ص 451
ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الحمدوني في التذكرة الحمدونية
(ص 115 ط بيروت) روي أنه قرب إلى علي بن الحسين طهوره في وقت ورده، فوضع يده في
الإناء ليتوضأ، ثم رفع رأسه فنظر إلى السماء والقمر والكواكب، فجعل يفكر في خلقها
حتى أصبح، وأذن المؤذن ويده في الإناء. ومنها ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج
12 ص 42 إلى 44) وإنما ننقل هاهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة أبو الفرج
عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي في سلوة الأحزان (ص 40 ط الاسكندرية) قال: روى
طاووس عن سالم أنه قال: رأيت علي بن الحسين ساجدا، فسمعته يقول في سجوده: عبدك
بفنائك، مسكينك ببابك، سائلك لائذ بجنابك، فقيرك يدعوك. قال سالم: فوالله ما دعوت
بهذه الكلمات في كرب إلا كشفها الله عني.
ص 452
ومنهم العلامة الشيخ أحمد التابعي المصري في الاعتصام بحبل الإسلام (ص 209)
قال: وعن طاووس قال: دخلت الحجر في الليل فإذا علي بن الحسين قد دخل فقام يصلي ما
شاء الله، ثم سجد سجدة فأطالها، فقلت: رجل صالح من بيت النبوة لأصغين إليه، فسمعته
يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك. قال طاووس: فالله
ما طلبت ودعوت بهن في كرب إلا فرج الله عني. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر
الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 162 نسخة اسلامبول) قال: قال طاووس: سمعته
يقول عند الحجر. فذكر الحديث بعين ما تقدم عن الاعتصام . ومنهم العلامة الذهبي
في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 393 ط بيروت) روى الحديث عن طاووس بعين ما تقدم عن
عيون التواريخ لكنه ذكر بدل قوله عنه الحجر: في الحجر. ومنها ما رواه القوم
وتقدم النقل عنهم في (ج 12 ص 7 و135) وإنما ننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك:
ص 453
منهم العلامة أبو الفرج الشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي الواعظ البغدادي الحنبلي
المتوفى سنة 597 في سلوة الأحزان (ط منشأة المعارف بالاسكندرية) قال: قد سمي
(أي علي بن الحسين عليه السلام) أيضا بالسجاد لكثرة سجوده وبذي الثفنات لظهور
علامات ظاهرة على جبهته من كثرة السجود. توفي بالمدينة سنة أربع وتسعين. ومنهم
العلامة محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤل (ص 77) قال: كان يحب أن لا يعينه
على طهوره أحد، وكان يستقي الماء بطهوره ويخمره قبل أن ينام فإذا قام في الليل -
إلى أن قال - وكان لا يدع صلاة الليل في السفر والحضر. ومنهم العلامة أحمد بن أحمد
الشهير بالصغير الشافعي المصري في تحفة الراغب (ص 15 ط محمد مصطفى) قال: قال
الشريف ابن الأعرج في بحر الأنساب: هو علي وكنيته أبو محمد، ويقال أيضا أبو الحسن،
ولقبه زين العابدين والسجاد وذو الثفنات، وإنما لقب به لأن مساجده كثفنة البعير من
كثرة صلاته رضوان الله عليه وسلامه.
ص 454
خوفه عليه السلام من ربه

ونذكر أنموذجا مما ورد فيه: منها ما رواه القوم وتقدم
النقل عنهم في (ج 12 ص 27 إلى 31) وإنما ننقل هيهنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم
العلامة أبو الفرج الشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي في سلوة الأحزان (ص 39
ط الاسكندرية) روي أن علي بن الحسين رضي الله عنه كان إذا قام يصلي أخذته الرعدة -
أي الخوف - فقيل له: ما بالك ترعد؟ قال: ما تدرون بين يدي من أنا واقف، ولا من
أناجي؟.
ص 455
ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء
(ج 4 ص 392 ط بيروت) قال: فلما احتضر (علي بن الحسين) بكى، فقلت: يا أبت ما يبكيك؟
قال: يا بني إنه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا كان لله فيه
المشيئة، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له 1. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم
العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 391 ط بيروت) روى عن محمد بن أبي
معشر السندي، عن أبي نوح الأنصاري، قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو
ساجد، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول
(هامش)
1) إن رجلا قال لابن المسيب: ما رأيت أورع من فلان. قال: هل رأيت علي بن الحسين؟
قال: لا، قال: ما رأيت أورع منه. رواه القوم في كتبهم، ومنهم العلامة الذهبي في
سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 391 ط بيروت). (*)
ص 456
الله النار. فما رفع رأسه حتى طفئت. فقيل له في ذلك فقال: ألهتني عنها النار
الأخرى. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 162
مصورة نسخة في اسلامبول) قال: ويروى أنه احترق البيت الذي هو (أي علي بن الحسن ع
) فيه وهو قائم يصلي، فلما انصرف قيل له: ما لك لم تنصرف؟ فقال: إني اشتغلت عن ههذ
النار بالنار. ومنهم العلامة الشيخ يسن بن إبراهيم السنهوتي الشافعي في الأنوار
القدسية (ص 33 ط السعادة بمصر) روى الحديث بعين ما تقدم عن سير أعلام النبلاء
. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي
في عيون التواريخ (ج 3 ص 162 مصورة نسخة في اسلامبول) أنه (أي علي بن الحسن
عليه السلام) لما حج وأراد أن يلبي أرعد وقال: أخشى أن أقول لبيك اللهم لبيك
فيقول لا لبيك ، فشجعوه وقالوا: لا بد من التلبية، فلما لبى غشي عليه حتى سقط عن
الراحلة.
ص 457
طرف من أوصاف السجاد عليه السلام
بكاؤه عليه السلام

وفيه أحاديث: منها ما رواه
جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة أبو الفرج الشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي
في سلوة الأحزان قال: علي بن الحسين ع المشهور بزين العابدين، كان أحد
البكائين الخمسة. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ
(ج 3 ص 163 مصورة نسخة موجودة في اسلامبول) قال: وذكروا أنه (أي علي بن الحسين) كان
كثير البكاء، فقيل له في ذلك فقال:
ص 458
إن يعقوب عليه السلام بكى حتى ابيضت عيناه على يوسف ولم يعلم أنه مات، وإني رأيت
بضعة عشر من أهلي يذبحون في غداة واحدة، فترون حزني يذهب من قلبي أبدا. ومنها ما
رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن
حمدون في التذكرة الحمدونية (ص 115 ط بيروت) قال: قال طاووس: رأيت رجلا يصلي في
المسجد الحرام تحت الميزاب ويدعو ويبكي في دعائه، فتبعته حين فرغ من الصلاة فإذا هو
علي بن الحسين، فقلت: يا بن رسول الله رأيتك على حالة كذا وكذا، ولك ثلاثة أرجو أن
تؤمنك من الخوف: أحدها أنك ابن رسول الله، والثانية شفاعة جدك، والثالثة رحمة الله.
فقال: يا طاووس أما أني ابن رسول الله فلا يؤمنني، وقد سمعت الله عز وجل يقول فلا
أنساب بينهم يومئذ ، وأما شفاعة جدي فلا تؤمنني لأن الله تعالى يقول لا يشفعون
إلا لمن ارتضى ، وأما رحمة الله فإن الله عز وجل يقول إنها قريب من المحسنين ،
ولا أعلم أني محسن. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم:
ص 459
منهم العلامة شمس الدين الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 392 ط بيروت) قال:
إبراهيم بن محمد الشافعي، عن سفيان: حج علي بن الحسين، فلما أحرم اصفر وانتفض ولم
يستطع أن يلبي، فقيل: ألا تلبي؟ قال: أخشى أن أقول لبيك فيقول لي لا لبيك ،
فلما لبى غشي عليه وسقط من راحلته فلم يزل بعض ذلك به حتى قضى حجه. ومنها ما رواه
جماعة من أعلام القوم: منهم أبو المعالي محمد بن الحسن بن حمدون في التذكرة
الحمدونية (ص 113 ط بيروت) قال: سقط ابن لعلي بن الحسين عليهما السلام في بئر،
فتفرغ أهل المدينة لذلك حتى أخرجوه، وكان قائما يصلي فما زال عن محرابه، فقيل له في
ذلك، فقال: ما شعرت، كنت أناجي ربا كريما.
صبره عليه السلام

فمما ورد فيه ما رواه
القوم وتقدم نقله عنهم في (ج 12 ص 82).
ص 460
وممن لم نرو عنه هناك العلامة أبو الحسن علي بن محمد المدائني في المغازي (ص 64
ط النجف) قال: أخبرنا عبد الله، قال أخبرنا الحسن بن علي، قال أخبرنا أبو الحسن، عن
إبراهيم بن سعد قال: سمع علي بن الحسين رضوان الله عليه داعية في بيته، فنهض إلى
بيته فسكتهم، ثم رجع إلى مجلسه، فقيل له: أمر حدث ما كانت الناعية؟ قال: نعم. فعزوه
وتعجبوا من صبره، ثم قال: إنا أهل بيت نطيع الله فيما يحب ونحمده فيما نكره. ومنهم
العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ص 163 من نسخة مصورة
موجودة في اسلامبول) قال: وقال المدائني: سمعت سفيان يقول: كان علي بن الحسين يقول:
ما يسرني أن لي بنصيبي من الذل حمر النعم.
كتمانه عليه السلام لنسبه في السفر

رواه
جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ أبو المعالي محمد بن الحسن بن حمدون في
التذكرة الحمدونية (ص 115 ط بيروت) وقيل له (أي علي بن الحسين عليه السلام): ما
بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة؟ فقال: أكره أن آخذ برسول الله عليه السلام ما
لا أعطي مثله.
ص 461
حلمه عليه السلام

فمما ورد فيه ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 12 ص 79).
وممن لم نرو عنهم هناك العلامة أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي في سلوة
الأحزان (ص 40 ط الاسكندرية) قال: وجاءه خادمه بمزود، وكان بين يديه ولد له صغير،
فسقط المزود من العبد على رأس الصغير فقتله. فقال للغلام: أنت حر لوجه الله تعالى،
فإنك لم تفعل ذلك عامدا. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة محمد بن
منصور المعروف بابن الحداد المالكي من أعلام القرن السابع في الجوهر النفيس في
سياسة الرئيس (ص 93 ط دار الطليعة في بيروت) قال: كانت جارية لعلي بن الحسين بن
أبي طالب عليهم السلام تسكب الماء على يده، فنغست فسقط الإبريق من يدها، فشجه فرفع
رأسه فقالت: إن الله يقول والكاظمين الغيظ قال: كظمت غيظي! قالت والعافين عن
الناس قال: عفا الله عنك. قالت والله يحب المسنين قال: فاذهبي فأنت حرة لوجه
الله تعالى. قال بعض الشعراء في هذا المعنى:
ص 462
تموت أضغانه أيام قدرته * ومكنة الحر تنسي فاحش الخطل إذا الجرائم هاجته تغمدها *
بالص منه حليما غير ذي فشل ومنهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون
التواريخ (ج 3 ص 163 مصورة عن نسخة موجودة في اسلامبول) روى الحديث بعين ما تقدم
عن الجوهر النفيس . ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة أبو الفرج
الشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي في سلوة الأحزان (ص 39 ط الاسكندرية) قال:
قيل له (أي علي بن الحسين): إن فلانا يقع فيك ويتكلم في عرضك، فمضى إليه وقال له:
يا أخي إن كان ما قلته عني حقا فيغفر الله لي، وإن كان ما قتله باطلا فغفر الله لك.
ومنهم العلامة الشيخ يسن بن إبراهيم في الأنوار القدسية (ص 32 ط مصر) قال: وكان
(علي بن الحسين) إذا نقصه أحد قال: اللهم إن كان صادقا فاغفر لي وإن كان كاذبا
فاغفر له.
ص 463
ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء
(ج 4 ص 397 ط بيروت) روى عن أحمد بن عبد الأعلى الشيباني، حدثني أبو يعقوب المدني،
قال: كان بين حسن بن حسن وبين ابن عمه علي بن الحسين شيء، فما ترك حسن شيئا إلا
قاله، وعلي ساكت، فذهب حسن، فلما كان في الليل أتاه علي، فخرج فقال علي: يا ابن عمي
إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك، السلام عليك. قال: فالتزمه
حسن وبكى حتى رثي له. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ يسن
بن إبراهيم السنهوتي الشافعي في الأنوار القدسية (ص 33 ط السعادة بمصر) قال:
قال في مجمع الأحباب: وكان عنده ضيف فاستعجل الخادم في الشواء الذي كان في التنور،
فأقبل به مسرعا فسقط السفود من يده على ابن له صغير في أسفل الدرجة فأصاب رأسه
فقتله، فقال علي للغلام الذي قتله: أنت حر لوجه الله عز وجل فإنك لم تتعمده، وأخذ
في جهاز ابنه.
ص 464
ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ يسن بن إبراهيم السنهوتي
الشافعي في الأنوار القدسية (ص 33 ط السعادة بمصر) قال: إنه (أي علي بن الحسين
ع ) خرج يوما من المسجد فلقيه رجل فسبه وبالغ وأفرط، فبادر إليه العبيد والموالي
فكفهم وأقبل عليه فقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعينك. فاستحيى الرجل
فألقى له خميصة وأمر له بخمسة آلاف درهم، فقال: أشهد أنك من أولاد المصطفى صلى الله
عليه وسلم. ولقيه رجل فسبه فقال: يا هذا بيني وبين جهنم عقبة إن أنا جزتها فما
أبالي بما قلت وإن لم أجزها فأنا أكثر مما تقول، ألك حاجة؟ فخجل. وسبه رجل فقال له:
ما لم تعرفه مني أكثر مما تعرفه، فإن كان لك حاجة فاذكرها. ومنها ما رواه جماعة من
أعلام القوم: منهم العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي في استجلاب
ارتقاء الغرف (ص 53 نسخة مكتبة عاطف أفندي في اسلامبول) قال: قال الواقدي: حدثني
أبي سبرة عن سالم مولى أبي جعفر قال: كان هشام
ص 465
ابن إسماعيل يؤذي زين العابدين علي بن الحسين وأهل بيته يخطب بذلك وينال من علي،
فلما ولي الوليد بن عبد الملك عزله وأمر به أن يوقف للناس وكان يقول: لا والله ما
كان أحد من الناس أهم إلي من زين العابدين، كنت أقول: رجل صالح يسمع قوله فوقف
للناس، فجمع زين العابدين ولده وعامته ونهاهم عن التعرض له قال: وغدا مارا فما عرض
له، فناداه إسماعيل: الله يعلم حيث يجعل رسالاته. ومنها ما رواه جماعة من أعلام
القوم: منهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 192
والنسخة مصورة موجودة في استانبول) قال: ونال منه رجل يوما، فجعل يتغافل عنه، فقال
له الرجل: إياك أعني. فقال له علي بن الحسين: وعنك أغضي. وخرج يوما من المسجد فسبه
رجل، فابتدر الناس إليه فقال: دعوه، ثم أقبل عليه فقال: الذي ستر عنك من أمري أكثر،
ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحيى الرجل فألقى إليه خميصة كانت عليه وأمر له بألف
درهم، فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الأنبياء. ومنها ما رواه جماعة
من أعلام القوم:
ص 466
منهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 163) قال:
وروى ابن أبي الدنيا أن غلاما سقط من يده شنوءة وهو يشوي شيئا في التنور على رأس
صغير لعلي بن الحسين فقتله، فنهض علي بن الحسين مسرعا، فلما نظر إليه قال للغلام:
يا بني إنك لم تتعمد أنت حر، ثم شرع في جهاز ابنه.
ص 467
رأفته عليه السلام لأمه

رواه القوم وتقدم النقل عنهم في المجلد الثاني عشر وإنما
ننقل هيهنا عمن لم نرو عنهم هناك: منهم العلامة الشيخ أبو عباس محمد بن يزيد
المعروف بالمبرد النحوي المتوفى سنة 285 في الكامل في اللغة والأدب (ص 140 ط
دار العهد الجديد بالقاهرة) قال: وقيل لعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله
تعالى عنهم: إنك من أبر الناس بأمك ولسنا نراك تأكل مع أمك في صحفة. فقال: أخاف أن
تسبق يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها.
ص 468
سخاؤه عليه السلام

وقد ورد فيه أحاديث تقدم نقلها في (ج 12 ص 63 إلى ص 70) ونروي
ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منها ما رواه جماعة من أعلام القوم: 1 منهم العلامة
أبو الفرج الشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي في سلوة الأحزان (ص 39 ط الاسكندرية)
قال: وروي عنه (أي علي بن الحسين) أيضا أنه كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل،
ويدور به على الفقراء والأرامل ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب سبحانه وتعالى.
(هامش)
1) روى الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج ص 4 ص 391 ط بيروت).وقال جويرية بن
أسماء: ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله (*)
ص 469
ومنهم العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 162 من نسخة
موجودة في اسلامبول) قال: وذكروا أنه كان كثير الصدقة بالليل، وكان يقول: صدقة السر
تطفئ غضب الرب. ومنهم العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 393 ط بيروت)
روي عن ابن عيينة، عن أبي حمزة الثمالي، أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل
على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة، ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب
الرب. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة جار الله الزمخشري في
ربيع الأبرار (مخطوط في باب العمل والكد) قال ما لفظه: علي بن الحسين لما مات
فغسلوه وجدوا على ظهره مجلا مما كان يستقي
(هامش)
صلى الله عليه وسلم درهما قط. وروى المبرد في الكامل (ص 322 ط القاهرة): إنه قيل
لعلي بن الحسين ع وكان بين الفضل رحمه الله: ما بالك ذا سافرت كتمت نسبك أهل
الرفقة؟ فقال: أكره أن آخذ برسول الله ص ما لا أعطي مثله. (*)
ص 470
لضعفة جيرانه بالليل ومما كان يحمل إلى بيوت المساكين من جرب الطعام. انتهى. أقول:
المجل الجدري ونحوه، والجرب بضمتين جمع جراب بكسر الجيم. ومنهم العلامة أبو المعالي
محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون في التذكرة الحمدونية (ص 109 ط بيروت)
ولما مات علي بن الحسين غسلوه، ثم جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره فقالوا: ما
هذا؟ فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة. ومنهم
العلامة الشيخ محمد بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 162 المخطوط
والنسخة مصورة من النسخة الموجودة في استانبول) وقال ابن إسحق: كان أناس بالمدينة
يعيشون لا يدرون من يعطيهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك، ولما مات وجدوا في
ظهره أثر حمله الجرب إلى بيوت الأرامل في الليل. ومنهم العلامة الذهبي في سير
أعلام النبلاء (ج 4 ص 393 ط بيروت) روى عن جرير بن عبد الحميد، عمن عمرو بن ثابت:
لما مات علي بن الحسين، وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل
الأرامل.
ص 471
ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الحمدوني في التذكرة الحمدونية
(ص 115 ط بيروت) قال: وكان علي بن الحسين يأتي ابن عم له بالليل متنكرا فيناوله
شيئا من الدنانير فيقول: لكن علي بن الحسين لا يصلني، لا جزاه الله خيرا، فيسمع ذلك
ويحتمله ويصبر عليه ولا يعرفه نفسه، فلما مات علي بن الحسين عليه السلام فقدها،
فحينئذ علم أنه هو كان، فجاء إلى قبره وبكى عليه. ومنها ما رواه جماعة من أعلام
القوم: منهم العلامة أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي حنبلي في سلوة الأحزان (ص
39 ط منشأة المعارف بالاسكندرية) قال: وروي أنه كان بالمدينة أناس لا يدرون من أين
تأتيهم معيشتهم، فلما مات علي بن الحسين رضي الله عنه انقطع عنهم ما كانوا يجدونه
في منزلهم. ومنهم العلامة ابن حمدون في التذكرة الحمدونية (ص 109 ط بيروت) قال:
وقال محمد بن إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من
ص 472
أين كان معاشهم، فلما مات زين العابدين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل. ومنهم
العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 393 ط بيروت) روى عن يونس بن بكير
عن محمد بن إسحاق بعين ما تقدم عن التذكرة ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم:
منهم العلامة شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 393 ط
بيروت) روى عن حجاج بن أرطاة، عن أبي جعفر، أن أباه قاسم الله تعالى ماله مرتين.
وقال: إن الله يحب المذنب التواب. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم
العلامة الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 398 ط بيروت) قال: وروى حسين بن
زيد بن علي، عن عمه، أن علي بن الحسين كان يشتري كساء الخز بخمسين دينارا يشتو فيه،
ثم يبيعه ويتصدق بثمنه.
ص 473
ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ إبراهيم السنهوتي الشافعي
في الأنوار القدسية (ص 32 ط مصر) قال: ودخل (أي علي بن الحسين ع ) على محمد
بن أسامة بن زيد في مرض موته، فبكى فقال له علي: ما يبكيك؟ فقال: علي دين خمسة عشر
ألف دينار فقال: هي علي، ووفاها. إلى أن قال: ولما مات (علي بن الحسين ع ) وجدوه
يقوت أهل مائة بيت. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ محمد
بن شاكر الشافعي في عيون التواريخ (ج 3 ص 163 مصورة نسخة موجودة في اسلامبول)
قال: وكان (علي بن الحسين ع ) إذا خرج عن منزله قال: اللهم إني أتصدق اليوم أو
أهب عرضي اليوم لمن استحله.
ص 474
أنموذج مما ذكر في فضله وعلمه عليه السلام

قال العلامة الشيخ أبو الفضل جلال الدين
عبد الرحمن بن أبي بكر ابن ناصر الدين السيوطي في طبقات الحفاظ (ص 30 ط مكتبة
وهبة) قال: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين، وأبو الحسن أو أبو محمد
أو أبو عبد الله المدني زين العابدين، قال الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل منه ولا
أفقه. وقال مالك: كان من أهل الفضل. وقال ابن المسيب: ما رأيت أورع منه. وقال ابن
أبي شيبة: أصح الأسانيد كلها الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي. وقال العلامة
عبد الرحمن بن عمر بن عبد الله النصري الدمشقي المتوفى سنة 281 في تاريخ أبي زرعة
الدمشقي (ج 1 ص 535 ط مطبعة المفيد بدمشق) قال: حدثنا أبو زرعة قال، قال ابن أبي
عمر، أنه سمع سفيان يقول: قال الزهري:
ص 475
ما رأيت هاشميا أفضل من علي بن حسين. حدثنا أبو زرعة قال، قال ابن أبي عمر، قال
سفيان: وقال الزهري: ما كان أكثر مجالستي مع علي بن حسين، وما رأيت أحدا كان أفقه
منه، ولكنه كان قليل الحديث.
ومن كراماته عليه السلام

ما رواه جماعة من أعلام
القوم: منهم العلامة الشيخ أبو المعالي محمد بن الحسن بن محمد بن علي ابن حمدون في
التذكرة الحمدونية (ص 108 ط بيروت) قال: قال ابن شهاب الزهري: شهدت علي بن
الحسين يوم حمله إلى عبد الملك ابن مروان من المدينة إلى الشام، فأثقله حديدا ووكل
به حفاظا في عدة وجمع، فاستأذنتهم في التسليم عليه والتوديع له، فأذنوا لي، فدخلت
عليه وهو في قبة والقيود في رجليه والغل في يديه، فبكيت وقلت: وددت أني مكانك وأنت
سالم فقال: يا زهري أو تظن هذا مما ترى علي وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئت ما كان،
فإنه إن بلغ منك ومن أمثالك ليذكرني عذاب الله، ثم أخرج يديه من الغل ورجليه من
القيد ثم قال: يا زهري لاجزت معهم على ذاميلين من المدينة. قال: فما لبثت إلا أربع
ليال حتى قدم الموكلون به يطلبونه بالمدينة، قال: فلما وجدوه، فكت فيمن سألهم عنه،
فقال لي بعضهم: إنا نراه متبوعا، إنه لنازل ونحن حوله لا ننام لرصده، إذ أصبحنا
نفتقده فما وجدنا بين محمليه إلا حديدة قال الزهري: وقدمت بعد ذلك على عبد الملك،
فسألني عن علي بن الحسين
ص 476
فأخبرته، فقال: إنه قد جاء في يوم فقده الأعوان، فدخل علي فقال: ما أنا وأنت فقلت:
أقم عندي، قال: لا أحب، ثم خرج فوالله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة، قال الزهري فقلت:
يا أمير المؤمنين ليس علي بن الحسين حيث يظن، أنه مشغول بنفسه. قال: حبذا شغل مثله.
قال: وكان الزهري أذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول: زين العابدين. ومنها ما رواه
جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الحمدوني في التذكرة الحمدونية (ص 207 ط
بيروت) قال: وقال أبو حمزة الثمالي: أتيت باب علي بن الحسين فكرهت أن أصوت، فقعدت
حتى خرج، فسلمت عليه ودعوت له، فرد علي السلام ودعا لي، ثم انتهى إلى الحائط فقال
لي: يا أبا حمزة ترى هذا الحائط؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، قال: فإني اتكأت عليه
يوما وأنا حزين، فإذا رجل حسن [الوجه حسن الثياب] ينظر في اتجاه وجهي، ثم قال: يا
علي بن الحسين ما لي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا، فهي رزق حاضر يأكل منها البر
والفاجر. فقلت: ما عليها أحزن [لأنه] كما تقول. فقال: أعلى الآخرة؟ فهي وعد صادق
يحكم فيها ملك قاهر. قلت: ما عليها أحزن لأنه كما تقول. فقال: وما حزنك يا علي بن
الحسين؟ قلت: الخوف من فتنة ابن الزبير. فقال: يا علي ابن الحسين هل رأيت أحدا سأل
الله فلم يعطه؟ قلت: لا. قال: فخاف الله فلم يكفه؟ قلت: لا، ثم غاب عني، فقيل لي:
يا علي هذا الخضر ناجاك.
ص 477
ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ يسن بن إبراهيم السنهوتي
الشافعي في الأنوار القدسية (ص 33 ط مصر) قال: ومن كرامات زين العابدين رضي
الله عنه أن عبد الملك بن مروان حمله من المدينة مقيدا مغلولا في أثقل قيود وأغلال،
فدخل عليه الزهري لوداعه، فبكى وقال: وددت إني مكانك. فقال: أتظن أن ذلك يكربني لو
شئت لما كان وأنه ليذكرني عذاب الله. ثم أخرج رجليه من القيود ويديه من الغل
ورماهما ثم أعادهما. واكن يضرب به المثل في الحلم، وله فيه حكايات عجيبة وأخبار
غريبة، وكان شديد الخوف من الله بحيث إذا توضأ اصفر لونه وارتعد. فيقال له: ما هذا؟
فيقول: تدرون بين يدي من أقوم. ومنها ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة
الشيخ يسن بن إبراهيم السنهوتي في الأنوار القدسية (ص 33 ط مصر) قال: ومن
كراماته (أي زين العابدين ع ) أن زيدا ابنه استشاره في الخروج،
ص 478
فنهاه وقال: أخشى أن تكون المقتول المصلوب، أما علمت أنه لا يخرج أحد من ولد فاطمة
قبل خروج السفياني إلا قتل. فكان كما قال، خرج زيد في خمسة عشر ألفا فطلب، فتفرقوا
عنه فقتله الحجاج وصلبه مكشوف العورة، فأكرمه الله بأن نسجت العنكبوت عليها فلم تر
بعد ذلك.
ص 479
كلماته عليه السلام وبعض ادعيته
(من كلامه في وصف المؤمن)

إن المؤمن خلط علمه
بحلمه، يسأل ليعلم، وينصت ليسلم، لا يحدث بالسر والأمانة الأصدقاء، ولا يكتم
الشهادة للبعداء، ولا يحيف على الأعداء، ولا يعمل شيئا من الحق رياء، ولا يدعه
حياء، فإذا ذكر بخير خاف ما يقولون، واستغفر لما لا يعلمون، وإن المنافق ينهى ولا
ينتهى، ويأمر ولا يأتمر، إذا قام إلى الصلاة اعترض، وإذا ركع ربض، وإذا سجد نقر،
يمسي وهمته العشاء ولم يصم، ويصبح وهمته النوم ولم يسهر. رواه في جامع البيان
وفضله (ج 1 ص 165 ط القاهرة) عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على علي بن الحسين بن
علي فقال: يا أبا حمزة ألا أقول لك صفة المؤمن والمنافق؟ قلت: بلى جعلني الله فداك،
فقاله.... وقد تقدم نقله عن غيره من كتب العامة في (ج 12 ص 114).
(ومن كلامه عليه
السلام للزهري)

يا زهري، لقنوطك من رحمة ربك التي وسعت كل شيء أعظم عليك من
ص 480
اكبارك ذنبك! فقال الزهري: الله أعلم يحث يجعل رسالاته. رواه في الجوهر النفيس في
سياسة الرئيس (ص 113 النسخة المطبوعة في بيروت) قال: قال المدائني: قارف الزهري
ذنبا فساح فاستوحش من أهله فلقيه علي بن الحسين، فقال له ذلك. ورواه في عيون
التواريخ (ج 3 ص 163 مصورة نسخة اسلامبول)
(ومن كلامه عليه السلام)

لا يقول رجل
في رجل من الخير ما لا يعلم إلا أوشك أن يقول فيه من الشر ما لا يعلم، وما اصطحب
اثنان على معصية الله إلا أوشك أن يتفرقا على غير طاعة. رواه في عيون التواريخ
(ص 163 مصورة نسخة اسلامبول) قال: قال سفيان بن عيينة: كان علي بن الحسين عليهما
السلام يقوله.
(ومن كلامه عليه السلام)

لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال: شهادة أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، وشفاعة رسول الله صلّى عليه وآله وسلم، وسعة رحمة
الله عز وجل. خف الله لقدرته عليك واستحي لقربه منك. إذا صليت فصل صلاة مودع، وإياك
وما يعتذر منه، وخف الله خوفا ليس بالتعذر. إياك والابتهاج بالذنب فإن الابتهاج
بالذنب أعظم من ركوبه. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 107 ط بيروت).
ص 481
أقوام ففازوا وقصر آخرون فخابوا، فالعجب من الضاحك اللاهي في اليوم الذي يفوز فيه
المحسنون ويخيب فيه المبطلون. أما والله لو كشف الغطاء لشغل المحسن بإحسانه والمسئ
بإساءته عن تجديد ثوب وترجيل شعر. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 115 ط بيروت)
قال: نظر علي بن الحسين عليهما السلام أن الناس يضحكون في يوم فطر فقاله.
(ومن
كلامه عليه السلام)

يا أيها الناس، أحبونا حب الإسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار
علينا عارا. رواه في سير أعلام النبلاء (ج 4 ط بيروت).
(ومن كلامه عليه السلام)

حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد: سمعت علي بن الحسين - وكان أفضل هاشمي أدركته -
يقوله. رواه أيضا في سير أعلام النبلاء (ج 4).
(ومن كلامه عليه السلام)

من ضحك
ضحكة، مج مجة من علم. رواه في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 396 ط بيروت).
ومن
دعائه عليه السلام

اللهم لك الحمد على ما لم أزل أتصرف فيه من سلامة بدني، ولك
الحمد على ما أحدثت بي من علة في جسدي، فما أدري يا إلهي أي الحالين أحق
ص 482
بالشكر لك وأي الوقتين أولى بالحمد لك، أوقت الصحة التي هنأتني فيها طيبات رزقك
ونشطتني فيها لابتغاء مرضاتك وفضلك وقويتنى معها على ما وفقتني له من طاعتك، أم وقت
العلة التي محصتني بها والنعم التي أتحفتني بها تخفيفا لما ثقل به على ظهري من
الخطيئات وتطهيرا لما انغسمت فيه من السيئات وتنبيها لتناول التوبة وتذكيرا لمحو
الحوبة بقديم النعمة، وفي خلال ذلك ما كتب لي الكاتب أن من زكى الأعمال ما لا قلب
فكر فيه ولا لسان نطق به ولا جارحة تكلفته بل افضالا منك علي وإحسانا من صنيعك إلي.
اللهم فصل على محمد وآل وحبب إلي ما رضيت لي ويسر لي ما أخللت بي وطهرني من دنس ما
أسلفت وامح عني شر ما قدمت، وأوجد بي حلاوة العافية، وأذقني برد السلامة، واجعل
مخرجي عن علتي إلى عفوك، ومتحولي عن صرعتي إلى تجاوزك، وخلاصي من كربي إلى روحك،
وسلامتي من هذه الشدة إلى فرجك، إنك المتفضل بالاحسان المتطول بالامتنان الوهاب
الكريم ذو الجلال والاكرام. رواه في تحفة الراغب في سيرة جماعة من أعيان أهل
البيت الأطائب (ص 52 ط محمد أفندي مصطفى) قال: اتفق مشائخنا نفعنا الله ببركاتهم
على أن المكروب والمهموم إذا توضأ فأحسن الوضوء وصلى على النبيّ صلّى عليه وآله
وسلم وذكر دعاء الإمام زين العابدين وسأل الله تفريج كربه وهمه يفرج الله تعالى
كربه وهمه ويقضي له حاجته بإذنه، وإن كان مريضا ودعا الله بهذا الدعاء يعافيه الله
تعالى (وذكر الدعاء).
(ومن دعائه عليه السلام)

قال زيد بن أسلم: كان من دعاء علي بن
الحسين: اللهم لا تكلني إلى نفسي،
ص 483
فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين، فيضيعوني. رواه في سير أعلام النبلاء (ج
4 ص 396 ط بيروت).
(ومن دعائه عليه السلام)

اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائح
العيون علانيتي، وتقبح في خفيات العيون سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي، فإذا
عدت، فعد علي. رواه في سير أعلام النبلاء (ج 4 ص 396 ط بيروت).
(ومن كلامه عليه
السلام)

فقد الأحبة غربة. رواه في سير أعلام النبلاء (ج ص 396 ط بيروت).
(ومن
كلامه عليه السلام)

إن الجسد إذا لم يمرض أشر، ولا خير في جسد يأشر. رواه في سير
أعلام النبلاء (ج 4 ص 396 ط بيروت) قال: وبه، قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن
محمد بن جعفر، حدثنا أحمد بن علي ابن الجارود، حدثنا أبو سعيد الكندي، حدثنا حفص بن
غياث، عن حجاج، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين، قاله عليه السلام.
(ومن كلامه عليه
السلام)

في محاسبة نفسه ومناجاة ربه:
ص 484
يا نفس حتام إلى الدنيا سكونك وإلى عمارتها ركونك، أما اعتبرت لمن مضى من أسلافك
ومن وارته الأرض من آلافك ومن فجعت به من إخوانك ونقل إلى البلى من أقرانك. فهم في
بطون الأرض بعد ظهورها * محاسنهم فيها بوال دواثر خلت دورهم منهم واقوت عراصهم *
وساقتهم نحو المنايا المقادر وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها * وضمتهم تحت التراب
الحفائر كم تخرمت أيدي المنون من قرون بعد قرون، وكم غيرت الأرض ببلاها، وغيبت في
ثراها ممن عاشرت من صنوف الناس وصيرتهم إلى الأرماس. وأنت على الدنيا مكب منافس *
لحطامها فيها حريض مكاثر على خطر تمشي وتصبح لاهيا * أتدري بما ذا لو غفلت تخاطر
وإن امرءا يسعى لدنياه دائبا * ويذهل عن أخراه لا شك خاسر فحتام على الدنيا إقبالك؟
وبشهواتك اشتغالك؟ وقد وعظك القتير وأتاك النذير، وأنت عما يراد بك ساه، وبلذة يومك
لاه. في ذكر هول الموت والقبر والبلى * عن اللهو واللذات للمرء زاجر أبعد اقتراب
الأربعين تربص * وشيب فذاك منذر لك ذاعر كأنك مغبي لما هو ضاير * لنفسك عمدا وعن
الرشد حاير رواه في عيون التواريخ (ج 3 مصورة النسخة الموجودة في اسلامبول).
(جملة من كلماته عليه السلام)

التي أوردها في الأنوار القدسية (ص 32 و33 ط
مصر). قال عليه السلام: إذا نصح العبد لله في سره اطلعه على مساوئ عمله فتشاغل
ص 485
بذنوبه عن عيوب الناس. وقال: الله إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع العيون علانيتي
وتقبح في خفيات الغيوب سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي فإذا عدت فعد علي. وقال:
فقد الأحبة غربة وعبادة الأحرار لا تكون إلا شكر الله لا خوفا ولا رغبة. وقال: كيف
يكون صاحبك من إذا فتحت كيسه فأخذت منه حاجتك لم ينشرح لذلك. وقال: أقرب ما يكون
العبد من غضب الله إذا غضب. وقال: إن قوما عبدوه رهبة فتلك عبادة العبيد، وآخرون
رغبة فتلك عبادة التجار، وقوما عبدوه شكرا فتلك عبادة الأحرار. وقال: عجبت للمتكبر
الفخور الذي كان بالأمس نطفة وغدا جيفة، وعجبت كل العجب لمن شك في الله وهو يرى
خلقه ولمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى الأولى ولمن عمل لدار الفناء وترك دار
البقاء. وقال لابنه الباقر: لا تصحبن خمسة ولا ترافقهم في طريقهم الفاسق فإنه يبيعك
بأكلة فما دونها. قيل فما دونها؟ قال: يطمع فيها ثم لا ينالها، والبخيل لأنه يطمع
بك أحوج ما تكون إليه، والكذاب فإنه كالنسوان يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد،
وقاطع الرحم فإنه ملعون في ثلاث آيات من كتاب الله. وكان ينشد: وما شيء أحب إلى
لئيم * إذا سئم الكريم من الجواب
(ومن كلامه عليه السلام)

كل عين ساهرة يوم القيامة
إلا ثلاث عيون: عين سهرت في سبيل الله تعالى، وعين غمضت عن محارم الله، وعين فاضت
من خشية الله. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 167 ط بيروت).
ص 486
(ومن كلامه عليه السلام)

يكتفي اللبيب بوحي الحديث وينبو البيان عن قلب الجاهل ولا
ينتفع بالقول وإن كان بليغا مع سوء الاستماع. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 167
ط بيروت).
(ومن كلامه عليه السلام)
من خاف من سلطان ظلامة أو تغطرس فليقل: اللهم
احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بكنفك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك علي، فكم
من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها صبري. فيا من قل عند بليته شكري فلم تحرمني، ويا
من قل عند نعمته صبري ولم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، ويا ذا
النعم التي لا تحصى ويا ذا الأيادي التي لا تنقص بك استدفع النقم (الدعاء). رواه في
عيون التواريخ (ج 4 ص 30 مخطوط) عن جعفر الصادق قال قاله جدي علي بن الحسين ع
.
(ومن كلامه ع فيمن مات ابنه)

إن من وراء ابنك ثلاث خصال: أما أولاها فشهادة
أن لا إله إلا الله، وأما الثانية فشفاعة رسول الله، وأما الثالثة فرحمة الله عز
وجل التي وسعت كل شيء. رواه في رسائل ابن أبي الدنيا (ص 64 ط جمعية النشر بمصر)
قال: قال عبد الرحمن، نا عبد الله بن صالح العجلي، قال: أبطأ عن علي بن الحسين أخ
له كان يأنس به، فسأل عن ابطائه فقيل: إنه مشغول بموت ابن له كان من المسرفين على
نفسه، فقال له علي بن الحسين: إن من وراء ابنك - الخ.
ص 487
(ومن كلامه عليه السلام)
لما سئل عن الفقر في قول رسول الله ص : استعد للفقر
جلبابا. هو الفقر إلى الله عز وجل، فلو جعلت الدنيا بحذافيرها لمؤمن ما فرح بها ولو
صرفت بكليتها ما حزن عليها، وإن أولياء الله لا يسكنون إلى شيء دونه. رواه في
الأمالي (ج 1 ص 159 ط القاهرة).
ص 488
مستدرك ما أوردناه
(في فضائل الإمام محمد بن علي باقر العلوم) (عليه السلام)

قد
تقدم جملة مما ورد في كتب أعلام أهل السنة وأعاظمهم في المجلد الثاني عشر (ص 51 إلى
ص 205) ونستدرك هيهنا بعض ما لم ننقله هناك أو نقلناه عن غير من ننقل عنه هيهنا:
نسبه وميلاده ووفاته

وممن لم ننقل عنه العلامة شمس الدين الذهبي الشافعي في سير
أعلام النبلاء (ج 4 ص 401 ط بيروت) قال: أبو جعفر الباقر هو السيد الإمام، أبو
جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي العلوي الفاطمي المدني، ولد زين العابدين، ولد
سنة ست وخمسين في حياة عائشة وأبي هريرة. أرخ ذلك أحمد بن البرقي.
ص 489
إلى أن قال: قال الزبير بن بكار: كان يقال لمحمد بن علي: باقر العلم، وأمه هي أم
عبد الله بنت الحسن بن علي. إلى أن قال: حدثنا أبو زرعة قال: وقال أبو نعيم: توفي
محمد بن علي في سنة أربع عشرة ومائة. ومنهم العلامة الشيخ يسين بن إبراهيم السنهوتي
الشافعي في الأنوار القدسية (ص 34 ط السعادة بمصر) قال: سيدنا الإمام محمد
الباقر رضي الله عنه، الإمام التابعي الجليل المجمع على جلالته وإمامته. إلى أن
قال: ومولده بالمدينة يوم الثلاثاء ثالث صفر سنة سبع وخمسين للهجرة، وكان عمره يوم
قتل جده الحسين رضي الله عنه ثلاث سنين، وأمه أم عبد الله بنت الحسن بن الحسين بن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وتوفي في شهر ربيع الأول، وقيل في صفر سنة سبع عشرة
ومائة، وقيل أقل وقيل أكثر.
كان رسول الله صلى الله عليه وآله (يقرئه السلام)

رواه
جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة شمس الدين الذهبي في سير أعلام النبلاء (ج
4 ص 404 ط بيروت) قال: روى عن ابن عقدة: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي نجيح، حدثنا
علي
ص 490
ابن حسان القرشي، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، قال قال أبي: أجلسني
جدي الحسين في حجره، وقال لي: رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يقرئك السلام. وعن
أبان بن تغلب، عن محمد بن علي، قال: أتاني جابر بن عبد الله، وأنا في الكتاب. فقال
لي: اكشف عن بطنك، فكشفت، فألصق بطنه ببطني، ثم قال: أمرني رسول الله أن أقرئك منه
السلام. ومنهم العلامة يسين بن إبراهيم السنهوتي في الأنوار القدسية (ص 34 ط
السعادة بمصر) قال: إن ابن المديني روى عن جابر أنه قال له وهو صغير: إن رسول الله
يسلم عليك. قال: كيف؟ قال: كنت جالسا عنده والحسين في حجره وهو يداعبه، فقال: يا
جابر يولد له مولود اسمه علي، إذا كان يوم القيامة يقال ليقم العباد فيقوم ولده. ثم
يولد له ولد اسمه محمد، فإذا أدركته فأقرئه مني السلام.
عبادته عليه السلام

مما ورد
فيها ما رواه القوم: منهم العلامة الشيخ يسين بن إبراهيم السنهوتي في الأنوار
القدسية (ص 35 ط السعادة بمصر) قال: عن أفلح مولاه قال: خرجت مع محمد بن علي
حاجا، فلما دخل المسجد الحرام نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته، فقلت: بأبي أنت
وأمي إن الناس
ص 491
ينظرون إليك فلو وقفت صوتك قليلا. فقال: ويحك يا أفلح ولم لا أبكي لعل الله تعال
ينظر إلي برحمته فأفوز بها عنده غدا. قال: ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند
المقام، فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من دموع عينيه.
ومن كراماته عليه
السلام

ما رواه القوم وتقدم النقل عنهم في (ج 12 ص 181 إلى ص 182) وإنما ننقل هيهنا
عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة المعاصر الشيخ أحمد التابعي المصري من علماء
الأزهر في كتابه الاعتصام بحبل الإسلام (ص 203 ط السعادة بالقاهرة) قال: قال
أبو بصير: قلت يوما للباقر: أنتم ورثة رسول الله ص ؟ قال: نعم. قلت: ورسول الله
وارث الأنبياء جميعهم؟ قال: وارث جميع علومهم. قلت: وأنتم ورثتم جميع علوم رسول
الله ص ؟ قال: نعم. قلت: فأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرؤا الأكمه والأبرص
وتخبروا الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم؟ قال: نعم نفعل ذلك بإذن الله
تعالى. ثم قال: أدن مني يا أبا بصير، وكان أبو بصير مكفوف النظر. قال: فدنوت منه
فمسح بيده على وجهي فأبصرت السماء والجبل والأرض. فقال: أتحب أن تكون هكذا تبصر
وحسابك على الله أو تكون كما كنت ولك الجنة. قلت: الجنة، فمسح بيده على وجهي فعدت
كما كنت.
ص 492
ومن كراماته ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشبلنجي المعروف بالمؤمن
في نور الأبصار (ص 144 ط الشعبية بمصر) قال: ومن كتاب الدلائل للحميري عن زيد
بن حازم قال: كنت مع أبي جعفر محمد بن علي الباقر فمر بنا زيد بن علي أخوه، فقال
أبو جعفر: أما رأيت هذا ليخرجن بالكوفة وليقتلن وليطافن برأسه، فكان كما قال. ومن
كراماته عليه السلام ما رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة السيد إبراهيم
الحسني المدني السمهودي الشافعي في كتابه الإشراف على فضل الأشراف (ص 79 النسخة
المصورة من المكتبة الظاهرية في دمشق أو الأحمدية في حلب) قال: ولأحمد في المناقب
من حديثه أيضا مرفوعا: أعطيت في على خمسا. وعن بعضهم قال: كنت بين مكة والمدينة
فإذا أنا بشيخ يلوح في البرية يظهر تارة ويغيب أخرى حتى قرب مني فسلم علي فرددت
وقلت: من أين يا غلام قال: من الله، قلت وإلى أين قال إلى الله، قلت فلما زادك قال
التقوى، قلت: فمن أنت قال أنا رجل عربي فقلت ابن لي، فقال أنا رجل من قريش، فقلت
ابن لي عافاك الله، قال أنا رجل هاشمي فقلت ابن لي فقال أنا رجل علوي ثم أنشد:
ص 493
نحن على الحوض رواده * نذود ونسقي وراده
فما فاز من فاز إلا بنا * وما خاب من حبنا
زاده
فمن سرنا نال السرور * ومن ساءنا ساء ميلاده
ومن كان غاصبا حقنا * فيوم
القيامة ميعاده
ثم قال: أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله
عليهم أجمعين، ثم التفت فلم أره فلا أدري نزل في الأرض أم صعد في السماء.
ص 494
جملة من كلمات الباقر عليه السلام

قد تقدم بعض ما رواه جماعة من أعلام القوم في هذا
الكتاب (ج 12 ص 193).
(من كلام له عليه السلام)
عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف
عابد. رواه في جامع بيان العلم وفضله (ص 28 ط دار الكتب الحديثية بالقاهرة)
(ومن كلامه عليه السلام) (في معرفة الباري تعالى)
لما أتاه أعرابي حين كان عليه
السلام بفناء الكعبة، فقال له: هل رأيت الله حيث عبدته؟ فأطرق وأطرق من كان حوله ثم
رفع رأسه إليه فقال: ما كنت أعبد شيئا لم أره، فقال: وكيف رأيته؟ قال لم تره
الأبصار بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواس ولا يقاس
بالناس، معروف بالآيات منعوت بالعلامات، لا يجوز من قضيته، بأن من الأشياء وبانت
الأشياء منه،
ص 495
ليس كمثله شيء ذلك الله لا إله إلا هو. فقال الأعرابي: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
رواه في استجلاب ارتقاء الغرف (ص 52 نسخة مكتبة عاطف أفندي في اسلامبول).
(ومن
كلامه عليه السلام)
ووصف الرسول صلى الله عليه وآله: أدب الله محمدا صلى الله عليه
وسلم أحسن الأدب، فقال: خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين. فلما وعى عن
الله عز وجل ما أمره قال: *(وإنك لعلى خلق عظيم)*. فلما قبل منه ما فوض إليه قال:
*(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)*. وقال رضي الله عنه: إن الله
رضي الآباء للأبناء فحذرهم منهم، ولم يرض الأبناء للآباء فأوصاهم بهم. وإن شر
الأبناء من دعاه التقصير إلى العقوق، وإن شر الآباء من دعاه البر إلى الافراط.
(ومن
كلام له عليه السلام)
ما تغرغرت عين بمائها إلا حرم الله وجه صاحبها على النار، فإن
سالت على الخدين لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة. وما من شيء إلا له جزاء إلا الدمعة فإن
الله يكفر بها بحور الخطايا. ولو أن باكيا بكى في أمة حرم الله تلك الأمة على
النار. رواه في سلوة الأحزان (ص 40 ط منشأة المعارف بالاسكندرية). وتقدم نقله
عن غيره في (ج 12 ص 187).
ص 496
ورواه في التبصرة (ج 1 ص 281 ط عيسى الحلبي بمصر) إلى قوله يوم القيامة، لكنه
ذكر بدل كلمة تغرغرت: اغرورقت.
(ومن كلام له عليه السلام)
أيها الناس إن أهل بيت
نبيكم شرفهم الله بكرامته، واستحفظهم لسره، واستودعهم علمه. فهم عماد لأمته، شهداء
علمه، برأهم الله قبل خلقه، وأظلهم تحت عرشه، واصطفاهم فجعلهم علما على عباده،
ودليلهم على صراطه، فهم الأئمة المهديون، والقادة البررة، عصمة لمن لجأ إليهم،
ونجاة لمن اعتمد عليهم يغتبط من والاهم ويهلك من عاداهم، ويفوز من تمسك بهم، فيهم
نزلت الرسالة وعليهم هبطت الملائكة، وإليهم نفث الروح الأمين، وآتاهم ما لم يؤت أحد
من العالمين. فهم الفروع الطيبة، والشجرة المباركة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة
ومختلف الملائكة، وهم أهل بيت الرحمة والبركة.. الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيرا. رواه في آل بيت النبي (ص 96 ط دار التعاون بمصر).
(ومن كلام له عليه
السلام)
من قرأ آية الكرسي مرة صرف الله عنه ألف مكروه من مكروه الدنيا وألف مكروه
من مكروه الآخرة، أيسر مكروه الدنيا الفقر، وأيسر مكروه الآخرة عذاب القبر. رواه في
البركة في فضل السعي والحركة (ص 114 ط مكتبة التجارة بمصر).
ص 497
(ومن كلام له عليه السلام)
وجد في قائم سيف رسول الله صلّى عليه وآله وسلم صحيفة
فيها مكتوب: ملعون من سرق تخوم الأرض، ملعون من تولى غير مواليه - أو قال ملعون من
جحد نعمة من أنعم عليه. رواه في جامع بيان العلم وفضله (ص 90 ط دار الكتب
الحديثية بالقاهرة) قال: وأخبرني أحمد بن عبد الله، قال حدثني أبي، قال حدثنا محمد
بن فطيس، قال حدثنا يحيى بن إبراهيم، قال حدثنا عبد الله بن مسلم، قال حدثنا عبد
الرحمن بن أبي الموالي، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي جعفر محمد ابن علي أنه قاله.
(ومن كلامه عليه السلام)
كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران خرج
يقتبس نارا فعاد نبيا مرسلا. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 268 ط بيروت).
(ومن
كلامه عليه السلام)
ما عرف الخير من لم يتبعه، ولا عرف الشر من لم يجتنبه. رواه في
التذكرة الحمدونية (ص 268 ط بيروت) قاله.
(ومن كلاهم عليه السلام)
ندعو الله
فيما نحب فإذا وقع الذي نكره لم نخالف الله فيما أحب.
ص 498
رواه في التذكرة الحمدونية (ص 109 ط بيروت).
(ومن كلامه عليه السلام)
توق الصرعة
قبل الرجعة. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 109 ط بيروت).
(ومن كلامه عليه
السلام لابنه)
يا بني إن الله تعالى خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء: خبأ رضاه في
طاعته فلا تحقرن من الطاعة شيئا فلعل رضاه فيه، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من
المعصية شيئا فلعل سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خلقه فلا تحقرن أحدا فلعل ذلك الولي.
رواه في التذكرة الحمدونية (ص 110 ط بيروت). وفي الاتحاف بحب الأشراف (ص 53
ط مصطفى البابي الحلبي بمصر).
(ومن كلامه عليه السلام لابنه أيضا)
يا بني! انظر
خمسة لا تحادثهم ولا تصاحبهم، ولا ترى معهم في طريق. قلت: يا أبه جعلت فداك من
هؤلاء الخمسة؟ قال: إياك ومصاحبة الفاسق، فإنه يبيعك بأكلة أو أقل منها، قلت: يا
أبه وما أقل منها؟ قال: الطمع فيها ثم لا ينالها. قلت: يا أبه ومن الثاني؟ قال:
إياك ومصاحبة البخيل، فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه. قلت: يا أبه ومن
الثالث؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب فإنه يقرب منك البعيد ويباعد منك القريب. قلت: يا
أبه ومن الرابع؟ قال: إياك
ص 499
ومصاحبة الأحمق، فإنه يحذرك ممن يريد أن ينفعك فيضرك. قلت: يا أبه ومن الخامس؟ قال:
إياك ومصاحبة القاطع لرحمه، لأني وجدته ملعونا في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع
في الذين كفروا فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض الخ، وفي الرعد الذين
ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه الآية، وفي البقرة إن الله لا يستحي أن يضرب
مثلا إلى آخر الآية. رواه في الجليس الصالح الكافي (ص 127 ط منشورات مؤسسة
العالم في بيروت) قال: حدثنا أبي رضي الله عنه، قال حدثنا أبو أحمد الختلي، قال
حدثنا محمد ابن يزيد مولى بني هاشم، قال حدثنا محمد بن عبد الله القرشي، قال حدثني
محمد بن عبد الله الهذلي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن
علي، قال: قاله لي أبي.
(ومن كلامه عليه السلام)
ما أقبح الأشر عند الظفر، والكآبة
عند النائبة، والغلظة على الفقير، والقسوة على الجار، ومشاحنة القريب، والخلاف على
الصاحب، وسوء الخلق على الأهل، والاستطاعة بالقدرة، والجشع مع الفقر، والغيبة
للجليس، والكذب في الحديث، والسعي بالمنكر، والغدر من السلطان، والخلف من ذي
المروءة. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 268 ط بيروت).
(ومن كلامه عليه السلام)
لا تسيرن سيرا وأنت حاقن، ولا تنزلن عن دابة ليلا لقضاء حاجة إلا ورجلك في خف، ولا
تبولن في نفق، ولا تذوقن بقلة ولا تشمها حتى تعلم ما هي، ولا
ص 500
تشرب من سقاء حتى تعلم ما فيه، واحذر من تعرف، ولا تصحب من لا تعرف. تعلموا العلم
فإن تعلمه جنة، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد وتعظيمه صدقة، وبذله
لأهله قربة، والعلم منار الجنة وأنس من الوحشة، وصاحب في الغربة، ورفيق في الخلوة،
ودليل على السراء، وعون على الضراء وزين عند الاخلاء، وسلاح على الأعداء، ويرفع
الله به قوما ليجعلهم في الخير أئمة يقتدى بفعالهم وتقتص آثارهم، ويصلي عليهم كل
رطب ويابس وحيتان البحر وهو أمه وسباع البر وأنعامه. رواه في التذكرة الحمدونية
(ص 387 ط بيروت) قال: وصى محمد ابن علي بن الحسين بعض أصحابه وهو يريد سفرا فقاله.
(ومن كلامه عليه السلام)
صانع المنافق بلسانك، وأخلص مودتك للمؤمن، ولا تجاوز
صدقاتك إلى كافر. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 388 ط بيروت)
(ومن كلامه عليه
السلام)
من سأل فوق قدره استحق الحرمان. رواه في التذكرة الحمدونية (ص 268 ط
بيروت).
(ومن كلامه عليه السلام)
من دخل قلبه ما في خالص دين الله، شغله عما سواه.
ما الدنيا، وما عسى
|