الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج18)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 101

له يا رسول الله. فقال: إنه عمرو. فقال: وإن كان عمرا، فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، فمشى إليه علي وهو يقول:

لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة * والصدق منجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيم * عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى * ذكرها عند الهزائز

فقال عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي. قال: ابن عبد مناف. قال: أنا علي ابن أبي طالب. قال: غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك. فقال علي: لكني والله ما أكره أن أهريق دمك، فغضب ونزل وسل سيفه كأنه شعلة نار ثم أقبل نحو علي مغضبا. ويقال إنه كان على فرسه، فقال له علي: كيف أقاتلك وأنت على فرسك ولكن انزل معي، فنزل عن فرسه ثم أقبل نحوه، فاستقبله عليّ عليه السّلام بدرقته، فضربه عمرو فيها، فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه، فشجه وضربه علي على حبل العاتق، فسقط وثار العجاج وسمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم التكبير، فعرف أن عليا قتله (1).

(هامش)

(1) ثم قال في القاموس: وكان علي ذا شجتين في قرني رأسه إحداهما من عمرو بن ورد والثانية من ابن ملجم، ولذا يقال له: ذو القرنين. وفي رواية: لما أذن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لعلي أعطاه سيفه ذا الفقار وألبسه درعه الحديد وعممه عمامته وقال: أعنه عليه. (*)

ص 102

ومنهم العلامة أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي المتوفى سنة 383 في (تفسير القرآن) (ج 3 ص 410 النسخة المخطوطة) قال: فلما رجع النبي عليه السلام من الخندق دخل المدينة ودخل على فاطمة وأراد أن يغسل رأسه جاء جبرئيل. إلى أن قال: وخرج المسلمون معه واللواء في يد علي بن أبي طالب. ومنهم العلامة محمد بن عبد الله الإسكافي في (المعيار والموازنة) (ص 91) قال: فلما كان يوم الخندق فعل بعلي ما رأيتم بكفه عن المبادرة إلى عمرو، فلما بان إمساك الناس عنه وتخلفهم عن الأقدام عليه، قام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في المرة الثالثة، فقال له النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: يا علي إنه عمرو ابن عبد ود - تأكيدا لما قلناه وتنبيها لمن كان له قلب أنه أراد بذلك الدلالة على تقدم علي وتفضيله - فقال له: وأنا علي بن أبي طالب يا رسول الله. فعممه بيده، وقلده سيفه ذا الفقار، فخرج إليه والمسلمون مشفقون، قد اقشعرت جلودهم، وزاغت أبصارهم، وبلغت الحناجر قلوبهم وظن قوم الله الظنون والنبي صلّى الله عليه وآله وسلم يدعو له بالنصر، ملح في ذلك مستغيث بربه ففرج الله به تلك الكرب، وأزال الظنون، وثبت اليقين بعلي بن أبي طالب، وقتل عمرو بن عبد ود، وقبل ما زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وظن بالله الظنون، وزلزل المؤمنون زلزالا شديدا، وقال المنافقون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غروروا.

ص 103

ومنهم الحافظ ابن عساكر في (ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق) (ج 1 ص 150 ط بيروت) روى بسنده عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول: جاء عمرو بن عبد ود فجعل يجول على فرسه حتى جاز الخندق وجعل يقول هل من مبارز؟ وسكت أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وسلم. ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: هل يبارزه أحد؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول الله. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: اجلس. فقال رسول الله في الثانية: هل يبارزه أحد؟ فقام علي فقال: دعني يا رسول الله فإنما أنا بين حسنتين إما أن أقتله فيدخل النار، وإما أن يقتلني فأدخل الجنة فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: أخرج يا علي. فخرج علي فقال عمرو: من أنت يا ابن أخي؟ فقال: أنا علي. فقال عمرو: إن أباك كان نديما لأبي لا أحب قتالك. فقال علي: إنك أقسمت لا يسألك أحد ثلاثا إلا أعطيته فاقبل مني واحدة. فقال عمرو: وما ذلك؟ قال علي: أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. قال عمرو: ليس إلى ذلك سبيل. قال: فترجع فلا تكون علينا ولا معنا ثلاثا. قال: إني نذرت أن أقتل حمزة فسبقني إليه وحشي ثم إني نذرت أن أقتل محمدا. قال عليّ عليه السّلامفانزل. فنزل فاختلفا في الضربة فضربه علي فقتله. وروى بسند آخر في حديث قال له علي: يا عمرو قد كنت تعاهد الله لقريش ألا يدعوك رجل إلى خلتين إلا قبلت منه إحداهما. فقال عمرو: أجل. فقال له علي: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسول الله وإلى الإسلام. قال عمرو: لا حاجة لي في ذلك. فقال: فإني أدعوك إلى النزاع. فقال له: يا ابن أخي لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك. فقال علي: لكني والله أحب أن أقتلك. فحمى عمرو فاقتحم

ص 104

عن فرسه فعقره، ثم أقبل فجاء إلى علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي وخرجت خيلهم منهزمة هاربة حتى اقتحمت من الخندق. ومنهم العلامة حسن بن محمد المشاط في (إنارة الدجى) (ج 1 ص 241 ط بمطبعة المدني شارع العباسية بالقاهرة) روى عن ابن إسحاق من غير رواية البكائي، أن عمرا لما نادى يطلب من يبارزه، قام عليّ عليه السّلاموهو مقنع في الحديد، فقال: أنا له يا نبي الله، فقال له: اجلس إنه عمرو، ثم كرر عمرو النداء، وجعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون لي رجلا؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول الله. فقال له: اجلس إنه عمرو، ثم نادى الثالثة، وقال:

ولقد بححت من النداء * لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن المشجع * وقفة الرجل المناجز

وكذاك أني لم أزل * متسرعا قبل الهزاهز

إن الشجاعة في الفتى * والجود من خير الغرائز

فقال علي رضي الله عنه: أنا له يا رسول الله، فقال: إن عمرو. فقال: وإن كان عمرا، فأذن له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، فمشى إليه علي وهو يقول:

لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة * والصدق ينجي كل فائز

إني لأرجو أن أقيم * عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز

فذكر ما تقدم عن (تاريخ الخمس) من قوله: فقال من أنت - الخ إلى أن قال: وقال اليعمري في (العيون): كان عمرو بن عبد ود قاتل يوم بدر حتى

ص 105

أثبتته الجراحة، فلم يشهد يوم أحد، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه فلما وقف هو وخيله قال: من يبارز؟ فبرز له علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وذكر ابن سعد في هذا الخبر: أن عمرا كان ابن تسعين سنة، فقال علي: أنا أبارزه. فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيفه وعممه، وقال: اللهم أعنه عليه. ومنهم العلامة السيد عباس بن علي الموسوي المكي في (نزهة الجليس) (ج 1 ص 166 ط القديمة بمصر) قال: ومن ضرباته عليه السلام ضربته عمرو بن عبد ود العامري، وكان جبارا غليظا عتلا من الرجال قطع فخذه من أصلها وترك عمرا، فأخذ فخذ نفسه فضرب بها عليا فتوارى عنها فوقعت في قوائم بعير فكسرتها، وما أحسن قول عمر بن الفارض: ذو الفقار اللحظ منها أبدا * والحشى مني عمرو ووحي ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 148) نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) قال: نقل أهل السير والأخبار أن فوارس من قريش شاعت شجاعتهم في سائر الأقطار، منهم عمرو بن ود الذي كان يضرب به المثل في البسالة، وعكرمة بن أبي جهل الذي كانت تكره فوارس الحرب نزاله، اقتحموا بخيولهم الخندق الذي حفره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وحالوا بينه وبين المسلمين، فلما رأى ذلك علي كرم الله وجهه خرج ومعه نفر من المؤمنين وبادروا الثغرة التي دخلوا منها وسدوا عليهم الطريق ومنعوهم محل القرار إذا ضاق الخناق وأرادوا التخلص من ذلك المضيق، فرجع عمرو بن ود وولده حسل، وكان حسل له عامة يشهر بها

ص 106

ليعرف مكانه ويظهر شأنه إلى علي كرم الله وجهه ومن تبعه من النفر، فقال: هل من مبارز. فذكر ما تقدم عن (إنارة الدجى) من قوله: أين جنتكم - إلى آخر رجز علي ثم قال: يا عمرو إنك كنت أخذت على نفسك عهدا أن لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أجبته إلى واحدة منهما. قال له: أجل. فقال له علي: إني أدعوك إلى الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم وإلى الإسلام. فقال: أما هذه فلا لي حاجة فيها. فقال له علي: إذا كرهت هذه فإني أدعوك إلى النزال. فقال: ولم يا بن أخي فما أحب أن أقتلك ولقد كان أبوك خلالي. فقال علي: ولكني والله أحب أن أقتلك. فحمى عمرو وغضب من كلامه فاقتحم عن فرسه إلى الأرض وضرب وجهها، فنزل عليّ عليه السّلامعن فرسه وأقبل كل واحد على الآخر فتصاولا وتجاولا ساعة، ثم ضربه علي على عاتقه بالسيف ورمى جنبه إلى الأرض وتركه قتيلا. ثم ركب على فرسه وكر عليه ولده حسل بن عمرو فقتله علي أيضا فخرجت خيولهم منهزمة ورمى عكرمة بن أبي جهل رمحه وفر منهزما مع انهزام أصحابه، فرجع عليّ عليه السّلاموهو يقول:

أعلي تفتخر الفوارس هكذا * عني وعنهم سائلوا أصحابي

اليوم يمنعني الفرار حفيظتي * ومصمم في الرأس ليس بنابي

أديت عمرا إذ طغى بمهند * صافي الحديد مجرب قطابي

وعذوت التمس القراع بصارم * عضب كلون الملح في أقرابي

إلا ابن عبد حين شد إليه * وحلفت فاستمعوا من الكذابي

ألا يفر ولا يهلل فالتقى * رجلان يضطربان كل ضرابي

نصر الحجارة من سفاهة رأيه * ونصرت دين محمد بصوابي

وغدوت حين تركته متجدلا * كالعير بين دكادك وروابي

ص 107

وعففت عن أثوابه ولو أنني * كنت المجدل بزنى أثوابي

لا تحسبن الله خاذل دينه * ونبيه يا معشر الأحزاب

ومنهم العلامة توفيق أبو علم في (أهل البيت) (ص 212 ط القاهرة سنة 1390 ه‍) قال: وكانت وقعة الخندق فخرج عمرو مقنعا في الحديد ينادي جيش المسلمين: من يبارز؟ فصحاح علي: أنه له يا نبي الله، قال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم وبه اشفاق عليه: إنه عمرو اجلس. ثم عاد عمرو ينادي: ألا رجل يبرز؟ وجعل يؤنبهم قائلا: أين جنتكم إلى زعمتم أنكم داخلوها إن قتلتم؟ أفلا تبرزون إلي رجلا؟ فقام علي مرة بعد مرة وهو يقول: أنا له يا رسول الله ورسول الله يقول له مرة بعد مرة: اجلس إنه عمرو، وهو يجيبه: وإن كان عمرا حتى أذن له فمشى إليه فرحا بهذا الإذن الممنوع كأنه الإذن بالخلاص. ثم نظر إليه عمرو فاستصغره وأنف أن يناجزه وأقبل يسأله من أنت؟. فذكر ما تقدم عن (تاريخ الخميس) ثم قال: واستمع إلى أخت عمرو بن ود تقول على سبيل التأسي بعد موته: لو كان قاتل عمرو غير قاتله * بكيته أبدا ما دمت في الأبد لكن قاتله من لا نظير له * وكان يدعى أبوه بيضة البلد ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في (مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين) (ص 50 مخطوط) قال: وفي حياة الحيوان الكبير قال الشافعي: وبارز يوم الخندق عمرو بن عبد ود لأنه خرج ونادى من يبارز، فقام علي (رض) وهو مقنع بالحديد فقال: أنا له

ص 108

يا نبي الله. فقال: إنه عمرو فاجلس. فنادى عمرو: ألا رجل يبارز، ثم جعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم الذي تزعمون أن من قتل منكم يدخلها أفلا يبرز إلي رجل؟ فقام علي (رض) فقال: أنا يا رسول الله. فقام: إنه عمرو اجلس. ثم نادى الثالثة وذكر شعرا فقال: أنا له. قال: إنه عمرو. قال: وإن كان عمرا، فأذن رسول الله فمشى إليه حتى أتاه فقال له عمرو: من أنت. قال: أنا علي بن أبي طالب قال: غيرك يا ابن أخي أريد من أعمامك من هو أسن منك فإني أكره أن أهريق دمك. فقال له علي: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك. فغصب فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي (رض) بدرقه فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف واصلا برأس علي فشجه، فضربه علي على حبل عاتقه فسقط قتيلا، فطار العجاج وسمع رسول الله (ص) التكبير فعرف أن عليا قد قتل عمرا. إنتهى. وجاء في بعض الروايات أن عليا لما بارز عمرا قال رسول الله (ص): اليوم برز الإيمان كله للشرك كله. ومنهم العلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الحنبلي الوهابي المتوفى سنة 1242 في كتابه (مختصر سيرة الرسول) (ص 285 ط المطبعة السلفية في القاهرة) قال: وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي اقتحموا منها وأقبلت الفرسان تعنق نحوهم، وكان عمرو بن عبد ود قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه، فلما وقف هو وخيله قال: من يبارز؟ فقال له علي: أنا فبرز إليه علي ابن أبي طالب، فقال له: يا عمرو إنك كنت قد عاهدت الله أن لا يدعوك أحد من

ص 109

قريش إلى إحدى خلتين ألا أخذتها منه. فقال له: أجل. قال له علي: فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام. قال: لا حاجة لي بذلك. قال: فإني أدعوك إلى البراز. فقال له: يا بن أخي ما أحب أن أقتلك. قال له علي: ولكني والله أحب أن أقتلك، فحمى عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم أقبل على علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة.

ومما برز من شجاعته في غزوة الجمل

ما رواه القوم: منهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 151 مخطوط) قال: ومن ذلك واقعة يوم الجمل الذي أجمل الناس فيه أمورهم وأذهب عنهم فكرهم وتدبيرهم، أباد فيه الرجال وأيتم الأطفال وفرق شمل العيال وجدل الأبطال واستطرمت في ذلك اليوم الصفوف، وكان القتلى فيه بالألوف وهو في ذلك المعرك على بغلة يجول وقد ذهلت من شدة الجلاد العقول يشق الصفوف مبتسما وعليه قميص وعمامة ورداء ويد المنون تدير على كماة الحرب كاسفات الرداء (1).

(هامش)

(1) روى الحافظ الحسين بن الحكم الحيري الكوفي من أعلام العامة في (تنزيل الآيات) (ص 212). قالت عائشة رضي الله عنها يوم منصرفها من البصرة: إنه ما كان يبني = (*)

ص 110

(هامش)

= وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة واحمائها، وإنه عندي على معتبتي لمن الأخيار. وروى العلامة الشيخ طه بن مهنا بن محمد الجبريتي شارح صحيح البخاري المتوفى سنة 1178 على رسالة الحلبي أسماء أهل بدر تأليف العلامة الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ أحمد البقاعي المصري الحمصي طبع بولاق ص 28: شهد الزبير الجمل فقاتل ساعة فناداه علي وانفرد، فذكره أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا وأنت له ظالم. فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال نادما مفارقا للجماعة التي خرج فيها منصرفا إلى المدينة، فرآه ابن جرموز عبد الله وقيل عمير ويقال عمرو وقيل عميرة السعدي فقال: أتى يورش. وتقدم نقله عن غيره في (ج 8 ص 471 وص 471). وقال العلامة ابن حجر العسقلاني في (المطالب العالية) (ج 4 ط الكويت ص 301) قال: عبد السلام رجل من حية قال: خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال: أنشدك الله كيف سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول وأنت لاوي يدي في سقيفة بني فلان (لتقاتلنه وأنت ظالم له، ثم قال لينصرن عليك) فقال: قد سمعت لا جرم لا أقاتلنك (لإسحاق). وروى مثله عن الحكم وأبي جرو المازني. وقال العلامة الشيخ نجم الدين الشافعي في (منال الطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب) ص 176: قال علي للزبير يوم الجمل: أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل = (*)

ص 111

نزر مما برز شجاعته في صفين

قد تقدم النقل عن جماعة من القوم في (ج 8 ص 397 إلى 416) وننقل ههنا عمن لم نرو عنهم هناك: منهم الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن به هبة الله الشافعي الشهير بابن عساكر المتوفى سنة 537 في (ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق) (ج 3 ص 145 ط دار التعارف في بيروت) قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل، أنبأنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنبأنا أبو علي

(هامش)

= الفرقان على نبيه محمد صلى الله عليه أما تذكر يوما قال لك رسول الله: يا زبير أتحب عليه، فقلت وما يمنعني من حبه وهو ابن خالي، فقال لكك أما أنت فستخرج عليه يوما وأنت ظالم. فقال الزبير: اللهم بلى قد كان ذلك. فقال علي: فأنشدك بالله الذي أنزل الفرقان على نبيه محمد صلى الله عليه أما تذكر يوما جاء رسول الله (ص) من عند ابن عوف وأنت معه وهو آخذ بيدك فاستقبلته أنا فسلمت عليه فضحك في وجهي وضحكت أنا إليه، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه أبدا. فقال لك النبي (ص): مهلا يا زبير فليس به زهو ولتخرجن عليه يوما وأنت ظالم له. فقال الزبير: اللهم ولكن أنسيت، فأما إذ ذكرتني ذلك لانصرفن عنك ولو ذكرت هذا لما خرجت عليك. وقال العلامة الشيخ زين الدين عمر بن مظفر الحنفي الشهير بابن الوردي في (تاريخه) ج 1 ص 209 ط الحيدرية في الغري الشريف: روى الموضع الثاني مما رواه في (منال الطالب) وفي آخره فقال لك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: إنه ليس بنزه ولتقاتلنه وأنت ظالم له. (*)

ص 112

ابن شاذان، أنبأنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب الإصبهاني، أنبأنا محمد بن علي بن دعبل بن علي الخزاعي، عن ابن هشام الكلبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: عقم النساء أن يأتين بمثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والله ما رأيت ولا سمعت رئيسا يوزن به، لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة قد أرخى طرفيها وكأن عينيه سراجا سليط، وهو يقف على شرذمة [شرذمة] يخصهم حتى انتهى إلي وأنا في كثف من الناس، فقال: معاشر المسلمين استشعروا الخشية وعنوا الأصوات وتجلببوا السكينة، واعلموا الأسنة وافلقوا السيوف قبل السلة واطعنوا لرجل ونافحوا بالظبا وسلوا السيوف بالخطا والنبال بالرماح فإنكم بعين الله ومع ابن عم نبيه صلّى الله عليه وآله وسلم، عاودوا الكر واستحيوا من الفر فإنه عار باق في الأعقاب والأعناق ونار يوم الحساب، وطيبوا عن أنفسكم أنفسا وامشوا إلى الموت سجحا وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطنب فاضربوا ثبجه فإن الشيطان راكب صعبه ومفترش ذراعيه قد قدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا فصمدا صمدا حتى يتجلى لكم عمود الدين وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم. قال: وأخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، أنبأنا إبراهيم بن عمر (حيلولة) وأخبرنا أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري، أنبأنا المبارك ابن عبد الجبار، أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي. وعلي بن عمر بن الحسن، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري. قال: قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في حديث علي إن ابن عباس قال: ما رأيت رئيسا مجربا يزن به لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة بيضاء وكأن عينيه سراجا سليط وهو يحمس أصحابه إلى أن انتهى إلي وأنا في كثف فقال - الخ.

ص 113

ومنهم الحافظ ابن قتيبة الدينوري في (غريب الحديث) (ج 2 ص 125 ط بغداد) قال: وقال أبو محمد في حديث علي عليه السلام إن ابن عباس رحمه الله قال: ما رأيت رئيسا مجربا يزن به لرأيته يوم صفين وعلى رأسه عمامة بيضاء وكأن عينيه سراجا سليط وهو يحمس أصحابه إلى أن انتهى إلي وأنا في كثف فقال: معشر المسلمين استشعروا الخشية وعنوا الأصوات وتجلببوا السكينة واكملوا اللؤم وأخفوا الجنن وأقلقوا السيوف في الغمد قبل السلة وألحظوا الشزر واطعنوا الشزر أو النتر أو اليسر كلا قد سمعت ونافحوا بالظبا وصلوا السيوف بالخطا والرماح بالنبل وامشوا إلى الموت مشية سجحا أو سحجا وعليكم الرواق المطنب فاضربوا ثبجة فإن الشيطان راكد في كسره نافج حضنيه مفترش ذراعيه قد قدم للوثبة يدا وأخر للنكوص رجلا. ومنهم العلامة القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني في (مناقب الأئمة) (نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) قال: ولقد روى ابن عباس أنه قال: عقمت النساء أن يأتين بمثل علي بن أبي طالب لقد رأيته وعلى رأسه عمامة سوداء وكأن عينيه سراج سليط وهو يقف على شرذمة يحضهم ويحرضهم، ومنهم الشيخ محمد علي الأنسي اللبناني في (الدرر واللآل) (ص 195 ط الاتحاد في بيروت قال: في حديث ابن عباس: رأيت عليا وكأن عينيه سراجا سليط، وفي رواية

ص 114

كضوء سراج السليط. (1)

(هامش)

(1) وممن قتل في صفين من أصحابه عليه السلام عمار وهو الذي قال رسول الله (ص) في حقه: عمار تقتله الفئة الباغية. رواه القوم في كثير من كتبهم تقدم النقل عنهم في (ج 8 ص 422، إلى ص 468) وننقل ههنا عمل لم ننقل عنهم سابقا: منهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) (ص 162 مخطوط) قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن حميد الحوراني، قال حدثنا أحمد بن إبراهيم ابن بكار بن أبي أرطأة، قال حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، قال: حدثني عبد العزيز الدراوردي، عن العلا، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: ابشر عمار تقتلك الفئة الباغية. ومنهم العلامة محمد بن عبد الله الإسكافي في (المعيار والموازنة) (ص 96) قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية. ومنهم العلامة أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفي في (الفتوح) (ج 3 ص 19 ط حيدر آباد) قال: قال عمروا - هو عمرو بن العاص -: سمعت رسول الله (ص) وهو يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية، وإنه ليس ينبغي لعمار بن ياسر أن يفارق الحق ولا تأكل النار منه شيئا.

ص 115

ومنهم العلامة زكريا بن محمد بن محمود القزويني في (آثار البلاد وأخبار العباد) (ص 214 ط دار صادر بيروت سنة 1380) قال: وكانت الصحابة متوقفين في هذا الأمر لأنهم كانوا يرون عليا وعلو شأنه، ويرون قميص عثمان على الرمح ومعاوية يقول: أريد دم ابن عمي، إلي أن قتل عمار بن ساير والصحابة سمعوا أن النبي قال له: تقتلك الفئة الباغية، فعند ذلك ظهر للناس بغي معاوية، فبذل قوم علي جهدهم في القتال حتى ضيقوا على قوم معاوية، فعند ذلك رفعوا المصاحف وقالوا: رضينا بكتاب الله. فامتنع قوم علي عن القتال، فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل، فما وافقوا، فقال علي عند ذلك: لا رأي لغير مطاع، فآل الأمر إلى الحكمين، والقصة مشهورة. ومنهم العلامة الشيخ صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي في (الوافي بالوفيات) (ج 1 ص 74 ط قيسبلان سنة 1381 ه‍) قال: وأخبر (أي النبي ص) بأن عمارا تقتله الفئة الباغية، فكان مع علي بن أبي طالب وقتله جماعة معاوية. ومنهم العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد أخطب خوارزم المتوفى سنة 568 في (المناقب) (ص 90 ط تبريز) روى حديثا مسندا ينتهي إلى زيد بن أبي أوفى وفيه قال النبي (ص) لعمار: يا عمار تقتلك الفئة الباغية وأنت مع الحق والحق معك.

ص 116

ومنهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (كنز العمال) (ج 12 ص 2 ط حيدر آباد الدكن) روى من طريق الترمذي عن أبي هريرة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لعمار: أبشر يا عمار تقتلك الفئة الباغية. ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين الشافعي البيهقي في (الاعتقاد على مذهب السلف) (ص 196 دار العهد الجديد بالقاهرة) روى بسنده عن أمه عن أم سلمة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال لعمار تقتلك الفئة الباغية. ومنهم العلامة الشيخ زين الدين عمر بن مظفر الحنفي الشهير بابن الوردي في (تاريخ ابن الوردي) (ج 1 ص 213 ط الحيدرية في الغري) قال: وفي الصحيح: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قال: تقتل عمارا الفئة الباغية. ومنهم الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي في (شرح علل الترمذي) (ص 414) روى عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: تقتل عمار الفئة الباغية.

ص 117

ومنهم العلامة المعاصر الشيخ محمد الخضري بك ابن الشيخ عفيفي المصري في (إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء) (ص 180 ط التجارية بمصر) قال: قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: تقتلك الفئة الباغية. ومنهم الحافظ ابن قتيبة الدينوري في (غريب الحديث) (ص 321 ط العاني في بغداد) روى قوله (ص) لعمار: تقتلك الفئة الباغية. ومنهم الحافظ محمد بن حبان بن أحمد بن حاتم التميمي البستي في (الثقات) (ج 1 ص 141 و291 ط دائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد) روى قوله (ص): يا عمار تقتلك الفئة الباغية. ومنهم العلامة محمد بن عبد الله الإسكافي في (المعيار والموازنة) (ص 160) روى عن النبي (ص) قال: قاتل عمار في النار. ومنهم العلامة الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن [...] الحنبلي الشهير بابن قيم في (بعض كتبه) (ص 10 ط القاهرة) روى قوله (ص) لعمار: تقتله الفئة الباغية.

ص 118

ومنهم المؤرخ الجليل أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفى في (الفتوح) (ج 3 ص 191 ط حيدر آباد) قال: وأقبل معاوية على هؤلاء الأربعة الرهط: مروان بن الحكم، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وعبد الله بن عامر بن كريز، وطلحة الطلحات، فقال: إن أمرنا وأمر علي لعجيب ليس منا إلا موتور، أما أنا فإنه قتل أخي وخالي يوما وشارك في قتل جدي، وأما أنت يا وليد فإنه قتل أباك بيده صبرا يوم بدر، وأما أنت يا طلحة فإنه قتل أخاك يوم أحد وقتل أباك يوم الجمل وأيتم أخوالك، وأما أنت يا عبد الله بن عامر فإنه أسر أباك وأخذ مالك، وأما أنت يا مروان فإنه قتل ابن عمك عثمان بن عفان ثم أنني أراكم قعودا عنه ما فيكم يغير ولا يأخذه بثاره. فقال مروان: فما الذي تحب أن نصنع يا معاوية. فقال: أريد والله منكم أن تشجروه ومنهم العلامة ابن حجر العسقلاني في (المطالب العالية) (ج 4 ص 314 ط الكويت) روي في (ص 305 و306) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله (ص) لعمار: تقتلك الفئة الباغية. وفي (ص 308) روى عن عثمان قال رسول الله لعمار: تقتله الفئة الباغية. وفي (ص 297) روى عن عمار قال: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. ومنهم المؤرخ الفاضل المعاصر خالد محمد خالد المصري في (رجال حول الرسول) (ص 675 وص 676 ط دار الكتب في بيروت) روى قوله (ص) لعمار: تقتلك الفئة الباغية.

ص 119

بالرماح فتريحوا العباد والبلاد منه، فقال مروان: الآن والله قد ثقلنا عليك يا معاوية إذ كنت تأمرنا بالخروج إلى حية الوادي والأسد العادي. قال: ثم نهض مروان مغضبا، وأنشأ الوليد بن عقبة في ذلك يقول: يقول لنا معاوية بن حرب * أما فيكم لواتركم طليب يشد على أبي حسن علي * بأسمر لا يهجنه الكعوب إلى آخر الأبيات. قال: فغضب عمرو من قول الوليد ثم قال: والله ما ظننت أن أحدا من الناس يعيرني بفراري من علي وطعنه إياي، ثم أقبل على الوليد بن عقبة فقال: إن كنت صادقا فاخرج إلى علي وقف له في موضع يسمع كلامك حتى ترى ما الذي ينزل بك من صولته، ثم أنشأ عمرو (وجعل) يقول: يذكرني الوليد لقا علي * وصدر المرء محلاه الوعيد متى يذكر مشاهده قريش * يطر من خوفه القلب الشديد إلى آخر الأبيات. وفي (ص 194): قال (في وقعة صفين) ثم حمل علي (رض) في هؤلاء العشرة آلاف حملة رجل واحد، فما بقي لأهل الشام صف إلا انتقض همدت واحمرت حوافر الخيل بالدماء. قال: والتفت معاوية إلى عمر بن العاص فقال: أبا عبد الله اليوم صبرا وغدا فخرا. فقال عمرو بن العاص: صدقت يا معاوية، ولكن اليوم حق والحياة باطل وإن حمل علي في أصحابه حملة أخرى فهو البراز. وقال في (ص 229): قال أبو العز التميمي: فقال له علي بن أبي طالب: يا أبا العز من المبارز

ص 120

لعدونا. فقلت: أين شيخكم العباس بن ربيعة. قال: فصاح به علي: يا عباس يا عباس. قال العباس: لبيك يا أمير المؤمنين. فقال: ألم آمرك وآمر عبيد الله ابن عباس أن لا تخلوا بمراكز كما في وقت من الأوقات إلا بإذني. فقال العباس: يا أمير المؤمنين أقيدعوني عدوي إلى البراز فلا أخرج إليه. فقال علي: نعم إن طاعة إمامك أوجب عليك من مبارزة عدوك. قال: ثم حول وجهه إلى ناحية القبلة ورفع كفيه وقال: اللهم لا تنس هذا اليوم للعباس. وفي (ص 240): فقال معاوية: أيها الناس من خرج إلى العباس فقتله فله عندي من المال كذا وكذا. قال: فوثب رجلان لخميان من بني لخم من اليمن فقالا: نحن نخرج إليه. فقال: أخرجا إليه فأيكما سبق إلى قتله فله من المال ما قد بذلت له وللآخر مثل ذلك. قال: فخرجا جميعا حتى وقفا في ميدان الحرب، ثم صاحا بالعباس ودعاه إلى البراز. فقال العباس: إن لي سيدا حتى استأذنه. قال: ثم جاء إلى عليّ عليه السّلامفقال: يا أمير المؤمنين هذان رجلان من أصحاب معاوية قد خرجا ليدعواني إلى البراز. فقال له علي: ود معاوية أنه لا يبقي من بنى هاشم نافخ ضرمة. ثم قال: إلى ههنا فتقدم إليه العباس، فقال له علي: انزل عن فرسك واركب فرسي وهات سلاحك وخذ سلاحي. قال: ثم نزل علي رضي الله عليه عن فرسه ورمى سلاحه إلى العباس وأخذ سلاح العباس فلبسه واستوى على فرسه ثم خرج حتى وقف بين الجمعين كأنه العباس في زيه وسلاحه وفرسه. قال: فقال له اللخميان: أذن لك سيدك. فقال علي ليخرج عن الكذب:) أذن للذين بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم قدير). قال: فتقدم إليه أحد الرجلين فالتقيا بضربتين ضربه عليّ عليه السّلام- الحديث.

ص 121

في (ص 293): ذكر الواقعة الخميسية وهي وقعة لم يكن بصفين أشد منها وصفة ليلة الهرير. قال: وأصبح الناس وطلعت الشمس وذلك في يوم الخميس ودعا عليّ عليه السّلامبدرع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فلبسه وسيف رسول الله وبعمامة رسول الله فاعتجر بها ثم دعا بفرس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فاستوى عليه وجعل يقول: أيها الناس من يبع نفسه يربح هذا اليوم فإنه يوم له ما بعده من الأيام، أما والله أن لولا أن تعطل الحدود وتبطل الحقوق ويظهر الظالمون وتفوز كلمة الشيطان ما اخترناه ورود المنايا على خفض العيش وطيبه، ألا إن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء والصبر خير عواقب الأمور، ألا إنها أحن بدرية وضغائن أحدية وأحقاد جاهلية وثب بها معاوية حين الغفلة ليذكر بها ثارات بني عبد شمس (فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون). وفي (ص 304): قال: وجعل عليّ عليه السّلاميقف ساعة بعد ساعة ويرفع رأسه إلى السماء وهو يقول: اللهم إليك نقلت الأقدام، وإليك أفضت القلوب ورفعت الأيدي ومدت الأعناق، وطبت الحوائج وشخصت الأبصار، اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين. ثم أنه حمل في سواد الليل وحملت الناس معه، فكلما قتل بيده رجلا من أهل الشام كبر تكبيرة حتى أحصي له كذا وكذا تكبيرة. قال أبو محمد: أحصي له خمسمائة تكبيرة وثلاثة وعشرون تكبيرة، في كل تكبيرة له قتيل. قال: وكان إذا علا قد وإذا وسقط قط.

ص 122

ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله بن الحسين بن عبد الله الحنبلي البغدادي العكبري المتوفى سنة 616 والمولود سنة 538 في (التبيان في شرح الديوان أي ديوان المتنبي) (ج 2 ص 57 ط الشرفية بمصر) قال: وقد روي مثل هذا عن علي عليه السلام: أنه بعث إلى معاوية وهما بصفين: قد فني الناس بيني وبينك فأبرز إلي، فأينا قتل صاحبه ملك الناس. فقال عمرو لمعاوية: قد قال لك حقا وأتاك بالإنصاف. فقال معاوية لعمرو: أعلمت أن عليا برز إليه أحد فرجع سالما، والله لا برز إليه سواك، فحمله حتى برز إلى علي، فلما تقاربا كشف عن سوءته، فتركه علي ورجع إلى أصحابه بغير قتال، فأنشدوا في المعنى: ولا خير في دفع الردى بمذلة * كما ردها يوما بسوءته عمرو ومنهم العلامة توفيق أبو علم في (أهل البيت) (ص 213 ط السعادة بالقاهرة سنة 1390 ه‍) قال: وقيل إنه (أي عليا (ع)) لما دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما، قال له عمرو: لقد أنصفك. فقال معاوية له: ما غششتني منذ نصحتني إلا اليوم، أتأمرني بمبارزة أبي الحسن، وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق، أراك طمعت في إمارة الشام بعدي. وكذلك كان في واقعة أحد، ويوم (حنين) ثبت مع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم عندما هرب عنه الناس، إلى غير ذلك من غزوات الرسول. ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 136 مخطوط) روى عن صعصعة بن صوحان قال: خرج يوم صفين رجل من أصحاب

ص 123

معلوية يقال له كريز بن الصباح الحميرى، فوقف بين الصفين وقال: من يبارز؟ فخرج له رجل من أصحاب علي فقتله ووقف عليه وقال: ما يبارز، فخرج إليه رجل آخر فقتله وألقاه على الأول، ثم قال: من يبارز، فخرج إليه ثالث فقتله وألقاه على الآخرين وقال: من يبارز. فأحجم الناس وأحب من كان في الصف الأول أن يكون في الآخر، فخرج علي كرم الله وجهه على بغلة النبي صلّى الله عليه وآله وسلم البيضاء فشق الصفين، فلما انفصل منهما نزل عن البغلة فسعى إليه فقتله، ثم قال علي رضي الله عنه: من يبارز، فخرج إليه رجل فقتله ووضعه على الأول، ثم قال: من يبارز فخرج إليه آخر فقتله ووضعه على الآخرين، ثم قال: أيها الناس إن الله عز وجل يقول (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ولم نبدأ بهذا إنما بدأتم ثم رجع إلى مكانه. وفي (ص 137): روى ابن عباس رضي الله عنهما وقد سأله رجل: أكان علي يباشر القتال يوم صفين؟ فقال: والله ما رأيت رجلا اطرح نفسه في متلف من علي، ولقد كنت أراه يخرج حاسرا الرأس بيده السيف إلى الرجل الدراع فيقتله. أخرجهما الواقدي. ومنهم العلامة الشيخ إبراهيم بن محمد بن ابن حمويه الحمويني المتوفى سنة 722 في كتابه (فرائد السمطين) (مخطوط) قال: روي بالأسانيد المذكورة إلى حاكم الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن علي النطنزي قال أصحاب التواريخ: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم صفين انتدب معه من ربيعة ما بين عشرة ألف إلى اثني عشر ألفا وتقدمهم على البغلة الشهباء دلدل وحمل وحمل معه حملة رجل واحد فلو لم يترك لأهل

ص 124

الشام إلا انتقص واهدم، فلما أتوا عليه أبضوا إلى قبة معاوية وعلي عليه السلام يضرب ويقول: أضربهم ولا أرى معاوية * الأحور العين العظيم الخاوية يهوى له في النار أم هاوية ثم نادى علي عليه السلام: على ما يقتل الناس فيما بيني وبينك أحاكمك إلى الله فأينا قتل صاحبه أشفي منه. فقال له عمرو بن العاص: أنصفك. قال له معاوية: إنك لتعلم أنه لم يبارزه أحد قط إلا قتله. فقال له عمرو: ما يحمل بك إلا مبارزته. قال شرق ابن قطامي: إن معاوية قال لعمرو بعد انقضاء الحرب هل غششتني. قال: لا. قال: بلى يوم أشرت علي بمبارزة علي وأنت تعلم ما هو. ومنهم العلامة ابن منظور في (لسان العرب) (ج 14 ص 209 ط بيروت) نقل عن ابن البري لعلي عليه السلام: أضربهم ولا أرى معاوية * الجاحظ العين العظيم الخاوية (1)

(هامش)

(1) قال العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) ص 151 مخطوط: ومن ذلك واقعته في حروب صفتين الذي ذكرها لا عادية يخزى ويشين المشتملة على أهوال للطفل تشب وشاب للمجلاميد فضلا عن القلوب تذيب، فكانت في نحو أربعة أشهر سبعين واقعة تذكر الممتحنة في حشر الصف للقتال مجادلة يوم الواقعة وتبدي تغابن المنافقين عند تحقق تحريم طلاقهم من غاشية الحديد، وهو في جميع ذلك ذو رأي سديد وبطش شديد يقصم كل جبار عنيد ليس لهم منه تخلص إلا بكشف العورات والسوءات، ووالله لشر قتلة والعياذ بالله أحسن من الحياة بعد تلك المخزيات.

ص 125

وجه قتاله مع القوم في أيام خلافته

رواه محدثوا العامة: منهم الحافظ ابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق) (ج 3 ص 174 ط دار التعارف في بيروت) قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي صالح الفقيه، وأبو نصر أحمد بن علي الطوسي، قالا أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأنا أحمد بن كامل بن خلف القاضي، أنبأنا العباس بن أحمد البرئ، أنبأنا سعيد بن يحيى ابن الأزهر، أنبأنا محمد بن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن مارق العابدي قال: قال علي بن أبي طالب: ما وجدت من قتال القوم بدا أو الكفر بما أنزل على محمد صلّى الله عليه وآله وسلم. أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، وأبو الحسن علي بن عبد الملك بن مسعود قالا: أنبأنا أبو محمد الصريفيني، أخبرتنا أم الفتح أمة السلام بنت أحمد ابن كامل، قالت: أنبأنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع بن حميد اللخمي، أنبأنا أبو الطاهر محمد بن نسيم الحضرمي، أنبأنا علي بن حسين بن عيسى بن زيد، عن أبيه، عن جده عيسى بن زيد، عن إسماعيل بن

ص 126

أبي خالد، عن عمرو بن قيس، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن علي قال: أنا فقأت عين الفتنة.

مما برز من شجاعته في غزوة النهروان

قد تقدم النقل عن القوم في (ج 8 ص 475) وننقل ههنا عمن لم نرو عنهم هناك: منهم العلامة السيد عباس بن علي الموسوي المكي في (نزهة الجليس) (ج 1 ص 166 ط القديمة بمصر) قال: وذكر المؤرخون: أن عليا عليه السلام قتل من الخوارج يوم النهروان ألفي نفس، وكان يدخل فيضرب بسيفه حتى ينثني ويخرج ويقول: لا تلوموني ولوموا هذا، ويقومه بعد ذلك. وذكر ابن حجر صاحب فتح الباري في التلخيص أنه ألف وخمسمائة، ما أحسن قول بعض شعراء الأندلس: فعاقر سيفك حتى انثنى * وعربد رمحك حتى انكسر وكم نبت في حربهم عن علي * وناب عن النهروان النهر (1)

(هامش)

(1) روى القوم أنه وجد رجل ذو الثدية بين قتلى الخوارج وقد نعته رسول الله (ص) ولعن أصحابه وأخبر أنهم يمرقون من الدين، وقد تقدم النقل عنهم في (ج 8 ص 475 إلى ص 519) وننقل ههنا عمن لم نرو عنهم هناك: منهم العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) (ص 42) روى عن زيد بن وهب الجهني أنه كان في الجيش الذي كانوا مع علي = (*)

ص 127

(هامش)

= ابن أبي طالب الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول: يخرج من أمتي قوم يقرؤن القرآن ليس قرائتكم إلى قرائتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤن القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا يجوز صلاتهم تراقيه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبوا منهم ما قضى الله لهم على لسان محمد صلّى الله عليه وآله وسلم لنكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض، فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرج الناس، فسيروا على اسم الله. ومنهم العلامة القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني في (مناقب الأئمة) (ص 67 نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) قال: وروى عنه أنه لما استولى (علي) عليهم بالنهروان وقتل منهم من قتل وأفلت منهم من بقي قال لأصحابه: اطلبوا فيهم ذا الثديين، وذكر أنه رجل له ثدي كثدي المرأة، فطلبوه فلم يجدوه فتغير لونه ثم قال: اطلبوه، فطلب بين القتلى فلم يود، فازداد قلقه ثم قال: اطلبوه، وقام بنفسه مشمرا لأذيال قباه إلى منطقته يهوش القتلى حتى ضج به من ناحية من النواحي: هذا هو يا أمير المؤمنين، فجاء وأمرهم أن يكشفوا عن صدره، فلما بصر به تجلت الغمة عنه قال: بهذا أخبرني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. ثم روى الحديث بمثل ذلك بأسانيده متعددة. = (*)

ص 128

(هامش)

= ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في (مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين) (ص 148 ط الهند) قال: وأخرج أحمد عن طارق بن زياد قال: خرجنا مع علي إلى الخوارج فقتلهم ثم قال: انظروا فإن نبي الله (ص) قال: إنه سيخرج قوم يتكلفون بالحق لا يجاوز حلوقهم يخرجون من الحق كما يخرج السهم من الرمية، سيماهم أن فيهم رجلا أسود مخدج اليد في يده شعرات سودان كان هو فقد قتلتم شر الناس وإن لم يكن هو فقد قتلتم خير الناس فبكيناهم. قال: اطلبوا فطلبنا فوجدنا المخدج، فخرج فخررنا سجودا وخر علي معنا ساجدا غير أنه قال: يتكلمون كلمة الحق. قال سلمة بن لهنا: فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوح حروراء، فرجعوا فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف فشجرهم الناس برماحهم فقتل بعضهم على بعض وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان، فقال علي: التمسوا فيهم بالمخدج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام علي بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض قال: أخروهم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر علي ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله. فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. قال: أي والله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف. أخرجه مسلم. = (*)

ص 129

(هامش)

= ومنهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (منتخب كنز العمال) (المطبوع بهامش المسند ج 5 ص 437 ط الميمنية بمصر) روى من طريق الطبراني في (الأوسط) عن علي قال: لقد علم أولوا العلم من أصحاب محمد (ص) وعائشة بنت أبي بكر فاسألوها أن أصحاب كوثى وذي الثدية ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى. عبد الغني بن سعيد في إيضاح الإشكال. ومنهم الحافظ الشيخ محمد المشتهر بشاه ولي الله الحنفي الدهلوي في (إزالة الخفاء) (ج 2 ص 108 ط مطبعة كراتشي) قال: أخرج البخاري والنسائي عن أبي سعيد الخدري قال: بينما النبي صلّى الله عليه وآله وسلم يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي، فقال: اعدل يا رسول الله. فقال له: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل. فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه. فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر في فذذه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نصله فلا يوجد قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود يديه - أو قال: ثدييه - مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر يخرجوه على حين فترة من الناس. قال: فنزلت فيهم (ومنهم من يلمزك في الصدقة) الآية. قال أبو سعيد: أشهد إني سمعت هذا من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وأشهد أن عليا حين قتلهم وأنا معه جئ بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. = (*)

ص 130

(هامش)

= ومنهم العلامة أبو العون وأبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد ابن سالم السفاريني الحنبلي النابلسي المولود سنة 1114 والمتوفى في أواخر المائة الثانية عشر في (نفثات صدر المكمد وقرة عين المسعد لشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد 9 (ج 2 ص 536 ط دار الكتب الإسلامية بدمشق) قال: قال أبو سعيد: أشهد إني سمعت هذا من رسول الله (ص) وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، وإنه أمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله (ص) الذي نعم (هم) أي الخوارج كلاب النار. ورواه ابن ماجة والحاكم من حديث ابن أبي أوفى أيضا. ورواه الإمام أحمد، والحاكم أيضا من حديث أبي أمامة رضي الله عنهما وقد روي أنه لما قتلهم عليّ عليه السّلامقال رجل من أصحابه: الحمد لله الذي أبادهم الله وأراحنا منهم. فقال علي رضي الله عنه: كلا والذي نفسي بيده أن منهم لمن في أصلاب الرجال لم تحمله النساء بعد وليكونن آخرهم لصاصا حراذين. ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل في عد مناقب الآل) (ص 143 مخطوط) قال: وعن عبد الله بن رافع رضي الله عنه مولى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال: إن الحرورية لما خرجته وهو مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فقالوا: الحكم إلا لله. فقال علي رضي الله عنه: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله = (*)

ص 131

(هامش)

= صلّى الله عليه وآله وسلم وصف ناسا إني لأعرف منهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إلى الله فيهم أسود إحدى يديه حلمة ثدي، فلما قتلهم رضي الله عنه قال: أنظروا، فنظروا فلم يجدوه، فقال: أرجوا والله ما كذب ولا كذبت مرتين أو ثلاثا، ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه. قال عبد الله: وأنا حاضر ذلك من أمره وقول علي فيه. أخرجه أبو حاتم. ومنهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في (المناقب) (ص 411 ط طهران) قال: أخبرنا أحمد بن المظفر، أنبأنا عبد الله بن محمد بن عثمان الحافظ الواسطي إجازة أن أحمد بن هرون بن أبي موسى حدثهم، قال نا أبو بكر بن محمد، نا وكيع وهو ابن الجراح، عن جرير بن حازم وأبي عمرو بن المعلى، عن محمد بن بسر، عن عبيدة السلماني قال: ذكر علي عليه السلام الخوارج فقال: فمنهم رجل مخدج اليد أو مثدد اليد فقال: لولا أن ينظروا لأخبرتكم ما وعد الله على لسان نبيه (ص) لمن قتلهم. فقلت لعلي: أسمعته من رسول الله؟ قال: أي ورب الكعبة أي ورب الكعبة. وفي حديث أبي موسى قال: قال رسول الله (ص) سيجئ قوم فمنهم رجل مخدج اليد أو موزون اليد أو مثدون اليد. وذكر مثله. ومنهم العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) (ص 42 مخطوط) روى الحديث عن عبيدة السلماني بعين ما تقدم عن (مناقب ابن المغازلي). = (*)

ص 132

(هامش)

= ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (مخطوط) روى الحديث عن عبيدة السلماني بعين ما تقدم عن (مناقب ابن المغازلي). ومنهم العلامة القاضي أبو الوليد الأندلسي الباجي في (المنتقى) (ج 2 ص 248) قال: حدثني عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول: يخرج فيكم قوم تحرقون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم، يقرؤن القرآن ولا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، تنظر في النصل فلا ترى شيئا وتنظر في القدح فلا نرى شيئا وتنظر في الريش فلا نرى شيئا وتتمارى في الفوق. ومنهم الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر المتوفى سنة 807 في كتابه (مجمع الزوائد) (ج 6 ص 235 ط مكتبة القدسي في القاهرة) روى من طريق الطبراني في الكبير والأوسط عن عامر بن سعيد بن أبي وقاص أن عمار بن ياسر قال لسعيد بن أبي وقاص: ما لك لا تخرج مع علي، أما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول ما قال فيه، قال: يخرج قوم من أمتي يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلهم علي بن أبي طالب - قالها ثلاث مرات - قال: أي والله لقد سمعته. = (*)

ص 133

(هامش)

= ومنهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في (مناقبه) (ص 57 ط طهران) قال: أخبرنا أحمد بن محمد، نا الحسين بن محمد العلوي العدل، نا أحمد بن محمد الصيدلاني، نا شعيب بن أيوب الصريفيني، نا يعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن حسين، عن سويد بن غفلة قال: قال علي عليه السلام: إذا حدثتكم عن رسول الله (ص) فإني والله لئن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله (ص)، وإذا حدثتكم فيما بيننا فإن الحرب خدعة، وإني سمعته يقول: يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية ألا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتهم فاقتلهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة. أخبرنا أحمد بن محمد، نا الحسين بن محمد، نا الجواربي، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن حامد الهمداني قال: سمعت سعد بن مالك يقول: قتل علي عليه السلام شيطان الردهة يعني المخدج. أخبرنا أحمد بن طاوان، قال نا الحسين بن محمد العدل، حدثنا الجواربي قال: حدثني أبي، نا محمد بن عقبة بن هرثم، نا سفيان بن عيينة، عن العلاء ابن أبي العباس، عن أبي الطفيل، عن بكر بن قرواش، عن سعد قال: ذكروا عنده ذا الثدية فقال: قال رسول الله (ص) شيطان الردهة راع الخيل أو راعي الخيل من بحسله. فقال له الأشهب أو ابن الأشهب: علامة في قوم ظلمة. قال سفيان: قال عمار الدهني: جاء به رجل منا يقال له الأشهب أو ابن الأشهب. قال: وحدثنا الجواربي، نا ابن رنجويه، نا عبد الرزاق، نا الثوري، عن سلمة بن كهيل. = (*)

ص 134

في أن عليا عليه السلام صرع إبليس

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في (مناقبه) (ص 300 ط طهران) قال: أخبرنا أحمد بن المظفر بن أحمد، أنبأ عبد الله بن محمد الحافظ، نبأ محمد ابن أبي شيخ، حدثني الحسين بن عبيد الله، نبأ إبراهيم بن سعيد الجوهري، نبأ المأمون، عن الشريد، حدثني المهدي، عن أبيه المنصور، عن أبيه قال: قال عكرمة عن ابن عباس: بينا النبي (ص) في بعض شعاب المدينة إذ سمع صلصلة شديدة، فقلت: يا رسول الله ما الذي نسمع؟ فقال النبي (ص): هذا إبليس في جيشه، فقال علي: يا رسول الله إني أحب أن أراه. فقال النبي: يا عدو الله تجلى لعلي. فتجلى فإذا شيخ قصير أبيض الشعر واللحية لحيته أطول منه له

(هامش)

= عن أبي الطفيل قال: مر ابن الكوا إلى علي عليه السلام فقال له: من الأخيرين أعمالا؟ قال: ويلك هم أهل حروراء. ومنهم العلامة الشيخ أبو الفضل محمد بن الشيخ جمال الدين عبد الله العاقولي الشافعي في (الرصف لما روي عن النبي من الفضل والوصف (ص 384 ط مكتبة الأمل السالمية بالكويت) قال: قال حدثنا الفريابي، قال حدثنا سفيان - يعني ابن عيينة - عن سلمة، عن أبي الطفيل. قال: سئل علي عن هذه الآية فذكر مثله. روى الحديث من طريق مسلم وأبي داود عن زيد بن وهب بعين ما تقدم عن (مناقب العشرة). (*)

ص 135

عينان في جبينه وعينان في صدره، فوثب علي فصرعه وقعد على صدره وقال: يا رسول الله ائذن لي فيه. فضحك رسول الله وقال: يا علي فأين النظرة إلى يوم القيامة.

مقاتلته عليه السلام مع الجن

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة السيد أحمد بن عبد الحميد العباسي من علماء القرن الثالث عشر في (عمدة الأخبار في مدينة المختار) (ص 256 ط مطبعة المدني بالقاهرة نشر السيد أسعد طرابزوني الحسيني) قال: بئر ذات العلم محركة بئر بين المدينة والصفراء تجاه الروحاء يقال: إن علي ابن أبي طالب قاتل الجن بها، وهي بئر متناهية بعد الرشا يكاد لا يلحق قعرها بئر العقبة - الخ.

ص 136

الباب الحادي عشر

في صبره عليه السلام

قد تقدم النقل عن القوم في (ج 8 ص 614) وننقل ههنا عمن لم نرو عنهم هناك: منهم العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) (ص 35 مخطوط) روى من طريق الثقفي في الأربعين عن علي قال: قال النبي (ص): يا علي كيف بك إذا زهد الناس في الآخرة ورغبوا في الدنيا وأكلوا التراث أكلا لما وأحبوا المال حبا جما واتخذوا دين الله دغلا ومال الله دولا. قلت: أتركهم وما اختاروا وأختار الله ورسوله والدار الآخرة وأصبر على مصيبات الدنيا وبلاويها حتى ألحق بك إن شاء الله تعالى. قال: صدقت، اللهم افعل ذلك به. أخرجه الثقفي (في الأربعين). ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 138 مخطوط) روى الحديث من طريق الحافظ السلفي عن علي بعين ما تقدم عن (مناقب

ص 137

العشرة). ومنهم العلامة الإسكافي في (المعيار والموازنة) (ص 232) قال: وبلغ من صبره أنه قعد عن خلافته قوم فلم يحبسهم ولم يكرههم، وتكلموا فلم يعاقبهم ولم ينفهم، وولاهم ما تولوا ولم يفعل بهم كما فعل من ذكرتم بسعد ابن عبادة وكما رويتم من نفي عثمان بن عفان لأبي ذر إلى الربذة، وما فعل بعمار وابن مسعود وغيرهم.

اصطباره عليه السلام على الفقر

قال العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) (ص 39 مخطوط) كان عليّ عليه السّلاموكرم وجهه صابرا على ضيق العيش صبرا جميلا. ومما ورد في ذلك ما رواه القوم وقد تقدم النقل عنهم في (ج 8 ص 615، إلى ص 617) وننقل ههنا عمن لم نرو عنهم هناك: منهم العلامة الشيخ محمد يوسف الحنفي في كتابه (حياة الصحابة) (ج 1 ص 461 ط دار القلم بدمشق) قال: وأخرج أحمد عن محمد بن كعب القرظي أن عليا رضي الله عنه قال: لقد رأيتني مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع وأن صدقة مالي لتبلغ أربعين ألف دينار. وفي رواية: وأن صدقتي اليوم لأربعون ألفا.

ص 138

ومنهم العلامة النقشبندي في (مناقب العشرة) (ص 37) روى الحديث من طريق أحمد عن علي بعين ما تقدم عن (حياة الصحابة) ومنهم العلامة الإسكافي في (المعيار والموازنة) (ص 238) قال: وبلغ من صبره ما إن كان الجوع إذا اشتد به وأجهده خرج حتى يؤجر نفسه في سقي الماء بكف تمر لا يسد جوعته ولا خلته، فإذا أعطي أجرته لم يستبده به وحده حتى يأتي به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وبه من الجوع مثل ما به، فيشتركان جميعا في أكله. فأين مثل هذه إلا له؟ [ظ] قيمة قميصه ثلاثة دراهم، ونفقته في كفه، ولقد أخرج يوما سيفه فقال: من يشتري هذا مني فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ أبو محمد زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري في (الترغيب والترهيب من الحديث الشريف) (ج 6 ص 43 ط مطبعة السعادة بمصر) قال: ورواه أبو يعلى ولم يسمه أيضا ولفظ: عن عليّ عليه السّلامقال: خرجت في غداة (شاتية) وقد أوبقني البرد، فأخذت ثوبا من صوف قد كان عندنا ثم أدخلته في عنقي وحزمته على صدري استدفئ به، والله ما في بيتي شيء آكل منه ولو كان في بيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلم شيء لبلغني، فخرجت في بعض نواحي المدينة فانطلقت إلى يهودي في حائط فاطلعت عليه من ثغرة في جداره،

ص 139

فقال: ما لك يا أعرابي هل لك في دلو بتمرة. قلت: نعم افتح لي الحائط. ففتح لي، فدخلت فجعلت أنزع الدلو ويعطيني تمرة حتى ملأت كفي قلت حسبي منك الآن، فأكلتهن ثم جرعت من الماء ثم جئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فجلست إليه في المسجد وهو مع عصابة من أصحابه، فطلع علينا مصعب بن عمير في بردة له مرقوعة بفروة وكان أنعم غلام بمكة وأرفهه عيشا، فلما رآه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ذكر ما كان فيه من النعيم ورأى حاله التي هو عليها، فذرفت عيناه فبكى ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: أنتم اليوم خير أم إذا غدى على أحدكم بجفنة من خبز ولحم وريح عليه بأخرى وغدا في خلة وراح في أخرى وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة. قلنا: بل نحن يومئذ خير نتفرع للعبادة. قال: بل أنتم اليوم خبر.

ص 140

الباب الثاني عشر

في توكله عليه السلام وثقته بالله تعالى

ونذكر له شواهد: منها ما رواه جماعة من أعلام القوم وقد تقدم النقل عنهم في (ج 8 ص 619 إلى 623 ص 280 ط الوهبية بمصر) روى عن أبي مجاز قال: جاء رجل من مراد إلى علي وهو يصلي في المسجد فقال: احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك. قال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه ما لم يقدر عليه، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه، وأن الأجل جنة حصينة.

ص 141

ومنهم العلامة الدينوري في (الإمامة والسياسة) (ج 1 ص 135 ط مطبعة الفتوح الأدبية بمصر) قال: جاء رجل من مراد إلي علي فقال له: يا أمير المؤمنين احترس فإن هنا قوما يريدون قتلك. فقال: إن لكل انسان ملكين يحفظانه فإذا جاء القدر خلياه. ومنهم العلامة الشيخ محمد يوسف بن الياس الهندي في (حياة الصحابة) (ج 2 ص 606 ط حيدر آباد الدكن) روى الحديث نقلا عن أبي نعيم من طريق ابن سعد وابن عساكر عن أبي مجاز بعين ما تقدم عن (تاريخ الخميس). ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في (مناقبه) (ص 160 مخطوط) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، قال حدثني أبي، عن أبيه، قال حدثنا سليمان الأعمش، قال حدثني الحسن بن كثير، عن أبيه، عن أبي سعيد الخثعمي قال: قلنا لعلي رضي الله عنه: ألا نحرسك من شرور هؤلاء الناس. فقال علي رضي الله عنه: نعم ما قلت أتستطيعون أن تحرسوني من السماء. قال: قلت لا فإنما إلا من السماء.

ص 142

ومنهم العلامة المولى محمد بن عبد الله بن عبد العلي القرشي الهاشمي الحنفي الهندي في (تفريح الأحباب في مناقب الآل والأصحاب) (ص 340 ط دهلي) روى الحديث بعين ما تقدم عن (تاريخ الخميس). ومنهم الحافظ ابن عساكر الدمشقي في (ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق) (ج 3 ص 293 ط بيروت) روى الحديث بعين ما تقدم عن (تاريخ الخميس). ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ محمد يوسف بن الياس الهندي في (حياة الصحابة) (ج 2 ص 605 ط حيدر آباد الدكن) عن قتادة قال: إن آخر ليلة أنت على عليّ عليه السّلامجعل لا يستقر، فارتاب به أهله فجعل يدس بعضهم إلى بعض حتى اجتمعوا فناشدوه قال: إنه ليس من عبد إلا ومعه ملكان يدفعان عنه ما لم يقدر - أو قال: ما لم يأت القدر - فإذا أتى القدر خليا بينه وبين القدر، ثم خرج إلى المسجد فقتل. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم:

ص 143

منهم العلامة المولى علي المتقي الهندي في (كنز العمال) (ج 15 ص 132 ط حيدر آباد الدكن) روى من طريق أبي نعيم في (الدلائل) عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: عرض لعلي رجلان في خصومة فجلس في أصل جدار، فقال رجل: الجدار يقع. فقال: امض كفى بالله حارسا، فقضى بينهما وقام ثم سقط الجدار. ومنهم العلامة الشيخ محمد يوسف بن الياس الهندي في (حياة الصحابة) (ج 2 ص 606 ط حيدر آباد) روى الحديث من طريق أبي نعيم بعين ما تقدم عن (كنز العمال). ومنهم العلامة المؤرخ المعاصر عطا حسني بك في (حلي الأيام وسيرة سيد الأنام) (ص 208 ط القاهرة) روى الحديث من طريق أبي نعيم في الدلائل بعين ما تقدم عن (كنز العمال). ومنهم العلامة المولوي محمد عبد الله بن عبد العلي القرشي الهاشمي الحنفي الهندي في (تفريح الأحباب في مناقب الآل والأصحاب) (ص 360 ط دهلي) روى الحديث بعين ما تقدم عن (كنز العمال). ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم:

ص 144

منهم الحافظ الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق) (ج 3 ص 290 ط دار التعارف في بيروت) قال: وأنبأنا أبو داود، أنبأنا محمد بن بشار، أنبأنا عبد الرحمن، أنبأنا زائدة بن قدامة، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن يعلى بن مرة قال: كان علي بالليل يخرج إلى المسجد ليصلي تطوعا وكان الناس يفعلون ذلك حتى كان زمن شبث الحروري، فقال بعضنا لبعض: لو جعلنا عليا عقبا يحضر كل ليلة منا عشرة فكنت في أول من حضر، فجاء علي عليه السلام ليلة فألقى درته ثم قام يصلي، فلما فرغ أتانا فقال: ما يجلسكم؟ قلنا: نحرسك. فقال: أتحرسوني من أهل السماء؟ قال: فإنه لا يكون في الأرض شيء حتى يقضى في السماء، وإن علي من الله جنة حصينة فإذا جاء أجلي كشف عني، وأنه لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه. ومنهم العلامة الشيخ محمد يوسف بن الياس الهندي في (حياة الصحابة) (ج 2 ص 605 ط حيدرآباد الدكن) روى الحديث من طريق أبي داود وابن عساكر عن يعلى بن مرة بعين ما تقدم عن (تاريخ دمشق). ومنهم الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في (المصنف) (ج 11 ص 124 ط بيروت) قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حفص عن يعلى بن مرة قال: اجتمعنا نفرا من أصحاب علي فقلت: لو حرسنا أمير

ص 145

المؤمنين إنه محارب ولا نأمن أن يغتال. قال: فبينا نحن نحرسه عند باب حجرته حتى خرج لصلاة الصبح فقال: ما شأنكم؟ قلنا: حرسناك يا أمير المؤمنين إنك محارب وخشينا أن تغتال فحرسناك. فقال أمن أهل السماء تحرسوني أم من أهل الأرض. قلنا: لا بل من أهل الأرض وكيف نستطيع أن نحرسك من أهل السماء. قال: فإنه لا يكون شيء في الأرض حتى يقدر في السماء وليس من أحد إلا قد وكل به ملكان يدفعان عنه ويكلانه حتى يجئ قدره فإذا جاء قدره خليا بينه وبين قدره. ومنهم العلامة القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني في (مناقب الأئمة) (ص 72 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) روى قوله عليه السلام بعين ما تقدم عن (تاريخ دمشق). ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الحافظ الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق) (ج 3 ص 289 ط دار التعارف في بيروت) قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر، أنبأنا عمر بن أحمد ابن عمر بن مسرور، أنبأنا الشيخ الزاهد أبو العباس عبيد الله بن محمد بن نافع، حدثني أبو عبد الله خلاف بن محمد بن سفيان بن زياد بن عبد الله بن مالك بن دينار، أنبأنا ابن أبي الدنيا، أنبأنا عبد الرحمن بن صالح، أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث

ص 146

قال: مر بنا علي بصفين وليس معه أحد، فقال: له سعيد: أما تخشى أن يقاتلك عدو فإني لا أرى معك أحدا. قال: إن لكل عبد حفظة يحفظونه لا يخر عليه حائط أو يتردى في بئر حتى إذا جاء القدر الذي قدر له خلت عنه الحفظة فأصابه ما شاء الله أن يصيبه. وقال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن محمد بن علي ابن أحمد، أنبأنا أحمد بن إسحاق النهاوندي، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن يعقوب التوني، أنبأنا أبو داود سليمان بن الأشعث، أنبأنا عبدة بن عبد الله، عن إسرائيل بن أبي إسحاق، عن عمرو بن أبي جندب قال: كنا جلوسا عند سيدنا سعيد بن قيس بصفين إذ جاء أمير المؤمنين متوكئا على عنزة وإن الصفين ليترائيان بعد ما اختلط الظلام، فقال له سعيد: أنت أمير المؤمنين؟ قال: نعم قال: سبحان الله أما تخاف أن يقتلك أحد. قال: لا إنه ليس من عبد إلا ومعه حفظة يحفظونه من أن يصيبه حجر أو يخر من جبل أو يقع أو يصيبه دابة حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه.

ص 147

الباب الثالث عشر

في خلوصه عليه السلام

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ عبد المجيد علي العدوي في (التحفة المرضية) (ص 130 ط القاهرة) قال: قيل: إن عليا رضي الله عنه رمى رجلا وقعد على صدره ليحتز رأسه فبصق الرجل في وجهه، فقام عنه وتركه، فسئل عن ذلك، فقال: إنه بصق في وجهي فخفت أن يكون قتلي له اغاطة مني، وما كنت أقتل إلا خالصا لوجه الله تعالى.

ص 148

الباب الرابع عشر

في كراهته عن إمارة القوم وعدم اكراهه من تخلف عنه في البيعة

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ علي يحيى معمر الأباضي في (الأباضية في موكب التاريخ) (ج 1 ص 210 ط مكتبة وهبة بالقاهرة) قال: وقبلها (أي الإمارة) علي بن أبي طالب مكرها وهو يقول للقوم: لأن أكون وزيرا خير لكم من أكون أميرا. ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة المآل) (ص 152 مخطوط) قال: واجتمع على بيعته المهاجرون والأنصار، وبويع له بالعراق والبصرة واليمن وغالب الأقطار، وتخلف نفر قليل في المدينة عن بيعته فلم يكرههم وسئل عنهم فقال: أولئك قوم قعدوا عن الحق ولم يقوموا مع الباطل. وكان ممن

ص 149

تخلف عن بيعته معاوية ومن معه من أهل الشام (1):

(هامش)

(1) روى الحافظ الشهير بابن عساكر في (ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق) (ج 3 ص 114) قال: محمد بن الحرث عن المدائني قال: لما دخل علي بن أبي طالب الكوفة دخل عليه رجل من حلفاء العرب فقال: والله يا أمير المؤمنين لقد زينت الخلافة وما زانتك، ورفعتها وما رفعتك، وهي كانت أحوج إليك منك إليها. ثم روى بسنده عن أبي عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: كنت بين يدي أبي جالسا يوم فجاءت طائفة من الكرخيين فذكروا خلافة أبي بكر وخلافة عمر ابن الخطاب وخلافة عثمان بن عفان فأكثروا وذكروا خلافة علي بن أبي طالب وزادوا فأطالوا، فرفع أبي رأسه إليهم فقال: يا هؤلاء قد أكثرتم في علي والخلافة والخلافة وعلي، إن الخلافة لم تزين عليا بل علي زينها. وذكر العلامة القاضي أبو يعلى محمد بن محمد بن الحسين بن خلف بن أحمد الحنبلي البغدادي المتوفى سنة 527 في كتابه (طبقات الحنابلة) (ج 1 ص 186 ط مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة) فقال: أنبأنا يوسف المهرواني، قال أخبرنا علي بن بشران، حدثنا أبو عمر محمد ابن عبد الواحد - قال: وأخبرني السياري قال: أخبرني أبو العباس بن مسروق الصوفي - فذكر الحديث بعين ما تقدم عن (تاريخ دمشق سندا ومتنا. وروى سنده عن مؤدب الواثق قال: سمعت إبراهيم بن رباح يقول: تستحق الخلافة بخمسة أشياء: بالقرب من رسول الله (ص)، والسبق إلى الإسلام، والزهد في الدنيا، والفقه في الدين، والنكاية في العدو فلم ير هذه الخمسة الأشياء إلا في علي.

ص 150

الباب الخامس عشر

في رأيه عليه السلام وتدبيره

ويكفى في ذلك ما ذكر العلامة ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (ج 1 ص 9 ط مطبعة دار الكتب العربية مصطفى البابي الحلبي بمصر) قال: وأما الرأي والتدبير فكان من أسد الناس رأيا وأصحهم تدبيرا، وهو الذي أشار على عمر لما عزم على أن يتوجه بنفسه إلى حرب الروم والفرس بما أشار وهو الذي أشار إلى عثمان بأمور كان صلاحه فيها ولو قبلها لم يحدث عليه ما حدث وإنما قال أعداؤه ولا رأى له لأنه كان متقيدا بالشرعية لا يرى خلافها ولا يعمل بما يقتضي الدين تحريمه، وقد قال عليه السلام: لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب. وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه ويستوقفه، سواء كان مطابقا للشرع أو لم يكن، ولا ريب أن من يعمل بما يؤدي إليه اجتهاده ولا يقف

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج18)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب