الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج11)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 151

السادس عشر ما رواه القوم:

 منهم العلامة شمس الدين الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (ج 3 ص 173 ط مصر) قال: القاسم بن الفضل الحداني، حدثنا أبو هارون قال: انطلقنا حجاجا فدخلنا المدينة، فدخلنا على الحسن، فحدثنا بمسيرنا وحالنا، فلما خرجنا بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة، فرجعنا فأخبرناه بيسارنا، فقال: لا تردوا علي معروفي، فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيرا، أما إني مزودكم. إن الله يباهي ملائكته بعبادة يوم عرفة.

السابع عشر ما رواه القوم:

منهم الحافظ الشيخ جلال الدين السيوطي الشافعي سنة 911 في كتابه (الكنز المدفون) (ص 234 طبع بولاق) قال: فائدة: قيل للحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وجعل في الجنان مقرهما: لأي شيء نراك ترد سائلا وإن كنت على فاقة فقال رضي الله تعال عنه ورضي عنا به في الدنيا والآخرة: إني لله سائل وفيه راغب وأنا أستحيي أن أكون سائلا وأرد سائلا، وأن الله تعالى عودني عادة أن يفيض نعمة علي وعودته أن أفيض نعمه على الناس، فأخشى إن قطعت العادة أن يمنعني المادة، وأنشد يقول: إذا ما أتاني سائل قلت مرحبا * بمن فضله فرض علي معجل ومن فضله فضل على كل فاضل * وأفضل أيام الفتى حين يسأل ومنهم العلامة الشيخ محمد رضا المصري المالكي في (الحسن والحسين سبطا رسول الله (ص) (ص 10 ط القاهرة). روى الحديث بعين ما تقدم عن (الكنز المدفون) لكنه ذكر بدل قوله يمنعني المادة: يمنعني العادة.

ص 152

الثامن عشر ما رواه القوم:

منهم العلامة عبداه بن الحسين بن عبداه الحنبلي البغدادي العكبري المتوفى سنة 616، والمولود سنة 538 في (التبيان في شرح الديوان - أي ديوان المتبنى) (ج 3 ص 196 ط الحلبي بمصر): ويحكى أن الحسن بن علي عليهما السلام أتاه مال من معاوية، فقسمه فلم يبق إلا خمسمائة دينار، فأراد أن يقوم بها من مجلسه، فالتفت وإذا أعرابي قد جاء على ناقة له، فقال الحسن لغلامه: ادفع إليه هذه الدنانير، وقل له: إنك أتيت ولم يبق عندنا سواها، فأخذها الأعرابي وقال له: يا ابن بنت رسول الله، والله ما أتيتك إلا قاصدا، فماذا أعلمك بحالي، فقال له: إنا أناس نعطي قبل السؤال شحا على ما رجاه السائل لنا، ثم أنشد: نحن أناس جنابنا خضل * يسرع فيه الرجاء والأمل نبذل قبل السؤال نائلنا * شحا على ما رجاه من يسل

ص 153

عفوه وكرمه

ما رواه القوم: منهم العلامة الخوارزمي في (مقتل الحسين) (ص 131 ط الغري) قال: (وروي) إن غلاما للحسن جنى جناية توجب العقاب فأمر به أن يضرب فقال: يا مولاي (والعافين عن الناس) قال: عفوت عنك، قال: (والله يحب المحسنين) قال: أنت حر لوجه الله ولك ضعف ما أعطيتك.

إنه وجد لقمة ملقاة في الخلاء فأخذها ليغسلها ويأكلها وأعتق من أكلها في غيبته.

رواه القوم: منهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزي المتوفى سنة 1293 في (ينابيع المودة (ص 225 ط اسلامبول) قال: روى الإمام علي الرضا: إن الحسن المجتبى دخل الخلاء فوجد لقمة ملقاة فمسحها بعود فدفعها إلى رقيقه، فلما خرج طلبها قال: أكلتها يا مولاي، قال له: أنت حر لوجه الله تعالى، ثم قال: سمعت جدي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من وجد لقمة ملقاة فمسحها أو غسلها ثم أكلها أعتقه الله تعالى من النار فلا أكون أن أستعبد رجلا أعتقه الله عز وجل من النار.

ص 154

فراسته

رواه القوم: منهم العلامة الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن قيم الجوزية الحنبلي المتوفى سنة 751 في (الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية) (ص 38 ط المحمدية في القاهرة). ومن الفراسة، فراسة الحسن بن علي رضي الله عنهما لما جئ إليه بابن ملجم، قال له: أريد أسارك بكلمة فأبى الحسن، وقال: تريد أن تعض أذني، فقال ابن ملجم: والله لو أمكنتني منها لأخذتها من صماخيها.

من كراماته

رواه القوم: منهم العلامة الشيخ عبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة 1031 في (الكواكب الدرية) (ج 1 ص 54 ط الأزهرية بمصر) قال: ومنها أنه رأى (حسن بن علي عليه السلام) مر يوما بامرئة معها مولود فجاء عقاب فاختطفه فتعلقت أمه بالحسن رضي الله عنه، وقالت: يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ابني فبسط يده ودعى، فجاء العقاب وجعل ولدها على يدها ولم يضره.

ص 155

ومن كراماته ما رواه القوم: منهم الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في (دلائل النبوة) (ص 494 ط حيدر آباد الدكن) قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف، ثنا إبراهيم بن فهر، قال: ثنا عبد الرحمن ابن صالح، ثنا موسى بن عثمان، عن الأعمش، عن أبي هريرة، قال: كان الحسن عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء وكان يحبه حبا شديدا، فقال: أذهب إلى أمي فقلت أذهب معه يا رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: لا، فجائت برقة من السماء فمشى في ضوئها حتى بلغ إلى أمه. ومن كراماته ما رواه القوم: منهم العلامة أحمد بن حجر الهيتمي المتوفى 974 في (الصواعق المحرقة) (ص 194، ط عبد اللطيف بمصر) قال: وذكر البارزي عن المنصور: أنه رأى رجلا بالشام وجهه وجه خنزير فسأله فقال: إنه كان يلعن عليا كل يوم ألف مرة، وفي الجمعة أربعة آلاف مرة وأولاده معه، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله - وذكر مناما طويلا من جملته - أن الحسن شكاه إليه فلعنه ثم بصق في وجهه فصار موضع بصاقه خنزيرا وصار آية للناس.

ص 156

طلاقها المرئة الخثعمية لما هنأته بالخلافة حين استشهد علي

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ البيهقي في (السنن الكبرى) (ج 7 ص 257 ط حيدر آباد الدكن) قال: (أخبرنا) أبو الحسن بن الحسين بن علي البيهقي صاحب المدرسة بنيسابور، أنبأ أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد القرميسيني بها، ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، ثنا محمد بن حميد الرازي، ثنا سلمة بن الفضل، ثنا عمرو بن أبي قيس عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، قال، كانت الخثعمية تحت الحسن بن علي رضي الله عنهما فلما أن قتل علي رضي الله عنه بويع الحسن بن علي، دخل عليها الحسن بن علي فقالت له: لتهنئك الخلافة، فقال الحسن بن علي، أظهرت الشماتة بقتل علي، أنت طالق ثلاثا - الحديث. ثم قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا إبراهيم بن محمد الواسطي، نا محمد بن حميد الرازي، فذكر الحديث بعين ما تقدم عنه أولا سندا ومعنى. ومنهم العلامة شمس الدين الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (ج 3 ص 174 ط مصر). روى الحديث عن سويد بن غفلة بعين ما تقدم عن (السنن الكبرى).

ص 157

امتناعه ثمانية أشهر عن تسليم الأمر إلى معاوية

رواه القوم: منهم العلامة ابن عبد البر الأندلسي في (الاستيعاب) (ج 1 ص 140 ط حيدر آباد الدكن) قال: وحدثنا خلف، نا عبد الله، نا أحمد، نا يحيى بن سليمان، حدثني الحسن بن زياد حدثني أبو معشر، عن شرحبيل بن سعد، قال: مكث الحسن بن علي نحوا من ثمانية أشهر لا يسلم الأمر إلى معاوية.

ص 158

طعنوه بخنجر وهو ساجد

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 142 نسخة جامعة طهران) قال: حدثنا محمود بن محمد الواسطي، نا وهب بن بقية، أنا خالد عن حصين، عن أبي جميلة أن الحسن بن علي رضي الله عنه حين قتل علي رضي الله عنه استخلف، فبينما هو يصلي بالناس إذ وثب إليه رجل، فطعنه بخنجر في وركه، فتمرض منها أشهرا ثم قام على المنبر يخطب، فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فإنا أمرائكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال الله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير) فما زال يومئذ يتكلم حتى ما يرى المسجد إلا باكيا. ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (ص 137 ط عبد اللطيف بمصر). روى الحديث بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير). ومنهم العلامة الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (ج 3 ص 180 ط مصر). روى عن يزيد، قال: أنبأنا العوام بن حوشب، عن هلال بن يساف بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير) لكنه ذكر بدل كلمة ضيفانكم: أضيافكم، وقال في آخر الحديث: فما رأيت باكيا أكثر من يومئذ. ومنهم الحافظ نور الدين الهيتمي المتوفى سنة 807 في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 172 ط مكتبة القدسي في القاهرة).

ص 159

روى الحديث من طريق الطبراني، عن أبي جميلة بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير) إلا أنه قال: فطعنه بخنجر في وركه: وأسقط قوله: وهو ساجد. ومنهم العلامة ابن الأثير الجزري المتوفى 630 في (أسد الغابة) (ج 2 ص 14 ط مصر). روى الحديث من قوله: خطب الناس - الخ بمعنى ما تقدم عن (المعجم الكبير) إلا أنه أسقط: اتقوا الله فينا. ومنهم العلامة توفيق أبو علم في (أهل البيت) (ص 19 ط مطبعة السعادة بمصر). روى الحديث عن أبي حاتم بسنده عن أبي جميلة بمعنى ما تقدم عن (المعجم الكبير). ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 292 ط اسلامبول). روى الحديث عن البزار وغيره بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير). ومنهم العلامة الشيخ علي بن برهان الدين الشامي الحلبي الشافعي المتوفى سنة 1044 في (أسنان العيون، الشهيرة بالسيرة الحلبية) (ج 3 ص 189 ط القاهرة). روى الحديث بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير) من قوله: خطب الناس - الخ إلا أنه أسقط كلمة: وضيفانكم. ومنهم العلامة النبهاني في (الشرف المؤبد) (ص 61 ط مصر). روى شطرا من الحديث وهو قوله: فإنا أمرائكم إلى قوله: تطهيرا، ثم قال: وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سمع نشيجه. ومنهم العلامة ابن كثير الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 14 ط مصر) قال: أمر الحسن بن علي قيس بن سعد بن عبادة على المقدمة في اثنى عشر ألفا بين يديه

ص 160

وسار هو بالجيوش في أثره قاصدا بلاد الشام، ليقاتل معاوية وأهل الشام فلما اجتاز بالمدائن نزلها وقدم المقدمة بين يديه، فبينما هو في المدائن معسكرا بظاهرها إذ صرخ في الناس صارخ: ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل، فثار الناس فانتهبوا أمتعته بعضهم بعضا حتى انتهبوا سرادق الحسن، حتى نازعوه بساطا كان جالسا عليه، وطعنه بعضهم حين ركب طعنة أثبتوه وأشوته فكرههم الحسن كراهية شديدة وركب فدخل القصر الأبيض من المدائن فنزله وهو جريح. ومنهم العلامة ابن حجر العسقلاني في (الإصابة) (ج 1 ص 329 ط مصطفى محمد بمصر) قال: وأخرج ابن سعد من طريق مجالد عن الشعبي وغيره، قال: بايع أهل العراق بعد علي الحسن بن علي، فسار إلى أهل الشام وفي مقدمته قيس بن سعد في اثنى عشر ألفا يسمون شرطة الجيش، فنزل قيس بمسكن من الأنبار ونزل الحسن المدائن فنادى مناد عسكر الحسن ألا إن قيس بن سعد قتل، فوقع الانتهاب في العسكر حتى انتهبوا فسطاط الحسن وطعنه رجل من بني أسد بخنجر. ومنهم العلامة القاضي الشيخ حسين بن محمد بن حسن المالكي الديار بكري المكي المتوفى سنة 966 وقيل 983 في (تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس) (ج 2 ص 289 ط الوهبية بمصر سنة 1283) قال: فلما خرج الحسن عدا عليه الجراح بن الأسد ليسير معه فوجأه بالخنجر في فخذه ليقتله، فقال الحسن: قتلتم أبي بالأمس ووثبتم علي اليوم تريدون قتلي زهدا في العادلين ورغبة في القاسطين، والله لتعلمن نبأه بعد حين، ثم كتب إلى معاوية بتسليم الأمر إليه كما سيجئ.

ص 161

صبره

ما رواه القوم: منهم العلامة الشيخ أحمد بن عبد الله المصري القلقشندي المتوفى سنة 821 في (مآثر الانافة في معالم الخلافة) (ص 167 ط الكويت) قال: قيل: إنه لما سار الحسن من الكوفة عرض له رجل فقال له: يا مسود وجوه المؤمنين، فقال: لا تعذلني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أن بني أمية ينزون على منبره واحدا فواحدا، فساءه ذلك، فأنزل الله تعالى عليه (إنا أنزلناه في ليلة القدر - الآيات) يعني ألف شهر يملكها بنوا أمية (1) ومنهم العلامة الروداني في (جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد) (ص 433).

(هامش)

(1) قال الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في (أهل البيت) (ص 371 ط مطبعة السعادة بالقاهرة): وإن مهادنة الحسن وشهادة الحسين عليهما السلام قائمتان على فكرة عميقة منبعثة من وحي جدهما الرسول (ص)، ولولا صلح الإمام الحسن وشهادة أخيه سيد الشهداء لما بقي للاسلام اسم ولا رسم وفي ذلك يقال إنه كما كان الواجب في الظروف التي ثار فيها الحسين سلام الله عليه على طاغوت زمانه أن يحارب ويقاتل حتى يقتل هو وأصحابه وتسبى عياله ودايع رسول الله (ص) كما كان هذا هو المتعين في فن السياسة وقوانين الغلبة، كذلك كان الواجب في ظروف الحسن رضي الله عنه وملابساته هو الصلح، وشهادة الحسين، والذي لولاه لما بقي للاسلام اسم ولضاعت كل جهود سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به للناس من خير وبركة ورحمة. (*)

ص 162

روى الحديث من طريق الترمذي بمعنى ما تقدم عن (مآثر الانافة) وذكر فيه نزول سورة الكوثر والقدر، ثم قال: قال القاسم بن الفضل: فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما.

فصاحته

قال في (الحاوي) ص 264: وأخرج ابن سعد، وابن أبي حاتم في تفسيره، عن أبي جعفر قال: قال علي بن أبي طالب للحسن: قم فاخطب الناس يا حسن، قال: إني أهابك أن أخطب وأنا أراك فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه، فقام الحسن ثم نزل فقال علي: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. أقول: وسيجئ نبذ من خطبه عليه السلام وكلماته وفيها دلالة على كمال فصاحته.

ص 163

دفاعه حين أراد معاوية الاهانة به في مجلسه

رواه القوم: منهم العلامة المحقق أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري المتوفى سنة 538 في (ربيع الأبرار) (ص 334 مخطوط) قال: وضع معاوية بين يدي الحسن بن علي عليهما السلام دجاجة ففكها فقال له: هل بينك وبين أمها عداوة، فقال الحسن عليه السلام: فهل بينك وبين أمها قرابة، وإنما أراد معاوية أن يوقر مجلسه الحسن عليه السلام كما يوقر مجلس الملوك، والحسن عليه السلام أعلم منه بالآداب والرسوم المستحسنة ولكن معاوية كان في عينه أقل من ذلك وأحقر وما عده معد نظرائه فضلا أن يعتد بملكه ويعبأ بمجلسه ولذلك قرعه بقوله الذي صك به وجهه وهدم آيينه وأراه أنه ليس عنده بالمثابة التي قصدها وطمع منه فيها وما [لأن - خ ل] موقع ملك الباغي من سبط النبوة وسليل الخلافة. ومنهم العلامة البدخشي في (مفتاح النجا) (ص مخطوط) قال: وروى ابن عباس قال: دخل الحسن بن علي عليه السلام على معاوية بعد عام الجماعة وهو جالس في مجلس ضيق فجلس عند رجليه فتحدث معاوية بما شاء أن يتحدث ثم قال: عجبا لعائشة تزعم أني في غير ما أنا أهله وأن الذي أصبحت فيه ليس لي بحق ما لها ولهذا يغفر الله لها إنما كان ينازعني في هذا الأمر أبو هذا الجالس وقد أستأثر الله به، فقال الحسن: أوعجب ذلك يا معاوية، قال: أي والله، قال: أفلا أخبرك بما هو أعجب من هذا، قال: ما هو؟ قال: جلوسك في صدر المجلس وأنا عند رجليك.

ص 164

إخباره عن كيفية شهادة أخيه الحسين وعن كيفية شهادة نفسه

رواه القوم: منهم العلامة المحدث العارف الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بابن حسنويه المتوفى سنة 680 في كتابه (درر بحر المناقب) (ص 132 المخطوط). وروى عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما دخل يوما على الحسن رضي الله عنه، فلما نظر إليه بكى، فقال: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكي مما يصنع بك، فقال له الحسن رضي الله عنه: إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فأقتل به ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدعون أنهم من أمة جدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وينتحلون الإسلام فيجتمعون على قتلك وسفك دمائك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك، فعندها يحل ببني أمية اللعنة وتمطر السماء رمادا ودما ويبكي عليك كلشئ حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار.

ص 165

تأريخ وفاته

ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري المتوفى سنة 405 في (المستدرك) (ج 3 ص 169 ط حيدر آباد الدكن) حيث قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، ثنا جدي، ثنا إبراهيم بن المنذر، حدثني أبو واقد قال: توفي أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب في ربيع الأول سنة تسع وأربعين. ومنهم العلامة بن عبد البر، في (الاستيعاب) (ج 1 ص 141 ط حيدر آباد) قال: مات الحسن بن علي (رض) بالمدينة، واختلف في وقت وفاته، فقيل: مات سنة تسع وأربعين، وقيل: بل مات سنة خمسين بعد ما مضى من أمارة معاوية عشر سنين، وقيل: بل مات سنة إحدى وخمسين ودفن ببقيع. ومنهم الحافظ الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 129 نسخة جامعة طهران) قال: حدثنا محمد بن علي فسقه، نا داود بن رشيد، عن الهيثم بن عدي قال: هلك الحسن بن علي رضي الله عنه سنة أربع وأربعين. وقال: حدثنا عبيد بن غنام، نا أبو بكر بن أبي شيبة قال: مات الحسن بن علي رضي الله عنهما سنة ثمان وأربعين. وقال:

ص 166

حدثنا عبيد، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا يحيى بن أبي بكير، نا شعبة، عن أبي بكر بن حفص قال توفي سعد والحسن بن علي رضي الله عنهم سنة ثمان وأربعين. وقال: حدثنا عبيد، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا يحيى بن أبي بكير، نا شعبة، عن أبي بكر بن حفص قال: توفي سعد والحسن بن علي بعد ما مضى من أمرة معاوية عشر سنين رضي الله عنهم. وقال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: [حدثنا خ ل] سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: مات الحسن بن علي رضي الله عنه وهو ابن سبع وأربعين. وقال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: مات الحسن بن علي رضي الله عنه سنة ثمان وأربعين. وقال: حدثنا أبو الزنباع، نا يحيى بن بكير قال: توفي الحسن بن علي تسع وأربعين وصلى عليه سعيد بن العاص، وكان موته بالمدينة وسنة ست أو سبع وأربعين ويكنى أبا محمد. وقال: حدثنا المقدام بن داود، نا علي بن معبد، نا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله ابن محمد بن عقيل قال: كانت الفتنة خمس سنين للحسن بن علي رضي الله عنه من ذلك أربعة أشهر وكانت الجماعة على معاوية سنة أربعين. وقال: حدثنا محمد بن علي المديني، نا أبو زيد عمر بن شيبة، عن أبي نعيم قال: وفيها

ص 167

مات الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص سنة ثمان وخمسين. وقال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: توفي الحسن بن علي رضي الله عنه سنة تسع وأربعين في شهر ربيع الأول. وقال: حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري، نا يحيى بن بكير قال: توفي الحسن بن علي رضي الله عنه سنة تسع وأربعين وصلى عليه سعيد بن العاص وكان موته بالمدينة وسنة ست أو سبع وأربعين. ومنهم العلامة الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (ج 3 ص 186 ط مصر) قال: مات فيما قيل سنة تسع وأربعين، وقيل في ربيع الأول سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين. ومنهم العلامة العسقلاني في (الإصابة) (ج 1 ص 330 ط مصطفى محمد بمصر) قال: قال الواقدي: مات سنة تسع وأربعين، وقال المدائني: مات سنة خمسين، وقيل سنة ثمان وخمسين، وقيل: إحدى وخمسين (إلى أن قال): ويقال أنه مات مسموما. ومنهم العلامة عثمان بن سراج الدين الجوزجاني في (طبقات ناصري) (ص 83 ط كابل) قال: قيل: توفي الحسن في (ربيع الأول) سنة خمسين. وكان سنه عليه السلام 47. ومنهم العلامة المقدسي في (الاكمال في أسماء الرجال) (نسخة مكتبة الشام) قال: ومات (أي الحسن عليه السلام) سنة تسع وأربعين، وقيل: بل مات سنة خمسين، وقيل:

ص 168

سنة إحدى وخمسين ودفن بالبقيع. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. ومنهم العلامة المذكور في (البدء والتأريخ) (ج 5 ص 74 ط الخانجي بمصر) قال: ومات (أي الحسن بن علي عليهما السلام) سنة سبع وأربعين فكان عمره خمسا وأربعين. وفي (ص 238، الطبع المذكور). مات سنة سبع وأربعين من الهجرة، رضوان الله عليه. ومنهم العلامة ابن الأثير الجزري في (أسد الغابة) (ج 2 ص 10 ط مصر). روى بسنده عن أبي بكر بن عبد الرحيم الزهري يقول: ولد الحسن بن علي (إلى أن قال): توفي بالمدينة سنة تسع وأربعين، وقيل: ولد للنصف من شعبان سنة ثلاث، وقيل: ولد بعد أحد بسنة، وقيل: بسنتين، وكان بين ولادته والهجرة سنتان وستة أشهر ونصف. ومنهم العلامة الخطيب التبريزي في (إكمال الرجال) (ص 267 ط دمشق) قال: مات (أي الحسن) سنة خمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين، وقيل: تسع وأربعين، وقيل: أربع وأربعين، ودفن بالبقيع. ومنهم العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 268 ط الغري). سقي عليه السلام سما فبقي مريضا أربعين يوما ومات في صفر سنة خمسين من الهجرة وله يومئذ ثمان وأربعون سنة وتولى أخوه دفنه عند جدته فاطمة بالبقيع. ومنهم العلامة السفاريني الحنبلي في (شرح ثلاثيات أحمد) (ج 2 ص 558 ط دمشق) قال: وكانت وفاته سنة سبع وأربعين، وقيل: سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين.

ص 169

شهادته بالسم وكتمانه لاسم قاتله

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة ابن عبد البر الأندلسي في (الاستيعاب) (ج 1 ص 141 ط حيدر آباد الدكن) قال: وذكر أبو زيد عمر بن شبة وأبو بكر بن أبي خيثمة، قالا: نا موسى بن إسماعيل قال: نا أبو هلال، عن قتادة قال: دخل الحسين على الحسن رضي الله عنهما، فقال: يا أخي إني سقيت السم ثلاث مرار لم أسق مثل هذه المرة إني لأضع كبدي، فقال الحسين من سقاك يا أخي؟ قال: ما سؤالك عن هذا أتريد أن تقاتلهم أكلهم إلى الله. وفي (ص 142، الطبع المذكور) قال: حدثني عبد الوارث، ثنا قاسم، نا عبد الله بن روح، نا عثمان بن عمر بن فارس قال: نا ابن عون، عن عير بن إسحاق، قال: كنا عند الحسن بن علي فدخل المخرج ثم خرج فقال: لقد سقيت السم مرارا وما سقيته مثل هذه المرة ولقد لفظت بطائفة من كبدي فرأيتني أقلبها بعود معي، فقال له الحسين: يا أخي من سقاك؟ قال: وما تريد إليه أتريد أن تقتله؟ قال: نعم، قال: لئن كان الذي أظن فالله أشد نقمة ولئن كان غيره ما أحب أن تقتل بي بريئا. وفي (ص 141، الطبع المذكور). قال قتادة وأبو بكر بن حفص: سم الحسن بن علي رضي الله عنهما سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي، وقالت طائفة: كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك لها ضرائر، والله أعلم.

ص 170

ومنهم العلامة الخوارزمي في (مقتل الحسين) (ص 105 ط الغري) قال: (قال) أبو العلا: وأخبرنا عبد القادر بن محمد البغدادي، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا محمد بن العباس، أخبرنا أحمد بن معروف، أخبرنا حسين بن محمد، أخبرنا محمد بن سعد، أخبرنا مسلم بن إبراهيم، أخبرنا ديلم بن غزوان، حدثنا وهب ابن أبي ذبي الهنائي، عن أبي حرب أو أبي الطفيل قال: قال الحسن بن علي [ليس - ظ] ما بين جابلقا وجابرسا رجل جده نبي غيري ولقد سقيت السم مرتين. ومنهم الحافظ أبو نعيم الاصفهاني المتوفى 430 في (حلية الأولياء) (ج 2 ص 38 ط السعادة بمصر) قال: حدثنا محمد بن علي، ثنا أبو عروبة الحراني، ثنا سليمان بن عمر بن خالد، ثنا ابن علية، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: دخلت أنا ورجل على الحسن ابن علي نعوده، فقال: يا فلان سلني، قال: لا والله لا نسألك حتى يعافيك الله ثم نسألك قال: ثم دخل ثم خرج إلينا فقال: سلني قبل أن لا تسألني، فقال: بل يعافيك الله ثم أسألك، قال: لقد ألقيت طائفة من كبدي، وإني سقيم السم مرارا فلم أسق مثل هذه المرة، ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسن عند رأسه وقال: يا أخي من تتهم؟ قال: لتقتله: قال: نعم، قال: إن يكن الذي أظن فالله أشد بأسا وأشد تنكيلا وإلا يكن فلا أحب أن يقتل بي بري، ثم قضى رضوان الله تعالى عليه. ومنهم العلامة العسقلاني في (الإصابة) (ج 1 ص 330 ط مصطفى محمد بمصر) قال: قال ابن سعد: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي، فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا، فأتاه الحسين بن علي، فسأله: من

ص 171

سقاك؟ فأبى أن يخبره، رحمه الله تعالى. ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (ص 139 ط عبد اللطيف بمصر). روى ما تقدم عن (الاستيعاب) أولا وثانيا. وقال: وفي رواية: يا أخي قد حضرت وفاتي ودنا فراقي لك، وإني لاحق بربي وأجد كبدي تقطع، وإني لعارف من أين دهيت فأنا أخاصمه إلى الله تعالى فبحقي عليك لا تكلمت في ذلك بشيء فإذا أنا قضيت فقمصني وغسلني وكفني واحملني على سريري إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أجدد به عهدا ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة بنت أسد فادفني هناك وأقسم عليك بالله أن لا تريق في أمري محجمة دم. ومنهم العلامة مبارك بن الأثير الجزري في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 20 ط النسخة الظاهرية بدمشق). روى الحديث بمعنى ما تقدم عن (حلية الأولياء). ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 114 ط مصر). روى الحديث إلى قوله: وأنا أخاصمه لكنه ذكر بدل كلمة دنا: حان. ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 157 مخطوط). روى الحديث بعين ما تقدم أولا وثانيا عن (الاستيعاب) ملفقا. وقال: ثم قال له الحسن: يا أخي حضرت وفاتي وحان فراقي وإني لاحق بربي وإني كبدي تنقطع وإني لعارف من أين ذهيت، وأنا أخاصمه إلى الله تعالى فبحقي عليك لا تكلمت في ذلك بشيء، فإذا قضيت نحبي فغمضني وغسلني وكفني واحملني على سرير إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله لأجدد به عهدا.

ص 172

أمره حين حضرته الوفاة بإخراج فراشه إلى الصحن

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 138 نسخة جامعة طهران) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، نا عثمان بن أبي شيبة، نا أبو أسامة، عن سفيان بن عيينة، عن رقبة بن مصقلة قال: أخرجوني إلى الصحراء لعلي أنظر في ملكوت السماوات يعني الآيات، فلما أخرج به قال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك، فإنها أعز الأنفس علي وكان مما صنع الله له إنه احتسب نفسه. ومنهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد في (مقتل الحسين) (ص 137 ط الغري) قال: وقال رقبة بن مصقلة: لما نزل بالحسن بن علي عليه السلام الموت قال: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار، فأخرج فقال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإني لم أحتسب بمثلها. ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 175 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق).

ص 173

قال الحافظ أبو نعيم: لما اشتد المرض بالحسن رضي الله عنه قال: أخرجوني في شي إلى صحن الدار لعلي أتفكر. فذكر بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير). ومنهم العلامة ابن كثير في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 43 ط مصر) قال: روى الحديث عن سفيان بن عيينة، عن رقبة بن مصقلة قال: لما احتضر الحسن ابن علي قال: أخرجوني إلى الصحن أنظر في ملكوت السماوات، فأخرجوا فراشه فرفع رأسه فنظر فقال. ثم ساق الحديث بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير).

ص 174

جزعه من ملاقات الموت

رواه القوم: منهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 175) قال: ولما حضرته الوفاة قد حصل له جزع، فقال له الحسين: يا أخي لم تجزع إنك ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما أماك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك فقال له الحسن: يا أخي ما جزعي إلا أني أدخل في أمر لم أدخل في مثله وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثلهم قط، فبكى الحسين عند ذلك. ومنهم العلامة شمس الدين السفاريني في (شرح ثلاثيات أحمد) (ج 2 ص 558 ط دمشق) قال: ولما حضرته الوفاة جزع جزعا شديدا. فذكر الحديث بمثل ما تقدم.

ص 175

منع مروان وبني أمية عن دفنه عند قبر جده

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ عما الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي المتوفى 774 في (البداية والنهاية) (چ 8 ص 44 ط مصر) قال: وقال الواقدي: ثنا إبراهيم بن الفضل، عن أبي عتيق قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: شهدنا حسن بن علي يوم مات وكادت الفتنة تقع بين الحسين بن علي ومروان بن الحكم، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول الله، فإن خاف أن يكون في ذلك قتال أو شر فليدفن بالبقيع، فأبى مروان أن يدعه - ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية - ولم يزل مروان عدوا لبني هاشم حتى مات. ومنهم العلامة الشيخ عبد الهادي (نجا) الأبياري المصري السالك المعاصر في كتاب (جالية الكدر) في شرح منظومة البرزنجي (ص 179 ط مصر). ودفن بالبقيع بعد أن أوصى أن يدفن مع جده صلى الله عليه وآله وسمحت له عائشة بذلك فمنعه مروان إذ كان واليا على المدينة فدفن إلى جنب أمه بالبقيع (إلى أن قال:) وكان يشبه النبي صلى الله عليه وآله من رأسه إلى سرته، والحسين يشبهه من سرته إلى قدمه. ومنهم العلامة الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 138 نسخة جامعة طهران): حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، نا محمد بن منصور الطوسي، نا أبو أحمد الزبيري، نا عبد الرحيم بن عبدويه، حدثني شرجيل قال: كنت مع الحسين بن علي رضي الله عنه وأخرج بسرير الحسن بن علي رضي الله عنه وأراد أن يدفنه مع

ص 176

النبي صلى الله عليه وآله، فخاف أن يمنعه بنو أمية، فلما انتهوا به إلى المسجد قامت بنو أمية، فقام عبد الله بن جعفر، فقال: إني سمعته يقول: إن منعوكم، فادفنوني مع أمي. ومنهم العلامة جمال الدين الزرندي في (نظم درر السمطين) (ص 205 ط مطبعة القضاء) قال: عن أبي حازم، عن أبي هريرة أن الحسن بن علي قال لأخيه: إذا أنا مت فاحفر لي مع النبي صلى الله عليه وآله وإلا في بيت فاطمة، فلما بلغ بني أمية أقبلوا عليهم السلاح وقالوا: لا والله لا يحفر بالمسجد قبر، ونادى الحسين في بني هاشم، فأقبلوا عليهم السلاح، ثم ذكر قول أخيه: لا يرفعن في ضوضاء، فحفر له بالبقيع، قال أبو هريرة: فإني في الحفرة وشابان من قريش يطرحان في القبر التراب فقلت لهما: أرأيتما لو أدركتم أحدا من ولد موسى وعيسى كيف إذا فعلتم؟ فقالا: فعلنا وفعلنا، فقال أبو هريرة: كذبتم أما سمعتم رسول الله يقول: (من أحبني فليحبهما). ومنهم العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 269 ط الغري). أخبرنا يوسف الحافظ، أخبرنا ابن أبي زيد، أخبرنا محمود، أخبرنا ابن فاذشاه أخبرنا الطبراني، حدثنا الحضرمي. فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (المعجم الكبير) سندا ومتنا. ومنهم الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيتمي في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 178 ط القدسي بالقاهرة). روى الحديث من طريق الطبراني، عن شرحبيل بعين ما تقدم عنه في (المعجم الكبير).

ص 177

ومنهم العلامة ابن عبد البر، في (الاستيعاب) (ج 1 ص 142 ط حيدر آباد) قال: فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة فطلب ذلك ج 1 ص 142 ط حيدر آباد) قال: فلما مات الحسن أتى الحسين عائشة فطلب ذلك إليها فقالت: نعم وكرامة فبلغ ذلك مروان فقال مروان: كذب وكذبت والله لا يدفن هناك أبدا منعوا عثمان من دفنه في المقبرة ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة فبلغ ذلك الحسين فدخل هو ومن معه في السلاح، فبلغ ذلك مروان فاستلئم في الحديد أيضا. ومنهم العلامة أبو الفداء إسماعيل صاحب بلدة حماة في (المختصر في أخبار البشر) (ج 1 ص 183 ط مصر) قال: وكان الحسن قد أوصى أن يدفن عند جده رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت عائشة: البيت بيتي ولا آذن أن يدفن فيه. ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 167 مخطوط). ذكر ما تقدم عن (الاستيعاب) بعين عبارته.

ص 178

كلام محمد ابن الحنفية على قبره

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة المورخ شهاب الدين أحمد المعروف بابن عبد ربه في (العقد الفريد) (ج 2 ص 6 ط الشرفية بمصر) قال: ووقف محمد ابن الحنفية على قبر الحسن بن علي رضي الله عنهما فخنقته العبرة ثم نطق فقال: يرحمك الله أبا محمد فلئن عزت حياتك فلقد هدت وفاتك ولنعم الروح روح ضمه بدنك، ولنعم البدن بدن ضمه كفنك وكيف لا يكون كذلك وأنت بقية ولد الأنبياء وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء، غذتك أكف الحق وربيت في حجر الإسلام فطبت حيا وطبت ميتا، وإن كان أنفسنا غير طيبة بفراقك ولا شاكة في الخيار لك. وفي (ج 1 ص 64، الطبع المذكور) مع زيادة يأتي في آخر حالاته عليه السلام. ومنهم العلامة الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) (ص 205 ط مطبعة القضاء). روى الحديث بعين ما تقدم عن (عقد الفريد) إلى قوله: وكيف لا تكون هكذا، ثم قال: وأنت سليل الهدى، وحليف أهل التقى، وخامس أصحاب الكساء، وابن سيدة النساء، ربيت في حجر الإسلام، ورضعت ثدي الإيمان، ولك السوابق العظمى والغايات القصوى، وبك أصلح الله بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولم بك شعث الدين وإنك وأخيك سيدا شباب أهل الجنة، ثم التفت إلى الحسين، فقال: بأبي أنت وأمي وعلى أبي محمد السلام، فلقد طبت حيا وميتا، ثم انتحب طويلا والحسين معه، وأنشد: أأدهن رأسي أم تطيب محاسني * وخدك معفور وأنت سليب سأبكيك ما ناحت حمامة أيكة * وما اخضر في دوح الرياض قضيب غريب وأكناف الحجاز تحوطه * ألا كل من تحت التراب غريب

ص 179

كلام رجل من ولد أبي سفيان على قبره

رواه القوم: منهم العلامة المحقق محمود بن عمر الزمخشري المتوفى سنة 538 في (ربيع الأبرار) (ص 592 مخطوط) قال: وقف رجل من ولد أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب على قبر الحسن بن علي عليهما السلام فقال: أما إن أقدامكم قد نقلت، وأعناقكم قد حملت إلى هذا القبر وليا من أولياء الله يسر نبي الله بمقدمه، وتفتح أبواب السماء لروحه، وتبتهج حور العين بلقائه، وتبش به سادة أهل الجنة من أمهاته، ويوحش أهل الحجى والدين فقده، رحمة الله عليه، وعند الله تحتسب المصيبة به.

ص 180

كلام أبي هريرة يوم شهادته رواه القوم: منهم العلامة ابن كثير الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 44 ط مصر) قال: وقال محمد بن إسحاق: حدثني مساور مولى بني سعد بن بكر قال: رأيت أبا هريرة قائما على مسجد رسول الله يوم مات الحسن بن علي وهو ينادي بأعلى صوته، يا أيها الناس مات اليوم حب رسول الله فابكوا، وقد اجتمع الناس لجنازته حتى ما كان البقيع يسع أحدا من الزحام، وقد بكاه الرجال والنساء سبعا، واستمر نساء بني هاشم ينحن عليه شهرا، وحدث نساء بني هاشم عليه سنة. ومنهم العلامة العسقلاني في (الإصابة) (ج 1 ط مصطفى محمد بمصر) قال: قال الواقدي: حدثنا داود بن سنان، حدثنا ثعلبة بن أبي مالك، شهدت الحسن يوم مات ودفن في البقيع، فرأيت البقيع ولو طرحت فيه أبرة ما وقعت إلا رأس إنسان.

ص 181

كلام ابن عباس مع معاوية حين أخبره بشهادته

رواه القوم: منهم الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيتمي المتوفى سنة 807 في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 178 ط مكتبة القدسي في القاهرة) قال: وعن ميمون بن مهران قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما لما كف بصره يقول لقائده: إذا أدخلتني على معاوية فسددني لفراشه ثم أرسل يدي لا يشمت بي معاوية ففعل ذلك يوما فقال معاوية لبعض جلسائه: ليغتمن فلما جلس معه على فراشه قال: يا ابن عباس آجرك الله في الحسن بن علي، قال: أمات؟ قال: نعم، فقال: رحمة الله ورضوانه عليه وألحقه بصالح سلفه، أما والله يا معاوية لا تسد حفرته، ولا تأكل رزقه ولا تخلد بعده، ولقد رزئنا بأعظم فقدا منه رسول الله صلى الله عليه وآله فما خذلنا الله. رواه الطبراني. ومنهم العلامة الشيخ حسين بن محمد المالكي في (تأريخ الخميس) (ج 2 ص 294 ط الوهبية بمصر) قال: ودخل عليه ابن عباس فقال: يا ابن عباس هل تدري ما حدث في أهل بيتك؟ قال: لا أدري ما حدث إلا أني أراك مستبشرا وقد بلغني تكبيرك فقال: مات الحسن فقال ابن عباس: رحم الله أبا محمد ثلاثا، والله يا معاوية لا تسد حفرته حفرتك، ولا يزيد عمره في عمرك، ولئن كنا أصبنا بالحسن فلقد أصبنا بإمام المتقين وخاتم النبيين فجبر الله تلك الصدعة، وسكن تلك العبرة، وكان الخلف علينا من بعده. ومنهم العلامة الشيخ عثمان ددة الحنفي سراج الدين العثماني في (تاريخ الإسلام والرجال) (ص 380 مخطوط). روى الحديث عن ابن عباس بعين ما تقدم عن (تأريخ الخميس).

ص 182

 

نبذة من خطبه وكلماته عليه السلام

 

 

من خطبة له عليه السلام بعد شهادة أبيه

بعد الحمد والثناء، قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيه رايته فيقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، ولا ترك على وجه الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. رواه العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) (ص 138 ط مكتبة القدسي بمصر). عن زيد بن الحسن من طريق الدولابي، قال: خطب الحسن الناس حين قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فحمد الله وأثنى عليه. ثم ذكرها. ورواه جماعة غيره. وقد روى شطرا منها الحافظ أحمد بن حنبل في (المسند) (ج 1 ص 199 ط الميمنية بمصر) قال:

ص 183

حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا وكيع، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن هبيرة، خطبنا الحسن بن علي رضي الله عنه فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله يبعثه بالراية جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، لا ينصرف حتى يفتح له. ثم قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي رضي الله عنهما فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم، ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله. ورواها العلامة أبو الفرج علي بن الحسين الاصفهاني المتوفى سنة 356 في (مقاتل الطالبيين). بعين ما تقدم أولا عن (ذخائر العقبى) من قوله: يا أيها الناس من عرفني.. الخ، لكنه أسقط كلمة: وأنا ابن الوصي. وروى شطرا منها العلامة مجد الدين ابن الأثير الجزري في (والنهاية) (ج 2 ص 274 ط الخيرية بمصر). وهو قوله عليه السلام: والله ما ترك ذهبا ولا فضة ولا شيئا يصيب إليه. وروى شطرا منها العلامة ابن قتيبة في (الإمامة والسياسة) (ج 1 ص 162 ط مصطفى البابي الحلبي بمصر). عن هبيرة بن شريم قال: سمعت الحسن رضي الله عنه يخطب فذكر أباه وفضله وسابقته ثم قال: والله ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما.

ص 184

ومنهم العلامة ابن الجوزي في (التبصرة) (ص 448 ط القاهرة) قال: أخبرنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله ابن أحمد. فذكر الحديث بعين ما تقدم عنه في (المسند) سندا ومتنا، لكنه ذكر بدل قوله ولا يدركه: ولم يدركه. ورواه جماعة غيره: منهم العلامة الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 139 ط نسخة جامعة طهران) قال: حدثنا بشر بن موسى، نا يحيى بن إسحاق السبلحيني، نا يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم أن الحسن بن علي رضي الله عنه خطب الناس، فقال: يا أيها الناس لقد فقدتم رجلا لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله ليبعثه بالسرية وأن جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، والله ما ترك بيضا ولا صفرا إلا ثمانمائة درهم. قال: وحدثنا محمد بن موسى عثمان بن أبي شيبة، نا علي بن حكيم الأودي، نا شريك عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن الحسن بن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبعثه بالسرية يعني عليا رضي الله عنه، فيقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ولا يرجع حتى يفتح الله عليه. قال: وحدثنا محمد بن محمد الواسطي، نا وهب بن بقيد، نا محمد بن الحسن المزني عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم قال: سمعت الحسن ابن علي رضي الله عنه، يخطب الناس فقال: يا أيها الناس لقد فارقكم بالأمس رجل

ص 185

ما سبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليبعثه المبعث فيعطيه الراية، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، أن جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ما ترك صفرا ولا بيضا إلا سبعمائة درهم أراد أن يشتري بها خادما. ورواها في (الكامل) (ج 3 ص 201 ط المنيرية بالقاهرة): لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن، وفيها رفع عيسى، وفيها قتل يوشع بن نون، والله ما سبقه أحد كان قبله، ولا يدركه أحد يكون بعده، والله إن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبعثه في السرية وجبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، والله ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا ثمانمائة أو سبعمائة أرصدها لجارية. ورواها الحافظ يوسف بن أحمد التكريتي اليغموري في (نور القبس المختصر من المقتبس) (ص 108 ط المستشرق رودلف زلهايم): عن أبي عبد الرحمن السلمي بعين ما تقدم أولا عن (المعجم الكبير) لكنه ذكر بدل قوله: لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون: ما سبقه أحد كان قبله ولا يلحقه أحد يكون بعده. وزاد في آخره: فضلت عن عطائه أراد أن يشتري بها خادما، ثم بكى وبكى الناس. ورواها العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) (ص 23 مخطوط): نقلا من طريق أحمد بعين ما تقدم عنه أولا في (المسند) لكنه ذكر بدل كلمة بالسرية: بالراية. ورواها العلامة الشيخ أحمد بن باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 65). من طريق البزار والطبراني في الأوسط والكبير، وذكر بعد قوله: ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم تلى: واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب. وزاد: وأنا ابن الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ص 186

ورواها نقلا عن جمال الدين ابن الزرندي عن أبي الطفيل وجعفر بن حيان. وزاد: أنا من أهل البيت الذي كان جبريل عليه السلام ينزل علينا ويصعد من عندنا. وفي (ص 169، النسخة المذكورة). روى الخطبة، وزاد فيها: ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم عليه السلام، وفيها قبض يوشع بن نون عليه السلام. وفي (ص 172، النسخة المذكورة). روى عن أبي سعيد شطرا من خطبته وزاد فيها: أنا ابن مزنة السماء، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث للإنس والجن، أنا ابن من قاتلت معه الملائكة، أنا ابن من عرج به إلى السماء أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، أنا ابن من كان مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع أنا ابن أول من تنشق عنه الأرض وأول من يقرع باب الجنة وأول من ينفض التراب عن رأسه، أنا ابن من رضاه رضى الرحمن وسخطه سخط الرحمن، أنا ابن من لا يسامى كرما، فقال معاوية: حسبك يا أبا محمد ما أعرفنا بفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بطاعته وليس الخليفة دان بالجور وعطل السنن واتخذ الدنيا أما وأبا. ورواها الفاضل المعاصر الشيخ محمد رضا المصري المالكي في كتابه (الحسن والحسين سبطا رسول الله) (ص 49 ط القاهرة). لما توفي علي رضي الله عنه خرج الحسن إلى المسجد الأعظم فاجتمع الناس إليه فبايعوه، ثم خطب الناس فقال: أفعلتموها قتلتم أمير المؤمنين، أما والله لقد قتل في الليلة التي نزل فيها القرآن ورفع فيها الكتاب وجف القلم، وفي الليلة التي قبض

ص 187

فيها موسى بن عمران، وعرج فيها بعيسى. ورواها في (أهل البيت) بعين ما تقدم عن (ذخائر العقبى) ملخصا. وروى شطرا منها العلامة القاضي أبو يعلى محمد بن أبي يعلى الحسين خلف الفراء الحنبلي المتوفى سنة 516 في كتابه (طبقات الحنابلة) (ج 2 ص 228 ط مطبعة السنة المحمدية) هكذا: إن عليا لم يسبقه الأولون ولم يدركه الآخرون، والله ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ليبتاع بها خادما، والله أن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليدفع إليه الراية فيقاتل عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل فما يرجع حتى يفتح عليه، انتهى. قال: وأخبرناها الوالد السعيد قرائة، قال: أخبرنا علي بن علي بن عمر الحربي، حدثنا حامد بن بلال البخاري، حدثنا محمد بن عبد الله البخاري، قال: حدثنا يحيى بن النضر، حدثنا غنجار، عن قيس بن الربيع، عن عمرو بن عبيد الله، يعني أبا إسحاق السبيعي، عن عاصم بن حمزة، قال: سمعت الحسن بن علي رضي الله عنهما يقول على هذا المنبر. فذكرها. وروى شطرا منها العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) (ج 2 ص 236 ط مصر) هكذا: لقد فارقكم في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون كان يبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحرب وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره. ورواها أحمد بن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (ص 226 ط عبد اللطيف بمصر).

ص 188

من طريق الدولابي بمعنى ما تقدم أولا عن (ذخائر العقبى) من قوله: أنا من أهل البيت، الخ. ورواها الشيخ عبد لله الشبراوي الشافعي المصري في (الإتحاف بحب الأشراف) (ص 5 ط مصر). من طريق البزار والطبراني بعين ما تقدم أولا من (ذخائر العقبى) من قوله: من عرفني، الخ. وذكر بدل قوله: أنا الحسن بن علي، أنا الحسن بن محمد. وأسقط قوله: أنا ابن الوصي. وزاد في آخرها: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا. وروى شطرا منها العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 294 ط اسلامبول) من طرق هكذا، قال: أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. وروى في (ص 163 الطبع المذكور) شطرا آخر منها، عن حبيب بن عمرو وهي هكذا، فقال: أيها الناس، في هذه الليلة نزل القرآن، وهي ليلة القدر، وقتل يوشع بن نون، وقتل أبي أمير المؤمنين عليه السلام، والله كان أفضل الأوصياء الذين كانوا قبله وبعده، وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادما لأهله، انتهى. وروى شطرا منها في (ص 270 الطبع المذكور) قال: عن أبي الطفيل قال: خطبنا الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه تلا هذه الآية: واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ثم قال: أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا ابن الذي أرسله رحمة للعالمين، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله عز وجل مودتهم، فقال: قل لا أسألكم عليه

ص 189

أجرا إلا المودة في القربى. أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط، وأخرجه البزار. ورواه الحافظ جمال الدين الزرندي المدني، عن أبي الطفيل وجعفر بن حبان. وزاد: وقال: أنا من أهل البيت الذين كان جبرائيل ينزل فينا ويصعد من عندنا وأنزل الله: ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا، واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. ورواه في (أهل البيت) (ص 307) لكنه قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل، ولا يدركه الآخرون بعمل، ولقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقيه بنفسه، ولقد كان يوجهه برايته فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، ولقد توفي فيها يوشع بن نون (وصي موسى)، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. وتمثلت صورة الإمام أمامه فخنقته العبرة، وأرسل ما في عينيه من دموع وكذلك بكى جميع من حضر في جنبات الحفل وساد الحزن وعم الأسى. ثم استأنف الإمام خطابه فأعرب للناس عن سمو مكانته وما يتمتع به من الشرف والمجد قائلا: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن النبي، وأنا ابن البشير. فذكر بعين ما تقدم عن (ينابيع المودة). ورواها العلامة السيد علوي الحداد في (القول الفصل) (ج 1 ص 483 ط جاوا) بعين ما سيجئ عن (رشفة الصاوي). وروى شطرا منها في (ص 483) نقلا عن جمال الدين الزرندي، عن أبي الطفيل وجعفر بن حبان، وزاد فيها قوله: كان جبرئيل ينزل فينا ويصعد من عندنا. ورواه نقلا عن أبي بشر الدولابي من طريق الحسن بن زيد بن حسن بن علي

ص 190

عن أبيه بعين ما تقدم عن (ذخائر العقبى) من قوله: أنا من أهل البيت الذين أفترض الله - الخ. ورواه العلامة المعتمد البدخشي في (مفتاح النجا) (ص 13 مخطوط) من طريق البزار والطبراني من طرق بعضها حسان بعين ما تقدم عن (ذخائر العقبى) من قوله: من عرفني - الخ لكنه ذكر بدل قوله: أنا الحسن بن علي: أنا الحسن ابن محمد، وأسقط قوله: وأنا ابن الوصي. وروى شطرا منها العلامة المعاصر السيد أحمد بن محمد الصديق المغربي في (فتح ملك العلي) (ص 39 ط القاهرة) هكذا: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون، ولا يدركه الآخرون بعلم. قال: قال أبو نعيم: ثنا أبو بحر محمد بن الحسن، ثنا محمد بن سليمان بن الحارث ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن مريم إن الحسن بن علي قام وخطب الناس. فذكره. وروى شطرا منها العلامة المعاصر الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 658 ط لاهور) نقلا عن ابن جرير في تاريخه هكذا: أما بعد، والله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن، ورفع عيسى بن مريم وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى عليه السلام، وروى في (ص 98 و482 و491) جملة من فقراتها من طريق أحمد، والنسائي والدولابي، وابن جرير في تاريخه عن عمر بن حبشي، والنسائي عن هبيرة بن مريم. وفي (ص 55 وص 108) من طريق لابن سعد، وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والسيوطي في (الدر المنثور) في (ص 325) من طريق ابن سعد فقط هكذا قال: نحن أهل البيت الذين قال الله سبحانه فينا: (إنما يريد الله ليذهب عنكم

ص 191

الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. وروى شطرا منها العلامة السيد أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصاوي) (ص 22 ط القاهرة بمصر) عن أبي الطفيل قال: حمد الله وأثنى عليه واقتصر الخطبة، إلى أن قال: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم أخذ في كتاب الله، ثم قال. فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (ينابيع المودة) أخيرا، إلى قوله: إلا المودة في القربى ثم قال: أخرجه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار.

ص 192

ومن خطبه عليه السلام

بعد الحمد والثناء: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب ابن عم النبي، أنا ابن البشير النذير السراج المنير أنا ابن من بعثه الله رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب أنا ابن أول من يقرع باب الجنة، أنا ابن من قاتلت معه الملائكة، ونصر بالرعب من مسيرة شهر. وأمعن في هذا الباب. رواها العلامة أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ البصري المتوفى سنة 255 في كتابه (المحاسن والأضداد) (ص ط القاهرة) قال: وذكروا أن عمرو بن العاص قال لمعاوية: ابعث إلى الحسن بن علي فأمره أن يخطب على المنبر فلعله يحصر فيكون في ذلك ما نعيره به، فبعث إليه معاوية فأمره أن يخطب، فصعد المنبر وقد اجتمع الناس. فذكرها. ثم قال: ولم يزل اظلمت الأرض على معاوية، فقال: يا حسن قد كنت ترجو أن تكون خليفة ولست هناك قال الحسن: إنما الخليفة من سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بطاعته، وليس الخليفة من دان بالجور وعطل السنن واتخذ الدنيا أبا وأما، ولكن ذلك ملك أصاب ملكا يمتع به قليلا ويعذب بعده طويلا، وكان قد انقطع عنه واستعجل لذته وبقيت عليه التبعة، فكان كما قال الله تعالى: (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) ثم إنصرف، فقال معاوية لعمرو: ما أردت إلا هتكي ما كان أهل الشام يرون أحدا مثلي حتى سمعوا من الحسن ما سمعوا.

ص 193

وروى العلامة إبراهيم بن محمد البيهقي المتوفى سنة 300 بقليل في (المحاسن والمساوي) (ص 84 ط بيروت) ما تقدم عن (المحاسن والأضداد) بتمامه - لكنه قال: أنا ابن من بعث رحمة للعالمين وسخطا للكافرين، وأسقط قوله: ويعذب بعده قليلا.

ومن خطبة له عليه السلام بعد دفن أمير المؤمنين عليه السلام

قال ابن حاتم: فلما غيبه الحسن بن علي رضي الله عنهما، صعد المنبر، فجعل يريد الكلام، فتخنقه العبرة، (قال رجل: فرأيته كذلك وأنا في أصل المنبر أنظر إليه وكنت من أنزر الناس دمعة، ما أقدر أن أبكي من شي، فلما رأيت الحسن يريد الكلام، وتخنقه العبرة) صرت بعد من أغزر الناس دمعة، ما أشاء أن أبكي من شيء إلا بكيت. قال: ثم إن الحسن انطلق، فقال: الحمد لله رب العالمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون، نحتسب عند الله مصابنا بأبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا لن نصاب بمثله أبدا، ونحتسب عند الله مصابنا بخير الآباء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا إني لا أقول فيه الغداة، إلا حقا، لقد أصيبت به البلاد والعباد والشجر والداب، فرحم الله وجهه وعذب قاتله، ثم نزل فقال: علي بابن ملجم فأتي به فإذا رجل واضح الجبين والثنايا له شعر وارد (يعني طويل) يخطر به حتى وقف، فلم يسلم فقال: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين وخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: يا حسن دعني - الخ. رواه في (المعمرون والوصايا) (ص 151 ط دار الإحياء لعيسى الحلبي).

ص 194

ومن خطبة له عليه السلام لما أراد الصلح مع معاوية

الحمد لله كل ما حمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله كل ما يشهد له شاهد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الحق وإيتمنه على الوحي صلى الله عليه وآله، أما بعد، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بمن الله وحمده، وأنا أنصح خلق الله بخلقه وما أصبحت محتملا على امرئي مسلم ضغينة ولا مريد الله بسوء ولا غائلة وأن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، وإني ناظر لي ولأنفسكم فلا تخالفوا أمري ولا تردوا علي وإني غفر الله لي ولكم وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضى ناظر لما فيه صلاحكم - والسلام. رواه باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 170 من النسخة الظاهرية بدمشق).

ص 195

ومن خطبة له عليه السلام في مجلس معاوية

أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، أنا ابن نبي الله، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين، فلما سمع كلامه معاوية غاظه منطقه وأراد أن يقطع عليه فقال: يا حسن عليك بصفة الرطب، فقال الحسن: الريح تلقحه، والحر ينضجه والليل يبرده، ويطيبه على رغم أنفك يا معاوية، ثم أقبل على كلامه فقال: أنا ابن المستجاب للدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب ويقرع باب الجنة، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبي قبله، أنا ابن من نصر على الأحزاب، أنا ابن من ذل له قريش رغما، فقال معاوية: أما أنك تحدث نفسك بالخلافة ولست هناك. فقال الحسن: أما الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنة نبيه، ليست الخلافة لمن خالف كتاب الله وعطل السنة، إنما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكا فتمتع به وكأنه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه. فقال معاوية: ما في قريش رجل إلا ولنا عنده نعم جزيلة، ويد جميلة، قال: بلى من تعززت به بعد الذلة، وتكثرت به بعد القلة. فقال معاوية: من أولئك يا حسن؟ قال: من يلهيك عن معرفته، ثم قال الحسن: أنا ابن من ساد قريشا شابا وكهلا، أنا ابن من ساد الورى كرما ونبلا، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق والفرع الباسق والفضل السابق، أنا ابن من رضاه رضى الله وسخطه سخطه، فهل لك أن تساميه يا معاوية؟ فقال: أقول لا تصديقا لقولك، فقال له الحسن: الحق أبلج والباطل لجلج، ولم

ص 196

يندم من ركب الحق، وقد خاب من ركب الباطل (والحق يعرفه ذوو الألباب) ثم نزل معاوية وأخذ بيد الحسن، وقال: لا مرحبا بمن سائك. رواها العلامة الموفق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفى سنة 568 في (مقتل الحسين) (ص 125 ط الغري) قال: وروي أن معاوية نظر إلى الحسن بن علي عليهما السلام وهو بالمدينة وقد احتف به خلق من قريش يعظمونه فتداخله حسد فدعا أبا الأسود الدئلي، والضحاك بن قيس الفهري فشاورهما في أمر الحسن، إلى أن قال: فوثب الحسن بن علي وأخذ بعضادتي المنبر، فحمد الله وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم. فذكرها. وروى شطرا منه العلامة إبراهيم بن محمد البيهقي في (المحاسن والمساوي) (ص 82 ط بيروت) قال: دخل عليه السلام على معاوية فقال متمثلا: فيم الكلام وقد سبقت مبرزا * سبق الجواد من المدى والمقيس فقال معاوية: إياي تعني - الخ، فقال عليه السلام: أجل إياك أعني أفعلي تفتخر يا معاوية، أنا ابن ماء السماء، وعروق الثرى، وابن من ساد أهل الدنيا بالحسب الثابت، والشرف الفائق، والقديم السابق، أنا ابن من رضاه رضى الرحمن وسخطه سخط الرحمن، فهل لك أب كأبي، وقديم كقديمي، فإن قلت: لا، تغلب وإن قلت: نعم، تكذب، فقال معاوية: أقول لا، تصديقا لقولك، فقال عليه السلام: الحق أبلج ما تخون سبيله * والصدق يعرفه ذوو الألباب ورواه العلامة أبو حاتم السجستاني في (المعمرون والوصايا) (ص 153 ط دار الإحياء) قال: وحدثونا، أن معاوية فخر يوما والحسن جالس، فقال الحسن رضي الله عنه: أعلي تفتخر يا معاوية؟! فقال: أنا ابن عروق الثرى، أنا ابن مأوى التقى، أنا ابن من جاء بالهدى، أنا ابن من ساد الدنيا بالفضل السابق، والجود الرائق، والحسب

ص 197

الفائق، أنا ابن من طاعته طاعة الله، ومعصيته معصية الله، فهل لك أب كأبي تباهيني به، أو قديم كقديمي تساميني به، قل: نعم، أو، لا، قال: بل أقول: لا، وهي لك تصديق، فقال الحسن: الحق أبلج ما يخيل سبيله * والحق يعرفه ذوو الألباب (ورويت بنحو آخر وهي هكذا) يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، أنا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما ابن جابلقا وجابرصا ما أحد جده نبي غيري أنا ابن نبي الله، أنا ابن رسول الله، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن السراج المنير أنا ابن بريد السماء، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث للجن والإنس أنا ابن من قاتلت معه الملائكة، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا وأنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فلما سمع معاوية ذلك أراد أن يسكته ويخلط عليه مخافة أن يبلغ به المنطق ما يكرهه، فقال له: يا حسن إنعت لنا الرطب، فقال: يا سبحان الله أين هذا من هذا؟ ثم قال: الحر ينضجه، والليل يبرده والريح تلقحه، ثم استفتح كلامه الأول وقال: أنا ابن من كان مستجاب الدعوة أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من تنشق عنه الأرض وينفض رأسه من التراب أنا ابن من أول من يقرع باب الجنة، أنا ابن من رضاه رضا الرحمن، وسخطه سخط الرحمن أنا ابن من لا يسامى كرما، فقال له قومه: حسبك يا أبا محمد ما أعرفناه بفضل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال الحسن: يا معاوية إنما الخليفة من سار بسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعمل بطاعته وليس الخليفة من دان بالجور وعطل السنن واتخذ الدنيا أبا وأما ولكن ذاك ملك تمتع في ملكه وكان قد انقطع وانقطعت لذته وبقيت بيعته، ثم قال: وإن أدري لعله

ص 198

فتنة لكم ومتاع إلى حين، ثم نزل عن المنبر (رض). رواها العلامة جمال الدين الزرندي في (نظم درر السمطين) (ص 200 ط القضاء) ثم قال: في رواية أنه قيل له: لو أمرته أن يخطب فإنه حديث السن لم يتعود الخطب فيجتمع الناس إليه فيحصر، فيكون في ذلك ما يصغره في أعين الناس فقال: كما قال لهم أول مرة، فقالوا: إنه قد شمخ أنفا ورفع رأسا واشرأبت إليه قلوب الناس بالثقة والمقة، فمره بذلك حتى ترى، فأرسل إليه معاوية فأمره أن يخطب، فلما صعد المنبر وقد جمع معاوية كهول قريش وشبانها، حمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم. فذكرها. وروى العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 225 ط اسلامبول). نقلا عن أبي سعد في (شرف النبوة) عنه عليه السلام، ما يحتمل أن يكون من فقرات هذه الخطبة أو الخطبة السابقة وهي هكذا: أنا ابن من بعثه الله رحمة للعالمين، أنا ابن من أرسله إلى الجن والإنس أجمعين أنا ابن من قاتلت معه الملائكة، أنا ابن من كان مستجاب الدعوة، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا، أنا ابن مزن السماء، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن من هو أول من تشقق عنه الأرض، أنا ابن من هو أول من يقرع باب الجنة، أنا ابن من رضاه رضاء الرحمن وسخطه سخط الرحمن، أنا ابن من لا يساويه أحد شرفا وكرما. ورواها في (أهل البيت) (ص 383 ط السعادة بالقاهرة) هكذا: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، أنا ابن نبي الله، أنا ابن من جلعت له الأرض مسجدا وطهورا، أنا ابن

ص 199

السراج المنير، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن خاتم النبيين، وسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين. واسترسل فقال: أنا ابن مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب ويقرع باب الجنة، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبي قبله، أنا ابن من ذلت قريش رغما

من خطبه عليه السلام

بعد الحمد والثناء: أما بعد: أيها الناس فإن الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول، وإن الله عز وجل يقول: (وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون، إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين). رواه العلامة ابن عبد البر الأندلسي في (الاستيعاب) (ج 1 ص 141 ط حيدر آباد) قال: حدثنا خلف، نا عبد الله، نا أحمد قال: نا أحمد بن صالح ويحيى بن سليمان وحرملة بن يحيى، ويونس عبد الأعلى قالوا: نا ابن وهب قال: نا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: لما دخل معاوية الكوفة حين سلم الأمر إليه الحسن بن علي فيخطب الناس فكره ذلك معاوية قال: لا حاجة بنا إلى ذلك، قال عمرو: لكني أريد ذلك ليبدو عيه فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي، ولم يزل معاوية حتى أمر الحسن عليه السلام يخطب وقال له: قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا، فقام الحسن فتشهد وحمد الله وأثنى عليه. فذكرها.

ص 200

(ورويت بنحو آخر) الحمد لله الذي هدى بنا أولكم، وحقن بنا دماء آخركم، ألا إن أكيس الكيس التقي، وأعجز العجز الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية، إما أن يكون [كان - خ ل] أحق به مني، وإما أن يكون حقي فتركته لله عز وجل ولإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحقن دمائهم، قال: ثم التفت إلى معاوية فقال: وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، ثم نزل، فقال عمرو لمعاوية: ما أردت إلا هذا. رواها في (الاستيعاب) (ج 1 ص 141 الطبع المذكور) قال: قال: وأخبرنا خلف، نا عبد الله، نا أحمد، قال: حدثني يحيى بن سليمان قال: حدثني عبد الله بن الأجلح أنه سمع المجالد بن سعيد يذكر عن الشعبي قال: لما جرى الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية قال له معاوية: قم فاخطب الناس واذكر ما كنت فيه فقام الحسن. فذكرها. ورواها الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني المتوفى سنة 430 في (حلية الأولياء) (ج 2 ص 37 ط السعادة بمصر). عن أبي حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق، عبيد الله بن سعيد، ثنا سفيان بن عيينة، عن مجالد، عن الشعبي بعين ما تقدم ثانيا عن (الاستيعاب) لكنه ذكر بدل قوله: أعجز العجز: أحمق الحمق، وأسقط قوله: ثم التفت إلى معاوية. أيضا فقام الحسن، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس لو طلبتم ما بين جابلق إلى جابلص رجلا جده رسول الله ما وجدتموه غيري وغير أخي، وأن الله تعالى هداكم

 

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج11)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب