الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج19)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 401

عبد المطلب -: يا رسول الله رأيت رؤيا أعظمك أن أذكرها لك. قال: اذكريها. قالت: رأيت كأن بضعة منك قطعت فوضعت في حجري. فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن فاطمة حبلى تلد غلاما أسميه حسينا وتضعه في حجرك. قالت: فولدت فاطمة حسينا فكان في حجري أربيه، فدخل علي رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يوما وحسين معي فأخذه يلاعبه ساعة ثم ذرفت عيناه. فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: هذا جبرئيل يخبرني أن أمتي تقتل ابني هذا.

الحديث الخامس والعشرون

رواه في (ص 184): بسنده عن سعيد بن جمهان أن جبرئيل أتى النبيّ صلّى عليه وآله وسلم بتراب من تربة القرية التي قتل فيها الحسين وقيل: اسمها كربلا. فقال رسول الله صلّى عليه وآله وسلم: كرب وبلاء.

الحديث السادس والعشرون

رواه في (ص 185): بسنده عن محمد بن صالح أن رسول الله صلّى عليه وآله وسلم حين أخبره جبرئيل أن أمته ستقتل حسين بن علي، فقال: يا جبرئيل أفلا أراجع فيه؟ قال: لا لأنه أمر قد كتبه الله.

الحديث السابع والعشرون

رواه في (ص 239):

ص 402

بسنده عن أنس بن الحرث قال: سمعت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يقول : إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها كربلا، فمن شهد ذلك منكم فلينصره.

الحديث الثامن والعشرون

رواه في (ص 241): بسنده عن ابن عباس قال: أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم أني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا، وأنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا.

الحديث التاسع والعشرون

رواه في (ص 241): عن ابن سيرين قال: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي.

الحديث الثلاثون

رواه في (ص 242): بسنده عن خليفة قال: لما قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهارا حتى رأيت الجوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر.

ص 403

الحديث الحادي والثلاثون

رواه في (ص 243): بسندين عن ابن مسهر، حدثتني جدتي قالت: كنت أيام الحسين جارية شابة فكانت السماء أياما علقة.

 الحديث الثاني والثلاثون

رواه في (ص 243): بسنده عن خلاد صاحب السمسم - وكان ينزل بني جحدر - قال: قالت: كنا زمانا بعد مقتل الحسين وإن الشمس تطلع محمرة على الحيطان والجدران بالغداة والعشي، قالت: وكانوا لا يرفعون حجرا إلا وجدوا تحتها دما. بسنده عن عيسى بن الحارث الكندي قال: لما قتل الحسين مكثنا سبعة أيام إذا صلينا العصر نظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضا.

الحديث الثالث والثلاثون

رواه في (ص 243): بسنده عن الربيع بن منذر الثوري عن أبيه قال: جاء رجل يبشر الناس بقتل الحسين فرأيته أعمى يقاد.

ص 404

الحديث الرابع والثلاثون

رواه في (ص 244): بسنده عن نصرة الأزدية، قالت: لما أن قتل الحسين بن علي مطرت السماء دما فأصبحت وكل شيء لنا ملآن دما.

الحديث الخامس والثلاثون

رواه في (ص 244): بسنده عن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي.

الحديث السادس والثلاثون

رواه في (ص 245): بسنده عن محمد، قال: تعلم هذه الحمرة في الأفق مم هو؟ فقال: من يوم قتل الحسين بن علي.

الحديث السابع والثلاثون

رواه في (ص 245): بسنده عن محمد بن سيرين، قال: لم تكن ترى هذه الحمرة في السماء حتى قتل الحسين بن علي.

ص 405

الحديث الثامن والثلاثون

رواه في (ص 246): بسنده عن جعفر بن سليمان، قال: حدثتني خالتي أم سالم قالت: لما قتل الحسين بن علي مطرنا مطرا كالدم على البيوت والجدر.

الحديث التاسع والثلاثون

رواه في (ص 246): روى بسنده عن بواب عبيد الله بن زياد أنه لما جئ برأس الحسين فوضع بين يديه، رأيت حيطان دار الإمارة تتساير دما.

الحديث الأربعون

رواه في (ص 247): بسنده عن أم حيان قالت: يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثا، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئا فجعله على وجهه إلا احترق، ولم يقلب حجر بيت المقدس إلا أصبح تحته دم عبيط.

الحديث الحادي والأربعون

رواه في (ص 247):

ص 406

بسنده عن معمر قال: أول ما عرف الزهري أنه تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري - زاد عبد الكريم وابن السمرقندي: بلغني. وقالوا: - إنه لم يقلب حجر إلا - زاد ابن السمرقندي. وجد تحته. وقال البيهقي إلا - وتحته دم عبيط.

الحديث الثاني والأربعون

رواه في (ص 248): بسنده عن عمر بن علي عن أبيه، قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كشف يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عبيط.

الحديث الثالث والأربعون

رواه في (ص 248): بسنده عن يزيد بن أبي زياد، قال: قتل الحسين ولي أربعة عشر سنة. وقال: وصار الورس الذي كان في عسكرهم رمادا، واحمرت آفاق السماء، ونحروا ناقة له في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.

الحديث الرابع والأربعون

رواه في (ص 249):

ص 407

بسنده عن ابن أبي حفصة السلولي قال: إن كان الورس من ورس الحسين يقال به هكذا فيصير رمادا.

الحديث الخامس والأربعون

رواه في (ص 249): بسنده عن أم عيينة: أن حمالا كان يحمل ورسا فهوى قتل الحسين بن علي فصار ورسه رمادا.

الحديث السادس والأربعون

رواه في (ص 249): رواه بسنده عن أبي حميد الطحان، قال: كنت في خزاعة فجاؤا بشيء من تركة الحسين، فقيل لهم: ننحر أو نبيع فنقسم؟ قالوا: انحروا. قال: فنحر فجعل على جفنة فلما وضع صارت نارا.

الحديث السابع والأربعون

رواه في (ص 250): بسنده عن جميل بن مرة، قال: أصابوا إبلا في عسكر الحسين يوم قتل فنحروها وطبخوها، قال: فصارت مثل العلقم فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئا.

ص 408

الحديث الثامن والأربعون

رواه في (ص 250): بسنده عن شيخ من النخع قال: قال الحجاج: من كان له بلاء فليقم. فقام قوم فذكروا بلاءهم، وقام سنان بن أنس فقال: أنا قاتل الحسين، فقال الحجاج: بلاء حسن، ورجع سنان إلى منزله فاعتقل لسانه وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث في مكانه.

الحديث التاسع والأربعون

رواه في (ص 251): بسندين عن أبي رجاء قال: لا تسبوا عليا، يا لهفتا على أسهم رميتهم بهن يوم الجمل مع ذاك لقد قصرن - والحمد لله - عنه. ثم قال: إن جارا لنا من بلهجيم جاءنا من الكوفة، فقال: ألم تروا إلى الفاسق ابن الفاسق قتله الله يعني الحسين بن علي. قال: فرماه الله بكوكبين في عينيه فذهب بصره لعنه الله.

الحديث الخمسون

رواه في (ص 252): روى بسنده عن أبي زحر بن حصين، أنبأنا إسماعيل بن داود بن أسد، حدثني أبي، عن مولى لبني سلامة قال: كنا في ضيعتنا بالنهرين ونحن نتحدث بالليل، ما أحد ممن أعان على قتل الحسين خرج من الدنيا حتى يصيبه بلية. قال:

ص 409

وكان معنا رجل من طي فقال الطائي: أنا ممن أعان على قتل الحسين فما أصابني إلا خير. قال: وغشى السراج، فقام الطائي يصلحه فعلقت النار في سباحته، فمر يعدو نحو الفرات فرمى بنفسه في الماء، فتبعناه فجعل إذا انغمس في الماء فرقت النار على الماء فإذا ظهر أخذته حتى قتلته.

الحديث الحادي والخمسون

رواه في (ص 254): بسنده عن ابن السدي عن أبيه قال: كنا غلمة نبيع البز في رستاق كربلا، قال: فنزلنا برجل من طي، قال: فقرب إلينا العشاء قال: فتذاكرنا قتلة الحسين، قال: فقلنا ما بقي أحد ممن شهد كربلا من قتلة الحسين إلا وقد أماته الله ميتة سوء - أو بقتلة سوء - قال: فقال: ما أكذبكم يا أهل الكوفة تزعمون أنه ما بقي أحد ممن شهد قتلة الحسين إلا وقد أماته الله ميتة سوء - أو قتلة سوء - وإني لممن شهد قتلة الحسين وما بها أكثر ما لامني. قال: فنزعنا أيدينا عن الطعام، قال: وكان السراج يوقد، قال: فذهب ليطفئ السراج. قال: فذهب ليخرج الفتيلة بإصبعه، قال: فأخذت النار بإصبعه، قال: ومدها إلى فيه فأخذت بلحيته، قال: فحضر - أو قال: فأحضر - إلى الماء حتى ألقى نفسه فيه قال: فرأيته يتوقد فيه النار حتى صار حممة.

الحديث الثاني والخمسون

رواه في (ص 256):

ص 410

بسندين عن سفيان قال: حدثتني امرأتي قالت: أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين، فأما أحدهما فطال ذكره حتى كان يلفه، وأما الآخر فكان يستقبل الراوية فيشربها حتى يأتي على آخرها. قال سفيان: أدركت ابن أحدهما به خبل أو نحو هذا. بسنده عن علقمة بن وائل - أو وائل بن علقمة - أنه شهد ما هناك قال: قام رجل فقال: أفيكم الحسين؟ قالوا: نعم. قال: أبشر بالنار. قال: بل أبشر برب رحيم وشفيع مطاع من أنت؟ قال: أنا جويزة. قال: اللهم جزه إلى النار. فنفرت به الدابة فتعلقت به رجله في الركاب، فوالله ما بقي عليها منه إلا رجله.

الحديث الثالث والخمسون

رواه في (ص 257): بسندين عن أنس بن مالك، قال: لما أتي برأس الحسين - يعني إلى عبيد الله ابن زياد - قال: فجعل ينكت بقضيب في يده ويقول: إن كان لحسن الثغر، فقلت: والله لأسوءنك، لقد رأيت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه.

الحديث الرابع والخمسون

رواه في (ص 259): بسنده عن السبيعي، أنبأنا زيد بن أرقم، قال: كنت عند عبيد الله بن زياد لعنه الله، إذ أتي برأس الحسين بن علي فوضع في طست بين يديه، فأخذ

ص 411

قضيبا فجعل يفتر به عن شفتيه وعن أسنانه، فلم أر ثغرا قط كان أحسن منه كأنه الدر، فلم أتمالك أن رفعت صوتي بالبكاء، فقال: ما يبكيك أيها الشيخ؟ قال قلت: يبكيني ما رأيت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يقبل بعض موضع هذا القضيب ويلثمه ويقول: اللهم إني أحبه.

الحديث الخامس والخمسون

رواه في (ص 260): بسنده أن زيد بن أرقم خرج من عنده - يعني ابن زياد - يومئذ وهو يقول: أما والله لقد سمعت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يقول: اللهم إني استودعكه وصالح المؤمنين، فكيف حفظكم لوديعة رسول الله صلّى عليه وآله وسلم.

الحديث السادس والخمسون

رواه في (ص 261): بسنده عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فيما يرى النائم بنصف النهار أغبر أشعث وبيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل منذ اليوم التقطه.

الحديث السابع والخمسون

رواه في (ص 263): بسنده عن سلمى قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقلت: ما يبكيك؟

ص 412

قالت: رأيت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفا.

الحديث الثامن والخمسون

رواه في (ص 266): بخمسة أسانيد أخبرني عمار، قال: سمعت أم سلمة قالت: سمعت الجن يبكين على الحسين. قال: وقالت أم سلمة: سمعت الجن تنوح على الحسين.

الحديث التاسع والخمسون

رواه في (ص 271): بثلاثة أسانيد أخبرني إمام مسجد بني سليم قال: غزا أشياخ لنا الروم فوجدوا في كنيسة من كنائسهم: كيف ترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب.

الحديث الستون

رواه في (ص 273): بسنده عن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي احتزوا رأسه وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ ويتحيون بالرأس فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب بسطر دم: أترجو أمة قتلت حسينا * شفاعة جده يوم الحساب فهربوا وتركوا الرأس ثم رجعوا.

ص 413

الحديث الحادي والستون

رواه في (ص 298): بسنده عن الفضل بن الزبير، قال: كنت جالسا عند شخص، فأقبل رجل فجلس إليه ورائحته رائحة القطران فقال له: يا هذا أتبيع القطران؟ قال: ما بعته قط. قال: فما هذه الرائحة؟ قال: كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد، وكنت أبيعهم أوتاد الحديد، فلما جن علي الليل رقدت فرأيت في نومي رسول الله صلّى عليه وآله وسلم ومعه علي وعلي يسقي [ظ] القتلى من أصحاب الحسين، فقلت له: اسقني فأبى. فقلت يا رسول الله مره يسقيني. فقال: ألست ممن عاون علينا؟ فقلت: يا رسول الله والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم ولكني كنت أبيعهم أوتاد الحديد. فقال: يا علي اسقه. فناولني قعبا مملوءا قطرانا فشربت منه قطرانا، ولم أزل أبول القطران أياما ثم انقطع ذلك البول مني وبقيت الرائحة في جسمي.

الحديث الثاني والستون

رواه في (ص 299): بسنده عن أبي النظر الجرمي قال: رأيت رجلا سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره فقال: كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد، فلما جاء الليل رقدت فرأيت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم في المنام [و] بين يديه طست فيها

ص 414

دم وريشة في الدم، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد، فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم فأتي بي فقلت: يا رسول الله والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم. قال: أفلم تكثر عدونا؟ وأدخل إصبعيه في الدم - السبابة والوسطى - وأهوى بهما إلى عيني فأصبحت وقد ذهب بصري.

ص 415

نبذة من كلمات الإمام الحسين عليه السلام

(فمن دعائه عليه السلام)

اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليه رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيته، فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية. رواه في ترجمة الإمام الحسين بن علي من تاريخ دمشق (ص 214 ط بيروت) وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم في (ج 11 ص 613).

(ومن خطبة له عليه السلام)

قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: قد نزل بنا ما ترون من الأمر، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها واستمرت حتى لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون [أن] الحق

ص 416

لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما. رواها في ترجمة الإمام الحسين بن علي ع من تاريخ دمشق ص 214 وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم في (ج 11 ص 605 إلى ص 607).

(ومن خطبة له عليه السلم في غداة اليوم الذي استشهد فيه)

عباد الله اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد، كانت الأنبياء أحق بالبقاء، وأولى بالرضاء، وأرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء، فجديدها بال ونعيمها مضمحل وسرورها مكفهر، والمنزل بلغة والدار قلعة، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى فاتقوا الله لعلكم تفلحون. رواها في ترجمة الإمام الحسين بن علي ع من تاريخ دمشق (ص 21 ط بيروت) وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم في (ج 11 ص 614).

(ومن خطبة له عليه السلام)

لما استكف الناس بالحسين ركب فرسه ثم استنصت الناس فأنصتوا له فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبيّ صلّى عليه وآله وسلم ثم قال: تبا لكم أيتها الجماعة وترحا، أحين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، شحذتم علينا سيفا كان في أيماننا، وحششتم علينا نارا قدحناها على عدوكم وعدونا، فأصبحتم البا على أوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم بغير عدل

ص 417

رأيتموه بثوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم ومن غير حدث كان منا ولا رأي بفيل فينا فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا تركتمونا والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لم يستخف، ولكن استصرعتم إلينا طيرة الدبا وتداعيتم إلينا كتداعي الفراش قيحا وحكة وهلوعا وذلة لطواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب ونبذة الكتاب وعصبة الآثام، وبقية الشيطان، ومحرفي الكلام ومطفئي السنن وملحقي العهرة بالنسب، وأسف المؤمنين، ومزاح المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون. أفهؤلاء تعضدون؟ وعنا تتخاذلون؟ أجل والله الخذل فيكم معروف، وشجت عليه عروقكم واستأزرت عليه أصولكم فأفرعكم فكنتم أخبث ثمرة شجرة للناظر (و) وأكلة للغاصب [ظ] ألا فلعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الإيمان بعد توكيدها وقد جعلوا الله عليهم كفيلا. ألا وإن البغي ابن البغي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الدنية أبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وبطون طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية [أن] تؤثر مصارع الكرام على ظآر اللثام. ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قل العدد وكثرة العدو، وخذلة الناصر [ثم تمثل عليه السلام بقول الشاعر]: فإن نهزم فهزامون قدما * وإن نهزم فغير مهزمينا وما إن طبنا جبن ولكن * منايانا وطعمة آخرينا ألا ثم لا تلبثون إلا ريث ما يركب فرس حتى تدار بكم دور الرحا ويفلق بكم فلق المحور عهدا عهده النبي إلى أبي فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون [ إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ].

ص 418

رواها في ترجمة الإمام الحسين بن علي ع ص 215 ط بيروت وتقدم نقلها عن غيره من كتب القوم (ج 11 ص 624 إلى ص 627).

(ومن كلام له عليه السلام)

يا نافع من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس، مائلا إذا كبا عن المنهاج ظاعنا بالاعوجاج، ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل. يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق وبعيد غير مستقصى، يوحد ولا يبغض، معروف بالآيات موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال. رواه في أهل البيت (ص 436) قال: لما قال له نافع بن الأزرق رأس الخوارجة الأزارقة: صف إلهك، فذكره ثم قال: فبكى ابن الأزرق وقال: ما أحسن كلامك. فقال له الإمام الحسين: بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي. قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام ونجوم الأحكام. فقال الحسين: إني سائلك عن مسألة. فقال: سل، فسأله عن قوله تعالى وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة ، فقال يا ابن الأزرق: من حفظ في الغلامين. فقال: أبوهما. فقال الإمام الحسين: أبوهما خير أم رسول الله؟ فقال ابن الأزرق: قد أنبأنا الله تعالى عنكم أنكم قوم خصمون.

(ومن كلام له عليه السلام لما عرض عبيد الله بن عمر له الخلافة لو خالف أباه عليه السلام)

كلا والله، لا أكفر بالله وبرسوله وبوصي رسول الله، اخسأ ويلك من...

ص 419

شيطان مارد، فلقد زين لك الشيطان سوء عملك فخدعك حتى أخرجك من دينك باتباع القاسطين نصرة هذا المارق من الدين، لم يزل هو وأبوه حربيين وعدوين لله ولرسوله وللمؤمنين، فوالله ما أسلما ولكنهما استسلما خوفا وطمعا، فأنت اليوم تقاتل عن غير متذمم. رواه في الفتوح (ج 3 ص 56 ط حيدرآباد). ثم قال: فضحك عبيد الله بن عمر ثم رجع إلى معاوية فقال: إني أردت خديعة الحسين وقلت له كذا وكذا فلم أطمع في خديعته. فقال معاوية: إن الحسين بن علي لا يخدع وهو ابن أبيه.

(ومن كلامه عليه السلام)

أيها الناس نافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، ولا تحتسبوا بمعروف لم تعجلوه، واكتسبوا الحمد بالنجح، ولا تكتسبوا بالمطل ذما، فمهما يكن لأحد صنيعة له رأي أنه لا يقوم بشكرها فالله مكاف له، فإنه أجزل عطاء وأعظم أجرا. اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم، ولا تملوا النعم فتحور نقما، واعلموا أن المعروف مكسب حمدا ومعقب أجرا، فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين ويفوق العالمين، ولو رأيتم اللؤم رجلا رأيتموه سمجا مشوها تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار. أيها الناس من جاد ساد، ومن بخل رذل، وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه، وإن أعفى الناس من عفا من قدرة، وإن أوصل الناس من وصل من قطعه، والأصول على مغارسها بفروعها تسمو. من تعجل لأخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا، ومن أراد الله تعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها في وقت حاجته، وصرف عنه من بلاء الدنيا ما هو أكثر منه، ومن نفس كربة مؤمن فرج الله عنه

ص 420

كرب الدنيا والآخرة، ومن أحسن أحسن الله إليه والله يحب المحسنين. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 101 ط بيروت).

(ومن كلامه عليه السلام لجعيد)

يا جعيد ابن الناس أربعة: فمنهم من له خلاق وليس له خلق، ومنهم من له خلق وليس له خلاق، ومنهم من ليس له خلق ولا خلاق، ومنهم من له خلق وخلاق، فذاك أفضل الناس. رواه في العقل وفضله (ص 26 ط السيد عزت العطار) قال: حدثنا أبو بكر، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا أبو عثمان، عن سهل ابن شعيب، عن قنان النهمي، عن جعيد بن عبد الله الهمداني: أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قاله.

(ومن كلامه عليه السلام)

من جاد ساد، ومن بخل رذل، ومن تعجل لأخيه خيرا وجده إذا قدم على ربه غدا. رواه في الحدائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية (ص 33 ط المطبعة الدرويشية في دمشق).

(ومن كلامه ع حين التزم الركن الأسود)

إلهي نعمتني فلم تجدني شاكرا، وأبليتني فلم تجدني صابرا، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر، ولا أدمت الشدة بترك الصبر. إلهي لا يكون من

ص 421

الكريم إلا الكرم. رواه في الحدائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية (ص 33 ط المطبعة الدرويشية في دمشق)، وتقدم نقله عن غيره من كتب القوم في (ج 11 ص 595).

(ومن كلامه ع للنافع)

يا نافع إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس سائلا ناكبا عن المنهاج، ظاعنا بالاعوجاج، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل. يا ابن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه وأعرفه بما عرف به نفسه: لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق، وبعيد غير منتقص، يوحد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال. فبكى ابن الأزرق وقال: يا حسين ما أحسن كلامك. قال له الحسين: بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي؟ قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام ونجوم الأحكام. فقال له الحسين: إني سائلك عن مسألة قال: أسأل. فسأله عن هذه الآية وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة . يا ابن الأزرق من حفظ في الغلامين؟ قال ابن الأزرق: أبوهما؟ قال الحسين: فأبوهما خير أم رسول الله صلّى عليه وآله وسلم؟ قال ابن الأزرق قد أنبأنا الله تعالى أنكم قوم خصمون. رواه بسنده في ترجمة السبط الشهيد من تاريخ دمشق (ص 157 ط بيروت) ورواه في (الحدائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية (33 ط مطبعة الدرويشية في دمشق).

ص 422

(ومن كلامه عند قبر أخية الحسن يوم استشهد)

رحمك الله أبا محمد إن كنت لناصر الحق مظانه، وتؤثر الله عند مداحض الباطل في مواطن البقية بحسن الروية، وتستشف جليل معاظم الدين بعين لها حاضرة، وتقبض يدا طاهرة، وتردع ما ردة أعدائك بأيسر المؤنة، وأنت ابن سلالة النبوة، ورضيع لبان الحكمة، وقد صرت إلى روح وريحان وجنة نعيم، أعظم الله لنا ولكم الآجر عليه ووهب لنا ولكم السلوة وحسن الأسى عليه. رواه في ترجمة الإمام الحسن بن علي عليه السلام من تاريخ دمشق (ص 233 ط بيروت). بسنده عن ابن سماك قال قاله الحسين ع عند قبر أخيه الحسن ع يوم مات، وقد تقدم نقله عن غيره من الكتب في (ج 11 ص 597).

(ومن كلامه عليه السلام)

من أحبنا لله وردنا نحن وهو على نبينا صلى الله عليه وسلم هكذا - وضم إصبعيه - ومن أحبنا للدنيا فإن الدنيا تسع البر والفاجر. رواه في ترجمة السبط الشهيد من تاريخ دمشق (ص 159 ط بيروت).

(ومن كلامه عليه السلام)

إذا وردت على العاقل ملمة قمع الحزن بالحزم، وقرع العقل للاحتيال. ورواه في التذكرة الحمدونية (ص 376 ط بيروت).

(ومن كلامه عليه السلام)

اصبر على ما تكره فيما يلزمك الحق، واصبر على ما تحب مما يدعوك إليه الهوى.

ص 423

(ومن منظوماته عليه السلام)

فإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فإن ثواب الله أعلى وأنبل

وإن تكن الأبدان للموت أنشئت * فقتل امرئ في الله بالسيف أفضل

وإن تكن الأرزاق قسما مقدرا * فقلة حرص المرء في الكسب أجمل

وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به المرء يبخل

رواه في مطالب السؤل في مناقب آل الرسول ص 73 ط طهران. قال ما لفظه: وقال - أي صاحب كتاب الفتوح - وقد التقاه وهو متوجه إلى الكوفة الفرزدق بن غالب الشاعر فقال له: يا بن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته فترحم على مسلم وقال صار إلى روح الله ورضوانه أما إنه قضى ما عليه وبقي ما علينا وأنشأها. ورواه في عيون التواريخ (ج 3 ص 47 نسخة موجودة في مكتبة اسلامبول). وقد تقدم نقله عن غيره من كتب القوم في (ج 11 ص 637).

ص 424

(ومن منظومه عليه السلام)

هذا غلام كرم الر * حمن بالتطهير جديه

كساه القمر القمقام * من نور سنائيه

ولو عدد طماح * نفحنا عن عداديه

وقد أرضيت من شعري * وقومت عروضيه

فلما سمع الأعرابي قول الحسين قال: بارك الله عليكما مثلكما نحلته الرجال وعن مثلكما قامت النساء، فوالله لقد انصرفت وأنا محب لكما راض عنكما، فجزاكما الله خيرا وانصرف. رواه في مطالب السؤل في مناقب آل الرسول (ص 69 ط طهران). قال: قاله عليه السلام في أخيه الحسن مخاطبا لأعرابي.

(ومن منظومه عليه السلام)

غدر القوم وقدما رغبوا * عن ثواب الله رب الثقلين

قتلوا قدما عليا وابنه * حسن الخير كريم الأبوين

حنقا منهم وقالوا جمعوا * نفتك الآن جميعا يا حسين

يالقوم لأناس رذل * جمعوا الجمع لأهل الحرمين

ثم ساروا وتواصوا كلهم * باحتياجي للرضا بالملحدين

لم يخافوا الله في سفك دمي * لعبيد الله نسل الفاجرين

وابن سعد قد رماني عنوة * بجنود كوكوف الهاطلين

لا لشيء كان مني قبل ذا * غير فخري بضياء الفرقدين

بعلي الخير من بعد النبي * والنبي القرشي الوالدين

ص 425

خيرة الله من الخلق أبي * ثم أمي فأنا ابن الخيرتين

فضة قد خلصت من ذهب * فأنا الفضة بين الذهبين

من له جد كجدي في الورى * أو كشيخي وأنا ابن القمرين

فاطم الزهراء أمي وأبي * قاصم الكفر ببدر وحنين

وله في يوم أحد وقعة * شنق الغل بفض العسكرين

ثم بالأحزاب والفتح معا * كان فيها حتف أهل القبلتين

في سبيل الله ماذا صنعت * أمة السوء معا بالخيرتين

عترة البر النبي المصطفى * وعلي الورد بين الجحفلين

رواه محمد بن طلحة الشافعي المتوفى سنة 652 في كتابه مطالب السؤل في مناقب آل الرسول ص 73 ط طهران، قال ما لفظه: نقلها صاحب كتاب الفتوح وأنه لما أحاط به جموع ابن زياد تقدمهم عمر بن سعد وقصدوه وقتلوا من أصحابه ومنعوهم الماء كان ولد صغير فجاءه سهم فقتله حرملة وحفر له بسيفه وصلى عليه ودفنه وقال هذه الأبيات. وقد تقدم نقله عن غيره من كتب القوم في (ج 11 ص 644).

(ومن منظومه عليه السلام)

عن الحسن بن إبراهيم قال: بلغني أن الحسين زار مقابر الشهداء بالبقيع فقال:

ناديت سكان القبور فأسكتوا * وأجابني عن صمتهم ترب الحثا

قالت أتدري ما صنعت بساكني * مزقت لحمهم ومزقت الكسا

ص 426

وحشوت أعينهم ترابا بعد ما * كانت تأذى باليسير من القذا

أما العظام فإنني فرقتها * حتى تباينت المناصل والشوا

قطعت ذا من ذا ومن هذا كذا * فتركتها رمما يطول بها لبلى

رواه في عيون التواريخ ج 3 ص 47 النسخة المخطوطة في اسلامبول عن إسحاق بن إبراهيم قال: بلغني أن الحسين زار مقابر الشهداء بالبقيع فقاله.

(ومن منظومه عليه السلام)

كلما زيد صاحب المال مالا * زيد في همه وفي الأشغال

قد عرفناك يا منغصة العيش * ويا دار كل فان وبالي

ليس يصفو الزاهد طلب الزهد * إذا كان مثقلا بالعيال

رواه في عيون التواريخ (ص 47) من نسخة موجودة في اسلامبول.

(ومن منظومه في تكريم بنته سكينة)

لعمرك إنني لأحب دارا * تكون بها السكينة والرباب

أحبهما وأبذل جل مالي * وليس لعاذل عندي عتاب

ولست لهم وإن غابوا مضيعا * حياتي أو يفنيني التراب

كأن الليل موصول بليل * إذا زارت سكينة والرباب

رواه في أهل البيت (ص 420). وروى شطرا منها في زاد المسلم (ج 1 ص 367 ط الحلبي بالقاهرة). وذكر البيتين الأولين بعين ما تقدم لكنه ذكر بدل كلمة لعاذل: للائمي. وقد تقدم نقله عن غيرهما من كتب القوم في (ج 11 ص 638).

ص 427

أنموذج مما ورد في عبادة الحسين (عليه السلام)

منها

ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 11 ص 418) وننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم الفاضل المعاصر العلامة توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 451 ط السعادة بالقاهرة) قال: وقد روى ابن عبد ربه في العقد الفريد قيل لعلي بن الحسين: ما كان أقل ولد أبيك؟ قال: العجب كيف ولدت له، كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، فمتى كان يتفرغ للنساء.

ص 428

ومنها

ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 10 ص 536) وننقل هيهنا عمن لم ننقل عنه هناك: فمنهم الحافظ ابن عساكر في ترجمة ريحانة الرسول الإمام الشهيد من تاريخ دمشق (ص 149 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أنبأنا الحسين بن علي، أنبأنا محمد بن العباس أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا يعلى بن عبيد، أنبأنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: حج الحسين بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا ونجائبه تقاد معه. قال : وأنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: إن الحسين بن علي حج ماشيا وإن نجائبه تقاد وراءه. رواه زهير بن معاوية، عن عبيد الله بن الوليد، فقال: الحسن بن علي. وقد تقدم في ترجمته. وفي تعليقة الكتاب ذكره الخطيب تحت الرقم (4190) من تاريخ بغداد ج 8 ص 92 وقال: الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم بن محرز بن إبراهيم أبو علي، سمع خلف بن هشام البزار، ويحيى بن معين ومصعبا الزبيري ومحمد بن سعد كاتب الواقدي... وذكره أيضا تحت الرقم (701) من تذكرة الحفاظ ج 2 ص 680، وذكره أيضا المحقق النجاشي في ترجمة أبي رافع من فهرسه ص 3.

ص 429

ومنهم العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 3 ص 287 ط بيروت) قال: وقال مصعب الزبيري: حج الحسين خمسا وعشرين حجة ماشيا.

أمره أصحابه بالورع

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد البغدادي الشافعي الأشعري المولود سنة 392 والمتوفى سنة 463 صاحب تاريخ بغداد في المتفق والمفترق (ج 10 ص 117 مخطوط) قال: أخبرنا أبو الفرج الحسن بن علي الطماحيزي، أخبرنا عن أحمد الواعظ، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن عقبة، حدثنا إبراهيم بن هراسة حدثنا سفيان، عن أبي الجحاف، عن موسى بن عمير، عن أبيه قال: أمرني الحسين بن علي قال: ناد أن لا يقتل معي رجل عليه دين ونادبها في الموالي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: من مات وعليه دين أخذ من حسناته يوم القيامة. وقال: رواه أبو إسحق الفزاري عن سفيان الثوري موقوفا غير مرفوع. وقال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا محمد بن أحمد بن النصر، حدثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحق، عن سفيان، عن أبي الجحاف، عن موسى بن عمير الأنصاري، عن

ص 430

أبيه قال: أمرني حسين بن علي فقال: ناد في الناس أن لا يقاتلن معي رجل عليه دين فإنه ليس من رجل يموت وعليه دين لا يدع له وفاء إلا دخل النار. فقام إليه رجل فقال: إن امرأتي تكفلت عني. فقال: وما كفالة امرأة وهل تقضي امرأة.

ص 431

جملة مما ورد في كرمه عليه السلام

منها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 434 ط السعادة بالقاهرة) قال: روى ابن عساكر في تاريخ دمشق أن سائلا خرج يتخطى أزقة المدينة حتى أتى باب الحسين، فقرع الباب وأنشأ يقول: لم يخب اليوم من رجاك ومن * حرك من خلف بابك الحلقه فأنت ذو الجود أنت معدنه * أبوك قد كان قاتل الفسقة وكان الحسين واقفا يصلي، فخفف من صلاته وخرج إلى الأعرابي فرأى عليه أثر ضر وفاقة، فرجع ونادى بقنبر فأجابه: لبيك يا ابن رسول الله ص . قال: ما تبقي معك من نفقتنا؟ قال: مائتا درهم أمرتني بتفريقها في أهل بيتك.

ص 432

فقال: هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم، فأخذها وخرج يدفعها إلى الأعرابي وأنشأ يقول:

خذها فإني إليك معتذر * واعلم بأني عليك ذو شفقة

لو كان في سيرنا عصا تمد إذن * كانت سمانا عليك مندفقة

لكن ريب الزمان ذو نكد * والكف منا قليلة النفقة

فأخذها الأعرابي وولى وهو يقول:

مطهرون نقيات جيوبهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا

وأنتم أنتم الأعلون عندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور

ومنها ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 11 ص 444) وإنما ننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة الشيخ ولي الله اللكنهوئي في كتابه مرآة المؤمنين (ص 228) روى عن أنس قال: كنت عند الحسين رضي الله عنه، فدخلت عليه جارية فجاءته بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله. فقلت: تحييك بطاقة ريحان لا خطر لها فتعتقها. قال: كذا أدبنا الله تعالى قال وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها فكان أحسن منها عتقها.

ص 433

ومنهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 451 ط السعادة بالقاهرة) روى الحديث عن أنس بعين ما تقدم عن مرآة المؤمنين . منها ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 11 ص 440 إلى ص 444) وإنما ننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 432 ط مكتبة السعادة بالقاهرة) روي أن أعرابيا من البادية قصد الحسين ع وكان جالسا في مسجد الرسول فسلم عليه فرد عليه السلام وقال: يا أعرابي فيم قصدتنا؟ قال: قصدتك في دية مسلمة إلى أهلها. قال: أقصدت أحدا قبلي. قال: عتبة بن أبي سفيان فأعطاني خمسين دينارا فرددتها عليه وقلت: لأقصدن من هو خير منك وأكرم، فقال عتبة: ومن هو خير مني وأكرم لا أم لك. فقلت: إما الحسن بن علي، وإما عبد الله ابن جعفر وقد أتيتك بدءا لتقيم بها عمود ظهري وتردني إلى أهلي. فقال الحسين: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وتحلى بالعظمة ما في ملك ابن بنت نبيك إلا مائتا دينار فأعطه إياها يا غلام وإني أسائلك عن ثلاث خصال إن أنت أجبتنى عنها أتممتها خمسمائة دينار وإن لم تجبني ألحقتك فيمن كان قبلي. فقال الأعرابي: أكل ذلك احتياجا إلى علمي أنتم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة.

ص 434

فقال الحسين: لا ولكن سمعت جدي رسول الله ص يقول: أعطوا المعروف بقدر المعرفة. فقال الأعرابي: فسل ولا حول ولا قوة إلا بالله. فقال الحسين: ما النجاة من الهلكة؟ فقال: التوكل على الله. فقال: أي الأعمال أفضل؟ قال: الثقة بالله. فقال: أي شيء خير للعبد في حياته؟ قال: علم معه حلم. قال: فإن خانه ذلك؟ قال: مال يزينه سخاء وسعة. فقال: فإن أخطأه ذلك؟ قال: الموت والفناء خير له من الحياة والبقاء. وناوله الحسين خاتمه وقال: بعه بمائة دينار وناوله بسيفه وقال: بعه بمائتي دينار واذهب فقد أتممت لك خمسمائة دينار. فقال الأعرابي: طربت وما هاج لي معبق * وما بي سقام ولا موبق

ولكن طربت لآل الرسول * ففاجئني الشعر والمنطق

فأنت الهمام وبدر الظلام * ومعطي الأنام إذا أملقوا

أبوك الذي فاز بالمكرمات * فقصر عن وصفه السبق

وأنت سبقت إلى الطيبات * فأنت الجواد وما نلحق

بكم فتح الله باب الهدى * وباب الضلال بكم مغلق

ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة أبو الفرج الشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي الواعظ البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 597 (ص 132 طبع منشأة المعارف بالاسكندرية) قال: وروي أن الحسين بن علي ابن بنت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم خرج من ماله مرتين لله، وقاسم ربه في ماله ثلاث مرات.

ص 435

جملة مما ورد في حلمه عليه السلام

قد تقدم نقلها في (ج 11 ص 431 إلى ص 448) وننقل منها هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ ولي الله اللكنهوئي في مرآة المؤمنين (ص 228) قال: وروي أن غلاما له (أي الحسين بن علي ع) جنى فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي والكاظمين الغيظ . قال: خلوا عنه. فقال: يا مولاي والعافين عن الناس . قال: قد عفوت عنك. قال: يا مولاي والله يحب المحسنين . قال: أنت حر لوجه الله تعالى ولك ضعف ما كنت أعطيك.

ص 436

ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 451 ط السعادة بالقاهرة) قال: وجنى بعض مواليه جناية توجب التأديب، فأمر بتأديبه فقال: يا مولاي قال الله تعالى والكاظمين الغيظ . قال عليه السلام: خلوا عنه كظمت غيظي. فقال: والعافين عن الناس . قال عليه السلام: قد عفوت عنك. فقال: والله يحب المحسنين . قال: أنت حر لوجه الله تعالى، وأجازه بجائزة سنية. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة السيد عبد الواحد بن إبراهيم الحسيني الزارعاني الحنفي البلجراني في سبع سنابل (ص 137) قال: نقل است كه روزى امير المؤمنين حسين بن علي رضي الله عنهما باچهار صد صحابه بيرون آمد، دستار رسول الله صلّى عليه وآله وسلم بر سر داشت وذو الفقار پدر در كمر، در ميان آن نجوم چون قمر در نجوم ميتافت، مردى أعرابى در آمد وپرسيد كه اين كدام كس است؟ گفتند: امير المؤمنين حسين است ابن

ص 437

على مرتضى رضي الله عنهما. پس اعرابى از حسين رضي الله عنه پرسيد كه تونبيره أبيطالب هستى. گفت: آرى گفت پدر تو مردى خون ريز وفتنه انگيز بود پس عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن ابى بكر وغيرهما قصد كردند كه او را بزنند وادب كنند. أمير المؤمنين حسين تبسم كرد وگفت كه بگذاريد او را واز او پرسيد كه اى وجيه عرب تو را تنكدل وخشمناك مى يابم اگر گرسنه باشى تو را طعام دهم واگر خستگى بيان در تو اثر كرده باشد تو را علاج كنم واگر قرض دار باشى قرض تو را أدا نمايم واگر زن تو با تو خصومت كرده باشد آشتى دهم واگر كارى داشته باشى بگو تا اعانت ونصرت كنم. پس اعرابى شرمنده شده پايش ببوسيد وعذر خواست ورفت، با أمير أصحاب گفت كه ما كلانتر وبلندتر كوه باشيم از بادهاى مخالف كه ستوه باشيم.

ص 438

مستدرك ما أوردناه

(في فضائل الإمام زين العابدين علي بن الحسين) (عليه السلام)

قد تقدم جملة مما ورد في كتب أعلام أهل السنة وأعاظمهم في المجلد الثاني عشر (ص 3 إلى ص 149) ونستدرك هيهنا بعض ما لم ننقله هناك أو نقلناه عن غير من ننقل عنه هيهنا:

نسبه وميلاده عليه السلام ووفاته

وممن لم ننقل عنه سابقا العلامة المعاصر الشيخ أحمد أبو دلف المصري في آل النبي (ص 50 ط مركز الدراسات الصحفية في دار التعاون بمصر) قال: وسيدي علي زين العابدين، أو كما يلقب بزين شباب الجنة. ولد في يوم

ص 439

الخميس السابع من شعبان عام 27 ه‍، في بيت السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول، وقد توفي في 12 المحرم عام 94 ه‍، أي أنه عاش 57 عاما. وقد اختار جده الإمام علي بن أبي طالب أن يسميه باسمه. ويقال: إنه حين ولد فرح به وتهلل، وأذن في أذنه، كما أذن الرسول في أذن أبيه الحسين حين ولادته. وقال: حين زوجها - أي أمه - علي بن أبي طالب بالحسين قال له: خذها فستلد لك سيدا في العرب، سيدا في العجم، سيدا في الدنيا وآخرة . وقد نشأ علي زين العابدين في بيت جدته فاطمة الزهراء. ومنهم العلامة ياسين بن إبراهيم السنهوتي الشافعي في الأنوار القدسية (ص 33 ط السعادة بمصر) قال: سيدنا زين العابدين رضي الله عنه مظهر شمس النبوة الخاتمية ومظهر أسرار الصفة العالمية وكوثر زلال المكارم الهاشمية سيدنا علي زين العابدين المعروف بالأصغر، للفرق بينه وبين أخيه علي الأكبر الذي سقاه أهل المكر والبلاء كأس الشهادة مع أبيه في كربلاء، ولم يقتل يومئذ - ولله الحمد - هذا الإمام الجليل، إذ كان عمره ثلاثة عشر عاما وهو عليل. وكنيته رضي الله عنه أبو الحسن أو أبو محمد أو أبو عبد الله، كان كبير القدر رحب الساحة والصدر مهابا كريما عالما عظيما ثقة ثبتا قويما. قال الزهري وابن عيينة: ما رأينا قرشيا أفضل منه، روى عن أبيه وعائشة وأبي هريرة وجمع، وعنه بنوه محمد وزيد وعمرو الزهري وأبو الزناد وغيرهم. قال الزهري: ما رأينا أحدا أفقه منه، وقال ابن المسيب: ما رأيت أورع منه.

ص 440

وقد جاء عنه مناقب من خشوعه في وضوئه وصلاته ونسكه ما يدهش السامع. إلى أن قال: وقال مالك سمي زين العابدين لكثرة عبادته. إلى أن قال: وكان عاملا على كتمان أسرار الله في العالم كما أشار إليه بقوله:

يا رب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

ومنهم العلامة الذهبي في سر أعلام النبلاء (ج 4 ص 386 ط بيروت) قال: علي بن الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، السيد الإمام، زين العابدين، الهاشمي العلوي المدني. يكنى أبا الحسين ويقال: أبو الحسن، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله. وأمه أم ولد، اسمها سلامة سلافة بنت ملك الفرس يزدجرد، وقيل: غزالة. ولد في سنة ثمان وثلاثين ظنا. وحدت عن أبيه الحسين الشهيد، وكان معه يوم كائنة كربلاء وله ثلاث وعشرون سنة، وكان يومئذ موعوكا فلم يقاتل. إلى أن قال: روى ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما رأيت قرشيا أفضل من علي بن الحسين. إلى أن قال: وكان له جلالة عجيبة، وحق له والله ذلك، فقد كان أهلا للإمامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله.

ص 441

ومنهم العلامة أحمد بن أحمد الشهير بالصغير الشافعي في تحفة الراغب (ص 14 ط محمد مصطفى) قال: وقال الواقدي: ولد سنة ثلاث وثلاثين، فيكون عمره يوم الطف ثمانيا وعشرين سنة. وقال الزبير بن بكار: كان عمره يوم الطف ثلاثا وعشرين سنة، وكان مريضا. وتوفي سنة خمس وتسعين من الهجرة يوم السبت الثامن عشر من المحرم. وفضائله أكثر من أن تحصى أو يحيطها الوصف، وكان أمير المؤمنين ولي حديث ابن جابر الحنفي جانبا من المشرق فبعث إليه ببنتي يزدجرد بن شهريار، فنحل ابنه الحسين أحدهما وهي شهربانو وقيل شاه زنان فأولدها زين العابدين.

ص 442

قصيدة الفرزدق (في مدحه عليه السلام عند هشام بن عبد الملك)

رواها جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة أحمد بن أحمد الشهير بالشافع الصغير المصري في تحفة الراغب (ص 53 ط محمد أفندي مصطفى) قال: ولما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه طاف بالبيت وجهد أن يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه فلم يقدر على ذلك لكثرة الزحام، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم وكان من أجمل الناس وجها وأطيبهم أرجا، فطاف بالبيت فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم الحجر، فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: لا أعرفه. مخافة أن يرغب فيه أهل الشام، وكان الفرزدق حاضرا فقال: أنا أعرفه. فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟ فقال الفرزدق:

ص 443

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا

وليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم

كلتا يديه غياث عم نفعهما * يستو كفان فلا يعروهما العدم

سهل الخليقة لا تخشى بوادره * يزينه اثنان حسن الخلق والشيم

حمال أثقال أقوام إذا افترحوا * حلو الشمائل تحلو عنده نعم

لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم

ما قال لا قط إلا في تشهده * لولا التشهد كانت لاؤه نعم

عم البرية بالاحسان فانقشعت * عنه الغيابة والاملاق والعدم

إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبستم

بكفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم

يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا أم جاء يستلم

الله شرفه قدما وعظمه * جرى بذاك له في لوحه القلم

أي الخلائق ليست في رقابهم * لا ولية هذا أوله نعم

من يشكر الله يشكر أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم

ينمي إلى ذروة الدين التي قصرت * عنها الأكف وعن إدراكها القدم

من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل أمته دانت له الأمم

مشتقة من رسول الله صلى نبعته * طابت مغارسه والخيم والشيم

ينشق ثوب الدجى عن نور غرته * كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم

من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم

ص 444

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل بدء ومختوم به الكلم

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد جودهم * ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة، وبلغ ذلك زين العابدين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: اعذر يا أبا فراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به. فردها الفرزدق وقال: يا ابن بنت رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وما كنت لأخذ عليه شيئا. فقال: شكر الله تعالى لك ذلك غير أنا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه. فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس، فبعث إليه هشام وأخرجه من السجن ببركة الإمام زين العابدين. ومنهم العلامة شمس الدين الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 398 ط بيروت) روى ستة أبيات من القصيدة ثم قال: وهي قصيدة طويلة. قال: فأمر هشام بحبس الفرزدق فحبس بعسفان، وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم وقال: اعذر أبا فراس. فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضبا لله ولرسوله. فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك فقبلها وقال في هشام:

أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينين حولاوين باد عيوبها

ص 445

ومنهم العلامة الشيخ يسين بن إبراهيم السنهوتي الشافعي في الأنوار القدسية (ص 33 ط السعادة بمصر) ذكر من القصيدة البيت الأول والثاني والثالث والرابع والحادي عشر والثاني عشر والثاني والعشرين والرابع والعشرين بعين ما تقدم، وذكر بدل البيت السابع عشر هكذا: من يعرف الدين يعرف أولوية ذا * الدين من بيت هذا ناله الأمم ومنهم العلامة محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 164 من نسخة مخطوطة في اسلامبول) ذكر من القصيدة البيت الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والعاشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر - لكنه ذكر بدل كله شرفه : عظمه - والسادس عشر والعشرين، والثاني والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين والخامس والعشرين. وذكر بدل المصرع الأول من البيت السابع عشر هكذا: من يعرف الله يعرف أولوية ذا . وذكر بدل البيت الثامن عشر هكذا: ينمى إلى ذروة العز التى قصرت * عن مثلها عرب الإسلام والعجم وذكر بدل البيت الحادي والعشرين هكذا: ينجاب نور الهدى من نور غرته * كالشمس ينجاب عن إشراقها القتم ثم ذكر بمثل ما تقدم عن سير أعلام النبلاء وذكر ما أنشأه من البيتين في ذم هشام.

ص 446

ومنهم العلامة الشبلنجي في نور الأبصار (ص 141 ط الشعبية بمصر) روى الواقعة بعين ما تقدم عن تحفة الراغب وذكر من القصيدة البيت الأول والثاني والثامن عشر، لكنه ذكر المصرع الثاني هكذا: عن نيلها عرب الإسلام والعجم، وذكر البيت الرابع عشر والثاني عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين، لكنه ذكر بدل كلمه ثوب الدجى: نور الهدى، وذكر البيت العشرين والبيت الثالث والبيت الخامس عشر والبيت الرابع والخامس والسادس والسابع والتاسع والثامن والعاشر لكنه ذكر بدل كلمة القتارة: الغيابة، وذكر البيت الثاني والعشرين والرابع والعشرين والخامس والعشرين والثالث والعشرين وستة عشر بهذا الترتيب وزاد في آخر القصيدة:

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت * والأسد أسد شرى والبأس محتدم

لا ينقص العسر بسطا من اكفهم * سيان ذاك إن أثروا وإن عدموا

يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويستراد به الاحسان والنعم

من يعرف الله يعرف أولوية ذا * والدين من بيت هذا ناله الأمم

ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الشافعي في توضيح الدلائل (ص 388 نسخة المكتبة الملية بفارس). روى الواقعة وأورد جملة من أبيات القصيدة.

ص 447

عبادة السجاد عليه السلام

فمما روي فيها وقد تقدم النقل عن أعلام القوم في (ج 12 ص 18 إلى ص 23) وإنما ننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة الشيخ محمد عز الدين المدعو بعربي الكاتبي في الروضة البهية قال: قال ابن عساكر: ومسجد علي بن الحسين هو زين العابدين في جامع دمشق محروس معروف، قال الحوراني: هو في المسجد الشرقي الشمالي. كان رضي الله تعالى عنه يصلي فيه كل يوم وليلة ألف ركعة، وهو مسجد لطيف عليه جلالة وهيبة يزار ويتبارك به. ومنهم العلامة الشيخ أحمد التابعي المصري في الاعتصام بحبل الإسلام (ص 209) روى عن علي بن حمزة قال: كان علي بن الحسين رضي الله عنه يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة.

ص 448

ومنهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 162 والنسخة مصورة من نسخة موجودة في اسلامبول) قال: وكان (علي بن الحسين عليه السلام) يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة. ومنهم العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 393 ط بيروت) روى مصعب بن عبد الله عن مالك قال: ولقد بلغني أنه (علي بن الحسين عليه السلام) كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أن مات، وكان يسمى زين العابدين لعبادته. إلى أن قال: ويروى عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع : كان أبي يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. ومنهم العلامة الشيخ يسين بن إبراهيم السنهوتي في الأنوار القدسية (ص 33 ط مصر) قال: وكان (علي بن الحسين) يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وقال مالك: سمي زين العابدين لكثرة عبادته. ومنهم الحافظ ابن عبد ربه في العقد الفريد (ج 3 ص 28 ط الشرفية بمصر) قال: قيل لمحمد بن علي بن الحسين: ما أقل ولد أبيك؟ قال: إني لأعجب كيف ولدت له. قيل: وكيف ذلك؟ قال: إنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، فمتى كان يتفرغ للنساء.

ص 449

ومنها ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 12 ص 27 إلى 31) وإنما ننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة أحمد التابعي المصري في الاعتصام بحبل الإسلام (ص 209) قال: وكان علي بن الحسين رضي الله عنه إذا توضأ للصلاة يصفر لونه، فقيل له: ما هذا الذي نراه يعتريك عند الوضوء؟ فيقول: أما تدرون من أريد أن أقف بين يديه. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 162 والنسخة مصورة أصلها في اسلامبول) وكان (علي بن الحسين) إذا توضأ يصفر، فإذا قام إلى الصلاة أرعد من الفرق، فقيل له في ذلك، فقال: أتدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي. ومنهم العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 392 ط بيروت) روى عن ابن سعد، عن علي بن محمد، عن عبد الله بن أبي سليمان، قال: كان علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذيه ولا يخطر بها، وإذا قام إلى الصلاة، أخذته رعدة، فقيل له، فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي. وروى: أنا إذا توضأ اصفر.

ص 450

ومنها ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 12 ص 7 و33) وإنما ننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة المولوي الشيخ ولي الله اللكنهوئي في كتابه مرآة المؤمنين (مخطوط) قال: ووجه تلقبه (أي علي بن الحسين ع ) بزين العابدين أنه كان في ليلة مشتغلا بالتهجد، فتمثل له الشيطان بصورة أفعى ليشغله عن الصلاة، فلدغ إصبع رجله فلم يقطع صلاته، فكشف الله له أنه الشيطان فطرده، فرجع ليتم صلاته فإذا سمع صوتا يقول: أنت زين العابدين - ثلاثا. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة علي بن إبراهيم السنهوتي في الأنوار القدسية (ص 33 ط السعادة بمصر) قال: وكان لا يعينه (أي علي بن الحسين) على طهوره أحد، ولا يدع قيام الليل حضرا ولا سفرا، وقرب إليه طهوره مرة في وقت ورده فوضع يده في الإناء ليتوضأ ثم رفع رأسه فنظر إلى السماء والقمر والكواكب فجعل يتفكر في خلقها حتى أذن المؤذن ويده في الإناء فلم يشعر.

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج19)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب