الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج12)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 321

إخباره عليه السلام عن انهدام بيت رجل على متاعه وإخباره عن مكان شيء لم يجده فيه

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 138 ط مصر) . عن عيسى المدائني قال خرجت سنة إلى مكة فأقمت بها مجاورا ثم قلت أذهب إلى المدينة فقيم بها سنة مثل ما أقمت بمكة فهو أعظم لثوابي فقدمت المدينة فنزلت طرف المصلى إلى جنب دار أبي ذر وجعلت أختلف إلى سيدنا موسى الكاظم فبينا أنا عنده في ليلة ممطرة إذ قال لي يا عيسى قم فقد انهدم البيت على متاعك فقمت فإذا البيت قد انهدم على المتاع فاكتريت قوما كشفوا عن متاعي واستخرجت جميعه ولم يذهب لي غير سطل للوضوء فلما أتيته من الغد قال هل فقدت شيئا من متاعك فندعو الله لك بالخلف ؟ فقلت ما فقدت غير سطل كان لي أتوضأ منه فأطرق رأسه مليا ثم رفعه فقال : قد ظننت أنك أنسيته قبل ذلك فأت جارية رب الدار فاسألها عنه وقل لها أنسيت السطل في بيت الخلاء فرديه قال : فسألتها فردته . ومنهم العلامة ابن طلحة الشامي في (الفصول المهمة) (ص 217 ط الغري) روي الحديث عن عيسى المدائني بعين ما تقدم عن (نور الأبصار) . كرامة أخرى له (ع) رواها القوم : منهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي السهالوي في (وسيلة

ص 322

النجاة) (ص 369 ط لكهنو) قال : روي أن علي بن يقطين أرسل كتابا إلى موسى بن جعفر (ع) بالمدينة فلما وصل الجماعة إلى المدينة لقيهم موسى بن جعفر فأخرج كتابا قبل أن يقرء كتاب علي بن يقطين وقال : فيه جواب ما في الكتاب .

لما أراد المهدي إيذائه عليه رأي في المنام عليا (ع) يقرأ : (فهل عسيتم إن توليتم الآية) فانصرف عنه

رواه جماعة من الأعلام : منهم العلامة الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 13 ص 30 ط السعادة بمصر) قال : حدثني الحسن بن محمد الخلال ، حدثنا أحمد بن محمد بن عمران ، حدثنا محمد ابن يحيى الصولي ، حدثنا عون بن محمد قال : سمعت إسحاق الموصلي غير مرة يقول حدثني الفضل بن الربيع عن أبيه أنه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب وهو يقول : يا محمد (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) . قال الربيع : فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك ، فجئته فإذا هو يقرء هذه الآية وكان أحسن الناس صوتا وقال : علي بموسى بن جعفر فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه . وقال : يا أبا الحسن إني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرء

ص 323

علي كذا فتؤمنني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي ؟ فقال : والله لا فعلت ذاك ولا هو من شأني ، قال : صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ورده إلى أهله إلى المدينة . قال الربيع : فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق ومنهم العلامة اليافعي في (مرآة الجنان) (ج 1 ص 394 ط حيدر آباد) نقل الواقعة بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد) . ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (ص 123 ط البابي بحلب) روي الحديث بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد) ملخصا . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 214 ط الغري) نقل الواقعة بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد) بتقديم وتأخير في العبارات . ومنهم العلامة الخواجة پارسا البخاري في (فصل الخطاب) (على ما في ينابيع المودة ص 382 ط اسلامبول) قال : وبعث إلى رجل يؤذيه صرة فيها ألف دينار فطلبه المهدي بن المنصور من المدينة بغداد فحبسه فرأى المهدي في النوم ، فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (مرآة الجنان) ثم قال : وهذه القصة بالاتفاق . ومنهم العلامة مجد الدين بن الأثير الجزري في (المختار في مناقب الأخيار) (ص 33 نسخة الظاهرية بدمشق) . نقل الواقعة بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد) .

ص 324

ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشامي الشافعي في (مطالب السؤول) (ص 83 ط طهران) روي الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) . ومنهم العلامة الشيخ شمس الدين محمد بن طولون في (الشذورات الذهبية) (ص 89 طبع بيروت) نقل الواقعة بعين ما تقدم عن (مرآة الجنان) ملخصا ومنهم العلامة البدخشي في (مفتاح النجا) (ص 172 مخطوط) نقل الواقعة من طريق ابن الأخضر وابن طلحة عن الفضل بعين ما تقدم عن (مرآة الجنان) ومنهم العلامة القرماني في (أخبار الدول وآثار الأول) (ص 113 ط بغداد) نقل الواقعة بعين ما تقدم عن (فصل الخطاب) ملخصا ومنهم العلامة السيد عباس في (نزهة الجليس) (ج 2 ص 46) نقل عن الخطيب بعين ما تقدم عنه (تاريخ بغداد) ومنهم العلامة الشيخ عبد الهادي الأبياري المصري في (جالية الكدر) في شرح منظومة البرزنجي (ص 205 ط مصر) نقل الواقعة بعين ما تقدم عن (مرآة الجنان) ملخصا ومنهم العلامة المذكور في (العرائس الواضحة) نقل الواقعة بعين ما تقدم عنه في (مرآة الجنان) ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة النجاة) (ص 365 ط لكهنو) . نقل الواقعة بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد)

ص 325

استجابة دعائه (ع) حين هم به الهادي

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 217 ط الغري) قال : ونقل صاحب كتاب نثر الدر أن موسى بن جعفر الكاظم ذكر له أن الهادي قد هم بك قال لأهل بيته ومن يليه : ما تشيرون به على من الرأي ؟ فقالوا نرى أن تتباعد عنه وأن تغيب شخصك عنه فإنه لا يؤمن عليك من شره فتبسم ثم قال : زعمت سخينة أن ستغلب ربها * * ليغلبن مغالب الغالب ثم إنه رفع يده إلى السماء فقال : إلهي كم من عدو شحذ لي ظبة مديته وداف لي قواتل سمومه ولم تنم عين حراسته فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح وعجزي عن كلمات الجوايح ، صرفت ذلك عني بحولك وقوتك لا بحولي وقوتي وألقيته في الحفيرة التي احتفره إلي خائبا مما أمله في دنياه متباعدا عن ما يرجوه في أخراه فلك الحمد على قدر ما عممتني فيه من نعمك وما توليتني من جودك وكرمك اللهم فخذه بقوتك وافلل حده عني بقدرتك واجعل له شغلا فيما يليه وعجزا به عما ينويه اللهم وأعدني عليه عدوة حاضرة تكون من غيظي شفاءا ومن حنقي عليه وفاءا وصل اللهم دعائي بالإجابة وانظم شكايتي بالتعبير وعرفه عما قليل ما وعدت به من الإجابة لعبيدك المضطرين إنك ذو الفضل العظيم والمن الجسيم . ثم إن أهل بيته انصرفوا عنه فلما كان بعد مدة يسيرة حتى اجتمعوا لقرائة الكتاب الوارد على موسى الكاظم بموت الهادي وفي ذلك يقول بعضهم :

ص 326

وسارية لم تسر في الأرض تبتغي * * محلا ولم يقطع بها الأرض قاطع

من أبيات مما قيل في الدعاء المستجاب .

استجابة دعائه (ع) في ظهور السوار فوق الماء

رواها القوم : منهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي السهالوي في (وسيلة النجاة) (ص 369 ط لكهنو) قال : روي أن موسى بن جعفر (ع) كان في سفينة عند مسيره إلى بصرة وكان فيها عروس سقطت سوارها في البحر فدعا عليه السلام فظهرت على سطح الماء حتى أخذها .

استخلاصه من شر هارون بدعائه علمه النبي (ص) في المنام فرأى هارون الحسين بن علي عليه السلام يهدده على قتله

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي في (مروج الذهب) (ج 2 ص 356 ط السعادة بمصر) قال : وذكر أن عبد الله بن مالك الخزاعي كان على دار هارون وشرطته ، قال : أتاني رسول هارون الرشيد في وقت ما جاءني فيه قط فنزعني من موضعي ومنعني من تغيير ثيابي فراعني ذلك فلما صرت إلى دار سبقني الخادم فعرف الرشيد خبري فأذن

ص 327

لي في الدخول عليه . فدخلت فوجدته قاعدا على مصلاه فسلمت فسكت ساعة فطار عقلي وتضاعف الجزع علي . ثم قال لي : يا عبد الله هل تدري لم طلبتك في هذا الوقت ، فقلت : ولا والله يا أمير المؤمنين . فقال : إني رأيت في نومي الساعة كأن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) قد أتاني ومعه حربة ، فقال : إن خليت عن موسى بن جعفر وإلا نحرتك بهذه الحربة فاذهب فخل عنه ، قال : فقلت له مستفهما يا أمير المؤمنين الساعة أطلق موسى بن جعفر ثلاثا ، قال نعم ثلاثا امض الساعة وأعطه ثلاثين ألف درهم ، وقل له إن أحببت المقام عندنا فلك ما تحب وإن أحببت المضي إلى أهلك فالإذن في ذلك إليك ، قال فلما مضيت إلى الحبس لأخرجه . فلما رآني الإمام موسى بن جعفر وثب إلي قائما وظن أني قد أمرت فيه بمكروه ، فقلت له : لا تحزن ولا تخف فقد أمرني بإطلاقك وإني دافع إليك ثلاثين ألف درهم وهو يقول لك إن أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب وإن أحببت المضي إلى أهلك بالمدينة فالإذن لك في ذلك ، وأعطيته ثلاثين ألف درهم وخليت سبيله ، وقلت له : لقد رأيت من أمرك عجبا . قال : فإني أخبرك بينما أنا نائم إذ أتاني رسول الله (ص) فقال لي : يا موسى حبست مظلوما فقل هذه الكلمات فإنك لا تبيت الليلة في الحبس ، فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أقول ؟ قال : قل : يا سامع كل صوت ويا سابق كل فوت ويا كاسي العظام لحما ومنشرها بعد الموت أسألك بأسمائك الحسنى وباسمك الأكبر الأعظم المكنون المخزون

ص 328

الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين يا حليما ذا أناة لا يعجز عن أناة ، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ولا يحصى عددا فرج عني فكان ما ترى . ومنهم العلامة السيد عباس المكي في (نزهة الجليس) (ج 2 ص 47) روي الحديث نقلا عن (مروج الذهب) بعين ما تقدم عنه بلا واسطة . ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة النجاة) (ص 366 ط لكهنو) . نقل رؤيا هارون الرشيد ثم ذكر القصة بعين ما تقدم عن (نزهة الجليس) ولكنه ذكر في الدعاء بدل لا يعجز : لا يعرى . ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق) (ص 123 ط حلب) نقل عن المسعودي ما تقدم عنه في (نزهة الجليس) بتلخيص لكنه ذكر أن هارون رأى النبي (ص) في النوم . ومنهم العلامة الشيخ شمس الدين محمد بن طولون الدمشقي في (الشذورات الذهبية) (ص 91 ط بيروت) . روي الحديث بعين ما تقدم عن (نزهة الجليس) إلى قوله : فاذهب فخل عنه . ومنهم العلامة الشيخ عبد الرحمان بن عبد السلام الصفوري الشافعي البغدادي المتوفى بعد سنة 884 في كتابه (نزهة المجالس) (ج 1 ص 86 طبع عثمان خليفة القاهرة) قال : حبس هارون الرشيد موسى بن جعفر الكاظم رضي الله عنه في بغداد ثم أمر بإخراجه وأعطاه ثلاثين ألف درهم فسئل عن ذلك فقال رأيت عبدا أسود معه حربة وقال إن لم تخرج موسى قتلتك ثم قال موسى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال : يا موسى حبست ظلما فقل هذه الكلمات فإنك لا تبيت هذه الليلة

ص 329

في الحبس فقال : يا سامع كل صوت سابق كل فوت ويا كاسي العظام ومنشرها بعد الممات أي الموت أسألك بأسمائك العظام وباسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين يا حليما بخلقه يا ذا المعروف الذي لا ينقطع معروفه أبدا ولا يحصى له عدد فرج عني ففرج الله عنه . ومنهم العلامة محمد خواجه پارسا البخاري في (فصل الخطاب) (على ما في (الينابيع) ص 383 ط اسلامبول) . روي الحديث بمعنى ما تقدم عن (نزهة الجليس) إلا أنه ذكر : أن هارون الرشيد قال : رأيت في المنام حسن المجتبى وذكر في الدعاء بدل قوله : بأسمائك العظام - بأسمائك الحسنى . وبدل قوله يا حليما بخلقه : يا حليما ذا أناة لا يعرى أحد عن أناته . وبدل قوله لا ينقطع معروفه : لم ينقطع .

إخباره عليه السلام أبا خالد الزبالي لما أحضره المهدي إلى العراق عن ساعة رجوعه إلى المدينة من يوم معلوم بعدد الشهور والأيام

رواه القوم : منهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 138 ط مصر) . قال : من كتاب الدلائل للحميري : روى أحمد بن محمد بن أبي قتادة عن أبي خالد الزبالي ، قال : قدم علينا

ص 330

أبو الحسن موسى الكاظم زبالة ومعه جماعة من أصحاب المهدي بعثهم لإحضاره لديه إلى العراق من المدينة وذلك في مسكنه الأولى فأتيته فسلمت عليه فسر برؤيتي وأوصاني بشراء حوائج وبتبقيتها عندي له فرآني غير منبسط . فقال : مالي أراك منقبضا ، فقلت : كيف لا أنقبض وأنت سائر إلى هذه الفئة الطاغية ولا آمن عليك . فقال : يا أبا خالد ليس علي بأس ، فإذا كان في شهر كذا في اليوم الفلاني منه فانتظرني آخر النهار مع دخول الليل فإني أوافيك إنشاء الله تعالى . قال أبو خالد : فما كان لي هم إلا إحصاء تلك الشهور والأيام إلى ذلك اليوم الذي وعدني بالمجئ فيه فخرجت غروب الشمس فلم أر أحدا فلما كان دخول الليل إذا بسواد قد أقبل من ناحية العراق فقصدته فإذا هو على بغلة أمام القطار فسلمت عليه وسررت بمقدمه وتخلصه . فقال لي : أداخلك يا أبا خالد ، فقلت : الحمد لله الذي خلصك من هذه الطاغية ، فقال : يا أبا خالد إن لهم إلي عودة لا أتخلص منها . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 216 ط الغري) روي الحديث نقلا عن الحميري في (الدلائل) بعين ما تقدم عن (نور الأبصار) سندا ومتنا .

إخباره لإبراهيم أنه يأكل الجراد ثمرة النخيل التي يريد شرائها

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 217

ص 331

ط الغري) قال : عن عثمان بن عيسى قال : قال موسى الكاظم لإبراهيم بن عبد الحميد قد لقيه سحرا وإبراهيم ذاهب إلى قبا وموسى داخل إلى المدينة : يا إبراهيم إلى أين ؟ قال : إلى قبا ، قال : في أي شيء ؟ . فقال : إنا في كل سنة نشتري من هذا التمر فأردت أن آتي في هذه السنة إلى رجل من الأنصار فأشتري منه نخلا . فقال له موسى : وقد أمنتم الجراد ، ثم فارقه فوقع كلامه في صدره فلم يشتر شيئا ، فما مرت خامسة حتى بعث الله جرادا أكل عامة النخل .

دخول أبي يوسف ومحمد بن الحسن في سجنه ليختبرا علمه فوجداه يخبر عن ظهر الغيب

رواه القوم منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 223 ط الغري) قال : روي إسحاق بن عمار قال لما حبس هارون الرشيد موسى الكاظم دخل عليه السجن ليلا أبو يوسف ومحمد بن الحسن صباحا أبي حنيفة فسلما عليه وجلسا عنده وأرادا أن يختبراه بالسؤال لينظرا مكانه من العلم فجائه بعض الموكلين به ، فقال له : إن نوبتي قد فرغت وأريد الانصراف إلى غد إنشاء الله تعالى . فإن كان لك حاجة تأمرني أن آتيك بها معي إذا جئتك غدا ، فقال : مالي حاجة انصرف .

ص 332

ثم قال لأبي يوسف ومحمد بن الحسن : إني لأعجب من هذا الرجل يسألني أن أكلفه حاجة يأتيني بها غدا إذا جاء وهو ميت في هذه الليلة ، فأمسكا عن سؤاله وقاما ولم يسألا عن شيء . وقالا : أردنا أن نسأله عن الفرض والسنة أخذ يتكلم معنا في علم الغيب والله لنرسل خلف الرجل من يبيت عند باب داره وننظر ما يكون من أمره فأرسلا شخصا من جهتهما جلس على باب ذلك الرجل فلما كان أثناء الليل وإذا بالصراخ والواعية فقيل لهم ما الخبر ؟ فقالوا : مات صاحب البيت فجأة فعاد إليهما الرسول وأخبرهما بذلك فتعجبا من ذلك غاية العجب . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 203 ط العثمانية بمصر) روي الحديث نقلا عن (الفصول المهمة) عن إسحاق بعين ما تقدم عنه بلا واسطة .

إن الله يسهل الحاجة بالتوسل بقبره (ع)

رواه القوم : منهم الحافظ الشهير أبو بكر أحمد بن علي الشافعي الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 1 ص 120 ط القاهرة) . قال : أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الاسترآبادي قال أنبأنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، قال سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال ، يقول : ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب .

ص 333

لما دفن نائب الخليفة عند قبره (ع) رأى النقيب اشتعال النار من جسده

وأنه عليه السلام واقف عليه يقول : آذيتني بمجاورة هذا الظالم ، فلما كشفوه وجدوه رمادا رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي الشامي المتوفى سنة 654 في (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) (ص 84 ط طهران) قال : ولقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة وهي أن من عظماء الخلفاء مجدهم الله تعالى من كان له نايب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الأعيان في ولاية عامة طالت فيها مدته وكان ذا سطوة وجبروت ، فلما انتقل إلى الله تعالى اقتضت رعاية الخليفة له أن يقدم بدفنه في ضريح مجاور لضريح الإمام موسى بن جعفر (ع) بالمشهد المطهر . وكان بالمشهد المطهر نقيب معروف مشهود له بالصلاح كثير التردد والملازمة لضريح السيد الجليل والخدمة له قائم بوظائفها فذكر هذا النقيب أن بعد دفن ذلك المتوفى في ذلك القربات بالمشهد . فرأى في منامه أن القبر قد انفتح والنار تشتعل فيه وقد انتشر منه دخان ورائحة فثار ذلك المدفون فيه إلى أن ملأت المشهد وأن الإمام موسى (ع) واقف فصاح لهذا النقيب باسمه وقال له : تقول للخليفة يا فلان وسماه باسمه لقد آذيتني

ص 334

بمجاورة هذا الظالم ، وقال كلاما خشنا . فاستيقظ ذلك النقيب وهو يرعد فرقا وخوفا فلم يلبث أن كتب ورقة وصيرها متهيأ فيها صورة الواقعة بتفصيلها . فلما جن الليل جاء الخليفة إلى المشهد المطهر بنفسه ومعه خدم واستدعى النقيب ودخلوا إلى الضريح وأمر بكشف ذلك القبر ونقل ذلك المدفون إلى موضع آخر خارج المشهد ، فلما كشفوه وجدوا فيه رماد الحريق ولم يجدوا للميت أثرا .

شهادته (ع) بسم هارون

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة المحدث الحافظ الميرزا محمد خان بن رستم خان المعتمد البدخشي في كتاب (مفتاح النجا في مناقب آل العبا) (المخطوط ص 175) قال : وسبب حبسه (أي موسى بن جعفر) أنه لما حج الرشيد ودخل المدينة توجه إلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الناس فتقدم إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابن عم مفتخرا بذلك على غيره . فتقدم موسى بن جعفر رضي الله عنهما ، وقال : السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبه . فتغير وجه الرشيد وتبين الغيظ فيه فقبض على موسى رضي الله عنه وذهب به معه إلى بغداد وحبسه زمانا طويلا ، ثم أمر السندي بن شاهك حتى سمه فوعك موسى رضي الله عنه ومات بعد ثلاثة أيام .

ص 335

ومنهم الحافظ الگنجي الشافعي في (كفاية الطالب) (ص 310 ط الغري) قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي حدثنا محمد بن أحمد الواعظ حدثنا الحسين بن القاسم حدثني أحمد بن وهب أخبرني عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، قال : حج هارون الرشيد فأتى قبر النبي (ص) فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (مفتاح النجا) لكنه ذكر بعد قوله فتغير وجه هارون ، وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن حقا (1) . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 220 ط الغري) قال : روي أحمد بن عبد الله بن عمار عن محمد بن علي النوفلي ، قال : كان السبب في أخذ الرشيد موسى بن جعفر (إلى أن قال) : وأوصى (أي الرشيد) القوم الذين كانوا معه أن يسلموه إلى عيسى بن جعفر بن منصور وكان على البصرة يومئذ واليا فسلموه إليه فتسلمه منهم وحبسه عنده سنة فبعد السنة كتب إليه الرشيد في سفك دمه وإراحته منه فاستدعى عيسى بن جعفر بعض خواصه وثقاته اللائذين به والناصحين له فاستشارهم بعد أن أراهم ما كتب إليه الرشيد فقالوا نشير عليك بالاستعفاء من ذلك وأن لا نفع فيه فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول : يا أمير المؤمنين كتبت إلي في هذا الرجل وقد اختبرته طول مقامه في حبسي بمن حبسته معه عينا عليه لتنظروا حيلته وأمره وطويته بمن له المعرفة والدراية ويجري من الانسان مجرى الدم فلم يكن منه سوء قط ولم يذكر أمير المؤمنين إلا بخير ولم يكن عنده تطلع إلى ولاية ولا خروج ولا شيء من أمر الدنيا ولا قط دعا على أمير المؤمنين ولا على أحد من

(هامش)

(1) ورواه الخطيب في ترجمته من التاريخ . (*)

ص 336

الناس ولا يدعوا إلا بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين مع ملازمته للصيام والصلاة والعبادة فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره وينفذ من يتسلمه مني أو لأسرحت سبيله فإني منه في غاية الحرج . وروي أن شخصا من بعض العيون التي كانت عليه في السجن رفع إلى عيسى ابن جعفر أنه سمعه يقول في دعائه : اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، أللهم وقد فعلت فلك الحمد . فلما بلغ الرشيد كتاب عيسى بن جعفر كتب إلى السندي بن شاهك أن يتسلم موسى بن جعفر الكاظم من عيسى وأمره فيه بأمره فكان الذي تولى به قتله السندي أن يجعل له سما في طعام وقدمه إليه وقيل في رطب فأكل منه موسى بن جعفر ثم إنه أقام موعوكا ثلاثة أيام ومات . ولما مات موسى بن جعفر (ع) أدخل السندي بن شاهك لعنه الله الفقهاء ووجوه الناس من أهل بغداد وفيهم أبو الهيثم بن عدي وغيره ينظرون إليه أنه ليس به أثر من جراح أو مغل أو خنق وأنه مات حتف أنفه إلى أن قال : وروي أنه لما حضرته الوفاة سأل من السندي أن يحضر مولاه مدنيا عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليتولى غسله دفنه وتكفينه . فقال له السندي : أنا أقوم لك بذلك على أحسن شيء وأتمه ، فقال : إنا أهل بيت مهور نسائنا وحج مبرورنا وكفن ميتنا من خالص أموالنا وأريد أن يتولى ذلك مولاي هذا فأجابه إلى ذلك وأحضره إياه فوصاه بجميع ما يفعل ، ولما أن مات تولى ذلك جميعه مولاه المذكور .

ص 337

ومن كتاب الصفوة لابن الجوزي قال : بعث موسى بن جعفر (ع) إلى الرشيد من الحبس برسالة كتب إليه فيها : أنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى معه عنك يوم من الرخاء حتى نمضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء هناك يخسر المبطلون . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 204) نقله بعينه عن (الفصول المهمة) بعين ما تقدم عنه بلا واسطة . ومنهم العلامة ابن الصبان المالكي في (إسعاف الراغبين) (المطبوع بهامش نور الأبصار ص 248 ط العثمانية بمصر) . روي ما تقدم عن (مفتاح النجا) بعينه معنى وفيه : فلم يخرج من حبسه إلا مقيدا ميتا مسموما . ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (ص 202 ط عبد اللطيف بمصر) قال : لما اجتمعا (أي موسى بن جعفر (ع) وهارون) أمام الوجه الشريف على صاحبه الصلاة والسلام ، قال الرشيد : السلام عليك يا ابن عم سمعها من حوله فقال الكاظم : السلام عليك يا أبت فلم يحتملها وكانت سببا لإمساكه له وحمله معه إلى بغداد وحبسه فلم يخرج من حبسه إلا ميتا مقيدا . ومنهم العلامة السيد محمد عبد الغفار في (أئمة الهدى) (ص 122 ط مصر) قال : ثم نقله (أي نقل هارون موسى بن جعفر (ع) من المدينة اسيرا إلى البصرة وأرسل كتابا إلى واليها عيسى بن جعفر بن المنصور ليقتله في سجنه وخاف هذا الوالي واعتذر فأرسل الملك الرشيد كتابا آخر إلى السندي بن شاهك بتسلمه والقيام بقتله فسمه هذا وتوفي بعدئذ بثلاثة أيام .

ص 338

شرافة بنته فاطمة عليهما السلام

رواها القوم : منهم العلامة محمد خواجه پارساي البخاري في (فصل الخطاب) (على ما في (ينابيع المودة) ص 383 ط اسلامبول) قال : ومن بنات موسى الكاظم (ع) فاطمة قبرها ببلدة قم ، وعن علي الرضا رضي الله عنه أنه قال : من زارها فله الجنة رضي الله عنها . ومنهم العلامة سراج الدين عثمان ددة في (تاريخ الإسلام والرجال) (ص 370 مخطوط) . نقل من شواهد النبوة كون قبرها بقم ، والحديث المتقدم عن الرضا عليه السلام بعينه .

أنموذج من كلماته عليه السلام

المعروف لا يفكه إلا المكافأة أو الشكر . وقال : قلة الشكر تزهد في اصطناع المعروف . رواه العلامة الشيخ شهاب الدين النويري في (نهاية الإرب) (ج 3 ص 248) . ومن كلامه (ع) حين سمع رجلا يتمنى الموت : هل بينك وبين الله قرابة يحابيك بها ؟ قال : لا فقال : فهل لك حسنات قدمتها تزيد على سيئات ؟ قال : لا قال : فأنت إذن تتمنى

ص 339

هلاك الأبد . رواه العلامة الشبراوي في (الإتحاف بحب الأشراف) (ص 54 ط مصر) ومن كلامه (ع) توق شطوط الأنهار ، ومساقط الثمار ، وأفنية المساجد ، وقوارع الطرق وتوار خلف الجدار ، وأشل ثيابك وسم باسم الله وضعه حيث شئت . قاله (ع) لأبي حنيفة حين دخل على جعفر بن محمد بن علي بن الحسين فإنه بينما هو جالس في دهليزه ينتظر الإذن إذ خرج عليه موسى بن جعفر (ع) وهو صبي خماسي من الدار ، قال أبو حنيفة فأردت أن سبر عقله ، فقلت : أين يضع الغريب الغائط من بلدكم يا غلام قال : فالتفت إلي مسرعا وقاله . قال أبو حنيفة فقلت له من أنت ؟ فقال : أنا موسى بن جعفر . رواه العلامة الزبيدي في (إتحاف السادة المتقين) (ج 8 ص 467 ط الميمنية بمصر) . نقلا عن ابن النجار في تاريخه في ترجمة محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن حمدان ثم قال : ومما يستدل به لتمييز الصغير أن يعد من واحد إلى عشرين ذكر شارح (التنبيه) وهو منقول القاضي أبي الطيب الطبري أو يحسن الوضوء والاستنجاء أو ما أشبههما وبنحو ما اتفق لإمامنا الأعظم أبي حنيفة الخ . ومن كلامه (ع) يا بني إني موصيكم بوصية من حفظها انتفع بها ، إذا أتاكم آت فأسمع أحدكم في الأذن اليمنى مكروها ثم تحول إلى الأذن اليسرى فاعتذر وقال : لم

ص 340

أقل شيئا فاقبلوا عذره . رواه في (الفصول المهمة) (ص 220 ط الغري) قال : روي أن موسى بن جعفر الكاظم (ع) أحضر ولده يوما فقاله لهم . ومن كلامه للمهدي العباسي لما رآه يرد المظالم رواه في (عمدة الأخبار) (ص 337) قال : قال الشريف : روي أن موسى الكاظم بن جعفر الصادق رضي الله عنهما ورد على المهدي محمد بن المنصور الدوانقي ، فرآه يرد المظالم ، فقال : يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد ، فقال له : وما ذاك يا أبا الحسن قال : فدك . قال المهدي : حدها لي ، فقال : حد منها جبل أحد ، وحد مها عريش مصر ، وحد منها سيف البحر ، وحد منها دومة الجندل . فقال له : كل هذا ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، فقال : هذا كثير وأنظر فيه . ومن كلامه (ع) كتب هارون إلى الإمام موسى بن جعفر رضي الله عنهما : عظني وأوجز فكتب إليه : ما من شيء تراه عينك إلا وفيه موعظة . رواه العلامة السيد حسن خان الهندي مالك بهوبال في (حظيرة القدس وذخيرة الأنس) (ص 197 ط الصديقي) .

ص 341

ومن كلامه (ع) وذكر أنه بعث إلى الرشيد برسالة من الحبس كان فيها : إنه لم ينقض عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء ثم نمضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون . رواه العلامة الشيخ عبد المجيد الشافعي النقشبندي في (الحدائق الوردية) (ص 40 ط الرشدية في دمشق) . والعلامة سبط ابن الجوزي في (صفة الصفوة) (ج 2 ص 187 ط حلب) . ومن كلامه (ع) قال : ثم إذا صحبت رجلا وكان موافقا لك ثم غاب عنك فلقيته فاضطرب قلبك عليه فارجع إلى نفسك فانظر فإن كنت اعوججت فتب ، وإن كنت مستقيما فاعلم أنه ترك الطريق وقف عند ذلك ولا تقطع منه حتى يستبين لك إنشاء الله تعالى . رواه في (الحدائق الوردية) (ص 40 الرشدية في دمشق) .

ص 343

الإمام الثامن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام

ص 344

أمه وكيفية ولادته (ع)

نروي في ذلك كلام جماعة : منهم العلامة خواجه پارساي البخاري في (فصل الخطاب) (على ما في ينابيع المودة ص 384 ط اسلامبول) قال : وكانت أمه (أي الرضا (ع) من أشراف العجم وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لحميدة (أم موسى (ع)) حتى أنها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالا لها وكان الرضا رضي الله عنه يرتضع كثيرا وكان تام البدن فقالت أمه : أعينوني بمرضعة فقيل لها : أينقص درك ، قالت : ما نقص دري ولكن علي ورد من صلاتي وتحميدي وتسبيحي . وقالت : لما حملت بابني علي الرضا لم أشعر بثقل الحمل وكنت أسمع في منامي تسبيحا وتحميدا وتهليلا من بطني فلما وضعته وقع إلى الأرض واضعا يده على الأرض رافعا رأسه إلى السماء محركا شفتيه كأنه يناجي ربه فدخل أبوه فقال لي هنيئا لك كرامة ربك عز وجل فناولته إياه فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى فحنكه بماء الفرات (1) .

(هامش)

(1) قال العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 245 ط الغري) : قال بعض الأئمة من أهل العلم : مناقب علي بن موسى الرضا من أجل المناقب وأمداد فضائله متوالية كتوالي الكتائب ، وموالاته محمودة البوادي والعواقب ، وعجايب أوصافه من غرايب العجايب ، وسؤدده ونبله قد حل من الشرف في الذروة والمغارب فلمواليه السعد الطالع ولمناويه النحس الغارب . أما شرف آبائه فأشهر من الصباح المنير وأضوأ من عارض الشمس المستدير ، وأما = (*)

ص 345

(هامش)

= أخلاقه وسماته وسيرته وصفاته ودلائله وعلاماته فناهيك من فخار وحسبك من علو مقدار جاز على طريقة ورثها عن الآباء وورثها عنه البنون ، فهم جميعا في كرم الأرومة وطيب الجرثومة كأسنان المشط متعادلون ، فشرفا لهذا البيت المعالي الرتبة السامي المحلة لقد طال السما علاء ونبلا وسما على الفراقد منزلة ومحلا ، واستوفى صفات الكمال فما يستثني في شيء منه لغير وإلا انتظم هؤلاء الأئمة انتظام اللآلي وتناسبوا في الشرف فاستوى المقدم والتالي ونالوا رتبة مجد يحيط عنها المقصر والعالي ، اجتهد عداتهم في خفض منازلهم والله يرفعه ، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شملهم والله يجمعه ، وكم ضيعوا من حقوقهم ما لا يهمله الله ولا يضيعه . وقال العلامة محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) (ص 84 ط طهران) : قد تقدم أمير القول في أمير المؤمنين علي وفي زين العابدين علي وجاء هذا على الرضا ثالثهما ومن أمعن النظر والفكرة وجده في الحقيقة وارثهما فيحكم كونه ثالث العليين نما إيمانه وعلا شأنه وارتفع مكانه واتسع إمكانه وكثر أعوانه وظهر برهانه حتى أحله الخليفة المأمون محل مهجته وأشركه في مملكته (إلى أن قال) وكانت مناقبه علية وصفاته سنية ومكارمه خاتمية وأخلاقه عربية وشنشنته أحزمية ونفسه الشريفة هاشمية وأرومته الكريمة نبوية ، فمهما عد من مزاياه كان أعظم منه ومهما فصل من مناقبه كان أعلا رتبة منه . ونقله في (الفصول المهمة) (ص 225 ط الغري) عن (مطالب السؤول) بعين ما تقدم عنه بلا واسطة . وفي (نور الأبصار) (ص 206 ط العثمانية) . وقال العلامة ابن حجر المالكي في (الصواعق المحرقة) (ص 122 ط حلب) : علي الرضا : وهو أنبههم ذكرا وأجلهم قدرا ، ومن ثم أحله المأمون محل مهجته = (*)

ص 346

تاريخ ميلاده (ع) ووفاته

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة محمد بن طلحة الشامي الشافعي في (مطالب السؤول) (ص 85 ط طهران) قال : وأما ولادته ففي الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة ثلاث وخمسين ومأة للهجرة بعد وفاة جده أبي عبد الله بخمس سنين . ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في (التذكرة) (ص 364 ط الغري) قال : توفي علي بن موسى بطوس في سنة ثلاث ومأتين (إلى أن قال) فمات وله خمس وخمسون سنة وقيل تسع وأربعون ودفن إلى جانب هارون الرشيد . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 226 ط الغري) قال :

(هامش)

= وأنكحه ابنته وأشركه في مملكته وفوض إليه أمر خلافته ، فإنه كتب بيده كتابا سنة إحدى ومأتين بأن عليا الرضا ولي عهده وأشهد عليه جمعا كثيرين لكنه توفي قبله ، فأسف عليه كثيرا وأخبر قبل موته بأنه يأكل عنبا ورمانا مبثوثا ويموت ، وأن المأمون يريد دفنه خلف الرشيد فلم يستطع ، فكان ذلك كله كما أخبر به . وقال العلامة النبهاني في (جامع كرامات الأولياء) (ج 2 ص 311 ط الحلبي بمصر) : علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق أحد أكابر الأئمة ومصابيح الأمة من أهل بيت النبوة ومعادن العلم والعرفان والكرم والفتوة كان عظيم القدر مشهور الذكر وله كرامات كثيرة ، منها أنه أخبر أنه يأكل عنبا ورمانا فيموت ، فكان كذلك . (*)

ص 347

ولد علي بن موسى الرضا (ع) في المدينة سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة وقيل سنة ثلاث وخمسين ومائة ، وأما نسبه فهو علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (إلى أن قال) وأما ألقابه : فالرضا والصابر والزكي والولي وأشهرها الرضا صفته معتدل القامة . وفي (ص 246) : كانت وفاة علي بن موسى الرضا (ع) بطوس من خراسان في قرية يقال لها استياد في آخر صفر سنة ثلاث ومأتين وله من العمر يومئذ خمس وخمسون سنة كانت مدة إمامته عشرون سنة . ومنهم العلامة ابن حجر في (الصواعق) (ص 203 ط دار الطباعة المحمدية بمصر) قال : وتوفي (أي علي بن موسى (ع)) رضي الله عنه وعمره خمس وخمسون سنة عن خمسة ذكور وإناث . ومنهم العلامة السيد عباس بن علي بن نور الدين في (نزهة الجليس) (ج 2 ص 65) قال : كانت ولادته (أي علي بن موسى الرضا (ع)) يوم الجمعة في بعض شهور ثلاث وخمسين ومائة وتوفي في آخر صفر سنة اثنتين ومائتين وقيل في خامس ذي الحجة وقيل ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين بمدينة طوس سمه المأمون . ومنهم العلامة الگنجي في (كفاية الطالب) (ص 310 ط سنة 356 في الغري) قال : والإمام بعد موسى الكاظم أبو الحسن (ع) مولده بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومأة وقبض بطوس من أرض خراسان في صفر سنة ثلاث ومأتين وله خمس

ص 348

وخمسون سنة ولم يذكر له ولد سوى الإمام بعده الجواد . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 205 ط العثمانية بمصر) قال : ولد علي بن موسى بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومأة من الهجرة وقيل سنة ثلاث ومأة وأمه أم ولد يقال لها أم البنين واسمها أروى . ومنهم العلامة الشيخ عثمان ددة في (تاريخ الإسلام والرجال) (ص 369 مخطوط) قال : ولد بالمدينة يوم الخميس الحادي عشر من ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين ومأة بعد وفاة جده بخمس سنين .

النص على إمامته من أبيه عليهما السلام

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 226 ط الغري) روى عن المخزومي وكانت أمه من ولد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال بعث إلينا موسى الكاظم فجمعنا ثم قال : أتدرون لم جمعتكم ؟ فقلنا : لا . قال : اشهدوا أن ابني هذا ، وأشار إلى علي بن موسى الرضا هو وصيي والقائم بأمري وخليفتي من بعدي ، ومن كان له عندي دين فليأخذ من ابني هذا ، ومن كانت له عندي عدة فليستنجزها منه ، ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني إلا بكتابه .

ص 349

نص آخر على إمامته عليه السلام رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 225 ط الغري) قال : وممن روي ذلك من أهل العلم والدين داود بن كثير الرقي ، قال : قلت لموسى الكاظم : جعلت فداك إني قد كبرت سني فخذ بيدي وأنقذني من النار من صاحبنا بعدك ؟ قال : فأشار إلى ابنه أبي الحسن الرضا ، قال : هذا صاحبكم بعدي . نص آخر على إمامته من أبيه (ع) رواه القوم : منهم العلامة محمد خواجه پارسا في (فصل الخطاب) (على ما في ينابيع المودة ص 384 ط اسلامبول) قال : قال موسى بن جعفر (ع) : علي ابني أكبر ولدي ، وأسمعهم لقولي ، وأطوعهم لامري ، من أطاعه رشده . نص آخر أيضا على إمامته (ع) رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 226 ط الغري) روي عن زياد بن مروان العبدي قال : دخلت على موسى الكاظم وعنده ابنه

ص 350

أبو الحسن الرضا ، فقال لي : يا زياد هذا ابني علي ، كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي ، وما قال فالقول قوله .

كلام رسول الله صلى الله عليه وآله لحميدة في الرؤيا أنه عليه السلام خير أهل الأرض

رواه القوم : منهم العلامة المحدث الحافظ الميرزا محمد خان بن رستم خان المعتمد البدخشي في (مفتاح النجا في مناقب آل العبا) (ص 176 مخطوط) قال : روي أن حميدة لما اشترتها (أي أمه المسماة بنجمة) رأت رسول الله (ص) في المنام يقول لها : يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فإنه سيلد منها خير أهل الأرض فوهبتها له فلما ولدت الرضا سماها طاهرة . ومنهم العلامة الشيخ عثمان ددة الحنفي سراج الدين العثماني في (تاريخ الإسلام والرجال) (ص 369 مخطوط) قال : وقيل : كانت أمه جارية لحميدة أم موسى الكاظم ، فرأت في المنام النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تهب نجمة لابنها موسى ، وقال : سيولد لها خير أهل الأرض .

ص 351

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ستدفن بضعة مني بخراسان ما زارها مكروب إلا نفس الله كربته ولا مذنب إلا غفر الله له رواه القوم : منهم العلامة السيد علي بن شهاب الدين الهمداني في (مودة القربى) (ص 140 ط لاهور) روى عن الإمام علي الرضا عن النبي (ص) أنه قال : ستدفن بضعة مني بخراسان ما زار مكروب إلا نفس الله كربته ، ولا مذنب إلا غفر الله له . ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 265 ط اسلامبول) روي الحديث بعين ما تقدم عن (مودة القربى) . كلام رسول الله صلى الله عليه وآله في الرؤيا لأبيه في حقه رواه القوم : منهم العلامة محمد خواجه پارسا في (فصل الخطاب) (على ما في الينابيع ص 384 ط اسلامبول) روى عن موسى الكاظم أنه قال : رأيت رسول الله (ص) وأمير المؤمنين علي رضي الله عنه معه فقال صلى الله عليه وسلم : يا موسى ابنك ينظر بنور الله

ص 352

عز وجل وينطق بالحكمة ، يصيب ولا يخطئ ، يعلم ولا يجهل ، قد ملاء علما وحكما .

قال رسول الله (ص) لعائشة : من زار ولدي بطوس فكأنما حج مرات

رواه القوم : منهم العلامة السيد علي بن شهاب الدين الهمداني في (مودة القربى) (ص 140 ط لاهور) روى عن عائشة قال (ص) : من زار ولدي بطوس فإنما حج مرة قالت : مرة فقال : مرتين قالت : مرتين ، فقال : ثلاث مرات فسكتت عائشة ، فقال : ولو لم تسكتي لبلغت إلى سبعين .

رأى رجل من أهل خراسان رسول الله (ص) يقول : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بعضي فحكاها له (ع) فقال : أنا المدفون بأرضكم ، ثم ذكر ثواب من زاره

رواه القوم : منهم العلامة الشيخ إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن حمويه الحمويني المتوفى سنة 722 في كتابه (فرائد السمطين) قال : أنبأني الشيخ كمال الدين علي بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن وضاح

ص 353

الشهراباني المورخ بغداد الإمام محب الدين محمد بن الحسين النجار إجازة قال : أنبأنا الإمام أبو الفتوح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة ، قال : أنبأنا الإمام أخطب خوارزم أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي ثم الخوارزمي ، قال : أخبرني الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أنبأنا الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، قال أنبأنا الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، قال أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع ، قال نبأنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن الراز العلوي الكوفي ، قال نبأنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ ، قال نبأنا علي بن الحسن بن فضال ، قال نبأنا أبي قال : سمعت علي بن موسى الرضا عليه التحية والثناء وجاءه رجل فقال له : يا ابن رسول الله (ص) رأيت رسول الله (ص) في المنام كان يقول لي كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بعضي واستحفظتم وديعتي وغيب في ثراكم لحمي . فقال له الرضا (ع) : أنا المدفون في أرضكم وأنا بضعة نبيكم وأنا الوديعة واللحم من زارني وهو يعرف ما أوجب الله من حقي وطاعتي أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنا شفعاؤه نجا ولو عليه مثل وزر الثقلين الجن والإنس . ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (ص) قال : من رآني في منامه فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي إن رؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة .

تواضعه عليه السلام

رواه القوم : منهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 141 ط مصر) قال : دخل يوما (أي الرضا (ع)) حماما فبينا هو في مكان من الحمام إذ دخل

ص 354

عليه جندي فأزاله عن موضعه قال صب على رأسي يا أسود ، فصب على رأسه فدخل من عرفه فصاح يا جندي هلكت ، أتستخدم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل الجندي يقبل رجليه ويقول : هلا عصيتني إذ أمرتك فقال : إنها لمثوبة وما أردت أن أعصيك فيما أثاب عليه ، ثم أنشأ يقول :

ليس لي ذنب ولا ذنب لمن * * قال لي يا عبد أو يا أسود

إنما الذنب لمن ألبسني * * ظلمة وهو الذي لا يحمد

كذا في تاريخ القرماني . ومنهم العلامة الزبيدي الحنفي في (إتحاف السادة المتقين) (ج 7 ص 360 ط الميمنية بمصر) قال : وكان له بنيسابور على باب داره حمام وكان إذا دخل الحمام فرغ له الحمام فدخل ذات يوم ، فأطبق باب الحمام ومر الحمامي إلى قضاء بعض حوائجه . فتقدم إنسان رستاقي إلى باب الحمام ودخل ونزع ثيابه ، فدخل الحمام ، فرأى علي بن موسى الرضا ، فظن أنه بعض خدام الحمام ، فقال له : قم فأحمل إلي الماء ، فقام علي بن موسى وامتثل جميع ما كان يأمره .

علمه وزهده (ع)

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة المحدث الحافظ الميرزا محمد خان بن رستم خان المعتمد البدخشي في كتابه (مفتاح النجا في مناقب آل العبا) (المخطوط ص 179) قال : قال أبو الصلت الهروي : ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا ولا رآه عالم

ص 355

إلا شهد له بمثل شهادتي (1) . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 233 ط الغري) قال : قال إبراهيم بن العباس سمعت العباس يقول ما سئل الرضا عن شيء إلا علمه ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيبه الجواب الشافي وكان قليل النوم كثير الصوم لا يفوته صيام ثلاثة أيام في كل شهر ويقول ذلك صيام الدهر وكان كثير المعروف والصدقة سرا وأكثر ما يكون ذلك منه في الليالي المظلمة وكان جلوسه في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 208 ط العثمانية بمصر) روي الحديث عن إبراهيم بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) . ومنهم العلامة الزبيدي الحنفي في (إتحاف السادة المتقين) (ج 7 ص 360 ط الميمنية بمصر) قال : وروي أن أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب يلقب بالرضا ، بكسر الراء وفتح الضاد المعجمة ، صدوق روى له ابن ماجة مات سنة ثلاث ومأتين ولم يكمل الخمسين ووالده يلقب الكاظم

(هامش)

(1) قال العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 239 ط الغري) كتب عليه السلام بخطه الشريف على ظهر كتاب العهد الذي كتبه المأمون له وفيه بعد الالتزام بطاعة الله ورسوله إن تولى الأمر : والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك . وقال العلامة ابن الطقطقي في (الفخرى في الآداب السلطانية) وضع عليه السلام خطه في ظاهر كتاب المأمون بما معناه : إني قد أجبت امتثالا للأمر وإن كان الجفر والجامعة يدلان على ضد ذلك . (*)

ص 356

وجده الصادق كان يميل لونه إلى السواد إذ كانت أمه سوداء .

سخائه (ع)

رواها القوم : منهم علامة الأدب الراغب الاصبهاني في (محاضرات الأدباء) (ج 2 ص 589 ط مكتبة الحياة في بيروت) قال : وفرق علي بن موسى الرضا ما له بخراسان كله في يوم عرفة فقال له الفضل بن سهل : ما هذا المغرم ؟ فقال : بل هو المغنم ، لا تعدن مغرما ما ابتعت به أجرا وكرما .

اعطائه (ع) لإبراهيم بن عباس عشرة آلاف درهم من الدراهم التي ضربت باسمه الشريف

رواه القوم : منهم العلامة أبو الفرج في (الأغاني) (ج 9 ص 47 ط دار الفكر) قال : أخبرني محمد بن يونس الأنباري قال حدثني أبي أن إبراهيم بن العباس الصولي دخل على الرضا لما عقد له المأمون وولاه على العهد فأنشده قوله : أزالت عزاء القلب بعد التجلد * * مصارع أولاد النبي محمد (ص) فوهب له عشرة آلاف درهم من الدراهم التي ضربت باسمه فلم تزل عند إبراهيم وجعل منها مهور نسائه وخلف بعضها لكفنه وجهازه إلى قبره .

ص 357

نبذة من كراماته عليه السلام :

إخباره عن عدم تسلط هارون عليه (ع) رواه القوم : منهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 147 ط مصر) . روى عن صفوان بن يحيى قال : لما مضى موسى الكاظم وظهر ولده من بعده على الرضا خفنا عليه وقلنا له إنا نخاف عليك من هذا يعني هارون الرشيد ، قال ليجهدن جهده فلا سبيل له علي . قال صفوان : فحدثني ثقة أن يحيى بن خالد البرمكي ، قال لهارون الرشيد : هذا علي بن موسى قد تقدم وادعى الأمر لنفسه فقال هارون يكفينا ما صنعنا بأبيه تريد أن نقتلهم جميعا . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 227 ط الغري) . ذكر بعين ما تقدم في (نور الأبصار) من أوله إلى آخره . ومنهم العلامة النبهاني في (جامع كرامات الأولياء) (ج 2 ص 312 ط الحلبي بمصر) . روى الحديث عن صفوان بعين ما تقدم عن (نور الأبصار) .

ص 358

دخوله (ع) في بركة السباع وإقعاء السباع على أذنابها إلى الأرض عنده

رواه القوم : منهم العلامة الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي الشامي المتوفى سنة 654 في (مطالب السؤول) (ص 85 ط طهران) قال : إنه كان بخراسان امرأة تسمى زينب فادعت أنها علوية من سلالة فاطمة عليها السلام وصارت تصول على أهل خراسان بنسبها فسمع بها علي الرضا (ع) فلم يعرف نسبها فأحضرت إليه فرد نسبها وقال هذه كذابة فسفهت عليه وقالت كما قدحت في نسبي فأنا أقدح في نسبك فأخذته الغيرة العلوية فقال لسلطان خراسان وكان لذلك السلطان بخراسان موضع واسع فيه سباع مسلسلة للانتقام من المفسدين يسمى ذلك الموضع : بركة السباع إذا أراد الانتقام من بعض المجرمين الخارجين عليه ألقاه بينهم فافترسوه لوقته ، فأخذ الرضا بيد تلك المرأة وأحضرها عند ذلك السلطان وقال هذه كذابة على علي وفاطمة وليست من نسلهما فإن من كان حقا صوابا بضعة من فاطمة وعلي فإن لحمها حرام على السباع فألقوها في بحر السباع فإن كانت صادقة فإن السباع لا تقربها وإن كانت كذابة فتفترسها السباع . فلما سمعت ذلك منه قالت : فأنزل أنت إلى السباع فإن كنت صادقا فإنها لا تقربك وإلا فتفترسك فلم يكلمها وقام فقال له ذلك السلطان إلى أين فقال له إلى بركة السباع والله لأنزلن إليها . فقام السلطان والناس والحاشية وفتحوا باب تلك البركة فنزل الرضا (ع) والناس ينظرون من أعلا البركة فلما حصل بين السباع أقعت جميعها إلى الأرض

ص 359

على أذنابها فصار يأتي إلى واحد واحد يمسح وجهه ورأسه وظهره والسبع يبصبص له هكذا إلى أن أتى على الجميع ثم طلع والناس يبصرونه ، فقال لذلك السلطان : أنزل هذه الكذابة على علي وفاطمة ليبين لك فامتنعت فألزمها السلطان بذلك وأنزلها أعوانه فمذ رآها السباع وثبوا إليها وافترسوها فاشتهر اسمها بخراسان . ومنهم العلامة ابن حجر في (الصواعق) (ص 123 ط البابي بحلب) قال : ونقل بعض الحفاظ : أن امرئة زعمت أنها شريفة بحضرة المتوكل (المأمون ظ) فسئل عمن يخبره بذلك ، فدل على علي الرضا ، فجاء فأجلسه معه على السرير وسأله ، فقال : إن الله حرم لحم أولاد الحسنين على السباع ، فلتلق للسباع ، فعرض عليها بذلك ، فاعترفت بكذبها . ثم قيل للمتوكل : ألا تجرب ذلك فيه ، فأمر بثلاثة من السباع ، فجيئ بها في صحن قصره ثم دعاه فلما دخل بابه أغلق عليه والسباع قد أصمت الاسماع من زئيرها ، فلما مشى في الصحن يريد الدرجة مشت إليه وقد سكنت وتمسحت به ودارت حوله وهو يمسها بكمه ثم ربضت ، فصعد المتوكل وتحدث معه ساعة ثم نزل ، ففعلت معه كفعلها الأول حتى خرج ، فاتبعه المتوكل بجائزة عظيمة ، فقيل للمتوكل : إفعل كما فعل ابن عمك ، فلم يجسر عليه ، وقال : أتريدون قتلي ثم أمرهم أن لا يفشوا ذلك . ونقل المسعودي : أن صاحب هذه القصة هو ابن علي الرضا هو علي العسكري وصوب ، لأن الرضا توفي في خلافة المأمون اتفاقا ولم يدرك المتوكل .

ص 360

تباني حجاب المأمون على عدم رفع الستر له (ع) فارتفع عند دخوله وخروجه بالريح

رواه القوم : منهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 147 ط مصر) قال : لما جعله المأمون ولي عهده وأقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون أناس كرهوا ذلك وخافوا على خروج الخلافة من بني العباس وعودها لبني فاطمة فحصل عندهم من علي الرضا ابن موسى نفور وكان عادة الرضا إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل بادر من في الدهليز من الحجاب وأهل النوبة من الخدم والحشم بالقيام له والسلام عليه ويرفعون له الستر حتى يدخل ، فلما حصلت لهم هذه النفرة وتفاوضوا في أمر هذه القصة ودخل في قلوبهم منها شيء قالوا فيما بينهم : إذا جاء يدخل على الخليفة بعد اليوم نعرض عنه ولا نرفع له الستر واتفقوا على ذلك ، فبينما هم جلوس إذ جاء علي الرضا على جاري عادته فلم يملكوا أنفسهم أن قاموا وسلموا عليه ورفعوا له الستر على عادتهم فلما دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون لكونهم ما فعلوا ما اتفقوا وقالوا الكرة الآتية إذا جاء لا نرفعه . فلما كان في اليوم الثاني وجاء الرضا على عادته قاموا وسلموا عليه ولم يرفعوا الستر فجاءت ريح شديدة فرفعت الستر أكثر مما كانوا يرفعونه فدخل ثم عند خروجه جاءت ريح من الجانب الآخر فرفعته له وخرج فأقبل بعضهم على بعض وقال إن لهذا الرجل عند الله منزلة وله منه عناية انظروا إلى ريح كيف جاءت ورفعت له الستر عند دخوله وعند خروجه من الجهتين إرجعوا إلى ما كنتم عليه

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج12)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب