيء من معاني هذه الأحاديث في شأن الخلفاء الثلاثة وعلى وجوب التمسك والأخذ بواحد منهم ولهذا اعترف أولياؤهم بعدم النص على شأن أبي بكر: وقنعوا في إثبات خلافته باختيار بعض الأمة له كما مر، ولو كان شيء من أمثال هذه الأحاديث موجودا في شأن أبي بكر لاحتج به يوم السقيفة ولم يحتج إلى الاحتجاج بما لا دلالة له على تعيينه من حديث الأئمة من

ص 474

قريش، ولا ريب أن من اتصف بالصفات المذكورة وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتمسك بعروة هدايتهم والأخذ بأذيال طهارتهم يكون أصلح بإمامة الأمة وحفظ الحوزة من غيره، ومن تعسفات الناصب أنه حمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أخذتم بهما لن تضلوا على أخذ العلم منهما، ولم يدر لبعده عن معرفة أساليب الكلام أن المراد لو كان ذلك لكان حق العبارة أن يقال: والأخذ منها دون بهما، وحاصل المؤاخذة إن معنى الأخذ بهما في العرف واللغة التشبث بهما والرجوع إليهما في جميع الأمور لا أخذ العلم منهما فقط، ولا أدري كيف يفعل بلفظ التمسك الصريح فيما ذكرناه مع كونه مرادفا للأخذ، اللهم إلا أن يأخذ بذيل المكابرة وسوء المصادرة، كما هو عادته الفاجرة. قال المصنف رفع الله درجته

السادس والعشرون (1) حديث الكساء

في مسند أحمد بن حنبل من عدة طرق وفي الجمع بين الصحاح الستة عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي، فأتت فاطمة عليها السلام فقال: ادعي زوجك وابنيك، فجاء علي وفاطمة والحسن والحسين وكان تحته كساء خيبري، فأنزل الله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فأخذ فضل الكساء وكساهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء وقال: هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فأدخلت رأسي البيت وقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ قال: إنك إلى خير، وقد روى نحو هذا المعنى من صحيح أبي داود وموطأ مالك وصحيح مسلم في عدة مواضع وعدة طرق (إنتهى).

(هامش)

(1) تقدم بعض مداركه في (ج 2 ص 502، إلى ص 544). (*)

ص 475

قال الناصب خفضه الله أقول: إن الأمة اختلفت فيها أنها فيمن نزلت، وظاهر القرآن يدل على أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن صدق في النقل عن الصحاح وكانت نازلة في آل عبا، فهي من فضائلهم ولا يدل على النص بالإمامة (إنتهى) أقول قد مر أن اختلاف المخالفين في دلك خلف باطل، وقوله: إن صدق في النقل إلى آخره على طريقة الفرض والاحتمال مما لا وجه له، لأنه قد ظهر منه في بعض المواضع الذي حكم على بعض ما ذكره المصنف من الأحاديث المسند بأنه ليس منه إن المسند كان موجودا عنده حال تأليفه هذا، وكذا الصحيحين فإن وجد هذا الحديث فيها، فلا وجه لقوله: إن صح، وإن لم يجده كان ينبغي أن ينفي كونه منها، ولهذا يعلم أن كلا من الجزم والاحتمال الصادرين منه في أمثال هذا المقام إنما كان رجما بالغيب من غير أم حقق ذلك عن مظانه لعجزه عن دفع كلام المصنف وبرهانه، وأما ما ذكر من أنه لا يدل على النص في الإمامة، ففيه أنه نص في العصمة والأفضلية المستدعيتين للنص بالإمامة، ولو تنزلنا فيدل على فضيلة إذا استجمع مع غيره من الفضائل المذكورة في هذا الكتاب تثبت الأفضلية لما مر من أن حصر جهات الفضيلة في شخص دون غيره يستلزم أفضليته عنه قطعا. قال المصنف رفع الله درجته

السابع والعشرون: حديث أهل بيتي أمان لأهل الأرض

في مسند (1) أحمد بن حنبل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا

(هامش)

(1) سيأتي مدارك هذا الحديث عند التعرض لفضائل أهل البيت (ع). (*)

ص 476

ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض، ورواه صدر الأئمة موفق بن أحمد المكي، وفي مسند أحمد (1) قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إني أقول كما قال أخي موسى: اجعل لي وزيرا من أهلي عليا عليه السلام أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري، (إنتهى). قال الناصب خفضه الله أقول: هذا موافق في المعني للحديث المذكور قبل، وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي عليه السلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، ومراد موسى في قوله: وأشركه في أمري، الاشراك في أمر النبوة، ودعوة فرعون وهذا لا يصح هناك لقوله: إلا أنه لا نبي بعدي، اللهم إلا أن يراد به المشاركة في دفع الكفار بالحرب وتبليغ العلم (إنتهى). أقول لا يخفى على ذي مسكة أن مشاركة هارون مع موسى في أمر النبوة، ودعوة فرعون لا يقتضي أن يكون تصرف هارون بعد موسى على نبينا وآله وعليه السلام في نصيبه من النبوة بطريق النبوة ليلزم أن يكون تصرف علي عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطريق النبوة، وذلك لأن الشركة لا تقتضي الاستقلال في التصرف في حصة الشريك أيضا، وإنما المسلم الاستقلال في حصة نفسه، فليجز أن يكون بعد موت الشريك متصرفا في حصته بطريق النيابة والخلافة ولا منافات بين النبوة والخلافة بمعني النيابة وأي منافاة بين أن يكون هارون نبي الله وخليفة ووزيرا لكليم الله كما دل عليه القرآن العزيز، وأيضا لو كان قيام هارون على أمر الخلافة باستقلال النبوة فلما ذا وقع قوله: اخلفني، ولما ذا تكرر وقوع لفظ الوزير في شأن

(هامش)

(1) تقدم بعض مدارك هذا الحديث في (ج 4 ص 56، إلى ص 60) (*)

ص 477

هارون عليه السلام، وتوضيح الكلام وتنقيح المرام أن العموم المستفاد من الحديث المستثنى منه منزلة النبوة بل الأخوة النسبية أيضا يقتضي تحقق التصرف والتدبير والولاية لأمير المؤمنين عليه السلام كما كان لهارون عليه الصلاة والسلام، إلا أنه في أمير المؤمنين عليه السلام منفك عن منصب النبوة وقد كان في هارون عليه السلام بالنبوة فقط كما يفهم من سوق كلام هذا الناصب ههنا وأصحابه في غير هذا المقام، أو بالخلافة أيضا كما يدل عليه القرآن العزيز، ولما انتفت النبوة في أمير المؤمنين عليه آلاف التحية والسلام فلا بد وأن يكون هذا التصرف فيه بالخلافة، فقوله: وهذا لا يصح هناك إن أراد به أن التصرف بدعوة فرعون ونحو ذلك لا يصح إلا بتسببه عن النبوة فظاهر أنه ليس كذلك، وإن أراد أنه قد يتسبب عن الإمامة أيضا فلا يلزم انتفاءه عند انتفاء النبوة، كما في أمير المؤمنين عليه السلام، بل يستفاد من الحديث أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام صاحب الولاية في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا، لكن بالنيابة لا بالمشاركة، لأن كونه صاحب منزلة هارون عليه السلام يقتضي هذه الولاية كما مر، وعدم كونه نبيا يقتضي أن يكون بالنيابة لا بالأصالة والمشاركة فأحسن التأمل. قال المصنف رفع الله درجته

الثامن والعشرون: حديث لا يزال أمر الناس ماضيا ماوليهم اثني عشر خليفة

في صحيح مسلم (1) والبخاري في موضعين بطريقين عن جابر وابن عيينة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش، وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش، وفي صحيح مسلم أيضا لا يزال الدين قائما حتى يقوم الساعة، ويكون عليه اثني عشر خليفة كلهم من قريش، وفي الجمع بين الصحاح الستة في موضعين قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم

(هامش)

(1) سيأتي مدارك هذا الحديث عند التعرض لفضائل أهل البيت (ع). (*)

ص 478

اثنى عشر خليفة كلهم من قريش، وكذا في صحيح أبي داود والجمع بين الصحيحين، وقد ذكر السدي في تفسيره وهو من علماء الجمهور وثقاتهم قال: لما كرهت سارة مكان هاجر أوحى الله تعالى إلى إبراهيم الخليل على نبينا وآله وعليه السلام فقال: انطلق بإسماعيل وأمه حتى تنزله بيت النبي التهامي يعني مكة، فإني ناشر ذريته وجاعلهم ثقلا على من كفر بي، وجاعل منهم نبيا عظيما، ومظهره على الأديان، وجاعل من ذريته اثني عشر عظيما، وجاعل ذريته عدد نجوم السماء، وقد دلت هذه الأخبار على إمامة اثنى عشر من ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا قابل بالحصر إلا الإمامية في المعصومين والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى، (إنتهى). قال الناصب خفضه الله أقول: ما ذكر من الأحاديث الواردة في شأن اثني عشر خليفة من قريش، فهو صحيح ثابت في الصحاح من رواية جابر بن سمرة، وأما ابن عيينة فهو ليس بصحابي ولا تابعي، بل يمكن أن يكون أحدا من سلسلة الرواة، وهو من عدم معرفته بالحديث وعلم الإسناد يزعم أن ابن عيينة وجابر متقابلان في الرواية، ثم ما ذكر من عدد اثني عشر خليفة فقد اختلف العلماء في معناه، فقال بعضهم: هم الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان اثني عشر منهم ولاة الأمر إلى ثلاثمأة سنة، وبعدها وقع الفتن والحوادث، فيكون المعني أن أمر الدين عزيز في مدة خلافة اثني عشر كلهم من قريش، وقال بعضهم: إن عدد صلحاء الخلفاء من قريش اثني عشر، وهم الخلفاء الراشدون وهم خمسة وعبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العز وخمسة آخر من خلفاء بني العباس، فيكون هذا إشارة إلى الصلحاء من الخلفاء القريشية، وأما حمله على الأئمة الاثني عشر فإن أريد بالخلافة وراثة العلم والمعرفة وإيضاح الحجة والقيام بإتمام منصب النبوة، فلا مانع من الصحة ويجوز هذا الحمل بل

ص 479

يحسن، وأن أريد به الزعامة الكبرى والإيالة العظمى، فهذا أمر لا يصح، لأن من اثني عشر، اثنين كان صاحب الزعامة الكبرى، وهما علي وحسن رضي الله عنهما، والباقون لم يتصدوا للزعامة الكبرى، ولو قال الخصم: إنهم كانوا خلفاء لكن منعهم الناس عن حقهم، قلنا: سلمت أنهم لم يكونوا خلفاء بالفعل بل بالقوة والاستحقاق، وظاهر أن مراد الحديث أن يكونوا خلفاء قائمين بالزعامة والولاية وإلا فما الفائدة في خلافتهم في إقامة الدين وهذا ظاهر والله أعلم، ثم إن كل ما ذكره من الآيات والأحاديث وأراد بها الاستدلال على وجود النص بالخلافة في شأن علي قد علمت أن أكثرها كان بعيدا جدا عن المدعى، ولم يكن بينها وبين المدعي نسبة أصلا، وما كان مناسبا فقد علمت أنه لا يدل على النص، فلم يثبت بسائر ما أورده مدعاه، فأي فائدة في قوله: والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى؟. أقول يتوجه عليه وجوه من الكلام وضروب من الملام، أما أولا، فلأن ما ذكره من أن جابر وابن عيينة ليسا بمتقابلين في الرواية مردود بأن المصنف لم يجعلهما متقابلين من حيث كونهما صحابيين ناقلين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما توهمه الناصب، بل من حيث انتهاء سلسلة الرواة في الحديثين إليهما، فإن الحديث الذي روى عن ابن عيينة منقطع ينتهي السلسلة إليه كما أن حديث جابر متصل ينتهي السلسلة إليه، وأما ثانيا، فلأن ما ذكره أولا في تأويل الحديث موافقا لبعض أكابر المكابرين من أسلافه مما لا يرضى به المؤمن العاقل، إذ مع ما عرفت وستعرف من فساد حال الخلفاء الثلاثة يلزم منه أن يكون معاوية الباغي العاوي وجروه يزيد الخمير الغاوي القاتل للحسين عليه آلاف التحية والثناء الواضع للسيف في أهل المدينة من الصحابة والتابعين والآمر بسبي نسائهم وذراريهم والوليد

ص 480

الزنديق المرتد المريد المستهدف للمصحف المجيد ونحوهم من الخلفاء والأئمة الذين يكون الإسلام بهم عزيزا، وهذا مما لا يتفوه به مسلم وسيعرف الناصب فيما سيأتي من مطاعن معاوية بأنه لم يكن من الخلفاء، بل كان من ملوك الإسلام، والملوك في أعمالهم لا يخلون عن المطاعن، فكيف يتمشى هذا التأويل عند الناصب ومن وافقه في الاعتراف بما ذكر، وأيضا يلزم أن يكون الأحكام المنوطة على آراء خلفاء الدين خصوصا عند الشافعي معطلة (1) بعد ثلاثمأة إلى زماننا هذا

(هامش)

(1) قال الغزالي في كتاب المقاصد بعد تجويز خلوا الخليفة عن العلم والاكتفاء برجوعه إلى العلماء العمل بقولهم: فإن قيل: إذا تسامحتم بخصلة العلم لزمكم التسامح بخصلة العدالة وغير ذلك من الخصال، قلنا: ليست هذه مسامحة عن الاختيار ولكن الضرورات تبيح المحذورات، فنحن نعلم أن تناول الميتة محذور ولكن الموت أشد منه، فليت شعري من لا يساعد على هذا ويقضي ببطلان الإمامة في عصرنا لفوات شروطها وهو عاجز عن الاستدلال بالمتصدى، بل هو فاقد للمتصف بشروطها، فأي أحواله أحسن أن يقول: القضاة معزولون والولايات باطلة والأنكحة غير منعقدة وجميع تصرفات الولاة في أقطار العالم غير نافذ، وإنما الخلق كلهم مقدمون على الحرام؟ أو أن يقول: الإمامة منعقدة والتصرفات والولايات نافذة بحكم الحال والاضطرار، فهو بين ثلاثة أمور: لما أن يمنع الناس من الأنكحة والتصرفات المنوطة بالقضاة وهو مستحيل ومؤد إلى تعطيل المعاش كلها ويفضي إلى تشتت الآراء ويهلك الجماهير والدهماء وإما أن يقول: إنهم يقدمون على الأنكحة والتصرفات، لكنهم يقدمون على الحرام إلا أنه لا يحكم بفسقهم لضرورة الحال، وإما أن يقول يحكم بانعقاد الإمامة مع فوات شروطها لضرورة الحال، ومعلوم أن البعيد مع الأبعد قريب، وأهون الشرين خير بالاضافة، ويجب على العاقل اختياره، فهذا تحقيق الأمر وغايته، وإنما يثبت بطور الألف في سمعه، فلا يزال النفرة عن نقيضه في طبعه، إذ قطع الضعفاء عن المألوف شديد عجز عنه الأنبياء فكيف غيرهم، انتهى. (ج 30)

ص 481

وما بعده وهو كما ترى، وأما ثالثا، فلأن ما ذكره ثانيا في التأويل مردود بأن عد عبد الله بن الزبير من صلحاء الخلفاء مكابرة صريحة لظهور كونه من رؤساء حرب الجمل، وبقية أهل البغي والمجاهر بعداوة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين وقد قال صاحب الاستيعاب: إنه كانت فيه خلال لا يصلح معها للخلافة، لأنه كان بخيلا ضيق العطن سيئ الخلق حسودا كثير الخلاف، أخرج محمد بن الحنفية ونفي عبد الله بن عباس إلى الطايف، وقال علي بن أبي طالب عليه السلام: ما زال الزبير يعد منا أهل البيت حتى نشأ عبد الله (إنتهى)، ومع ظهور بغيه وفساده لم يلحقه الندامة

(هامش)

وأقول: فيه نظر، أما أولا فلأنا لا نسلم أن هذه المسامحة اضطرارية، لأن الدليل قد دل على وجوب عصمة الإمام والنص عين إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام فيجب القول بوجوب وجود الإمام المستجمع للشرائط في كل زمان ويتحتم أخذ الأحكام المأثورة عنهم عليهم السلام حاضرهم أو غائبهم، بلا واسطة أو بواسطة، أو وسائط بلا اضطرار، وأما ثانيا، فلأنا نقول: أحسن الأقوال غير ما ذكره، وهو ما قاله الإمامية: من أن القضاة هم المجتهدون النائبون عن الإمام المعصوم الغائب في هذا الزمان، وأكثر التصرفات والولايات موكولة إليه لقول الصادق عليه السلام: من نظر في أحكامنا وعرف حلالنا وحرامنا فقد جعلته عليكم حاكما، فلا حاجة إلى تصحيح ولاية الجهال والمتغلبة، وتصرفهم في أقطار العلام وتسمية ذلك اضطرارا، إذ قد عرفت أنه لا اضطرار في الرجوع إليهم مع وجود المجتهدين، نعم يتوجه فسق الذين أخافوا الإمام المعصوم وتركوا نصرته، ففوتوا اللطف على أنفسهم بسوء اختيارهم، وبما قررناه ظهر أنه ليس ههنا شران يكون أحدهما خيرا بالإضافة إلى الآخر، كما ذكره هذا المتسمى بالإمام المتلقب بحجة الإسلام واتضح أن نقيض ما ذكر، مما اتفق الفه به لا يثبت بطول الألف في سمع من لم يكن بمعزل عن السمع، بل يستحيل ألف العاقل بذلك، ولا يزال النفرة عما ذكره ثابتا بجميع الطباع سوى الطبع المألوف، منه نور الله مرقده. (*)

ص 482

عن ذلك أصلا، وكان مصرا على عداوة أهل البيت عليهم السلام حتى ذكر في كتاب كشف الغمة وغيره أنه في أيام خلافته الباطلة كان يخطب ولا يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل له في ذلك فقال: إن له أهيل سوء إذا ذكرته اشرأبوا وشمخوا بأنوفهم، وأيضا يلزم خلوا الأزمنة الفاصلة بين الخليفتين الصالحين وما بعد تمام الاثني عشر منهم عن الخليفة والإمام. وأما رابعا فلأن ما ذكره من الترديد والجواب عن السؤال الذي أورده على نفسه مردود بأن الخلافة والإمامة رياسة عامة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعليته إنما يكون بالنص والتعيين لا بجريان الحكم وشيوع التصرف في الأمور، ولو كان حقيقة الخليفة ما ذكره لزم أن لا يكون أبو بكر في حال امتناع الأعراب عن أداء الزكاة إليه خليفة، ولو بالنسبة إليهم، ولما كان عثمان في أيام محاصرته في داره خليفة عند أهل السنة ولما كان علي عليه السلام في زمان تقلب الثلاثة خليفة عند الشيعة وليس كذلك، بل الخليفة والإمام المنصوص من عند الله ورسوله أو باختيار بعض الأمة كما ذهب إليه أهل السنة، خليفة وإمام بالفعل وإن لم يكن متصرفا في الأمور، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شأن السبطين سلام الله عليهما: ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا، قال صاحب كشف الغمة رحمه الله: ولا يقدح في مرادنا كونهم عليهم السلام منعوا الخلافة والمنصب الذين اختارهم الله تعالى له واستبد غيرهم به، إذ لم يقدح في نبوة الأنبياء عليهم السلام تكذيب من كذبهم، ولا وقع الشك فيهم لانحراف من انحرف عنهم، ولا شوه وجوه محاسنهم تقبيح من قبحها، ولا نقص شرفهم خلاف من عاندهم ونصب لهم العداوة وجاهرهم بالعصيان، وقد قال علي عليه السلام: وما على المؤمن من غضاضة في أن يكون مظلوما ما لم يكن شاكا في دينه، ولا مرتابا بيقينه، وقال عمار بن ياسر رضوان الله عليه: والله لو ضربونا حتى يبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل، وهذا واضح لمن تأمله، فظهر أن قول الناصب: قلنا: سلمت

ص 483

أنهم لم يكونوا خلفاء بالفعل بالقوة إلى آخره مغلطة لا يغتر به سوى البله والصبيان، وأما قوله: فما الفائدة في خلافتهم فمدفوع بما ذكره أفضل المحققين قدس سره في التجريد بقوله: ووجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا، يعني أن وجود الإمام لطف سواء تصرف أو لم يتصرف لما نقل عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا يخلوا الأرض عن قائم الله بحجته إما ظاهرا مشهور أو خائفا مضمورا لئلا يبطل حجج الله وبيناته، وتصرفه الظاهر لطف آخر، وإنما عدم من جهة العباد وسوء اختيارهم حيث أخافوه وتركوا نصرته، ففوتوا اللطف على أنفسهم، وبالجملة فعهدة عدم الظهور والنصرة ووبال عدم التصرف في أمور الخلق راجعة إليهم، فإن الحسين عليه الصلاة والسلام كان إمام معصوما ولطفا عظيما من الحق سبحانه إلى الخلق وهم اختاروا النار بإطفاء نوره في هواء يزيد الخمار، كما أن زكريا ويحيى عليهما السلام كانا لطفين من الله تعالى إلى الخلق، واختار الخلق في قتلهم الضلالة على الهدى، والذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين، وكذا الكلام في نوح وغيره من الأنبياء والأئمة عليهم السلام، ولقد ظهر مما قررناه بحمد الله تعالى أن الأحاديث المذكورة نص في الأئمة عليهم السلام، وقد ظهر مما قررناه بحمد الله تعالى أن الأحاديث المذكورة نص في الأئمة (1) الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام، وأن التأويلات التي ارتكبها أهل العناد بعيدة عن الاعتبار غير مناسب بأهل الاستبصار، وأن المنازع في ذلك مكابر عادل عن الصواب غير مستحق للجواب، وأما خامسا، فلأن ما ذكره من الآيات والأحاديث التي ذكرها

(هامش)

(1) وأيضا الأحاديث من طرقنا مصرحة بذكر سوامى أسامي الأئمة الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام كما فصل في كتاب عيون أخبار الرضا وغيره، والظاهر أن البخاري وأضرابه من محدثي أهل السنة اختصروا كما هو دأبهم في أمثال هذا المقام تلك الأسامي السوام فلا وجه لتكلف إدخال من علم خروجه بديهة في الأحاديث المذكورة، منه نور الله مرقده. (*)

ص 484

المصنف وأراد بها الاستدلال على وجود النص بالخلافة لم يكن بينها وبين المدعى نسبة أصلا إلى آخره مردود بما مر مرارا من أن المدعى لم يكن منحصرا في النص على الخلافة كما توهمه الناصب وبنى عليه في مراتب الكلام بل هي أعم من ذلك ومن النص على العصمة والأفضلية واستجماع فضايل لا يتحقق مجموعها في غير علي عليه السلام، وقد دلت الآيات والأحاديث المذكورة على تلك المدعيات على سبيل التوزيع كما بيناها في مواضعها، فحكمه بعدم النسبة والمناسبة إنما نشأ من عدم مناسبته لفهم مقاصد المصنف أو تجاهله عن ذلك ترويجا على العوام وتمويها على أصحابه من البهائم والهوام. تتمة متن الاحقاق في هذا المجلد

ص 485

النوع الثاني من الملحقات الاحقاق

قد فرغنا في (ص 388) من هذا المجلد من النوع الأول من ملحقات كتاب إحقاق الحق، التي أردنا فيها استقصاء الأحاديث النبوية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من طرق العامة في مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بقدر ما وسعنا المجال ولو نورد شيئا من متن الكتاب الذي تصدى فيه المصنف (قده) لسرد جملة يسيرة من تلك الأحاديث حذرا من تفرقه في زواياها بحيث يصعب على القاري جمعها، بل أوردنا جميع ما يرجع إليه من الكتاب بعد الفراغ عنها كلها وبينا موضع مدارك كل حديث مذكور فيه فيما قدمناه تحت الخط. ولما أراد مصنف متن الاحقاق (قده) الشروع في سرد جملة من خصاله ومكارمه الجميلة التي حوت عليها كتب القوم غير النبويات التي تقدم في (النوع الأول) شمرنا ذيل الاجتهاد لاستقصائها عن كتبهم استدراكا لهذه الفائدة العظيمة التي تصغر عندها الفوائد ويزيد قدرها على كل عائد ونحيل إيراد متن الاحقاق مما يرجع إليها على الفراغ من ذلك كله. ونعتذر القراء الكرام من هذا الفصل الطويل لما رأيناه أولى من تشتت المتن في تضاعيف ما أردنا الحاقة واختبائه فيها بما يوجب صعوبة ضم بعضها ببعض ومنه تعالى نستعين وعليه التكلان. ويشتمل هذا النوع على مقاصد

ص 486

 

المقصد الأول في نبذة مما يرجع إلى ميلاده

 

 

في أن ميلاد علي عليه السلام كان في الكعبة

 

ونروي في ذلك أحاديث

الحديث الأول ما رواه جماعة من أعلام القوم:

منهم الفقيه أبو الحسن المعروف بابن المغازلي الواسطي في (مناقب أمير المؤمنين) (مخطوط) قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن البيع، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن عبد الله بن خالد الكاتب، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد بن مسلم الختلي العلوي، قال: حدثني عمر بن أحمد بن روح الساجي، حدثني أبو طاهر يحيى بن الحسن العلوي، قال: حدثني محمد بن سعيد الدارمي، حدثني موسى بن جفر عن أبيه عن محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين، قال: كنت جالسا مع أبي ونحن زائري قبر جدنا صلى الله عليه وآله وسلم، وهناك نسوة كثيرة إذ أقبلت امرأة منهن، فقلت لها: من أنت رحمك الله؟ فقالت: أنا زبدة بنت قرسة بن العجلان من بني ساعدة، فقلت لها: فهل عندك شيء تحدثينا، فقالت: إي والله حدثتني أم عمارة بنت محارة بن نضلة بن مالك بن العجلان الساعدي: إنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيبا حزينا، فقلت له: ما شأنك أبا طالب، فقال: إن فاطمة بنت أسد

ص 487

في شدة المخاض، ثم وضع يده على وجهه فبينا هو كذلك إذا أقبل محمد، فقال: ما شأنك يا عم، فقال: إن فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض، فأخذ بيدها وقمن معه فجاء بها إلى الكعبة فأجلسها في الكعبة، ثم قال: اجلسي على اسم الله، قالت: فطلقت طلقة فولدت غلاما مسرورا نظيفا منظفا لم أر كحسن وجه، فسماه أبو طالب عليا، وحمله النبي حتى أداه إلى منزلها، قال علي بن الحسين عليه السلام: فوالله ما سمعت بشيء قط إلا وهذا أحسن منه. ومنهم العلامة المحدث ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 12 ط الغري) قال: ومن كتاب لأبي العالي الفقيه المالكي، روى خبرا يرفعه إلى علي بن الحسين رضي الله عنهما: أنه قال: كنا عند الحسين رضي الله عنه في بعض الأيام وإذا بنسوة مجتمعات، فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (مناقب ابن المغازلي) لكنه أسقط قوله فبينا هو كذلك إذ أقبل محمد، إلى قوله: تشتكي المخاض. وزاد بعد قوله فسماه أبو طالب عليا: وقال شعرا. سميته بعلي كي يدوم له * عز العلوا وفخر العز أدومه وجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحمله إلى منزل أخته - قال علي بن الحسين فوالله ما سمعت بشيء حسن قط إلا وهذا من أحسنه، ومنهم الحافظ أبو عبد الله البلخي في (كتابه) (على ما فيه تلخيصه ص 11 ط الحيدري بمبئي) روى الحديث نقلا عن مناقب ابن المغازلي بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 388 ط لاهور): روى الحديث بعين ما تقدم عن (مناقب ابن المغازلي).

ص 488

الحديث الثاني ما رواه القوم:

منهم الحافظ الگنجي الشافعي في (كفاية الطالب) (ص 260 طبع الغري قال: أخبرنا الشيخ المقري أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي في مسجده بمدينة الموصل ومولده سنة 554، قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد ابن الحسن العطار الهمداني إجازة عامة إن لم تكن خاصة، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا الحجاج بن المنهال عن الحسن ابن مروان بن عمران الغنوي عن شاذان بن العلاء، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد عن مسلم بن خالد المكي المعروف بالزنجي عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ميلاد علي بن أبي طالب، فقال: لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه السم، إن الله تبارك وتعالى خلق عليا من نوري وخلقني من نوره وكلانا من نور واحد، ثم إن الله عز وجل نقلنا من صلب آدم عليه السلام في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكية فما نقلت من صلب إلا ونقل علي معي فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم وهي آمنة، واستودع عليا خير رحم وهي فاطمة بنت أسد وكان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم بن دعيب بن الشقبان قد عبد الله تعالى مأتين وسبعين سنة لم يسأل الله حاجة فبعث الله إليه أبا طالب، فلما أبصره المبرم قام إليه، وقبل رأسه وأجلس بين يديه، ثم قال له: من أنت؟ فقال: رجل من تهامة، فقال: من أي تهامة؟ فقال؟ من بني هاشم، فوثب العابد فقبل رأسه ثانية، ثم قال: يا هذا إن العلي الأعلى ألهمني إلهاما، قال أبو طالب: وما هو؟ قال: ولد يولد من ظهرك وهو ولي الله عز وجل فلما كانت الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض

ص 489

فخرج أبو طالب، وهو يقول: أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله عز وجل فلما أصبح دخل الكعبة، وهو يقول:

يا رب هذا الغسق الدجي * والقمر المبتلج المضي

بين لنا من أمرك الخفي * ماذا ترى في اسم ذا الصبي

قال: فسمع صوت هاتف يقول:

يا أهل بيت المصطفى النبي * خصصتم بالوالد الزكي

إن اسمه من شامخ العلي * علي اشتق من العلي

الحديث الثالث ما رواه القوم:

منهم الحاكم أبو عبد الله النيشابوري الشافعي في (المستدرك) (ج 3 ص طبع حيدر آباد الدكن) قال: تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد، ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة. ومنهم الحافظ محمد بن علي القفال الشافعي في (فضائل أمير المؤمنين) (مخطوط) قال: روى أنه لما ضربها (أي فاطمة بنت أسد) المخاض اشتد وجعها فأدخلها أو طالب الكعبة بعد العتمة فولدت فيها عليا، وقيل: لم يولد في الكعبة إلا علي. ومنهم العلامة الشهير بابن الصباغ في (الفصول المهمة) (ص 12 ط الغري) قال: ولد علي عليه السلام بمكة المشرفة بداخل البيت الحرام، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه، وهي فضيلة، خصه الله تعالى بها إجلالا له، واعلاء لمرتبته، وإظهارا

ص 490

لتكرمته، وكان علي هاشميا من هاشميين وأول من ولده هاشم مرتين. ومنهم العلامة الصفوري في (نزهة المجالس) (ج 2 ص 204 ط القاهرة) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة). ومنهم العلامة السكتواري البسنوي الحنفي في (محاصرة الأوائل) (ص 79 طبع الاستانة) قال: أول من لقب في صباه باسم الأسد في الإسلام من الصحب الكرام وهو الحيدر من أسماء الأسد سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أبو أمه غائبا حين ولدته داخل الكعبة وهي فاطمة بنت أسد لقبته أمه تفاؤلا باسم أبيه. ومنهم العلامة البدخشي في (مفتاح النجا) (ص 20 مخطوط) قال: ثم إنه لم يولد في بيت الحرام أحد سواه قبله ولا بعده وهي فضيلة خصه الله بها. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 388 ط لاهور) قال: ولد علي بالكعبة وكان مولوده قبل أن يزوج رسول الله خديجة بثلاث سنين.

إن عليا عليه السلام ارتزق من لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم السيد أحمد زيني دحلان في (السيرة النبوية) (المطبوع بهامش السيرة الحلبية ج 1 ص 176 ط مصر) قال: فعن فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنها أنها قالت: لما ولدته سماه صلى الله عليه وآله وسلم عليا وبصق في فيه، ثم إنه ألقمه لسانه فما زال يمصح حتى نام، قالت: فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد، فدعونا له محمد فألقمه لسانه فنام، فكان كذلك ما شاء الله تعالى.

ص 491

ومنهم العلامة الشيخ علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي في (انسان العيون الشهير بالسيرة الحلبية (ج 1 ص 268 طبع مصر) قال: وقال أيضا: وفي خصائص العشرة للزمخشري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تصدى لتسميته بعلي وتغذيته أياما من ريقه المبارك يمصه لسانه -.

إن تسمية علي عليه السلام كان من عند الله

رواه القوم: منهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 255 ط اسلامبول) قال: عن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: لما ولدت فاطمة بنت أسد عليا سمته باسم أبيه أسد ولم يرض أبو طالب بهذا الاسم، فقال: هلم حتى نعلو أبا قبيس ليلا وندعو خالق الخضراء، فلعله أن ينبئنا في اسمه فلما أمسيا خرجا وصعدا أبا قبيس، وداعيا الله تعالى فأنشأ أبو طالب شعرا:

يا رب هذا الغسق الدجى * والفلق المبتلج المضي

بين لنا عن أمرك المقضي * ماذا ترى في اسم ذا الصبي

فإذا خشخشة من السماء فرفع أبو طالب طرفه، فإذا لوح مثل زبرجد أخضر فيه أربعة أسطر، فأخذه بكلتا يديه وضمه إلى صدره ضما شديدا فإذا مكتوب: خصصتما بالولد الزكي * والطاهر المنتجب الرضي

واسمه من قاهر العلي * علي اشتق من العلي

فسر أبو طالب سرورا عظيما، وخر ساجدا لله تبارك وتعالى، وعق بعشرة من الإبل، وكان اللوح معلقا في بيت الحرام يفتخر به بنو هاشم على قريش، حتى غاب زمان قتال الحجاج ابن الزبير.

ص 492

 

المقصد الثاني في إسلامه عليه السلام

 

 

وفيه فصول:

الفصل الأول في أن عليا عليه السلام أول من أسلم

قد تقدم في الأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تصريحه في مواضع كثيرة بأن عليا عليه السلام أول من أسلم وقد نقلنا عدة منها في المجلد الرابع (ص 29 و31 و34 و105 و106 و151، إلى ص 156 و159 و164 و233 و234 و331 و339 و346 و347 و359 و360 و361 و386) ونخص بالذكر في هذا الفصل غيرها من الآثار المروية في إسلامه المضبوطة في كتب القوم ويشتمل على أحاديث (1)

الأول ما روي عن زيد بن أرقم

رواه جماعة من أعلام القوم:

(هامش)

(1) قال العلامة ابن عبد البر في (الاستيعاب) (ج 2 ص 457 ط حيدر آباد الدكن) اتفقوا على أن خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدقه فيما جاء به ثم علي بعدها وقال: في المواهب اللدنية (ج 1 ص 243 ط مصر) قال: وحكى ابن عبد البر الاتفاق عليه. (*)

ص 493

منهم المؤرخ الشهير محمد بن سعد في (الطبقات الكبرى) (ج 3 ص 21 ط دار الصادر بمصر) قال: أخبرنا وكيع بن الجراج ويزيد بن هارون وعفان بن مسلم عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الأنصار عن زيد بن أرقم قال: أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي قال عفان بن مسلم: أول من صلى. ومنهم الحافظ أحمد بن حنبل في (المسند) (ج 4 ص 368 ط الميمنية بمصر) حيث قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي، ثنا وكيع، ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الأنصار عن زيد بن أرقم قال: أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي رضي الله تعالى عنه. ومنهم الحافظ الترمذي في صحيحه (ج 13 ص 177 ط الصاوي بمصر) قال: حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (الطبقات الكبرى) سندا ومتنا. ومنهم العلامة النسائي في (الخصائص) (ص 2 ط التقدم بمصر) قال: أخبرنا محمد بن المثنى قال: أخبرنا محمد بن جعفر عن غندر قال: حدثنا شعبة. فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (الطبقات الكبرى) سندا ومتنا. ومنهم العلامة المحدث محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي المتوفى سنة 483 في في (السير الكبير) (ج 1 ص 135 ط حيدر آباد الدكن) قال: ولا خلاف في أن عليا عليه السلام أسلم في أول مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومنهم الحاكم أبو عبد الله النيشابوري في (المستدرك) (ج 3 ص 136 ط حيدر آباد الدكن) قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة. فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (الطبقات الكبرى)

ص 494

سندا ومتنا -. ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) (ص 58 ط مكتبة القدسي بمصر) قال: كان أولى من أسلم علي بن أبي طالب. ومنهم العلامة مجد الدين ابن الأثير في (جامع الأصول) (ج 9 ص 468 ط مصر) روى الحديث نقلا عن (صحيح الترمذي) بعين ما تقدم عنه بلا واسطة. ومنهم العلامة مجد الدين ابن الأثير الجزري في (أسد الغابة) (ج 4 ص 17 ط مصر سنة 1285) قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشار وابن مثنى، حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (الطبقات الكبرى) سندا ومتنا -، ومنهم العلامة ابن كثير الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 3 ص 26 ط السعادة بمصر) روى الحديث بعين ما تقدم عن (المسند) سندا ومتنا. ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (الرياض النضرة) (ج 2 ص 157 ط محمد أمين الخانجي بمصر) روى الحديث من طريق الترمذي وأحمد عن زيد بن أرقم بعين ما تقدم عنه في (ذخائر العقبى). ومنهم العلامة الذهبي في (تلخيص المستدرك) (المطبوع بذيل المستدرك ج 3 ص 136 ط حيدر آباد الدكن): روى الحديث بعين ما تقدم عن (المستدرك) بتلخيص السند.

ص 495

ومنهم الحافظ ابن عبد البر في (الاستيعاب) (ج 2 ص 459 ط حيدر آباد الدكن) قال: وقال زيد بن أرقم: أول من آمن بالله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب (وروى) حديث زيد بن أرقم من وجوه ذكره النسائي وأسد بن موسى وغيرهما. ومنهم العلامة الشيباني القفطي في (إنباه الرواة على أبناء النحاة) (ج 1 ص 11 ط القاهرة): روى الحديث بعين ما تقدم عن (المسند). ومنهم العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي في (ذخائر المواريث) (ج 1 ص 213) روى الحديث من طريق الترمذي عن محمد بن بشار ومحمد بن المثنى بعين ما تقدم عن (صحيحه). ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 202 ط اسلامبول) قال: عن زيد بن أرقم قال: كان أول من أسلم علي بن أبي طالب. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 390 ط لاهور) روى الحديث من طريق أحمد والترمذي عن زيد بن أرقم بعين ما تقدم عنهما.

الثاني ما روي عن حبة العرني

رواه جماعة من أعلام القوم منهم العلامة أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي في (المسند) (ص 37 ط القاهرة):

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج7)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب