الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج8)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 551

وما قاتل علي أصحاب الجمل وأهل صفين ليسلموا وإنما قاتلهم لبغيهم عليه، لذلك قال لأصحابه: لا تبدؤهم بقتال حتى يبدؤكم، ونهى عن اتباع من أدبر منهم وعن أن يذفف على جريح منهم. ومنهم الحافظ الشيخ أبو محمد علي بن محمد بن حزم الأندلسي الظاهري المتوفى سنة 456 في (المحلى) (ح 11 ص 101 ط القاهرة) قال: وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريح قال: أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال علي بن أبي طالب: لا يذفف على جريح ولا يقتل أسير ولا يتبع مدبر، وكان لا يأخذ مالا لمقتول يقول: من اعترف شيئا فليأخذه. ومن طريق عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن جويبر قال: أخبرتني امرأة من بني أسد قالت: سمعت عمارا بعد ما فرغ علي من أصحاب الجمل ينادي: لا تقتلن مدبرا ولا مقيلا، ولا تذففوا على جريح ولا تدخلوا دارا ومن ألقى السلاح فهو آمن كالمأسور قد قدرنا أن نصلح بينه وبين المبغي عليه بالعدل وهو أن نمنعه من البغي بأن نمسكه ولا ندعه يقاتل وكذلك الجريح إذا قدرنا عليه. ومنهم العلامة البيهقي في (السنن الكبرى) (ح 8 ص 181 ط حيدر آباد) قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمان بن عبيد الله بن عبد الله الحرني، ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا زيد بن الحباب حدثني جعفر بن إبراهيم من ولد عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، حدثني محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أن عليا رضي الله عنه لم يقاتل أهل الجمل حتى دعا الناس ثلاثا حتى إذا كان اليوم الثالث دخل عليه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم فقالوا: قد أكثروا فينا الجراح فقال: يا ابن أخي والله ما جهلت شيئا من أمرهم إلا ما كانوا

ص 552

فيه وقال: صب لي ماء فصب له ماء فتوضأ به، ثم صلى ركعتين حتى إذا فرغ رفع يديه ودعا ربه وقال لهم: إن ظهرتم على القوم فلا تطلبوا مدبرا ولا تجيزوا على جريح، وانظر ما حضرت به الحرب من آنية فاقبضوه، وما كان سوى ذلك فهو لورثته. وقال: قال الداروردي: أخبرنا جعفر عن أبيه أن عليا أن عليا رضي الله عنه كان لا يأخذ سلبا وأنه كان يباشر القتال بنفسه وأنه كان لا يذفف على جريح ولا يقتل مدبرا. ومنهم العلامة الشهير بابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 1 ص 7 ط القاهرة) قال وحاربه أهل البصرة، وضربوا وجهه، ووجوه أولاده بالسيف، وسبوه، ولعنوه، فلما ظفر بهم رفع السيف عنهم ونادى مناديه في أقطار العسكر، ألا يتبع مول، ولا يجهز على جريح، ولا يقتل مستأسر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن تحيز إلى عسكر الإمام فهو آمن، ولم يأخذ أثقالهم، ولا سبي ذراريهم، ولا غنم شيئا من أموالهم، ولو شاء أن يفعل كل ذلك لفعل، ولكنه أبي إلا الصفح والعفو وتقبل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة فإنه عفا (عفى)، والأحقاد لم تبرد، والإسائة لم تنس. وفي (ج 2 ص 578، الطبع المذكور) قال: كان علي عليه السلام لا يستعمل في حربه إلا ما وافق الكتاب والسنة، وكان معاوية يستعمل خلاف الكتاب والسنة كما يستعمل الكتاب والسنة ويستعمل جميع المكايد حلالها وحرامها ويسير في الحرب بسيرة ملك الهند إذا لاقى كسرى وخاقان إذا لاقى وتبيل، وعلي عليه السلام يقول: لا تبدئهم (ؤهم) بالقتال حتى يبدؤكم ولا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تفتحوا بابا مغلقا.

ص 553

ومنهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) المطبوع بهامش المسند (ج 5 ص 445 ط الميمنية بمصر) روى الحديث عن جعفر عن أبيه بعين ما تقدم عن (الخراج). ثم روى الحديث من طريق البيهقي بعين ما تقدم عنه في (السنن) ثانيا. ومنهم العلامة السيد شريف البرزنجي في (الإشاعة في أشراط الساعة) (ص 15 ط مصر) روى الحديث بعين ما تقدم عن (السنن) ثانيا. ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 149 ط اسلامبول) قال: ولما ظفر بأهل البصرة رفع السيف عنهم ونادي مناديه لا يتبع مولى ولا يقتل جريحا ولا أسيرا، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن تحيز إلى عسكر الإمام فهو آمن، ولم يأخذ أموالهم، ولا يسبي ذراريهم. ومنهم العلامة ابن منظور المصري في (لسان العرب) (في مادة ذفف ص 432) قال: علي عليه السلام - أمر يوم الجمل فنودي: لا يتبع مدبر، ولا يذفف على جريح ولا يقتل أسير، ولا يغنم لهم مال، ولا تسبي لهم ذرية ومنهم العلامة مجد الدين عبد الله بن محمود الموصلي الحنفي في (الاختيار) (ج 4 ص 152 ط مصطفى الحلبي بالقاهرة) قال: وهكذا فعل علي رضي الله عنه بأهل البصرة، وقال: لا يغنم لهم مال ولا تسبي لهم ذرية. وقال يوم الجمل: لا تتبعوا مدبرا، ولا تقتلوا أسير، ولا تذففوا على جريح أي لا يتم قتله، ولا يكشف ستر، ولا يؤخذ مال، وهو القدوة في الباب.

ص 554

الرابع والعشرون ما رواه القوم:

منهم الحافظ البيهقي في (السنن الكبرى) (ج 8 ص 180 ط حيدر آباد الدكن) قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، ثنا يحيى بن جعفر، ثنا وهب بن جرير، ثنا جويرية بن أسما، قال: أراه عن يحيى بن سعيد قال: حدثني عمي أو عم لي قال: لما تواقفنا يوم الجمل وقد كان علي رضي الله عنه حين صفنا نادى في الناس: لا يرمين رجل بسهم، ولا يطعن برمح، ولا يضرب بسيف، ولا تبدوا القوم بالقتال، وكلموهم بألطف الكلام وأظنه قال: فإن هذا مقام من فلج فيه فلج (1) يوم القيامة. ومنهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) المطبوع بهامش المسند (ج 5 ص 445 ط الميمنة بمصر) روى الحديث عن يحيى بن سعيد عن عمه بعين ما تقدم عن (السنن).

الخامس والعشرون ما رواه القوم:

منهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) (المطبوع بهامش المسند ج 5 ص 449 ط الميمنية بمصر) قال: عن يزيد بن بلال قال: شهدت مع علي صفين فكان إذا أتي بالأسير قال: لن أقتلك صبرا إني أخاف الله رب العالمين وكان يأخذ سلاحه ويحلفه لا يقاتله ويعطيه أربعة دراهم (ش).

(هامش)

(1) في نسخة (منتخب كنز العمال): من أفلح فيه أفلح يوم القيامة. (*)

ص 555

السادس والعشرون ما رواه القوم:

منهم العلامة القاضي أبو يوسف في (الخراج) (ص 149 ط السلفية بمصر) قال: قال: ولم تزل الخلفاء يا أمير المؤمنين تجري على أهل السجون ما يقوتهم في طعامهم وأدمهم، وكسوتهم الشتاء والصيف، وأول من فعل ذلك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بالعراق، ثم فعله معاوية بالشام، ثم فعل ذلك الخلفاء من بعده.

السابع والعشرون ما رواه القوم من أنه أول من أخرج الأسراء من الآبار وبنى لهم بيوتا يحفظون فيه.

منهم الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمان الشافعي السيوطي في (الوسائل) (ص 55 ط القاهرة) قال: أول من بنى السجن علي الإسلام علي بن أبي طالب وكان الخلفاء قبله يحبسون في الآبار رأيته في الشواهد الكبرى للعيني وفي (ص 98، الطبع المذكور) أول من اتخذ بيتا يطرح الناس فيه القصص ومنهم العلامة المنشي النسابة الشيخ أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد القلقشندي المتوفى سنة 821 في كتابه (صبح الأعشى) (ج 1 ص 414 ط القاهرة) قال:

ص 556

أول من اتخذ بيتا ترمى فيه قصص أهل الظلامات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ومنهم العلامة الشيخ علي ددة السكتواري البسنوي الحنفي المتوفى سنة 1007 في (محاضرة الأوائل (ص 108 ط الاستانة) ذكر ما تقدم أولا عن (الوسائل) بعينه. وفي (ص 98) ذكر ما تقدم عنه ثانيا بعينه.

الثامن والعشرون ما رواه القوم:

منهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) (المطبوع بهامش المسند ج 5 ص 445 ط الميمنية بمصر) قال: عن عمر بن خالد بن غلاب قال: قدمت الكوفة فصادفت وقعة الجمل، فسمعت يوما من أهل الكوفة يقولون: الآن أمير المؤمنين يقسم فينا نسائهم وأتيت الأحنف فقلت: يا عم إني سمعت كذا وكذا فقال: إمض بنا إلى أمير المؤمنين، فدخلنا على علي بن أبي طالب فقال: إن ابن أخي أخبرني بكذا وكذا فقال: معاذ الله يا أحنف ثم قال: من قال هذا؟ قال: عمر بن خالد قال: ابن غلاب؟ قال: نعم، قال: أشهد أني رأيت أباه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الفتن فقال: يا رسول الله ادع الله أن يكفيني الفتن قال: اللهم أكفه الفتن ما ظهر منها وبطن وقيل في ذلك:

كفى الدنيا بدعوة أحمد * ففاز بها في الناس ما ناله خسر

ظواهرها جمعا وباطنها معا * فصح له في أمره السر والجهر

رواه علي المرتضى عن محمد * ففي مثل هذا قد يطيب به النشر

ص 557

أبو نعيم وقال: هذا الحديث عزيز.

التاسع والعشرون ما رواه القوم:

منهم العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) (ج 1 ص 181 ط القاهرة) قال: روى بكر بن عيسى عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه قال: شهدت عليا عليه السلام وقد جاه مال من الجبل فقام وقمنا معه وجاء الناس يزدحمون فأخذ حبالا فوصلها بيد وعقد بعضها إلى بعض ثم أدارها حول المال وقال: لا أحل لأحد أن يجاوز هذا الحبل قال: فقعد الناس كلهم من وراء الحبل ودخل هو فقال: أين رؤوس الأسباع وكانت الكوفة يومئذ أسباعا فجعلوا يحملون هذه الجوالق إلى هذه الجوالق، وهذا إلى هذا حتى استوت القسمة سبعة أجزاء ووجد مع المتاع رغيف، فقال: اكسروه سبع كسر وضعوا على كل جز كسرة ثم قال: هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده إلى فيه ثم أقرع عليها ودفعها إلى رؤوس الأسباع فجعل كل رجل منهم يدعو قومه فيحملون الجواليق.

متمم الثلاثين ما رواه القوم:

منهم الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (ج 3 ص 92 ط مصر) قال: عن عبد المجيد بن سهيل، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال:

ص 558

استعملني عثمان على الحج، ثم قدمت فقد بويع لعلي، فقال لي: سر إلى الشام فقد وليتكها. قلت: ما هذا برأي معاوية أموي هو ابن عم عثمان وعامله على الشام، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني، قال: علي: ولم؟ قلت: لقرابة ما بيني وبينك، وأن كل من حمل عليك حمل علي. ولكن اكتب إليه فمنه وعده، فأبى علي وقال: لا والله، لا كان هذا أبدا.

الحادي والثلاثون ما رواه القوم:

منهم علامة التاريخ أبو حاتم السجستاني المتوفى سنة 250 أو 254 في (المعمرون والوصايا) (154 ط دار الاحياء لعيسى الحلبي) قال: وحدثنا عن أبي نعيم عن إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر قال: سمعت عبد الملك بن عمير قال: حدثني رجل من ثقيف قال: استعملني علي بن أبي طالب رضي الله عنه على عكبرا، ولم يكن السواد يسكنه المصلون، فقال لي بين أيديهم: استوف خراجهم منهم فلا يجدوا فيك ضعفا ولا رخصة، ثم قال لي: رح إلى عند الظهر (إلى أن قال) قال عليه السلام: وإني قلت لك بين أيديهم الذي قلت لك لأنهم قوم خدع، وأنا آمرك الآن بما تأخذهم به إن أنت فعلت، وإلا أخذك الله به دوني، وإن بلغني عنك خلاف ما آمرك به عزلتك: لا تبغين لهم رزقا يأكلونه، ولا كسوة شتا ولا صيف، ولا تضربن رجلا منهم سوطا في طلب درهم، فإنا لم نؤمر بذلك ولا تبيعن لهم دابة يعملون عليها، إنا أمرنا أن نأخذ منهم العفو. قال: إذا أجيئك كما ذهبت. قال: وإن فعلت. قال: فذهبت، فتتبعت ما أمرني به، فرجعت، ووالله ما بقي درهم واحد إلا وفيته.

ص 559

الثاني والثلاثون ما رواه القوم:

منهم العلامة البيهقي في (السنن الكبرى) (ج 8 ص 183 ط حيدر آباد) قال: (أخبرنا) أبو سعيد الصيرفي، أنبأ أبو عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن محمد البرقي ثنا أبو الوليد، ثنا يعلى بن الحارث عن جامع بن شداد عن عبد الله ابن قتادة رجل من الحي قال: كنت في الخيل يوم النهروان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلما أن فرغ منهم وقتلهم لم يقطع رأسا ولم يكشف عورة. ومنهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (كنز العمال) (ج 11 ص 312 ط حيدر آباد) روى الحديث عن عبد الله بن قتادة بعين ما تقدم عن (السنن الكبرى).

الثالث والثلاثون ما رواه القوم:

منهم العلامة المولى الشيخ علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) المطبوع بهامش المسند (ج 5 ص 446 ط الميمنية بمصر) قال: عن حميد بن مالك قال: سمعت عمار بن ياسر سأل عليا عن سبي الذرية فقال: ليس عليهم سبي إنما قاتلنا من قاتلنا قال: لو قلت غير ذلك لخالفتك (هق).

الرابع والثلاثون ما رواه القوم:

منهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) المطبوع

ص 560

بهامش المسند (ج 5 ص 445 ط الميمنية بمصر) قال: عن أبي البختري قال: لما انهزم أهل الجمل قال علي: لا يطلبن عبد خارجا من العسكر وما من دابة أو سلاح فهو لكم وليس لكم أم ولد والمواريث على فريضة الله وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا قالوا: يا أمير المؤمنين تحل لنا دمائهم ولا تحل لنا نسائهم فقال: كذلك المسيرة في أهل القبلة فخاصموه قال: فهاتوا سهامكم وأقرعوا على عائشة فهي رأس الأمر وقائدهم قال فعرفوا وقالوا: نستغفر الله فخصمهم علي (ش).

الخامس والثلاثون ما رواه جماعة من أعلام القوم:

منهم العلامة ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 1 ص 182) قال: روى علي بن يوسف المدائني أن طائفة من أصحاب علي عليه السلام مشوا إليه فقالوا: يا أمير المؤمنين أعط هذه الأموال وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم واستمل من تخاف خلافه من الناس وفراره وإنما قالوا له ذلك لما كان معاوية يصنع في المال فقال لهم: أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور لا والله لا أفعل ما طلعت شمس وما لاح في السماء نجم والله لو كان المال لي لواسيت بينهم فكيف وإنما هي أموالهم، ثم سكت طويلا واجما ثم قال: الأمر أسرع من ذلك قالها ثلاثا. وفي (ج 1 ص 182، الطبع المذكور) قال: روى علي بن محمد بن أبي يوسف المدائني عن فضيل بن الجعد قال: آكد الأسباب في تقاعد العرب عن أمير المؤمنين عليه السلام أمر المال فإنه لم يكن يفضل شريفا على مشروف ولا عربيا على عجمي ولا يصانع الرؤساء وأمراء القبائل

ص 561

كما يصنع الملوك ولا يستميل أحدا إلى نفسه وكان معاوية بخلاف ذلك فترك الناس عليا والتحقوا بمعاوية، فشكى علي عليه السلام إلى الأشتر تخاذل أصحابه وفرار بعضهم إلى معاوية فقال الأشتر: يا أمير المؤمنين إنا قاتلنا أهل البصرة بأهل البصرة وأهل الكوفة ورأي الناس واحد، وقد اختلفوا بعد وتعادوا وضعفت النية وقال العدد وأنت تأخذهم بالعدل وتعمل فيهم بالحق وتنصف الوضيع من الشريف فليس للشريف عندك فضل منزلة على الوضيع فضجت طائفة ممن معك من الحق إذ عموا به واغتموا من العدل إذ صاروا فيه، ورأوا صنائع معاوية عند أهل الغنا والشريف فتاقت أنفس الناس إلى الدنيا وقل من ليس للدنيا بصاحب وأكثرهم يجتوي الحق ويشتري الباطل ويؤثر الدنيا، فإن تبذل المال يا أمير المؤمنين يميل أعناق الرجال وتصفو نصيحتهم لك ويستخلص ودهم صنع الله لك يا أمير المؤمنين وكبت أعدائك وفض جمعهم وأوهن كيدهم وشتت أمورهم إنه بما يعملون خبير، فقال علي عليه السلام: أما ما ذكرت من عملنا وسيرتنا بالعدل فإن الله عز وجل يقول: (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد) وأنا من أن أكون مقصرا فيما ذكرت أخوف، وأما ما ذكرت من أن الحق ثقل عليهم ففارقونا لذلك فقد علم الله أنهم لم يفارقونا من جور ولا لجؤوا إذ فارقونا إلى عدل، ولم يلتمسوا إلا دنيا زائلة كان قد فارقوها وليسئلن يوم القيامة أللدنيا أرادوا أم لله عملوا، وأما ما ذكرت من بذل الأموال واصطناع الرجال فإنه لا يسعنا أن نؤتي أمرا من الفئ أكثر من حقه وقد قال الله سبحانه وتعالى وقوله الحق (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وحده، فكثره بعد القلة، وأعز فئته بعد الذلة، وإن يرد الله أن يولينا هذا الأمر يذلل لنا صعبه ويسهل لنا حزنه وأنا قابل من رأيك ما كان الله عز وجل رضا، وأنت من آمن الناس عندي وأنصحهم لي وأوثقهم في نفسي إن شاء الله.

ص 562

السادس والثلاثون ما رواه القوم:

منهم العلامة أحمد بن أبي طاهر البغدادي المتوفى سنة 280 في (بلاغات النساء) (ص 30 ط الحيدرية بمصر) قال: (كلام سودة بنت عمارة) قال أبو موسى عيسى بن: مهران، حدثني محمد بن عبيد الله الخزاعي يذكره عن الشعبي، ورواه العباس بن بكار عن محمد بن عبيد الله قال: استأذنت سودة بنت عمارة بن الإسك الهمدانية على معاوية بن أبي سفيان فأذن لها إلى أن قال: فأطرقت تبكي ثم أنشأت تقول: (صلى الإله على جسم تضمنه * قبر فأصبح فيه العدل مدفونا) (قد حالف الحق لا يبغي به بدلا * فصار بالحق والإيمان مقرونا) قال لها: ومن ذلك؟ قال: علي بن أبي طالب عليه السلام قال: وما صنع بك حتى صار عندك كذلك؟ قالت: قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا قدم علينا من قبله، فكان بيني وبينه ما بين الغث والسمين، فأتيت عليا عليه السلام لأشكو إليه ما صنع بنا، فوجدته قائما يصلي فلما نظر إلي انفتل من صلاته، ثم قال لي برأفة وتعطف: ألك حاجة، فأخبرته الخبر، فبكى ثم قال: اللهم إنك أنت الشاهد علي وعليهم أني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك، ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجواب، فكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحمن (قد جائتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ) إذا قرت كتابي فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام، فأخذته منه والله ما ختمه بطين ولا خزمه بخزام فقرته، فقال لها معاوية:

ص 563

لقد لمظكم ابن أبي طالب الجرئة على السلطان فبطيا ما تفطمون، ثم قال: اكتبوا لها برد مالها والعدل عليها، قالت: ألي خاص أم لقومي عام، قال: ما أنت وقومك، قال: هي والله إذن الفحشاء واللوم إن لم يكن عدلا شاملا، وإلا فأنا كسائر قومي، اكتبوا لها ولقومها.

السابع والثلاثون ما رواه القوم:

منهم العلامة الشيخ عبيد الله الحنفي الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 151 ط لاهور) قال: عن أبي المطر البصري، أنه شهد عليا إلى أصحاب التمر وجارية تبكي عند التمار، فقال: ما شأنك، فقالت: باعني هذا أوقرا بدرهم فرده مولائي فأبى أن يقبله، فقال: يا صاحب التمر، خذ تمرك وأعطها درهما فإنها خادمة وليس لها أمر فدفع عليا فقال المسلمون: تدري من دفعت؟ قال: لا قالوا: أمير المؤمنين فصب تمرها وأعطاها درهما.

الثامن والثلاثون ما رواه القوم:

منهم العلامة الآمرتسري من المعاصرين في (أرجح المطالب) (ص 154 ط لاهور) قال: عن أبي الصهبا، قال: رأيت عليا بشط الكلاء يسأل عن الأسعار - (الرياض النضرة).

ص 564

التاسع والثلاثون ما رواه جماعة من أعلام القوم:

منهم العلامة محب الدين الطبري المتوفى سنة 694 في (الرياض النضرة) (ج 2 ص 236 ط محمد أمين الخانجي بمصر) قال: وعن كريمة بنت همام الطائية قالت: كان علي يقسم فينا الورس بالكوفة، قال فضالة: حملناه علي العدل منه. أخرجه أحمد في (المناقب). ومنهم العلامة المذكور في (ذخائر العقبى) (ص 109 ط مكتبة القدسي بمصر) روى الحديث من طريق أحمد في (المناقب) عن كريمة بعين ما تقدم عن (الرياض النضرة). ومنهم العلامة الامرتسرى في (أرجح المطالب) (ص 159 ط لاهور) روى الحديث من طريق أحمد في (مناقب) عن كريمة بعين ما تقدم عن (الرياض النضرة).

متمم الأربعين ما رواه القوم:

منهم العلامة ابن عبد البر في (الاستيعاب) (ج 2 ص 472 ط حيدر آباد الدكن) حيث قال: قال وأخبرنا محمد بن الصباح، حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمر مولى عفرة عن محمد بن كعب عن عبد الله بن عمر قال: قال عمر لأهل الشورى: لله درهم إن ولوها الأصلع كيف يحملهم على الحق ولو كان السيف على عنقه، فقلت: أتعلم ذلك منه ولا توليه؟! قال: إن لم استخلف فأتركهم فقد تركهم من هو خير مني.

ص 565

ومنهم العلامة الذهبي في (ميزان الاعتدال) (ج 2 ص 264 ط القاهرة) قال: ذكر ما تقدم عن (الاستيعاب) بعينه.

الحادي والأربعون ما رواه القوم:

منهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (كنز العمال) (ج 11 ص 308 ط حيدر آباد) قال: عن كثير بن نمر قال: جاء رجل برجل عليا فقال: إني رأيت هؤلاء يتوعدونك ففروا وأخذت هذا، قال: أفأقتل من لم يقتلني، قال: إنه سبك قال: سبه أو دع (ش)

 

الثاني والأربعون ما روي من وصيته عليه السلام في قاتله ومنعه عن تمثيله وقد روي عن عدة من التابعين

 

 

الأول ما رواه قثم

روى عنه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) (ص 116 ط مكتبة القدسي بمصر) قال: وعن قثم مولى الفضل، قال لما قتل ابن ملجم عليا قال للحسن والحسين:

ص 566

عزمت عليكم لما حبستم الرجل فإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا به. ومنهم العلامة المذكور في (الرياض النضرة) (ج 2 ص 248 ط محمد أمين بمصر) روى الحديث فيه أيضا بعين ما تقدم عنه في (ذخائر العقبى). ومنهم العلامة الهيتمي في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 142 ط مكتبة القدسي بمصر) قال: فقال علي للحسن: إن بقيت رأيت فيه رأيي، ولئن هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة، ولا تمثل به فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهي عن المثلة ولو بالكلب العقور. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجع المطالب) (ص 651 ط لاهور) روى الحديث من طريق الفضائلي عن قثم بعين ما تقدم عن (ذخائر العقبى).

الثاني ما رواه محمد الحنفية

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الخوارزمي في (المناقب) (ص 271 ط تبريز) قال: أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني نزيل بغداد، حدثنا محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن عبد الله، أخبرنا الحسن بن علي بن الحسن (خ ل محمد) أخبرني محمد بن العباس بن محمد بن زكريا قال: قرء علي بن معروف، حدثني الحسن بن الفهم، حدثني محمد بن إسماعيل (خ ل سعد) بن سعد أخبرني خالد بن مخلد ومحمد بن السلت، قالا: أخبرنا الربيع بن المنذر عن أبيه

ص 567

عن محمد بن الحنفية في حديث فقال علي عليه السلام (أي في ابن ملجم يوم أتي به أسيرا): إنه أسير فأحسنوا إليه وأكرموا مثواه فإن بقيت قتلت أو عفوت (أبقيت خ ل) قان مت فاقتلوه كما قتلني ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين. ومنهم العلامة ابن الأثير في (أسد الغابة) (ج 4 ص 35 ط مصر سنة 1285) قال: أنبأنا أبو ياسر إجازة، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري أنبأنا أبو عمرو بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (مناقب الخوارزمي). ومنهم العلامة المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) المطبوع بهامش المسند (ج 5 ص ط التقدم بمصر): روى الحديث عن ابن الحنفية بعين ما تقدم عن (المناقب).

الثالث ما روي عن عامر

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة أخطب خوارزم في (المناقب) (ص 270 ط تبريز) قال: أخبرني الإمام عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي (ره) أخبرنا عماد الأمين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الوبري الخوارزمي (ره)، حدثنا الشيخ أبو القسم ميمون بن علي بن ميمون الميموني، حدثني الشيخ الصالح أبو شعيب صالح بن شعيب، أخبرنا أبو حاتم عبد الرحمان، حدثنا عمارة البغدادي حدثنا عمرو بن هاشم، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: لما ضرب

ص 568

علي عليه السلام تلك الضربة قال: ما فعل ضاربي أطعموه من طعامي وأسقوه من شرابي فإن عشت فأنا أولى بحقي وإن مت فاضربوه ولا تزيدوه. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 652 ط لاهور): روى الحديث بعين ما تقدم عن (مناقب الخوارزمي).

الرابع ما رواه الشعبي وغيره

رواه جماعه من أعلام القوم: منهم الحاكم أبو عبد الله النيشابوري المتوفى سنة 405 في (المستدرك) (ج 3 ص 144 طبع حيدر آباد الدكن) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عونه المقري ببغداد، ثنا محمد بن يونس، ثنا عبد العزيز ابن الخطاب، ثنا علي بن غراب عن مجالد عن الشعبي قال: لما ضرب ابن ملجم عليا تلك الضربة أوصى به علي فقال: قد ضربني فأحسنوا إليه وألينوا له فراشه فإن أعش فهضم أو قصاص وإن أمت فعالجوه فإني مخاصمه عند ربي عز وجل. ومنهم العلامة شيخ محمد عبد المعطي بن أبي الفتح في (أخبار الأول) (ص 41) روى الحديث بعين ما يأتي عن (الإمامة والسياسة) لكنه ذكر بعد قوله: فألحقوه بي: وأخاصمه عند رب العالمين. ومنهم العلامة ابن قتيبة الدينوري في (الإمامة السياسة) (ج 1 ص 160 ط مصطفى الحلبي بمصر) قال: وأدخل ابن ملجم على علي بعد ضربه إياه فقال: أطيبوا طعامه وألينوا

ص 569

فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي إما عفوت وإما اقتصصت، وإن أمت فألحقوه بي ولا تعتوا إن الله لا يحب المعتدين. ومنهم الحافظ البيهقي في (السنن الكبرى) (الجز الثامن ص 183 ط حيدر آباد الدكن) قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الربيع بن سليمان أنبأ الشافعي أنبأ إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن عليا رضي الله عنه، قال في ابن ملجم بعد ما ضربه: أطعموه وأسقوه أحسنوا أساره، فإن عشت فأنا ولي دمي، أعفو إن شئت وإن شئت استقدمت، وإن مت فقتلتموه فلا تمثلوا. ومنهم العلامة أبو الفرج الإصبهاني في (مقاتل الطالبيين) (ص 35 ط) قال: قال أبو مخنف: فحدثني أبي عن عبد الله بن محمد الأزدي قال: أدخل ابن ملجم لعنه الله على علي، ودخلت عليه فيمن دخل، فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس، إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن سلمت رأيت فيه رأيي. ومنهم العلامة أبو عبد الله محمد بن عثمان البغدادي في (المنتخب من صحيحي البخاري ومسلم) (ص 111 مخطوط) روى الحديث بعين ما تقدم عن (السنن) إلى قوله إن شئت ثم قال: وإن شئت قتلت. ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (ذخاير العقبى) (ص 112) روى عن الحسين بن كثير عن أبيه في حديث، فقلت له: يا أمير المؤمنين خل بيننا وبين مراد، فلا تقوم لهم ثاغية ولا راغية أبدا، قال: لا، ولكن احبسوا الرجل، فإن أنا مت فاقتلوه، وإن أعش فالجروح قصاص، أخرجه أحمد في (المناقب).

ص 570

وفي (ص 113، الطبع المذكور) فلما أخذ قال علي: احبسوه، فإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا به، وإن لم أمت فالأمر إلي في العفو والقصاص، أخرجه أبو عمر. ومنهم العلامة محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي في (تاريخ الإسلام) (ج 2 ص 205) قال: قال جعفر بن محمد عن أبيه: إن عليا كان يخرج إلى الصلاة وفي يده درة يوقظ الناس بها، فضربه ابن ملجم، فقال علي: أطعموه وأسقوه، فإن عشت فأنا ولي دمي. رواه غيره وزاد: فإن بقيت قتلت أو عفوت، فإن مت فاقتلوه قتلتي ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. ومنهم العلامة المذكور في (تلخيص المستدرك) (المطبوع بذيل المستدرك ج 3 ص 144 ط حيدر آباد الدكن) روى الحديث نقلا عن (المستدرك) بتلخيص السند. ومنهم العلامة ابن الطقطقي في (الفخري) (ص 83 ط محمد علي بالقاهرة) روى الحديث بعين ما تقدم في (مقاتل الطالبيين) إلا أنه ذكر بدل قوله: سلمت: بقيت. ومنهم العلامة الشيخ مطهر بن طاهر المقدسي في (البدء والتاريخ) (ج 5 ص 232 ط الخانجي بمصر) قال في حديث: فثار الناس إليه (أي إلى ابن ملجم) وقبضوا عليه، فقال علي: لا تقتلوه، فإن عشت رأيت فيه رأيا وإن مت فشأنكم به. ومنهم العلامة ابن كثير في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 13 ط حيدر آباد الدكن) قال في حديث:

ص 571

فقال الناس: يا أمير المؤمنين ألا ونقتل مرادا كلها، فقال: لا ولكن احبسوه وأحسنوا إساره، فإن مت فاقتلوه، وإن عشت فالجروح قصاص. ومنهم احبسوه وأحسنوا إساره، فإن مت فاقتلوه، وإن عشت فالجروح قصاص. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 652 ط لاهور) روى الحديث عن الحسين بن كثير عن أبيه بعين ما تقدم عن (ذخاير العقبى). ومنهم العلامة الساعاتي في (بدايع المنن) (ج 2 ص 503 ط القاهرة): روى الحديث بعين ما تقدم عن (السنن الكبرى) سندا ومتنا. ومنهم العلامة علي بن يوسف الشيباني في (إنباه الرواة على أنباء النحاة) (ج 1 ص 12 ط القاهرة) قال: وكان علي يخرج إلى الصبح وبيده دره يوقظ بها الناس، فخرج، فضربه ابن ملجم، فأخذ، فقال علي أطعموه وأسقوه، وأحسنوا أساره، فإن أصبح فأنا ولي دمي أعفو إن شئت، وإن شئت استقدمت، فإن أنا هلكت، فبدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 652 ط لاهور): روى الحديث عن الزبير بن بكار بعين ما تقدم ثانيا عن (ذخائر العقبى). وروى الحديث أيضا بعين ما تقدم عن (مقاتل الطالبيين).

الخامس ما روي مرسلا

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة ابن الطقطقي في (الفخري) (ص 83 ط محمد علي بالقاهرة) قال في حديث: قال علي (يا بني عبد المطلب: لا تجمعوا من كل صوب

ص 572

تقولون: قتل أمير المؤمنين. ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي) ثم التفت إلى ابنه الحسن - عليه السلام - وقال: انظر يا حسن إذا أنا مت من ضربتي هذه فاضربه بضربة ولا تمثلن بالرجل، فإني سمعت رسول الله - صلوات الله عليه. يقول: (إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور). وذكر في (ص 35) مثله. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 652 ط لاهور) قال: قال علي: يا بني عبد المطلب لا ألفيتكم تخوضون دماء المسلمين تقولون: قد قتل أمير المؤمنين ألا لا تقتلن إلا قاتلي، انظر يا حسن إن أنا مت من ضربتي هذه فاضربه ضربة فلا تمثلن بالرجل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول ظ) إياكم المثلة ولو بالكلب العقور أخرجه محب الطبري في (الرياض النظرة). ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) (ص 116 ط مكتبة القدسي بمصر) قال: روى أنه لما ضربه ابن ملجم أوصى إلى الحسن والحسين وصية طويلة في آخرها: يا بني عبد المطلب لا تخوضوا دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة ولا تمثلوا به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور. أخرجه الفضائلي. ومنهم الحافظ ابن عبد البر في (الاستيعاب) (ج 2 ص 470 ط حيدر آباد) قال: فلما أخذ قال علي: احبسوه فإن مت فاقتلوه ولا تمثلوا وإن لم أمت فالأمر إلي في العفو والقصاص. ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (الرياض النضرة) (ج 2 ص 248

ص 573

ط محمد أمين الخانجي بمصر) قال: وروى أنه لما ضربه ابن ملجم أوصى إلى الحسن والحسين وصية طويلة في آخرها: يا بني عبد المطلب لا تخوضوا دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة ولا تمثلوا به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور. أخرجه الفضائلي. ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص ط لاهور) روى الحديث نقلا عن (الاستيعاب) بعين ما تقدم عنه بلا واسطة.

الباب الخامس جوده وسخاؤه (1)

(هامش)

(1) قال ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 1 ص 17 ط القاهرة) قال: إنا ما رأينا شجاعا جوادا قط، كان عبد الله بن الزبير شجاعا وكان أبخل الناس، وكان الزبير أبوه شجاعا وكان شحيحا قال له عمر: لو وليتها لظلت تلاطم الناس في البطحاء على الصاع والمد، وأراد علي عليه السلام أن يحجر على عبد الله بن جعفر لتبذيره المال فاحتال لنفسه فشارك الزبير في أمواله وتجارته فقال عليه السلام: أما إنه قد لاذ بملاذ ولم يحجر عليه، وكان طلحة شجاعا وكان شحيحا أمسك عن الإنفاق حتى خلف من الأموال ما لا يأتي عليه الحصر، وكان عبد الملك شجاعا وكان شحيحا يضرب به المثل في الشح وسمى رشح الحجر لبخله، وقد علمت حال أمير المؤمنين عليه السلام في الشجاعة والسخاء كيف هي وهذا من أعاجيبه أيضا عليه السلام. (*)

ص 574

ونذكر أنموزجا مما نقله القوم وقد تقدم ما يشمل على توصيف رسول الله صلى الله عليه وآله إياه بذلك.

فالأول ما رواه جماعة من أعلام القوم:

منهم العلامة أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني في (المسند) (ج 1 ص 159 ط الميمنية بمصر) قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا حجاج، حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن محمد بن كعب القرظي أن عليا رضي الله عنه قال: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع وأن صدقتي اليوم لأربعون ألفا. وحدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا أسود، ثنا شريك عن عاصم بن كليب عن محمد بن كعب القرظي عن علي رضي الله عنه فذكر الحديث وقال فيه: وإن صدقة مالي لتبلغ أربعين ألف دينار. (1) ومنهم العلامة الزمخشري الحنفي في (ربيع الأبرار) (ص 205 مخطوط) قال: قال محمد بن كعب القرظي: سمعت عليا عليه السلام يقول: لقد رأيتني وإني لأربط الحجر على بطني في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجوع وإن صدقتي اليوم أربعون ألف دينار. ومنهم العلامة ابن الأثير الجزري في (أسد الغابة) (ج 4 ص 23 ط مصر سنة 1285) قال:

(هامش)

(1) قال: في مكاشفة القلوب (ص 117) وضع علي كرم الله وجهه درهما على كفه ثم قال: أما إنك ما لم تخرج عني لا تنفعني. (*)

ص 575

أنبأنا عمر بن محمد بن المعمر بن طبرزد، أنبأنا أبو غالب بن البنا، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمان الزهري، حدثنا حمزة بن القاسم الإمام، حدثنا الحسين بن عبيد الله، حدثني إبراهيم يعني الجوهري، حدثنا المأمون هو أمير المؤمنين، حدثنا الرشيد، حدثنا شريك بن عبد الله عن عاصم بن كليب عن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: لقد رأيتني وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع وإن صدقتي لتبلغ اليوم أربعة آلاف دينار ورواه حجاج الإصبهاني وأسود عن شريك فقال: أربعين ألف دينار ورواه حجاج عن شريك فقال: أربعين ألفا (1) ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (الرياض النضرة) (ج 2 ص 227 ط مصر) روى الحديث من طريق أحمد على نحوين بعين ما تقدم عنه أولا وثانيا. ومنهم العلامة الذهبي في (تاريخ الإسلام) (ج 2 ص 199 ط مصر) روى الحديث من طريق أحمد بعين ما تقدم ثانيا عن (المسند). ومنهم الحافظ علي بن أبي بكر في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 123 ط القاهرة) روى الحديثين من طريق أحمد بعين ما تقدم أولا وثانيا عن (المسند) ثم قال: ورجال الروايتين رجال الصحيح. ومنهم العلامة علي بن حسام الدين الهندي في (منتخب كنز العمال)

(هامش)

(1) قال ابن الأثير بعده: لم يرد بقوله: أربعين ألفا زكاة ماله وإنما أراد الوقوف التي جعلها صدقة كان الحاصل من دخلها صدقة هذا العدد فإن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه لم يدخر مالا، ودليله ما نذكره من كلام ابنه الحسن رضي الله عنهما في مقتله أنه لم يترك إلا ستمأة درهم اشترى بها خادما. (*)

ص 576

المطبوع بهامش المسند (ج 5 ص 56 ط الميمنية بمصر) روى الحديث عن علي بعين ما تقدم عن (المسند). ومنهم العلامة الشيخ علي بن إبراهيم الحلبي الشافعي في (انسان العيون) الشهير (بالسيرة الحلبية) (ج 2 ص 207 ط القاهرة). روى الحديث بعين ما تقدم أولا عن (مجمع الزوائد). ومنهم العلامة محمد خواجه پارساى البخاري في (فصل الخطاب) (على ما في ينابيع المودة ص 372 ط اسلامبول) روى الحديث من طريق أحمد بعين ما تقدم عنه أولا. ومنهم العلامة الشيخ عبيد الله الحنفي الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 166 ط لاهور) روى الحديث من طريق أحمد بعين ما تقدم عنه أولا. (1)

الثاني ما رواه جماعة من أعلام القوم:

منهم العلامة ابن كثير الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 9 ط السعادة بمصر) قال:

(هامش)

(1) قال العلامة ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 1 ص 7 ط مصر): وأما السخا والجود فحاله فيه ظاهرة كان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده وفيه أنزل (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا) وروى المفسرون أنه لم يكن يملك إلا أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية فأنزل فيه (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية). (*)

ص 577

روى الحافظ ابن عساكر من طريق أبي زكريا الرملي ثنا يزيد بن هارون عن نوح بن قيس عن سلامة الكندي عن الأصبغ بن نباته عن علي أنه جاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين إن لي حاجة فرفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك فإن أنت قضيتها حمدت الله وشكرتك وإن أنت لم تقضها حمدت الله وعذرتك، فقال علي: اكتب حاجتك على الأرض فإني أكره أن أرى ذل السؤال في وجهك، فكتب إني محتاج، فقال علي: علي بحلة فأتي بها فأخذها الرجل فلبسها ثم أنشأ يقول: كسوتني حلة تبلى محاسنها * فسوف أكسوك من حسن الثنا حللا إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمة * ولست أبغي بما قد قلته بدلا

إن الثناء ليحيى ذكر صاحبه * كالغيث يحيى نداه السهل والجبلا

لا تزهد الدهر في خير تواقعه * فكل عبد سيجزى بالذي عملا

فقال علي: علي بالدنانير فأتي بمأة دينار فدفعها إليه، قال الأصبغ: فقلت يا أمير المؤمنين حلة ومأة دينار؟ قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أنزلوا الناس منازلهم) وهذه منزلة هذا الرجل عندي. ومنهم العلامة أبو الحسن القيرواني في (العمدة) (ص 16) روى الحديث بعين ما تقدم عن (البداية والنهاية) بتفاوت يسير

الثالث. ما رواه القوم:

منهم العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي البغدادي في (شرح النهج) (ج 4 ص 354) ط القاهرة) قال: وجاء في الأثر أن عليا عليه السلام عمل ليهودي في سقي نخل له في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله بمد من شعير فخبزه قرصا فلما هم أن يفطر عليه أتاه سائل يستطعم فدفعه إليه وبات

ص 578

طاويا تاجر الله تعالى بتلك الصدقة فعد الناس هذه الفعلة من أعظم السخاة وعدوها أيضا من أعظم العبادة. (1)

الرابع ما رواه جماعة من أعلام القوم:

منهم العارف الشهير عبد الكريم القشيري النيشابوري في (الرسالة القشيرية) (ص 125 ط مصر) قال: وقيل: بكى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوما فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: لم يأتني ضيف منذ سبعة أيام ويخاف أن يكون الله تعالى قد أهانني. ومنهم العلامة العارف الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي المكارم الشهير بابن المعمار البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 642 في كتابه (الفتوة) (ط القاهرة ص 157) قال: يحكى عن عاصم بن ضمرة أنه دخل على علي عليه السلام فوجده يبكي فقال:

(هامش)

(1) قال العلامة ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 1 ص 7 ط مصر) وأما السخاء والجود فكان يصوم ويؤثر بزاده إلى أن قال وروى عنه أنه كان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتى مجلت يده ويتصدق بالأجرة ويشد على بطنه حجرا. ونقل عن الشعبي أنه ما قال لا لسائل قط وقال عدوه ومبغضه الذي يجتهد في وصمه وعيبه معاوية بن أبي سفيان بعد كلام له: لو ملك بيتا من تبر وبيتا من تبن لا نفد تبره قبل تبنه وكان يكنس بيوت الأموال ويصلي فيها، وهو الذي قال: يا صفراء ويا بيضاء غرى غيري ولم يخلف ميراثا وكان الدنيا كلها بيده إلا الشام. ونقل عنه العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 148 ط اسلامبول) بتلخيص يسير أقول: وقد تقدم عدة من أسانيد هذا الحديث في مبحث الزهد فراجع. (*)

ص 579

ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟ قال: سبع أتت علي ولم يرد علي ضيف ولا سائل فيتخلق علي في ذلك بصفات الحق. اللهم يغضب إن تركت سئواله * وبنو آدم حين يسأل يغضب ومنهم العلامة أبو حامد الغزالي في (مكاشفة القلوب) (ص 117) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الرسالة القشيرية). ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 170 ط لاهور) روى الحديث نقلا عن ابن حجر في (أسني المطالب في صلة الأقارب) بعين ما تقدم عن (الرسالة القشيرية). (1)

الخامس ما رواه القوم:

منهم العلامة الشهير بابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 3 ص 433 ط القاهرة) قال وكان علي عليه السلام يعمل بيده يحرث الأرض ويزرعها ويستقي الماء ويغرس النخل كل ذلك يباشر بنفسه الشريفة ولم يستبق منه لوقته ولا لعقبه قليلا ولا كثيرا وإنما كان صدقة.

(هامش)

(1) قال علامة اللغة والأدب جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن منظور المصري المتوفى سنة 711 في كتابه (لسان العرب) (ج 2 ص 8 طبع دار الصادر في بيروت) وفي حديث علي عليه السلام: أن طائفة جاءت إليه، فقال لقنبر: تبتهم أي أعطهم البيوت. (*)

ص 580

السادس ما رواه القوم:

منهم العلامة الزمخشري في (ربيع الأبرار) (ص 103 المخطوط) قال: وقف علي عليه السلام سائلا (كذا) فقال لأحد ولديه قل لأمك هاتي درهما من ستة دراهم فقالت: هي للدقيق فقال: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يديه، فتصدق بالستة ثم مر به رجل يبيع جملا فاشتراه بمأة وأربعين وباعه بمأتين فجاء بالستين إلى فاطمة فقالت: ما هذا؟ قال: ما وعدنا الله على لسان أبيك (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها).

السابع ما رواه القوم:

منهم العلامة الزمخشري في (ربيع الأبرار) (ص 210 مخطوط) قال: عن محمد ابن الحنفية كان أبي يدعو قنبرا بالليل فيحمله دقيقا وتمرا فيمضي به إلى أبيات قد عرفها ولا يطلع عليه أحدا فقلت له: يا أبه ما يمنعك أن تدفع إليهم نهارا قال: يا بني إن صدقة السر تطفي غضب الرب.

الثامن ما رواه جماعة من أعلام القوم:

منهم العلامة الشيخ شهاب الدين الابهشي في (المستطرف) (ج 2 ص 46 ط) قال: وأتى أعرابي على علي رضي الله تعالى عنه فسأل شيئا فقال: والله ما أصبح في بيتي

ص 581

شي فضل عن قوتي، فولى الأعرابي وهو يقول: والله ليسألنك الله عن موقفي بين يديك يوم القيامة، فبكى علي رضي الله تعالى عنه بكاء شديدا وأمر برده وقال: يا قنبر ائتني بدرعي الفلانية فدفعها إلى الأعرابي وقال: لا تخدعن عنهما فطالما كشف بها الكروب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قنبر: يا أمير المؤمنين كان يجزيه عشرون درهما فقال: يا قنبر والله ما يسرني إن لي زنة الدنيا ذهبا وفضة فتصدقت به وقبل الله مني ذلك وأنه يسألني عن موقف هذا بين يدي. ومنهم العلامة الزمخشري في (ربيع الأبرار) (ص 327 المخطوط) قال: أتى عليا عليه السلام أعرابي فقال: يا أمير المؤمنين والله ما تركت في بيتي سبدا ولا لبدا ولا ثاغية راغية فقال: والله ما أصبح في بيتي فضل عن قوتي شعر فولى الأعرابي وهو يقول: والله ليسألنك الله عن موقفي بين يديك، فبكى بكاءا شديدا وأمر برده واستعاده كلامه فبكى فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (المستطرف).

التاسع ما رواه القوم:

منهم العلامة الحافظ شمس الدين أبو عبد الله محمد الذهبي المتوفى سنة 748 في كتابه (تذكرة الحفاظ) (ج ص 71 طبع حيدر آباد) قال: رجاء عن علي إنه كان كثير الصدقة في السر رضي الله عنه مات في ربيع الأول سنة أربع وتسعين.

العاشر ما رواه القوم:

منهم العلامة ابن ابي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) (ج 3 ص 433)

ص 582

ط مصر) قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يعمل بيده يحرث الأرض ويزرعها ويستقى المآء ويغرس النخل كل ذلك يباشر ينفسه الشريفة ولم يستبق منه لوقته ولا لعقبه قليلا ولا كثيرا وإنما كان صدقة.

الحادى عشر ما رواه القوم:

منهم العلامة الشيخ عبد الرحمان بن عبد السلام الصفوري البغدادي في (نزهة المجالس) (ج 1 ص 240 طبع القاهرة) قال: جاء سائل إلى علي رضي الله عنه فنظر إليه وقد تغير وجهه من الحياء فقال علي رضي الله عنه: اكتب حاجتك على الأرض حتى لا أرى ذل المسألة في وجهك فكتب: لم يبق لي شي يباع بدرهم * تغنيك حالة منظري عن مخبري إلا بقية ماء وجه صنته * أن لا يباع ونعم أنت المشتري فأمر له علي رضي الله عنه بجمل محمل ذهبا وفضة ثم قال علي رضي الله عنه: عاجلتنا فأتاك عاجل برنا * فلا ولو أمهلتنا لم تقتر فخذ القليل وكن كأنك لم تبع * ما صنته وكأننا لم نشتر

الثاني عشر ما رواه القوم:

منهم العلامة عبد العزيز عبد الله البكري في (التنبيه على أوهام أبي علي) (ص 75 ط القاهرة)

ص 583

نقل الأبيات التي قرأها أبو بكر بمحضر النبي صلى الله عليه وسلم وهي هذه:

يا أيها الرجل المحول رحله * هلا نزلت بآل عبد مناف

هبلتك أمك لو نزلت برحلهم * منعوك من عدم ومن اقراف

الخالطين فقيرهم بغنيهم * حتى يعود فقيرهم كالكافي

ويكللون جفانهم بسديفهم * حتى تغيب الشمس في الرجاف

منهم علي والنبي محمد صلى الله عليه وسلم * القائلين هلم للأضياف

الثالث عشر ما رواه القوم:

منهم العلامة ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 1 ص 7 القاهرة) قال: روى عنه أنه كان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتى مجلت يده ويتصدق بالأجرة ويشد على بطنه حجرا.

 

ذكر نبذة من صدقاته عليه السلام وأوقافه

 

 

ومن صدقاته عليه السلام (عين أبي نيزر) و(عين نولا) و(ينبع البغيبغات) و(كل عين له بينبع)

رواه القوم: منهم العلامة محدث المدينة المشرفة السيد نور الدين علي الحسين الشافعي السمهودي في (وفاء الوفاء) (ج 2 ص 348 ط مصر) قال: عين أبي نيزر بفتح النون وسكون المثناة تحت وفتح الزاي ثم راء بينبع من

ص 584

صدقة علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال ابن شيبة فيما نقل في صدقة: وكانت أموالهم متفرقة بينبع ومنها عين يقال لها: عين البيحر، وعين يقال لها عين أبي نيزر، وعين يقال لها: نولا وهي التي يقال: إن عليا رضي الله تعالى عنه عمل فيها بيده وفيها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى ذي العشيرة وعمل علي أيضا بينبع البغيبغات وفي كتاب صدقته أن ما كان لى بينبع من ماء يعرف لي فيها وما حوله صدقة وقفتها غير أن رباحا وأبا نيزر وجبيرا اعتقناهم.

ومن صدقاته عليه السلام (عين الاراك) و(عين خيف ليلى) و(عين خيف بسطاس)

رواه القوم: منهم العلامة محدث المدينة المشرفة السيد نور الدين علي الحسين الشافعي السمهودي المتوفى سنة 1011 في كتابه (وفاء الوفاء) (ج 2 ص 262 ط مصر) قال: روى ابن شعبة أن ينبع لما صارت لعلي رضي الله تعالى عنه كان أول شيء عمله فيها البغيبغة وأنه لما بشر بها حين صارت له قال: تسر الوارث ثم قال: هي صدقة على المساكين وابن السبيل وذوي الحاجة الأقرب وفي رواية للواقدي أن جدادها بلغ في زمن علي رضي الله تعالى عنه ألف وسق و(قال) محمد بن يحيى عمل علي بينبع البغيبغات وهى عيون منها عين يقال لها: خيف الأراك ومنها عين يقال لها: خيف ليلى ومنها عين يقال لها: خيف بسطاس قال: وكانت البغيبغات مما عمل علي وتصدق به.

ص 585

ومن صدقاته عليه السلام (عين أبي نيزر) و(البغيبغة)

رواه القوم: منهم العلامة الياقوت الحموي في (معجم البلدان) (ج 1 ص 469 ط بيروت) قال: في ذيل لفظة بغيبغة: رووا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما أوصى إلى ابنه الحسن في وقف أمواله وأن يجعل فيها ثلاثة من مواليه وقف فيها عين أبي نيزر والبغيبغة. ومنهم العلامة الشيخ أحمد الخفاجي في (شفاء الغليل) (ص 233 ط) قال: وكان لعلي ضيعتان: إحداهما البغيبغة والأخرى نيزر لأنه كان يقوم وتفصيله في الكامل وهذا بعينه في الإصابة. ومنهم العلامة السيد نور الدين السمهودي في (وفاء الوفاء) (ج 2 ص 263 ط مصر) قال: قال المبرد: روي أن عليا لما أوصى إلى الحسن وقف عين أبي نيزر والبغيبغة وهي قرية بالمدينة وقيل: عين كثيرة النخل غزيرة الماء.

ص 586

ومن صدقاته عليه السلام بئر الملك بقناة

رواه القوم: منهم العلامة محدث المدينة المشرفة السيد نور الدين علي الحسين الشافعي السمهودي المتوفى سنة 1011 في كتابه (وفاء الوفاء) (ج 2 ص 258 ط مصر) قال: ونقل ابن شعبة: أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه كان من صدقاته بالمدينة بئر الملك بقناة.

ومن صدقاته عليه السلام عين ينبع

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الشافعي البيهقي الخسروجردي المتوفى سنة 458 في كتابه (السنن الكبرى) (ج 6 ص 160 ط حيدر آباد) روى بسنده عن ابن وهب عن سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قطع له عمر بن الخطاب (رض) ينبع ثم اشترى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى قطيعة عمر أشياء فحفر فيها عينا فبينا هم يعملون فيها إذ تفجر عليهم مثل عنق الجزور من الماء فأتى علي وبشر بذلك قال: بشر الوارث ثم تصدق

ص 587

بها على الفقراء والمساكين وفي سبيل الله وابن السبيل القريب والبعيد وفي السلم وفي الحرب ليوم تبيض وجوه وتسود وجوه ليصرف الله تعالى بها وجهي عن النار ويصرف النار عن وجهي. وفي ص 161 وروينا من وجه آخر عن أبي جعفر أن عمر وعليا رضي الله عنه وقفا أرضا لهما بتابتلا. ومنهم العلامة القاضي أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني الشهير بالخصاف المتوفى سنة 261 في (أحكام الأوقاف) (ص 9 القاهرة) قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: حدثنا سليمان بن بلال، وعبد العزيز ابن محمد عن أبيه، فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (السنن) ثم قال: وبلغ جذاذها في زمن علي ألف وسق. ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) (ص 103 ط مكتبة القدسي بمصر) روى الحديث من طريق ابن السمان في (الموافقة) بعين ما تقدم عن (السنن). ومنهم العلامة المذكور في (الرياض النضرة) (ص 227 ط مكتبة الخانجي بمصر) روى الحديث من طريق ابن السمان في (الموافقة) بعين ما تقدم عن (السنن). ومنهم العلامة الشيخ عبيد الله الحنفي الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 167 ط لاهور) روى الحديث من طريق ابن السمان بعين ما تقدم عن (السنن). ومنهم العلامة محدث المدينة المشرفة السيد نور الدين علي الحسين الشافعي السمهودي المتوفى سنة 1011 في كتابه (وفاء الوفاء) (ج 2 ص 393 ط مصر) قال:

ص 588

عن عمار بن ياسر قال: أقطع النبي صلى الله عليه وسلم عليا بذي العشيرة من ينبع ثم أقطعه عمر بعد ما استخلف قطيعة واشترى علي إليها قطيعة وكانت أموال علي بينبع عيونا متفرقة تصدق بها.

ومن صدقاته عليه السلام (عيون بالمدينة وينبع وسويعة) (وارضى فيها أحياها مواتا)

رواه القوم: منهم العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي البغدادي في (شرح النهج) (ج 3 ص 433 ط القاهرة) قال: وإن عليا عليه السلام مات وخلف عقارا كثيرا يعنون نخلا قيل لهم قد علم كل أحد أن عليا عليه السلام استخرج عيونا بكد يده بالمدينة وينبع وسويعة وأحيا بها مواتا كثيرا، ثم أخرجها عن ملكه وتصدق بها على المسلمين ولم يمت وشيء منها في ملكه ألا ترى إلى ما يتضمنه كتب السير والأخبار من منازعة زيد بن علي وعبد الله بن الحسن في صدقات علي عليه السلام ولم يورث علي عليه السلام بنيه قليلا من المال ولا كثيرا إلا عبيده وإماءه.

ص 589

ومن صدقاته عليه السلام (ضيعة أبي نيزر) و(ضيعة البغيبغة)

رواه القوم: منهما لعلامة السمهودي في (وفاء الوفاء) (ج 2 ط مصر) قال: قال أبو نيزر: جاءني علي وأنا أقوم على الضيعتين عين أبي نيزر والبغيبغة فقال: هل عندك من طعام - وذكر قصة أكله وشربه - قال: ثم أخذ المعول وانحدر فجعل يضرب وأبطأ عليه الماء فخرج وقد تصبب جبينه عرقا فانتكف العرق عن جبينه ثم أخذ المعول وعاد إلى العين فأقبل يضرب فيها وجعل يهمهم فسالت كأنها عنق جزور فخرج مسرعا وقال: أشهد الله إنها صدقة فذكر كتابه عليه السلام بعين ما يأتي عن (ربيع الأبرار) مع تلخيص في الجملة. ومنهم العلامة جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الحنفي المتوفى سنة (538) في (ربيع الأبرار) (ص 680 مخطوط) نقل رواية أبي نيزر إلى أن قال: قال أشهد الله أنها صدقة علي ثم قال: ايتني بدواة وصحيفة فكتب: هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين تصدق بالضيعتين المعروفتين يعني أبي نيزر والبغيبغة على فقراء أهل المدينة وابن السبيل ليقي الله بهما وجهه حر النار يوم القيامة لا تباعان ولا توهبان حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين إلا أن يحتاج الحسن والحسين فهما طلق لهما ليس لأحد غيرهما فركب الحسن دين فحمل إليه معاوية لعين أبي نيزر مأتي ألف دينار فقال إنما تصدق بها أبي ليقي الله وجهه حر النار ولست بايعها بشيء.

ص 590

ومن صدقاته عليه السلام وادي ترعة

رواه القوم: منهم العلامة محدث المدينة المشرفة السيد نور الدين علي الحسين الشافعي السمهودي المتوفى سنة 1011 في كتابه (وفاء الوفاء) (ج 2 ص 270 ط مصر) قال: ذكر ابن شعبة في صدقات علي رضي الله تعالى عنه واد يقال له: ترعة بناحية فدك بين لابتي حرة.

ومن صدقاته عليه السلام الفقران

رواه القوم: منهم العلامة محدث المدينة المشرفة السيد نور الدين علي الحسين الشافعي السمهودي المتوفى سنة 1011 في (وفاء الوفاء) (ج 2 ص 356 ط مصر) قال: نقل ابن شعبة في صدقة علي رضي الله تعالى عنه أن منها الفقرين بالعالية وأنه ذكر أن حسنا أو حسينا باع ذلك فتلك الأموال متفرقة في أيدي الناس ثم حكى في كتاب الصدقة نصا لفظه: والفقير لي كما قد علمتم صدقة في سبيل الله ثم ذكر تسويغ البيع لكل من الحسن والحسين دون غيرهما.

ص 591

ومن صدقاته عليه السلام (كل مال له في ينبع غير ثلاثة من مواليه وأوصاهم بالحج من ماله ثم عتقهم) و(كل مال له بوادي القرى) و(كل مال له بالأدنية) و(كل مال له برعيف)

رواه القوم: منهم العلامة الشيباني الشهير بالخصاف البغدادي في (أحكام الأوقاف) (ص 10 ط القاهرة) قال: حدثنا بشر بن الوليد قال: أخبرنا أبو يوسف قال: حدثنا عبد الرحمان ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي أنه تصدق بينبع وقال: أبتغي بها مرضاة الله ليدخلني الله بها الجنة ويصرفني عن النار ويصرف النار عني في سبيل الله ووجوهه تنفق في كل نفقة في سبيل الله ووجهه في الحرب والسلم والحياة وذوي الرحم والبعيد والقريب لا يباع ولا يوهب ولا يورث كل مال لي بينبع غير أن رباحا وأبا نيزر وجبيرا إن حدث بي حدث فليس عليهم سبيل وهم محررون موالي يعملون في المال خمس حجج وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهليهم، فذلك الذي أقضي فيما كان لي بينبع حيا أنا أو ميتا ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى من مال ورقيق حيا أنا أو ميتا ومع ذلك الأدنية وأهلها حيا أنا أو ميتا ومع ذلك رعيف وأهلها وإن زريقا له مثل ما كتبت لأبي نيزر ورباح وجبير.

ص 592

وفي (ص 9 ط القاهرة) قال قال الواقدي: ثنا علي بن عيينة عن عمرو بن دينار قال في صدقة علي بن أبي طالب إن جبيرا ورباحا وأبا نيزر موالي يعملون في المال خمس حجج منه نفقات أهليهم ثم هم أحرار لوجه الله تعالى.

ومن صدقاته عليه السلام أرض وغلمان يعملون فيها

رواه القوم: منهم العلامة هلال الرأي بن مسلم البصري في (أحكام الوقف) (ص 83 ط حيدر آباد) قد بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه وقف أرضا له ووقف غلمانا يعملون فيها (قد رأينا من الوقف غلمانا يعملون (الخ)).

 

الباب السادس في ورعه عليه السلام

 

 

ونذكر له شواهد غير ما يدل عليه ما تقدم من الأحاديث المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله:

الأول ما رواه جماعة من أعلام القوم:

ص 593

منهم العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) (ص 107 ط مكتبة القدسي بمصر) قال: عن عبد الله بن رزين قال: دخلت على علي بن أبي طالب يوم الأضحى فقرب إلينا حريرة فقلنا: أصلحك الله لو قربت إلينا من هذا البط يعني الأوز فإن الله قد أكثر الخير فقال: يا ابن رزين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لخليفة من مال الله إلا قصعتان قصعة يأكل فيها هو وأهله وقصعة يضعها بين أيدي الناس أخرجه أحمد. ومنهم العلامة المذكور في (الرياض النضرة) (ج 2 ص 235 ط محمد أمين الخانجي بمصر) روى الحديث من طريق أحمد عن عبد الله بن رزين بعين ما تقدم عن (ذخاير العقبى). ومنهم العلامة ابن كثير الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 3 ط القاهرة) قال: قال الإمام أحمد: حدثنا حسن وأبو سعيد مولى بني هاشم قالا: ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الله بن هبيرة عن عبد الله بن رزين فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (ذخائر العقبى). وفي (ج 8 ص 3) وقال حرملة عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبد الله بن أبي رزين الغافقي قال: دخلنا مع علي يوم الأضحى فذكر الحديث بعين ما تقدم إلا أنه ذكر بدل كلمة يضعها: يطعمها. ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 218 ط اسلامبول) روى الحديث من طريق أحمد عن عبد الله بعين ما تقدم عن (ذخائر العقبى) لكنه أسقط قوله: فقلنا أصلحك الله إلى قوله: قد أكثر الخير. ومنهم العلامة الآمرتسري من المعاصرين في (أرجح المطالب) (ص 145 ط لاهور)

ص 594

روى الحديث نقلا عن (مطالب السؤول) عن عبد الله بن رزين بعين ما تقدم عن (ذخائر العقبى).

الثاني ما رواه القوم:

منهم الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 233 وقيل 224 في (الأموال) (ص 207 ط القاهرة بمصر) قال: قال: وحدثنا محمد بن ربيعة عن أبي حكيم صاحب الحناء عن أبيه: أن عليا أعطى العطاء في سنة ثلاث مرات، ثم أتاه مال من إصفهان. فقال: اغدوا إلى عطاء رابع، إني لست لكم بخازن، قال: وقسم الحبال فأخذها قوم، وردها قوم.

الثالث ما رواه القوم:

منهم العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة) (ج 1 ص 181 ط القاهرة) قال: وروى هارون بن سعيد قال: قال عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين لو أمرت لي بمعونة أو نفقة فوالله مالي نفقة إلا أن أبيع دابتي فقال: لا والله ما أجد لك شيئا إلا أن تأمر عمك أن يسرق فيعطيك.

الرابع ما رواه القوم:

منهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 150 ط اسلامبول) قال:

ص 595

حيث ذكر في عداد فضائله عليه السلام عن شرح نهج البلاغة قال: لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب وقال: والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة ولكل. غادر لواء يعرف به يوم القيامة والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة وقال: لا سواء إمام الهدى وإمام الردى وولي النبي وعدو النبي.

الخامس ما رواه القوم:

منهم الحافظ أبو نعيم الإصبهاني في (حلية الأولياء) (ج 1 ص 84 ط السعادة بمصر) قال: حدثنا محمد بن الحسن اليقطيني، ثنا الحسين بن عبد الله الرفقي، ثنا محمد بن عوف، ثنا محمد بن خالد البصري، ثنا الحسن بن زكرياء الثقفي عن عنبسة النحوي قال: شهدت الحسن بن أبي الحسن وأتاه رجل من بني ناجية فقال: يا أبا سعيد بلغنا أنك تقول: لو كان علي يأكل من حشف المدينة لكان خيرا له مما صنع فقال الحسن: يا ابن أخي كلمة باطل حقنت بها دما والله لقد فقدوه سهما من مرامز (م) طيب والله ليس بسروقة لمال الله ولا بنئوومة عن أمر الله أعطي القرآن عزائمه فيما عليه وله أحل حلاله وحرم حتى أورده ذلك على حياض غدقة ورياض مونقة ذلك علي بن أبي طالب يا لكع.

السادس رواه القوم:

منهم العلامة ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 3 ص 12 القاهرة) قال:

ص 596

قال عاصم بن زياد لعلي حيث وعظه عليه السلام وأمره بترك الرهبانية: فلم اقتصرت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن وأكل الجشب؟ فقال: إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوام كيلا يتبيغ بالفقير فقره. وفي (ج 3 ص 77، الطبع المذكور) روى قوله عليه السلام بعين ما تقدم عنه لكنه ذكر بدل كلمة بالقوام: كضعفة الناس. ومنهم العلامة محمد صالح الكشفي الترمذي في (المناقب المرتضوية) (ص 363 بمبئي) روى الحديث عن ابن عباس بمثل ما تقدم عن عاصم بن زياد.

 

الباب السابع في عبادته عليه السلام

 

 

إنه عليه السلام كان يعبد الله مع النبي صلى الله عليه وآله بسنين قبل الناس

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 402 ط لاهور) قال: عن علي قال: عبدت الله قبل أن يعبد أحد من هذه الأمة سبع سنين - أخرجه الخلعي، فقلت: من (الرياض النضرة) في فضائل العشرة لمحب الدين الطبري. وقد روى هذا الحديث منه عليه السلام بلفظ صليت وتواتر أنه أول من صلى مع

ص 597

النبي وأوردنا جملة من طرقه فيما مضى. (1) ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي المكي المتوفى سنة 973 في كتابه (الفتاوى الحديثية) (ص 41 ط مصر) قال: وسئل رضي الله عنه عن حكمة استعمال كرم الله وجهه في حق علي رضي الله عنه دون غيره عوضا عن الترضي وهل يستعمل ذلك لغيره من الصحابة فأجاب بقوله حكمة ذلك أن عليا كرم الله وجهه ورضي الله عنه لم يسجد لصنم قط فناسب أن يدعي له بما هو مطابق لحاله من تكرمة الوجه والمراد به حقيقته أو الكناية عن الذات أي حفظه عن أن يتوجه لغير الله تعالى في عبادته. ومنهم العلامة المولى محمد صالح الكشفي الحنفي الترمذي في (المناقب المرتضوية) (ص 161 ط بمبئي) قال: ذكر في سبب ذلك أنه لم يسجد لصنم قط ولم يول وجهه عن الكفار في محاربته. ومنهم العلامة ابن الصبان في (إسعاف الراغبين) (المطبوع بهامش نور الأبصار ص 165 مصر) قال:

(هامش)

(1) ذكر القوم في وجه اختصاصه بذكر كرم الله وجهه بعد اسمه دون غيره من الصحابة أنه عليه السلام لم يعبد على الأوثان قط في صغره فممن ذكره العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) ص 280 ط اسلامبول قال: أخرج ابن سعد عن زيد بن الحسن قال: لم يعبد (أي علي) الأوثان قط في صغره ومن ثمة يقال فيه: كرم الله وجهه. ومنهم العلامة البدخشي في (مفتاح النجا) (ص 21 مخطوط) ذكر بعين ما تقدم عن (ينابيع المودة). ومنهم العلامة العلامة المناوي في (شرح الجامع الصغير) (ص 246) ذكر بعين ما تقدم عن (ينابيع المودة). (*)

ص 598

وأخرج ابن سعد عن الحسن بن يزيد بن الحسن قال: لم يعبد علي الأوثان قط.

تضرعه عليه السلام وابتهاله على الله تعالى

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي في (الأمالي) (ج 2 ص 143 ط مصر) روى حديثنا مسندا ينتهي سنده إلى رجل من همدان، (تقدم منا ذكر مداركه في ج 3 ص 425) وفيه قال معاوية لضرار: يا ضرار صف لي عليا فساق الحديث إلى أن قال: وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله، وغارت نجومه وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غري غيري أبي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات قد باينتك ثلاثا لا رجعة فيها فعمرك قصير، وخطرك حقير آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فبكي معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن فلقد كان كذلك. ومنهم الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في (حلية الأولياء) (ج 1 ص 84 ط السعادة بمصر) ومنهم العلامة أبو إسحاق إبراهيم القيرواني المالكي في (زهر الأدب) (ج 1 ص 43 المطبوع بهامش عقد الفريد ط الشرفية بمصر) ومنهم الحافظ ابن عبد البر في (الاستيعاب) (ج 2 ص 463 ط حيدر آباد) ومنهم العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الحنفي في (ربيع الأبرار) (ص 15 مخطوط) ومنهم العلامة الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في (صفة الصفوة) (ج 1

ص 599

ص 121 حيدر آباد) ومنهم العلامة العارف الشيخ أبو محمد عفيف الدين اليافعي اليماني الشافعي في (الارشاد والتطريز) (ص 122 ط القاهرة) ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) ومنهم العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) (ج 4 ص 277 ط القاهرة) ومنهم العلامة العارف الشيخ جمال الدين الشهير بابن حسنويه في (در بحر المناقب) (ص 9 مخطوط) ومنهم العلامة النسابة الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب المصري في (نهاية الإرب) (ج 3 ص 176 ط القاهرة) ومنهم العلامة جمال الدين الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) (ص 134 ط مطبعة القضاة) ومنهم العلامة محب الدين الطبري في (الرياض النضرة) (ج 2 ص 212 ط مكتبة الخانجي بمصر) وفي (ذخائر العقبى) (ص 100 ط مكتبة القدسي بمصر) ومنهم العلامة الشيخ شهاب الدين محمد بن أحمد الحلي الشافعي الابشهي في (المستطرف) (ج 1 ص 127 ط القاهرة) ومنهم العلامة المحدث ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 111 ط الغري) ومنهم العلامة الشيخ سعدي الإبي الشافعي في (الإرجوزة) (ص 300 مخطوط)

ص 600

ومنهم العلامة الشيخ عبد الرؤوف المناوي في (الكوكب الدرية) (ص 44 ط الأزهرية بمصر) ومنهم العلامة الشيخ محمد عبد المعطي المصري الشافعي في (أخبار الأول) (ص 37) ومنهم العلامة الشيخ عبد الله عامر الشبراوي المصري في (الاتحاف بحب الأشراف) (ص 7 ط مصر) ومنهم العلامة الشيخ مصطفى رشدي الدمشقي في (الروضة الندية) (ص 13 ط الخيرية بمصر) ومنهم العلامة المعاصر الشيخ يوسف النبهاني البيروتي في (الشرف المؤبد لآل محمد) (ص 59 ط مصر) ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 100 ط الشرفية بمصر) ومنهم العلامة المعاصر الشيخ محمد بن مخلوف المالكي المصري في (الطبقات المالكية) (ج 2 ص 72 ط مطبعة السلفية بالقاهرة).

كان عليه السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة

رواه القوم: ومنهم العلامة الصنعاني في (الطبقات للمعتزلة) (ص 87) قال: عن الباقر عليه السلام أنه قال: أعتق علي عليه السلام ألف عبد وكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. ومنهم العلامة الكشفي الترمذي في (المناقب المرتضوية) (ص 364 ط بمبئي)

 

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج8)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب