الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج12)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 281

ومن كلامه (ع) كفارة عمل السلطان الاحسان إلى الأخوان . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) ثلاثة لا يزيد الله بها الرجل المسلم إلا عزا : الصفح عمن ظلمه والإعطاء لمن حرمه والصلة لمن قطعه . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) ورواه في (نور الأبصار (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) أربعة أشياء القليل منها كثير : النار ، والعداوة ، والفقر ، والمرض . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) .

ص 282

ومن كلامه (ع) من أكرمك فأكرمه ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) إن عيال المرء اسرائه فمن أنعم الله عليه بنعمته فليوسع على اسرائه فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة عنه . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . وفي (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) من استبطأ رزقه فليكثر من الاستغفار . رواه العلامة باعلوي الحضرمي في (المشرع الروي) (ج 1 ص 35 ط الشرفية بمصر) . ومن كلامه (ع) الفقهاء أمنا الرسل ما لم يأتوا أبواب السلاطين فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى أبواب السلاطين فاتهموهم . رواه العلامة باعلوي الحضرمي في (المشرع الروي) (ص 1 ص 35 ط الشرفية بمصر) .

ص 283

ومن كلامه (ع) الخلال بعد الطعام يشد اللثات ويجلب الرزق ويطيب النكهة . رواه العلامة القرطبي في (بهجة المجالس) (ص 79 دار الكاتب العربي بالقاهرة) . ومن كلامه (ع) إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه . رواه العلامة باعلوي الحضرمي في (المشرع الروي) (ج 1 ص 35 ط الشرفية بمصر) . ومن كلامه (ع) ما كل من رأى (نوى ظ) شيئا قدر عليه ولا كل من قدر على شيء وفق له ولا كل من وفق أصاب له موضعا ، فإذا اجتمعت النية والقدرة والتوفيق والإصابة فهناك السعادة . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . وفي (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) منع الجود سوء الظن بالمعبود . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) .

ص 284

ومن كلامه (ع) دعا الله الناس في الدنيا بآبائهم ليتعارفوا ودعاهم في الآخرة بأعمالهم ليتجاوزوا فقال : يا أيها الذين آمنوا يا أيها الذين كفروا . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) البنات حسنات والبنون نعم والحسنات يثاب عليها والنعم مسئول عنها . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) حفظ الرجل أخاه بعد وفاته في تركته كرم . رواه في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ومن كلامه (ع) يا بني اقبل وصيتي واحفظ مقالتي فإنك إن حفظتها تعيش سعيدا ، وتموت حميدا ، يا بني من رضي بما قسم له استغنى ، ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ، ومن لم يرض بما قسمه الله له اتهم الله في قضائه ، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره ، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه ، يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته ، ومن سل سيف البغي قتل به ، ومن احتفر

ص 285

لأخيه بئرا سقط فيها ، ومن داخل السفهاء حقر ، ومن خالط العلماء وقر ، ومن دخل مداخل السوء اتهم ، يا بني إياك أن تزري بالرجال فيزري بك ، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك ، يا بني قل الحق لك أو عليك تستشان من بين أقرانك ، يا بني كن لكتاب الله تاليا وللاسلام فاشيا ، وبالمعروف آمرا ، وعن المنكر ناهيا ، ولمن قطعك واصلا ، ولمن سكت عنك مبتديا ، ولمن سئلك مطيعا ، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال ، وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة التعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف ، يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ، فإن للجود معادن ، وللمعادن أصولا ، وللأصول فروعا ، وللفروع ثمرا ، ولا يطيب ثمر إلا بالأصول ، ولا أصل ثابت إلا بمعدن طيب ، يا بني إن زرت فزر الأخيار ولا تزر الفجار ، فإنهم صخرة لا ينفجر مائها ، وشجرة لا يخضر ورقها ، وأرض لا يظهر عشبها . رواه في (حلية الأولياء ج 3 ص 195 ط السعادة بمصر) قال : حدثنا أحمد بن محمد بن مقسم حدثني أبو الحسين علي بن الحسن الكاتب حدثني أبي ، حدثني الهيثم حدثني بعض أصحاب جعفر بن محمد الصادق . قال : دخلت على جعفر وموسى بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فكان مما حفظت منها أن قال : فذكره ثم قال : قال علي بن موسى : فما ترك هذه الوصية إلى أن توفي . ورواه في (مطالب السئول) (ص 82 ط طهران) لكنه ذكر بدل كلمة رضي : قنع وأسقط قوله أياك أن تزري إلى قوله ولمن سئلك معطيا إلا قوله : قل الحق لك وعليك وذكر بدل قوله ولا تطيب ثمر إلا بالأصول : ولا تطيب ثمر إلا . بفرع ولا فرع إلا بأصل . ورواه في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) .

ص 286

رواه في (الفصول المهمة) (ص 206 ط الغري) . ورواه في (التذكرة) (ص 352 ط الغري) لكنه ذكر بدل قوله تعيش سعيدا وتموت حميدا : عشت سعيدا ومت شهيدا أو حميدا ، وبدل قوله من رضي : من قنع وبدل قوله ما في يد غيره : مال غيره . وزاد قبل كلمة حجاب : عورة ، وذكر بدل قوله : ومن احتفر لأخيه بئرا : ومن احتفر لأخيه المؤمن قليبا أوقعه الله فيها قريبا ، وزاد بعد قوله قل الحق كلمة : مرا وأسقط قوله تستشان إلى قوله معطيا ، وزاد بعد قوله في قلوب الرجال : وإذا طلبت الجود فعليك بمعادنه ، ولم يذكر بقية كلامه (ع) . وكذا رواه في (صفة الصفوة) (ج 2 ص 170 ط حلب) . ورواه العلامة ابن الأثير في (المختار) (ص 18 نسخة الظاهرية بدمشق) بعين ما تقدم عن (حلية الأولياء) لكنه أسقط قوله وللاسلام فاشيا ، وذكر بدل قوله ولا يطيب ثمر إلا بالأصول : ولا يطيب ثمر إلا بفرع ولا فرع إلا بأصل . ومن كلام له (ع) صلة الرحم تهون على المرء الحساب ثم تلا : الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب . رواه في (الفقه الأكبر) (ج 2 ص 88) . ومن كلام له (ع) إنا ندعو الله فيما نحب فإذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما يحب . قال (ع) : حين توفي ابن له فخشي عليه الجزع فخرج هاديا سالما فقال له قائل : وخشينا عليك .

ص 287

رواه في (مفيد العلوم ومبيد الهموم) (ص 194 ط القاهرة) . ومن كلام له (ع) لم أر أوعظ من المقبرة ، ولا آنس من كتاب الله تعالى ، ولا أسلم من الوحدة . رواه في (سلوة الأحزان) (ص 45 ط الاسكندرية) . ومن كلام له (ع) الصلاة قربان كل تقي ، والحج جهاد كل ضعيف ، وزكاة البدن الصيام والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر ، واستنزلوا الرزق بالصدقة ، وحصنوا أموالكم بالزكاة ، وما عال من اقتصد ، والتدبير نصف العيش ، والتودد نصف العقل ، وقلة العيال إحدى اليسارين ، ومن أحزن والديه فقد عقهما ، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته فقد حبط أجره ، والصنيعة لا تكونن صنيعة إلا عند ذي حسب ودين والله تعالى منزل الصبر على قدر المصيبة ، ومنزل الرزق على قدر المؤنة ، ومن قدر معيشته رزقه الله ، ومن يذر معيشته حرمه الله تعالى . رواه في (حلية الأولياء) (ج 3 ص 194 ط السعادة بمصر) قال : حدثنا سليمان ابن أحمد ، ثنا أحمد بن زيد بن الجريش ، ثنا عباس بن الفرج الرياشي ، ثنا الأصمعي عنه (ع) . ورواه العلامة ابن الأثير في (المختار) (ص 18 نسخة الظاهرية بدمشق) إلى قوله : على قدر المصيبة ، وذكر بدل الواو قبل الدين : أو .

ص 288

ومن كلام له (ع) الفقهاء أمنا الرسل فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم . رواه في (حلية الأولياء) (ج 3 ص 194 ط السعادة بمصر) قال : حدثنا عبد الله ابن محمد ، ثنا محمد بن العباس ، ثنا أحمد بن بديل ، ثنا عمر اليامي ، ثنا هشام بن عباد عنه (ع) فقاله ، ورواه العلامة ابن الأثير في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 18 نسخة الظاهرية بدمشق) . ورواه في (الخفة اللطيفة) (ج 1 ص 410) لكنه ذكر بدل كلمة ركبوا : ركنوا . ورواه في (المشرع الروي) (ج 1 ص 35 ط الشرفية بمصر) لكنه ذكر بعد قوله أمناء الرسل : ما لم يأتوا أبواب السلطان . ومن كلا له (ع) كيف أعتذر وقد احتججت وكيف أحتج وقد علمت بالذي صنعت . رواه في (حلية الأولياء) (ج 3 ص 194 ط السعادة بمصر) قال : حدثنا أبي ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن إدريس ، ثنا محمد بن القاسم قال : كان جعفر بن محمد يقوله . ومن كلام له (ع) ما كنت لأعبد ربا لم أره قال الأعرابي : كيف رأيته ؟ قال : لم تره الأبصار بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يدرك بالحواس

ص 289

ولا يقاس الناس ولكنه معروف بالآيات مشهور بالعلامات لا يجور في قضائه ولا يحيف في حكمه هو الواحد الذي لا إله إلا هو . رواه العلامة أبو طالب المكي الحارثي في (علم القلوب) (ص 58 ط القاهرة) حين سأله أعرابي فقال هل رأيت ربك فقاله (ع) ، ثم قال الأعرابي : أعلم إنك من أهل بيت النبوة والشرف . ومن كلام له (ع) لا دليل على الله بالحقيقة غير الله ، ولا داعي إلى الله في الحقيقة سوى الله ، إن الله سبحانه دلنا بنفسه من نفسه على نفسه . رواه العلامة أبو طالب محمد المكي الحارثي في (علم القلوب) (ص 98 ط القاهرة) . ومن كلام له (ع) إمش ميلا وشيع جنازة رجل صالح ، وامش ستة أميال وزر أخا في الله . رواه العلامة أبو طالب محمد المكي الحارثي في (علم القلوب) (ص 224 ط القاهرة) . ومن دعائه (ع) اللهم أعزني بطاعتك ولا تخزني بمعصيتك ، اللهم ارزقني مواساة من قترت عليه رزقه بما وسعت علي من فضلك . رواه في (حلية الأولياء) (ج 3 ص 196 ط السعادة بمصر) قال : حدثنا أبي ثنا أبو الحسن العبدي ثنا أبو بكر القرشي ثنا الفضل بن الغسان عن أبيه عن شيخ

ص 290

من أهل المدينة عنه (ع) . ورواه في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 18 نسخة الظاهرية بدمشق) . ومن كلامه (ع) حين سئل لم سمي بالبيت العتيق ؟ قال : لأن الله تعالى عتقه من الطوفان . رواه الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) وابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 210 ط الغري) . ومن كلام له (ع) إن الله قسم العقل على ثلاثة أجزاء فمن الناس من ابتدء بالعقل قبل خلقته فهذا الذي يستدل بأول الكلام على آخره ثم يجيب ومنهم من عجن عقله بالنطفة التي خلقهم الله منها فهو الذي يصمت على ما يستغرق في الكلام ثم يجيب ومنهم من ركب فيه العقل بعد كمال خلقته فهو الذي إذا كلمته يقول : أعد علي . رواه العلامة محمد المكي بن علي بن عطية الحارثي في (علم القلوب) (ص 80 ط القاهرة) قال قيل لجعفر بن محمد الصادق : يا ابن رسول الله ما بال الناس منهم من إذا كلمته يستدل بأول كلامك على آخره ثم يجيبك ، ومنهم من إذا كلمته يصمت حتى يستغرق في كلامك فيجيبك ، ومنهم من إذا كلمته يقول : أعد علي . فقاله (ع) . ومن كلامه (ع) فلا تجزع وإن أعسرت يوما * * فقد أيسرت بالزمن الطويل ولا تيأس فإن اليأس كفر * * لعل الله يغني عن قليل

ص 291

ولا تظنن بربك ظن سوء * * فإن الله أولى بالجميل رواه العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 211 ط الغري) قال : قال إبراهيم بن مسعود : كان رجل من التجار يختلف إلى جعفر بن محمد (ع) وبينه وبينه مودة وهو معروف بحسن حال ، فجاء بعد حين إلى جعفر بن محمد وقد ذهب ماله وتغير حاله فجعل يشكو إلى جعفر فأنشده (ع) . ومن كلامه (ع) لا زاد أفضل من التقوى ، ولا شيء أحسن من الصمت ، ولا عدو أضر من الجهل ، ولا داء أدوى من الكذب . رواه في (حلية الأولياء) (ج 3 ص 196 ط السعادة بمصر) قال : حدثنا محمد ابن عمر بن سلم حدثني أحمد بن زياد حدثنا الحسن بن بزيع عن الحسن بن علي الكلبي عن عائذ بن حبيب قال : قاله (ع) . ورواه في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 18 نسخة الظاهرية بدمشق) . ورواه في (المشرع الروي) (ج 1 ص 35 ط مصر) . ومن كلامه (ع) للصداقة خمس شروط فمن كانت فيه فانسبوه إليها ومن لم تكن فيه فلا تنسبوه إلى شيء منها ، وهي : أن تكون زين صديقه ، وسريرته كعلانيته ، وأن لا يغير عليه مال ، وأن يراه أهلا لجميع مودته ، لا يسلمه عند النكبات . رواه العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 199 ط العثمانية بمصر) .

ص 292

ومن كلام له (ع) إن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وآخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار ، وقوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار . رواه في (حلية الأولياء) (ج 3 ص 134 ط السعادة بمصر) . ومن كلامه (ع) أوحى الله تعالى إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني ، وأتعبي من خدمك . رواه في (حلية الأولياء) (ج 3 ص 194 ط السعادة بمصر) قال : حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن العباس ، ثنا الحسين بن عبد الرحمن بن أبي عباد ، ثنا محمد بن بشر عن جعفر بن محمد فذكره . ومن كلامه (ع) من قرء سورة الرعد لم تصبه صاعقة أبدا . رواه الفيروز آبادي في (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) (ص 267 ط القاهرة) . ومن كلامه (ع) لسفيان فسد الزمان وتغير الإخوان ، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد ثم قال : ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب * * فالناس بين مخاتل وموارب يفشون بينهم المودة والصفا * * وقلوبهم محشوة بعقارب رواه في (التذكرة) (ص 355 ط الغري) قال : قال الثوري بالاسناد المتقدم

ص 293

(أي في كتابه) قلت لجعفر : يا ابن رسول الله اعتزلت الناس فقاله . ورواه في (نزهة الجليس) (ج 1 ص 50 ط القاهرة) إلى قوله ثم قال : ذهب الوفاء وذكر بدل كلمة فرأيت : فصار . ومن كلامه (ع) أثقل إخواني علي من يتكلف لي وأتحفظ منه ، وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي . رواه في (الدرة الخريدة) (ج 2 ص 133 ط بيروت) . ومن كلامه (ع) إياك وسقطة الاسترسال فإنها لا تستقال . رواه في (محاضرات الأدباء) (ج 3 ص 19 ط بيروت) .

ومن دعائه (ع) في دبر صلاته

أللهم أنت ثقتي في كل كرب وأنت رجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، فكم من كرب قد يضعف عنه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، وترغب عنه الصديق ، ويشمت به العدو ، أنزلته بك ، وشكوته إليك ، ففرجته وكشفته ، فأنت صاحب كل حاجة ، وولي كل نعمة ، وأنت الذي حفظت الغلام بصلاح أبويه ، فاحفظني بما حفظته به : ولا تجعلني فتنة للقوم الظالمين ، أللهم وأسئلك بكل اسم هو لك سميته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، وأسئلك بالاسم الأعظم الأعظم

ص 294

الأعظم الذي الذي إذا سئلت به كان حقا عليك أن تجيب أن تصلي على محمد وعلى آل محمد وأسئلك أن تقضي حاجتي ، ويسأل حاجته . رواه في (القول البديع) (ص 156) من طريق الطبراني من حديث جعفر بن محمد قال : كان أبي إذا ذكر به أمر قام فتوضأ وصلى ركعتين ثم قال في دبر صلاته فذكره . ومن كلام له (ع) لقد تجلي الله تعالى لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون . رواه في (عوارف المعارف) (ص 165) .

ومن كلامه (ع) في تفسير قوله تعالى : ثم دنى فتدلى

من ظن أنه بنفسه دنا جعل ثم مسافة إنما التداني أنه كلما قرب منه بعد عن أنواع المعارف ، إذ لا دنو ولا بعد . رواه في (نتايج الأفكار القدسية) (ج 2 ص 59 ط دمشق) .

ص 295

الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السلام

ص 296

تاريخ ميلاده ووفاته عليه السلام

ذكره جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 13 ص 27 ط السعادة بمصر) - قال : موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو الحسن الهاشمي ، يقال : أنه ولد بالمدينة في ثمان وعشرين ، وقيل سنة تسع وعشرين ومأة ، وأقدمه المهدي البغداد ثم رده إلى المدينة ، وأقام بها إلى أيام الرشيد ، فقدم هارون منصرفا من عمرة شهر رمضان سنة تسع وسبعين ، فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه - . ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشامي الشافعي في (مطالب السؤول) (ص 83 ط طهران) قال : أما ولادته (أي موسى بن جعفر (ع)) فبالأبواء سنة ثمان وعشرين ومأة للهجرة وقيل تسع وعشرين ومأة إلى أن قال : وتوفي لخمس بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومأة . ومنهم العلامة تقي الدين أحمد بن عبد الحليم الشهير بابن تيمية الحراني المتوفى 728 في (منهاج السنة) (الجزء الثاني ص 124 ط القاهرة) . ذكر العبارة المتقدمة عن (تاريخ بغداد) بعينها لكنه ذكر بدل كلمة ثمان : بضع ، وقال في آخره : قال ابن سعد توفي سنة ثلاث وثمانين ومأة . ومنهم العلامة ابن الأثير في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 33 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) . ذكر العبارة المتقدمة عن (تاريخ بغداد) بعينها .

ص 297

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 214 ط الغري) قال : ولد موسى الكاظم بالأبواء سنة ثمان وعشرين ومائة للهجرة وأما نسبه أبا وأما فهو موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رض) وأما أمه فتسمى حميدة البربرية ، وأما كنيته فأبو الحسن وألقابه كثيرة أشهرها الكاظم ثم الصابر والصالح والأمين ، صفته أسمر عميق . (وفي ص 222) : كانت وفاة أبي الحسن الكاظم (ع) لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة ثلاثة وثمانين ومائة وله من العمر خمس وخمسون سنة كان مقامه منها مع أبيه عشرين سنة ، وبقي بعد وفاة أبيه خمسا وثلاثين سنة وهي مدة إمامته (ع) . ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في (صفة الصفوة) (ج 2 ص 187 ط حلب) قال : ولد موسى بن جعفر بالمدينة في سنة ثمان وعشرين وقيل تسع وعشرين ومأة ، وأقدمه المهدي بغداد ، ثم رده إلى المدينة فأقام بها إلى أيام الرشيد فقدم الرشيد المدينة فحمله معه وحبسه بغداد إلى أن توفي بها لخمس بقين من رجب في سنة ثلاث وثمانين ومأة . ومنهم العلامة المذكور في (التذكرة) (ص 359 ط الغري) . ذكر بمعنى ما تقدم عنه في (صفة الصفوة) من قوله ثم رده الخ . ومنهم العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 309 ط الغري) قال : والإمام بعد الصادق (ع) أبو الحسن موسى الكاظم (ع) مولده بالأبواء سنة ثمان عشرين ومأة .

ص 298

ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 200 ط العثمانية بمصر) . قال : ولد موسى الكاظم ذكر بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) أولا ولم يذكر له من أول نسبه إلى قوله : البربرية . ومنهم العلامة الشيخ زين الدين الشهير بابن الوردي في (ذيل تاريخ أبي الفداء) (ج 1 ص 281 ط الغري) قال : ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائة فيها : توفي موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ببغداد في حبس الرشيد ، حكت أخت سبحانه السندي بن شاهك وكانت تلي خدمته . ومنهم العلامة المعاصر السيد محمد عبد الغفار الهاشمي الأفغاني في (أئمة الهدى) (ص 122 ط القاهرة) . كان عمر الإمام (أي موسى بن جعفر) 55 سنة ومدة إمامته 35 سنة وقد دفن بمقابر قريش في بغداد المسماة اليوم بالكاظمية وقد حذا حذو بني أمية بنوا العباس الهاشميون أيضا في قتل أهل البيت لأجل الدنيا الفانية . ومنهم العلامة الشيخ عبد الهادي الأبياري في (العرائس الواضحة) (ص 205) قال : والكاظم موسى سابع الأئمة الاثني عشر على رأي الإمامية ولد سنة 129 وتوفي سنة 183 وسمي بالكاظم لإحسانه إلى من يسئ إليه . ومنهم العلامة محمد مبين السهالوي في (وسيلة النجاة) (ص 364 ط گلشن فيض لكهنو) . كنى موسى بن جعفر بأبي الحسن وأبي إبراهيم وأبي علي وأبي إسماعيل ،

ص 299

وأشهرها الأول ولقب بالكاظم والصابر والصالح والأمين أشهرها أيضا الأول وفي شواهد النبوة أنه إنما لقب بالكاظم لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين ، ولد في الأبواء بين مكة والمدينة يوم الأحد سابع شهر الصفر سنة ثمان ومائة .

كان خير أهل الأرض في زمانه

رواه القوم عن جده الباقر (ع) : منهم العلامة محمد مبين السهالوي في (وسيلة النجاة) (ص 364 ط گلشن فيض لكهنو) . روى عن ابن عكاشة الأسدي ما حاصله أنه لما أراد الباقر (ع) تزويج ابنه جعفر الصادق (ع) أمر بشراء حميدة وزوجها عن ابنه جعفر وقال له : ستلد لك غلاما هو خير أهل الأرض ، فولد موسى (ع) .

النصوص الدالة على إمامته من أبيه (ع)

رواها القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 213 ط الغري) قال : روى أبو علي الأرجائي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) في منزله فإذا هو في مسجد في داره وهو يدعو وعلى يمينه ولده موسى الكاظم يؤمن على دعائه فقلت له : جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك فمن ولي الأمر بعدك ؟ فقال : يا عبد الرحمان إن موسى لبس الدرع واستوت عليه فقلت لا أحتاج بعد هذا إلى شيء . وروى عبد الأعلى عن الفيض بن المختار قال : قلت لأبي عبد الله جعفر الصادق

ص 300

خذ بيدي من النار ، من لنا بعدك ؟ فدخل موسى الكاظم وهو يومئذ غلام فقال : هذا صاحبكم فتمسك به . وروي عن أبي نجران عن منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله جعفر الصادق رضي الله عنه بأبي أنت وأمي إن الأنفس يغدا عليها ويراح فإن كان ذلك فمن ؟ فقال جعفر : إذا كان ذلك فهذا صاحبكم وضرب بيده على منكب موسى الكاظم .

نبذة من صفاته عليه السلام

وكانت مكارم صفاته (ع) أشهر من أن يذكر ونكتفي هيهنا بإيراد كلمات جماعة من القوم في ذلك . منهم العلامة محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) (ص 83 ط طهران) قال : أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم هو الإمام الكبير القدر العظيم الشأن المجتهد الجاد في الاجتهاد ، المشهور بالعبادة ، المواظب على الطاعات ، المشهور بالكرامات يبيت الليل ساجدا وقائما ويقطع النهار متصدقا وصائما ، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظما كان يجازي المسئ بإحسانه ويقابل الجاني بعفوه عنه ، ولكثرة عبادته كان يسمى بالعبد الصالح ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله لنجح مطالب المتوسلين إلى الله تعالى به ، كراماته تحار منها العقول وتقضي بأن له عند الله قدم صدق لا تزل ولا تزول إلى أن قال : وكان له ألقاب كثيرة : الكاظم وهو أشهرها والصابر والصالح والأمين ثم ذكر بعض كراماته ، ثم قال : فهذه الكرامات العالية الأقدار الخارقة العوائد هي على التحقيق جلية المناقب وزينة المزايا وغرر الصفات ولا يعطاها إلا من فاضت عليه العناية الربانية وأنوار التأييد ومرت له أخلاف التوفيق وأزلفته من

ص 301

مقام التقديس والتطهير وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم . ومنهم العلامة اليافعي في (مرآة الجنان) (ج 1 ص 394 ط حيدر آباد) السيد أبو الحسن موسى الكاظم (ع) ولد جعفر الصادق (ع) كان صالحا عابدا جوادا حليما كبير القدر وهو أحد الأئمة الاثنا عشر المعصومين في اعتقاد الإمامية وكان يدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده وكان سخيا كريما الخ . ومنهم العلامة الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 13 ص 27 ط السعادة بمصر) قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، حدثني جدي قال : كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده ، روى أصحابنا أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في أول الليل وسمع وهو يقول في سجوده : عظم الذنب عندي فليحسن العفو عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، فجعل يرددها حتى أصبح ، وكان سخيا كريما . قال : وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار ، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار ، وأربعمائة دينار ، ومأتي دينار ، ثم يقسمها بالمدينة وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جائت الانسان الصرة فقد استغنى . وقال : أخبرنا الحسن ، حدثني جدي ، حدثنا إسماعيل بن يعقوب ، حدثني محمد بن عبد الله البكري قال قدمت المدينة أطلب بها دينا فأعياني فقلت لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك إليه ، فأتيته بنقمي في ضيعته فخرج إلي ومعه غلام له معه منسف فيه قديد فخرج ليس معه غيره فأكل وأكلت معه ثم سألني عن حاجتي فذكرت له قصتي ، فدخل فلم يقم إلا يسيرا حتى خرج إلي فقال لغلامه : اذهب ثم مد يده إلي فدفع إلي صرة فيها ثلاثمأة دينار ثم قام فولى

ص 302

فقمت فركبت دابتي وانصرفت . وقال : قال جدي يحيى بن الحسين - وذكر لي غير واحد من أصحابنا - إن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليا قال وكان قد قال له بعض حاشيته دعنا نقتله ، فنهاهم عن ذلك أشد النهي ، وزجرهم أشد الزجر وسأل عن العمري فذكر له أنه يزرع بناحية من نواحي المدينة ، فركب إليه في مزرعته فوجده فيها ، فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري لا تطأ زرعنا ، فوطئه بالحمار حتى وصل إليه فنزل فجلس عنده وضاحكه وقال له : كم عزمت في زرعك هذا قال مأة دينار قال : فكم ترجوا أن تصيب ؟ قال : أنا لا أعلم الغيب ، قال : إنما قلت لك كم ترجو أن يجيئك فيه ، قال : أرجو أن يجيئني مائتا دينار ، قال فأعطاه ثلاثمأة دينار وقال : هذا زرعك على حاله قال فقام العمري فقبل رأسه وانصرف قال فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر إليه ، قال : الله أعلم حيث يجعل رسالته . قال : فوثب أصحابه فقالوا له : ما قصتك ؟ قد كنت تقول خلاف هذا قال : فخاصمهم فشاتمهم ، قال : وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلما دخل وخرج . قال : فقال أبو الحسن لحاشيته الذين أرادوا قتل العمري : ، إيما كان خير ؟ ما أردتم ؟ أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار ؟ وقال : أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ ، وعمر بن محمد بن عبيد الله المؤدب قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن أبي سعد حدثني محمد بن الحسين بن محمد بن عبد المجيد الكتاني الليثي قال : حدثني عيسى بن محمد بن مغيث القرظي وبلغ تسعين سنة . قال: زرعت بطيخا وقثاء في موضع بالجوانية على بئر ، يقال لها أم عظام ، فلما قرب الخير واستوى الزرع بغتني الجراد فأتى على الزرع كله وكنت

ص 303

غرمت على الزرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين دينار فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر بن محمد فسلم ، ثم قال أيش حالك ؟ فقلت : أصبحت كالصريم بغتني الجراد فأكل زرعي . قال : وكم غرمت فيه ؟ قلت : مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملين فقال : يا عرفة زن لا بي المغيث مأة وخمسين دينارا فربحك ثلاثين دينارا والجملين فقلت يا مبارك أدخل وادع لي فيها ، فدخل فدعا . وقال : أخبرنا القاضي أبو العلا محمد بن علي الواسطي حدثنا عمر بن أحمد الواعظ ، حدثنا الحسين بن القاسم ، حدثني أحمد بن وهب ، أخبرنا عبد الرحمن ابن صالح الأزدي قال : حج هارون الرشيد فأتى قبر النبي (ص) زائرا له وحوله قريش وأفياء القبائل ، ومعه موسى بن جعفر فلما انتهى إلى القبر ، قال : السلام عليك يا رسول الله ، يا ابن عمي افتخارا على من حوله . فدنا موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبه فتغير وجه هارون وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 213 ط الغري) قال : قال بعض أهل العلم : الكاظم وهو الإمام الكبير القدر والأوحد الحجة الحبر الساهر ليله قائما القاطع نهاره صائما المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظما وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين . (وقال في ص 219) : وكان موسى الكاظم (ع) أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم كفا وأكرمهم نفسا وكان يتفقد فقراء المدينة ويحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم

ص 304

والنفقات ولا يعلمون من أي جهة وصلهم ذلك ولم يعلموا بذلك إلا بعد موته (ع) وكان كثيرا ما يدعو : اللهم إني أسألك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب . ومنهم العلامة ابن حجر في (الصواعق) (ص 121 ط البابي بحلب) قال : موسى الكاظم : وهو وارثه (أي جعفر بن محمد (ع)) علما ومعرفة وكمالا وفضلا ، سمي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه ، وكان معروفا عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله ، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 203 ط العثمانية بمصر) ذكر هو أيضا ما تقدم عن (الفصول المهمة) بعينه وزاد بعد قوله إلى بيوتهم : ليلا . ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في (التذكرة) (ص 357 ط الغري) قال : يلقب بالكاظم والمأمون والطيب والسيد وكنيته أبو الحسن ويدعى بالعبد الصالح لعبادته واجتهاده وقيامه بالليل ، وأمه أم ولد أندلسية وقيل بربرية اسمها حميدة ، وكان موسى جوادا حليما . ومنهم العلامة المذكور في (صفة الصفوة) ج 2 ص 184 ط حلب) قال : كان (ع) يدعى العبد الصالح لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل ، وكان كريما حليما إذا بلغه عن رجل أنه يؤذيه بعث إليه بمال . ومنهم العلامة محمد خواجه پارساي البخاري في (فصل الخطاب) (على ما في ينابيع المودة ص 382 ط اسلامبول) قال : ومن أئمة أهل البيت أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق رضي الله عنها أمه جارية اسمها حميدة وكان رضي الله عنه صالحا عابدا جوادا كريما حليما

ص 305

كبير القدر كثير العلم كان يدعى بالعبد الصالح وفي كل يوم يسجد لله سجدة طويلة بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال . ومنهم العلامة الزمخشري في (ربيع الأبرار) (ص 225 مخطوط) قال : سمع موسى بن جعفر (ع) يقول في سجوده في آخر الليل : يا رب عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك . ومنهم العلامة محمد مبين السهالوي في (وسيلة النجاة) (ص 365 ط لكهنو) . نقل عن فصل الخطاب بعين ما تقدم عنه بلا واسطة . ومنهم العلامة الشيخ مصطفى رشدي ابن الشيخ إسماعيل الدمشقي المتوفى بعد سنة (1309) في كتابه (الروضة الندية) (ص 11 طبع الخيرية بمصر) قال : الإمام موسى الكاظم أبو إبراهيم كان يبيت الليل ساجدا وقائما ويقطع النهار متصدقا وصائما حليما يتجاوز عن المعتدين عليه كريما يقابل المسئ بالاحسان إليه ولذا لقب بالكاظم ، ولكثرة عبادته سمي بالعبد الصالح ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله تعالى لنجح المتوسلين به إليه سبحانه ، عباداته مشهورة تقضي بأن له قدم صدق عند الله لا يزول ، وكراماته مشهور تحار منها العقول . ومنهم العلامة مجد الدين ابن الأثير الجزري في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 33 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) . روي عن محمد بن عبد الله البكري بعين ما روى عنه في (حلية الأولياء) . وروى عن محمد بن موسى خرجت مع أبي إلى ضياعه فأصبحنا في غداة باردة وقد دنونا منها وأصبحنا عند عين من العيون فخرج علينا من تلك الضياع

ص 306

عبد زنجي مستدفر بخرقة على رأسه قدر فخار يفور فوقف على الغلمان ، فقال : أين سيدكم ؟ قالوا : هو ذاك . قال : أبو من يكنى ؟ قالوا له : أبو الحسن ، فوقف عليه فقال : يا سيدي يا أبا الحسن هذه عصيدة أهديتها لك ، قال ضعها عند الغلمان فأكلوا منها ثم ذهب فلم نقل بلغ حتى خرج على رأسه حرمة حطب . فقال : يا سيدي هذا حطب أهديته لك ، قال ضعه عند الغلمان وهب لنا نارا فذهب فجاء بنار ، قال فكتب أبو الحسن اسمه واسم مولاه فدفعه إلي وقال يا بني احتفظ بهذه الرقعة حتى أسألك عنها قال فوردنا إلى ضياعه وأقام بها ما طاب له ثم قال : امضوا بنا إلى زيارة البيت فخرجنا حتى وردنا مكة فلما قضى أبو الحسن عمرته دعا صاعدا فقال اذهب فاطلب لي هذا الرجل فإذا علمت بموضعه فأعلمني حتى أمشي إليه فإني أكره أن أدعوه والحاجة لي ، قال صاعد : فذهبت حتى وقفت على الرجل فلما رآني عرفني فسلم علي . وقال : أبو الحسن قدم ؟ قلت : لا . قال فأي شيء أقدمك ؟ قلت : حوائج وكان قد علم بشأنه فتتبعني وجعلت أتعصى منه ويلحقني بنفسه فلما رأيت أني لا أنفك منه مضيت إلى مولاي ومضى معي حتى أتيته فقال ألم أقل لك لا تعلمه فقلت جعلت فداك لم اعلمه فسلم عليه فقال له أبو الحسن : غلامك فلان تبيعه ؟ قال له جعلت فداك الغلام لك والضيعة وجميع مالك قال أما الضيعة فلا أحب أن أسلبكها وقد حدثني أبي عن جدي إن بايع الضيعة ممحوق ومشتريها مرزوق فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها فاشترى أبو الحسن الضيعة والرقيق منه بألف دينار وأعتق العبد ووهب له الضيعة . قال : قال الحسن بن محمد العلوي : حبس أبو الحسن موسى بن جعفر عند السندي فسألته أخته أن يتولى حبسه ففعل حكى لنا إنها قالت : كان إذا صلى العتمة

ص 307

حمد الله ومجده ودعاه فلم يزل كذلك حتى يزول الليل فإذا زال الليل قام فصلى حتى يصلي الصبح ثم يذكر قليلا حتى مطلع الشمس ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ثم يتهيأ ويستاك ويأكل ثم يرقد إلى قبل الزوال ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة فكان هذا دأبه ، فكانت أخت السندي إذا نظرت إليه قالت خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل . ومنهم الشيخ عبد الرؤف المناوي في (الكواكب الدرية) (ج 1 ص 172 ط الأزهرية بمصر) قال : وكان أعبد أهل زمانه ومن أكابر العلماء الأسخياء . ومنهم العلامة محمد بن طولون في (الشذورات الذهبية) (ص 89 ط بيروت) قال : قال الخطيب : كان موسى الكاظم يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده وكان سخيا كريما . ومنهم العلامة ابن الصبان المالكي في (إسعاف الراغبين) (المطبوع بهامش نور الأبصار ص 247 ط العثمانية بمصر) قال : أما موسى الكاظم فكان معروفا عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله وكان من أعبد أهل زمانه ومن أكابر العلماء الأسخياء . إلى أن قال : ولقب بالكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه . ومنهم العلامة السيد عباس المكي في (نزهة المجالس) (ج 2 ص 46) ذكر كلام الخطيب بعين ما تقدم عن (الشذورات) إلى قوله واجتهاده . ومنهم العلامة زين الدين الشهير بابن الوردي في (ذيل تاريخ أبي الفداء) (ج 1 ص 281 ط الغري) إن الكاظم كان إذا صلى العتمة حمد الله ومجده ودعاه إلى أن يزول الليل

ص 308

ثم يقوم يصلي حتى يطلع الصبح ، فيصلي الصبح ، ثم يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ثم يرقد ويستيقظ قبل الزوال ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر ثم يذكر الله حتى يصلي المغرب ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة ، فكان هذا دأبه إلى أن مات رحمة الله عليه .

كلام أبيه جعفر بن محمد عليهم السلام في حقه

رواه القوم : منهم العلامة محمد خواجه پارساي البخاري في (فصل الخطاب) (على ما في ينابيع المودة ص 383 ط اسلامبول) قال : وقال جعفر الصادق رضي الله عنه : هؤلاء أولادي وهذا سيدهم وأشار إلى ابنه الكاظم . وقال أيضا : وهو باب من أبواب الله تعالى يخرج الله تبارك وتعالى منه غوث هذه الأمة ونور الملة وخير مولود وخير ناشي (1) . ثم قال : وروي المأمون عن أبيه الرشيد ، أنه قال لبنيه في حق موسى الكاظم : هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر وأنه والله أحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مني ومن

(هامش)

(1) قال العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي المصري في كتابه (الإتحاف بحب الأشراف) (ص 54 ط مصر) : السابع من الأئمة موسى الكاظم كان من العظماء الأسخياء وكان والده جعفر يحبه حبا شديدا قيل له : ما بلغ من حبك لموسى ؟ قال : وددت أن ليس لي ولد غيره لئلا يشركه في حبي أحد . (*)

ص 309

الخلق جميعا والله لو نازعني في هذا الأمر لآخذن بالذي فيه عيناه فإن الملك عقيم وقال الرشيد للمأمون : يا بني هذا وارث علم النبيين هذا موسى بن جعفر إن أردت العلم الصحيح تجد عند هذا ، قال المأمون : ومن حينئذ انغرس في قلبي حبه .

ملاقاته هارون إياه في المسجد الحرام

رواه القوم : منهم العلامة الشيخ شعيب أبو مدين بن سعد بن عبد الفاني المصري العمراوي الحريفيش المتوفى سنة 801 في (الروض الفائق في المواعظ والرقائق) (ص 65 ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة) قال : حكي أنه لما دخل هارون الرشيد حرم مكة ابتدء بالطواف ومنع الناس من الطواف ، فسبقه أعرابي وجعل يطوف معه ، فشق ذلك على أمير المؤمنين والتفت إلى حاجبه كالمنكر عليه . فقال الحاجب : يا أعرابي خل الطواف ليطوف أمير المؤمنين ، فقال الأعرابي : إن الله ساوى بن الأنام في هذا المقام والبيت الحرام ، فقال تعالى : سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم . فلما سمع الرشيد ذلك من الأعرابي أمر حاجبه بالكف عنه ، ثم جاء الرشيد إلى الحجر الأسود ليستلمه ، فسبقه الأعرابي ، فاستلمه ، ثم أتى إلى المقام ليصلي فيه ، فسبقه فصلى فيه . فلما فرغ الرشيد من صلواته وطوافه ، قال للحاجب ائتني بالأعرابي ، فأتى الحاجب الأعرابي وقال له : أجب أمير المؤمنين . فقال : مالي إليه حاجة إن كانت له حاجة : فهو أحق بالقيام إليها ، فانصرف الحاجب مغضبا ثم قص على أمير المؤمنين حديثه ، فقال : صدق نحن أحق بالقيام

ص 310

والسعي إليه ثم نهض أمير المؤمنين والحاجب بين يديه حتى وقف بإزاء الأعرابي وسلم عليه ، فرد عليه السلام . فقال له الرشيد : يا أخا العرب ءأجلس هيهنا بأمرك ؟ فقال له الأعرابي : ليس البيت بيتي ، ولا الحرم حرمي البيت بيت الله والحرم حرم الله وكلنا فيه سواء إن شئت تجلس وإن شئت تنصرف . قال : فعظم ذلك على الرشيد حيث سمع ما لم يخطر في أذنه وما ظن أحدا يواجهه بمثل ذلك ، فجلس إلى جانبه وقال له : يا أعرابي أريد أن أسئلك عن فرضك ، فإن قمت به فأنت بغيره أقوم ، وإن عجزت عنه ، فأنت بغيره أعجز . فقال له الأعرابي : سؤالك هذا سؤال متعلم أو سؤال متعنت ؟ قال : فعجب الرشيد من سرعة جوابه وقال : بل سؤال متعلم . فقال الأعرابي : قم واجلس مقام السائل من المسئول قال : فقام الرشيد وجثا على ركبتيه بين يدي الأعرابي ، فقال له : قد جلست سل عما بدا لك ، فقال : أخبرني عما فرضه الله عليك ، فقال له : تسئلني عن أي فرض ، واحد أم خمسة فروض أم عن سبعة عشرة فرضا أم عن أربعة وثلاثين فرضا أم عن أربعة وتسعين فرضا أم عن واحدة من أربعين ، أم عن واحدة في طول العمر ، أم عن خمسة من مأتين ، قال : فضحك الرشيد مستهزءا ثم قال : سئلتك عن فرض ، فأتيتني بحساب الدهر . قال : يا هارون لولا أن الدين حساب لما أخذ الله الخلائق بالحساب يوم القيامة قال تعالى : فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين. قال : فظهر الغضب في وجه أمير المؤمنين وتغير من حال إلى حال حين قال له : يا هارون ولم يقل له : يا أمير المؤمنين وبلغ منه ذلك مبلغا شديدا غير أن الله عصمه من ذلك الغضب ورجع إلى عقله لما علم أن الله هو الذي أنطقه بذلك .

ص 311

ثم قال له الرشيد : وتربة آبائي وأجدادي إن لم تفسر لي ما قلت أمرت بضرب عنقك بين الصفا والمروة . فقال له الحاجب : يا أمير المؤمنين اعف عنه وهبه لله تعالى لأجل هذا المقام الشريف ، قال : فضحك الأعرابي من قولهما حتى استلقى على قفاه ، فقال له الرشيد : ممن تضحك ؟ قال : عجبا منكما ، فإن أحدكما يستوهب أجلا قد حضر ، والآخر يستعجل أجلا لم يحضر . فلما سمع الرشيد ما سمع منه هانت عليه الدنيا ثم قال : سئلتك بالله إلا ما فسرت لي ما قلت فقد تشوقت نفسي إلى شرحه . فقال الأعرابي : أما سؤالك عما فرض الله علي ، فقد فرض الله علي فروضا كثيرة ، فقولي لك فرض واحد ، هو دين الإسلام ، وأما قولي لك عن خمسة فروض فهي الصلوات الخمس ، وأما قولي لك عن سبعة عشر فهي سبع عشر ركعة في اليوم والليلة ، وأما قولي لك عن أربع وثلاثين فهي السجدات ، وأما قولي عن أربع وتسعين فهي التكبيرات ، وأما قولي لك عن واحدة من أربعين فهي الزكاة دينار من أربعين دينار ، وأما قولي لك عن واحدة في طول العمر فهي حجة في طول العمر على الانسان ، وأما قولي لك عن خمسة ومأتين فهي زكاة الورق . فامتلأ الرشيد فرحا وسرورا من تفسير هذه المسائل ، ومن حسن كلام الأعرابي وعظم فطنته ، واستعظمه في عينه . ثم إن الأعرابي قال للرشيد : سئلتني فأجبتك ، فإذا سئلتك أنا تجيبني ؟ فقال الرشيد : سل . فقال له الأعرابي : ما يقول أمير المؤمنين في رجل نظر إلى امرئة وقت الصباح ، فكانت عليه حراما ، فلما كان الظهر حلت له ، فلما كان العصر حرمت عليه ، فإذا كان المغرب حلت له ، فإذا كان العشاء حرمت عليه ، فإذا كان الفجر حلت له ، فإذا كان الظهر حرمت عليه ، فلما كان العصر حلت له ،

ص 312

فلما كان المغرب حرمت عليه ، فلما كان العشاء حلت له . فقال الرشيد : فقد أوقعتني في بحر لا يخلصني منه غيرك . فقال الأعرابي : أنت أمير المؤمنين وليس أحد فوقك ولا ينبغي أن تعجز عن شيء ، فكيف تعجز عن مسئلتي ، فقال الرشيد : لقد عظم قدرك العلم ورفع ذكرك ، فأريد أن تفسر إلي ما ذكرت إكراما لي ولهذا البيت الشريف . فقال : الأعرابي : حبا وكرامة . أما قولي لك في رجل : نظر إلى امرئة وقت الصبح ، فكانت عليه حراما ، فهذا رجل نظر إلى أمة غيره فهي حرام ، فلما كان الظهر اشتراها فحلت له ، فلما كان العصر اعتقها فحرمت عليه ، فلما كان المغرب تزوجها فحلت له ، فلما كان العشاء طلقها فحرمت عليه ، فلما كان الفجر راجعها فحلت له ، فلما كان الظهر ارتد عن الإسلام فحرمت عليه ، فلما كان العصر استتيب فرجع فحلت له ، فلما كان المغرب ارتدت هي فحرمت عليه ، فلما كان العشاء استتيب فرجعت فحلت له . قال : فتعجب الرشيد وفرح به واشتد عجبه ثم أمر بعشرة آلاف درهم ، فلما حضرت قال : لا حاجة لي بها ردها إلى أصحابها قال : فهل تريد أن أجري لك جراية تكفيك مدة حياتك قال : الذي أجرى عليك يجري علي قال : فإن كان عليك دين قضيناه ، فلم يقبل منه شيئا ثم أنشأ يقول :

هب الدنيا تؤاتينا سنينا * * فتكدر تارة وتلذ حينا

فما أرضى بشيء ليس يبقى * * وأتركه غدا للوارثينا

كأني بالتراب علي يحثى * * وبالإخوان حولي نائحينا

ويوم تزفر النيران فيه * * وتقسم جهرة للسامعينا

وعزة خالقي وجلال ربي * * لأنتقمن منكم أجمعينا

فلما فرغ من إنشاده تأوه الرشيد وسأل عنه وعن أهله وبلاده ، فأخبروه

ص 313

أنه موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين وكان تزيى بزي الأعراب زهدا في الدنيا وتورعا عنها ، فقام وقبله بين عينيه ثم قرء : الله أعلم حيث يجعل رسالته .

احتجاجه مع هارون حين اعترض عليه

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد الشبراوي المصري في (الإتحاف بحب الأشراف) (ص 54 ط مصر) قال : دخل موسى الكاظم على الرشيد فقال له : لم زعمتم أنكم أقرب إلى رسول الله منا ؟ فقال : لو أن رسول الله حي فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه ؟ قال سبحان الله وكنت أفتخر بذلك على العرب والعجم فقال لكنه لا يخطب إلي ولا أزوجه لأنه ولدنا ولم يلدكم . وسأله أيضا لم قلتم إنا ذرية رسول الله وجوزتم للناس أن ينسبوكم إليه وأنتم بنو علي وإنما ينسب الرجل لأبيه . فقال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس وليس لعيسى أب وإنما الحق بذرية الأنبياء من قبل أمه ولذلك ألحقنا بذرية النبي من قبل أمنا فاطمة قال تعالى : فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ولم يدع (ع) عند مباهلة النصارى غير علي وفاطمة والحسن والحسين وهما الأبناء . ومنهم العلامة ابن حجر في (الصواعق) (ص 121 ط البابي بحلب) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الإتحاف بحب الأشراف) من قوله : وسأله

ص 314

أيضا ولم قلتم الخ . ومنهم العلامة القرماني في (أخبار الدول) (ص 113 ط بغداد) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الإتحاف) إلى قوله : وسأله وزاد ثم : قال وهل كان يجوز له أن يدخل على حرمك وهن منكشفات ؟ فقال لا (فقال ظ) لكنه كان له أن يدخل على حرمي ويجوز له ذلك فلذلك نحن أقرب إليه منكم . ومنهم العلامة المحدث الحافظ الميرزا محمد خان البدخشي في (مفتاح النجا) (ص 174 مخطوط) : روى الحديث بمعنى ما تقدم عن (الإتحاف بحب الأشراف) ملخصا . ومنهم العلامة المناوي في (الكواكب الدرية) (ج 1 ص 172 ط الأزهرية بمصر) . روى الحديث ملخصا (1) .

نبذة من كراماته (ع)

تكلمه على سر شقيق مرتين ، وارتفاع ماء البئر ليأخذ ركوته وصيرورة كثيب الرمل سويقا لذيذا لدعائه

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة ابن أسعد اليافعي في (روض الرياحين) (ص 58

(هامش)

(1) قال علامة الأدب الراغب الاصبهاني في (محاضرات الأدباء) (ج 4 ص 634 ط مكتبة الحيوة في بيروت) . لقي الرشيد موسى بن جعفر على بغلة فاستنكر ذلك وقال : أتركب دابة إن طلبت عليها لم تلحق وإن طلبت له لم تسبق ، فقال : لست بحيث أحتاج أن أطلب أو أطلب ، فإنها دابة تنحط عن خيلاء وترتفع عن ذلة الحمير وخير الأمور أوساطها . (*)

ص 315

ط القاهرة) قال : عن شقيق البلخي قال : خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسية فبينما أنا أنظر إلى الناس وزينتهم وكثرتهم نظرت فتى حسن الوجه فوق ثيابه ثوب صوف مشتملا بشملة وفي رجليه نعلان وقد جلس منفردا فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم والله لأمضين إليه ولأوبخنه ، فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال : يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم . وتركني ومضى فقلت في نفسي : إن هذا الأمر عظيم قد تكلم على ما في نفسي ونطق باسمي ما هذا إلا عبد صالح لألحقنه ولأسئلنه أن يحللني ، فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عن عيني فلما أنزلنا واقصة إذا به يصلي وأعضائه تضطرب ودموعه تجري فقلت هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه ، فلما رآني مقبلا . قال : يا شفيق اقرأ : وإني غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ، ثم تركني ومضى فقلت إن هذا الفتى لمن الأبدال قد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا إلى منى إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول : أنت ربي إذا ظمئت إلى الماء * * وقوتي إذا أردت الطعاما أللهم أنت تعلم يا إلهي وسيدي مالي سواها فلا تعدمني إياها قال شقيق رضي الله تعالى عنه : فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع مائها فمد يده وأخذ الركوة وملائها ماء وتوضأ وصلى أربع ركعات ثم مال إلى كثيب من رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت : أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك ، فقال : يا شقيق لم تزل نعمة الله تعالى علينا

ص 316

ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا سويق وسكر فوالله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب منه ريحا فشبعت ورويت وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا ثم لم أره حتى دخلنا مكة فرأيته ليلة في جنب قبة الشراب في نصف الليل يصلي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلى فلما سلم من صلاة الصبح طاف بالبيت سبعا وخرج فتبعته فإذا له حاشية وموال وهو على خلاف ما رأيته في الطريق ودار به الناس من حوله يسلمون عليه فقلت لبعض من رأيته بالقرب منه : من هذا الفتى ؟ فقال هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين فقلت قد عجبت بكون هذه العجائب والشواهد إلا لمثل هذا السيد . ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في (التذكرة) (ص 357 ط الغري) قال : أخبرنا أبو محمد البزاز أخبرنا أبو الفضل بن ناصر أخبرنا محمد بن عبد الملك والمبارك بن عبد الجبار الصرفي قالا : أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عثمان أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الشيباني أن علي بن محمد بن الزبير البجلي حدثهم قال حدثنا هشام بن حاتم الأصم عن أبيه قال : حدثني شقيق البلخي فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (روض الرياحين) لكنه ذكر بدل كلمة منى : زبالا . ومنهم العلامة المذكور في (صفة الصفوة) (ج 2 ص 185 ط حلب) روى الحديث فيه أيضا بعين ما تقدم عنه في (التذكرة) . ومنهم العلامة مجد الدين بن الأثير الجزري في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 34 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) . روي الحديث عن شقيق بعين ما تقدم عن (التذكرة) .

ص 317

ومنهم العلامة الشيخ عبد المجيد بن محمد الخاني الشافعي النقشبندي المتوفى سنة 1275 في (الحدائق الوردية) (ص 40 ط المطبعة الدرويشية في دمشق) . روي الحديث من طريق ابن الجزري والرامهرمزي عن شقيق البلخي بعين ما تقدم عن (التذكرة) . ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي الفرنجي المتوفي سنة 1225 في كتابه (وسيلة النجاة) (ص 367 ط گلشن فيض في لكهنو) روي الحديث من طريق ابن الجوزي عن شقيق البلخي بعين ما تقدم عن (التذكرة) ومنهم العلامة الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) (ص 83 ط طهران) . روي الحديث عن هشام بن حاتم الأصم قال : قال لي عن شقيق بعين ما تقدم عن (روض الرياحين) (1) .

(هامش)

(1) وقال بعد ذكر الواقعة : ولقد نظم بعض المتقدمين هذه الواقعة في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها فقال : قال لما حججت عاينت شخصا * * شاحب اللون ناحل الجسم اسمر سائرا وحده وليس له زاد * * فما زلت دائما أتفكر وتوهمت أنه يسئل الناس * * ولم ادر أنه الحج الأكبر ثم عاينته ونحن نزول * * دون قيد على الكثيب الأحمر يضع الرمل في الإناء ويشربه * * فناديته وعقلي محير اسقني شربة فناولني منه * * فعاينته سويقا وسكر فسألت الحجيج من يك هذا ؟ * * قيل هذا الإمام موسى بن جعفر (*)

ص 318

ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 215 ط الغري) روي الحديث بعين ما تقدم عن (روض الرياحين) لكنه ذكر بدل منى زبالة ثم قال : رواها جماعة من أهل التأليف والمحدثين رواها ابن الجوزي في كتابه (مسير العزم الساكن إلى شرف الأماكن) . ورواها الحافظ عبد العزيز الأخضر الجنابذي في كتابه (معالم العترة النبوية) ورواها الرامهرمزي قاضي القضاة في كتابه (كرامات الأولياء) وغيرهم . ومنهم العلامة البدخشي في (مفتاح النجا) (ص 172 المخطوط) . روي الحديث من طريق ابن الجوزي في (الصفوة) وابن طلحة بعين ما تقدم عن (روض الرياحين) لكنه ذكر بدل كلمة منى : زبالة . ومنهم العلامة ابن حجر في (الصواعق) (ص 121 ط البابي بحلب) روي الحديث من طريق الرامهرمزي وابن الجوزي بتلخيص يسير . ومنهم العلامة ابن الصبان المالكي في (إسعاف الراغبين) (المطبوع بهامش نور الأبصار ص 247 ط العثمانية بمصر) روي الحديث هو أيضا من طريق الرامهرمزي وابن الجوزي بتلخيص يسير . ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 211 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) . روي الحديث نقلا عن ابن الجوزي في مثير العزام والحافظ عبد العزيز بن الأخضر في معالم العترة عن حاتم الأصم عن شقيق البلخي بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) .

ص 319

أمره لعلي بن يقطين بحفظ دراعة أعطاها هارون وإخباره عن ظهر الغيب أنه سيكون له بها شأن فسار سببا لحقن دمه

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 218 ط الغري) قال : وعن عبد الله بن إدريس عن ابن سنان قال : حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثيابا فاخرة أكرمه بها ومن جملتها دراعة منسوجة بالذهب سوداء من لباس الخلفاء فأنفذ بها علي بن يقطين إلى موسى الكاظم (ع) فردها الإمام إليه ، وكتب إليه احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن ، تحتاج معه إليها فارتاب علي بن يقطين بردها عليه ، ولم يدر ما سبب كلامه ذلك ثم احتفظ بالدراعة وجعلها في سفط وختم عليها . فلما كان بعد ذلك بمدة يسيرة تغير علي بن يقطين على بعض غلمانه ممن كان يختص بأموره ويطلع عليها فصرفه عن خدمته وطرده لأمر أوجب ذلك منه . فسعى الغلام بعلي بن يقطين إلى الرشيد وقال له : إن علي بن يقطين يقول بإمامة موسى الكاظم ، وأنه يحمل إليه في كل سنة زكاة ماله ، والهدايا ، والتحف وقد حمل إليه في هذه السنة ذلك ، وصحبته الدراعة السوداء التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا . فاستشاط الرشيد لذلك غضبا شديدا وقال لأكشفن عن ذلك ، فإن كان الأمر

ص 320

على ما ذكرت أزهقت روحه ، وذلك من بعض جزائه . فأنفذ في الوقت والحين ، أن يحضر علي بن يقطين فلما مثل بين يديه ، قال ما فعلت بالدراعة السوداء التي كسوتكها واختصصتك بها من مدة من بين سائر خواصي قال : هي عندي يا أمير المؤمنين في سفط في طيب مختوم عليها . فقال : أحضرها الساعة ، فقال نعم يا أمير المؤمنين السمع والطاعة ، فاستدعى بعض خدمه فقال : امض وخذ مفتاح البيت الفلاني من داري ، وافتح الصندوق الفلاني وائتني بالسفط الذي فيه على حالته بختمه ، فلم يلبث الخادم إلا قليلا حتى عاد وفي صحبته السفط مختوما على حالته بختمه فوضع بين يدي الرشيد فأمر بفك ختمه ففك ، وفتح السفط فإذا بالدراعة فيه مطوية ، ومدفونة بالطيب على حالها لم تلبس ولم تدنس ولم يصبها شيء من الأشياء ، فقال لعلي بن يقطين : ردها إلى مكانها ، وخذها وانصرف راشدا فلن نصدق بعدها عليك ساعيا ، وأمر أن يتبع بجائزة سنية وأمر أن يضرب الساعي ألف سوط ، فضرب فلما بلغوا إلى خمسمأة سوط مات تحت الضرب قبل الألف . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 201 ط العثمانية بمصر) . روي الحديث عن عبد الله بن إدريس عن ابن سنان بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) . ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة النجاة) (ص 268 ط گلشن في لكهنو) . روي الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) بتلخيص فيه.

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج12)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب