ص 201
بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا وأن معاوية نازعني حقا لي دونه فرأيت أن أمنع الناس
الحرب وأسلمه إليه وأن لهذا الأمر مدة، وتلا: (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى
حين). رواها العلامة الشيخ مطهر بن طاهر المقدسي في (البدء والتاريخ) (ج 5 ص 237 ط
الخانجي بمصر) ثم قال: فلما تلا الحسن هذه الآية خشي معاوية الاختلاف، فقال له
معاوية: اقعد ثم قام خطيبا، فقال: كنت شروطا في الفرقة أردت بها نظام الألفة، وقد
جمع الله كلمتنا وأزال فرقتنا، وكل شرط شرطته فهو مردود، وكل وعد وعدته فهو تحت
قدمي هاتين فقام الحسن فقال: ألا وإني اخترت العار على النار (ليلة القدر خير من
ألف شهر). ورواها العلامة النبهاني في (الشرف المؤبد) (ص 61 ط مصر). بعين ما تقدم
ثانيا عن (الاستيعاب) لكنه ذكر بدل قوله هدى بنا: فإن الله هداكم بأولنا وحقن
دمائكم بآخرنا. ورواها العلامة مجد الدين ابن الأثير الجزري في (المختار) (ص 19)
نقلا عن الزهري بعين ما تقدم أولا عن (الاستيعاب). ورواها نقلا عن الشعبي بعين ما
تقدم عنه ثانيا. ورواها العلامة الشيخ حسين بن محمد المالكي في (تاريخ الخميس) (ج 2
ص 290 ط الوهبية بمصر). نقلا عن (الاستيعاب) بعين ما تقدم عنه أولا. ورواها من طريق
الشعبي بعين ما تقدم عنه ثانيا. ورواها العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص
172 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق). بعين ما تقدم ثانيا عن (الاستيعاب).
ص 202
ورواها العلامة الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 129 المخطوط) باختلاف يسير قال:
حدثنا أبو خليفة، نا علي بن المديني، نا سفيان، عن مجالد، عن الشعبي قال: شهدت
الحسن بن علي رضي الله عنه بالنخيلة حين صالحه معاوية (رض)، فقال له معاوية: إذا
كان ذا، فقم، فتكلم وأخبر الناس أنك قد سلمت هذا الأمر لي وربما قال سفيان: أخبر
الناس بهذا الأمر الذي تركته لي، فقام فخطب على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، قال
الشعبي: وأنا أسمع، ثم قال: أما بعد، فإن أكيس الكيس التقي، وإن أحمق الحمق الفجور،
وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما كان حقا لي تركته لمعاوية إرادة
صلاح هذه الأمة وحقن دمائهم، أو يكون حقا كان لامري أحق به مني، ففعلت ذلك، وإن
أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين. ورواها العلامة الشيخ محمد بن قاسم بن محمد
النويري الاسكندراني المتوفى بعد سنة 775 بقليل في كتابه (الإلمام بالأعلام فيما
جرت به الأحكام) (والأمور المقضية في وقعة الاسكندرية، طبع حيدر آباد الدكن ج 1 ص
269) قال: ولما جرى الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان على رأس الثلاثين
سنة قال له معاوية: قم فاخطب الناس واذكر ما أنت فيه، فقام وخطب الناس وقال: أيها
الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا، وقد كانت لي في رقابكم بيعة،
تحاربون من حاربت وتسالمون من سالمت وقد سالمت معاوية وأشار بيده إلى معاوية وقرأ:
(وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين).
ص 203
ومن فقرات هذه الخطبة

أيها الناس إن أكيس الكيس التقي، وأحمق الحمق الفجور، وإنكم
لو طلبتم بين جابلق وجابلص رجلا جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما وجدتموه
غيري وغير أخي الحسين وقد علمتم أن الله تعالى هداكم بجدي محمد صلى الله عليه وآله
وسلم فأنقذكم به من الضلالة ورفعكم به من الجهالة، وأعزكم به بعد الذلة، وكثركم به
بعد القلة، وإن معاوية نازعني حقا هو لي دونه فنظرت إصلاح الأمة، وقطع الفتنة، وقد
كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت، فرأيت أن أسالم معاوية
وأضع الحرب بيني وبينه وقد بايعته، ورأيت أن حقن الدماء خير من سفكها ولم أرد بذلك
إلا صلاحكم وبقائكم (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين). رواها العلامة البدخشي
في (مفتاح النجا) (ص 121 مخطوط). ورواها العلامة أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز
البكري الأندلسي في (معجم ما استعجم) (ج 2 ص 354 ط لجنة النشر، في القاهرة). بعين
ما تقدم عن (مفتاح النجا) من قوله: أيها الناس إنكم لو طلبتم، إلى قوله: غير أخي،
ثم ذكر بعده: (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) وأشار بيده إلى معاوية. ثم
قال: ورواه قاسم بن ثابت بهذا اللفظ سواء. ورواها الحافظ عماد الدين أبو الفداء
إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 42 ط مصر).
بعين ما تقدم عن (معجم ما استعجم) وزاد بين الفقرتين، وإنا قد أعطينا بيعتنا معاوية
ورأينا أن حقن دماء المسلمين خير من إهراقها. ورواها العلامة الثعالبي في (التمثيل)
(ص 30 ط دار إحياء الكتب العربية بمصر).
ص 204
قال: قال الحسن: أكيس الكيس التقي، وأحمق الحمق الفجور، الكرم هو التبرع قبل
السؤال. ورويت بنحو آخر أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا، وإني
قد أخذت لكم على معاوية أن يدل فيكم وابن يوفر عليكم غنائمكم وأن يقسم فيكم فيئكم،
ثم أقبل على معاوية فقال: أكذاك؟ قال: نعم، ثم هبط من المنبر وهو يقول: ويشير
بأصبعه إلى معاوية (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين). رواه العلامة الذهبي في
(تاريخ الإسلام) (ج 2 ص 218 ط مصر) قال: وقال حريز بن عثمان، ثنا عبد الرحمن بن أبي
عوف الجرشي قال: لما بايع الحسن معاوية قال له عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي:
لو أمرت الحسن فصعد المنبر فتكلم عيي عن المنطق فيزهد فيه الناس، فقال معاوية: لا
تفعلوا فوالله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمص لسانه وشفته ولن
يعيي لسان مصه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو شفته، قال: فأبوا على معاوية فصعد
معاوية المنبر ثم أمر الحسن فصعد وأمره أن يخبر الناس أني قد بايعت معاوية، فصعد
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال. فذكره. ثم قال: فاشتد ذلك على معاوية، فقالوا: لو
دعوته فاستنطقته يعني استفهمته ما عني بالآية فقال: مهلا فأبوا عليه، فدعوه فأجابهم
فأقبل عليه عمرو فقال له الحسن: أما أنت فقد اختلف فيك رجلان: رجل من قريش ورجل من
أهل المدينة فادعياك فلا أدري فأيهما أبوك، وأقبل عليه أبو الأعور فقال له الحسن:
ألم يلعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رعلا وذكوان وعمرو بن سفيان، وهذا اسم
أبي الأعور، ثم أقبل
ص 205
عليه معاوية يعينها فقال له الحسن: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن
قائد الأحزاب وسائقهم وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبو الأعور السلمي. وروى
الطبراني في (المعجم الكبير) (ص 138 مخطوط) قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، نا
محمد بن بشار بندار، نا عبد الملك بن الصباح المسمعي، نا عمران بن جدير أظنه عن أبي
مجاز، قال: قال عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة لمعاوية: إن الحسن بن علي رجل غني
(عيى ط) وأن له كلاما ورأيا وأنا قد علمنا كلامه، فيتكلم فلا يجد كلاما فقال: لا
تفعلوا فأبوا عليه فصعد عمرو المنبر فذكر عليا ووقع فيه، ثم صعد المغيرة بن شعبة
فحمد الله وأثنى عليه ثم وقع في علي رضي الله عنه، ثم قيل للحسن بن علي: اصعد،
فقال: لا أصعد ولا أتكلم حتى تعطوني إن قلت حقا أن تصدقوني، وإن قلت باطلا أن
تكذبوني، فأعطوه فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه فقال: بالله يا عمرو وأنت يا
مغيرة تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لعن الله السائق والراكب
أحدهما فلان، قالا: اللهم نعم، بلى قال: أنشدك الله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان أن
رسول الله صلى الله عليه وآله لعن عمرا بكل قافية قالها لعنة؟ قالا: اللهم بلى، قال
الحسن: فإني أحمد الله الذي وقعتم فيمن تبر من هذا. حدثنا محمد بن عون السيرافي، نا
الحسن بن علي الواسطي، نا يزيد بن هارون نا حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي
عوف قال: قال عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي لمعاوية: إن الحسن بن علي رضي الله
عنهما رجل عي، فقال: معاوية (رض): لا تقولان ذلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم قد تفل في فيه ومن تفل رسول الله صلى الله عليه وآله في فيه فليس يعي، الحديث.
ص 206
ومن خطبة له عليه السلام

نحن حزب الله الغالبون، ونحن عترة رسوله الأقربون، ونحن
أهل بيته الطيبون ونحن أحد الثقلين اللذين خلفهما جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم في أمته، ونحن ثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شي لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه، فالمعول علينا تفسيره، ولا تظننا تأويله، بل تيقنا حقائقه فأطيعونا
فإن طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله عز وجل وطاعة رسوله مقرونة، وقال: جل شأنه:
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، وقال جل شأنه:
(فإن تنازعتم في شي فردوه إلى الله وإلى الرسول وأولي الأمر منكم لعلمه الذين
يستنبطونه منهم). رواه العلامة البلخي القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 21 ط
اسلامبول). عن المناقب، عن هشام بن حسان قال: خطب الحسن بن علي عليهما السلام بعد
بيعة الناس له بالأمر. فذكرها. ورواه العلامة الشيخ محمد رضا المالكي في (الحسن
والحسين سبطا رسول الله) (ص 49 ط القاهرة) إلا أنه ذ كرها هكذا: نحن حزب الله
المفلحون، وعترة رسول الله الأقربون، وأهل بيته الطاهرون الطيبون، وأحد الثقلين
الذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شي،
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعول عليه في كل شي، لا يخطئنا تأويله
بل نتيقن حقائقه فأطيعونا فإطاعتنا مفروضة
ص 207
إذ كانت بطاعة الله والرسول وأولي الأمر مقرونة (فإن تنازعتم في شي فردوه إلى الله
والرسول - ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم -
وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان إنه لكم عدو مبين، فتكونون كأوليائه الذين قال لهم:
لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص عل عقبيه وقال إني
برئ منكم إني أرى ما لا ترون فتلفون للرماح أزرا وللسيوف جزرا وللعمد خطأ وللسهام
غرضا ثم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.
ص 208
ومن خطبة له عليه السلام

لما وفد على معاوية الشام، فقال عمرو بن العاص: إن الحسن
رجل افة فلو حملته على المنبر فتكلم فسمع الناس من كلامه عابوه فأمره فصعد المنبر
فتكلم فأحسن، وكان في كلامه أن قال: أيها الناس، لو طلبتم ابنا لنبيكم ما بين جابرس
إلى جابلق لم تجدوه غيري وغير أخي (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) فساء ذلك
عمرا وأراد أن يقطع كلامه، فقال: يا أبا محمد، هل تنعت الرطب، فقال: أجل تلقحه
الشمال وتخرجه الجنوب وينضجه برد الليل بحر النهار، قال: يا أبا محمد، هل تنعت
الخرائة؟ قال: نعم، تبعد الممشى في الأرض الصحصح حتى يتوارى من القوم، ولا تستقبل
القبلة ولا تستدبرها، ولا تستنجي بالروثة ولا العظم، ولا تبول في الماء الراكد،
وأخذ في كلامه.
ص 209
ومن خطبة له عليه السلام

أيها الناس قد علمتم أن الله جل ذكره وعز اسمه هداكم بجدي
صلى الله عليه وآله وسلم وأنقذكم من الضلالة، وخلصكم من الجهالة، وأعزكم به بعد
الذلة، وكثركم به بعد القلة، وأن معاوية نازعني حقا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الأمة
وقطع الفتنة وقد كنتم بايعتموني على أن تسالموا من سالمني وتحاربوا من حاربني،
فرأيت أن أسالم معاوية وأضع الحرب بيني وبينه، وقد صالحته ورأيت أن حقن الدماء خير
من سفكها ولم أرد بذلك إلا صلاحكم وبقائكم (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين).
رواه العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 293 ط اسلامبول).
ص 210
ومن خطبة له عليه السلام

الحمد لله الذي هدى أولكم بأولنا وآخركم بآخرنا، اسمعوا
مني مقالتي وأعيروني فهمكم، وبك أبدأ يا معاوية، فوالله ما هؤلاء سبوني ولكنك يا
معاوية سببتني فحشا، وخلقا سيئا، وبغيا علينا، وعداوة لمحمد صلى الله عليه وآله
ولأهل بيته: عليهم السلام قديما وحديثا، وأيم الله لو أني وإياهم في مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم وحولنا أهل المدينة ما استطاعوا أن يتكلموا بما تكلموا به،
ولكن بك يا معاوية أبدأ فاسمع مني وليسمع الملأ فاسمعوا أيها الملأ ولا تكتموا حقا
علمتموه ولا تصدقوا باطلا إن نطقت به أنشدكم الله هل تعلمون أن الرجل الذي تشتمونه
صلى القبلتين كلتيهما، وأنت يا معاوية كافر بهما تراهما ضلالة، وتعبد اللات والعزى،
وبايع البيعتين كلتيهما بيعة الفتح وبيعة الرضوان، وأنت يا معاوية بالأولى كافر
وبالثانية ناكث، ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن نبي الله صلى الله عليه وآله لعنكم
يوم بدر، ومع علي راية النبي والمؤمنين ولعنكم يوم الأحزاب ومع علي راية النبي
والمؤمنين، ومعك يا معاوية راية المشركين من بني أمية، فعلي بذلك يفلج الله حجته
ويحق الله دعوته وينصر دينه ويصدق حديثه علي بذلك رسول الله راض عنه والمسلمون عنه
راضون، ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حاصر أهل
خيبر فبعث عمر بن الخطاب براية المهاجرين، وبعث سعد بن معاذ براية الأنصار، فأما
سعد فجيء به جريحا، وأما عمر فجاء يجبن أصحابه حتى قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، ثم لا ينسني
(ينثني) حتى يفتح الله له إنشاء الله فتعرض لها أبو بكر وعمر ومن ثم من المهاجرين
والأنصار وعلي يومئذ أرمد شديد الرمد، فدعاه رسول الله فتفل في عينيه وأعطاه الراية
وقال: اللهم قه الحر والبرد، فلم ينثن حتى
ص 211
فتح الله له واستزلهم على حكم الله وحكم رسوله، وأنت يومئذ يا معاوية مشرك بمكة عدو
لله ولرسوله، ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن عليا ممن حرم الشهوات من أصحاب محمد صلى
الله عليه وآله فأنزل الله فيه: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله
لكم). رواه العلامة الخوارزمي في (مقتل الحسين) (ص 114 ط الغري) قال: وروى يزيد بن
أبي حبيب بن يزيد وابن هبيرة قالوا: اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص، وعتبة بن أبي
سفيان، والوليد بن عقبة، والمغيرة بن شعبة قالوا لمعاوية: أرسل لنا إلى الحسن لنسب
أباه ونصغره بذلك، إني أخاف أن لا تنتصروا منه، واعلموا أني إن أرسلت إليه أمرته أن
يتكلم كما تتكلمون، قالوا: أفعل فوالله لنخزينه اليوم، فأرسل إليه يدعوه والحسن لا
يدري لما دعاه فلما قعد، تكلم معاوية إلى أن قال: فتكلم الحسن بن علي فقاله.
ومن
كلامه عليه السلام في جواب أصحاب معاوية

تكلم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله
صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: أما بعد، يا معاوية فما هؤلا شتموني ولكنك شتمتني
فحشا ألفته وسوء رأي عرفت به وخلقا سيئا ثبت عليه وبغيا علينا عداوة منك لمحمد
وأهله، ولكن اسمع يا معاوية واسمعوا فلأقولن فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم، أنشدكم
الله أيها الرهط هل تعلمون أن الذي شتمتموه منذ اليوم صلى القبلتين كليهما، وأنت يا
معاوية بهما كافر تراها ضلالة وتعبد اللات والعزى غواية، وبايع البيعتين: بيعة
الفتح والرضوان وأنت بإحداهما كافر وبالأخرى ناكث، وأنشدكم الله هل تعلمون أنه أول
الناس إيمانا، وأنك يا معاوية وأباك من المؤلفة قلوبهم تسرون الكفر وتظهرون الإسلام
ص 212
وتستميلون بالأموال، وأنه كان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم
بدر، وأن راية المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه، ثم لقيكم يوم أحد ويوم الأحزاب
ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعك ومع أبيك راية الشرك، وفي كل ذلك
يفتح الله له ويفلج حجته وينصر دعوته ويصدق حديثه ورسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم في تلك المواطن كلها عنه راض وعليك وعلى أبيك ساخط، وبات يحرس رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم من المشركين وفداه بنفسه ليلة الهجرة حتى أنزل الله فيه: (من
الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) وأنزل فيه: (إنما وليكم ورسوله والذين آمنوا
الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون) وقال له رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) (وأنت أخي في الدنيا والآخرة) وجاء أبوك
على جمل أحمر يوم الأحزاب يحرض الناس وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده فرآكم رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم فلعن الراكب والقائد والسائق، أتنسى يا معاوية الشعر
الذي كتبته إلى أبيك لما هم أن يسلم تنهاه عن الإسلام:
يا صخر لا تسلمن يوما
فتفضحنا بعد * الذين ببدر أصبحوا مزقا
خالي وعمي وعم الأم نالتهم * وحنظل الخير قد
أهدى لنا الأرقا
لا تركن إلى أمر تقلدنا * والراقصات بنعمان به الخرقا
فالموت أهون
من قول العداة لقد * حاد ابن حرب عن العزى إذا فرقا
والله لما أخفيت أمرك أكبر مما
أبديت، وأنشدكم الله أتعلمون أن عليان حرم الشهوات على نفسه بين أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل فيه (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل
الله لكم) وأنت يا معاوية دعا عليك رسول الله صلى الله عليه وآله لما أراد أن يكتب
كتابا إلى بني خزيمة فبعث إليك فنهمك إلى يوم القيامة فقال: اللهم لا تشبعه، وأن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة فنزلوا من حصنهم
فهزموا فبعث عليا بالراية فاستنزلهم على حكم الله وحكم رسوله، وفعل في خيبر مثلها
ص 213
وأنتم أيها الرهط نشدتكم الله ألا تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن
أبا سفيان في سبعة مواطن لا تستطيعون ردها: أولها يوم لقي رسول الله صلى الله عليه
وآله خارجا من مكة إلى الطائف يدعو ثقيفا إلى الدين فوقع به وسبه وسفهه وشتمه وكذبه
وتوعده وهم أن يبطش به. والثانية يوم العير إذ عرض لها رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وهي جائية من الشام فطردها أبو سفيان وساحل بها ولم يظفر المسلمون بها،
ولعنه رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا عليه فكانت وقعة بدر لأجلها. والثالثة يوم
أحد حيث وقف تحت الجبل ورسول الله صلى الله عليه وآله في أعلاه وهو ينادي أعل هبل
مرارا، فلعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر مرات ولعنه المسلمون. والرابعة
يوم جاء الأحزاب وغطفان واليهود فلعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابتهل.
والخامسة يوم الحديبية، يوم جاء أبو سفيان في قريش فصدوا رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم عن المسجد الحرام (والهدي معكوفا أن يبلغ محله) ولعن القادة والأتباع،
فقيل: يا رسول الله أفما يرجى الإسلام لأحد منهم؟ فقال: لا تصيب اللعنة أحدا من
الأتباع يسلم، وأما القادة فلا يفلح منهم أحد. والسادسة يوم الجمل الأحمر. والسابعة
يوم وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة ليستنفروا ناقته وكانوا
اثني عشر رجلا منهم أبو سفيان، هذا لك يا معاوية. وأما أنت يا ابن النابغة فادعاك
خمسة من قريش غلب عليك ألأمهم حسبا وأخبثهم منصبا وولدت على فراش مشترك، ثم قام
أبوك فقال: أنا شانئي محمد الأبتر فأنزل الله فيه: (إن شانئك هو الأبتر). وقاتلت
رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع المشاهد وهجوته وأذيته بمكة وكدته، وكنت من
أشد الناس له تكذيبا وعداوة، ثم خرجت تريد النجاشي لتأتي بجعفر وأصحابه
ص 214
فلما أخطأك ما رجوت الله خائبا وأكذبك واشيا، جعلت جدك على صاحبك عمارة بن الوليد
فوشيت به إلى النجاشي ففضحك الله وفضح صاحبك، فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية
والاسلام، وهجوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبعين بيتا من الشعر فقال:
اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة فعليك إذا من
الله ما لا يحصى من اللعن، وأما ما ذكرت من أمر عثمان فأنت سعرت عليه الدنيا نارا
ثم لحقت بفلسطين، فلما أتاك قتله قلت: (أنا أبو عبد الله إذا نكأت قرحة أدميتها) ثم
حبست نفسك إلى معاوية وبعت دينك بدنياه، فلسنا نلومك على بغض ولا نعاتبك على ود،
وبالله ما نصرت عثمان حيا ولا غضبت له مقتولا، ويحك يا ابن العاص ألست القائل لما
خرجت إلى النجاشي.
تقول ابنتي أين هذا الرحيل * وما السير مني بمستنكر
فقلت ذريني
فأني امرؤ * أريد النجاشي في جعفر
لأكويه عنده كية * أقيم بها نخوة الأصعر
وشاني
وأحمد من بينهم * وأقولهم فيه بالمنكر
وأجري إلى عيبه جاهدا * ولو كان كالذهب
الأحمر
ولا أنثني عن بني هاشم * بما اسطعت في الغيب والمحضر
فإن قبل العيب مني له *
وإلا لويت له مشفري
وأما أنت يا وليد فوالله ما ألومك على بغض علي وقد قتل أباك بين
يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صبرا وجلدك ثمانين في الخمر لما صليت
بالمسلمين الفجر سكران وفيك يقول الحطيئة:
شهد الحطيئة حين يلقى ربه * إن الوليد
أحق بالعذر
نادى وقد تمت صلاتهم * أأزيدكم سكرا وما يدري
ليزيدهم أخرى ولو قبلوا *
لأتت صلاتهم على العشر
ص 215
فأبوا أبا وهب ولو قبلوا * لقرنت بين الشفع والوتر
حبسوا عنانك إذ جزيت ولو * تركوا
عنانك لم تزل تجري
وسماك الله في كتابه فاسقا وسمي أمير المؤمنين مؤمنا، حيث
تفاخرتما فقلت له: اسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا وأطول منك لسانا، فقال له علي:
اسكت يا وليد فأنا مؤمن وأنت فاسق، فأنزل الله تعالى في موافقة قوله: (أفمن كان
مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) ثم أنزل فيك موافقته قوله: (إن جاءكم فاسق بنبأ
فتبينوا) ومهما نسيت فلا تنس قول الشاعر فيك وفيه:
أنزل الله الكتاب عزيز * في علي
وفي الوليد قرانا
فثبوا الوليد إذ ذاك فسقا * وعلي مبوء إيمانا
ليس من كان مؤمنا
عمرك الله * كمن كان فاسقا خوانا
سوف يدعى الوليد بعد قليل * وعلي إلى الحساب عيانا
فعلي يجزى بذاك جنانا * ووليد يجزى بذاك هوانا
رب جد لعقبة بن أبان * لابس في
بلادنا ثباتا
وما أنت وقريش إنما أنت علج من أهل صفورية، وأقسم بالله لأنت أكبر في
الميلاد وأسن مما تدعي إليه. وأما أنت يا عتبة فوالله ما أنت بحصيف فأجيبك، ولا
عاقل فأحاورك وأعاتبك وما عندك خير يرجى ولا شر يتقى، وما عقلك وعقل أمتك إلا سواء،
وما يضر عليا لو سببته على رؤوس الأشهاد، وأما وعيدك إياي بالقتل فهلا قتلت
اللحياني إذ وجدته على فراشك، فقال فيك نصر بن حجاج:
يا للرجال وحادث الأزمان *
ولسبة تخزي أبا سفيان
نبئت عتبة خانه في عرسه * جبس لئيم الأصل في لحيان
وكيف ألومك
على بغض علي وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر وشرك حمزة
ص 216
في قتل جدك عتبة وأوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد. وأما أنت يا مغيرة فلم تكن
بخليق أن تقع في هذا وشبهه وإنما مثلك مثل البعوضة إذ قالت للنخلة: إستمسكي فإني
طائرة عنك، فقالت النخلة: هل علمت بك واقعة علي فأعلم بك طائرة عني، والله ما نشعر
بعداوتك إيانا ولا اغتممنا إذ علمنا بها ولا يشق علينا كلامك، وإن حد الله عليك في
الزنا لثابت، ولقد در أعمر عنك حقا الله سائله عنه، ولقد سألت رسول الله صلى الله
عليه وسلم هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوجها؟ فقال: لا بأس بذلك، يا مغيرة
ما لم ينو الزنا، لعلمه بأنك زان. وأما فخركم علينا بالأمارة فإن الله تعالى يقول:
(وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها
تدميرا). ثم قام الحسن فنفض ثوبه وانصرف. رواه أبو علم في (أهل البيت) (ص 343 ط
السعادة بمصر).
ص 217
ومن خطبة له عليه السلام

أيها الناس اتقوا الله، فإنا أمراؤكم وأولياؤكم وإنا أهل
بيت الذين قال الله فينا: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) فبايعه الناس وكان خرج عليهم وعليه ثياب سود، قالها عليه السلام لما توفي
علي عليه السلام، وخرج عبد الله بن العباس بن عبد المطلب إلى الناس فقال: إن أمير
المؤمنين عليه السلام توفي وقد ترك خلفا فإن أحببتم خرج إليكم، وإن كرهتم فلا أحد
على أحد. فبكى الناس وقالوا بل يخرج إلينا، فخرج الحسن عليه السلام فخطبهم. رواه
العلامة الشيخ عز الدين ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 4 ص 8 ط القاهرة).
ومن
كلامه عليه السلام

ليس من العجز أن يصمت الرجل عند إيراد الحجة، ولكن من الإفك أن
ينطق الرجل بالخنا ويصور الباطل بصورة الحق، يا عمرو افتخارا بالكذب وجرأة على
الإفك ما زلت أعرف مثالبك الخبيثة أبديها مرة وأمسك عنها أخرى، فتأبى إلا انهماكا
في الضلالة، أتذكر مصابيح الدجى، وأعلام الهدى، وفرسان الطراد، وحتوف الأقران،
وأبناء الطعان، وربيع الضيفان، ومعدن النبوة، ومهبط العلم، وزعمتم أنكم أحمى لما
وراء ظهوركم، وقد تبين ذلك يوم بدر، حين نكصت الأبطال
ص 218
وتساورت الأقران، واقتحمت الليوث، واعتركت المنية، وقامت رحاؤها على قطبها وفرت عن
نابها، وطار شرار الحرب، فقتلنا رجالكم، ومن النبي صلى الله عليه وسلم على ذراريكم
فكنتم لعمري في هذا اليوم غير مانعين لما وراء ظهوركم من بني عبد المطلب، ثم قال:
وأما أنت يا مروان فما أنت والإكثار في قريش، أنت طليق وأبوك طريد يتقلب من خزاية
إلى سوءة، ولقد جئ بك إلى أمير المؤمنين، فلما رأيت الضرغام قد دميت براثنه واشتبكت
أنيابه كنت كما قال: ليث إذا سمع ليو زئيره * يبصبصن ثم قذفن بالأبعار رواه العلامة
الشيخ إبراهيم بن محمد البيهقي المتوفى سنة 300 بقليل في (المحاسن والمساوي) (ص 78
ط بيروت) قاله عليه السلام لما كان معاوية مع عمرو بن عاص، ومروان بن الحكم، وزياد
بن أبي سفيان يتحاورون في قديمهم وحديثهم ومجدهم، فقال معاوية: أكثرتم الفخر فلو
حضركم الحسن بن علي وعبد الله بن العباس لقصرا من أعنتكما ما طال، فقال زياد: وكيف
ذلك يا أمير المؤمنين، ما يقومان لمروان بن الحكم في غرب منطقه ولا لنا في بواذخنا،
فابعث إليهما في غد حتى نسمع كلامهما، فقال معاوية لعمرو: ما تقول؟ قال: هذا فابعث
إليهما في غد فبعث إليهما معاوية ابنه يزيد فأتياه ودخلا عليه وبدأ معاوية فقال:
إني أجلكما وأرفع قدركما عن المسامرة بالليل، ولا سيما أنت يا أبا محمد فإنك ابن
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد شباب أهل الجنة. فتشكرا له فلما استويا في
مجلسهما وعلم عمرو أن الحدة ستقع به قال: والله لا بد أن أقول فإن قهرت فسبيل ذلك
قهرت أكون قد ابتدأت، فقال: يا حسن إنا تفاوضنا فقلنا إن رجال بني أمية أصبر عن
اللقاء، وأمضى في الوغى، وأوفى عهدا وأكرم خيما (إلى أن قال:) فتكلم الحسن.
ص 219
ومن كلامه عليه السلام لأصحابه

إني أخبركم عن أخ لي، وكان من أعظم الناس في عيني،
وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي
ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان خارجا من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا
رأيه، وكان خارجا من سلطان الجهلة فلا يمد يدا إلا على ثقة المنفعة، وكان لا يسخط
ولا يتبرم كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم، كان إذا
غلب على الكلام لم يغلب على الصمت، كان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذ القائلين. كان
لا يشارك في دعوى، ولا يدخل في مراء، ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا، كان يقول ما
يفعل ويفعل ما لا يقول: تفضلا وتكرما، كان لا يغفل عن إخوانه، ولا يختص بشيء دونهم،
كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله، كان إذا ابتدئه أمران لا يدري أيهما أقرب
إلى الحق، نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه. رواه الحافظ الخطيب البغدادي في
(تاريخ بغداد) (ج 12 ص 315 ط القاهرة) قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد الواحد،
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان حدثنا محمد بن الحسين بن حميد اللخمي، حدثني خضر بن
أبان بن عبيدة الواعظ، حدثني عثيم البغدادي الزاهد، حدثني محمد بن كيسان أبو بكر
الأصم، قال: قال الحسن بن علي ذات يوم لأصحابه. فذكره. ورواه العلامة ابن كثير
الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 39 ط حيدر آباد). لكنه ذكر بدل كلمة الجهلة:
جهله، وبدل كلمة يختص: يستخص.
ص 220
ورواه العلامة ابن الأثير الجزري في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 20 من النسخة
الظاهرية بدمشق) بعين ما تقدم عن (تأريخ بغداد). ومنهم العلامة ابن قتيبة الدينوري
في (عيون الأخبار) (ج 2 ص 355 ط مصر) قال: قال الحسن بن علي: ألا أخبركم عن صديق
كان لي من أعظم الناس في عيني وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه، كان
خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يحل ولا يكنز إذا وجد، وكان خارجا من سلطان
الجهالة فلا يمد يدا إلا على نفسه لمنفعة، كان لا يتشكى ولا يتبرم، كان أكثر دهره
صامتا، فإذا قال بد القائلين، كان ضعيفا مستضعفا فإذا جاء الجد فهو الليث عاديا،
كان إذا جامع العلماء على أن يسمع أحرص منه على أن يقول، كان إذا غلب على الكلام لم
يغلب على السكوت كان لا يقول ما يفعل ويفعل ما لا يقول، كان إذا عرض له أمران لا
يدري أيهما أقرب إلى الحق، نظر أقربهما من هواه فخالفه، كان لا يلوم أحدا على ما قد
يقع العذر في مثله، زاد في غيره، كان لا يقول حتى يرى قاضيا عدلا، وشهودا عدولا.
ص 221
ومن كتابه عليه السلام لمعاوية لما صالحه

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صالح عليه
حسن بن علي معاوية بن أبي سفيان: صالحه على أن يسلم ولاية المسلمين على أن يعمل
فيهم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلى أن قال: وعلى أن
الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله تعالى في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم، وعلى أن
أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم حيث كانوا، وعلى
معاوية بذلك عهد الله وميثاقه، ولا ينبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد
من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غائلة سرا ولا جهرا، ولا يخاف أحد منهم في
أفق من الآفاق شهد عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، وكفى بالله شهيدا. رواه
العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 292 ط اسلامبول).
ص 222
ومن كلامه عليه السلام في جواب مروان

ويلك يا مروان لقد تقلدت مقاليد العار في
الحروب عند مشاهدتها، والمخاذلة عند مخالطتها، هبلتك أمك، لنا الحجج البوالغ، ولنا
عليكم إن شكرتم النعم السوابغ ندعوكم إلى النجاة وتدعوننا إلى النار، فشتان بين
المنزلتين، تفتخر ببني أمية وتزعم أنهم صبر في الحرب، أسد عند اللقاء، ثكلتك
الثواكل أولئك البهاليل السادة والحماة الذادة، والكرام القادة: بنو عبد المطلب،
أما والله لقد رأيتهم أنت وجميع من في المجلس ما هالتهم الأهوال، ولا حادوا عن
الأبطال، كالليوث الضارية الباسلة الحنقة، فعندها وليت هاربا وأخذت أسيرا، فقلدت
قومك العار، لأنك في الحروب خوار، أتهرق دمي، فهلا أهرقت دم من وثب على عثمان في
الدار فذبحه كما يذبح الحمل، وأنت تثغو ثغاء النعجة وتنادي بالويل والثبور كالمرأة
الوكعاء، ما دافعت عنه بسهم، ولا منعت دونه بحرب، قد ارتعدت فرائصك، وغشي بصرك،
واستغثت كما يستغيث العبد بربه، فأنجيتك من القتل، ثم جعلت تبحث عن دمي وتحض على
قتلي، ولو رام ذلك معاوية معك لذبح كما ذبح ابن عفان وأنت معه أقصر يدا، وأضيق
باعا، وأجبن قلبا من أن تجسر على ذلك، ثم تزعم أني ابتليت بحلم معاوية، أما والله
لهو أعرف بشأنه وأشكر لنا إذ وليناه هذا الأمر، فمتى بدا له فلا يغضين جفنه على
القذى معك، فوالله لأعنفن أهل الشام بجيش يضيق فضاؤه ويستأصل فراسانه، ثم لا ينفعك
عند ذلك الروغان والهرب، ولا تنتفع بتدريجك الكلام، فنحن من لا يجهل آباؤنا الكرام
القدماء الأكابر، وفروعنا السادة الأخيار الأفاضل، إنطق إن كنت صادقا.
ص 223
قاله عليه السلام حين قدم على معاوية ووجد عنده عمرو بن العاص ومروان بن الحكم
فتعرض له عليه السلام فأجابه عليه السلام فقال عمرو ينطق بالخنا وتنطق بالصدق، ثم
أنشأ يقول: قد يضرط العير والمكواة تأخذه * لا يضرط العير والمكواة في النار ذق
وبال أمرك يا مروان، فأقبل عليه معاوية فقال: قد نهيتك عن هذا الرجل وأنت تأبى إلا
انهماكا فيما لا يعنيك، أربع على نفسك فليس أبوه كأبيك، ولا هو مثلك، أنت ابن
الطريد الشريد، وهو ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكريم، ولكن رب باحث عن حتفه
بظلفه فقال مروان: ارم دون بيضتك، وقم بحجة عشيرتك، ثم قال لعمرو: لقد طعنك أبوه
فوقيت نفسك بخصيتيك ومنها ثنيت أعنتك، وقام مغضبا، فقال معاوية: لا تجار البحار
فتغمرك، ولا الجبال فتقهرك، واسترح من الاعتذار. رواه العلامة الجاحظ في (المحاسن
والأضداد) (ص ط القاهرة). ورواه العلامة إبراهيم البيهقي المتوفى سنة 300 في
(المحاسن والمساوي) (ص 85 ط بيروت) بعين ما تقدم عن (المحاسن والأضداد) إلا أنه ذكر
بدل كلمة ويلك، ويحك، وبدل كلمة الثواكل: أمك.
ص 224
ومن كلامه عليه السلام في جواب عمرو بن العاص

أما والله لو كنت تسمو بحسبك، وتعمل
برأيك ما سلكت فج قصد، ولا حللت راية مجد، أما والله لو أطاعنا معاوية لجعلك بمنزلة
العدو الكاشح، وبه طال ما تأخر شأوك واستسر دواؤك، وطمح بك الرجا إلى الغاية القصوى
التي لا يورق بها غصنك ولا يخضر منها رعيك، أما والله لتوشكن يا ابن العاص أن تقع
بين لحيى ضرغام، ولا ينجيك منه الروغان إذا التقت حلقتا البطان رواه الجاحظ في
(المحاسن والأضداد). قال: واجتمع الحسن بن علي صلوات الله عليهما وعمرو بن العاص،
فقال الحسن: قد علمت قريش بأسرها أني منها في عز أرومها لم أطبع على ضعف، ولم أعكس
على خسف، أعرف نسبي وأدعى لأبي، فقال عمرو: وقد علمت قريش - الخ. فقاله عليه السلام
ص 225
ومن كلامه عليه السلام في جوابه

إن لأهل النار علامات يعرفون بها، وهي الإلحاد
لأولياء الله، والموالاة لأعداء الله، والله إنك لتعلم أن عليا رضي الله عنه، لم
يتريب في الأمر، ولم يشك في الله طرفة عين، وأيم الله لتنتهين يا ابن أم عمرو أو
لأقرعن جبينك بكلام تبقى سمته عليك ما حييت، فإياك والإبراز علي فإني من قد عرفت
لست بضعيف الغمزة ولا بهش المشاشة، ولا بمرئ المأكلة، وإني من قريش كأوسط القلادة،
يعرف حسبي ولا أدعى لغير أبي، وقد تحاكمت فيك رجال قريش فغلب عليك ألأمهم نسبا
وأظهرهم لعنة، فإياك عني فإني رجس، وإنما نحن بيت الطهارة أذهب الله عنا الرجس
وطهرنا تطهيرا. قاله عليه السلام حين لقيه عمرو بن العاص في الطواف فقال: يا حسن
أزعمت أن الدين لا يقوم إلا بك وبأبيك، فقد رأيت الله جل وعز أقامه بمعاوية فجعله
راسيا بعد ميله وبينا بعد خفائه، أفرضي الله قتل عثمان أم الحق أن تدور بالبيت كما
يدور الجمل بالطحين، عليك ثياب كغرقئ البيض وأنت قاتل عثمان، والله إنه لألم للشعث
وأسهل للوعث أن يوردك معاوية حياض أبيك. فقال له الحسن عليه السلام الحديث. رواه
العلامة البيهقي في (المحاسن والمساوي) (ص 86 ط بيروت). ورواه العلامة الجاحظ في
(المحاسن والأضداد) (ص ط القاهرة) بعين ما تقدم عن (المحاسن والمساوي) لكنه ذكر بدل
راسيا ثابتا، وذكر بدل قوله: لأقرعن جبينك بكلام تبقى: لأقرعن قصتك (يعني جبينه)
بقراع وكلام، وإياك والجرأة علي. ورواه العلامة ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 4
ص 10 ط القاهرة).
ص 226
بعين ما تقدم عن (المحاسن والمساوي) إلا أنه ذكر بدل قوله: أو لأقرعن، إلى قوله: ما
حييت: أو لأنفذن حضيلك بنوافذ أشد من القصبعية، ثم قال إلى أن قال: فإياك عني -
الخ.
ومن كتابه عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان

سلام عليك، فإني أحمد إليك
الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإن الله جل جلاله بعث محمدا رحمة للعالمين ومنة
للمؤمنين وكافة للناس أجمعين لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فبلغ
رسالات الله، وقام بأمر الله حتى توفاه الله غير مقصر ولا دان، وبعد أن أظهر الله
به الحق ومحق به الشرك وخص به قريشا خاصة فقال له (وإنه لذكر لك ولقومك) فلما توفي
تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ولا يحل لكم أن
تنازعونا سلطان محمد وحقه، فرأت العرب أن القول ما قالت قريش، وأن الحجة في ذلك لهم
على من نازعهم أمر محمد، فأنعمت لهم وسلمت إليهم ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاججت
به العرب فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالإنصاف
والاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد وأوليائه إلى محاجتهم وطلب النصف (الانصاف)
منهم، منهم باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا
فالموعد الله وهو الولي النصير. ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا
وسلطان بيتنا وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام وأمسكنا عن منازعتهم مخافة على
الدين أن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلمونه به أن يكون لهم بذلك سبب إلى
ما أرادوا من إفساده فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من
أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب
وابن أعدى قريش
ص 227
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكتابه والله حسيبك فسترد وتعلم لمن عقبى الدار،
وبالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك وما الله بظلام للعبيد، إن
عليا لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض ويوم من الله عليه بالاسلام ويوم يبعث
حيا ولاني المسلمون بعده فأسأل الله أن لا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به
في الآخرة مما عنده من كرامة، إلى أن قال: فدع التمادي في الباطل وادخل فيما دخل
فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ
ومن له قلب منيب، واتق الله ودع البغي واحقن دماء المسلمين، فوالله مالك خير في أن
تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به وادخل في السلم والطاعة ولا تنازع
الأمر أهله ومن هو أحق به منك، ليطفي الله النائرة (العداوة والبغضاء) بذلك ويجمع
الكلمة ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت التمادي في غيك سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك
حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين. رواه في (أهل البيت) (ص 313 ط السعادة
بمصر).
ص 228
ومن كتابه عليه السلام إلى أهل البصرة

من لم يؤمن بالله وقضائه وقدره فقد كفر، ومن
حمل ذنبه على ربه فقد فجر إن الله لا يطاع استكراها، ولا يعصى لغلبة، لأنه المليك
لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن عملوا بالطاعة لم يحل بينهم وبين ما
فعلوا، وإن عملوا بالمعصية فلو شاء حال بينهم وبين ما فعلوا فإذا لم يفعلوا فليس هو
الذي أجبرهم على ذلك، فلو أجبر الله الخلق على الطاعات لأسقط عنهم الثواب، ولو
أجبرهم على المعاصي لأسقط عنهم العقاب، ولو أهملهم لكان عجزا في القدرة ولكن له
فيهم المشية التي غيبها عنهم فإن عملوا بالطاعة كانت له المنة عليهم، وإن عملوا
بالمعصية كانت له الحجة عليهم. رواه العلامة الصغاني في (طبقات المعتزلة) (ص 15 ط
بيروت).
ومن كتابه عليه السلام إلى معاوية

من عبد الله الحسن بن أمير المؤمنين إلى
معاوية بن أبي سفيان، أما بعد، فإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة
للعالمين، فأظهر به الحق وقمع به الشرك، وأعز به العرب عامة وشرف به قريشا خاصة
فقال: (وإنه لذكر لك ولقومك) فلما توفاه الله تنازعت العرب في الأمر بعده فقالت
قريش: نحن عشيرته وأولياؤه فلا تنازعونا سلطانه، فعرفت العرب لقريش ذلك وجاحدتنا
قريش ما عرفت لها العرب، فهيهات ما أنصفتنا قريش
ص 229
وقد كانوا ذوي فضيلة في الدين وسابقة في الإسلام ولا غرو إلا منازعتك إيانا الأمر
بغير حق في الدنيا معروف، ولا أثر في الإسلام محمود، فالله الموعد نسأل الله معروفه
أن لا يؤتينا في هذه الدنيا شيئا ينقصنا عنده في الآخرة، إن عليا لما توفاه الله
ولاني المسلمون الأمر بعده، فاتق الله يا معاوية وانظر لأمة محمد صلى الله عليه
وآله ما تحقن به دماءها وتصلح به أمرها - والسلام. رواه عن المدائني العلامة الشهير
بابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) (ج 4 ص 9 ط القاهرة).
ص 230
ومن كلامه عليه السلام في رد كلام معاوية

إنه والله ما أراد بها النصحية، ولكن أراد
أن يفني بنو هاشم ما بأيديهم فيحتاجوا إليه، وأن يحلم بنوا أمية فيحبهم الناس، وأن
يشجع بنو العوام فيقتلوا، وأن يتيه بنو مخزوم فيمقتوا. قاله عليه السلام لما بلغه
قول معاوية: إذا لم يكن الهاشمي جوادا والأموي حليما والعوامي شجاعا والمخزومي
تياها لم يشبهوا آبائهم. فذكره. رواه العلامة الثعالبي في (ثمار القلوب في المضاف
والمنسوب) (ص 90 ط مطبعة الظاهر في القاهرة).
ومن كلامه عليه السلام

لا تعاجل الذنب
بالعقوبة، واجعل بينهما الاعتذار طريقا، وقال: أوسع ما يكون الكرم بالمغفرة - إذا
ضاقت بالذنب المعذرة. رواه العلامة شهاب الدين النويري في (نهاية الإرب) (ج 3 ص 232
ط القاهرة).
ص 231
ومن كلام له عليه السلام

أحبوا الله فإن أطعنا الله وإن عصيناه فأبغضونا. قاله لرجل
ممن يغلو فيهم، فقال الرجل: إنكم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته.
فقال: ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة منه بغير عمل نفع بذلك من هو أقرب إليه منا
أباه وأمه، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين، وأرجو أن يؤتى
المحسن منا أجره مرتين. رواه العلامة المناوي في (الكواكب الدرية) (ج 1 ص 53 ط
الأزهرية بمصر).
ص 232
ومن كلامه عليه السلام في جواب معاوية حين ادعى استحقاق الخلافة

أما الخلافة فلمن
عمل بكتاب الله وسنته، وليست الخلافة لمن خالف كتاب الله وعطل السنة، إنما مثل ذلك
مثل رجل أصاب ملكا فتمتع به وكأنه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه، واستمر الإمام في
تعريف نفسه فقال: أنا ابن من ساد قريشا شابا وكهلا، أنا ابن من سواد الورى كرما
ونبلا، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق والفرع الباسق والفضل السابق، أنا
ابن من رضاه الله تعالى، وقد ضاق به معاوية ذرعا وأوعز إلى القوى المنحرفة المعادية
لأهل البيت بالتطاول على ريحانة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الإمام في كل هذه
المناظرات هو الظافر المنتصر. رواه في (أهل البيت) (ص 383 ط السعادة بمصر).
ص 233
ومن كلامه عليه السلام لحبيب بن مسلم الفهري

لرب مسير لك في غير طاعة الله، قال:
أما مسيري إلى أبيك فلا، قال: بلى ولكنك أطعت معاوية دنيا قليلة فلئن كان قام بك في
دنياك لقد قعد بك في آخرتك فلو كنت إذ فعلت شرا قلت خيرا كنت كما قال الله تعالى:
(خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) ولكنك كما قال الله تعالى: (كلا بل ران على قلوبهم ما
كانوا يكسبون). رواه في (الفنون) (ص 79 ط دار المشرق في بيروت).
ومن كلامه عليه
السلام في جواب الحسن البصري عند سؤاله من القدر

بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد،
فقد انتهى إلي كتابك عند حيرتك وحيرة من زعمت من أمتنا، والذي عليه رأيي إن من لم
يؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله فقد فجر،
إن الله لا يطاع بإكراه ولا يعصى بغلبة ولا يهمل العباد في ملكه، لكنه المالك لما
ملكهم والقادر على ما عليه قدرهم فإن اعتمروا بالطاعة لم يكن لهم صادا ولا لهم عنها
مشبعا، وإن أتوا بالمعصية وشاء أن يمن عليهم فيحول بينهم وبينها فعل، وإن لم يفعل
فليس هو حملهم عليها إجبارا، ولا ألزمهم إكراها إياها، فاحتجاجه عليهم أن عرفهم
ومكنهم وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما دعاهم إليه وترك ما نهاهم عنه، فلله الحجة
البالغة - والسلام، انتهى رواه في (الفقه الأكبر) (ج 2 ص 135).
ص 234
ومن كلامه عليه السلام

لما أتي في جارية زفت إلى بيت رجل فوثبت عليها ضرتها وضبطتها
بنات عم لها فافتضتها بأصبعها، فاستفتي الحسن عليه السلام فقال: إحدى دواهيكم يا
أهل الكوفة ولا علي لها اليوم فما ترون؟ قالوا: أنت أعلم، قال: فإني أرى التي
افتضتها صداقها وجلد مائة، وأرى اللواتي ضبطتها مفتريات عليهن جلد ثمانين. رواه
العلامة الزمخشري في (ربيع الأبرار) (ص 637 مخطوط).
ومن كلامه عليه السلام

إن الناس
عبيد المال، والدين نعو على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معايشهم فإذا فحص للابتلاء
قل الديانون. رواه العلامة الراغب الاصفهاني في (محاضرات الأدباء) (ج 4 ص 416 ط
بيروت).
ومن كلامه عليه السلام

أكيس الكيس التقى. رواه العلامة المناوي في (الكواكب
الدرية) (ج 1 ص 54 ط الأزهرية بمصر). ورواه أبو نعيم في (الحلية) (ج 2 ص 37 ط
السعادة بمصر) وقدم نقله عن جماعة في خطبه عليه السلام.
ص 235
ومن كلامه عليه السلام

إني لأعجب ممن رزق العقل كيف يسأل الله معه شيئا آخر. رواه
العلامة الشيخ أبو إسحاق برهان الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى بن علي الأنصار
يالكتبي المتوفى سنة 718 في كتابه (غرر الخصائص الواضحة) (ص 67 طبع الشرفية بمصر).
ومن كلامه عليه السلام لبنيه وبني أخيه

تعلموا العلم فإن لم تستطيعوا حفظه فاكتبوه
وضعوه في بيوتكم. رواه السيد عبد الوهاب العلوي الشعراني في (الطبقات الكبرى) (ج 1
ص 23 ط القاهرة). ورواه في (الفقه الأكبر) (ج 2 ص 10) لكنه قال: يا بني وبني أخي
إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن
يرويه، أو قال: يحفظه، فليكتبه وليضعه في بيته.
ومن كلامه عليه السلام

كان على عهد
رسول الله قتال ثم قتال على هذه الطعمة وما بعدهما ضلال وبدعة يعني ما ذكرناه مما
يتولاه الإمام أطعم في ذو مطعم. رواه العلامة الهروي في (الغريبين) (ص 77 مخطوط).
ص 236
ومن كلامه عليه السلام

لما قيل له: فيك عظمة، قال: بل في عزة، قال تعالى: (ولله
العزة ولرسوله وللمؤمنين). رواه العلامة الزمخشري في (ربيع الأبرار) (ص 419 مخطوط).
ومن كلامه عليه السلام

أين الذين طرح الخرور والحبرات، ولبسوا البتوت والنمرات.
رواه العلامة ابن منظور المصري في (لسان العرب) (ج 2 ص 8 ط دار الصادر بيروت).
ص 237
ومن كلامه عليه السلام

لما قيل له: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم
أحب إلي من الصحة: رحم الله أبا ذر، أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له
لم يتمن غير ما اختار الله له.
رواه العلامة الشيخ أبو محمد عفيف الدين اليافعي في (الارشاد والتطريز) (ص 132 ط
القاهرة). وروى الحديث عن أبي العباس محمد بن يزيد المبرد بعين ما تقدم عن (الارشاد
والتطريز) إلا أنه ذكر بدل قوله لم يتمن غير ما اختار الله له: لم يتمن أن يكون في
غير الحالة التي اختار الله له. العلامة ابن كثير الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج
8 ص 39 ط مصر).
ومن كلامه عليه السلام

لما قيل له يوم حار: تجرع، فقال: إنما يتجرع
أهل النار. رواه العلامة محمد بن مكرم بن منظور المصري في (لسان العرب) (ج 8 ص 46 ط
الصادر في بيروت).
ص 238
ومن كلامه عليه السلام

من أكثر مجالسة العلماء أطلق عقال لسانه، وفتق مراتق ذهنه،
وسر ما وجد من الزيادة في نفسه، وكانت له ولاية لما يعلم، وإفادة لما تعلم. رواه
العلامة أبو حامد الغزالي في (مكاشفة القلوب) (ص 228 ط القاهرة).
ومن كلامه عليه
السلام

سفيه لم يجد مسافها. رواه العلامة الميداني في (مجمع الأمثال) (ج 1 ص 339 ط
القاهرة). قال: هذا المثل يروي عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قاله لعمرو بن
الزبير حين شتمه عمرو. ومن كلام بن علي رضي الله تعالى عنهما قاله لعمرو بن الزبير
حين شتمه عمرو.
ومن كلام له عليه السلام

إني لله سائل، وفيه راغب، وأنا أستحيي أن
أكون سائلا وأرد سائلا، وإن الله تعالى عودني عادة: عودني أن يفيض نعمه علي وعودته
أن أفيض نعمه على الناس، فأخشى أن قطعت العادة أن يمنعني المادة، وأنشد يقول: إذا
ما أتاني سائل قلت مرحبا * بمن فضله فرض علي معجل ومن فضله فضل على كل فاضل * وأفضل
أيام الفتى حين يسأل
ص 239
رواه العلامة السيوطي في (الكنز المدفون) (ص 434 ط مصر) قاله عليه السلام لما قيل
له: لأي شي نراك لا ترد سائلا وإن كنت على فاقة، فذكره. ورواه بعينه العلامة الشيخ
محمد رضا المصري المالكي في (الحسن والحسين سبطا رسول الله) (ص 10 ط القاهرة) لكنه
ذكر بدل كلمة المادة: العادة.
ومن كلامه عليه السلام في بعض خطبه

إن الله لم يبعث
نبيا إلا اختار له نفسا ورهطا وبيتا، فوالذي بعث محمدا بالحق لا ينتقص من حقنا أهل
البيت أحد إلا نقصه من عمله مثله، ولا يكون علينا دولة إلا وتكون لنا العاقبة،
ولتعلمن نبأه بعد حين. رواه العلامة المذكور في (الحسن والحسين سبطا رسول الله) (ص
49 الطبع المذكور).
ومن كلامه عليه السلام

من عادانا فلرسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم عادى. رواه العلامة الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (ص 237 عبد اللطيف
بمصر).
ص 240
ومن كلامه عليه السلام

يجعل الفزع يوم القيامة إذا بعثوا من القبول يقول: ولو ترى
يا محمد فزعهم حين لا فوت، أي لا مهرب ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه، وهذا نحو
قوله: فنادوا ولات حين مناص، أي نادوا حين لا مهرب. رواه العلامة ابن قتيبة في
(تأويل مشكل القرآن) (ص 255 ط القاهرة).
ومن كلامه عليه السلام

جربنا وجرب المجربون
فلم نر شيئا أنفع وجدانا ولا أضر فقدانا من الصبر تداوى به الأمور، ولا يداوي هو
بغيره. رواه العلامة ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) (ج 1 ص 105 ط
القاهرة). ومن كلامه حين سأله عليه السلام معاوية عن الكرم فقال: هو التبرع
بالمعروف قبل السؤال، والرأفة بالسائل مع البذل. رواه العلامة الأبشهي في
(المستطرف) (ج 1 ص 145 ط القاهرة).
ص 241
ومن كلامه عليه السلام

التبرع بالمعروف والعطا قبل السؤال، وإطعام في المحل، وأما
النجدة فالذب عن الجار، والصبر عن المواطن، والإقدام عند الكريهة، وأما المودة فحفظ
الرجل دينه، وإحراز نفسه من الدنس، وقيامه لضيفه، وأداء الحقوق، وإفشاء السلام.
قاله حين سأل معاوية عن الكرم والنجدة والمودة فقاله. رواه العلامة مبارك بن الأثير
الجزري في (المختار) (ص 20) عن عيسى ابن سليمان.
ومن كلامه عليه السلام

البلاغة
تقريب بعيد الحكمة بأسهل. رواه العلامة أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل المتوفى
سنة 351 في (الصناعتين) (ص 52 ط القاهرة).
ومن كلامه عليه السلام

ما رأيت يقينا لا
شك فيه، أشبه بشك لا يقين فيه من الموت. رواه العلامة أبو هلال الحسن بن عبد الله
بن سهل العسكري في (الصناعتين) (ص 299 ط القاهرة).
ص 242
ومن كلامه عليه السلام

إن من خوفك حتى تبلغ الأمن، خير ممن يؤمنك حتى تلقى الخوف.
رواه العلامة أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري في (الصناعتين) (ص 299 ط
القاهرة). ورواه ابن الخلفاء عبد الله بن المعتز العباسي في (البديع) (ص 37 ط
لنينغراد).
ومن كلامه عليه السلام

حين سئل عنه عن المحبة فقال: بذل المجهود،
والحبيب يفعل ما يشاء. رواه علامة العرفان والحديث أبو نصر عبد الله بن علي السراج
الطوسي الشهير بطاوس الفقراء في (اللمع) (ص 87 ط القاهرة).
ومن كلامه عليه السلام

حين سئل عنه: متى يكون العاقل عاقلا؟ قال: إذا عقله عقله عما لا ينبغي فهو عاقل.
رواه العلامة الشيخ أبو إسحاق محمد بن إبراهيم الأنصاري الكبير الشهير بالوطواط في
(غرر الخصائص الواضحة) (ص 72 ط القاهرة).
ص 243
ومن كلامه عليه السلام

أول الفاتحة نعيم، ووسطها تكريم، وآخرها رضوان الله تعالى.
رواه في (نزهة المجالس) (ج 1 ص 32).
ومن كلامه عليه السلام

اللهم تفرد بموته، فإن
القتل كفارة، قاله عليه السلام حين بلغه أن زيادا يتبع شيعة علي (رض) فيقتلهم. رواه
في (المعجم الكبير) (ص 138 نسخة جامعة طهران) قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، نا أبو
نعيم، نا سفيان عن يونس بن عبيد. فذكره.
ومن كلامه عليه السلام

لو علمت ما أعد الله
لي في دار الآخرة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لعلمت أني في
هذه الحالة بالنسبة إلى ذلك في سجن، ولو نظرت إلى ما أعد الله لك في دار الآخرة من
العذاب العليم (الأليم ظ) لرأيت أنك الآن في جنة واسعة. قاله عليه السلام حين
استوقفه يهودي وقال له: قال جدك: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وأنت مؤمن وأنا
كافر، وما أرى الدنيا إلا جنة لك وسجنا علي. رواه العلامة بأكثر الحضرمي في (وسيلة
المآل) (ص 172 مخطوط).
ص 244
ومن إنشائه عليه السلام

أتأمر يا معاوي عبد سهم * بشتمي والملا منا شهود
إذا أخذت
مجالسها قريش * فقد علمت قريش ما تريد
قصدت إلي تشتمني سفاها * لضغن ما يزول وما
يبيد
فمالك من أب كأبي تسامي * به من قد تسامي أو تكيد
ولا جد كجدي يا ابن هند *
رسول الله إن ذكر الجدود
ولا أم كأمي من قريش * إذا ما يحصل الحسب التليد
فما مثلي
تهكم يا ابن هند * ولا مثلي تجاريه العبيد
فمهلا لا تهج منا أمورا * يشيب لها
معاوية الوليد
رواه العلامة إبراهيم بن محمد البيهقي المتوفى سنة 300 بقليل في
(المحاسن والمساوي) (ص 83 ط بيروت) قال: قيل: واستأذن الحسن بن علي رضي الله عنه
على معاوية وعنده عبد الله بن جعفر وعمرو بن العاص، فأذن له، فلما أقبل قال عمرو:
قد جائكم الأفه العيي الذي كان بين لحييه عبلة، قال عبد الله بن جعفر: مه فوالله
لقد رمت صخرة ململمة تنحط عنها السيول وتقصر دونها الوعول ولا تبلغها السهام، فإياك
والحسن وإياك، فإنك لا تزال راتعا في لحم رجل من قريش، ولقد رميت فما برح سهمك،
وقدحت فما أورى زندك. فسمع الحسن الكلام، فلما أخذ الناس مجالسهم قال: يا معاوية لا
يزال عندك عبد راتعا في لحوم الناس، أما والله لو شئت ليكونن بيننا ما تتفاقم فيه
الأمور وتحرج منه الصدور، فأنشأه.
ص 245
نبذة مما قيل في شأنه
كلام عمرو بن العاص

روى عنه القوم: منهم العلامة ابن كثير
الدمشقي في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 206 ط مصر) قال: قال محمد بن سعد: أنبأنا
قبيصة بن عقبة، ثنا يونس بن أبي إسحاق عن العيزار ابن حريث قال: بينما عمرو بن
العاص جالس في ظل الكعبة إذ رأى الحسين مقبلا فقال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل
السماء. ومنهم العلامة الزرندي الحنفي في (نظم درر السمطين) (ص 202 ط مطبعة القضاء)
قال: يروي أن عمرو بن العاص لما أقبل الحسن بن علي (رض) قال: هذا أحب أهل الأرض إلى
أهل السماء. ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 168 ط اسلامبول). روى
الحديث عن العيزار بعين ما تقدم عن (البداية والنهاية) لكنه ذكر بدل عمرو بن العاص
عبد الله بن عمر. ومنهم العلامة ابن الصبان المصري في (إسعاف الراغبين) (المطبوع
بهامش نور الأبصار، ص 186 ط مصر).
ص 246
روى الحديث بعين ما تقدم عن (ينابيع المودة). ومنهم العلامة الحمزاوي في (مشارق
الأنوار) (ص 114 ط مصر). روى الحديث بعين ما تقدم عن (البداية والنهاية). ومنهم
العلامة أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي في كتابه (المحدث الفاضل
بين الراوي والواعي) (نسخة مخطوطة في خزانة كتب مولانا الرضا) قال: حدثنا عبد الله
بن علي بن مهدي، ثنا محمد خلد بن خراش المهلبي، ثنا مسلم ابن قتيبة، عن يونس بن أبي
إسحاق، عن الوليد بن العيزار قال: كان عمرو بن العاص جالسا. فذكر الحديث بعين ما
تقدم عن (البداية والنهاية). ومنهم العلامة الآمرتسري في (أرجح المطالب) (ص 280 ط
لاهور). روى الحديث عن العيزار بن حريث نقلا عن الإصابة بعين ما تقدم عن (ينابيع
المودة).
ص 247
كلام عبد الله بن عمرو

وأخرج البزار عن رجاء بن ربيعة قال: كنت جالسا بالمدينة في
مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في حلقة فيها أبو سعيد وعبد الله بن عمرو، فمر
الحسن بن علي رضي الله عنهم فسلم فرد عليه القوم وسكت عبد الله بن عمرو ثم أتبعه
فقال وعليك السلام ورحمة الله ثم قال: هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء والله ما
كلمته منذ ليال صفين. فقال أبو سعيد: ألا تنطلق إليه فتعتذر إليه قال: نعم قام فدخل
أبو سعيد فاستأذن فأذن له ثم استأذن لعبد الله بن عمرو فدخل فقال أبو سعيد لعبد
الله بن عمرو: حدثنا بالذي حدثتنا به حيث مر الحسن فقال: نعم أنا أحدثكم به إنه أحب
أهل الأرض إلى أهل السماء قال: فقال له الحسن: إذ علمت أني أحب أهل الأرض - الخ.
نقله في (حياة الصحابة) عن الهيثمي في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 177) قال: رواه البزار
ورجاله رجال الصحيح غير هاشم بن البريد وهو ثقة.
ص 248
كلام رجاء بن ربيعة

روى عنه القوم: منهم الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيتمي
المتوفى سنة 807 في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 176 ط مكتبة القدسي في القاهرة) قال: وعن
رجاء بن ربيعة قال: كنت جالسا بالمدينة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في حلقة
فيها أبو سعيد، وعبد الله بن عمرو، فمر الحسن بن علي فسلم فرد عليه القوم وسكت عبد
الله بن عمرو ثم اتبعه فقال: وعليك السلام ورحمة الله، ثم قال: هذا أحب أهل الأرض
إلى أهل السماء والله ما كلمته منذ ليال صفين، فقال أبو سعيد: ألا تنطلق إليه
فتعتذر إليه، قال: نعم، قال: فقام فدخل أبو سعيد فاستأذن فأذن له ثم استأذن لعبد
الله بن عمرو فدخل فقال: أبو سعيد لعبد الله بن عمرو: حدثنا بالذي حدثتنا به حيث مر
الحسن فقال: نعم أنا أحدثكم أنه أحب أهل الأرض إلى أهل السماء قال: فقال له الحسن:
إذ علمت أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء فلم قاتلتنا أو كثرت يوم صفين - الحديث.
رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير هاشم بن البريد وهو ثقة.
ص 249
كلام جابر بن عبد الله

روى عنه القوم: منهم الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل
بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى سنة 774 في (البداية والنهاية) (ج 8 ص 35 طبع
القاهرة) قال: قال محمد بن سعد: ثنا محمد بن عبد الله الأسدي، ثنا شريك، عن جابر،
عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي). وقد رواه
وكيع، عن ربيع بن سعد، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر فذكر مثله، وإسناده لا بأس
به، ولم يخرجوه. ومنهم الحافظ السيوطي في (الجامع الصغير) (ص 526 ط مصر). روى
الحديث من طريق أبي يعلى، عن جابر بعين ما تقدم عن (البداية والنهاية). ومنهم
العلامة أحمد بن حجر الهيتمي المكي الشافعي المتوفى سنة 974 في (الصواعق) (ص 190 ط
عبد اللطيف بمصر). روى الحديث من طريق أبي يعلى، عن جابر بعين ما تقدم عن (البداية
والنهاية). ومنهم الشيخ علاء الدين المولى علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال)
(المطبوع بهامش المسند، ج 5 ص 102 ط الميمنية بمصر). روى الحديث من طريق أبي يعلى
عن جابر بعين ما تقدم عن (البداية والنهاية).
ص 250
ومنهم العلامة الشيخ سليمان القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 187 ط اسلامبول). نقل
الحديث عن (الجامع الصغير) بعين ما تقدم عنه. ومنهم العلامة البدخشي في (مفتاح
النجا) (ص 117 المخطوط). روى الحديث من طريق أبي يعلى، عن جابر بعين ما تقدم عن
(البداية والنهاية). ومنهم العلامة الشيخ يوسف النبهاني من مشايخنا في الرواية في
(الفتح الكبير) (ج 3 ص 198 ط القاهرة). روى الحديث من طريق أبي يعلى، عن جابر بعين
ما تقدم عن (البداية والنهاية). ومنهم العلامة الشيخ عبد الله الحنفي الآمرتسري من
المعاصرين في (أرجح المطالب) (ص 271 ط لاهور). نقل الحديث عن (الصواعق) بعين ما
تقدم عنه.